مع دخول الأزمة السورية عامها الخامس، لا تزال معاناة اللاجئين السوريين محط اهتمام المنظمات الانسانية والحقوقية التي حذرت من تفاقم معاناة اللاجئين بسبب فشل المجتمع الدولي الذي عجز عن الوفاء بالتزاماته القانونية الانسانية، يضاف الى ذلك القوانين والقرارات المتشددة التي تتخذها بعض الدول بخصوص قبول طلبات اللجوء وغيرها من المشكلات الاخرى، حيث اكدت الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، أن أكثر من 12.2 مليون نازح في سوريا هم في أشد الحاجة لمساعدات الإغاثة المنقذة للحياة، بينما فر 3.9 مليون لاجئ عبر الحدود بحثا عن الأمن. من جانب آخر حذرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة من المنعطف الخطير الذي تتخذه الأزمة السورية لأن حوالي مليوني لاجئ سوري تقل أعمارهم عن 18 عاما يمكن أن يصبحوا جيلا ضائعًا، وكانت المفوضية حذرت فيما قبل من خطورة الظروف التي يعيشها ملايين اللاجئين السوريين، خاصة مع تزايد احتياجاتهم الإنسانية وتراجع الدعم الدولي.
تواصل التجاهل العالمي
وفي هذا الشأن فقد انتقدت منظمة العفو الدولية ما قالت إنها استجابة عالمية "محزنة" لمحنة اللاجئين السوريين وحثت الدول المجاورة التي تكافح للتعامل مع تدفق اللاجئين إلى رفع الإجراءات "المقلقة للغاية" التي اتخذتها لمنع دخول اللاجئين. وقالت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان إن اخفاق المجتمع الدولي في توفير التمويل الكافي للاحتياجات الإنسانية للاجئين أو في دعم الدول المضيفة لهم من خلال سياسات إعادة التوطين ترك جيران سوريا غير قادرين على التعامل مع "التأثير المدمر".
وفي تقرير بعنوان "أزمة اللجوء العالمية: مؤامرة قوامها الإهمال" قالت العفو الدولية إن لبنان والأردن وتركيا بعدما استقبلوا أكثر من أربعة ملايين سوري منذ بدء الصراع في 2011 يغلقون حدودهم الآن. وقال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية سليل شيتي في مؤتمر صحفي "تفرض جميع البلدان المضيفة الرئيسية قيودا صارمة على دخول الأشخاص الفارين من الصراع - في كثير من الحالات انهت هذه القيود تقريبا قدرة السوريين اليائسين على الهروب من الأزمة الحالية." وأضاف شيتي أن هذه الدول اعتمدت "إجراءات مثيرة للقلق العميق إذ تمنع الأشخاص اليائسين من دخول أراضيها مما يعيد الناس إلى الصراع."
ويقول لبنان والأردن وتركيا إن اللاجئين أثقلوا بشدة كاهل الاقتصاد في حين لا يدفع المجتمع الدولي سوى القليل من التكاليف. ودعت منظمة العفو الدولية الدول المضيفة إلى تخفيف القواعد قائلة إنه يجب إعفاء اللاجئين من التأشيرات قبل الدخول أو شروط الإقامة. وقال شيتي إن اللاجئين السوريين الذين يواجهون انخفاض المساعدات دون أمل في العودة إلى ديارهم في المستقبل القريب سيواصلون على الأرجح محاولة عبور البحر المتوسط وهو الطريق البحري الأكثر خطورة للاجئين للوصول إلى أوروبا.
ودعت منظمة العفو الدولية الدول المضيفة وكذلك جيران سوريا إلى إنهاء الترحيل القسري للسوريين وانتقدت الحالات التي رفض فيها مسؤولو الحدود دخول اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل. وقالت المنظمة إنه في لبنان الذي يستضيف 1.2 مليون لاجئ دفعت ضغوط استضافة اللاجئين نظام الحماية إلى وضع حرج. بحسب رويترز.
وأدى التقييد الحاد لدخول الفارين من سوريا منذ بداية هذا العام إلى انخفاض شديد في عدد اللاجئين في لبنان في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015 إذ تراجع عدد اللاجئين الذين سجلتهم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بنسبة 80 بالمئة مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي. وفي الأردن الذي يستضيف حوالي 627 ألفا و287 لاجئا أغلقت المملكة بشكل فعال الباب أمام معظم السوريين الذين يطلبون اللجوء في انتهاك للالتزامات الدولية بالإبقاء على حدودها مفتوحة أمام اللاجئين الفارين.
تركيا
الى جانب ذلك عززت القوات الكردية سيطرتها حول مدينة تل ابيض السورية الحدودية مع تركيا حيث ما يزال الاف اللاجئين عالقين. وتمكنت قوات الحماية الكردية وضربات التحالف الدولي الجوية من الوصول الى مدينة تل ابيض الاستراتيجية والتي يستخدمها التنظيم معبرا لمقاتليه. ونزح الاف السكان الاكراد والعرب من هذه المدينة هربا من اعمال العنف املين بالحصول على لجوء في تركيا.
لكن اللاجئين ما يزالون عالقين وينتظرون امام السياج الشائك فيما تمنع الشرطة التركية اللاجئين من الاقتراب مستخدمة خراطيم المياه والطلقات التحذيرية لمنعهم من دخول الاراضي التركية. واعلن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش ان بلاده ستواجه هذا التوافد الجديد باغلاق حدودها في بعض المناطق بصورة مؤقتة.
وصرح بعد زيارة الى معبر اقجه قلعة التركي (تل ابيض بالعربية - جنوب شرق) ان "تركيا لن تجيز دخول المزيد من الافراد من سوريا الى اراضيها، باستثناء الحالات الانسانية" على ما نقلت وسائل الاعلام المحلية. واعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان بلاده استقبلت حوالى 15 الفا منهم قبل اغلاق الحدود. وتعتبر تركيا مع حلفائها الغربيين حزب العمال الكردستاني "ارهابيا". كذلك تتهم انقرة حزب الاتحاد الديموقراطي بانه الجناح السوري التابع لحزب العمال الكردستاني. بحسب فرانس برس.
وعلى الجهة الغربية الشمالية من المنطقة الحدودية، نصبت نحو 35 خيمة لايواء العائلات النازحة بالقرب من مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) والتي خرج منها التنظيم في كانون الثاني/يناير، بحسب الناشط الكردي مصطفى عبدي. وناشد الناطق الرسمى باسم وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا ريدور خليل المدنيين بعد النزوح نحو الحدود التركية ولكن باتجاه المدن داخل سوريا.
الولايات المتحدة وبريطانيا
الى جانب ذلك وفي الوقت الذي بات فيه المهاجرون من سوريا يتصدرون قوائم اللاجئين في العالم تزداد الانتقادات الموجهة للولايات المتحدة من قبل منظمات الإغاثة وبعض أعضاء الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس باراك أوباما لعدم استقبالها إلا أعدادا محدودة منهم. فمنذ أكتوبر تشرين الأول الماضي لم تسمح الولايات المتحدة بدخول إلا عدد يقل عن 800 لاجئ سوري وهو ما يمثل النذر اليسير من الملايين الأربعة الذين نزحوا فرارا من أتون الحرب وفقا لبيانات وزارة الخارجية.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن العدد الإجمالي الذي قبلته الولايات المتحدة في الشهور الثمانية الماضية أكبر بكثير مما كان عليه في السنوات السابقة منذ تفجرت الأزمة السورية عام 2011. وفي عام 2014 بأكمله لم يسمح إلا بدخول 249 لاجئا سوريا فقط. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن الفحوص الأمنية المطولة والشاملة تطيل فترة البت في طلبات اللجوء لما بين 18 شهرا وعامين.
وانضمت السناتور دايان فاينستاين الديمقراطية البارزة بلجنة المخابرات التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي إلى 14 عضوا آخر بالمجلس وقعوا على خطاب موجه إلى أوباما يطالب بالسماح بدخول عدد أكبر من اللاجئين. وقال ديفيد ميليباند رئيس لجنة الإنقاذ الدولية إن دول الجوار مثل تركيا ولبنان والأردن تتحمل 99 في المئة من عبء اللاجئين السوريين وإن كانت تتلقى دعما من الولايات المتحدة ومصادر تمويل أخرى. بحسب فرانس برس.
وأضاف "نحن على ثقة بإمكانية إجراء الفحوص اللازمة على نحو أسرع بكثير للحد من معاناة اللاجئين العالقين في المقام الأول ولإبداء التضامن الذي تحتاجه دول الجوار في المقام الثاني." وقال لاري يونك كبير مسؤولي إعادة التوطين بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين إن من المتوقع ارتفاع عدد من ستستقبلهم الولايات المتحدة في النصف الثاني من العام. وستستمر الاحتياطات الأمنية القوية بما في ذلك فحص الهويات الذي يستغرق في العادة وقتا طويلا. وأبدى الجمهوري مايكل مكول رئيس لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب الأمريكي قلقه من السماح بدخول مزيد من السوريين. وكتب في رسالة إلى أوباما "هناك خطر حقيقي في أن يحاول أفراد مرتبطون بجماعات إرهابية استغلال برنامج إعادة التوطين لدخول بلدنا."
على صعيد متصل قال مصدر بالحكومة ان بريطانيا ستستقبل "عدة مئات إضافية" من اللاجئين السوريين الاكثر عرضة للخطر بعد ان صرح رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بأن لندن تتوسع في برنامج لإعادة توطين اللاجئين من البلد الذي يمزقه الصراع. ووافقت بريطانيا في السابق على استقبال ما يصل الى 500 لاجيء سوري ممن يوصفون بأنهم الأكثر عرضة للخطر ويشمل ذلك النساء والأطفال في إطار برنامج مدته ثلاث سنوات بالتعاون مع مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين.
وأعلن كاميرون انه سيقوم بتوسعة "محدودة" لبرنامج اعادة توطين اللاجئين الذين لا يمكن توفير الحماية الكافية لهم في الدول المجاورة لسوريا. وقال مصدر حكومي "على مدى العامين القادمين من البرنامج سنبحث استقبال عدد يتجاوز ما كان مخططا في البداية ببضع مئات." وبدأ برنامج اعادة التوطين العام الماضي ولم يقبل سوى 187 شخصا حتى الآن. وكان يهدف في الاصل الى قبول ما يصل الى 500 شخص على مدار ثلاث سنوات. ومن المرجح أن يزيد هذا الرقم الان الى نحو 800 شخص.
السويد
من جهة اخرى ومنذ ان فتحت ابوابها للسوريين الهاربين من الحرب في سوريا، استقبلت السويد رقما قياسيا من اللاجئين وبات عدد صغير انما متزايد منهم يحصل على وظائف في سوق العمل المحلية. فبعد عامين يتولى رامي صباغ البالغ ال31 الذي فر من سوريا، رئاسة اجتماع في احدى قاعات مقر شركة سبوتيفاي لخدمة الموسيقى الرقمية في ستوكهولم. وقد وظفته الشركة العملاقة في بعد فترة اختبار من اربعة اشهر.
وصرح مستذكرا كيف ان حياته انقلبت رأسا على عقب جراء الحرب التي اندلعت في بلاده في 2011 "قبل اربع سنوات لم اكن اتصور ابدا ان انتقل للعيش في السويد". واضاف "كنت اتقدم بسرعة في وظيفتي وحصلت على ترقية في المصرف الذي كنت اعمل فيه وكان لدي شقتي وسيارتي وعائلتي. كان لدي حياتي". واوضح "لكن هناك ظروفا ترغمك على المضي قدما وعلى ترك كل شيء وبدء حياة جديدة".
وعندما وصل الى مدينة مالمو في جنوب السويد في كانون الاول/ديسمبر 2012 نقلته سلطات الهجرة الى بلدة تبعد 1200 كلم الى الشمال حيث انتظر الحصول على ترخيص اقامة وسط ملل وترقب للانتقال الى المدينة. وبعد حصوله على الاوراق اللازمة استخدم معارف الاسرة لايجار غرفة في ستوكهولم وتعلم السويدية لسنة اثناء قيامه بوظائف بسيطة وتقديمه طلبات لوظائف في شركات ناطقة بالانكليزية قبل ان يلتحق ببرنامج لخريجي الجامعات تموله الدولة وضعه في شركة سبوتيفاي.
وفي ايلول/سبتمبر 2013 فتحت السويد ابوابها للسوريين ومنحتهم تراخيص اقامة تلقائيا ورفعت عدد طلبات اللجوء الى مستويات قياسية يعد الاعلى في دول الاتحاد الاوروبي وفقا لمكتب يوروستات. ومذذاك وصل الى السويد اكثر من 40 الف سوري -- بمن فيهم 30 الفا من اللاجئين ال80 الفا الذين اتوا العام الماضي -- وسط قلق متنام من عدم توفر مساكن كافية ومن الطوابير الطويلة امام مكاتب التوظيف. ونسبة البطالة بين المقيمين غير السويديين يزيد الضعف تقريبا عن المعدل الوطني المقدر ب7,8% وثلاثة اضعاف للاجئين من افريقيا والشرق الاوسط، ما ساهم في دعم اليمين المتطرف المناهض للهجرة في بلد ذاع صيته بانه الاكثر ليبرالية في اوروبا من ناحية استقبال طالبي اللجوء.
وغالبية اللاجئين الجدد تفتقر الى التعليم العالي وبالتالي يجدون صعوبة في الحصول على وظائف اضافة الى حاجز اللغة وقلة الوظائف لأصحاب المهارات المحدودة في اقتصاد يتميز بتكنولوجيته الحديثة. كل هذه العوامل جعلت عملية اندماج المهاجرين في المجتمع صعبة. لكن هذه الصورة ستتغير اذ ان اللاجئين السوريين يأتون الان بكفاءات عالية. وقال يوهان نيلاندر المسؤول عن عملية دمج اللاجئين في مكتب التوظيف السويدي العام "منذ بدء الازمة في سوريا لاحظنا ارتفاعا مستمرا في مستوى التعليم للاشخاص في برامج الدمج".
ففي 2014 كان ربع عدد اللاجئين من اصحاب التعليم العالي بزيادة نسبتها 5% مقارنة بالعام 2014. وكان لدى اكثر من ثلثي اللاجئين مهارات تتناسب مع الوظائف المخصصة لحملة الشهادات. وقال نيلاندر "من السهل مواجهة المشاكل والتحديات لكن هذا الامر يشكل ايضا فرصة مهمة للسويد" مضيفا ان البلاد تعتمد على الموظفين الاجانب لسد حاجاتها في سوق العمل جراء نسبة المسنين بين السكان.
وكلف اصلاح حكومي اجري في 2010 مكتبه مهمة دمج اللاجئين الجدد التي كانت تتولاها سابقا البلديات المحلية. ويكمن تعديل اساسي الان في ان يبدأ الوافدون الجدد برامج التوظيف مع متابعة حصص تعلم السويدية التي تمولها الدولة في آن، بدلا من الانتظار لسنوات لتعلم اللغة اولا. لكن بغض النظر عن المهارات، يشكل عدم توفر مساكن عقبة رئيسية للوافدين الجدد.
ولا يزال اكثر من 10 الاف شخص في مراكز اللاجئين بعد اشهر على حصولهم على تراخيص الاقامة. ويبقى المئات منهم مع اقارب واصدقاء في مساكن ضيقة ومكتظة. وقال نيلاندر "هناك عدد متزايد من الاشخاص ينتظر ايجاد مكان للسكن وفي الاثناء تكون عملية الدمج مجمدة... كل شيء يشير الى ان فترات الانتظار الطويلة من شأنها التأثير على فرص ايجاد وظيفة مستقبلا".
ويقيم جورج زيدان (45 عاما) الصيدلاني من حماة في وسط سوريا المحافظة التي نفذ فيها تنظيم داعش عمليات قتل وحشية في نهاية اذار مارس مع اصدقاء في احدى ضواحي ستوكهولم مع زوجته واولاده الثلاثة الصغار. و دفع لمهربين مبلغ 25 الف دولار (23 الف يورو) لينتقل في زورق من تركيا الى اليونان حيث استقل الطائرة الى السويد. والان يعمل مساعدا في صيدلية محلية في اطار برنامج ممول حكوميا بانتظار التصديق على شهادته. بحسب فرانس برس.
وقال "لقد كان لدي صيدليتي ل10 سنوات وقبل مغادرتنا سوريا لم يكن بوسعي العمل اطلاقا. حاصر الارهابيون بلدتنا وتساقطت القنابل في الشوارع وعندما كنت اتوجه الى المدينة للتبضع لم اكن اعرف ما قد يحصل". واضاف بابتسامة حزينة "اني سعيد جدا للعودة لما اعرفه ... لتجديد معرفتي". وشكا الاتحاد السويدي للصيادلة للحكومة بان عملية المصادقة على شهادات 200 الى 400 صيدلاني سوري تتأخر كثيرا وانه بحاجة ماسة اليهم ليحلوا مكان ربع عدد الصيادلية الذين سيتقاعدون قريبا. وقال زيدان "هناك فرص عمل هنا. اعلم انه في وسعي العمل وان اعيش حياة كريمة". واضاف "كل شيء سيكون على ما يرام اذا وجدنا مسكنا. نحتاج الى الاستقرار للتركيز على العمل وتعلم السويدية".
تحت رحمة المهربين
في السياق ذاته يتيعن على اللاجىء السوري ان يدفع ما بين 1500 وخمسة الاف يورو للحصول على جواز سفر مزور، وما بين 800 والف يورو للوصول الى تركيا على متن زورق. لكن اللاجئين السوريين مستعدون لاي شيء لمغادرة قبرص. وكانوا دفعوا حتى 6500 يورو ليتكدسوا في سفينة تنقلهم الى ايطاليا على ان يغادروها كما كانوا يأملون الى هولندا والمانيا او السويد. لكن القارب الصغير الذي انطلق من تركيا ترك في وسط البحر قبالة سواحل قبرص اواخر ايلول/سبتمبر الماضي.
ونقل 345 لاجئا انقذتهم سفينة سياحية الى مخيم في كوكينوتريميثيا القريب من نيقوسيا. واخذت السلطات القبرصية على عاتقها طوال اشهر تنظيم الامن وتوزيع المواد الغذائية والعناية الطبية فيه، لكن الدفاع المدني والاطباء غادروه. لكن ايا من سورين الذين ما زالوا في المخيم، لم يعد يرغب في تمضية مزيد من الوقت في الجزيرة. وقالت اللاجئة سلوى (وهو اسم مستعار) "لا تتوافر هنا الخدمات المتوافرة للاجئين في البلدان الاوروبية الاخرى" كالتعليم والسكن. وقد تركت سلوى المتزوجة والأم لثلاثة اطفال ابنيها في سوريا وهربت مع ابنتها. واضافت "لا استطيع استقدام ابني، لذلك يتعذر علي الاقامة هنا". ولا يضمن القانون القبرصي لم الشمل العائلي إلا للاشخاص الحاصلين على وضع لاجىء. لذلك لم يحصل اي سوري في 2013 على هذا الوضع، باستثناء شخص واحد، كما يقول المجلس الاوروبي للاجئين والمنفيين.
وتستفيد الاكثرية الساحقة من اللاجئين من وضع يسمى "الحماية الثانوية" التي تقلص كثيرا الحقوق في استقدام العائلة، بحسب المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين. لذلك، فان القسم الاكبر من الايام في كوكينوتريميثيا يخصص لتنظيم عملية المغادرة. وقالت سلوى "قمنا بجولة على كل السفارات حتى نتمكن من المغادرة بطريقة قانونية"، لكن مساعينا باءت بالفشل.
وتفيد احصاءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ان 4% فقط من حوالى ثلاثة ملايين سوري هربوا من الحرب، لجأوا الى بلدان اوروبية. ويتضح مما يقوله اللاجئون لألكسندرا فرنييه من الصليب الاحمر، ان المهربين الذين يستفيدون من غياب الشرطة للاشراف على المخيم، يأتون يوميا ويختلطون باللاجئين. وخلصت سلوى الى القول "دفعنا في البداية ملايين (الليرات السورية) للذهاب الى تركيا ومنها الى بلد اوروبي. والان، يستغل اشخاص ضعفنا لابتزاز مزيد من المال من خلال اغداق الوعود بنقلنا الى بلد آخر. نحن يائسون".
وقام كثيرون في المخيم حتى الان بأكثر من محاولة للمغادرة. فقد اشترى بسام، وهو استاذ في الخامسة والعشرين من عمره، بخمسة الاف يورو جواز سفر مزورا من مهرب في "جمهورية شمال قبرص التركية"، الشطر الذي تحتله تركيا من الجزيرة منذ 1974. لكنه اعتقل قبل ان يتمكن من الفرار. ووصلت سلمى (اسم مستعار) التي تبلغ الثامنة عشرة من العمر، الى قبرص مع والدتها وشقيقها الطالب في الهندسة وشقيقتها الطبيبة. وتعاني الوالدة من السرطان. وبعد اسابيع تحت الخيمة، قرروا القيام بمحاولة للمغادرة بجوازات سفر اوروبية مزورة دفعوا ثمن الواحد منها 1500 يورو. بحسب فرانس برس.
وتمكنوا من مغادرة الجزيرة والهبوط في اسطنبول. لكن الشرطة التركية اعتقلتهم بينما كانوا يستقلون الطائرة متوجهين الى الدنمارك. فعادوا الى قبرص وعادوا الى المخيم. وحاول عبد اللطيف حظه ايضا. وقال "لدى وصولي الى مرسين في تركيا، قررت على الفور ركوب سفينة والسفر الى اوروبا". تجول في شوارع نيقوسيا بحثا عن مهرب. وسرعان ما عثر على واحد وتفاوض معه على الشروط واجتاز خلال الليل الخط الذي يفصل قبرص اليونانية عن قبرص التركية. لكنه اعتقل ايضا واعيد الى المخيم. وتمكن خمسة عشر لاجئا من المغادرة، كما يقول ساكنو الخيم. فقد دفع كل واحد منهم الف يورو للوصول الى تركيا، كما قالت سلمى التي يستبد بها التعب والغضب. وقالت "بصراحة، ما كنا نعتقد ان البلدان الاوروبية ستعاملنا بهذه الطريقة ... فلماذا انقذونا اذا كانوا يريدون ان نموت هنا؟".
اضف تعليق