q

تتكون السلطة التشريعية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد هذا ما اقرته المادة 48 من الدستور العراقي، اي انه منحها نفس المركز القانوني الذي يجعل منهما رديفين لا يستطيع احدهما الاستغناء عن الاخر وهذا مامتعارف عليه في جميع او اغلب الانظمة الاتحادية، الا انهما يختلفان من حيث طريقة الانشاء والاختصاص والتمثيل وشروط العضوية والوجود.

حيث ان الاول قد حدد الدستور كل مايتعلق به في المواد من 49-64 وانه يمثل مصالح عامة الشعب ويكون التمثيل فيه حسب عدد النسمات كما انه يمارس اختصاصاته الدستورية فعليا منذ عام 2006، الا ان الدستور قد ترك امر تشريع قانون مجلس الاتحاد وكل متعلقاته الى مجلس النواب ليشرع قانونه بأغلبية ثلثي اعضائه حسب المادة 65 منه فلم يحدد الدستور طريقة تكوينه واختصاصاته وشروط العضوية فيه كما حددها في مجلس النواب، وهذا خلل تشريعي واضح حيث جعل المجلسين لم يولدا من رحم واحد بالرغم من تكافؤهما في المركز القانوني، ويجب ان يعالج هذا الخلل في التعديلات الدستورية المقبلة ((ان وجدت)) والتي سمحت بها المادة 142 منه.

المتعارف عليه في الانظمة الاتحادية ان مجلس الاتحاد يمثل الاقاليم والمحافظات في السلطة التشريعية على خلاف مجلس النواب الذي يمثل فيها عموم الشعب، وان شروط العضوية في مجلس الاتحاد تختلف عما في رديفه حيث تتطلب ان يكون مجلس الاتحاد مركزاً للخبرات من خلال توافر الاختصاص والخبرة في اعضاءه لأنه سيقوم بعملية مراجعة وتدقيق التشريعات التي يسنها مجلس النواب ويكون عدد اعضائه متساو في كل محافظة بغض النظر عن الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية والثروة الاقتصادية، ففي الولايات المتحدة مثلاً حدد عضوين لكل ولاية يمثلونها في مجلس الشيوخ بغض النظر عن تلك الفوارق بين هذه الولايات.

كما تكون لمجلس الاتحاد العلوية على مجلس النواب كما في علوية مجلس الشيوخ الامريكي على مجلس النواب وعلوية مجلس الشورى المصري على مجلس الشعب وكذلك بالنسبة لعلوية مجلس الولايات الالماني على مجلس النواب، فلمجلس الاتحاد حق المصادقة على تشريعاته او رفضها، لا سيما التي تتعلق بالأقاليم والمحافظات فله ان يرفض التي تزيد من اعباءها المالية والادارية ويمنع كذلك من هيمنة السلطة الاتحادية على صلاحياتها وتخصيصاتها المالية ويحول دون انتزاعها منها او تقليصها، كما له الحق باقتراح القوانين التي تزيد من هذه الصلاحيات والتي تزيد كذلك من التخصيصات المالية، وله المطالبة بحقوقها في ادارة مؤسسات الدولة الاتحادية والبعثات والزمالات الدراسية والوفود والمؤتمرات الدولية والإقليمية ومراقبة تخصيصات الموارد الاتحادية، وكذلك يضمن توزيعها بطريقة منصفة وعادلة وعدم احتكارها من قبل السلطات الاتحادية.

الا ان الغريب في الامر ورغم كل هذه الاختصاصات الكبيرة المسخرة لخدمة الاقاليم والمحافظات وتنميتها والمحافظة على حقوقها حاضراً ومستقبلا نجد ان الاقليم والمحافظات في سبات عميق عن المطالبة بتشريع القانون الذي يؤسس الجناح التشريعي الاخر الذي يحفظ لها حقوقها المكتسبة على الرغم من انها قاتلت واستقتلت وباختلاف مستوياتها في المطالبة بحقها في نقل الصلاحيات التي اقرها التعديل الثاني لقانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008 المعدل والتي قد حصلت على جزء منها لحد الان وقد تحصل على المزيد في المستقبل.

لكن اين الضامن للمحافظة عليها؟ حيث ان ما اقر بالأغلبية البسيطة يمكن ان ينتزع بالأغلبية البسيطة سواء بدفعة واحدة او على دفعات وما همش سابقاً لا يستبعد ان يهمش مجدداً ومن سلب الحقوق بالأمس قل يسلبها هو او من على شاكلته غدا فالأولوية يجب ان تكون للجهة الضامنة لتلك الحقوق والمحافظة عليها.

وعلى الاقليم او المحافظات غير المنتظمة في اقليم ان لا تغفل عن ذلك كما غفل مشرع الدستور الذي لم يدرك اهمية مجلس الاتحاد وترك امر تكوينه وكل مايتعلق به لمجلس النواب الذي يخشى ان يؤسس لجهة تكون رقيبة علية وتعترض على تشريعاته او تشاركه فيها. فرغم ان مجلس الاتحاد يعقلن التشريعات ويطور من عمل المؤسسة التشريعية وينضج القوانين ويكيف وضعها حسب الظروف والمتغيرات فهو بيت الحكمة كما يسميه البعض، ويكون ساندا له عند تعسف السلطة التنفيذية ويمنع من هيمنتها على صلاحيات وتخصيصات الاقاليم والمحافظات الا ان كل ذلك لم يشفع له وظل مغيبا.

اليوم وبعد كل هذا التغييب من قبل مجلس النواب، والغياب عن المطالبة به من قبل الاقليم والمحافظات يجب ان يرتفع الصوت عاليا ومدويا بمناسبة او بدونها، في كل المحافل الرسمية وغير الرسمية للمطالبة بتشريع قانون حقيقي لمجلس الاتحاد متضمنا المواد الجوهرية التي تجعل منه ممثلا حقيقياً لها لا مجلساً شكليا تابعا لمجلس النواب كما يريده البعض وله مايلي:

1- حق اقتراح القوانين اسوة بالحكومة وتحديداً التي لها علاقة ب الاقاليم او المحافظات غير المنتظمة بإقليم حيث يكون قريباً منها ويمكنه الوقوف على مشاكلها واحتياجاتها.

2- حق الاعتراض على القوانين التي يشرعها مجلس النواب وبالخصوص التي تحد من صلاحيات الاقاليم والمحافظات او تقلص من تخصيصاتها في الموازنات المالية.

3- مراقبة عمل مجلس النواب الذي لا يخضع حالياً لرقابة اي جهة، وكذلك المراقبة والاشراف على عمل مجالس المحافظات.

4- المشاركة في اختيار رئيس واعضاء المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز والهيئات المستقلة.

5- ان يتضمن شروط عضوية المجلس والتي يجب ان تكون اكثر صرامة من شروط العضوية في مجلس النواب من حيث العمر والشهادة والخدمة في مؤسسات الدولة او القطاع الخاص وكذلك من الذين تبوأوا مناصب مهمة ليكون مركزاً للخبرات العلمية والعملية والا سيكون نسخة مصغرة من مجلس النواب.

6- ان يشارك مع مجلس النواب في اصدار القرارات المصيرية التي تخص البلد.

7- ان يراقب مستوى مشاركة ابناء الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم في ادارة مؤسسات الدولة الاتحادية والبعثات والزمالات الدراسية والوفود والمؤتمرات الدولية والإقليمية.

8- مراقبة تخصيص الواردات الاتحادية.

9-ان يكون تجديد الاعضاء بنسبة 50% ليكون متجددا وفاعلا وعمله مستمرا لا ينقطع بسبب الانتخابات...

ان وجود مجلس الاتحاد بالصلاحيات التي تسالمت عليها الدول الاتحادية ومنها ماذكرناه سيكون خيمة وضمانة حقيقية لبقاء الحقوق المكتسبة للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم واعادة الحقوق الأخرى المسلوبة منها، ولا يتحقق ذلك بالأمنيات او الهبات وانما بالعمل الجاد والهادف لانتزاعها لان الحقوق كما هو معلوم تؤخذ ولا تعطى.

* حقوقي عراقي

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق