مما لا يقبل الشك بأي حال من الاحوال ان الحكومة المحلية في اي محافظة من المحافظات هي حكومة ذات طبيعة خدمية تتعلق بحاجات المواطنين المباشرة والاساسية كبناء المدارس والمستشفيات وتعبيد الطرق وانارتها وتشييد الجسور وتوفير ماء الاسالة والتشجير والتنظيف وكري الانهر والاهتمام بالشباب وتقديم الرعاية الاجتماعية والصحية وغير ذلك.
كما انها لا تخضع من حيث المنطق والاختصاص الى الجوانب السياسية او ما يسمى بمبدأ المعارضة والموالاة لخدميتها البحتة التي تحتم على الجميع تقديم الخدمة لأبناء محافظاتهم سواء دواوين المحافظات او مجالسها، اكانت جميع الكتل مشتركة في ادارة المحافظة او جزء منها.
ان اي عرقلة لعمل المحافظين من قبل مجالس المحافظات او من قبل الحكومة الاتحادية بسبب الصراع السياسي او الخلافات الشخصية الضيقة او تقاطع المحافظين مع تلك المجالس او الخلافات في داخل مجالس المحافظات ذاتها سينعكس اثرة سلباً على المواطنين.. فيجب ان يكون عملهما تكامليا وليس تقاطعيا وكلا حسب اختصاصاته التي حددها القانون، ولكن ما ثبته المراقبون خلال التجارب الحالية والسابقة ان هناك تدخل واضح من قبل الكثير من مجالس المحافظات في عمل المحافظين والضغط عليهم وفرض بعض الشخصيات غير الكفوءة للعمل في المؤسسات التنفيذية من المنتمي لهذه الجهة او تلك، والتهديد بحجب الثقة عن هذا المحافظ او ذاك لتحقيق منافع خاصة على حساب مصالح ابناء محافظاتهم، وكل ذلك اثر سلباً على عمل المحافظين في انجاز مهامهم وجعلهم في حالة من عدم الاستقرار وصعوبة اتخاذ القرار اضافة الى ذلك اقحام الصراعات السياسية في الجوانب الخدمية والتي هي بعيدة عن اختصاص عمل المحافظات.
ومن اجل الحد من هذه الإشكاليات وعدم تفاقمها وابعاد الجوانب السياسية عن عمل المحافظين والتركيز على الجوانب الخدمية التي هو جوهر عمل المحافظات، وجعلها قوية وفاعلة ومستقرة لتحقيق الهدف المنشود من تشكيلها نؤشر مايلي:
1- يجب ان تكون اجراءات اختيار المحافظ يسيرة بـ(الاغلبية المطلقة) وطرق حجب الثقة عنه عسيرة بـ(اغلبية الثلثين).
2- نقل جميع الصلاحيات المحددة بموجب قانون المحافظات المعدل رقم 21 لسنة 2008 الى المحافظات لتكون للمحافظين ومجالس المحافظات صلاحيات واسعة يمكن من خلالها اختصار الكثير من الجهد والزمن والحد من البيروقراطية.. والتهيؤ للدورة القادمة بسبب قرب انتهاء هذه الدورة والظروف العصيبة التي رافقتها والتي تعرقل الاستفادة منها.
3- تحذف المادة 7/ تاسعا من اختصاصات مجلس المحافظة وتنقل الى صلاحيات المحافظ الحصرية ليكون من اختصاص المحافظ اختيار المناصب العليا، وهم المدراء العامين ومدراء الدوائر ورؤساء الاجهزة الامنية في حدود المحافظة بعد تقديم الجهة المختصة ثلاثة مرشحين للمنصب الى المحافظ من اصحاب الكفاءة والنزاهة والخدمة الفعلية في مجال الاختصاص والتي لا تقل عن 20 سنة.. لاسيما المؤسسات الخدمية التي نقلت صلاحياتها الى المحافظات (البلديات، الاعمار، العمل، التربية، الصحة، الزراعة، المالية، الرياضة والشباب).. ليكون للمحافظ الحرية التامة في اختيار الكادر التنفيذي الذي يراه فاعلا وقويا وقادرا على تنفيذ برنامجه والواجبات الملقاة على عاتقة والتخلص بذات الوقت وبهذه الالية من المحاصصة السياسية التي اضرت كثيراً بالجوانب الخدمية بسبب فرض شخصيات غير مؤهلة.
4- تعدل المادة 7/سابعاً/ يكون للمحافظ نائب واحد وتضاف الى صلاحيات المحافظ (اختيار نائب له). نائب واحد يكفي ويكون من اختيار المحافظ مباشرة دون الرجوع الى موافقة مجلس المحافظة.
5-تحذف المادة 8/اولا وتضاف الى صلاحيات المحافظ وهي خاصة بتعيين القائممقام على ان يكون من ابناء القضاء حتماً. لتكون اذرع المحافظ من اختياره حصرا حتى لا تكون له بعد ذلك اي حجة والقاء اللوم على الاخرين عند التلكؤ في تقديم الخدمة في الاقضية والنواحي. اما الفقرة ثانياً من نفس المادة اعلاه نرى ضرورة تعدليها لتكون اقالة القائممقام من صلاحية المحافظ بناءا على قناعته او تقديم مايثبت تقصيره او فساده من قبل مجلس القضاء.
6- تعدل المادة 33/ اولا ليكون للمحافظ معاونين اثنين بدلا عن الخمسة احدهما اداري والاخر فني منعاً للترهل الاداري وتماشياً مع مبدأ الترشيق ولعدم الفائدة من زيادة العدد من الناحية العملية. وتعديل ثانياً من نفس المادة اعلاه ليكون شرط الخبرة للمعاونين لا تقل عن 20 سنة خدمة فعلية في اختصاصاتهم اضافة الى شرط الكفاءة ليكونوا معاونين حقيقيين وليس مجرد عناوين فارغة.
7- تعدل المادة 34/اولا لتكون هيئة استشارية من الكفاءات في دوائر الدولة لايزيد عددها عن 5 بعنوان (مستشار متفرغ) يعودوا الى الدوائر بعد انتهاء المهام الموكلة اليهم وترتبط بالمحافظ مباشرة وتعمل تحت إشرافه. فان هذه الطريقة لا تكلف الدولة اموال تراكمية بسبب الرواتب والتقاعد وتحفز مؤسسات الدولة على البحث عن الكفاءات واصحاب الخبرة والدراية في مجال الاستشارة وستحرر المسؤولين من الضغط السياسي في تعيين بعض الشخصيات غير الكفوءة كمستشارين كما يحصل اليوم.
اما ثانياً من نفس المادة اعلاه تعدل لتضم نفس شروط عمل المستشار في مجلس شورى الدولة حيث اشترطت 18 سنة خدمة فعلية لمن يمتلك شهادة الدكتوراة، 20 سنة لمن يمتلك الماجستير، 22 سنة لمن يمتلك شهادة جامعية اولية.
وثالثاً من نفس المادة فيجب ان تجعل لهذه الهيئة اختصاصات متعددة وليس الاقتصار على تقديم التوصيات التحريرية بالمواضيع التي يحيلها المحافظ لها. وانما اضافت مايلي والتي هي من صلب عمل المستشارين.
(1) اعداد ودراسة البحوث والمقترحات وبرامج العمل واعطاء التوصيات التي تساهم تطوير العمل وحسب الاختصاص.
(2) متابعة التطورات الحاصلة في مجال الاختصاص والمجالات الاخرى ذات العلاقة.
(3) المشاركة في اللجان والمؤتمرات والندوات وورش العمل المتعلقة بطبيعة العمل.
(4) المساهمة في اعداد ودراسة مشاريع القوانين والانظمة والتعليمات وابداء المشورة بشأنها.
(5) القيام بأي مهام اخرى غير تنفيذية يكلفه بها المحافظ.
قد يرى البعض ان في تلك النقاط المطروحة تقوية لجهة على حساب جهة اخرى ولكن من الناحية العملية ان في ذلك حل للإشكالات والتداعيات بين العمل التنفيذي والعمل التشريعي والرقابي.. مع الاشارة الا انه لم يتم المساس بجوهر اختصاص مجالس المحافظات في الرقابة والتشريع بالرغم من ان ما طرح يعزز من دور المحافظ في تقديم الخدمة للمواطنين من ابناء محافظته وهو الهدف الرئيس من تشكيل السلطات المحلية بشقيها التنفيذي والتشريعي.
8- تحديد ولايات المحافظين بدورتين فقط منعاً من استئثارهم بالسلطة وعدم استغلالهم الصلاحيات الواسعة الممنوحة لهم لغايات حزبية او شخصية والبقاء في المنصب اطول فترة ممكنة.. ويكون هذا التحديد من خلال اضافة مادة جديدة لقانون المحافظات 21 لسنة 2008 المعدل تحدد ذلك.. او كما ثبتت اللجنة القانونية النيابية ذلك بناءاً طلب تقدم به 50 نائباً في البرلمان بإضافة هذا التحديد الى قانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاث.
9- تفعيل دور هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية في المحافظات بشكل اكبر بعد امتلاكها للصلاحيات الواسعة لكشف المتورطين بحالات الفساد المالي او الإداري واتخاذ مايلزم بصدد ذلك.
اضف تعليق