لا تزال مأساة المهاجرين غير الشرعيين على قوارب الموت مستمرة بسبب بعض الاجراءات والقوانين الصارمة التي تتبعها بعض الدول وخصوصا الدول الاوربية التي تعد واجهة مهمة للكثير من المهاجرين الفارين من جحيم الحروب والازمات والمشكلات المتفاقمة كما يقول بعض المراقبين الذين اكدوا على ان هذه القضية المهمة اصبحت اليوم من اهم القضايا واخطرها خصوصا وان التقارير الخاصة تشير الى تفاقم مأساة المهاجرين وبسبب التشديد القوانين والاجراءات والابتزاز الذي تقوم به العصابات الاجرامية ومافيا التهريب والاتجار بالبشر، والتي اثارت قلق ومخاف العديد من المنظمات ولمؤسسات الإنسانية والدولية، التي انتقدت وبشكل واضح وصريح حكومات الاتحاد الاوربي.
وقال برنار كوشنير وزير خارجية فرنسا الأسبق وأحد مؤسسي منظمة "أطباء بلا حدود" للاغاثة إن أوروبا كلها تتحمل الذنب في ترك مئات من المهاجرين يلقون حتفهم في البحر المتوسط. وقال كوشنير لصحيفة لو باريزيان "في هذه المسألة.. أوروبا مذنبة لتقاعسها عن مساعدة شخص في حالة خطر. عار علينا." مستخدما التوصيف القانوني لجريمة يعاقب عليها القانون الفرنسي. وأضاف "قبل أي شيء آخر لنلقي بطوق نجاة إلى كل هؤلاء الناس الذين يغرقون بانشاء أسطول انقاذ أوروبي من الدول الثمانية والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. زورق انقاذ واحد من كل دولة."
وبحسب بعض المصادر فقد شهد هذا العام ارتفاعاً مأساوياً لعدد الموتى من المهاجرين الذين حاولوا عبور البحر الأبيض المتوسط عبر قوارب الموت، فقد تضاعف العدد عشر مرات مقارنة مع العام 2014، حسب الوكالة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة. وحسب خفر السواحل الايطاليين، فقد أنقذوا ما لا يقل عن 638 شخصا في ست عمليات إنقاذ مختلفة جرت في يوم واحد فقط. وبحسب ما نقل عن جويل ميلمان، الناطق باسم المنظمة الدولية للهجرة فإن شهر أبريل/ نيسان 2015 هو فعلا أقسى شهر، و فيه أعلى الأرقام للموتى التي شهدنا في شهر واحد في البحر المتوسط. لدينا لحد الآن هذا العام 1776 قتيلا في البحر المتوسط. كما تشير بعض التقارير الى ان السلطات والسفن التجارية تنقذ ما بين 500 و1.500 مهاجرا يوميًا، حتى إنه تم إنقاذ 10.000 مهاجرا من قبل خفر السواحل خلال عطلة نهاية الاسبوع بين 11 و12 أبريل/ نيسان.
ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، فقد قتل 22.000 مهاجرا حاولوا الوصول إلى أوروبا منذ عام 2000، وذلك أساسًا من خلال طرق محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط، أي بمعدل 1.500 غريق سنويًا. ونشر في هذا التقرير عدة خرائط ورسوم بيانية تظهر إن البحر الأبيض المتوسط، البوابة الطبيعية لأوروبا، يأتي للأسف في أعلى ترتيب المناطق التي تشهد حتف المهاجرين؛ حيث توفي 3.072 مهاجرًا بين يناير وسبتمبر من سنة 2014، أي 75٪ من الوفيات في العالم.
والمنطقة الثانية من ناحية عدد الوفيات هي إفريقيا الشرقية مع 251 حالة وفاة لنفس الفترة. وقد حددت المنظمة الدولية للهجرة خمسة طرق مفضلة من المهاجرين: طريق غرب إفريقيا، طريق البحر الأبيض المتوسط الغربي، طريق البلقان، طريق شرق البحر المتوسط، وأخيرًا الطريق المركزي الذي يصل تونس وليبيا بإيطاليا.
عار يلاحق أوروبا
وفي هذا الشأن ربما تدفع مشاعر الغضب الشديد التي تتأجج في النفوس بسبب غرق مئات اللاجئين الساعين للوصول إلى شواطيء المتوسط الشمالية قادة أوروبا إلى تغيير سياستهم التي يندد بها منتقدوها ويقولون إنها تقوم على السماح بغرق البعض لردع آخرين من المعدمين. وربما يصبح المانع المائي الذي يشكله البحر المتوسط بين أوروبا وجيرانها الأقل حظا أقل تنفيرا بعض الشيء حتى إذا ظل التركيز على تثبيط الهمم عن عبور البحر بوسائل أخرى غير الوسائل التي تنطوي على الموت غرقا.
وفي رد فعل سريع على مقتل زهاء 700 شخص على قارب صيد كان في طريقه من ليبيا إلى ايطاليا يلتقي وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي ومن المحتمل أيضا أن يجتمع قريبا قادة الحكومات الذين طالب بعضهم بالفعل بالتغيير. ومع ذلك فعليهم التصدي لمعضلة دفعتهم لتقليص عملية إنقاذ في أكتوبر تشرين الاول الماضي بسبب مخاوف بلورها وزير الداخلية الألماني في تصريح قال فيه إن هذه العملية أصبحت "معبرا إلى أوروبا" لمئات الالاف الهاربين من الفقر في أفريقيا والشرق الأوسط. وبعد أن كانت الأحزاب المناهضة للمهاجرين مصدر إزعاج للحكومات أصبحت هذه الحكومات تواجه الآن موجة غضب بسبب تجاهل كارثة انسانية.
وكتب الحقوقي الألماني هيربرت برانتل في صحيفة زودويتشه تسايتونج يقول "قد يملك الاتحاد الاوروبي الوسائل لانقاذ اللاجئين الفارين من جحيم سوريا وليبيا لكنه يتركهم يغرقون." ويضيف "أوروبا تستخدم اللاجئين الموتى لحماية نفسها من الآخرين. لقد حصنت أوروبا نفسها."
وتحدث رئيس البرلمان الاوروبي عن شعور "بالعار". ورحب نشطاء يدافعون عن اللاجئين بالمطالب الشعبية التي قد تؤدي إلى التغيير رغم اقتصارها على مصالح ذاتية في قارة تموج بالقلق بسبب البطالة والتهديدات الارهابية. وأصبحت سهولة الحصول على وضع اللجوء على الشواطيء الجنوبية لاوروبا وكذلك حملة لإنهاء الخلافات بين دول الاتحاد الاوروبي حول الأعداد التي تقبلها كل دولة من اللاجئين عناصر في استراتيجية تعمل عليها الذراع التنفيذية للاتحاد الاوروبي.
غير أن أعداد القتلى ربما تحول المد في الأجل القصير لصالح البعض مثل رئيس الوزراء الايطالي ماريو رينتسي الذي يدعو إلى زيادة الموارد البحرية للاتحاد الاوروبي لانقاذ الارواح وتقلب المائدة على الذين شبهوا عملية الانقاذ التي كانت تنفذها ايطاليا في العام الماضي تحت اسم ماري نوستروم "بخدمة عبارات" للمهاجرين غير الشرعيين. وقال ليونارد دويل المتحدث باسم المكتب الدولي للهجرة في جنيف "موضوع قتلى المهاجرين هذا شق طريقه في نهاية المطاف إلى شاشة الرادار الدولية. فقد بدأنا نشهد رد فعل الناس للجانب الانساني منه."
وقد انتقدت الحكومة البريطانية مهمة محدودة نفذها الاتحاد الاوروبي للبحث والانقاذ وقالت إنها قد تؤدي إلى استدراج أعداد أكبر من المهاجرين للخروج إلى البحر. وقالت جويس انلي الوزيرة بوزارة الخارجية للبرلمان في لندن خلال أكتوبر تشرين الاول "هم يخلقون عامل جذب غير مقصود بتشجيع المزيد من المهاجرين على محاولة العبور المحفوف بالمخاطر للبحر ومن ثم يؤدون إلى المزيد من الوفيات المأساوية وغير الضرورية."
كما أشارت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي إلى عامل الجذب في وثيقة داخلية. وتطرح الوثيقة عامل الجذب كأحد مخاطر اقتراح لتسيير دوريات بحرية للتصدي لعمليات تهريب النفط الليبي وتهريب السلاح. لكن دويل المتحدث باسم المكتب الدولي للهجرة قال "ما من دليل على أن من الممكن أن نرى وجود عامل جذب في تنظيم مهمة لانقاذ الأرواح." وقال نيلز فرنزن أستاذ القانون بجامعة جنوب كاليفورنيا الذي ساعد في تحدي الرد الامريكي للاجئين في هايتي خلال التسعينات إن الأدلة الإحصائية غير واضحة.
وفي حين ارتفعت أعداد المهاجرين في السنة التي أعقبت بدء عملية الانقاذ ماري نوستروم في ايطاليا ردا على غرق عدد كبير من المهاجرين عام 2013 قبالة جزيرة لامبيدوزا فقد قال فرنزن إن ذلك واكب أيضا عامل طرد من جراء زيادة العنف في سوريا وليبيا. وأدى العداء للمهاجرين حتى من جانب بعض الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الاوروبي إلى "موقف سلبي" من الزعماء الاوروبيين.
وقال فرنزن إنهم سيجدون صعوبة أيضا في إقامة مخيمات إيواء في شمال أفريقيا والشرق الاوسط مثلما فعلت السلطات الأمريكية مع لاجئي هايتي في قاعدة جوانتانامو البحرية في كوبا خلال التسعينات. وأضاف "سيكون علينا وضع برنامج يشارك فيه مئات الالاف. فهذه المخيمات تصبح جيوبا مستقلة وتصبح المشاكل الأمنية كابوسا." وبخلاف الفوضى الضاربة في سوريا والعراق وليبيا والتي كان من أسبابها التدخلات الاوروبية في تلك الدول سيظل فارق الثراء الهائل بين جانبي البحر المتوسط عامل جذب للمهاجرين لأسباب اقتصادية. بحسب رويترز.
لكن سكا كيلر المتحدثة في شؤون الهجرة عن الخضر في البرلمان الاوروبي رأت أن الضغط الشعبي سيضع نهاية للسياسة التي ينتهجها الاتحاد الاوروبي ومن خلالها "يترك الناس يغرقون". وقالت "إن مجرد كون المعارضين للهجرة هم الأعلى صوتا لا يعني أنهم الأغلبية. وأعتقد أن تحولا قد حدث." وفي أعقاب حادث الغرق الأخير لم تتجدد الانتقادات الأخيرة لعمليات الانقاذ. ووصف وزير الداخلية الألماني توماس دو مازيير الحادث بانه "مأساة" وقال إن على الاتحاد الاوروبي تعزيز الجهود لتنسيق العمل على استراتيجية للهجرة. وانتقد الكاتب المسرحي البريطاني اندرز لستجارتن "الضعف الأخلاقي" و"الخبث من خلال الوكلاء" الذي يراه في قيام الاتحاد الاوروبي بخفض الموارد المتاحة لانقاذ المهاجرين. وتعرض للمؤلف المسرحي لستجارتن حاليا في لندن مسرحية (لامبيدوزا) التي يتناول فيها كيف يتحدى الناس العاديون القوى الأكبر التي تحرك اللاجئين اليائسين والبؤس الاقتصادي. وقال "رد الفعل الشعبي هو الشيء الوحيد الذي سيوقف ذلك." ولأن القراء تداولوا مشاركة ما كتبه عن أزمة اللاجئين في صحيفة الجارديان أكثر من 12 ألف مرة فهو يعتقد أن ذلك الأمر قد بدأ يحدث.
مهمة حربية بحرية
الى جانب ذلك أظهرت وثيقة أوروبية أن الاتحاد الاوروبي يدرس إمكانية ارسال سفن حربية إلى الساحل الليبي للتصدي لمهربي النفط والسلاح لكنه يخشى أن تشجع هذه الخطوة المزيد من المهاجرين على الخروج للبحر على أمل أن تنقذهم هذه السفن وتنقلهم لاوروبا. وفي إشارة صريحة للمخاوف الاوروبية من أن يدفع إنقاذ المزيد من الارواح بعصابات التهريب لتكديس المزيد من الناس في مراكب غير مأمونة حذرت الوثيقة التي تمت صياغتها قبل حادث غرق المئات من "عامل الجذب" الذي قد يشكله وجود القوة البحرية باستدراج المزيد من المهاجرين للتوجه إلى أوروبا.
وامتنعت متحدثة باسم المفوضية الاوروبية عن التعقيب على هذه الوثيقة. واستبعد دبلوماسيون في الاتحاد الاوروبي أن ترى مثل هذه المهمة النور في المستقبل القريب. وتعد المهمة البحرية المقترحة واحدة من عدة خيارات اقترحها مسؤولون في الاتحاد الاوروبي يعملون مع فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد وتضمنتها الوثيقة السرية حول السبل التي يمكن ان يدعم بها الاتحاد بدوله الثمانية والعشرين حكومة وحدة وطنية مقترحة إذا نجحت المحادثات التي تجري بوساطة الأمم المتحدة بين الفصائل المتحاربة في ليبيا.
المهاجرون الأطفال
على صعيد متصل فر اسماعيل بنجورا اليتيم ابن الستة عشر عاما من سيراليون في يوليو تموز الماضي عندما أهلك فيروس الايبولا ثمانية من أفراد عائلته. وبعد شهور وبينما هو في طريقه من ليبيا إلى إيطاليا انقلب المركب الذي كان يقله. ونجا من الموت بالتعلق بحبل ألقته سفينة إنقاذ بينما غرق العشرات من حوله في البحر. واليوم يعيش بنجورا في ملجأ في هذه البلدة الصقلية الواقعة على قمة تل. وأصبح فردا من جيش متنام من المهاجرين الأطفال اليتامى الذين تلقي بهم الأمواج على شواطيء أوروبا لتضيف عنصرا مأساويا جديدا لأزمة الهجرة إلى القارة الاوروبية.
وقال بنجورا صاحب الصوت الخفيض وهو يجلس في الفناء الأمامي للملجأ "أنا سعيد لأني ما زلت على قيد الحياة." وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن عدد المهاجرين الوافدين إلى إيطاليا بحرا هذا العام سيتجاوز الرقم القياسي الذي سجل العام الماضي وهو 170 ألفا. ووصل 10 آلاف مهاجر. وقال ناجون إن 400 آخرين غرقوا قبل الوصول إلى الشواطيء الايطالية. وشهد عدد القصر الذين يسافرون وحدهم دون عائل أو ولي أمر في هذه الهجرة الجماعية زيادة كبيرة وارتفع عدد القصر الوافدين إلى ايطاليا لثلاثة أمثاله في عام 2014 مقارنة بالعام السابق.
ويمثل ذلك مشكلة على وجه الخصوص للدول الأمامية مثل ايطاليا واسبانيا واليونان. ويمنع القانون الايطالي ترحيل القصر إلى بلدانهم الأصلية ويفرض على الحكومة توفير الرعاية الصحية والتعليم لهم. وتتعرض الدول المضيفة لضغوط بالفعل. ففي ايطاليا يعيش الآن 13 ألفا من المراهقين أغلبهم من الصبية الهاربين من الصراعات والفقر والاضطهاد في مراكز لايواء المهاجرين بجوار الملاجيء المقامة لايواء البالغين والتي امتلأت عن آخرها بنحو 80 ألفا من المهاجرين.
ومن المتوقع أن ترتفع الأعداد بسبب الطفرة السكانية العالمية. ويقول صندوق السكان التابع للامم المتحدة إن عدد الذين تتراوح أعمارهم بين العاشرة والرابعة والعشرين يزيد الآن على ما كان عليه في أي وقت خلال تاريخ البشرية أغلبهم يعيشون في دول فقيرة. وقال موريزيو البحري الأستاذ بجامعة نوتر دام في ساوث بيند بولاية انديانا ومؤلف كتاب سينشر قريبا بعنوان "جرائم السلام: هجرات البحر المتوسط وأكثر حدود العالم فتكا" إن البحر المتوسط سيظل معبرا مزدحما ومنطقة لهلاك العابرين.
وفي مواجهة هذا الاحتمال تحاول ايطاليا تطبيق نظام طويل الأجل لايواء موجات القصر الوافدين مستقبلا ودمجهم في المجتمع. وتسعى ايطاليا للاستفادة من أموال الاتحاد الاوروبي في فتح ملاجيء جديدة تخضع لمراقبة الجماعات ذات الاهتمامات الانسانية التي تسعى لدمج هؤلاء الصغار في المجتمع. وثمة مقاومة. فبعض الساسة اليمينيين لا سيما في شمال ايطاليا حيث الرواج الاقتصادي يعارضون فتح ملاجيء في مناطقهم. وقال إقليما لومباردي وفينيتو الشماليان اللذان يحكمهما حزب الرابطة الشمالية المعارض للهجرة إنهما لن يقبلا أي مهاجرين جدد.
وتعد الزيادة في أعداد المهاجرين عبر البحر المتوسط هذا العام نتيجة رئيسية لعدم الاستقرار السياسي في الصومال واريتريا وكذلك ما حدث مؤخرا في ليبيا من انهيار للنظام بالإضافة إلى الحرب الأهلية الدائرة في سوريا. وفي العام الماضي دفعت مخاوف مالية ايطاليا لوقف مهمة دائمة للبحث والانقاذ تحت مسمى ماري نوستروم. غير أن حرس الحدود وسلاح البحرية في جنوب ايطاليا ما زالا ينقذان المهاجرين يوميا خشية غرقهم وسط الأمواج العاتية.
وتفصل ايطاليا القصر الواصلين دون عائل عن البالغين في الملاجيء. غير أن الكثير من ملاجيء الصغار تفتقر للمتخصصين بمن فيهم المترجمون والمدرسون. ولم توفر هذه الملاجيء للوافد أكثر من فراش للنوم ووجبة وبعض الملابس الرخيصة. وقال ماريو موركوني المسؤول عن الهجرة في وزارة الداخلية أمام لجنة برلمانية "الطريقة التي استوعبنا بها أكثر من 14 ألف قاصر في العام الماضي تجعلني أشعر بالخزي لكوني ايطاليا." وتحاول ايطاليا تغيير دفة الأمور. ففي مارس آذار استكملت الدولة مناقصة بقيمة 13 مليون يورو لانشاء عشرة مراكز إيواء جديدة كملجأ أولي للمهاجرين حيث يقيم عدد لا يتجاوز 50 قاصرا في الملجأ ويحصلون على الرعاية الصحية الأساسية ويحضرون فصولا لتعلم اللغة لمدة تصل إلى 90 يوما. ويجري الإعداد لمناقصة لإقامة عشرة مراكز أخرى.
وبعد الإقامة في الملجأ الأولي ينقل القصر إلى تجمع يقيم فيه 12 طفلا حيث يتم قيدهم في مدرسة ويشاركون في أنشطة مختلفة من بينها كرة القدم. وتعين المحاكم الايطالية أوصياء على الأطفال الذين يشترط القانون أن يظلوا في هذه التجمعات حتى بلوغ سن الثامنة عشرة. وقال دانييل كوتونيو الاخصائي النفسي الذي يدير الملجأ الذي يعيش فيه بنجورا "نحن الآن نبني مستقبل بلدنا لأن أمامنا مزيجا من الناس الذين يعيشون هنا ويريدون العيش هنا ويريدون المساهمة."
وقال دومينيكو مانتسيوني وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة إن من المنتظر إقامة تجمعات تضم نحو ألف من القصر قريبا رغم أنه قال إن الأمر سيتطلب إقامة المزيد. وأضاف "لا يمكن إخفاء أننا نواجه مهمة أكبر من أن تكون بسيطة لأن عدد الوافدين يفرض ضغوطا على مؤسسات تنوء بالفعل بهذا العبء." ويقع الملجأ الذي يعيش فيه بنجورا و55 طفلا افريقيا غيره على مشارف مدينة كالتاجيروني التي يقل سكانها عن 40 ألفا وتشتهر بصناعة الخزف. والملجأ عبارة عن فيلا من طابقين مبنية من الحجر وبها فناء فسيح.
ويقول أغلب الصبية هناك إنهم لم يخططوا للسفر إلى ايطاليا ولكل منهم سبب مأساوي دعاهم للبحث عن مستقبل بعيدا عن الوطن في سن ينشغل فيها أقرانهم في الغرب بألعاب الفيديو ودروس قيادة السيارات. وقال أبو بكر ديبا (17 عاما) إنه رحل عن جامبيا عندما توفي أبوه وخسرت أسرته أرضها. أما مصطفى كانته (18 عاما) فقال إنه غادر جامبيا عندما مات أبوه وضربه أحد الأعيان بأنبوب معدني وهدده بالقتل. بحسب رويترز.
وروى كل من الصبية والشبان إنه تعرض للضرب والسجن. وقال بنجورا إنه ما زال يعاني من الصداع منذ أن تعرض للضرب بمقبض مسدس في ليبيا. وقال بنجورا إنه اختطف لمدة أسبوعين عندما وصل إلى ليبيا وحاول خاطفه الحصول على فدية. ثم دخل السجن قبل أن يجد نفسه على مركب مبحر إلى ايطاليا. ويقول بنجورا الآن إنه يصوم ويصلي وينتظر الفرج. ويضيف "لم أكن أعرف شيئا عن ايطاليا قبل مجيئي. والآن أريد أن أقضي حياتي هنا. أنا هنا طلبا للمساعدة. ومهما فعل الايطاليون سأظل صبورا حتى يمكنهم مساعدتي."
اضف تعليق