q
ازدادت حدة انتهاكات والممارسات القمعية في مصر بشكل كبير منذ تولي السيسي مقاليد الحكم في البلاد، حيث تعرضت مصر وكما نقلت بعض المصادر، في الفترة السابقة الى انتقادات دولية كبيرة فيما يخص ملف الحقوق والحريات، وكانت السلطات المصرية قد شنت حملة اعتقالات، أواخر أيلول 2019...

ازدادت حدة انتهاكات والممارسات القمعية في مصر بشكل كبير منذ منذ تولي السيسي مقاليد الحكم في البلاد، حيث تعرضت مصر وكما نقلت بعض المصادر، في الفترة السابقة الى انتقادات دولية كبيرة فيما يخص ملف الحقوق والحريات، وكانت السلطات المصرية قد شنت حملة اعتقالات، أواخر سبتمبر/ أيلول 2019، عقب احتجاجات غير مسبوقة ضد الرئيس المصري، دعا لها الممثل والمقاول المصري محمد علي. وطالت حملة الاعتقالات محامين وأكاديميين وحقوقيين، بتهم منها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة والاحتجاج دون تصريح.

وقدرت مصادر حقوقية عدد الموقوفين حينها بنحو 3000 شخص. وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير سابق لها، عام 2017، إلى أن "عدد المسجونين السياسيين في مصر يقدر بنحو 60 ألف معتقل". كما أشارت المنظمة الحقوقية إلى مئات حالات الاختفاء القسري. في المقابل، تؤكد السلطات المصرية عدم صدقية مثل هذه التقارير وأن مصر "لا يوجد بها سجناء سياسيون أو إخفاء قسري".

واستعرض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أوضاع حقوق الإنسان في مصر، مع تزايد حدة الانتقادات الصادرة عن منظمات حقوقية داخلية وخارجية. وقال مندوب الولايات المتحدة في المجلس الحقوقي، دانيل كرونينفلد: "مع إدراك التهديد الإرهابي الذي تواجهه مصر، فإننا ندعو الحكومة إلى مواجهة هذا التهديد بشكل أفضل من خلال تخفيف القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة".

وطالب المندوب الأمريكي السلطات المصري بـ "التصدي للإفلات من العقاب من خلال إجراء تحقيقات ذات مصداقية في مزاعم القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب والاختفاء القسري على أيدي قوات الأمن، وإعلان النتائج علنا ومحاكمة المسؤولين". وفي السياق ذاته ذهب مندوب بريطانيا، جوليان بريثويت، قائلا: "ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء القيود المفروضة على المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات وحظر السفر وتجميد الأصول والقيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات".

في المقابل، دافع ممثل مصر في جلسة المنظمة الحقوقية الأممية، وزير الشؤون البرلمانية، عمر مروان، عن السجل المصري لحقوق الإنسان في ظل حكم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قائلا إن هناك "منعا باتا" للتعذيب في مصر، مضيفا إنه جريمة لا تسقط بالتقادم. إلا أن الوزير المصري استدرك قائلا ربما هناك "حالات (تعذيب) معزولة". وأضاف وزير الشؤون البرلمانية: "خلال السنوات الخمس الماضية، تم اتخاذ العديد من الإجراءات الجنائية والتأديبية في الحوادث المتعلقة بالتعذيب، وتم تنظيم العديد من المحاكمات ضد مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة".

وجاءت جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة زيارة نادرة نظمتها القاهرة لوسائل إعلام مصرية وأجنبية لمجمع سجون "طرة" الذي كان مثار انتقادات حقوقية مؤخرا. وأظهرت مقاطع مصورة تم تداولها في وسائل إعلام مصرية أجزاء من الزيارة، بدا فيها النزلاء وهم يمارسون رياضة كرة القدم، كذلك أظهرت المقاطع مستشفى طبي وملعب تنس أرضي وورش تصنيع ومزارع دواجن ونعام، فضلا عن طاهي يشوي "كفتة".

ورأي البعض أن تنظيم القاهرة لزيارة سجن "طرة" يأتي ردا على تقرير نشره خبراء حقوق إنسان في الأمم المتحدة قالوا فيه إن الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، "كان رهن الاحتجاز في ظروف يمكن وصفها بالوحشية خاصة خلال الأعوام الخمسة التي قضاها في سجن طرة". وأضاف الخبراء أن ما حدث لمرسي ربما يصل إلى حد اعتباره "قتلا تعسفيا بإقرار من الدولة." وأشار الخبراء أنفسهم إلى أنهم حصلوا على"أدلة دامغة من عدة مصادر موثوقة تفيد بأن الآلاف من السجناء الآخرين في مصر ربما يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية". وأضافوا أن "الكثير منهم ربما يعانون من خطر الوفاة، لأنها على ما يبدو ممارسات ممنهجة ومقصودة تتبعها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإسكات المعارضين".

ضغوط وانتقادات

حثت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى مصر على التحقيق في مزاعم عن عمليات قتل وتعذيب على أيدي قوات الأمن وعلى إطلاق سراح صحفيين وغيرهم اعتقلتهم السلطات بسبب ممارستهم حقهم في التعبير عن الرأي. وسعت مصر لصرف الانتباه بعيدا عن سجلها الحقوقي وأوضاع السجون قبيل مراجعة الأمم المتحدة التي تأتي في أعقاب موجة جديدة من الاعتقالات. وتقول القاهرة إنها تحاول الموازنة بين مكافحة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان.

ويراجع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف سجل مصر لأول مرة منذ خمس سنوات في إطار مراجعة دورية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وحث دانييل كروننفلد الممثل الأمريكي أمام المجلس مصر على ”التصدي لمسألة الإفلات من العقاب بإجراء تحقيقات يعتد بها في مزاعم عن تنفيذ قوات الأمن لعمليات قتل خارج إطار القانون وتعذيب واختفاء قسري وإعلان النتائج ومحاكمة المسؤولين عن ذلك“. وانسحبت الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان في عام 2018 ولا تحضر سوى المراجعات الدورية لسجلات الدول الأعضاء.

وأبدت بريطانيا والسويد كذلك قلقهما من القيود التي تفرضها مصر على النشطاء ومنها الاعتقال وحظر السفر وتجميد الأصول. ودافع رئيس الوفد المصري عن سجل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي قائلا إن ”التعذيب بجميع صورة وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم“ لكنه أضاف إنه ربما تكون هناك حالات معزولة. وتقول المفوضية المصرية للحقوق والحريات إنه جرى اعتقال أكثر من 4400 بينهم نشطاء بارزون وأكاديميون وشخصيات سياسية. وأضافت أن نحو 3000 شخص ما زالوا محتجزين بتهم منها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة والاحتجاج دون تصريح. بحسب رويترز.

وكانت انتقادات القوى الغربية، الحريصة على تطوير روابط أمنية واقتصادية مع مصر في عهد السيسي، خافتة لكن الجلسة المنعقدة في جنيف تتيح فرصة نادرة يمكنها خلالها طرح الأسئلة علنا. وبإمكان المجلس إصدار توصيات لكنه يفتقر لآليات لمعاقبة أي دولة يثبت انتهاكها لحقوق الإنسان. ومن المقرر أن ترد مصر على أي توصيات تقترحها الدول.

محاسبة مصر

في السياق ذاته حثت منظمة العفو الدولية، المجتمع الدولي على مطالبة مصر بـ"الإفراج الفوري عن المحتجين السلميين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، وذلك في أعقاب حملة قمع قاسية شهدت اعتقال أكثر من 3800 شخص، أغلبهم بشكل عشوائي، في الأشهر الأخيرة"، حسبما ورد في بيان للمنظمة. كما دعت منظمة العفو الدولية، والتي تعد أحد أهم المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، إلى استخدام جلسة الاستعراض الدوري الشامل لسجل مصر، في "مطالبة السلطات بفتح تحقيق في الاستخدام المتفشي للتعذيب وغيره من المعاملة السيئة على أيدي قوات الأمن، فضلاً عن ظروف الاحتجاز المزرية، وإلى إنهاء استخدامها القمعي لحظر السفر التعسفي والمضايقة القضائية لمعاقبة نشطاء حقوق الإنسان"، على حد وصف المنظمة.

وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن "استعراض سجل مصر لحقوق الإنسان، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمثابة فرصة ذهبية للمجتمع الدولي لمحاسبة السلطات المصرية على سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان". وأضافت بونعيم: "من المهم الآن، وأكثر من أي وقت مضى، بالنسبة للعالم أن يدين علنًا تدهور حقوق الإنسان في مصر، ويطالب بالإفراج عن المحتجين السلميين الذين تم اعتقالهم تعسفياً".

واستشهدت المنظمة في تقريرها بمطالب حقوقيين مصريين برفع حظر السفر المفروض عليهم بناء على قرار قضائي، ومن بين هؤلاء النشطاء مزن حسن، الناشطة في مجال حقوق المرأة ومؤسِّسة جمعية نظرة للدراسات النسوية، وعايدة سيف الدولة - المؤسِّسة لمركز نديم الشهير لضحايا التعذيب، والنشطاء الحقوقيون جمال عيد، وحسام بهجت، ومحمد زارع، والصادر في حقهم احكام قضائية بحظر السفر والتحفظ على أموالهم.

وتابعت مديرة الحملات لشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "من المهم للغاية أن تغتنم الدول هذه الفرصة لتوجيه إدانة شديدة لحملة القمع الشرسة من قبل السلطات ضد العاملين في المنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني، في السنوات الأخيرة. ويجب أن تطالب الدول مصر برفع حظر السفر التعسفي، وإلغاء تجميد الأصول، وإغلاق التحقيق بشكل نهائي". وكانت الحكومة المصرية خلال الجلسة السابقة للاستعراض الدوري الشامل لسجل مصر في 2014، قبلت 237 توصية من أصل 300 توصية بشأن حقوق الإنسان المقدمة إليها من الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. بحسب CNN.

ومن المقرر أن تعقد جلسة الاستعراض الدوري الشامل لسجل مصر في حقوق الإنسان، الأربعاء، فيما لم يصدر من الحكومة المصرية أي تعليق على الانتقادات الموجهة من منظمة العفو الدولية لحالة حقوق الإنسان في مصر. وسمحت السلطات المصرية، لشخصيات عامة وعدد من المراسلين الأجانب بزيارة سجن مزرعة طرة (جنوب القاهرة)، بعد تحذير الأمم المتحدة من "ظروف وحشية" يواجهها السجناء داخله كما بقية سجون أخرى في البلاد، حسب المنظمة الدولية.

وفي أواخر سبتمبر أيلول، أقرت النيابة العامة في مصر باعتقال نحو 1000 فحسب بتهمة المشاركة في الاحتجاجات. ويوجد بعض المعتقلين في سجن طرة بالقاهرة، حيث يقول الأقارب والمحامون إن السجناء غالبا ما يتم احتجازهم في ظروف سيئة ويحرمون من الرعاية الصحية الكافية. وقال خبراء من الأمم المتحدة إن نظام السجون ربما يكون قد أدى مباشرة إلى وفاة مرسي بعد وضعه في الحبس الانفرادي لمدة 23 ساعة في اليوم وحرمانه من الرعاية المنقذة للحياة من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.

وأضاف الخبراء أن الآلاف غيره عرضة لخطر شديد، مضيفين أن اثنين من كبار المساعدين السابقين لجماعة الإخوان المحظورة ”يواجهان خطر الموت بسبب الظروف التي يُحتجزون فيها والحرمان من العلاج الطبي“. ودعت منظمة العفو الدولية الحقوقية الدول إلى ”توجيه إدانة شديدة لحملة القمع الشرسة من قبل السلطات ضد العاملين في المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني“. وقالت إنه منذ قبول 237 توصية من أصل 300 توصية في آخر مراجعة لها في عام 2014، اعتمدت السلطات المصرية ”إجراءات أكثر قمعا وأشد تقييدا للحقوق الأساسية والحريات“.

اغتيال تعسفي

الى جانب ذلك انتقد وزير الشؤون البرلمانية المصري عمر مروان تقريراً لفريق خبراء يعملون مع الامم المتحدة قال ان وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي يمكن أن ترقى الى "اغتيال تعسفي بموافقة الدولة"، مؤكدا ان القاهرة تحقق في وفاته. وقال الوزير في مقابلة "لقد توفي الرئيس السابق (مرسي) في قاعة المحكمة أمام الجميع".

وذكرت المُقرّرة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بحالات الإعدام التعسفي في الأمم المتحدة، انييس كالامار ومجموعة خبراء الأمم المتحدة المعنية بمسألة الاحتجاز التعسفي، ان مرسي كان محتجزا في ظروف "قاسية جدا" خلال فترة سجنه لمدة خمس سنوات في سجن طره، وأن وفاته يمكن أن ترقى إلى "اغتيال تعسفي بموافقة الدولة". وتوفي مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب ديموقراطيا، في حزيران/يونيو بينما كان في احدى جلسات محاكمته في القاهرة.

واطاح الجيش بقيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمرسي عندما كان قائداً للجيش في 2013. وأطيح بمرسي، الذي ينتمي إلى جماعة الأخوان المسلمين المحظورة الآن، بعد عام في السلطة. واشار الخبراء أنهم "حذروا السلطات مرارا" بشأن صحته المتدهورة الى درجة "يمكن ان تقتله". وقضى مرسي الذي أوقف منذ عزله في تموز/يوليو 2013، نحو ست سنوات في الحبس الانفرادي فيما منعت عنه الرعاية اللازمة والمستمرة لمرض "السكر وارتفاع ضغط الدم"، بحسب الخبراء.

ولكن وعلى هامش جلسة مراجعة سجل حقوق الإنسان في مصر في الامم المتحدة في جنيف، قال مروان ان كالامار ارتكبت "مخالفة" لقواعد الأمم المتحدة. وأوضح أنها طلبت تفاصيل من السلطات المصرية حول ظروف اعتقال مرسي، ومنحتهم 60 يوما للرد، ولكنها أصدرت تقريرها "دون انتظار المعلومات الصحيحة من السلطات وهذه مخالفة". وأضاف أنه سيترك لسلطات الأمم المتحدة تحديد ما إذا ما كانت ستطلب منها الاستقالة. واضاف أنه في هذه الاثناء "يحقق النائب العام في ظروف وفاة الرئيس السابق". وتابع "انهم يستمعون لشهود حول ما حدث، وينتظرون النتائج الفنية" مضيفا ان السلطات "ستنشر نتائج التحقيق". بحسب فرانس برس.

ورفضت كالامار اتهام الوزير لها بارتكابها مخالفة. وقالت "القول بأنني لم أعمل طبقا للقوانين يدل على أن الوزير .. لا علم له بالقوانين التي تحكم طرق عمل المقررين الخاصين". واقرت بأنها منحت القاهرة شهرين للرد "ولكن لنا الحق، بل وعلينا التزام، بان نتحدث علنا قبل الستين يوما إذا اعتقدنا أن الأمر ملح ومسألة حياة أو موت". وأكدت أنه رغم أن المسألة لم تعد مسألة حياة أو موت مرسي "فإنها مسألة تتعلق بمئات آلاف المعتقلين الآخرين الذين يواجهون ظروفا مماثلة". وقالت ان "الانتظار 60 يوما رغم معرفتي أن العديدين يمكن أن يموتوا وسوف يموتون إذا لم تتحسن الظروف، هو أمر غير مسؤول من جانبي كمقررة خاصة". واضافت أن خبراء الأمم المتحدة يتعين عليهم تقديم اشعار ب48 ساعة على الأقل للدول قبل إصدار اعلان عام عنها، وأكدت انها منحت القاهرة أسبوعا كاملا.

اضف تعليق