لايزال المواطن السوري ومع استمرار الحرب والدمار داخل هذه البلاد التي دمرتها المعارك بشكل شبه تام، يصارع الموت ويعاني من تفاقم الأزمة الإنسانية التي اسهمت وبحسب بعض الخبراء، بتصاعد وتيرة الهروب من الجحيم الداخلي الذي اجبرهم على ترك الديار والبحث عن الامان في اماكن اخرى خارج اسوار الوطن، حيث يقدم آلاف السوريين بعد ان فقدو الأمل وكما تشير بعض المصادر، على ركوب رحلة الموت الى الخارج عبر وسائل شتى مخاطرين بحياتهم وأموالهم بأمل الوصول إلى بر الأمان في دولة ما في أوروبا، وذلك طلبا للجوء من حرب مستعرة في وطنهم.
وفي الآونة الأخيرة برزت قضية لجوء السوريين إلى أوروبا كأحد الملفات التي فرضت نفسها على الحكومات الأوروبية. فبالإضافة إلى العقبات القانونية والصعوبات والمشاكل والمخاطر الكبيرة التي تواجه الفارين عن طريق التهريب واستغلال العصابات فإن المعاناة تتضاعف بعد الوصول إلى دول أوروبية حيث الاجراءات المتشددة والقوانين الصارمة التي كانت سببا في ازدياد مشكلاتهم كما تفيد تقارير المنظمات الانسانية والدولية التي تواجه هي الاخرى ازمات حقيقية بسبب قلة التخصيصات وتزايد اعداد الفارين والمهاجرين في المخيمات وغيرها.
وقد قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بيان، إن عدد اللاجئين بسبب الحرب في سوريا قد تخطوا 4 ملايين. وأوضحت المفوضية أن عدد اللاجئين جراء النزاع في سوريا الذي اندلع عام 2011 ازداد بمقدار مليون لاجئ خلال الأشهر العشرة الأخيرة وقال رئيس المفوضية أنطونيو غوتيريس "إنها أكبر مجموعة من اللاجئين جراء نزاع واحد خلال جيل".
وتتوقع المفوضية العليا أن يصل عدد اللاجئين السوريين بحلول نهاية السنة إلى 4,27 ملايين يضاف إليهم حوالي 7,6 ملايين نازح داخل سوريا. وقال غوتيريس "إنها مجموعة بحاجة إلى دعم العالم لكنها عوضا عن ذلك، تعيش في ظروف مروعة وتغرق في فقر متزايد". ويقيم القسم الأكبر من اللاجئين السوريين في دول الجوار وبلغ عددهم 4 ملايين و13 ألف شخص ولا سيما بعد الأرقام الأخيرة التي قدمتها تركيا التي تستضيف حوالي نصفهم (1,8 مليون).
نقص الاموال
وفي هذا الشأن قال برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة ان نقص الاموال سيكون له أثره على حصص الغذاء التي تقدم للاجئين السوريين في لبنان وربما يؤدي الى خفض كل المساعدات التي تقدم الى 440 ألف سوري في الاردن في وقت لاحق. وقال مهند هادي المدير الاقليمي لبرنامج الاغذية العالمي للشرق الاوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا وشرق أوروبا في بيان "حين اعتقدنا ان الامور لا يمكن ان تسوء أكثر اضطررنا مرة اخرى الى اجراء مزيد من الخفض." وقال "اللاجئون يكافحون بالفعل للتعامل مع القليل الذي يمكننا تقديمه."
وقالت وكالات المساعدات التابعة للامم المتحدة ان المناشدة لتقديم 4.5 مليار دولار للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين في عام 2015 لم تحقق سوى أقل من الربع مما وضع ملايين الاشخاص الضعفاء عرضة للخطر وأدى بالفعل الى خفض في المساعدات الحيوية. وقالت الوكالات والمنظمات الشريكة ان نقص التمويل يعني ان 1.6 مليون لاجيء قلصت مساعداتهم الغذائية هذا العام وان 750 الف طفل لا يذهبون الى المدارس ودعت الدول الى تنفيذ تعهداتها. بحسب رويترز.
وقال برنامج الاغذية العالمي ان كل لاجئ سوري في لبنان سيحصل الان على 13.50 دولار للانفاق على الغذاء. وتحتاج المنظمة الى 139 مليون دولار لمساعدة نحو أربعة ملايين لاجيء سوري في الاردن ولبنان ومصر والعراق وتركيا حتى سبتمبر ايلول. وقال برنامج الاغذية العالمي ان المساهمات ارتفعت بنسبة 27 في المئة في عام 2014 لكن عدد حالات الطواريء الانسانية الذي لم يسبق له مثيل في سوريا والعراق وجنوب السودان وغرب افريقيا بسبب مرض الايبولا يعني ان احتياجاته تزيد بمعدل أسرع وتتفوق على ايقاع التمويل المتاح.
أوضاع يرثى لها
الى جانب ذلك وبعد فترة وجيزة من الهدوء على متن سفينة ركاب يونانية وجد لاجئ سوري يدعى محمد نفسه عالقا في منطقة تعمها الفوضى والقذارة على حدود مقدونيا فيما حالت الأسلاك الشائكة وشرطة مكافحة الشغب دون وصوله إلى الأمان النسبي في شمال أوروبا. وكآلاف العالقين في قرية إيدوميني الحدودية اليونانية قطع محمد طالب الجيولوجيا البالغ من العمر 20 عاما رحلة شاقة وخطيرة فرارا من فظائع الحرب الأهلية في بلاده.
وزاد يأس محمد بعد ما وجده في إيدوميني وأصبح الآن لا يريد سوى الذهاب لأي مكان آمن في أوروبا. وقال "لا نريد سوى أن نحيا." وبعد أن خاض الرحلة عبر تركيا ركب محمد قاربا صغيرا ليقطع منطقة مائية ضيقة في مياه جزيرة كوس اليونانية التي تشهد أوضاعا صعبة مع وصول آلاف المهاجرين إليها صيف العام الحالي من بلدان مثل باكستان وإيران وأفغانستان وغيرها.
وقطع محمد -الذي لم يذكر اسم عائلته- الجزء التالي من الرحلة في راحة نسبية على متن سفينة عبرت به بحر إيجه وصولا إلى بيريوس. وبعد هذا خاض رحلة برية وصولا إلى مدينة سالانيك بشمال اليونان ومن هناك سار مسافة 70 كيلومترا في حرارة الصيف. والوضع في إيدوميني يرثى له. وصرخ آلاف اللاجئين والمهاجرين أمام شرطة مكافحة الشغب في مقدونيا وراء الأسلاك الشائكة قائلين "ساعدونا!" وتغلق الأسلاك خطا للسكك الحديدية استخدمه آخرون لعبور الحدود في طريقهم شمالا باتجاه المجر ومنطقة الشنجن الأوروبية حيث لا توجد حدود.
ويزداد الوضع صعوبة بطول المناطق التي يقطعها المهاجرون ويرجح هذا وصول آلاف آخرين إلى حدود مقدونيا خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وشوهد في جزيرة ليسبوس اليونانية عشرة قوارب مطاطية في كل منها 50 إلى 70 شخصا غالبيتهم من الأطفال وصلوا من تركيا خلال ساعة ونصف فقط. واضطر بعضهم بمجرد الوصول لتسلق مناطق صخرية. وفي المكان توفرت حافلات تابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتقلهم إلى أقرب بلدة.
وتسببت الفوضى في التفريق بين زوج وزوجة أفغانيين وطفليهما. وقال الزوج ويدعى محمد ياسين "فقدت الطفلين الليلة الماضية حوالي الساعة السادسة مساء عندما كان الحشد يتدافع." وأضاف لصحفي عبر الأسلاك الشائكة "ابني يبلغ من العمر ست سنوات وابنتي عمرها عام ونصف." وبعد دقائق اقترب رجل من الجانب المقدوني وفي يده طفلة صغيرة كانت هي ابنة ياسين. وبكت الزوجة عندما حملت ابنتها وظل ياسين يقول "أريد ابني."
وتسمح سلطات مقدونيا التي تتعرض للضغوط لمجموعات صغيرة فحسب بالعبور إلى بلدة جيفجليا حيث ينقلون في قطارات إلى الشمال. وظل أحمد (32 عاما) الذي تقطعت به السبل مع زوجته راني ورضيعه البالغ من العمر سبعة أشهر ينتظر أربعة أيام على الحدود أملا في أن يتمكن من الوصول إلى ألمانيا حيث يوجد أصدقاء له. وقال "الوضع بائس هنا. يسعل ابننا وليس لدينا أي ملابس." بحسب رويترز.
وتحول الإحباط إلى غضب دون أن يوجه مباشرة بالضرورة للشرطة التي تعيق المرور. وقال شيرو وهو سوري يبلغ من العمر 25 عاما ينتظر في إيدوميني منذ يومين "العالم كله يكذب والدول العربية هي أول من يكذب. "يفترض أنهم أشقاؤنا لكنهم أداروا ظهورهم لنا."
بين تركيا و أوروبا
يرتدون السراويل القصيرة حتى يختفوا بين السياح ويشترون سترات نجاة رخيصة وبالونات لحماية أرواحهم وممتلكاتهم في البحر ويلعبون لعبة القط والفأر مع الشرطة للفوز بمكان للنوم. وهم من بين عشرات الالاف من السوريين الذين هبطوا على مدينة إزمير المطلة على بحر إيجه خلال الصيف قبل اللحاق بقارب في رحلة إلى اليونان التي أصبحت تمثل لهم بوابتهم إلى الاتحاد الاوروبي.
يمر عبر هذا الطريق أيضا عراقيون وايرانيون وأفغان وغيرهم في أكبر حركة للاجئين تسجل على مستوى العالم. دفع علاء الدين السوري الهارب من حلب بعد حرب مستمرة منذ أربع سنوات المال للمهربين لنقله بحرا تحت جنح الظلام في "صفقة مع الشيطان" يقول إنه لم يكن له خيار فيها. وقال علاء الدين البالغ من العمر 29 عاما طالبا عدم نشر بقية اسمه بسبب الخوف على سلامته الشخصية "أخاف المهربين فهم رجال يأخذون المال من اليائسين. لكن من المستحيل علي الرجوع. وإذا بقيت هنا أخاف أن أضيع. علي أن أواصل الحركة إذا كان لي أن تكتب لي حياة."
ودفعت الأزمة حروب الشرق الأوسط إلى أعتاب أوروبا وأثرت بشدة على اليونان التي تعاني من الكساد وأرهقت موارد تركيا التي ترعى 1.9 مليون سوري و200 ألف عراقي. وقد حصلت تركيا على إشادة دولية بسياسة الباب المفتوح التي اتبعتها مع السوريين مما جعلها أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم. لكن فولكان بوزكير وزير شؤون الاتحاد الاوروبي حذر في يوليو تموز من أن بلاده لم تعد تستطيع استيعاب آخرين وإن أي موجة جديدة ستصل إلى حدود أوروبا.
وتقول جماعات إغاثة إنه في أي يوم من الأيام العادية يحتشد في شوارع إزمير ما يصل إلى خمسة آلاف مهاجر ينتظرون العبور إلى اليونان. وبحلول الليل تنقلهم حافلات وشاحنات إلى أماكن بعيدة لقضاء الليل. وعندما يطلع النهار يتكدسون في زوارق مطاطية تعمل بمحركات أو قوارب متهالكة تنقلهم إلى الجزر اليونانية التي تبعد مسافة تقل عن 16 كيلومترا.
ولأنهم يخشون من القرصنة فهم يحملون القليل من النقود ويضعون جوازات سفرهم وهواتفهم في بالونات خشية غرق الزوارق. وقالت سما بكداش رئيسة بلدية المنطقة "نحن في مواجهة أزمة انسانية في شوارعنا لا يمكننا مجاراتها. نحن عاجزون عن تلبية احتياجات الكثيرين من المسكن والغذاء والمياه والعناية الشخصية والصحة." وأضافت أن المتجهين إلى أوروبا نسبة ضئيلة من بين 200 ألف سوري في إزمير. وخارج مكتبها احتشدت عائلات في الشارع تنتظر صعود الحافلات إلى الشاطئ.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين إن الصراعات والاضطهاد في مختلف أنحاء العالم تسببت في نزوح 59.5 مليون شخص نصفهم من الاطفال في العام الماضي وهو ما يمثل أكبر عدد يتم تسجيله على الاطلاق. ويفر ملايين غيرهم من الفقر وعدم الاستقرار بحثا عن حياة أفضل في أوروبا حيث الحياة الموسرة رغم أن مشاعر عداء متنامية تصاحب هذه الحياة.
وتقول فرنتكس الوكالة المسؤولة عن إدارة الحدود في الاتحاد الاوروبي إن الطريق الذي يطلق عليه اسم طريق شرق المتوسط ويمر عبر تركيا أصبح المدخل الرئيسي إلى أوروبا. وتقول الوكالة إن عددا قياسيا بلغ 49550 مهاجرا وصل إلى الاتحاد الاوروبي عن طريق اليونان في يوليو تموز أي أكثر من العدد الاجمالي الذي وصل في العام الماضي بأكمله.
ويضمن وجود مئات الجزر هدوء الأمواج في بحر ايجه ما يتيح ممرا آمنا مقارنة بالطريق من شمال أفريقيا إلى ايطاليا الذي هلك فيه أكثر من 2000 مهاجر منذ بداية عام 2015. لكن بحر ايجه يمكن أن يكون غادرا أيضا. فقد غرق زورق محمل فوق طاقته بواحد وثلاثين سوريا وغرق ستة أشخاص بينهم طفل رضيع. وفي الاسابيع الأخيرة اجتاح المهاجرون واللاجئون منتجعي كوس وليسبوس اليونانيين الهادئين في العادة ووقعت في بعض الأحيان اشتباكات بينهم وبين الشرطة ومشاجرات فيما بينهم.
غير أن الجو أقل بؤسا في حي بسمان الذي شهد قبل نحو 500 عام خلال العصر العثماني هروب اليهود إليه حيث الأمان من محاكم التفتيش الأسبانية. وتم تحويل فيلات راقية يرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر إلى فنادق رخيصة. ويقف عشرات الرجال بسراويلهم القصيرة وقمصانهم في طابور في المطعم الذي يقدم الأكلات السورية طلبا لوجبة قبل أن يرحلوا. ويبدي كثيرون منهم سعادتهم لقربهم من أوروبا.
وفي الأيام الأخيرة أخلت السلطات متنزهات في المدينة وأرغمت المهاجرين على التقهقر إلى الشوارع الخلفية وساحات المساجد في إزمير. وينام الأطفال الرضع في صناديق من الورق المقوى لحمايتهم من الحر القائظ. واختار علاء الدين الذي درس الاقتصاد ويأمل أن يدخل عالم السياسة ألا يقضي الليل في غرفة مقابل 40 دولارا لليلة في بيت للايجار وأصبح يقضي لياليه في الشارع. وغطت الأوساخ قميصه وسرواله الجينز لكنه يحمل آلة حلاقة كهربائية لكي يظل حليق الذقن ويتناول الخبز كي يسد رمقه ويستجدي السجائر.
وصل علاء الدين إلى اسطنبول في مايو ايار على أمل اللحاق بصديقته في مصر لكنه حرم من الحصول على تأشيرة ولعجزه عن توفير مصاريف التعليم في تركيا "أصبحت أوروبا هي الخيار الوحيد". وتعرف من خلال الفيسبوك على مهرب استدعاه إلى إزمير حيث استأمن وسيطا على المبلغ المطلوب وقدره 1100 دولار وحقيبته وما تبقى معه من نقود مقابل مبلغ من المال على أن يسدد المطلوب للمهرب ويسلم علاء الدين أمتعته بمجرد أن يطلب ذلك.
ولمهارته في السباحة قرر أن يتغاضى عن اقتناء واحدة من سترات النجاة التي تباع في متاجر بسمان بمبلغ 50 ليرة (18 دولارا) إذ أن المادة التي صنعت منها تجعل منها عبئا أكثر منها طوق نجاة. وتلزم المواثيق تركيا بأن توقف طوفان المهاجرين وقد عززت تدابير الأمن على حدودها. لكن متين كوراباتير المسؤول السابق بمفوضية الأمم المتحدة للاجئين الذي يرأس مركزا لأبحاث اللجوء والهجرة قال إنها تبذل جهودا كبيرة لاحتواء المهاجرين وترى أن إقامتهم مؤقتة.
وأضاف "إذا لم تستطع أن تعطيهم سببا للبقاء فلن يمكنك قط أن تمنعهم من الرحيل." وكل ليلة ينطلق عدد يقدر بنحو 500 شخص ويقول ضباط خفر السواحل إن العبء ثقيل عليهم. وقد أنقذ خفر السواحل 36 ألف شخص هذا العام من بينهم 330 في صباح يوم واحد فقط . بحسب رويترز.
وجلست تلك المجموعة وفيها أطفال حديثو الولادة لساعات في مرفأ لليخوت ومعها القليل من الماء دون مظلة تقيهم حر الشمس بينما كان مسؤولو خفر السواحل يسجلون أسماءهم ويراقبهم المصطافون المندهشون من فوق يخوتهم. ويقول جاسم البالغ من العمر 19 عاما إن هذه هي ثاني محاولة فاشلة للوصول إلى اليونان. كان جاسم قد فر من منطقة منبج الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش بالقرب من حلب بعد أن شهد ذبح أحد الأشخاص وعلم أن الجهاديين بتروا أصابع جاره بسبب التدخين. ويقول جاسم وهو يسحب نفسا من سيجارة "إما أن أموت في سوريا أو أموت في البحر. وأفضل أن أموت في البحر."
بلجيكا تستقبل المسيح
في السياق ذاته قامت بلجيكا بعملية إخراج 244 مسيحيا من مدينة حلب السورية منذ أيار/ مايو. وغادر هؤلاء حلب ضمن مجموعات صغيرة "على سبع مراحل" إلى أن وصلوا إلى الحدود اللبنانية بوسائلهم الخاصة، لتتولى أمورهم السفارة البلجيكية في بيروت. وأعلنت الحكومة البلجيكية أنها نفذت عملية منذ أيار/ مايو سمحت بإخراج 244 مسيحيا من مدينة حلب السورية واستقبالهم في بلجيكا كلاجئين ومعظمهم عائلات مع أطفال.
وتريد بلجيكا تحسين صورتها كبلد يستقبل رعايا بلدان تشهد حروبا، في حين أن الخلافات دائرة حاليا بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول توزيع 40 ألف طالب لجوء على البلدان لتخفيف العبء عن إيطاليا واليونان. وقال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، إن العملية الإنسانية التي أعلن عنها وترمي إلى "إنقاذ" السوريين الأكثر ضعفا، تعتبر "قطرة في بحر" مقارنة مع حجم أزمة الهجرة، معربا عن الأمل في أن "يساهم ذلك في أن تتخذ دول أخرى خطوات مماثلة".
وتم اختيار المسحيين من حلب، ثاني مدن سوريا التي يتقدم فيها المتمردون الإسلاميون، بمبادرة من "لجنة عمل" يديرها دبلوماسي وطبيب نفسي بلجيكيان. وغادر المسيحيون حلب ضمن مجموعات صغيرة "على سبع مراحل". ووصلوا إلى الحدود اللبنانية "بوسائلهم الخاصة بعد أن عبروا مناطق خطيرة جدا في سوريا"، ثم تولت أمورهم السفارة البلجيكية في بيروت كما قال ريندرز. وأضاف الوزير أن السفارة نظمت عملية إصدار تأشيرات اللجوء بعد "عملية تدقيق" أجرتها أجهزة الاستخبارات. بحسب فرانس برس.
من جهته قال تيو فرانكن، وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة "سيمنحون وضع الحماية النهائية" الذي يسمح لهم "بتكوين مستقبل في بلجيكا". وبعد منحهم وضع اللاجئين في بلجيكا، تستدعي دائرة الإقامة المعنيين للتأكد من بدء عملية البحث عن وظيفة مع تأمين دورات التدريب المناسبة، خصوصا تعلم اللغة. وقال تيو فرانكن العضو في الحزب القومي الفلمنكي "يمكنني القول إن آخر شيء يريدونه هو أن يكونوا عبئا على الضمان الاجتماعي". استقبلت بلجيكا 5500 لاجىء سوري من كافة الطوائف منذ اندلاع الحرب في سوريا في 2011 وفقا للحكومة البلجيكية. وقال مصدر إن "98% من السوريين الذين يطلبون اللجوء يحصلون عليه".
منطقة امنه
على صعيد متصل قال فؤاد أقطاي مدير وكالة إدارة الكوارث والطواريء التركية إن أوروبا لا تستوعب بالكامل ضخامة أزمة اللاجئين السوريين وإن عليها أن تفتح حدودها لتحمل مسؤولية تحملتها تركيا وحدها حتى الآن. وقال أقطاي "تركيا تُركت وحدها وكأن هذه المشكلة مشكلتها. هذه ليست مشكلة صنعتها تركيا ولا هي مشكلة يمكنها أن تنهيها." وأضاف "هي مأساة انسانية وإذا أراد الاتحاد الاوروبي أن يقف مع تركيا فهذا سيخدم مصالحه مباشرة."
وتابع أن أنقره أنفقت ستة مليارات دولار في رعاية اللاجئين منذ بدأت الحرب الأهلية السورية في مارس اذار 2011 بالمقارنة مع المساعدات التي تلقتها من كل الدول الأخرى بما فيها الاتحاد الاوروبي وقدرها 418 مليون دولار. وتكافح اليونان التي تعاني من أزمة اقتصادية لمجاراة طوفان من المهاجرين يعبر كثيرون منهم الشريط البحري الذي يفصل الأراضي التركية عن الجزر اليونانية في زوارق مطاطية طلبا للجوء في الاتحاد الاوروبي.
كما حذرت اليونان من أنها لا تستطيع بمفردها تحمل العبء وناشدت شركاءها في الاتحاد الاوروبي وضع استراتيجية شاملة. وقال أقطاي "سياسة الباب المفتوح ستسهم في استيعاب أوروبا لحجم المشكلة وتشجعها على التحرك لمعالجة الأسباب الأصلية للصراع" في سوريا. وأضاف "إبقاء الباب مفتوحا لا يستلزم حدودا فعلية رغم أن البحر المتوسط يعني أن أوروبا تشترك في الحدود."
وقال إن تركيا تبحث أطرا قانونية جديدة تسمح بتشغيل اللاجئين حتى يتمكن من يقيم منهم لفترة طويلة من التكيف مع ظروف الحياة على نحو أفضل وهي خطوة قد تساعد في خفض أعداد الباحثين عن فرص السفر إلى أوروبا. يطالب زعماء تركيا منذ فترة طويلة بمنطقة حظر للطيران في شمال سوريا لإبعاد تنظيم داعش والانفصاليين الأكراد عن حدود البلاد وإقامة ملاذ آمن للنازحين المدنيين بدلا من عبورهم إلى الأراضي التركية. لكن هذا الاقتراح لم يلق تأييدا يذكر من حلفاء تركيا بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتعمل أنقره وواشنطن لتنفيذ مقترحات لتوفير الحماية الجوية للمعارضة السورية في شريط من الأرض على امتداد الحدود لكن هذا لا يلبي مطالب تركيا. وقد حذرت الأمم المتحدة من إطلاق صفة "المنطقة الآمنة" على هذا الشريط ما لم يمكن ضمان حماية المدنيين. وتدير الوكالة التركية لإدارة الكوارث أكثر من 20 مخيما على الحدود أشادت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وحكومات أجنبية بها واعتبرتها مثالية في إدارة الأزمات الانسانية.
وقال أقطاي إن إقامة منطقة آمنة تدعمها قوات التحالف سيسهم في تخفيف الضغوط. وأضاف "المنطقة الآمنة ستكون شكلا مهما من أشكال التأمين لأوروبا أيضا. فقد تُركت تركيا كي تلبي احتياجات أكثر من مليوني شخص وحدها." وتقول الأمم المتحدة إن ما يصل إلى ثلث سكان سوريا قبل الحرب وكان عددهم 22 مليون نسمة نزحوا عن بيوتهم داخل البلاد وقد حذرت جماعات الإغاثة من أنه سيكون من الصعب حماية منطقة آمنة إذ أنها ستكون محاطة بفصائل متحاربة. بحسب رويترز.
بل إن مناقشة هذا الاقتراح بثت الخوف في نفوس بعض اللاجئين الذين يخشون أن يتعرضوا لضغوط للعودة إلى بلادهم ويقول العاملون في مجال الإغاثة إن ذلك ربما كان عاملا في موجة الخروج من سوريا مؤخرا. وقال متين كوراباتير مدير مركز أبحاث اللجوء والهجرة "من تحدثت معهم يقولون إن الشائعات لها تأثيرها.. مثل ’سيُعاد اللاجئون’ ويمكن اعتبار هذا عاملا في الهروب إلى الغرب."
اضف تعليق