مع تفاقم معاناة المهاجرين الساعين للوصول الى بعض الدول الأوربية هربا من الحروب والصراعات والفقر في سوريا والعراق وبعض الدول الإفريقية، تبرز مشكلة أخرى تضاف إلى جملة المشاكل والإخطار المتعددة التي تواجههم هي قضية التميز كراهية الأجانب المهاجرين على أسس دينية وعقائدية، حيث باتت قضية التميز والعنف الموجه ضد المهاجرين واللاجئين وكما يقول بعض المراقبين من اخطر القضايا العالمية خصوصا وان هذه الأعمال المرفوضة قد تفاقمت بشكل كبير في الفترة الأخيرة في ظل ازدياد أعداد المهاجرين واللاجئين، الذي دفع بعض الحكومات الى تشديد إجراءاتها وتشريع قوانين جديدة بهذا الخصوص، يضاف الى ذلك تنامي نفوذ الأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة، وهو ما اثار قلق وخوف العديد من المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية و نشطاء حقوق الإنسان في مختلف الدول بما فيها دول الاتحاد الأوربي، وفي هذا الشأن فقد دعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الأوروبيين إلى عدم التمييز بين المهاجرين الذين يودون استقبالهم بناء على ديانتهم أو معتقداتهم، كما حث الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى توزيع 160 ألف مهاجر وصلوا إلى أوروبا في خطوة أولى عاجلة قبل إيجاد آلية توزيع "دائمة" وإلزامية. وقال يونكر "ثمة 160 ألف (شخص) يترتب على الأوروبيين احتضانهم .. ويجب أن يتم ذلك بصورة إلزامية". وأضاف "ليس هناك ديانة أو معتقد أو فلسفة حين يتعلق الأمر بلاجئين. إننا لا نميز".
ويأتي رقم 160 ألف لاجئ من ضم اقتراح سابق بتوزيع 40 ألف لاجئ وصلوا إلى الأراضي الأوروبية واقتراح جديد عاجل باستقبال 120 ألف مهاجر موجودين حاليا في إيطاليا واليونان والمجر. وأقر يونكر بأن "الأرقام هائلة" مذكرا بأن حوالي 500 ألف لاجئ وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي منذ مطلع السنة "لكن الوقت ليس مناسبا للهلع" وإنما "يجب القيام بأعمال جريئة وحازمة للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ومؤسساته". وبعد توزيع 160 ألف لاجئ في ما وصفه يونكر بإجراء عاجل، شدد على أن يضع الاتحاد الأوروبي "آلية دائمة" لتوزيع اللاجئين "تسمح لنا بمواجهة (أي أزمة) بشكل أسرع في المستقبل".بحسب فرانس برس.
وفيما تتزايد الانتقادات لاتفاقات شنغن التي تنظم حرية التنقل في أوروبا أكد رئيس المفوضية الأوروبية أنه لن يتم إعادة النظر في هذه الأنظمة خلال ولايتاه. وقال من جهة أخرى "ينبغي تعديل قانوننا الداخلي للسماح للمهاجرين بالعمل فور وصولهم إلى أراضي الاتحاد الأوروبي" داعيا كذلك إلى إيجاد "سبل قانونية" للهجرة بشكل عاجل.
فرنسا و قبرص
على صعيد متصل اعتبر برنار كازنوف وزير الداخلية الفرنسية تصريحات بعض رؤساء البلديات في فرنسا حول استقبال اللاجئين شريطة أن يكونوا من المسيحيين تمييزا "مضرا"، مشيرا إلى أن اضطهاد المسلمين وأقليات أخرى في الشرق الأوسط يتم بالدرجة نفسها من الوحشية. وقال كازنوف ردا على سؤال لشبكة التلفزيون الفرنسية (فرانس-2) إن "هذا التمييز لا أفهمه، بل أدينه ويبدو لي مضرا". وأضاف "هناك وضع في سوريا تضطهد فيه مجموعة كبيرة من الأقليات". وتابع "يجب استقبال مسيحيي الشرق لكن هناك مسلمين مضطهدين وأقليات أخرى كذلك بالدرجة نفسها من الوحشية".
وذكر ببنود إعلان حقوق الإنسان والمواطن التي تقضي "بإيواء أي مضطهد". وقال إنه "على فرنسا أن تتمكن من استقبال المضطهدين في مدنها أيا تكن دياناتهم وتاريخهم". وكان عدد من رؤساء البلديات الفرنسيون اقترحوا الإثنين استقبال لاجئين في مدنهم شرط أن يكونوا مسيحيين. وتحدث أحدهم عن خطر "الإرهاب" لتبرير هذا الاقتراح.
وقال رئيس بلدية روان (وسط) إيف نيكولان النائب عن المعارضة اليمينية إن مدينته "يمكن أن تستقبل حتى عشر أسر شرط أن تكون من اللاجئين المسيحيين المضطهدين من قبل تنظيم "داعش". من جهته، أكد داميا ميسلو رئيس بلدية بيلفور (شرق) والنائب في المعارضة اليمينية أيضا أنه "يفكر في استقبال عائلات مسيحيين سوريين ومن مسيحيي العراق" لأنهم "الأكثر تعرضا للاضطهاد".
من جانبها أبدت قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي استعدادها لاستقبال ما يصل إلى 300 مهاجر هارب من الاضطرابات في الشرق الأوسط وفقا لنظام توزيع اللاجئين الجديد في الاتحاد الأوروبي لكنها تفضل أن يكونوا مسيحيين. وجزيرة قبرص التي يقطنها نحو مليون شخص هي الدولة الأوروبية الأقرب إلى سوريا إذ تبعد عنها نحو 100 كيلومتر شرقا. وقال وزير الداخلية سوكراتيس هاسيكوس إن صغر حجم قبرص يفرض عليها قدرة استيعاب محدودة. بحسب رويترز.
وقال مصدر في الاتحاد الأوروبي إن المفوضية الأوروبية وضعت خططا جديدة لتوزيع اللاجئين وقال هاسيكوس المسؤول عن سياسة الهجرة للإذاعة الرسمية "سبق أن أعلنا أننا نستطيع استقبال ما بين 260 الى 300 كحد أقصى.. يتعين على الجميع (الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي) أن يشارك." وأضاف "نسعى لأن يكونوا مسيحيين أرثوذكس.. الأمر لا يتعلق بأن نكون غير إنسانيين أو عدم مد يد العون إذا دعينا إلى ذلك لكن لنكون صادقين. نعم هذا ما نفضله." واعتبر هاسيكوس أنه سيكون أسهل كثيرا على المسيحيين أن يتأقلموا على الحياة في قبرص. وكانت سلوفاكيا وجمهورية التشيك قالتا إنهما تفضلان استقبال مسيحيين من الفارين من الاضطرابات في الشرق الأوسط.
هولندا وبلغاريا
من جانبه اعتبر النائب الهولندي عن أقصى اليمين "خيرت فيلدرز" موجة المهاجرين التي تتدفق على أوروبا بمثابة "غزو إسلامي"، خلال جلسة للبرلمان. وقال فيلدرز إن موجة اللاجئين التي تمر بالمجر ودول أخرى هي "غزو إسلامي لأوروبا ولهولندا". وصف النائب الهولندي "خيرت فيلدرز"، وهو من أقصى اليمين، موجة المهاجرين التي تتدفق على أوروبا بأنها "غزو إسلامي"، خلال جلسة للبرلمان عكست انقسامات عميقة حول الأسلوب الذي يتعين أن تتعامل به هولندا مع الأزمة.
وكان رئيس المفوضية الأوروبية "جان كلود يونكر" ناشد الدول الأعضاء في الاتحاد تقاسم اللاجئين الذين يصلون إلى أطراف الاتحاد. وتعارض دول عديدة في الاتحاد فكرة الحصص الإلزامية التي تدعمها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وقال الهولنديون إنهم لن يكونوا مستعدين لذلك إلا إذا وافق كل أعضاء الاتحاد. وفي بداية النقاش، وصف "فيلدرز" موجة المهاجرين التي تمر بالمجر ودول أخرى بأنها "غزو إسلامي لأوروبا ولهولندا." وأضاف "حشود من الشبان الملتحين في العشرينيات من العمر تهتف الله أكبر في أنحاء أوروبا. إنه غزو يهدد رخاءنا وأمننا وثقافتنا وهويتنا."
وتابع "تركيا واليونان ومقدونيا وصربيا دول آمنة. إذا ما فررت منها فإنك تفعل ذلك من أجل الحصول على مزايا ومنزل." وأظهر استطلاع للرأي أن زهاء 54 بالمئة من الناخبين الهولنديين يعارضون قبول أكثر من قرابة ألفي لاجئ وفقا لما هو متفق عليه سلفا. وتشير أحدث الاقتراحات إلى رفع هذا العدد إلى أكثر من تسعة آلاف لاجئ. وقالت حكومة رئيس الوزراء المحافظ "مارك روته" إنها مستعدة من حيث المبدأ لقبول عدد أكبر من طالبي اللجوء ولكن "كحل مؤقت" فحسب. بحسب رويترز.
وفي الأجل البعيد، يرغب الهولنديون في إقامة ملاجئ أفضل للاجئين قرب مناطق الصراع، وسيتبرعون بمبلغ 110 ملايين يورو (123 مليون دولار) هذا العام لتحسين قدرة الاستيعاب في سوريا ودول الجوار. ولم يتضح ما إذا كان النواب سيصوتون على القضية بعد المناقشة. وخيرت فيلدرز، معروف بمواقفه المعادية للإسلام. ويتصدر حزب الحرية الذي يتزعمه استطلاعات الرأي في هولندا
الى جانب ذلك دعت الكنيسة الارثوذكسية البلغارية التي ينتمي اليها اكثر من 80% من الشعب البلغاري، الحكومة الى التوقف عن السماح بدخول المهاجرين الى البلاد. واعلن السينودوس المقدس وهو الهيئة القيادية للكنيسة، في بيان على موقعه في الانترنت، "اننا نساعد اللاجئين الذين وصلوا حتى الان الى وطننا، لكن على الحكومة ألا تسمح في اي حال من الاحوال بدخول مزيد من اللاجئين". واعتبر "انها موجة تنطوي على كل مظاهر الاجتياح". والقسم الاكبر من سيل المهاجرين الوافدين الى اليونان يلتف حول بلغاريا الواقعة في وسط دول البلقان في طريقه عبر مقدونيا وصربيا الى اوروبا الغربية الا انها بلد عبور للسوريين والافغان والعراقيين الذين يريدون التوجه من تركيا الى اوروبا الغربية. واضاف السينودوس المقدس "يجب على الذين تسببوا في اندلاع المشاكل في بلدان اللاجئين، ان يجدوا حلولا لها، ويجب الا يدفع الشعب البلغاري الثمن".
وبلغاريا هي بين بلدان الاتحاد الاوروبي البلد الذي يضم اكبر نسبة من المسلمين تقارب 13% ومنهم اتراك وبلغار مسلمون من ايام الهيمنة العثمانية (من القرن الرابع عشر وحتى القرن التاسع عشر) وبعض الغجر. وعلى رغم ارتياب الرأي العام من الاقليات، لم يحصل اي توتر كبير منذ انتهاء الشيوعية في 1989. واعرب رئيس الوزراء المحافظ بويكو بوريسوف عن "قلقه" من احتمال حصول تدفق كبير للمهاجرين في الاشهر المقبلة. وقال "انا خائف والشعب البلغاري خائف، اقله على الصعيد الديني. نحن مسيحيون وهم مسلمون".
معادة المسلمين
في السياق ذاته قال المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأمير زيد رعد الحسين في بيان إن معاملة المجر القاسية للاجئين الذين يصلون إلى حدودها على أمل اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي "تتسم بكراهية الأجانب والعداء للمسلمين" واشتملت أحيانا على انتهاكات للقانون الدولي. وجاءت تصريحاته بعد أن وبخ مفوض الهجرة في الاتحاد الأوروبي المجر لموقفها الصارم من تدفق اللاجئين. وفي مواجهة السياج الجديد الذي أقامته المجر على حدودها بدأ المهاجرون يتدفقون على كرواتيا.
وجاء في البيان الذي أصدرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومقرها جنيف أن "المفوض السامي زيد استنكر المواقف الكارهة للأجانب والمعادية للمسلمين التي يبدو أنها في صميم سياسة الحكومة المجرية الحالية." وقال الأمير زيد إن مشاهد النساء والأطفال الذين يُعتدى عليهم بالغاز المسيل للدموع ومدافع المياه على حدود المجر مع صربيا "صادمة حقا". وأضاف قوله "لقد راعتني التصرفات القاسية وغير المشروعة أحيانا للسلطات المجرية في الأيام الأخيرة التي اشتملت على منع الدخول والاعتقال والرفض لللاجئين وردهم على أعقابهم باستخدام قوة غير متناسبة في التعامل مع المهاجرين واللاجئين بل كما ذكرت الأنباء الاعتداء على صحفيين ومصادرة وثائق مشاهد الفيديو."
وقال الأمير زيد إن القواعد الجديدة التي وضعتها المجر وتجرم الدخول غير النظامي للمجر تتعارض مع التزامات بودابست بشأن حقوق الإنسان. وتابع بقوله "طلب اللجوء ليس جريمة ولا أيضا دخول بلد بشكل غير نظامي." وقال إن اللاجئين الفارين من الصراعات في الشرق الأوسط وأفريقيا الذين يحاولون الوصول إلى الاتحاد الأوروبي ليس لديهم من خيار آخر سوى الاعتماد على المهربين لأنه لا توجد برامج إعادة توطين أو قنوات هجرة نظامية يمكنهم الاعتماد عليها. وحث الاتحاد الأوروبي على ان يتفق على وجه السرعة على سياسات تتسم بقدر أكبر من الإنسانية وتحركها حقوق الإنسان قائلا إنه يشعر بقلق بالغ لفشل الاتحاد المتكرر في اتخاذ إجراءات صارمة تقوم على المبادئ لحل الأزمة.
من جانبه قال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إن تدفق اللاجئين على أوروبا يهدد الجذور المسيحية للقارة وإن الحكومات يجب أن تضبط حدودها قبل أن تقرر عدد طالبي اللجوء الذين يمكنها استقبالهم. وأضاف في مقال بصحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج الألمانية أن شعوب أوروبا تختلف في الرأي مع معظم الحكومات بشأن أزمة اللاجئين. بحسب رويترز.
وتابع "يريد منا الناس السيطرة على الموقف وحماية حدودنا". وأضاف "يمكن السؤال عن عدد الأشخاص الذين يمكن أن نستقبلهم أو عن ضرورة توزيع حصص (من اللاجئين) فقط عندما نحمي حدودنا." وقال أوربان إن المهاجرين "اجتاحوا" بلاده مشيرا إلى أن معظمهم ليسوا مسيحيين بل مسلمين. وأضاف "هذا سؤال مهم لأن أوروبا والثقافة الأوروبية لها جذور مسيحية.أليس الموضوع برمته مثيرا للقلق لأن الثقافة الأوروبية المسيحية بالكاد قادرة على الحفاظ على القيم المسيحية لأوروبا؟"
اضف تعليق