قضية الفتاة السعودية الهاربة من أسرتها رهف محمد القنون بسبب العنف والاضطهاد، والتي أثارت جدلًا كبيرًا في الأوساط الدولية بسببِ تشابك خيوط قصتها، ما تزال محط اهتمام اعلامي واسع خصوصا وان هذه القضية قد اعادت إلى الأضواء من جديد قضية الظروف الصعبة والقيود الكثيرة التي تعيش فيها النساء السعوديات...
قضية الفتاة السعودية الهاربة من أسرتها رهف محمد القنون بسبب العنف والاضطهاد، والتي أثارت وبحسب بعض المصادر جدلًا كبيرًا في الأوساط الدولية بسببِ تشابك خيوط قصتها، ما تزال محط اهتمام اعلامي واسع خصوصا وان هذه القضية قد اعادت إلى الأضواء من جديد قضية الظروف الصعبة والقيود الكثيرة التي تعيش فيها النساء السعوديات. كما ان هذه القضية تأخذ بعدا خاصا لأنها تأتي بعد جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في 2 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ووفقا للمعمول به في المملكة العربية السعودية فإن المرأة يتعين عليها أن تحصل على تصريح من أحد أقاربها الرجال للعمل، أو السفر، أو الزواج، أو حتى فتح حساب في البنك وغيرها من الامور الاخرى، وكانت رهف قد فرت من عائلتها، التي كانت تمضي إجازة في الكويت المجاورة، وتقول رهف القنون إنّها كانت في إجازة مع أسرتها في الكويت فقررت الفِرار إلى أستراليا على أمل تقديم طلب لجوء عن طريق استقلال طائرة من بانكوك لكنّها تفاجأت وصُدمت بسبب مطاردتها من قِبل دبلوماسي سعودي أصرّ على احتجاز جواز سفرها.
وقد تحركت عدة هيئات أممية، وجماعات دولية لحقوق الإنسان، بجانب السلطات التايلاندية، لمعالجة قضية رهف، التي كانت قد تحصنت بغرفتها في أحد فنادق المطار، رافضة مغادرتها خشية إعادتها إلى الكويت، حيث قالت إن عائلتها ربما تقوم بقتلها. وُلدت رهف عام 2000 في السعودية وعاشت وترعرت هناك حتى سنّ التسعة عشر. ويشغلُ والدها منصبَ حاكم بلدة السليمي في منطقة حائل ولديها تسعُ أشقاء. حسبَ تصريحات رهف؛ فإنّ أسرتها منعتها من الدراسة في الجامعة التي تُريد هي الدراسة فيها كما حبسها شقيقها بمساعدة من والدتها لشهور وذلك بعدما قصّت شعرها بل تعرضت للإيذاء الجسدي والنفسي وكانت قابَ قوسين أو أدنى من أن يُفرض عليها زواج تقليدي بدون رغبتها.
اللجوء الى أستراليا
وفي هذا الشأن قالت الحكومة الأسترالية إنها تدرس استقبال الشابة السعودية رهف محمد القنون كلاجئة، بعد أن فرت إلى تايلاند خشية أن يقتلها أهلها، وذلك بعد أن أحالت الأمم المتحدة قضيتها إلى أستراليا لدراستها. ووصلت رهف (18 عاما) إلى بانكوك سعيا للحصول على اللجوء. وقالت أستراليا إنها ستدرس استقبالها إذا اعتبرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لاجئة. وقالت وزارة الأمن الداخلي الأسترالية في رسالة بالبريد الإلكتروني ”أحالت المفوضية الآنسة رهف محمد القنون إلى أستراليا لبحث استقبالها كلاجئة“. وأضافت الوزارة أنها ستبحث الطلب ”على النحو المعتاد، كما تفعل مع كل طلبات الإحالة التي تقدمها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين“. وأحجمت عن التعليق بما هو أكثر من هذا. وامتنع أيضا مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تايلاند عن التعليق.
وقال سوراتشات هاكبارن رئيس إدارة الهجرة في تايلاند إن رهف رفضت لقاء والدها وشقيقها اللذين وصلا إلى بانكوك. وأضاف ”أراد أن يتأكد أن ابنته في أمان... وقال لي إنه يريد أن يأخذها معه“. وقال إن الأب نفى ما ذكرته ابنته من أن الأسرة تؤذيها بدنيا ومعنويا. ومضى قائلا إن الأب سيبقى في تايلاند تحت رعاية السفارة السعودية إلى أن يتضح إن كانت رهف ستحصل على حق اللجوء وأين.
ومن المقرر أن تصل وزيرة الخارجية الأسترالية ماريس بين إلى بانكوك في زيارة مرتبة مسبقا ستبحث خلالها قضية لاعب كرة القدم البحريني حكيم العريبي الذي حصل على وضع لاجئ في أستراليا لكنه محتجز في تايلاند. وكانت تايلاند قد رفضت في البداية دخول رهف لدى وصولها. وسرعان ما بدأت الشابة السعودية في نشر رسائل على تويتر من منطقة الترانزيت في مطار سوارنابوم في العاصمة بانكوك قائلة إنها فرت من الكويت وستكون حياتها في خطر إن هي أعيدت للسعودية.
وفي غضون ساعات كانت حملة قد بدأت على تويتر وسرعان ما انتشرت عبر العالم. وخلال 36 ساعة كانت الحكومة التايلاندية قد عدلت عن قرارها وضع الفتاة في طائرة تعيدها إلى أسرتها. وسمحت لها تايلاند بالدخول وبدأت عملية السعي للجوء إلى دولة ثالثة من خلال مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وجذبت قضية الشابة السعودية انتباه العالم إلى القواعد الاجتماعية الصارمة بالمملكة، ومن بينها إلزام المرأة بالحصول على إذن ولي أمرها قبل السفر، وهو ما تقول منظمات حقوقية إنه قد يبقي فتيات وسيدات أسيرات عائلات تسيء معاملتهن.
ويأتي هذا في وقت يدقق فيه حلفاء السعودية الغربيون في تصرفاتها إثر مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصليتها في اسطنبول في أكتوبر تشرين الأول وبسبب التبعات الإنسانية لحربها في اليمن. وربما تبحث وزيرة الخارجية الأسترالية قضية رهف مع نظيرها التايلاندي، رغم أن بيانا رسميا أستراليا ذكر اسم العريبي فقط قبل الزيارة. بحسب رويترز.
وكانت السلطات التايلاندية قد اعتقلت العريبي ووجهت إليه اتهامات أواخر العام الماضي. وطلبت البحرين من تايلاند ترحيله، وهو محتجز انتظارا لجلسة محاكمة لتقرير مصيره. وقالت بين في بيان ”منحت الحكومة الأسترالية العريبي إقامة دائمة اعترافا بوضعه كلاجئ“ مضيفة أنها ستسعى لإعادته إلى أستراليا. وقالت منظمة العفو الدولية إنه ينبغي للسلطات التايلاندية ”التعامل بإنسانية“ مع العريبي بنفس طريقة تعاملها مع رهف.
أنقذوا رهف
وأنشأت فتاة سعودية عمرها 18 عاما حسابا جديدا على موقع تويتر عندما مُنعت من دخول تايلاند بعد هروبها مما وصفته ”بتعنيف“ عائلتها لها. ونشرت رهف محمد القنون أولى رسائلها على الحساب باللغة العربية وتم نشرها من منطقة العبور في مطار سوفارنابومي في بانكوك. وقالت الرسالة: ”أنا الفتاة الهاربة من الكويت إلى تايلاند، حياتي على المحك وأنا الآن في خطر حقيقي إذا تم إرجاعي بالقوة إلى السعودية“.
وفي غضون ساعات انطلقت حملة على تويتر تحت وسم باللغة الإنجليزية يقول (#أنقذوا رهف). ودفعت، الحملة التي شارك بها نشطاء من جميع أنحاء العالم، الحكومة التايلاندية في غضون 36 ساعة من انطلاقها إلى التراجع عن قرارها إجبار الفتاة على الصعود على متن طائرة تعود بها إلى عائلتها. وسُمح لرهف بدخول تايلاند وبدأت عملية لنظر طلبها اللجوء إلى دولة ثالثة من خلال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقال فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، معلقا على الحملة العالمية ”كان الجميع يتابعون. عندما تعمل وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هذا ما يحدث“. وبعد رسالتها الأولى على تويتر، استمرت رهف بنشر الرسائل الواحدة تلو الأخرى بدون توقف لمدة خمس ساعات وقالت إنها تعرضت للتعنيف والتهديد من قبل أسرتها. وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية، لاحظت الناشطة المصرية-الأمريكية منى الطحاوي رسائل رهف التي كان مستخدمون سعوديون يعيدون نشرها على تويتر.
وبدأت الطحاوي من مونتريال في ترجمة وإعادة نشر الرسائل التي كتبتها رهف باللغة العربية في الساعة الرابعة صباحا بتوقيت تايلاند، وذلك على الرغم من أنها لم تكن متأكدة في البداية من صحة الحساب. وقالت منى الطحاوي ”(كنت) أبذل قصارى جهدي لجذب الانتباه لها لأنني لم أكن لأسامح نفسي إذا كانت حقيقية وتجاهلت ذلك“.
وبعد نحو ساعتين في تايلاند لاحظت صحفية فيديو مقيمة في سيدني رسائل منى الطحاوي المترجمة وبدأت في إعادة نشرها. وبدأت الصحفية صوفي مكنيل من هيئة الإذاعة الاسترالية، في الرد على تغريدات رهف قبل أن تبدأ الاثنتان في التراسل الخاص مباشرة.
وبعد ثماني ساعات من بدء رهف في كتابة تغريداتها، بدأ روبرتسون الذي يعمل في منظمة هيومن رايتس ووتش ويقيم في بانكوك الكتابة عن هذه القضية على تويتر. وتواصل روبرتسون أيضا مباشرة مع رهف التي ردت عليه. وقال روبرتسون ”قالت بوضوح إنها عانت من سوء المعاملة جسديا ونفسيا. وأضافت أنها قررت أن ترتد عن الإسلام. وبمجرد أن قالت ذلك أدركت أنها في مشكلة خطيرة“. والردة عن الإسلام جريمة يعاقب عليها بالقتل وفقا لمفهوم الشريعة الذي تطبقه السعودية. ولم تطبق السعودية مثل هذه العقوبة في تاريخها الحديث.
وأبلغ روبرتسون المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تايلاند وعددا من السفارات الأجنبية بقضية رهف وبدأت تلك الجهات في التواصل مع السلطات التايلاندية. وفي هذه الأثناء قررت الصحفية مكنيل السفر جوا إلى تايلاند ومحاولة اللقاء مع رهف. وقالت مكنيل ”لم أتحدث إليها مطلقا من قبل“. وأضافت ”بالنسبة لي كان من المهم توثيق هذه (القضية) وأردت أن أكون هناك وأشهدها“. وبينما كانت مكنيل على متن طائرة متوجهة من سيدني إلى بانكوك، تحصنت رهف داخل فندق مخصص للعابرين من المسافرين عبر المطار وكانت خائفة من إجبارها على العودة إلى الكويت في الرحلة المقبلة. وظلت رهف ترسل تغريدات على تويتر وتتواصل مع روبرتسون. وأخرج مسؤولان تايلانديان رهف من غرفتها لكنهما سمحا لها بالعودة إليها مرة أخرى.
وقال روبرتسون الذي يعمل مع هيومن رايتس ”لقد صورت (رهف) هذين الشخصين اللذين تحدثا معها“. وأضاف ”قالا لها بكل وضوح إنهما جاءا لاصطحابها إلى رحلة الخطوط الجوية الكويتية رقم 412.
وفي هذه الاثناء كانت وسائل إعلام عالمية بدأت في الكتابة عن قصة رهف بينما أكدت سلطات الهجرة في تايلاند أنها سترحل رهف. وبثت رهف تسجيلا مصورا صورت فيه نفسها وهي تدفع طاولة أمامها لتحصن باب غرفتها في الفندق. وصلت مكنيل إلى تايلاند وتمكنت من الانضمام إلى رهف في غرفتها بالفندق. وقالت ”عندما اتضح أنها لن تغادر، رأيت أن من المهم البقاء وأن يكون هناك شخص يوثق ما يحدث“. ورفضت رهف فتح الباب عندما حضر عدة مسؤولين لاصطحابها إلى رحلة الخطوط الجوية الكويتية.
وقالت مكنيل ”كنا داخل الغرفة ودخل عدة أشخاص... كان هناك عدد من المتحدثين بالعربية حضروا واستخدموا لغة تهديد ليحاولوا إجبارها على صعود الطائرة“. وغادرت الرحلة متجهة إلى العاصمة الكويت من دون رهف. وعقد مدير مكتب الهجرة التايلاندي سوراتشاتي هاكبارن مؤتمرا صحفيا في المطار حضره عشرات من ممثلي الإعلام التايلاندي والدولي في منطقة العبور.
وبعد يوم من الإصرار على ضرورة أن تعود رهف إلى وطنها بموجب القانون التايلاندي، قال سوراتشاتي إنها لن تطرد على الفور لأنها قد تكون في خطر وإنه سيجتمع مع مسؤولين من الأمم المتحدة لبحث قضيتها. ووصل جوسيبي دي فينشيتيس مندوب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للاجتماع مع مسؤولين تايلانديين ورهف نفسها. وأبلغ سوراتشاتي الصحفيين بأنه سيسمح لرهف بدخول تايلاند والتقدم بطلب للجوء في بلد ثالث. بحسب رويترز.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة إن النظر في طلب رهف سيستغرق بعض الوقت وإن مسؤوليها يواصلون إجراء مقابلات معها في مكان لم يكشف عنه. ونفت السعودية في حسابها على تويتر أن تكون سفارتها في تايلاند طلبت تسليم رهف، رغم أن سوراتشاتي قال إن السفارة كانت على تواصل مع مكتب الهجرة قبل وصولها من الكويت.
والد رهف
قال سوراتشات هاكبان رئيس مصلحة الهجرة التايلاندية إن والد شابة سعودية في الثامنة عشرة من عمرها، فرت إلى تايلاند وقالت إنها تخشى أن تتعرض للقتل إذا عادت إلى عائلتها، وصل إلى بانكوك ويرغب في لقاء ابنته. لكن رئيس مصلحة الهجرة قال إنه يتعين على والد رهف محمد القنون وشقيقها الانتظار لمعرفة إن كانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ستسمح لهما بلقائها أم لا.
وقال سوراتشات للصحفيين ”يريد الأب والشقيق لقاء رهف والحديث معها لكن يتعين على الأمم المتحدة أن توافق على ذلك“. ويشعر ناشطون بالقلق بشأن ما ستفعله السعودية بعدما تراجعت السلطات التايلاندية عن قرار ترحيل الشابة وسمحت لها بدخول البلاد تحت رعاية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وقال فيل روبرتسون مساعد مدير شؤون آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان ”الأب هنا الآن في تايلاند وهذا مصدر قلق“. وأضاف ”لا نعلم ماذا يفعل هنا...وما إذا كان سيحاول معرفة مكانها ومضايقتها. لا نعلم إن كان سيطلب من السفارة القيام بذلك“.
ردا على سؤال عن سبب سعيها للجوء قالت رهف ”التعنيف الجسدي والنفسي واللفظي والحبس في المنزل لمدة شهور، تهديدهم بقتلي أو فصلي عن الدراسة“. وأضافت ”أواجه صعوبة في تحقيق طموحاتي لأن أهلي يرفضون كل شيء... حتى اختيار التخصص والوظيفة، مكتومة. ”أحب الحياة والشغل والدراسة وطموحة جدا لكن أهلي تمنعني من الحياة“. وتعيد قصة رهف محمد القنون صدى حالة امرأة سعودية أخرى كانت في منطقة ترانزيت في الطريق إلى أستراليا في أبريل/نيسان 2017.
وكانت تلك المرأة، واسمها دينا على لسلوم وهي في الـ24 من عمرها، مسافرة من الكويت إلى أستراليا عبر الفلبين، لكن أسرتها أعادتها إلى السعودية من مطار مانيلا. واستخدمت هاتف سائح كندي لإرسال رسالة، ومقطع فيديو على تويتر، قائلة إن أسرتها ستقتلها. ولا يزال مصيرها مجهولا بعد وصولها إلى السعودية. وتخشى الشابة السعودية أن تسجن إذا عادت إلى السعودية. وقالت "أنا متأكدة مئة في المئة أنهم سيقتلونني لدى خروجي من سجن سعودي"، مؤكدة أنها "خائفة" و"فاقدة للأمل".
اضف تعليق