الحياة بجانب الموت هكذا تبدو ملامح أزمة مسلمي الروهينغا في بورما، الذين يعانون من الفقر الشديد والاضطهاد بسبب أعمال العنف الطائفية والدامية التي تشنها الاغلبية البوذية ضد آخر جيوبِ المقاومة الانسانية المتمثلة بالأقلية العرقية من المسلمين (الروهنجيا) والتي تعد من الاقليات الاكثر اضطهادا في العالم، في ظل تغاضي الحكومة البورمية وصمت المجتمع الدولي تجاه المأساة الانسانية المتكررة لهذه الاقلية المسلمة.
ويرى مراقبون حقوقيون أن المسلمون في ميانمار، يواجهون السخرة، وليس لديهم الحق في امتلاك الأراضي، وتُفرض عليهم قيود شديدة، في حين يعاني الكثير منهم في بنغلاديش فقرا مدقعا وليس لديهم أوراق ثبوتية أو فرص للعمل، مما يضطرهم الى الهجرةـ، إذ يعبر سنويا عشرات آلاف المهاجرين عبر جنوب تايلاند باتجاه ماليزيا وما بعدها، هربا من الفقر في بنغلادش أو العنف في حالة أقلية الروهينغا المسلمة في بورما التي تعتبرها الأمم المتحدة إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم، وتعتبر سلطات بورما وغالبية سكانها من البوذيين أن السكان الروهينغا البالغ عددهم 1,3 مليون شخص ليسوا سوى مهاجرين بنغلادشيين غير شرعيين، وسبق أن تعرضوا لأعمال عنف طائفية في السنوات الأخيرة.
وفي الآونة الاخيرة أثارت أزمة الروهينغا حالة من القلق على المستوى الدولي بسبب محنة آلاف المهاجرين من ميانمار الذين يسود اعتقاد بأنهم عالقون قبالة سواحل تايلاند وماليزيا دون أن يكون لديهم ما يكفي من الطعام والماء، فقد أبعدت إندونيسيا وماليزيا وتايلاند قوارب المهاجرين التي تحمل أشخاصا غالبيتهم من أقلية الروهينغا المسلمة، ليواجهوا مخاطر البحر ورفض دول الجوار، لتواصل أزمة اللاجئين تصاعدها في منطقة جنوب شرق آسيا. وبعدما عُثِرَ مؤخرا على 30 قبرا في جنوب تايلاند للاجئين يفترض أنهم من الروهينغا المسلمين؛ أعلن رئيس الوزراء التايلاندي برايوت تشان أوشا الحرب على عصابات المهربين "المتاجرين بالبشر"، وقيل إن طرق اللاجئين التقليدية سوف يتم مراقبتها بإحكام.
وبين الحين والآخر يغامر عشرات الآلاف من أفراد أقلية الروهينغا المسلمة، التي تعود جذورها إلى بنغلادش وميانمار (بورما سابقا)، باجتياز البحر من أجل الوصول إلى جنوب تايلاند. ومن هناك يواصلون رحلتهم قاصدين ماليزيا، هربا من العنف والعنصرية التي يتعرضون لها في ميانمار، أو باتخاذها محطة عبور لبلدان أخرى. إلا أنه بعد الحصار الذي فرضته السلطات التايلاندية أصبح من الصعب على المهربين إيصال اللاجئين إلى تايلاند مما يضطرهم إلى المغامرة بالإبحار في طرق بحرية خطرة.
من جهتها تؤكد المنظمات الدولية وجود آلاف المهاجرين التائهين في البحر، فيما تعمد حكومات دول المنطقة، إندونيسيا وماليزيا وتايلاند، إلى رد القوارب بعيدا عن سواحلها، متجاهلة الدعوات إلى وقف هذه السياسة.
وتخلى المهربون عن هؤلاء اللاجئين وسط البحر خوفا من السياسة الجديدة القمعية التي تنتهجها تايلاند، التي تعد طريق العبور التقليدي لشبكات تهريب المهاجرين محظورا. وتمكن مئات المهاجرين رغم ذلك من الوصول إلى السواحل الإندونيسية بعدما قال لهم المهربون إنها سواحل ماليزيا، وتم استقبالهم في مخيمات أقيمت بشكل عشوائي في إقليم أتشيه.
وبهذا تجسد المعاناة الكبيرة لهؤلاء المسلمين مشهدا لمأساة إنسانية لا يبالي بها العالم، ففي ظل تزايد أعمال العنف الدينية في بورما من جهة وتزايد اعداد المهاجرين من جهة أخرى، هذا يعني تشكيل دوامة التهديدات الصارخة المتجددة لاستمرار العنف الطائفي والانتهاكات الحقوقية والإنسانية على حد سواء.
لماذا انفجرت أزمة مسلمي الروهينغا؟
في سياق متصل يقول المهاجرون إنه ليس بوسعهم العودة إلى ميانمار، المعروفة كذلك باسم بورما، حيث لا يُعترف بهم كمواطنين هناك كما أنهم يتعرضون للاضطهاد بصفة منتظمة، "هناك سبب واحد فقط"، حسبما قالت كريس ليوا الخبيرة في شؤون الروهينغا والمقيمة في بانكوك.
وأوضحت ليوا قائلة لبي بي سي "المسلمون في ولاية راخين الغربية يواجهون قمعا مفرطا بحيث يشعرون أن لا خيار أمامهم سوى الرحيل - (وهو ما يكون) في العديد من الحالات بأي وسيلة ضرورية".
ويرجع التمييز إلى استقلال بورما عن بريطانيا، بحسب مراقبين، لكنه ينتشر بصفة خاصة في راخين حيث يقول نحو مليون من الروهينغا إنهم يواجهون عداوة شديدة من الأغلبية البوذية ، ويقولون إنهم ضحايا سياسة رسمية من الفصل دفعتهم للعيش على هامش منطقة فقيرة أصلا.
بالمقابل، دأبت الحكومات المتعاقبة في ميانمار - ومنها ذات العقلية الإصلاحية في السنوات القليلة الماضية - على القول إن مسلمي الروهينغا ليسوا جماعة عرقية فعليا، وأنهم في واقع الأمر مهاجرون بنغال يعتبرون بمثابة أحد آثار عهد الاستعمار المثيرة للخلاف، ونتيجة لهذا، لا يدرجهم دستور ميانمار ضمن جماعات السكان الأصليين الذين من حقهم الحصول على المواطنة. بحسب البي بي سي.
وتصنف الأمم المتحدة الروهينغا باعتبارهم أقلية دينية ولغوية غربي ميانمار، وتقول إنهم من بين أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم، وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، ركب أكثر من 120 ألفا من الروهينغا قوارب في محاولة للهرب إلى دول أخرى، بحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين، ولأن كثيرين منهم لم ينجحوا في العثور على دولة مستعدة لاستقبالهم، أصبحوا في الواقع موضع صد ورد في أنحاء جنوب شرقي آسيا دون أن يعثروا على موطن دائم.
كيف تُعامل دول المنطقة الروهينغا؟، "غير مرحب بهم على الإطلاق"، بحسب كريس ليوا الخبيرة في شؤون الروهينغا، يرى منتقدون أن حل الأزمة يكمن في ضغط المجتمع الدولي على ميانمار، وتقول ليوا "على النقيض من الدول الأوروبية - التي تبذل على الأقل مجهودا للحيلولة دون غرق المهاجرين من شمال افريقيا في البحر المتوسط - يتحفظ جيران ميانمار على تقديم أي مساعدة:، من يتحمل مسؤولية ضمان إمداد اللاجئين بالماء والغذاء؟، تتفق غالبية وكالات الإغاثة والمنظمات غير الحكومية على أن دولا مثل تايلاند وماليزيا وإندونيسيا عليها واجب أخلاقي - إن لم يكن شرطا قانونيا - أن تفعل هذا إذا كان اللاجئون في مياهها الإقليمية.
وبالرغم من أن هذه الدول بذلت جهدا لإمداد المهاجرين بالغذاء والماء، تقول كريس ليوا إن أيا منها لم تنشط لتنفيذ عمليات بحث وإنقاذ في المناطق الواقعة خارج سواحلها مباشرة.
ويشير خبراء في القانون إلى أن بعض الدول ربما لا تكون راغبة في التحرك لأن هذا من شأنه أن يجعلها أكثر عرضة لمبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي لا يُمكن بموجبه إرغام اللاجئين على العودة إلى مناطق يكون فيها تهديد لأرواحهم أو حرياتهم.
وفي مايو/ ايار الحالي، ناشد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، الحكومات في المنطقة أن تتذكر التزاماتها بالإبقاء على حدودها وموانئها مفتوحة أمام الأشخاص الذين تم التخلي عنهم في البحر وضمان "الحفاظ على حظر الإعادة القسرية".
هل يمكن حل مشكلة الروهينغا، "ليس حتى يضغط المجتمع الدولي على ميانمار من أجل تحسين حياة أقلية الروهينغا.. لأن بورما في نهاية المطاف هي الوحيدة القادرة على حل المشكلة."، بحسب كريس ليوا الخبيرة في شؤون الروهينغا.
ويشير منتقدون إلى أن ما يحدث الآن هو بعدة طرق نتيجة لإخفاق دول جنوب شرقي آسيا في التحرك على نحو حاسم. ويرى المنتقدون أن هذه الدول ظلت طيلة سنوات تتجاهل بهدوء محنة الروهينغا، وكنتيجة لهذا تجد هذه الدول نفسها الآن محاطة بأزمة إنسانية تزداد وطأة، بالإضافة إلى هذا، يقول المنتقدون إن هذه الدول امتنعت عن مناقشة الأمر في مؤتمرات إقليمية خوفا من إثارة استياء ميانمار.
آلاف المهاجرين عالقون بالبحر
أزيد من ألف مهاجر غير شرعي، بينهم 61 طفلا من مسلمي الروهينغا الفارين من ميانمار وبنغلادشيين وصلوا، الجمعة، إلى شواطئ إندونيسيا وتايلاند، بعدما قام صيادوا أسماك بانقاذهم، أثناء غرق مركبهم، حيث قاموا بنقلهم إلى شاطئ منطقة لانغسا في إقليم أتشيه الإندونيسي، وغير بعيد عن هؤلاء، تم إنقاذ 47 مهاجرا في مركب آخر بعدما بدأ الركاب الجياع بالقفز في المياه ليطلبوا النجدة من الصيادين.
محمد مهاجر من ميانمار يقول: “ رئيس بلدي هو بوذي. يقول إنه لا يحب المسلمين ويريد أن يضعنا في السجن لمدة 20 أو 30 أو 40 عاما.، وغادر مركب يقل 300 من إثنية الروهينغا المياه التايلاندية بعدما أصلحت السلطات في تايلاند محركه وزودته بالمواد الغذائية، وكانت وجهة المركب الأساسية ماليزيا، إلا أن حاكم محافظة ساتون التايلاندية قال إن وجهته الآن إندونيسيا.
في هذه الأثناء، دعت منظمة هيومان رايتس ووتش كلا من السلطات التايلاندية والإندونيسية والماليزية بالتوقف عن تقاذف هؤلاء المهاجرين فيما بينهم، رئيس الوزراء التايلاندي، تشان أوتشا يقول: “ هل يمكننا إرسالهم إلى بلد ثالث؟ من سيقبل بهم في هذه الأيام؟ لا أحد. إذا نظرتم إلى المبادئ الإنسانية، أقول نعم يجب السماح لهم بالبقاء، ولكن إذا نظرتم إلى وضع تايلاند، فهذا عبء عليها وهذه قصة أخرى “.
وفيما يقدر ناشطون حقوقيون بوجود أكثر من 8000 مهاجر غير شرعي من مهاجري الروهينغا وبنغلاديش عالقون في البحر، أعربت الولايات المتحدة والأمم المتحدة عن غضبها من قرارات ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا برد أي مركب يضم مهاجرين من ميانمار وبنغلاديش خارج مياههم الإقليمية.
طوفان الهجرة قد بدأ
فقد وصل حوالى 900 مهاجر من الروهينغا وبنغلادش إلى شواطئ إندونيسيا وتايلاند وأوضح قائد الشرطة في منطقة لانغسا في إقليم أتشيه الإندونيسي حيث وصل المهاجرون أن صيادي أسماك أنقذوا المهاجرين، وبينهم 61 طفلا، أثناء غرق مركبهم وقاموا بنقلهم إلى الشاطئ. وليس بعيدا عن هؤلاء، تم إنقاذ 47 مهاجرا في مركب آخر بعدما بدأ الركاب الجياع بالقفز في المياه ليطلبوا النجدة من الصيادين.
منذ سنوات يهرب أفراد أقلية الروهينغا من ميانمار، وتعتبرها الأمم المتحدة إحدى المجموعات الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم. ووفق الأرقام الصادرة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) فان هنالك ما لا يقل عن 25 ألف لاجئ من الروهينغا في العام 2014، بينما زاد هذا العدد إلى أكثر من الضعف في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من العام الحالي.
قبل 150 عاما جلب البريطانيون أجداد الروهينغا الحاليين من بنغلادش إلى ميانمار، حيث استقروا في ما يعرف اليوم بإقليم "راخين" على خليج البنغال. وتعتبر سلطات بورما وغالبية سكانها من البوذيين، أن الروهينغا البالغ عددهم 1.3 مليون شخص ليسوا سوى مهاجرين بنغلادشيين غير شرعيين. وسبق أن تعرضت أقلية الروهينغا لأعمال عنف طائفية في السنوات الأخيرة. وقتل حوالي 200 شخص في المواجهات الدامية التي حصلت في العام 2012 بين الروهينغا والبوذيين. وتم تهجير عشرات الآلاف.
وللاَن فإنه وحسب إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) فإن حوالي 140 ألف من الأقلية المسلمة تعيش في أوضاع مزرية في مخيمات تفتقد إلى ضروريات العيش الكريم. وتعاني من قلة الغذاء ومياه الشرب. لهذا فان الطريق الوحيد للكثيرين منهم هو الهجرة.
استحالة التعايش بين الروهينغا والبوذيين
الوضع القانوني للأقلية المسلمة في ميانمار غير واضح حتى الآن. وبالنسبة للأغلبية البوذية هناك فإن طرح موضوع الروهينغا هو من المحرمات. كما أنه من المعتاد أن يسموهم البنغاليين نسبة إلى بنغلادش. علاوة على ذلك فإن حكومة مينامار لا تعترف بهم من ضمن الأقليات الإثنية المعترف بها. كما أن بنغلادش لا تعتبر نفسها مسؤولة عنهم وذلك لتواجدهم منذ أجيال عديدة في ميانمار. لذلك يحاول كلا البلدين أن يدفع الآخر ليكون مسؤولا عن شؤون أقلية الروهينغا. وهذا كله له عواقب، فهم محرومون من التصويت في الانتخابات، وفرصهم في الحصول على مزايا التعليم أو الصحة ضئيلة جدا إضافة إلى أن حرية التنقل لديهم محدودة.
وكان رئيس جمهورية ميانمار "تهاين زاين" قد شكل لجنة للتحقيق في اضطرابات إقليم راخين التي حدثت عام 2012 وخلصت اللجنة إلى أن إمكانية التعايش مستحيلة وأن الأطراف المتصارعة ليست مستعدة للتعايش السلمي.
ويوجد رهبان بوذيين متطرفون من أمثال ويمالا وكذلك ويراتو، الذي وصفته مجلة "الأكونومست" بأنه من "الشوفينيين المتعصبين"، ينشرون كتابات محرضة ضد المسلمين، يدعون فيها إلى مقاطعة التعامل التجاري مع المسلمين ويطالبون بحظر الزواج منهم والاختلاط معهم. وفي كانون الثاني/ يناير من العام 2015 قام ويراتو بسب وشتم المقررة الخاصة بالأمم المتحدة "يانغ هي لي" ووصفها بالـ"عاهرة"، حيث كانت لي مكلفة من قبل الأمم المتحدة بمهام منها تقييم وضع المسلمين في ميانمار.
الحكومة والمعارضة في ميانمار تتجنبان الخوض في تفاصيل الروهينغا على وجه الخصوص قبل الانتخابات البرلمانية والتي من المقرر أن تجرى في نوفمبر من العام الحالي، لأن الساسة على يقين بأن أغلبية الناخبين يكنون العداء للأقلية المسلمة، ما يعني أن الأوضاع لا تحمل حلولا قريبة وهي كما وصفها المؤرخ والمستشار في الأمم المتحدة جاك لايدر بأنه "لسنوات عديدة ستظل هذه المشكلة مستعصية على الحل".
نداءات لإنقاذ المهاجرين
الى ذلك ناشدت منظمة الهجرة الدولية حكومات دول جنوب شرق آسيا إنقاذ مئات المهاجرين القادمين من بنغلاديش وميانمار والتائهين في عرض البحر منذ أيام. يأتي ذلك بعد أن رفضت إندونيسيا السماح لهم بالدخول إلى اراضيها.
تكثفت النداءات الموجهة الى حكومات جنوب شرق آسيا لانقاذ آلاف اللاجئين من بنغلادش وبورما التائهين في بحار المنطقة. وتضاعفت المخاوف حيال مصير هؤلاء المهاجرين، ومن بينهم عد كبير من الإثنية الروهينغا المسلمة التي تعتبرها الأمم المتحدة احدى المجموعات الاكثر تعرضا للاضطهاد في العالم، وهم معرضون للموت نتيجة لنفاد الطعام والماء. وفي أحدث تطور، ناشدت منظمة الهجرة الدولية اليوم الثلاثاء (12 مايو/أيار 2015) حكومات دول جنوب شرق آسيا البحث عن آلاف المهاجرين العالقين في البحر وإنقاذهم، محذرة من أن خطر الموت يتهددهم. وقال المتحدث باسم المنظمة جو لوري لوكالة فرانس برس إن هذه القضية "تحتاج إلى جهد إقليمي... نحن لا نمتلك القدرة على البحث عنهم، لكن الحكومات تمتلكها، لديها سفن وأقمار صناعية". وأضاف أن هؤلاء المهاجرين قد يكونوا "في وضع سيء للغاية أو حتى أمواتا" إن لم يتم إنقاذهم سريعا. بحسب D.W.
وتأتي هذه المناشدة في أعقاب إعلان البحرية الاندونيسية أنها اقتادت إلى خارج المياه الاقليمية الإندونيسية سفينة على متنها مئات المهاجرين غير الشرعيين أتوا من ميانمار وبنغلادش، وذلك غداة اقترابها من سواحل البلاد. وبحسب البحرية الإندونيسية، فإن السفينة "تم قطرها الى خارج الحدود الاندونيسية. لقد زودناهم بالوقود. نحن لا نجبرهم على الذهاب إلى ماليزيا أو إلى استراليا. هذه ليست مشكلتنا. مشكلتنا هي أن لا يأتوا إلى أندونيسيا لأنها ليست وجهتهم". ورفض المتحدث تأكيد ما إذا كانت السفينة في طريقها نحو ماليزيا، وجهتها الأكثر ترجيحا.
وكانت السفينة وصلت الاثنين إلى قبالة سواحل جزيرة اتشيه شمال جزيرة سومطرة وعلى متنها حوالي 400 مهاجر غير شرعي قادمين من بورما وبنغلادش، بحسب ما أعلنت السلطات. وبحسب المتحدث، فإن السفينة متهالكة وقائدها لاذ بالفرار، فيما وفرت البحرية المياه والغذاء للمهاجرين وزودت سفينتهم بالوقود ثم قطرتها إلى خارج مياهها الاقليمية.
وهذه السفينة هي واحدة من عدة سفن مماثلة وصلت في الأيام الأخيرة إلى أندونيسيا وماليزيا وعلى متنها نحو ألفي مهاجر غير شرعي من ميانمار وبنغلادش.
رفضت إندونيسيا استقبال مركب يحمل مئات المهاجرين يعتقد أنهم من مسلمي الروهينغا من ميانمار وبنغلاديش، وقالت البحرية الإندونيسية إنها زودت المركب بالطعام والمياه الاثنين قبل إعادته أدراجه إلى البحر، وأضافت أنها فعلت ذلك لأن المهاجرين أرادوا الوصول إلى ماليزيا، لكن وكالة الهجرة الدولية قالت إن القرار كان "صادما"، وتعتقد الوكالة أن نحو 8000 مهاجر من بنغلاديش وميانمار لا يزالون عالقين في البحر.
ويقول مراسلون إن مهربي البشر الذين يقلونهم على العبارات أصبحوا الآن يترددون في سلوك نفس الطريق المعهود عبر تايلندا بسبب حملة الحكومة هناك عليهم، وقال متحدث باسم البحرية الإندونيسية "إن الركاب كانوا أحياء وفي حالة جيدة"، وأضاف مانهان سيمورنغير أنهم "كانوا يبحثون عن المساعدة، ولم يكونوا يريدون الذهاب إلى إندونيسيا. بل كانوا يريدون الذهاب إلى ماليزيا، ولذلك أعدناهم إلى البحر بعد تزويدهم بالماء والغذاء والمواد الطبية".
ينحدر الروهينغا من نسل التجار المسلمين الذين وفدوا إلى المنطقة قبل 1000 سنة، لكن المتحدث باسم وكالة الهجرة الدولية، جو لوري، قال لبي بي سي في وقت سابق "إذا كان ذلك صحيحا، فإنه صادم، فهؤلاء الناس بحاجة إلى الرسو على الأرض"، وأضاف أن مثل هؤلاء الأشخاص كانوا بحاجة إلى مساعدة عاجلة لأن كثيرا منهم - كما تفيد تقارير - يعانون من مرض "البري بري" الذي يسببه نقص الفيتامينات.
وقال لوري إن البري بري "لا يدع مرضاه إلا مثل الهياكل العظمية، وسيحتاجون إلى مساعدة إنسانية فورية"، وتستغرق الرحلة التي يخوضها المهاجرون - من بنغلاديش أو ميانمار عبر خليج البنغال وصولا إلى تايلندا أو ما بعدها - عدة أسابيع. كما أن الرحلة أبطأت أكثر بسبب احتجاز المهربين لبعض اللاجئين كرهائن.
وأشار إلى أن هناك حالات موثقة لأناس كانوا في البحر منذ أوائل مارس/آذار في انتظار مراكب يركبونها، وفدى يدفعونها، وقال "صحيح أنهم حصلوا على بعض الغذاء والمياه، لكنهم لم يحصلوا على الغذاء السليم المناسب لحالتهم الصحية"، وكان أكثر من 2000 مهاجر قد وصلوا إلى ماليزيا أو إندونيسيا بعد إنقاذهم، أو السباحة إلى الشاطئ.
احصاء السكان يستثني مسلمي الروهينغا
في اول احصاء للسكان يجرى في بورما منذ ثلاثين عاما، يرفض المسؤولون تسجيل المسلمين المنتمين لأثنية الروهينغا تحت هذا المسمى، ويجبروهم على اعتبار انفسهم من البنغال والا حرموا من التسجيل.
من جانبها، تقول الامم المتحدة التي تساعد السلطات البورمية في اجراء الاحصاء إنه ينبغي السماح لجميع البورميين باختيار المجموعة الاثنية التي يرغبون الانتماء اليها.
وتعتبر الحكومة البورمية الروهينغا مهاجرين، وترفض منحهم جنسيتها، اما الروهينغا، فيعتبرون انفسهم بورميين ويقولون إنهم ضحايا تمييز من جانب الدولة. بحسب البي بي سي.
ويشعر العديد من البوذيين - الذين يشكلون اغلبية في بورما - بالعداء تجاه الروهينغا، وكانت اعمال عنف قد اندلعت في العام قبل الماضي في اقليم راخين اجبر جراءها الآلاف من الروهينغا على النزوح من مساكنهم، وتواصل العنف منذ ذلك الحين بشكل متقطع، فقد تعرضت منظمات اغاثة دولية تعمل في اقليم راخين للهجوم.
وتصف الامم المتحدة الروهينغا بأنها من اكثر الاقليات تعرضا للظلم والتعسف في العالم، ويقول مراسلون إن الاحصاء الذي تجريه الحكومة البورمية يتطرق بالتفصيل الى الديانات والأثنيات، مما يثير المخاوف من تسببه في ارتفاع حدة التوتر في البلاد، وكانت اشاعات تحدثت عن احتمال ان يؤدي الاحصاء الى الاعتراف بأثنية الروهينغا، قد ادت الى تهديد العديد من البوذيين في اقليم راخين بمقاطعة الاحصاء.
اضف تعليق