q

سعت دول الاتحاد الاوربي وبعد تزايد أعداد المهاجرين وما اعقبها من مشكلات وازمات كبيرة، الى تبني اجراءات وقوانين جديدة قد تساهم في التصدي المخاطر هذا الملف الذي يزداد تفاقما، خصوصا وانه كان سببا في حوث خلافات وازمات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حول عملية إعادة توزيع اللاجئين بما يتناسب مع حجم كل دولة،وهو مارفضته بعض الدول بسبب الضغوط الكبيرة من التيار اليميني والأحزاب المناهضة للهجرة، هذه الاجراءت وكما يقول بعض المراقبين اثارت قلق المنظمات الحقوقية التي ترى انها مخالفة لقوانين حقوق الانسان ومبادئ الاتحاد الاوربي، يضاف الى ذلك انها ستسهم بزيادة معاناة المهاجرين وتعرضهم لمخاطر كبيرة.

وقد اعلنت الهيئة الاوروبية للإحصاءات (يوروستات) ان اكثر من 1,25 مليون اجنبي غالبيتهم من السوريين والافغان والعراقيين تقدموا بطلبات لجوء الى الاتحاد الاوروبي في العام 2015 مما يشكل رقما قياسيا. واوضحت الهيئة في بيان ان مليونا و255 الفا و600 شخص طلبوا اللجوء في 28 دولة من الاتحاد الاوروبي، 35% منها في المانيا. وتابعت ان العدد شكل زيادة 123% مقارنة بالطلبات ال562,680 الفا المسجلة في العام 2014. وكان الاتحاد الاوروبي وتركيا توصلا إلى اتفاق يقضي بمنع عبور أي لاجئ بطريقة غير شرعية من تركيا إلى اليونان.

وقد طلب رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك من المهاجرين لاسباب اقتصادية عدم القدوم الى اوروبا. وقال توسك خلال مؤتمر صحافي في اثينا "اناشد كل المهاجرين غير الشرعيين لاسباب اقتصادية من اينما اتوا، عدم المجيء الى اوروبا" متوجها اليهم بالقول "لا تصدقوا المهربين ولا تجازفوا بحياتهم واموالكم. كلها ستذهب هباء". واضاف "لن تبقى اليونان ولا اي دولة اوروبية اخرى بلد عبور بعد الان. سيتم تطبيق بنود اتفاقية شنغن مجددا".

وتابع ان "استثناء اليونان من منطقة شنغن ليس غاية او وسيلة في هذه الازمة. اليونان جزء من اتفاقية شنغن ومنطقة اليورو والاتحاد الاوروبي وستبىقى كذلك". من جانب اخر اعتبر توسك ان الاعمال الاحادية الجانب من قبل دول اوروبية لوقف تدفق المهاجرين تقوض التضامن الاوروبي. وقال ان "قرارات احادية الجانب بدون تنسيق مسبق وحتى وان كانت موضع تفهم لاسباب وطنية داخلية، تقوض روح التضامن الاوروبية".

في مخيم ايدوميني

وفيما يخص بعض اخبار هذا الملف فقد انتقدت المفوضية العليا للاجئين "شروط العيش التي لا تحتمل" في مخيم ايدوميني على الحدود بين اليونان ومقدونيا حيث يتكدس اكثر من 14 الف لاجئ ياملون باعادة فتح الحدود بعد اغلاقها. وصرح بابار بالوش المتحدث باسم المفوضية ان "اوضاع البؤس بلغت ذروتها في اوروبا وشروط العيش في ايدوميني لا تحتمل". واضاف "الاوضاع تتجاوز التصور وتتفاقم كل يوم مع الامطار والافراد يعانون".

ويتكدس نحو 12 الف مهاجر ولاجئ حاليا في مخيم ايدوميني بحسب الارقام الرسمية التي تنشرها السطات اليونانية يوميا. لكن الالاف يقيمون ايضا في خيم في الحقول المجاورة بحسب منظمات غير حكومية. والشروط الصحية رديئة جدا ونقل عشرات الاطفال في الايام الماضية الى المستشفيات بسبب البرد ومشاكل في الجهاز التنفسي والفيروسات. واصيبت فتاة سورية في التاسعة بالتهاب الكبد ونقلت الى المستشفى في مدينة تيسالونيكي بحسب مركز الوقاية من الامراض الذي افاد ان حالتها "مستقرة". بحسب فرانس برس.

بسبب الشروط البائسة بدأ مئات اللاجئين يعودون في الايام الاخيرة الى اثينا من حيث يوزعون على مراكز استقبال او فنادق. وتصل مجموعات جديدة من اللاجئين يوميا الى ايدوميني املا باعادة فتح الحدود. وتظاهرت مجموعة من 200 لاجىء تضم عائلات سورية وعراقية مع اولادها مجددا حتى مدخل مدينة ايدوميني مرددين "افتحوا الحدود" في اطار احتجاجات يومية. وتوزع وزارة سياسة الهجرة يوميا منشورات بالعربية ولغة الباشتون والفارسية على اللاجئين لدعوتهم الى "التعاون مع السلطات اليونانية لنقلهم الى مراكز الاستقبال" بعيدا عن الحدود. وقال بابار بالوش "نامل في ان تتحرك السلطات اليونانية بسرعة في هذا الاتجاه لان البقاء هنا ولو لدقيقة ليس خيارا".

درب البلقان

الى جانب ذلك عمدت السلطات البلغارية الى تعزيز الامن على حدودها من خلال المروحيات ونشر الجنود تخوفا من ان تصبح طريقا بديلا الى اوروبا في رسالة موجهة الى الراغبين في طلب اللجوء. فبلغاريا والبانيا، المجاورتان لليونان، لا تستبعدان ان يسلك المهاجرون طرقا تعبر اراضيهما وتتخوفان من ان تشكلان بديلا لطريق البلقان الذي بات شبه مغلق حاليا. وخلال تمارين مشتركة لقوات الامن على الحدود البلغارية اليونانية، اعلن رئيس الوزراء بويكو بوريسوف نشر400 عسكري اضافي في هذه المنطقة التي تبعد اقل من ساعتين عن الحدود اليونانية المقدونية حيث يتكدس الاف العراقيين والسوريين. واعلن "لدينا معدات مراقبة متطورة تسمح بوقف موجات المهاجرين".

من جهته، اشار رئيس الهيئة الوطنية النمسوية لمحاربة الرق جيرالد تاتسغرن في مقابلة مع اذاعة محلية الى "مضاعفة نشاط" المهربين في "المخيمات الكبيرة على الحدود التركية السورية باتجاه ليس فقط اليونان وانما من تركيا الى بلغاريا مباشرة وبعدها الى رومانيا". والى الجنوب، يمكن لطرق الهجرة ايضا ان تتفرع باتجاه البانيا وايطاليا. وهذا الاحتمال "لا ينبغي تجاهله" كما اعترف للصحف وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني الذي يعتقد ان هناك تحكما في المخاطر من خلال "التعاون النشط منذ فترة طويلة مع الحكومة الالبانية".

وافادت مصادر متطابقة ان روما ستقوم قريبا بتزويد تيرانا بوسائل لوجستية وبشرية اضافية لمساعدتها في مراقبة حدودها. وقد تم بالفعل استخدام "طريق الادرياتيكي" بين الساحل الالباني ومنطقة بوليا الايطالية في موجات من الهجرة الجماعية. ففي عام 1991، توافد عشرات الآلاف من الالبان الى هناك على متن قوارب متهالكة.

وبين اليونان والبانيا، شهدت الطرق غير المشروعة من خلال الجبال أيضا عبور الآلاف من المهاجرين الالبان الى اليونان ابان التسعينات وسنوات الالفين وهي مسالك يعرفها المهربون بشكل جيد. والسؤال هو هل ينطلق طالبو اللجوء، وضمنهم نساء واطفال باعداد كبيرة، على هذه الطرق الخطرة، والمنهكة جسديا ويتم رصدها على نحو متزايد؟

وقال ليونارد دويل، المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة ، "من المبكر جدا معرفة ذلك" مضيفا ان "الضغوط الاوروبية للحد من اعداد المغادرين من تركيا ضخمة، ويمكن ان تنجح". وشددت دول الاتحاد الاوروبي لهجتها خلال قمة بروكسل، واصبحت مستعدة الآن لاعادة كل المهاجرين الذين يصلون اليونان بشكل غير قانوني الى تركيا، وفقا لاتفاق ينتظر وضع اللمسات الاخيرة عليه مع انقرة.

ولم يعلن بشكل رسمي اغلاق "ممر" الهجرة الذي عبره عام 2015 اكثر من 850 الفا الى اليونان ومن ثم المانيا والنمسا والسويد، مرورا بمقدونيا ودول اخرى من يوغوسلافيا السابقة، لكن لا يمر من خلاله فعليا سوى قلة من السوريين والعراقيين. من جهتها، شيدت بلغاريا قبل فترة سياجا من 30 كلم على حدودها مع تركيا البالغ طولها 259 كلم. وتريد اضافة 130 كلم الى السياج، كما انها تنشر نحو الفي عنصر من الشرطة في المنطقة.

ولا تزال الشاحنات التي تحمل مهاجرين غير شرعيين تعبر تحت انظار شرطيين بلغار فاسدين لكن الوكالة الاوروبية لحماية الحدود (فرونتكس) زادت من وجودها في الجانب البلغاري كما زادت تركيا عدد حرس الحدود، وفقا للمحلل فلاديمير شوكوف. ومن بلغاريا، فان الطريق المباشرة للوصول الى اوروبا الغربية تمر عبر صربيا. لكن يجب عبور منطقة جبلية كما ان بلغراد غير مستعدة لتحمل مرور اعداد ضخمة عبر اراضيها. بحسب فرانس برس.

والى الشمال، فالمرور عبر رومانيا امر غير مؤكد. هناك جسران يربطانها ببلغاريا كما ان استخدام القوارب لعبور نهر الدانوب "لن يخفى على حرس الحدود" وفقا لفيسيلا تشرنيفا من المركز الاوروبي للسياسة الخارجية في صوفيا. كما ان هناك عراقيل اضافية، فالمجر التي سبق وان اغلقت حدودها مع كرواتيا وصربيا، بدأت التحضير لامر مماثل على الحدود مع رومانيا. وتكتسب بلغاريا، افقر دول الاتحاد الاوروبي، سمعة بلد غير مضياف تجاه المهاجرين. وفي عام 2015، تم تسجيل نحو ثلاثين الفا في حين مر الآلاف تهريبا. وافادت منظمات غير حكومية عن اساءة معاملة قوات الامن لهم.

النمسا واليونان

على صعيد متصل دعا وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتز اليونان الى ايواء المهاجرين الواصلين الى اراضيها وعدم تركهم يواصلون رحلتهم الى شمال اوروبا. وقال كورتز في مقابلة نشرتها صحيفة "سودويتش تسايتونغ" الالمانية، "يجب ان نوقف سياسة اليونان التي تقضي بالسماح للمهاجرين بالتوجه نحو الشمال". واضاف "ليس ممكنا السماح للذين يتمكنون من المجيء الى اليونان بمتابعة طريقهم".

واضاف وزير الخارجية النمساوي الذي شددت بلاده موقفها حيال اللاجئين في الاسابيع الاخيرة عبر اختيار سياسة الحصص، "نسعى الى ان تبني اليونان مراكز استقبال بمساعدة من الاتحاد الاوروبي، حتى تهتم على اراضيها بهؤلاء الاشخاص، ونمارس ضغوطا لانه لم يحصل شيء". ويجرى في مراكز الاستقبال تسجيل واختيار اللاجئين والمهاجرين الذين يتم ايواؤهم في اليونان وايطاليا اللتين تشكلان ابرز بوابتي الدخول الى الاتحاد الاروبي، من اجل ضبط تدفق اللاجئين.

وفتحت اليونان التي تؤوي 23 الف مهاجر، في منتصف شباط/فبراير الماضي، اربعة من خمسة مراكز استقبال وعدت بها على جزرها، بتأخير بضعة اشهر. وهي تواجه وضعا صعبا على حدودها مع مقدونيا حيث ادت القيود التي فرضتها البلدان المجاورة الى احتجاز الاف المهاجرين. وشدد الوزير النمساوي على القول "مع مراكز الاستقبال التي مولها الاتحاد الاوروبي، نعرض تقديم المساعدة الى الذين يحتاجون الى الحماية، لكننا لا نسمح لهم بمتابعة رحلتهم". بحسب فرانس برس.

وقال الوزير النمساوي ان فتح الحدود الاوروبية العام الماضي في ايلول/سبتمبر، والذي تقرر بالتنسيق بين النمسا والمانيا، كان "خطأ فادحا" يتعين الاسراع في تصحيحه. من جهتها، تبذل المستشارة الالمانية انغيلا ميركل جهودا حتى لا تبقى اليونان وحدها في هذا الملف. لكنها طلبت ايضا هذا الاسبوع ان يستخدم اللاجئون الذين يصلون الى اليونان مراكز الاستقبال اليونانية. واضافت "لا يحق للاجئين ان يحددوا البلد الذي يريدون ان يطلبوا اللجوء فيه".

خطة جديدة

من جانب اخر عرضت المفوضية الاوروبية تقديم مساعدة جديدة بقيمة 700 مليون يورو على مدى ثلاث سنوات لتلبية الاحتياجات الانسانية في دول الاتحاد الاوروبي التي تواجه تدفقا للمهاجرين وفي مقدمها اليونان. وقال المفوض الاوروبي المكلف شؤون المساعدة الانسانية خريستوس ستيليانيدس عند عرضه آلية المساعدة غير المسبوقة هذه ان "الاقتراح سيؤمن 700 مليون يورو لتقديم المساعدة حيث هي مطلوبة بشكل ملح".

ومن ضمن هذه المساعدة هناك 300 مليون يورو مخصصة لسنة 2016 و200 مليون سنويا للسنتين التاليتين كما اوضح ستيليانيدس. ودعا المفوض الاوروبي الدول الاعضاء والبرلمان الاوروبي وهيئات الموازنة لدى الاتحاد الى دعم هذا الاقتراح "سريعا" قائلا "يجب عدم اضاعة الوقت واستخدام كل الامكانات المتاحة لتجنب معاناة انسانية داخل حدودنا".

وبالرغم من تلقي اليونان في الاشهر الماضية اموالا اوروبية لمواجهة تدفق المهاجرين، لكن الاتحاد الاوروبي لا يملك حاليا آلية موازنة تتيح له تلبية احتياجات انسانية طارئة في دولة عضو، كما يمكنه ان يفعل بالنسبة لدول اخرى. وارادت المفوضية "ملء هذا الفراغ عبر الية المساعدة الطارئة" التي عرضتها. ولا يتضمن الاقتراح الخطي تفاصيل حول اسماء الدول المستفيدة رغم انه من الواضح ان اليونان ستكون في مقدمها.

وعرضت اثينا "خطة طوارئ" على الاتحاد الاوروبي لمساعدتها على تنظيم استقبال مئة الف مهاجر وقدرت احتياجاتها المالية بحوالى 480 مليون يورو فيما هناك اكثر من 20 الف مهاجر عالقون على اراضيها. وتواجه اليونان اوضاعا صعبة على حدودها مع مقدونيا بسبب القيود التي فرضتها دول مجاورة في البلقان على دخول المهاجرين.

وفي فرنسا، استؤنفت اعمال تفكيك مخيم كاليه للاجئين حيث احرقت اكواخا عشوائية خلال ليلة اتسمت بهدوء نسبي. واستأنف عمال شركة انتدبتهم الدولة الفرنسية لتدمير الجزء الجنوبي من هذا المخيم الذي اصبح اكبر مدينة صفيح في فرنسا، عملياتهم بواسطة جرافة. وقال رجال الشرطة للاشخاص الذين ما زالوا يقيمون في ملاجئ عشوائية لم تدمر، "يجب ان تخرجوا من هذه الملاجئ، لأنه سيتم تدميرها". وتقول الحكومة ان المنطقة التي تجري ازالتها تضم بين 800 والف شخص بينما تقدر الجمعيات العدد ب3450 شخصا.

في جنوب اوروبا، بقي اكثر من عشرة الاف مهاجر عالقين في مركز ايدوميني الحدودي بعدما فرضت دول عدة بينها مقدونيا قيودا على عدد الاشخاص الذين يسمح لهم بدخول اراضيها، وهي قضية تسبب انقساما كبيرا في اوروبا. واعادت مقدونيا لفترة وجيزة فتح حدودها مع اليونان وسمحت بدخول 170 لاجئا الى اراضيها فيما ينتظر الاف اخرون على الجانب اليوناني من الحدود. وهي اول مجموعة من المهاجرين وخصوصا سوريين وعراقيين يسمح لها بعبور الحدود، ابرز طريق في البلقان للوصول الى اوروبا الشمالية، منذ وقعت مواجهات بين مهاجرين وشرطيين مقدونيين.

وبعد تمرير لاجئين "بالقطار" في مقدونيا، قامت مجموعة من 300 عراقي وسوري بينهم نساء واطفال، ملوا الانتظار باقتحام شريط للشرطة اليونانية وفتحوا جزءا من حاجز الاسلاك الشائكة. ورد رجال الشرطة المقدونية باطلاق الغاز المسيل للدموع. وقالت المفوضية الاوروبية انها تشعر "بقلق كبير" من هذه الحوادث، لكن سكوبيي دافعت عن قرارها استخدام الغاز المسيل للدموع لاحتواء المهاجرين محذرة من التوتر المتزايد في البلقان الذي يمكن ان يؤدي الى نزاعات. بحسب فرانس برس.

ومقدونيا هي اول بلد على طريق البلقان يسلكه المهاجرون الذين يصلون الى الجزر اليونانية قادمين من السواحل التركية. وخلال زيارة الى مدريد، دان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون القيود المفروضة على المهاجرين على الحدود في منطقة البلقان معتبرا انها "مخالفة للقانون الدولي والاحترام الانساني". وفي ايطاليا دانت نحو 12 جمعية المعاملة التي يلقاها الواصلون الجدد في "النقاط الساخنة" او مراكز التسجيل التي اقيمت بطلب من المفوضية الاوروبية. وفي برلين حضر نحو 2200 لاجئ ومتطوع حفلة موسيقية اقامتها على شرفهم اوركسترا برلين الفلهارمونية العريقة.

اضف تعليق