q
مع استمرار تفشي فيروس كورونا في انحاء دول العالم، ازدادت معاناة المهاجرين غير الشرعيين بسبب الاجراءات والقرارات المتشددة التي اتخذتها العديد من الحكومات منعا لانتشار العدوى، يضاف الى ذلك المشكلات والازمات المالية والاقتصادية التي ستؤثر وبحسب بعض الخبراء سلباً على تقديم المساعدات الحيوية للملايين من اللاجئين والمهاجرين...

مع استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد في الكثير من دول العالم، ازدادت معاناة المهاجرين غير الشرعيين بسبب الاجراءات والقرارات المتشددة التي اتخذتها العديد من الحكومات منعا لانتشار العدوى، يضاف الى ذلك المشكلات والازمات المالية والاقتصادية التي ستؤثر وبحسب بعض الخبراء سلباً على تقديم المساعدات الحيوية للملايين من اللاجئين والمهاجرين، خصوصاً وإنهم يعيشون اساساً في ظروف صحية سيئة داخل مخيمات مزدحمة ومكتظة وهو ما قد يسهم بتفشي وانتشار الفيروس بينهم.

ووفقا للأمم المتحدة، أجبر 70 مليون شخص حول العالم على الهرب من منازلهم بسبب الصراعات والاضطهاد والعنف وانتهاكات حقوقهم الإنسانية. ويشكل اللاجئون من هؤلاء نحو 20 مليونا. ويحتاج نحو 1,4 مليون شخص أن يتم إعادة توطينه في دول جديدة، إلا أنه لم تتم إعادة توطين سوى 55 ألفا خلال العام الماضي. وفي ظل تفاقم ازمة كورونا يوجد عشرات الآلاف من المهاجرين العالقين على الحدود البرية بين تركيا واليونان وهو ما اثار قلق ومخاف الكثير من المنظمات والمؤسسات الحقوقية التي طالبت بإيجاد حلول سريعة لإنقاذ ارواح الالاف من المهاجرين والنازحين.

وأعلنت المفوضية الأوروبية في وقت سابق، أن خمس دول من الاتحاد الأوروبي وافقت على استقبال عدد محدد من الأطفال المهاجرين العالقين في اليونان، في وقتٍ يستمر فيه التوتر على الحدود اليونانية التركية. والدول الأوروبية المذكورة هي فنلندا، وفرنسا، وألمانيا، ولوكسمبورغ، والبرتغال. ولم يتم الإعلان عن العدد الذي ستستقبله كل دولة، في حين ذكرت وسائل إعلام ألمانية أن العدد الإجمالي يصل إلى 1500 طفل، شريطة أن يكون الأطفال وحدهم، غير مصحوبين بولي أمر، أو في وضع صحي سيء للغاية. ومعظم العالقين على الحدود اليونانية سوريون فارون من الحرب في بلادهم، لكن يوجد بينهم أيضا أفغان وباكستانيون، وآخرون من غرب أفريقيا، وجميعهم يسعون للوصول إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي ليتمكنوا من بناء حياة جديدة.

اليونان

وفي هذا الشأن قالت وزارة الهجرة اليونانية إن السلطات فرضت الحجر الصحي على منشأة ثانية للمهاجرين بالبر الرئيسي بعدما أثبتت الفحوص إصابة رجل عمره 53 عاما بفيروس كورونا المستجد. ويعيش الرجل الأفغاني المصاب مع أسرته في مخيم مالاكاسا مع مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الآخرين. وتم نقله إلى مستشفى في أثينا. وسيستمر إجراء الفحوص لمخالطيه فيما تسعى وكالة الصحة العامة إلى رصد مسار الفيروس.

وفرضت السلطات الحجر الصحي على مخيم ريتسونا في وسط اليونان بعدما أثبتت الفحوص إصابة 20 من طالبي اللجوء بفيروس كورونا. وكان هذا المخيم أول منشأة من نوعها في اليونان تشهد تفشيا للفيروس منذ بدء انتشاره. وكانت اليونان البوابة الرئيسية للاتحاد الأوروبي بالنسبة لأكثر من مليون شخص فروا من الصراعات في عامي 2015 و2016. ويعيش حاليا ما يربو على 110 آلاف شخص في منشآت للمهاجرين في مختلف أنحاء البلاد، 40 ألفا منهم في مخيمات مكتظة علي خمس جزر.

وقال وزير الهجرة نوتيس ميتاراتشي لقناة سكاي تي.في ”عدد (المهاجرين واللاجئين) كبير جدا، بالتالي من المسلم به، حسابيا، أنه ستكون هناك حالات مؤكدة“. وأضاف ”لدينا خطة طوارئ جاهزة... لكن تنفيذها على الجزر أصعب بكثير“. ولم تُسجل حالات في المخيمات بالجزر حتى الآن. وتريد الحكومة المحافظة استبدال جميع المخيمات المقامة على جزر بمراكز احتجاز، لكن خططها واجهت مقاومة من السلطات المحلية وسكان يريدون إغلاق جميع هذه المنشآت.

وحثت منظمات الإغاثة الحكومة على نقل اللاجئين، محذرة من أن خطر انتشار الفيروس بين أشخاص يعيشون في ظروف مزرية مرتفع وأن احتواء تفشي المرض في مثل هذه الأماكن سيكون ”مستحيلا“. وقالت الوزارة إن المخيم في مالاكاسا، التي تبعد 40 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من أثينا، سيوضع في الحجر الصحي لمدة أسبوعين. وأضافت أنها ستعزز قوات الشرطة التي تحرس الموقع لضمان تنفيذ القيود. وقالت الوزارة إن منشأة مغلقة منفصلة بدأت العمل الشهر الماضي لاستقبال المهاجرين الذين وصلوا بعد أول مارس آذار. بحسب رويترز.

وسجلت اليونان أول إصابة بفيروس كورونا في نهاية فبراير شباط. وفرضت إغلاقا شاملا على مستوى البلاد وحظرت دخول المسافرين من دول خارج الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا. وستؤثر هذه الإجراءات على اقتصادها الذي يعتمد على السياحة للتعافي بعد أزمة ديون دامت لعشر سنوات.

ودعا نواب أوروبيون الحكومة اليونانية إلى "إجلاء المهاجرين الأكثر ضعفاً من المخيمات اليونانية" محذّرين من "خطر وقوع الكثير من الوفيات". وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أدالبرت يانز إن الاتحاد الأوروبي يساعد اليونان في إعداد "خطة طوارئ" لمواجهة تفشي الوباء في مخيمات المهاجرين. وحذّر رئيس اللجنة البرلمانية الأوروبية للحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية خوان فرناندو لوبيز أغيلار من أن "ليس هناك أي احتمال للتباعد الاجتماعي" و"المعدات الطبية اللازمة غير متوفرة".

ودعت حوالى عشرين منظمة غير حكومية من بينها هيومن رايتس ووتش الحكومة إلى "العمل فوراً على تقليص" عدد المقيمين في المخيمات لمنع حصول "أزمة صحية وسط انتشار وباء كورونا المستجدّ". واعتبرت المنظمات أن "آلاف الأشخاص بينهم مسنّون وآخرون يعانون من أمراض مزمنة وأطفال صغار جداً ونساء حوامل ومعوّقون وقصَّر بمفردهم محاصرون في ظروف مزرية وسط تفشي وباء كوفيد-19".

امريكا

الى جانب ذلك أغلقت الولايات المتحدة حدودها مع المكسيك أمام جميع حركات المرور باستثناء الضرورية قال مسؤولون إن الولايات المتحدة رحّلت أكثر من 6300 مهاجر غير مسجل على حدودها مع المكسيك في إطار قرار طوارئ للصحة العامة لكبح انتشار فيروس كورونا. ويسمح القرار الذي صدر في 21 مارس / آذار للسلطات بتجاوز قوانين الهجرة والتعجيل بإجراءات الترحيل. ويقول المنتقدون إن القرار يعد امتدادا لسياسات الهجرة الصارمة التي تتبعها إدارة ترامب.

في هذه الأثناء، أدت القيود الصارمة على السفر إلى انخفاض عدد حالات عبور المهاجرين بصورة غير شرعية. ويمنع مرسوم طوارئ الصحة العامة الذي أصدره مركز الولايات المتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) دخول الأجانب ممن ينظر إليهم باعتبارهم "خطراً " قد يؤدي إلى انتشار المرض المعدي. وقال مدير "سي دي أس" إن الإجراء الذي يستمر ثلاثين يوما، كان ضرورياً للحد من انتشار هذا المرض في الأماكن المكتظة مثل مراكز حرس الحدود أو منافذ الدخول. ولدى الولايات المتحدة أعلى رقم للإصابات المسجلة بفيروس كورونا.

ومنذ دخول القرار حيز التنفيذ، شهدت حالات اعتقال المهاجرين غير الشرعيين انخفاضا بنسبة 50 بالمئة، بحسب مفوض هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية بالوكالة مارك مورغان. ويخضغ أقل من مئة شخص للاحتجاز لدى الوكالة في انخفاض بلغت نسبته 97 في المئة. وأضاف مورغان أن نحو 80 % ممن تم ضبطهم على الحدود رُحلوا خلال ساعات. وقال إن أغلب هؤلاء كانوا يحاولون عبور الحدود بصورة غير شرعية. وأعيد ترحيل الغالبية منهم إلى المكسيك بينما أعيد آخرون إلى بلدانهم الأصلية.

وفي السنوات الأخيرة، جاء معظم المهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود إلى الولايات المتحدة من دول مثل غواتيمالا، وهندوراس وألسلفادور، بدعوى أنهم فارون من الفقر والعنف. ومن بين المهاجرين المرحلين، أطفال وصلوا إلى الحدود دون عائلاتهم. وكان الاجراء المتبع في السابق قبل دخول القرار الجديد حيز التنفيذ نقل ملفات هؤلاء الأطفال إلى وزارة الصحة والخدمات الإنسانية لتوفير الحماية لهم من العنف والاستغلال. وقال مورغان إن "المرض لا يميز سنا".

ورفض مورجان الانتقادات الموجهة للقرار الجديد واعتباره امتدادا لسياسات الهجرة المتشددة لإدارة ترامب، وقال "هذا الأمر لا يتعلق بالهجرة إنما بالصحة العامة وفرض مزيد من إجراءات الحد من انتشار المرض واحتوائه". ولكن وثيقة مسربة للهيئة نشرها موقع ProPublica أظهرت حجبا فعليا لطلبات الحصول على اللجوء مع استثناء الحالات التي يمكنها تقديم أدلة "قابلة للتصديق" على إمكانية تعرضهم للتعذيب. ووجه أعضاء ديمقراطيون باللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي رسالة إلى وزير الأمن القومي بالنيابة تشاد وولف الذي يشرف على وكالات حماية الحدود، اعتبروا فيها أن استخدام الحكومة لقانون طوارئ الصحة العامة غير قانوني.

وقالت الرسالة "على عكس القانون الحالي، الأفراد والعائلات والأطفال لا يمكنهم الآن تقديم طلبات للجوء أو الحصول على أي شكل من أشكال الحماية الإنسانية، بل وفي بعض الحالات يتم ترحيلهم إلى دول قد يواجهون فيها خطر الملاحقة. وتقول الرسالة أيضاً إن "الإدارة بدت وكأنها منحت لنفسها صلاحيات واسعة النطاق لترحيل عدد غير معروف من الأفراد الذين وصلوا إلى حدودنا". وتضيف "هذا يرقى إلى استغلال توسع نفوذ السلطة التنفيذية تحت ستار مواجهة وباء عالمي".

ووفقا لوكالة الهجرة الأمريكية، تم ضبط 33.937 شخصا أثناء محاولتهم عبور الحدود بشكل غير شرعي في مارس / اذار الماضي، في انخفاض بنحو 2577 حالة عن شهر فبراير / شباط. وأغلقت دول عدة في مختلف أنحاء أمريكا اللاتينية حدودها في محاولة لإيقاف انتشار فيروس كورونا، كما أغلقت الولايات المتحدة حدودها مع كندا والمكسيك لتسمح فقط بحالات السفر الضرورية.

إيطاليا

على صعيد متصل قالت الحكومة إن موانئ إيطاليا لا يمكن اعتبارها آمنة بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد لذلك لن تسمح برسو زوارق المهاجرين التابعة لجمعيات خيرية فيها. واتخذ هذا القرار بعد أن أنقذ مركب تديره جمعية سي-آي الألمانية غير الحكومية 150 شخصا قبالة ليبيا واتجه بهم صوب إيطاليا. وأفاد مرسوم الحكومة بأن ”أثناء حالة الطوارئ الصحية المعلنة بسبب تفشي مرض كوفيد-19، لا تضمن الموانئ الإيطالية توفير المتطلبات اللازمة لتصنيفها وتعريفها باعتبارها أماكن آمنة“. وحالة الطوارئ المعلنة يحل أجلها يوم 31 يوليو تموز لكنها قد تمدد.

ووقع وزيرا الداخلية والمواصلات على المرسوم إلى جانب وزير الصحة روبرتو سبيرانتسا العضو في حزب يساري طالما دعم حملات حماية المهاجرين والعمل الخيري. وبعد تراجع نسبي في وصول زوارق المهاجرين القادمين من أفريقيا، تزايدت أعدادها مرة أخرى في أول شهرين من العام لتتراجع بشدة في مارس مع تفشي جائحة كورونا في إيطاليا. وانسحبت زوارق الجمعيات الخيرية التي تقوم بدوريات منتظمة قبالة سواحل ليبيا لإنقاذ مهاجرين على زوارق متهالكة من البحر المتوسط منذ بداية الأزمة الصحية لكن السفينة ألان كردي التابعة لجمعية سي-آي عادت للمنطقة. بحسب رويترز.

وكتبت الجمعية على تويتر تقول ”حتى في الوقت الذي كادت فيه الحياة في أوروبا تتوقف، يتعين حماية حقوق الإنسان“ وأعلنت أنها أنقذت 150 شخصا وقالت ”الآن ضيوفنا يحتاجون لميناء آمن“. وفي بيان منفصل طلبت الجمعية من ألمانيا استقبال المهاجرين. وأضافت أن برلين تمكنت من إعادة 200 ألف من مواطنيها العالقين بالخارج بسبب تفشي كورونا.

ألمانيا

في السياق ذاته قالت مصادر حكومية إن حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وافقت على استقبال 50 طفلا وشابا مهاجرا من مخيمات مكتظة في الجزر اليونانية. وذكر مسؤولون أن التحرك خطوة أولى من جانب ألمانيا، مع تزايد المخاوف بشأن الوضع الصحي في المخيمات اليونانية بسبب جائحة فيروس كورونا. وحاول عشرات الآلاف من المهاجرين دخول اليونان العضو في الاتحاد الأوروبي بعد أن قالت تركيا في فبراير شباط إنها لن تمنعهم. وكانت تركيا تمنع المهاجرين من ذلك وفقا لاتفاق أبرمته عام 2016 مع التكتل مقابل مساعدات تعينها على استضافة اللاجئين السوريين. بحسب رويترز.

ووصفت اليونان الأوضاع في المخيمات في بعض جزرها، حيث يوجد أكثر من 40 ألف طالب لجوء عالقين الآن خلال أزمة فيروس كورونا، بأنها ”قنبلة صحية موقوتة“. وقالت وزارة الداخلية الألمانية إنها تهدف إلى البدء في نقل قاصرين لا يرافقهم أحد من اليونان، التي كانت البوابة الرئيسية لدخول الاتحاد الأوروبي للفارين من الصراع في دول الشرق الأوسط وغيرها. وذكرت الوزارة أنه عند وصولهم إلى ألمانيا سيتم وضعهم في الحجر الصحي لمدة أسبوعين قبل أن يتم توزيعهم عبر البلاد مضيفة أن دولا أخرى في الاتحاد الأوروبي وافقت على إجراءات مماثلة.

اضف تعليق