على الرغم من المأساة الانسانية الكبيرة التي تعصف بمهاجري سوريا الى اوروبا، الا ان هجرتهم تبدو قضية غامضة لا سيما مع تزايد اعداد اللاجئين لأروبا وايواء دول هذه القارة بصورة غير معهودة لهم من قبل، هذا الامر يطرح سؤالا مهماً، ما مصلحة دول القارة العجوز في استيعاب هذا العدد الكبير من المهاجرين الذين يتدفقون عليها يوميا وخاصة السوريين منهم؟.

يجب بعض المراقبين بشؤون الهجرة على هذا السؤال بأن دول اوروبا تحتاج لتعزيز اقتصادها من خلال زج اللاجئين في سوق العمل الذي يعاني من نقص اليد العاملة، ويرى هؤلاء المراقبين ان السوريون يتميزون بامتلاك مهارات وحرف صناعية، لذا ستبذل الأوساط الاقتصادية كل ما في وسعها لتسريع دخولهم إلى أوربا، حيث بدأت الجهات والمؤسسات الصناعية والاقتصادية تنظر بمزيد من الاهتمام الى المرشحين للحصول على اللجوء، وتعتبرهم هبة ثمينة في بلد يميل الى الشيخوخة، وخاصةً ألمانيا التي تعد الوجهة الأولى لآلاف السوريين الذين يصلون إلى أوروبا.

ويرى الكثير من المتخصصين بهذا الشأن أنه -إلى جانب العامل الإنساني - هناك دوافع اقتصادية بالنظر إلى أن ألمانيا، محرك أوروبا الاقتصادي بحاجة إلى يد عاملة مؤهلة في عدد من القطاعات الاقتصادية. ففي سياق متصل، أكد قبل أيام رئيس اتحاد الصناعات الألمانية الواسع النفوذ اولريش غريللو أن تدفق القوى العاملة الجديدة يمكن أن يغير المعطيات، مشيرا إلى أن عددا كبير من المهاجرين ما زالوا شبانا وتتوفر لديهم "فعلا مؤهلات جيدة".

ولم تثنِ الظروف القاسية، ولا غرق آلاف الاشخاص في عرض البحر، المهاجرين عن المضي قدماً في تغيير واقعهم بالهجرة.

وبحسب مراقبين يدفع السوريون أموالاً أكبر مقارنة بغيرهم، وفي الغالب يكون هؤلاء من المتعلمين والمهنيين، حسب العاملين في الإغاثة الدولية، ولأنهم يدركون جيداً قواعد الاتحاد الأوروبي التي يجب أن تنطبق على اللاجئين، للحصول على اللجوء في البلد الذي وصلوا إليه أولاً، يرفض معظم السوريين التعريف بأنفسهم أمام المسؤولين الإيطاليين، والذين بدورهم لم يمنعوهم من ركوب القطارات إلى ألمانيا أو السويد.

في حين قدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من 300 ألف شخص قاموا برحلات محفوفة بالمخاطر هذا العام للوصول إلى أوروبا وأن حوالي 2500 لاقوا حتفهم، وفر كثير من هؤلاء اللاجئين من الصراع المستمر في سوريا منذ أربع سنوات والذي أودى بحياة أكثر من ربع مليون شخص كما أدى إلى تشريد نحو 11 مليون شخص أي نصف تعداد السكان في سوريا، ولجأ نحو أربعة ملايين سوري إلى الخارج وذهب معظمهم إلى تركيا ولبنان والأردن.

فيما جسدت صورة أيلان المروعة الطفل السوري الذي جرفته مياه البحر الى الموت، وبالرغم من هذه المأساة الانسانية لم تردع مهاجرين سوريين عن محاولة عبور المتوسط، التي تتضمن قصص سوريين فروا من الحرب وكان حلمهم أوروبا، نستعرض بعض هذه القصص الانسانية في التقارير ادناه.

مأساة مروعة

في سياق متصل بعد أيام من صورة صدمت الضمير العالمي لطفل ميت جرفته مياه البحر إلى شاطئ تركي كان الشيء الوحيد الذي منع مزيدا من المهاجرين السوريين من محاولة العبور بالطريقة ذاتها هو الصخب الإعلامي الذي سببه تدفق الصحفيين على هذا الشاطئ، وقال عبد المنعم الصطوف وهو أب لثلاثة أطفال جاء من مدينة إدلب السورية- "رأينا صورة الطفل (لكننا) لا نملك فرصة أخرى". بحسب رويترز.

هذا واحد من آلاف المهاجرين الذين ينتظرون أن تحين فرصتهم لقطع الرحلة البالغة أربعة كيلومترات من منتجع بوضروم التركي إلى جزيرة كوس اليونانية، مرحلة محفوفة بالمخاطر من رحلة يتقاضى عنها المهربون آلاف الدولارات، وقال الصطوف الذي كان يدير متجرا في إدلب "لن نعود إلى إدلب ولا وظائف لنا هنا في تركيا، أريد الذهاب إلى ألمانيا.. السويد والنرويج.. كلها دول جيدة، سنذهب إلى كوس خلال أيام قليلة".

وقالت قوات خفر السواحل التركية إنها منعت 57 شخصا في ثلاثة مراكب، لكن ليس هذا سوى نذر يسير من عدد يتجاوز ألفي مهاجر كل يوم تقول مجموعات الإغاثة إنهم يصلون إلى اليونان، واهتزت الحكومات الأوروبية وأخذت الأزمة بعدا إنسانيا بعد تداول الصور المروعة للطفل أيلان كردي ابن السنوات الثلاث وقد رقد ووجهه في الماء على الشاطئ بالقرب من بوضروم، وكان أخوه غالب وعمره خمس سنوات وأمه ضمن مجموعة من 12 شخصا على الأقل ماتوا بعد غرق قاربين كانا يقلان 23 شخصا.

لكن أولئك الذين ينوون القيام بالرحلة يقولون إنهم يدركون العواقب، وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ما يزيد على 300 ألف سلكوا طرقا بحرية خطرة للوصول إلى أوروبا هذا العام وحده مات منهم نحو 2500 في غياهب البحر، وقال محمد الشعار البالغ من العمر 22 عاما وهو ينتظر فرصته للعبور "أعرف أنها رحلة خطرة.. هذه الوفيات لم تبدأ بالطفل.. غرق كثيرون"، وأضاف "لولا قسوة السياسات الأوروبية لما مات أهلنا في البحر، هؤلاء الناس أجبروا على القيام بتلك الرحلة.. لا نملك أي طريق آخر".

مشتبه بهم في عمليات تهريب، مثل أربعة سوريين آخرين والقيود في أيديهم أمام محكمة في بوضروم ووجهت لهم تهم تهريب تتعلق بالمركب الذي كان على متنه الصغير أيلان وعائلته، وتؤكد والدة أحد المشتبه بهم واسمها مليحة رجب أن ابنها ليس مهربا وأنه نفسه من اللاجئين، قالت مليحة وقد ارتدت غطاء رأس رمادي اللون وهي تتحدث للصحفيين "لم يفعلوا شيئا.. كانوا فقط يحاولون الفرار، أولادنا من الضحايا أيضا، كانوا على متن نفس القارب.. هذا كل شيء".

وتقول تركيا إنها تحاول منع تدفق المهاجرين عبر شواطئها، وتقول السلطات إنها ستعيد أي مهاجر غير سوري يملك أوراق هوية إلى بلده من بين 57 مهاجرا سوريا وأفغانيا وباكستانيا احتجزوا، وسيظل البقية في تركيا التي تؤوي مليوني لاجئ سوري وتحملت وطأة الآثار الإنسانية جراء سنوات الحرب الأربع في جارتها سوريا بتكلفة قدرها ستة مليارات دولار، ومع تردي حالة البنية التحتية وصعوبة الحصول على إذون عمل أصبح ساحل تركيا على بحر إيجة منطلقا رئيسيا للمهاجرين الذين يتحرقون شوقا للحصول على مستقر دائم وحياة أفضل في أوروبا.

وقالت امرأة تدعى عائشة تبيع سترات نجاة للمهاجرين في بوضروم إنها تجارة ساعدتها على التوقف عن بيع حلي فضية للسائحين، تقول عائشة إن سترات النجاة التي تبيعها أصلية بينما تباع أخرى في المدينة بنصف الثمن لكنها مقلدة وتنطوي على خطورة، وقالت "يدفعون آلاف الدولارات للقيام بالرحلة ولا يهتمون بدفع عشرة دولارات إضافية للحصول على سترات نجاة أصلية لأطفالهم.. هذا مؤسف للغاية".

وعاد عبد الله كردي والد أيلان وغالب إلى سوريا حيث دفنت جثامين القتلى في مدينة كوباني الحدودية التي دمرت معظم أجزائها بفعل القتال الضاري بين المسلحين الأكراد وتنظيم الدولة الإسلامية منذ العام الماضي، وانتحب الأب حزنا على ولديه وزوجته الذين ووروا الثرى ودعا الحكومات العربية لفعل المزيد لاحتواء أزمة اللاجئين.

من جانب آخر تعرضت الحكومة الكندية المحافظة لانتقادات من معارضيها السياسيين بعد تقارير أفادت بأن أسرة طفل سوري جرفت الأمواج جثته على شاطئ تركي حاولت الهجرة إلى كندا، كانت صورة جثة الطفل السوري أيلان كردي البالغ من العمر ثلاث سنوات التي لفظتها مياه بحر إيجه على شاطئ منتجع بوضروم قد انتشرت بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي وأثارت التعاطف والغضب مما اعتبره البعض تقاعسا من جانب الدول المتقدمة عن مساعدة اللاجئين. بحسب رويترز.

العثور على طفل حديث الولادة ميتا

فقد عثر على طفل حديث الولادة ميتا بعد ان وصل مع ابويه المهاجرين في قارب الي شواطيء جزيرة يونانية قادمين من تركيا بينما نشبت مشاجرات جديدة بين آلاف المهاجرين والشرطة في جزيرة يونانية اخرى، وقال خفر السواحل اليوناني ان الطفل نقل من جزيرة اجاثونيسي الي مستشفى في جزيرة ساموس القريبة حيث اعلنت وفاته. بحسب رويترز.

وتواجه اليونان صعوبات في التعامل مع تدفق مئات المهاجرين واللاجئين من الحرب في سوريا والذين يعبرون يوميا من تركيا الي الجزر الشرقية لليونان ومن بينها كوس وليسبوس وساموس واجاثونيسي، وينتظر الاف منهم لتحديد هويتهم ونقلهم الي اثينا لمواصلة رحلتهم الي بلدان اوروبية اخرى.

ووعد فرانز تيمرمانز النائب الاول لرئيس المفوضية الاوروبية ووديميرتيس افراموبولوس مفوض الهجرة بمنح اثينا 33 مليون يورو لمساعدتها في التغلب على ازمة الهجرة، وقال خفر السواحل إن 2500 مهاجر نزلوا من عبارة يونانية في ميناء بيريوس ليصل اجمالي عدد الاشخاص الذين نقلوا الي بر اليونان الي 13373، وفي دلالة على مدى صعوبة الوضع تفجرت مشاجرات لليوم الثاني في ليسبوس بين الشرطة وحوالي 3000 مهاجر يحتجون على طول اجراءات تحديد الهوية.

وفي وقت سابق السبت خرج حوالي ألف مهاجر من مخيم ايواء مؤقت وسدوا طريقا رئيسية في الجزيرة حسبما أبلغ مسؤولا بالشرطة رويترز شريطة عدم نشر اسمه، وحذر رئيس البلدية الرئيسة في ليسبوس من ان الجزيرة ستقاطع انتخابات عامة في 20 سبتمبر ايلول اذا لم تعالج الحكومة الوضع على الفور، ونقلت وكالة انباء اثينا عن سبيروس جاليوس قوله "جزيرة بها 85 ألف شخص تتحمل عبء أزمة إنسانية ضخمة"، "نحن ندعو ابناء ليسبوس ألا يشاركوا في الانتخابات المقبلة ومن الواضح اننا نعلن نيتنا عدم اقامة صناديق اقتراع إذا لم يتخذ اجراء فوري".

بريطانيا ستستقبل آلاف اللاجئين السوريين

من جهة أخرى وافق رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون على أن تستقبل بريطانيا "آلافا آخرين" من اللاجئين السوريين بعد أن تأججت المشاعر إثر انتشار صورة لجثة طفل سوري على شاطىء تركي وهو ما وضعه تحت ضغط ليتحرك، ولم يقدم كاميرون أرقاما محددة لكن متحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قالت للصحفيين في جنيف إن الخطوة البريطانية ستحسن حياة أربعة آلاف سوري. بحسب رويترز.

وفي الوقت الذي واجهت فيه أوروبا أزمة عويصة مع تدفق الاف المهاجرين واللاجئين من الشرق الاوسط وافريقيا على القارة بحثا عن حياة أفضل اتهم كثيرون في الداخل والخارج حكومة كاميرون بعدم الاكتراث والافتقار للمرونة، ودعا عدد من المشرعين من حزب المحافظين الذي يقود بريطانيا لاستقبال المزيد من اللاجئين.

وقال كاميرون للصحفيين في لشبونة بعد لقاء مع نظيره البرتغالي "في ضوء حجم الأزمة ومعاناة الناس بوسعي أن أعلن اليوم أننا سنفعل المزيد لإعادة توطين آلاف اللاجئين السوريين"، واستقبلت بريطانيا بالفعل نحو خمسة آلاف سوري منذ اندلاع الحرب في بلادهم ومنحوا حق اللجوء هذا بالاضافة الى 216 سوريا نقلوا الى بريطانيا بموجب برنامج تدعمه الامم المتحدة لاعادة توزيع اللاجئين.

وقال كاميرون "سنستقبل آلافا آخرين بمقتضى هذه الخطط القائمة وسنراجع أوضاعهم" وأضاف ان الحكومة ستبحث التعامل الامثل مع المنظمات الانسانية وتعلن عن مزيد من التفاصيل الاسبوع القادم، واستقبلت دول أوروبية أخرى مثل المانيا والسويد أعدادا من اللاجئين أكبر بكثير من تلك التي استقبلتها بريطانيا ورفضت لندن المشاركة في خطة مقترحة للاتحاد الأوروبي تخصص حصصا من المهاجرين للدول الأعضاء.

وتتوقع المانيا أن يتقدم 800 الف شخص بطلبات لجوء هذا العام، وتقدم نحو 25 الف شخص بطلبات للجوء في بريطانيا في الأشهر الاثني عشر حتى مارس آذار حصل 40 بالمئة منهم على نوع من الحماية، ويقتصر إعلان كاميرون على السوريين الذين استقطبت قضيتهم المزيد من الاهتمام بعد نشر صور الطفل السوري ايلان كردي الذي غرق مع أمه واخيه بينما كانت أسرتهم تحاول العبور من تركيا الى اليونان.

وقال كاميرون "سنستمر في توجهنا لاخذهم مباشرة من مخيمات اللاجئين، هذا يوفر لهم مسارا مباشرا أكثر أمنا للمملكة المتحدة بدلا من التعرض لرحلة خطرة كلفت كثيرين أرواحهم بشكل مأسوي"، وكان كاميرون يصر من قبل ان بريطانيا تفعل الكثير بما في ذلك ارسال مساعدات الى مخيمات اللاجئين السوريين في الشرق الاوسط وارسال سفن البحرية الملكية الى البحر المتوسط لانقاذ مهاجرين وانتشالهم من قوارب متهالكة.

أستراليا ستستقبل المزيد من اللاجئين السوريين

الى ذلك قال رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت إن أستراليا ستقبل المزيد من اللاجئين من المخيمات على الحدود بين سوريا والعراق وإنها مستعدة لتقديم المزيد من المساعدات المالية لكنه أضاف بأنه ينبغي أن يكون هناك "استجابة أمنية قوية" في المنطقة. بحسب رويترز.

ومن المقرر أن تتخذ الحكومة الاسترالية قرارا خلال الأسبوع بشأن ما إذا كانت ستنضم لحملة الضربات الجوية ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وتشارك أستراليا بالفعل في حملة الضربات الجوية ضد التنظيم في العراق منذ العام الماضي، وقال أبوت للصحفيين في كانبيرا "من المهم أن تكون هناك استجابة إنسانية لكن من المهم أيضا أن تكون هناك استجابة أمنية قوية".

وذكر أن وزير الهجرة بيتر داتون سيسافر إلى جنيف للاجتماع مع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ليسأله عن طبيعة المساعدات الإضافية التي يمكن أن تقدمها أستراليا، وقال أبوت "سنكون على استعداد لاستقبال المزيد من الناس من هذه المنطقة المضطربة.. نحن مستعدون لتقديم المزيد من المساعدات المالية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".

ويأتي إعلان الحكومة فيما تتفاقم أزمة اللاجئين في أوروبا مع دعوة الكثير من الساسة الاستراليين الكبار لاستقبال 20 ألف لاجئ سوري على الفور، ورغم أنه أظهر استعدادا لاستقبال المزيد من اللاجئين من سوريا والعراق فإن أبوت رفض القول إن كان عدد اللاجئين الذين تستقبلهم البلاد في المجمل - والذي يبلغ نحو 14 ألفا حاليا- سيزيد أو إن كان الباب سيغلق في وجه لاجئين من أنحاء أخرى في العالم، وقال إنه بالنسبة لعدد السكان فلا تزال أستراليا تقبل عددا أكبر من اللاجئين من مفوضية الأمم المتحدة مقارنة بأي دولة أخرى.

البقاء في ألمانيا

الى ذلك كان تناول كوب من الجعة المثلجة في مقعد قطار بالدرجة الاولى مع مشاهدة مناظر من الريف الالماني نهاية غير محتملة لرحلة من سوريا اتسمت بمخاطر الموت والخوف الدائم، عندما فر ربيع هاجوك من الحرب الاهلية في بلاده لم يكن خطط للذهاب الى بلد يعتبرها الآن وطنه وعندما ربط الجزء الاول من رحلته في الاسبوع الماضي وهو ينتظر في المجر لم يكن يتوقع ان يكون الجزء الاخير بالغ السهولة. بحسب رويترز.

في السعودية التي توجه اليها في البداية لينضم الى اخوته بعد ان دمر منزله في مدينة حمص السورية عمل هاجوك لمدة عام ونصف العام مهندسا كهربائيا لكنه قال انه اصطدم مع الشرطة الدينية، وقال "لم أكن أشعر بالامان" أثناء الانتظار على الحدود بين صربيا والمجر داخل منطقة الشينجن المفتوحة الحدود في الاتحاد الاوروبي وشرح السبب في انه قرر ان يعثر على شقيقته في ألمانيا بدلا من ذلك.

لم يكن القرار سهلا.. فمن بين مئات الاف الاشخاص الذين يسعون للجوء وحياة أفضل في الاتحاد الاوروبي هذا العام هربا من صراعات في الشرق الاوسط وأفريقيا مات الالاف في زوارق انقلبت أو شاحنات محكمة الاغلاق، وقال هاجوك لرويترز عبر هاتف محمول من ألمانيا اشتراه عندما وصل الى هذه الوجهة انه تحمل بالفعل شهرا من المصاعب وكان هناك المزيد قادم.

وقرر هو ورفاق السفر وهم خمسة نساء وستة رجال التسلل عبر السلك الشائك الذي أقامته في الاونة الاخيرة المجر على حدودها مع صربيا حتى يتجنبوا أن يأخذ بصماتهم المسؤولون المجريون، وقال "ثم ركضنا عبر حقول الذرة وحاولنا الاختباء من سيارات الشرطة، ووجدنا اثنين من المهربين امرأة وشقيقها الشاب اللذين وعدا بتوصيلنا الى بودابست مقابل 200 يورو لكل فرد، وطلبا منا ان ننتظر وذهبا لاحضار سيارة اجرة".

وأضاف "انتظرنا لمدة نصف ساعة، وعندما وصلت سيارات الاجرة ركضنا اليها لكن شخصا ما في سيارة مارة شاهدنا ونبه الشرطة التي جاءت وأمسكت بنا"، بعد التسجيل أخذت الشرطة هاجوك (29 عاما) وأصدقاءه الى معسكر احتجاز قرب بلدة شيجيد مازال قريبا من الحدود الجنوبية، وكان اليومان اللذان قضوه هناك أصعب مراحل الرحلة.

الجوع والعطش والخوف، وقال "كان مكانا شديد الزحام، قذر، لم يسمح لنا بالخروج، كان مثل سجن تقريبا، لا مكان للنوم .. بارد ليلا شمس حارقة في النهار ولا يوجد ظل، حصص الطعام صغيرة وحصص الماء قليلة ولم يسمح لنا بشراء المزيد"، وكانوا هناك يشاهدون الاخبار على هواتفهم المحمولة .. نحو 71 مهاجرا ماتوا في شاحنة عثر عليها في النمسا.

وقال "كان الامر مخيفا بالنسبة لنا، " وأضاف "لكننا مررنا بأشياء كثيرة كما تعلم .. اعتدت سماع أنباء مخيفة ولم يحدث شىء لنا"، وفي النهاية نقلتهم حافلات الشرطة الى محطة القطار في شيجيد وهي مدينة قرب الحدود وتم نقلهم بالقطار في وجود مرافقين حتى بودابست، وفي محطة قطارات كيليتي نام مئات المهاجرين على الرصيف على مرأى من المسافرين، وعثر رفاق هاجوك على فندق سمح لهم باستئجار بعض الغرف دون ان يفحص أوراقهم.

وقال "استعدنا طاقتنا ونمنا لفترة طويلة وأخذنا حماما ساخنا وغيرنا ملابسنا"، وأضاف "كان ذلك رائعا"، ثم بدأوا التخطيط للرحلة الاخيرة الى ألمانيا، لم تصدر لهم تذاكر قطارات، وأرادوا شراء تذاكر حافلات لكن طلب منهم ان يظهروا تأشيرة الشينجن، وقال "كان هذا يعني (لا) مرة أخرى"، وبعد التسجيل في المجر لم يكن يفترض ان يغادروا وفقا لقواعد الاتحاد الاوروبي ولذلك دفعوا لمهرب 500 يورو لكل منهم ليذهب بهم الى ألمانيا.

وجاء الرجل بشاحنة تشبه السيارة الجيب وأخذهم الى جروسجمين وهي قرية نصفها في النمسا ونصفها الاخر في ألمانيا حيث تركهم في طريق جانبي، كان الباقي مثل حلم، عبروا جسر القرية الى ألمانيا وودعوا بعضهم، واشترى هاجوك الذي كان بمفرده للمرة الاولى في أكثر من شهر تذكرة واستقل قطارا الى ميونيخ، ثم الى شتوتجارت، ثم الى كارلسروهه وأخيرا الى هايدلبرج ليلتقي بشقيقته.

وقال "سافرت بالدرجة الاولى لتعويض ما مررت به"، وأضاف "تناولت جعة، كانت رحلة جميلة والمنظر من النافذة.. سجلت لقطات مصورة، ألمانيا أجمل بلد شاهدته على الاطلاق"، ولم يتصل بعد بالسلطات لكنه متفائل انهم سيسمحون له بالبقاء رغم قواعد الاتحاد الأوروبي، وقال "سوف أستريح لمدة يوم أو يومين عند شقيقتي ثم أجد معسكرا جيدا يتم فيه فحص أوراقي أسرع، ألمانيا لن ترسلني الى أي بلد آخر، هذا هو بلدي الجديد، إنني في وطني".

اضف تعليق