تواجه ألمانيا ازمات وتحديات كبيرة في ظل تتفاقم أزمة إيواء اللاجئين وتزايد اعدادهم التي فاقت كل التقديرات السابقة، فبعد استقبالها ما لا يقل عن 800 ألف طالب لجوء هذا العام وكما تشير بعض المصادر، تسجل ألمانيا واحدة من أكبر الاستجابات للطوارئ منذ الحرب العالمية الثانية. وبينما تحاول إيواء اللاجئين في الخيام، والمراكز الرياضية، وحتى على أرض معسكر اعتقال نازي سابق، تواجه الدولة صعوبات عدة في استيعاب اللاجئين، الذين يواجهون العديد من المشكلات خصوصا مع رفض الاحزاب والتيارات اليمينية المتطرفة، التي تسعى الى اثارة الرأي العام الالماني ضد المهاجرين والاقليات الاخرى وخصوصا الاقلية المسلمة، حيث حذر مدير جهاز الاستخبارات الداخلية الألمانية هانز يورغ ماسين، من تشدد الجماعات اليمينية المتطرفة وسط تزايد أعداد المهاجرين إلى المانيا، بعد أن شهدت عدد من البلدات تجمعات مناهضة للأجانب واشتباكات.
وقال ماسين لإذاعة "دوتش لاند فونك" العامة، إن "وسط أزمة اللاجئين نشهد حشداً في الشوارع للمتطرفين من اليمين المتشدد، وكذلك من المتطرفين من اليسار الذين يعارضونهم". وأضاف أنه "خلال السنوات القليلة الماضية شهد جهاز الاستخبارات الداخلية زيادة التطرف" واستعداد أكبر لاستخدام العنف من قبل الجماعات المتشددة بما فيها اليمين المتطرف واليسار المتطرف المعادي للفاشية ومن الإسلاميين".
وعلى الرغم من الجهود التي تقوم بها الحكومة الألمانية، ترى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تواجه اليوم انتقادات كبيرة بسبب هذا الملف، أن وضع المهاجرين في البلاد ليس مرضياً كثيراً. وتلفت إلى أن كل شخص يأتي إلى ألمانيا له الحق في معاملة كريمة وإنسانية. لكنّ مثل هذا الكلام يبقى بعيداً عن الواقع أحياناً. فما يزيد الأمر تعقيداً هو الهجمات المستمرة على مراكز اللجوء. وهو ما يضع ألمانيا أمام تحدٍ كبير، علماً أن زيادة أعمال العنف ضد اللاجئين، خصوصاً في مدن ألمانيا الشرقية، تجعل من الصعب على الحكومة تحقيق الانسجام بين المجتمع واللاجئين. ووصفت ميركل هذه الأعمال بـ"الشائنة والمثيرة للاشمئزاز". وخلال النصف الأول من العام الجاري، أبلغ عن 202 حالة اعتداء بحق اللاجئين في ألمانيا، ما دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير أمنية إضافية بهدف حماية اللاجئين من المتطرف
ودعمت الأحزاب الألمانية الرئيسية في بادئ الأمر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في ترحيبها الحار باللاجئين لكن الأجواء باتت أكثر حساسية وسط هيمنة المخاوف حيال كيفية توفير الطعام والسكن لهذه الأعداد الكبيرة. وقال وزير الداخلية الألماني توماس دو مازيير للبرلمان إن هناك حدودا لعدد المهاجرين الذين ستتمكن أوروبا من استقبالهم لكنه لم يذكر رقما محددا. وأضاف ان ألمانيا "تبذل قصارى جهدها" لتوزيع المهاجرين في مختلف أنحاء البلاد وتوفير أماكن سكن لهم.
سكان المانيا
في هذا الشأن قال مكتب الاحصاء الالماني ان وصول اعداد متزايدة من الاجانب الى المانيا رفع عدد سكانها بمقدار 430 ألفا إلى 81.2 مليون العام الماضي وهي أكبر زيادة منذ عام 1992. والرأي العام في المانيا منقسم بشان الاعداد المتزايدة من المهاجرين مع ترحيب البعض بحرارة بالفارين من الصراع في الشرق الاوسط وافريقيا لكن اخرين قلقون بشان كيف سيتمكن الوافدون الجدد من الاندماج بسلاسة في المجتمع الالماني.
ويقول زعماء بقطاع الاعمال والحكومة ان الهجرة يمكن ان تساعد في تعويض آثار ارتفاع عدد المسنين بين السكان وتمنع نقصا في قوة العمل في أكبر اقتصاد في اوروبا. وتظهر احصاءات لعام 2014 أن 7.5 مليون مواطن اجنبي يعيشون في البلد الاكثر سكانا في اوروبا. وشكل الاجانب 9.3 بالمئة من السكان في نهاية 2014 إرتفاعا من 8.7 بالمئة قبل عام. ولا تعكس تلك الارقام موجة قياسية من طالبي اللجوء واللاجئين الذين وصلوا الي البلاد هذا العام. بحسب رويترز.
وقال مكتب العمل الالماني ان وصول اعداد كبيرة من اللاجئين قد يرفع البطالة العام القادم. واكبر عدد سنوي سابق من الاجانب استقبلته المانيا الموحدة كان في عام 1992 عندما قبلت أعدادا ضخمة من اللاجئين الفارين من الصراعات في يوغوسلافيا السابقة. وكما هو الحال في معظم اوروبا فان اعداد المسنين بين سكان المانيا تتزايد بشكل سريع مع ارتفاع معدل الوفيات متجاوزا معدل المواليد. وقدر باحثون في السابق أن عد السكان سينخفض الى 73.1 مليون نسمة بحلول 2060 على الرغم من مستويات الهجرة المرتفعة.
تنامي العنصرية
من جانب اخر اعرب مجلس اوروبا في تقرير عن قلقه من تنامي العنصرية في المانيا، مشيرا بشكل خاص الى التظاهرات التي نظمتها حركة "وطنيون اوروبيون ضد اسلمة الغرب" (بيغيدا) في الشتاء الماضي، فيما ابدى هذا البلد في الفترة الاخيرة انفتاحه على المهاجرين. وشدد التقرير الذي اعدته اللجنة الاستشارية للاتفاقية-الاطار الاوروبية لحماية الاقليات الوطنية للفترة الممتدة من 2010 الى مطلع 2015، على ان "الوضع المتعلق بالمظاهر العلنية للعنصرية ومعاداة الاجانب، تطور بطريقة مثيرة للقلق".
واضاف التقرير ان "مظاهر معاداة السامية والغجر والعداء للاسلام وللمهاجرين، في تزايد ، وكذلك الاعتداءات على طالبي اللجوء". واشار التقرير الى المسيرات التي كانت تنظمها كل يوم اثنين حركة بيغيدا في دريسدن وفي مدن المانية اخرى. وبلغت هذه الحركة ذروتها في 19 كانون الثاني/يناير 2015 لدى مشاركة 25 الف شخص في احدى تظاهراتها، ثم تراجعت في الربيع. واشار التقرير الى "اجواء انعدام الامان بالنسبة للمسلمين والمتحدرين من اصول مهاجرة او ابناء الاقليات" التي ولدتها هذه التظاهرات، مذكرا ب "الاعتداء المشين والدامي طعنا بالسكين على اريتري في دريسدن، عشية واحدة من تلك التظاهرات، بعد ثلاثة ايام فقط على رسم صليب معقوف على باب منزله".
واذ شدد التقرير على اهمية تنظيم التظاهرات المضادة المعادية لبيغيدا، اعتبر انه "ما زال من الضروري بذل جهود حثيثة لتشجيع اجواء من التسامح والحوار بين الثقافات" في المانيا. وتتناقض هذه الخلاصات مع صور المهاجرين الذين استقبلهم الالمان بالترحاب في محطات القطار، وسط الهتاف والتصفيق احيانا. وتفيد عدة استطلاعات للرأي ان اكثر من 60% من الالمان يرحبون اليوم باستقبال المهاجرين في بلادهم. بحسب فرانس برس.
وخلص تقرير مجلس اوروبا من جهة اخرى الى القول "اذا كانت المدرسة تولي اهتماما خاصا لدراسة التعابير الماضية لمنظمات اليمين المتطرف خلال الفترة القومية الاشتراكية، فغالبا ما لا تعلق اهمية تذكر على اساليب التعبير الحالية عن العنصرية والعداء للاجانب ومعاداة السامية واشكال التعصب الاخرى المرتبطة بها".
من جانبها قالت الشرطة إن عدد الهجمات وغيرها من المخالفات الجنائية التي تتعرض لها ملاجئ اللاجئين في المانيا زادت إلى أكثر من الضعفين هذا العام بالمقارنة بعام 2014. وقالت ساندرا كليمنز المتحدثة باسم مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية "في الأشهر القليلة الماضية وصلت الجرائم إلى مستوى جديد من حيث الكيف والكم."
واضافت قولها إن عدد المخالفات الجنائية التي تعرضت لها ملاجئ اللاجئين حتى الآن هذا العام قفزت إلى 437 من نحو 200 في عام 2014 كله وإن الأضرار في الممتلكات والكتابات على الجدران والإهانات اللفظية تؤلف الجزء الأكبر من المخالفات. وقالت كليمنز إن المجموع في 2015 اشتمل على 59 جريمة تصنف على انها من جرائم العنف وهو رقم قياسي مرتفع بعد ان بلغ ذروته عند 28 العام الماضي. وكان هناك أيضا 26 حريقا عمدا هذا العام.
واعتقلت الشرطة 20 شخصا يشتبه في صلتهم بهذه الحرائق العمد. وإجمالا حددت الشرطة هوية 500 مشتبه به في الهجمات على ملاجئ اللاجئين. واضافت كليمنز قولها إن أغلب هؤلاء المشتبه بهم رجال اعمارهم بين 18 و25 عاما يعيشون في الغالب في نفس المدينة التي ارتكبت فيها الجرائم. وجاءت إحصاءات الشرطة بعد أن حذر الرئيس الألماني يواخيم جاوك من أن هناك حدودا لأعداد من تقبلهم بلاده من اللاجئين. وقال جاوك الذي كان ناشطا حقوقيا في ألمانيا الشرقية سابقا في كلمة "نريد أن نمد يد العون. في صدرنا قلب كبير. ومع ذلك هناك حد لما يمكن أن نفعله."
شعبية ميركل
الى جانب ذلك وافقت الحكومة الألمانية برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل على حزمة إجراءات بغرض مساعدة المدن الألمانية على استيعاب تدفق طالبي اللجوء بينما أظهر استطلاع تدني شعبية ائتلافها المحافظ لأقل مستوى خلال عام بسبب مخاوف من طريقة تعاملها مع الأزمة. وتواجه ميركل انتقادات خاصة في أوساط المحافظين لتسببها في زيادة الوافدين على البلاد بعدما منحتهم الضوء الأخضر للقدوم إلى ألمانيا. وتكافح بلدات ومدن هذا البلد ذي الاقتصاد الأكبر في أوروبا لاستقبال 800 ألف طالب لجوء ومهاجر فروا من الحروب والفقر يتوقع وصولهم خلال العام الحالي.
ومع اعترافها بكبر حجم المشكلة وافقت الحكومة على خطوات لتوفير مزيد من المساكن والدعم للقصر الذين حضروا دون أسرهم وتسريع التعامل مع طلبات اللجوء وترحيل من ترفض طلباتهم. ولتغطية نفقات هذه العملية للعام المقبل وافق وزير المالية فولفجانج شيوبله على تخصيص خمسة مليار يورو (5.6 مليار دولار) من دخل استثنائي في ميزانية العام الحالي. وقبل أيام أعلنت الحكومة أنها ستمنح 16 ولاية اتحادية مبلغ 670 يورو تقدم لكل طالب لجوء يدخل البلاد بقيمة إجمالية قدرها أربعة مليارات يورو.
وقال شيوبله "التعامل مع أعداد اللاجئين الكبيرة يمثل أولوية بالنسبة للحكومة الألمانية. نريد ويجب علينا التغلب على هذا التحدي الهائل." وتواجه حكومة ميركل صعوبات في تطبيق خططها بخصوص اللاجئين والتعامل مع أثره على المجتمع. ومنيت شعبية ميركل نفسها بانتكاسة بسبب تعاملها مع الأزمة وأظهر استطلاع رأي لمعهد إنسا نشرته صحيفة بيلد تراجع التأييد للمحافظين بنقطة مئوية واحدة ليصل إلى 38.5 بالمئة. كما خسر الحزب الديمقراطي الاجتماعي شريك ميركل في الائتلاف نقطة مئوية من شعبيته ليتراجع إلى 23.5 بالمئة. بحسب رويترز.
وقال هيرمان بينكرت مدير إنسا لصحيفة بيلد "أزمة اللاجئين تسبب مشاكل لمعسكر المحافظين قبل غيره والائتلاف الكبير أصبح أضعف من أي وقت مضى." وارتفعت شعبية حزب اليسار بنقطة واحدة إلى 10.5 بالمئة وهو نفس المستوى الذي وصل إليه حزب الخضر الذي ارتفع بدوره بنقطة مئوية. ولم يطرأ أي تغير على شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني والحزب الديمقراطي الحر فسجلا 6 و4 بالمئة على الترتيب. وأعادت ألمانيا فرض قيود على الحدود مع جيرانها في الاتحاد الأوروبي في محاولة لوقف التدفق بعد السماح بدخول لاجئين من سوريا. لكن التوتر لا يزال يتصاعد داخل المجتمع.
الأقلية المسلمة
في السياق ذاته وعندما ينحسر طوفان اللاجئين الوافدين من الشرق الأوسط في أوروبا ويستقر طالبو اللجوء في بيوتهم الجديدة قد تجد ألمانيا نفسها على غير المتوقع وطنا لأكبر أقلية مسلمة في القارة الأوروبية. ومن المحتم أن يغير وصول عدد من السوريين الفارين من الحرب الأهلية الضارية الدائرة في بلادهم وجه الاسلام في ألمانيا حيث ظل الأتراك مهيمنين منذ جاءوا لألمانيا في الستينات "كعمال ضيوف".
ورغم وصول لاجئين من دول أخرى مثل أفغانستان والعراق ودول مسلمة أخرى فإن السوريين يمثلون أكبر جنسية منفردة بنسبة تبلغ نحو 45 في المئة من الاجمالي ولهم أفضل الفرص في الحصول على اللجوء السياسي هنا. وليس من الواضح أثر ذلك في الأجل الطويل على ألمانيا التي لم تستقبل المهاجرين من مستعمرات سابقة مثلما هو الحال في بريطانيا وفرنسا. ومازال كثيرون يكافحون للتخلص من المشاكل التي واجهها كل اللاجئين مثل تعلم اللغة والحصول على وظيفة.
ومع ذلك فقد بدأت بعض الاتجاهات في الظهور كما أن بعض الألمان العالمين بأوضاع الأقلية المسلمة يرون أسبابا للأمل والخوف في آن واحد. فأول تغيير يحدث ببساطة في الأعداد. وقال توماس فولك الخبير المتخصص في الاسلام بمؤسسة كونراد اديناور وهي مؤسسة أبحاث تربطها صلات بالحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة انجيلا ميركل "قد نفاجأ بأن لدينا خمسة ملايين مسلم." وتوجد في فرنسا الان أكبر أقلية مسلمة في أوروبا ويبلغ مجموع أفرادها خمسة ملايين وتليها ألمانيا وفيها نحو أربعة ملايين. لكن عدة خبراء يقولون إن الرقم الخاص بفرنسا مبالغ فيه.
بالإضافة إلى ذلك فإن أغلب الوافدين من الشبان في مقتبل العمر ولذلك فسترتفع الأعداد مرة أخرى عندما يستقرون ويكونون أسرا. وقد أثار منتقدو ميركل مخاوف أمنية من السماح بدخول كثير من اللاجئين الذين لم يتم فحص حالاتهم لكن مسؤولين أمنيين يقولون إنهم لم يجدوا دليلا على تسلل جهاديين فيما بينهم. وكان كثير من الوافدين الأتراك قادمين من مناطق ريفية واجهوا صعوبات في الاندماج في المجتمع الألماني. وعززت تركيا صلة المهاجرين بوطنهم وذلك ببناء مساجد وإيفاد الائمة خاصة أن كثيرين منهم لا يتحدثون الألمانية.
وقالت لمياء قدور الأكاديمية المولودة في ألمانيا من أصل سوري إن الاسلام في سوريا "متحفظ ومنفتح". وأضافت في مقابلة "هذا يرجع إلى التكوين الديني للبلاد. فهناك مسيحيون ودروز وعلويون وبعض الشيعة. الدين لم يكن في الصدارة قط. فهم في غاية التسامح." وقالت قدور إن السوريين يمكنهم الاندماج في المجتمع الألماني بيسر أكبر لأنهم اعتادوا على مجتمع متعدد الديانات. كما أن سوريا ليس فيها مؤسسة دينية مثل تركيا حيث تشرف مؤسسة ديانة التي تتمتع بتمويل جيد على المساجد التركية في ألمانيا.
وفي حين أن السوريين قد يندمجون في المجتمع بسهولة أكبر على المستوى الفردي فإن وجودهم الجماعي قد يؤدي لتفتت الأقلية المسلمة العاجزة عن التحدث علنا كجماعة واحدة. والعرب أقلية صغيرة بين المسلمين في ألمانيا لكن عددهم الاجمالي قد يصل إلى نحو خمس الجالية الاسلامية وهو تغير قد يؤدي إلى تفاقم التنافس بين زعماء المسلمين. وقال أيمن مزيك وهو ابن لاب سوري وأم ألمانية أصبح رئيس المجلس المركزي للمسلمين الذي يمثل المسلمين غير الأتراك في الغالب وهو مجلس صغير "الاسلام المتأثر بالعرب سيصبح أكثر ظهورا والاسلام في المانيا أكثر تنوعا."
ويتحدث مزيك الألمانية بطلاقة أثارت سخط بعض الزعماء من الاتراك الألمان وجعلته يبرز في المناسبات العامة ويبدو متحدثا غير رسمي باسم المسلمين هنا. وقد أحبط التنافس المساعي الرامية إلى حمل الجمعيات الاسلامية الاربعة الرئيسية في ألمانيا على التعاون فيما بينها. وقال محلل ألماني طلب عدم نشر اسمه "فلنواجه الأمر. العرب لديهم عقدة استعلاء. فهم يعتقدون أنهم يعرفون الاسلام أكثر من غيرهم لانهم يستطيعون قراءة القرآن بلغته الاصلية."
وقال بيرول أوجان المتحدث باسم مسجد عمر بن الخطاب الكبير في برلين إن بعض السوريين ظهروا في مسجده ومساجد أخرى أغلبها يدور الحديث فيها باللغة العربية في الشهور الأخيرة. لكن الأعداد ليست كبيرة حتى الآن. وأضاف "مازالوا مشغولين بمشاكل اللاجئين مثل إيجاد مأوى وترتيب أوراقهم." وقالت قدور "ليسوا عمال ضيوف بالمعنى القديم. فهم من الطبقة المتوسطة بل ومن الطبقة العليا وهم دائما أول من يستطيع الهرب." وقالت إن أكثر المهام إلحاحا الآن إعطاؤهم دروسا في الالمانية ووظائف حتى يمكنهم أن يبدأوا حياة جديدة.
وكان أحمد الكردي (26 عاما) وهو مدرب رياضي على مستوى الصورة الشائعة عن السوريين هنا. ففي الأشهر العشرة التي انقضت منذ وصوله تعلم الألمانية جيدا وسيبدأ قريبا الدراسة في جامعة برلين للحصول على درجة الماجستير. وقال في الشقة التي يسكنها مع لاجيء آخر "الحياة هنا ممتازة. لكني أريد العودة. سوريا بلدي." أما كيف سيتقبل الألمان الوجه المتغير للاسلام على أراضيهم فلم يتضح هذا الأمر بعد. وقال فولك إن الترحيب العام الحالي باللاجئين قد يتحول إلى جدل تنقسم فيه الاراء في سياسات ميركل العام المقبل.
على صعيد متصل قال رئيس وكالة المخابرات الداخلية الألمانية (بي.إف.في) في مقابلة صحفية إن الإسلاميين المتطرفين يسعون لتجنيد مسلمين سنة بين اللاجئين في ألمانيا من خلال تقديم عرض لهم بمساعدتهم. وقال رئيس وكالة (بي.إف.في) هانز جورج ماسين لصحيفة راينيشه بوست "نلاحظ ان السلفيين يتصرفون مثل فاعلي خير ويساعدون وهم يسعون عن عمد للاتصال باللاجئين ثم يدعونهم إلى المساجد المعنية لتجنيدهم لقضيتهم." بحسب رويترز.
وهون من مخاوف بأن تنظيم داعش يحاول إرسال فرق إرهاب متخفية في صورة لاجئين إلى ألمانيا وقال ان وكالة المخابرات المحلية (بي.إف.في) ووكالة المخابرات الخارجية (بي.إن.دي) تابعت الكثير من الخيوط لكنها لم تجد ما يشير إلى أن هذا هو الوضع. وقال ماسين ان المسارات التي يأخذها المهاجرون بالغة الخطورة "للإرهابيين" لانهم يغامرون بالموت أو كشفهم إذا قاموا بمثل هذه الرحلات. ويقول خبراء الأمن ان المخاطر من ان جماعات مثل تنظيم داعش يمكن أن يقوم بتهريب متشددين الى أوروبا تحت ستار موجة كبيرة من المهاجرين أصغر كثيرا مما يراه بعض السياسيين.
اضف تعليق