تواصل إسرائيل وفي تحدي واضح ومستمر، عملياتها الاجرامية المختلفة ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة التي تحولت الى معتقل كبير بسبب الاجراءات والقوانين التعسفية واستخدام القوة المفرطة، يضاف الى ذلك هدم المنازل وتوسيع خطط الاستيطان. وتنفذ السلطات الإسرائيلية مئات المداهمات لإلقاء القبض على فلسطينيين واحتجازهم في السجون في إسرائيل...
تواصل إسرائيل وفي تحدي واضح ومستمر، عملياتها الاجرامية المختلفة ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة التي تحولت وبحسب بعض المصادر، الى معتقل كبير بسبب الاجراءات والقوانين التعسفية واستخدام القوة المفرطة، يضاف الى ذلك هدم المنازل وتوسيع خطط الاستيطان. وتنفذ السلطات الإسرائيلية مئات المداهمات لإلقاء القبض على فلسطينيين واحتجازهم في السجون في إسرائيل التي تغص اليوم بالآلاف الاسرى، الذين قُبض عليهم في السنوات السابقة، وهو ما يعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي خصوصاً وان السلطات الإسرائيلية تستخدم أوامر الاعتقال الإداري القابلة للتجديد لاحتجاز الفلسطينيين بدون تهمة أو محاكمة. كما جرت مقاضاة المدنيين الفلسطينيين – ومن ضمنهم الأطفال – من سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة في محاكم عسكرية لم تستوفِ المعايير الدولية للمحاكمات العادلة. ولم يُسمح لعائلات المعتقلين زيارة أقربائهم.
وفي هذا الشأن قالت مؤسسات حقوقية فلسطينية إن إسرائيل اعتقلت 1400 فلسطيني منذ مطلع العام، بينهم أكثر من 230 قاصرا تقل أعمارهم عن 18 عاما و39 امرأة. وذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني ومركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية (حريات) ومركز وادي حلوة-القدس في تقرير بمناسبة (يوم الأسير الفلسطيني) أن إجمالي عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 4500 معتقل.
وذكر التقرير "عدد الأسرى الذين تجاوزت مدة اعتقالهم 20 عاما بشكل متواصل 62 أسيرا ويعرفون بعمداء الأسرى". وأضاف "عدد الأسرى الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد 543 أسيرا". واستعرض التقرير الأوضاع الصحية للمعتقلين وكذلك استمرار سياسة الاعتقال الإداري، وهو قانون بريطاني قديم تستخدمه إسرائيل لاعتقال فلسطينيين دون محاكمة لفترات من ثلاثة الى ستة أشهر قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف سري لهم. وجاء في التقرير "منذ مطلع العام الجاري أصدرت مخابرات الاحتلال أكثر من 280 أمر اعتقال إداري، حيث بلغ عدد الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال 440 أسيرا إداريا، بينهم قاصران وثلاث أسيرات".
فصل عنصري
اتهمت منظمة غير حكومية إسرائيلية للمرة الأولى ما يسمى بالدولة العبرية بأنها دولة "فصل عنصري" بسبب معاملتها للفلسطينيين، ما دفع الحكومة الى حظر دخول ممثليها إلى المدارس. وقالت منظمة حقوق الإنسان "بتسيلم" التي تأسست أواخر ثمانينات القرن الماضي، أنها تزن وبعناية استخدامها لهذا المصطلح الذي أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. وأضافت أن مصطلح "الفصل العنصري" يمثل وصفا دقيقا لموقف إسرائيل تجاه سكان الأراضي الفلسطينية والمواطنين العرب في إسرائيل.
وكانت المنظمة نشرت تقريرا وصفت فيه سياسة إسرائيل من البحر المتوسط الى ضفاف نهر الأردن، وخلصت الى أن "أكثر من 14 مليون شخص، نصفهم تقريبا من اليهود، بينما النصف الآخر من الفلسطينيين، يعيشون بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط في ظل حكم واحد". ورأت بتسيلم أن "هذا فصل عنصري". وقال مدير المنظمة الحقوقية حجاي إلعاد "لا يمكننا تفادي الاستنتاج بأنه نظام يعمل على تثبيت تفوّق مجموعة على أخرى، اليهود على الفلسطينيين". وأضاف "هذا هو التعريف المكتوب في الكتب الدراسية لنظام الفصل العنصري (...). أوافق على أنها كلمة قوية لكننا لا نستخدمها باستخفاف".
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة في العام 1967. ويعيش في هذه الأراضي قرابة خمسة ملايين فلسطيني تعتبر الأمم المتحدة أنهم يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. ويشكل العرب في إسرائيل، وهم أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم بعد تأسيس الدولة العبرية في العام 1948، نحو 20 في المئة من السكان البالغ تعدادهم قرابة تسعة ملايين. وبحسب القانون الإسرائيلي، يتمتع هؤلاء بحقوق مساوية لحقوق المواطنين اليهود، لكنهم يقولون إنهم يعانون من التمييز في كثير من مناحي الحياة.
ويستخدم الفلسطينيون ومنظمات غير حكومية مصطلح "الفصل العنصري" بشكل متكرر لوصف سياسات إسرائيل، لكن استخدامه من منظمة إسرائيلية شكّل صدمة. وكتب الصحافي الإسرائيلي في صحيفة هآرتس العبرية اليسارية جدعون ليفي إن تصريحات بتسيلم "ثورية". وأضاف "تعرّف عليها: الفصل العنصري، نظام فصل عنصري. نحن نعيش فيه، ونشكل جزءا منه، ونحن شركاء فيه. هي بلادنا".
ولم يلق تقرير بتسيلم اهتماما كبيرا من الإعلام الإسرائيلي، على عكس ما حصل في الصحافة العربية والدولية التي ابرزته. وردّ وزير التربية والتعليم الإسرائيلي يوآف غالانت المحسوب على حزب الليكود اليميني بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، على نشر التقرير بإعلان منع ممثلي المنظمة من إعطاء محاضرات لطلاب المدارس الثانوية. وتقوم المنظمة إلى جانب مؤسسات أخرى في المجتمع المدني في إسرائيل، بإلقاء مثل هذه المحاضرات في المدارس.
لكن المدرسة العبرية المرموقة "ريآلي"، ومقرها حيفا، تحدّت قرار الوزير، وأبقت على محاضرة كانت مقررة مع مدير بتسيلم في اليوم التالي شارك فيها نحو 300 طالب في عامهم التعليمي الأخير، وحصلت عبر تطبيق "زوم". وبحسب إلعاد، سأله طالب خلال المحاضرة عمّا إذا كانت بتسيلم متطرفة، فاجابه أن "هذه التصريحات ليست متطرفة، بل واقع قمع الفصل العنصري متطرف". ويقول مدير المنظمة إن إقرار إسرائيل في العام 2018 قانون القومية الذي يعتبر أن إسرائيل هي "الوطن القومي للشعب اليهودي"، والذي ألغى اللغة العربية كلغة رسمية في إسرائيل، كان بين العوامل التي دفعت المنظمة لاتخاذ موقفها هذا. بحسب فرانس برس.
ولاقت الخطوة الإسرائيلية حينها انتقادات عدة، ووُصفت بأنها تجعل من العرب قانونا مواطنين أقل درجة. ومن الأسباب الأخرى التي أملت هذا الموقف، الخطة الأميركية للسلام التي أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لضم مساحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة. وقالت إسرائيل إنها علقت تنفيذ عملية الضم بعد توصلها الى اتفاق تطبيع مع الإمارات في آب/أغسطس الماضي. ويقول إلعاد "تم تجاوز الحدود".
تجاوزات مستمرة
في السياق ذاته اعتقلت إسرائيل 3 مرشحين للانتخابات الفلسطينية في القدس بعدما منعت عقد مؤتمر صحافي خاص بالانتخابات، في خطوة قال الفلسطينيون إنها تستهدف القدس والديمقراطية الفلسطينية، ومؤشر واضح على نية إسرائيل منع الانتخابات في القدس. وحاصرت المخابرات الإسرائيلية وقوات خاصة فندق «السانت جورج» حيث كان يفترض عقد مؤتمر للمرشحين حول الانتخابات واعتقلت أحد المرشحين، قبل أن تنتقل الجموع إلى شارع صلاح الدين فيما يشبه مظاهرة صغيرة اقتحمتها القوات الإسرائيلية لاحقا واعتقلت منها مرشحين اثنين آخرين.
وقالت الوكالة الرسمية الفلسطينية إن السلطات الإسرائيلية سلمت إدارة الفندق قرارا يحظر عليه إقامة أي نشاطات فلسطينية رسمية. وتمنع إسرائيل أي نشاط فلسطيني رسمي في القدس باعتبارها «عاصمة إسرائيل» ويحظر فيها ممارسة أي نوع من السيادة الفلسطينية. ودانت حركة «فتح» اعتقال مرشحي الحركة عن مدينة القدس في انتخابات المجلس التشريعي أشرف الأعور وناصر قوس، إضافة إلى رتيبة النتشة عن قائمة اليسار الموحد، ومنعهم من عقد مؤتمر صحافي لمرشحي الفصائل الوطنية في القدس.
وقال عضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، متحدثها الرسمي أسامة القواسمي، إن ما تقوم به إسرائيل في القدس يعبر عن سياسة عنصرية فاشية واضطهاد، وسلب حقوق شعبنا الفلسطيني بقوة السلاح في عاصمتهم القدس. وشدد على موقف حركته بأن القدس جوهر الصراع، وهي عاصمتنا السياسية، وقبلة المسلمين الأولى، واليها تشد الرحال، ومن أجلها نضحي بالغالي والنفيس.
اسرائيل والمحكمة الدولية
من جانب اخر قال مسؤول فلسطيني، إن السلطات الإسرائيلية صادرت بطاقة عبور كبار الشخصيات «في آي بي» من وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، لدى عودته إلى الضفة الغربية قادماً من لاهاي بعد اجتماع في المحكمة الجنائية الدولية. وقال أحمد الديك المسؤول بمكتب المالكي إن الخطوة الإسرائيلية تتعلق باجتماع المالكي مع فاتو بنسودا كبير ممثلي الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية بمكتبها في لاهاي.
ونقل موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمهم قولهم إن زيارة المالكي هي السبب في إلغاء بطاقة «في آي بي»، وهي بطاقة تمنحها إسرائيل لتمكين عشرات المسؤولين الفلسطينيين من التحرك بحرية من خلال المعابر الحدودية. ولم يردّ متحدثون من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزارة الخارجية الإسرائيلية على طلبات للتعليق. وقال الديك: «وزير خارجية دولة فلسطين هو لا يمثل نفسه وإنما يمثل دولة فلسطين، ونعتبر ذلك اعتداء على دولة فلسطين».
وأضاف أن الشرطة الإسرائيلية احتجزت مساعدي المالكي لنحو 90 دقيقة عند المعبر الحدودي الذي تديره إسرائيل بين الأردن والضفة الغربية. وقال الديك: «على الجسر تم إلغاء التنسيق (تبعه) وسحبوا (في آي بي) وأخروه (نص) ساعة وأخضعوا فريق العمل المرافق له إلى التحقيق لمدة تزيد على الساعة والنصف من قبل المخابرات الإسرائيلية». وأوضح الديك أن الوزير غادر المعبر دون البطاقة. ولم يتضح متى سيستردها. وكانت بنسودا ذكرت في وقت سابق من مارس (آذار) أنها ستفتح تحقيقاً رسمياً في مزاعم جرائم حرب بالأراضي الفلسطينية، وذلك في إعلان رحبت به السلطة الفلسطينية ونددت به إسرائيل. وكان مدعون بالمحكمة الجنائية الدولية قد قالوا، إنهم أرسلوا إخطارات لإسرائيل وللفلسطينيين تفيد بفتح تحقيق في جرائم حرب وذلك في إجراء يترك للطرفين شهراً واحداً لطلب التأجيل. وذكر مكتب المالكي أنه التقى بمدعية المحكمة الجنائية لحثها على تسريع التحقيقات.
من جانب اخر أعلنت إسرائيل رسميا عدم الاعتراف بسلطة المحكمة الجنائية الدولية التي تعتزم التحقيق في جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية، وقالت إنها "لن تتعاون مع المحكمة الدولية التي لا تمتلك أي صلاحية لفتح تحقيق ضدها". وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تل أبيب سترسل كتابا للمحكمة يوضح "بأنها تتصرف بلا صلاحية".
وفي وقت سابق قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن نتنياهو عقد اجتماعا مع وزير الدفاع بيني غانتس، والمدعي العام أفيخاي ماندلبليت، حول تحقيق الجنائية. وذكرت الصحيفة أنه في نهاية الاجتماع تقرر أن توضح إسرائيل للمدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، أنه ليس لديها سلطة فتح تحقيق ضد إسرائيل، وأنها سترفض التعاون بهذا الشأن. ووصف نتنياهو تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بأنه "عبث"، وقال إن "المحكمة تحولت من كيان يحمي حقوق الإنسان إلى كيان يحمي من يدوسون على حقوق الإنسان".
وتلقت إسرائيل رسالة من المحكمة الجنائية الدولية، توضح بالتفصيل، نطاق تحقيقها الذي قررت أن تطلقه بشأن الحالة في فلسطين. وأمهلت المحكمة إسرائيل 30 يوما للرد على رسالتها، حيث رحبت السلطة الفلسطينية بالقرار، بينما أدانته تل أبيب بشدة وطلبت إلغاءه. وستحقق المحكمة بشبهة ارتكاب مسؤولين إسرائيليين جرائم حرب، وأخرى ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ عرضت رسالة المحكمة بإيجاز المجالات الثلاثة الرئيسية التي تنوي تغطيتها، وهي الحرب على غزة عام 2014، وسياسة الاستيطان، واحتجاجات مسيرة العودة الكبرى (عام 2018) في غزة. وأعلنت إسرائيل مرارا -وهي ليست دولة عضو في المحكمة- أنها تعارض أي صلاحية للمحكمة بالتحقيق في الحالة بفلسطين. بحسب رويترز.
وفي السياق، أدان بشدة المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان القرار الإسرائيلي، وقال -في بيان له- إنه "ناجم عن إدراك السلطات هناك باقتراف جيشها انتهاكات قد ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؛ الأمر الذي يفسر محاولاتها بعدم التعاون مع أية تحقيقات دولية؛ بهدف تجنب المساءلة".
اضف تعليق