q
ازمة انسانية خطيرة يعيشها اليمن اليوم بسبب استمرار المعارك والغارات، التي تقوم بها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في وقت سابق، أن الوضع الإنساني في اليمن قريب من بدء الهلاك الجماعي بسبب الجوع...

ازمة انسانية خطيرة يعيشها اليمن اليوم بسبب استمرار المعارك والغارات، التي تقوم بها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في وقت سابق، أن الوضع الإنساني في اليمن قريب من بدء الهلاك الجماعي بسبب الجوع. وقال أثناء جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في الشرق الأوسط، "لقد طلب مجلس الأمن معلومات عن الوضع الإنساني في اليمن. وباختصار إنه وضع معتم.. فإننا نخسر الحرب أمام الجوع".

وأشار إلى أن الوضع تردى بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة، مضيفا: "ربما نقترب الآن من نقطة اللا عودة التي سيكون من المستحيل منع الهلاك الجماعي للناس بسبب الجوع في البلاد". ولفت المسؤول الدولي إلى أن الأغذية في البلاد كلها مستوردة تقريبا، الأمر الذي "يقود مباشرة إلى ارتفاع حاد لأسعار المواد الغذائية بالنسبة لحوالي عشرة ملايين يمني يعانون من سوء التغذية لكنهم يبقون خارج نطاق العملية الإغاثية".

من جانب اخر قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن إن الوضع الإنساني تدهور بسرعة منذ انهيار محادثات رعتها المنظمة الدولية وتجدد القتال في مدينة الحديدة الساحلية حيث يواجه مئات الآلاف من السكان مصيرا مجهولا. وقالت ليز جراندي في بيان ”تدهور الوضع بشدة في الأيام القليلة الماضية. تشعر الأسر بالرعب من القصف والضربات الجوية“. وأضافت ”مطاحن وصوامع الحديدة تطعم الملايين. نشعر بقلق بالغ حيال مطاحن البحر الأحمر التي تحوي حاليا 45 ألف طن متري من الغذاء وهو ما يكفي لإطعام 3.5 مليون نسمة لمدة شهر. إذا دمرت المطاحن أو تعطل عملها ستكون التكلفة البشرية فادحة“.

وبحسب الأمم المتحدة فإن 22 مليون يمني، أي 75% من عدد سكان البلاد، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. ويتعرض اليمن منذ مارس العام 2015م لعدوان وحصار ظالم من قبل التحالف الذي تقوده السعودية والذي أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين إضافة إلى من توفوا بسبب الحصار والأمراض التي انتشرت في البلاد جراء العدوان.

وضع مقلق

وفي هذا الشأن حذرت الامم المتحدة من ان القصف والغارات اليومية التي تتعرض لها محافظة الحديدة اليمنية استهدفت عمال الاغاثة والبنى التحتية وتهدد القدرة على تأمين المواد الغذائية ل 3,5 مليون شخص "يعانون من الجوع الشديد". وقال برنامج الأغذية العالمي أنه "قلق للغاية بشأن سلسلة الحوادث الأمنية في مدينة الحديدة خلال الأيام القليلة الماضية وحول مناطق تفادي النزاع المهمة للاستجابة الانسانية في اليمن" واصفا الوضع بأنه "مقلق".

وحذر البرنامج التابع للأمم المتحدة من أن "النزاع يهدد استمرارية المساعدات الإنسانية للمدينة والمناطق المحيطة بها التي هي الاكثر احتياجا في البلاد". واحتدم القتال خلال الأيام القليلة الماضية بالقرب من المدينة التي تعتبر مدخلا مهما للمساعدات، ولكن التحالف الذي تقوده السعودية يقول أن ميناء تلك المدينة يستخدم كذلك لتوصيل الاسلحة للحوثيين المدعومين من إيران. وإلى جانب خطر القتال يواجه المدنيون أيضا نقصاً حاداً في الغذاء والماء والدواء في محافظة الحديدة، وفقا للأمم المتحدة.

وفي آب/اغسطس قال برنامج الأغذية العالمي أنه قدم مساعدات غذائية طارئة لحوالى 700 الف شخص في المحافظة التي تعتبر معرضة لخطر شديد. وانتقد المتحدث باسم البرنامج ارفيه فيرهوسيل عدد الحوادث الأمنية التي تم الإبلاغ عنها بما فيها قصف صوامع مطاحن القمح على البحر الاحمر التي تحتوي على ربع مخزونات البرنامج الشهري من القمح الذي يحتاجه اليمن. وصرح للصحافيين في جنيف أن الاشتباكات الدائرة "يمكن أن تعرض للخطر شحنات من القمح مقدارها 46 ألف طن يتوقع أن تصل الى ميناء الحديدة ".

وأضاف أن الاشتباكات بالقرب من مطاحن القمح "يمكن أن تؤثر على قدرتنا على إطعام ما يصل إلى 3,5 مليون شخص ممن يعانون من الجوع الشديد في شمال ووسط اليمن لمدة شهر". وقال أن قصفا بالهاون شنته جماعة مسلحة غير معروفة أصاب مخزنا تابعا لبرنامج الأغذية العالمي في مدينة الحديدة "يحتوي على ما يكفي من الغذاء لإطعام 19200 شخص يعانون من الجوع الشديد". وصرح المتحدث أن ذلك القصف أدى إلى اصابة حارس عند المخزن. بحسب فرانس برس.

كما أنه تم الابلاغ عن قتال "في مكان قريب جدا" من مكاتب ومساكن برنامج الأغذية العالمي، بحسب فيرهوسيل. وقال أن هذا "يمكن أن يضر بسلامة وأمن 33 من موظفي البرنامج في مدينة الحديدة يعملون حاليا على مدار الساعة لمساعدة اليمنيين الذين يعانون من الجوع الشديد وسوء التغذية". وقال أن الوكالة تفعل كل ما باستطاعتها "لضمان سلامة وأمن موظفينا". وقتل نحو 10 آلاف شخص في النزاع في اليمن منذ 2015 عندما تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم الحكومة اليمنية.

جحيم لطفولة

من جانب اخر يزن الأطباء في قسم سوء التغذية في مستشفى في العاصمة اليمينة صنعاء رضعا برزت ضلوعهم وأصاب الهزال أطرافهم. ويتلقى عشرون طفلا أغلبهم تحت سن السنتين العلاج في ذلك القسم في مستشفى السبعين وهم من بين مئات الآلاف من الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد في البلد الفقير الذي يرزح تحت نيران الحرب منذ أكثر من ثلاث سنوات. وقالت ميرتسيل ريلانو مندوبة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن”الصراع حوّل اليمن إلى جحيم مقيم لأطفاله“.

وقالت إن أكثر من 11 مليون طفل أو ما يمثل نحو 80 بالمئة من سكان البلاد تحت سن الثامنة عشرة يواجهون خطر نقص الغذاء والإصابة بالأمراض والتشرد والنقص الحاد في الخدمات الاجتماعية الأساسية. وتابعت قائلة ”ما يقدر بنحو 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية في البلاد. أصيب ما يقرب من 400 ألف منهم بسوء تغذية حاد ويكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة يوميا“.

وتدخل تحالف من دول عربية سنية مسلمة بقيادة السعودية والإمارات في حرب اليمن في 2015 في مواجهة الحوثيين الموالين لإيران بعد أن دفعوا الحكومة المعترف بها دوليا للخروج من العاصمة صنعاء. وتسببت الحرب في أكثر الأزمات الإنسانية إلحاحا في العالم في البلد الذي يقطنه 28 مليون نسمة ويُعتقد أن 8.4 مليون منهم على شفا المجاعة فيما يعتمد 22 مليونا على المساعدات. وفرض التحالف إجراءات صارمة على الواردات القادمة إلى اليمن لمنع الحوثيين من الحصول على الأسلحة عبر التهريب لكن عمليات التفتيش أبطأت من تدفق السلع التجارية والمساعدات الحيوية للبلاد.

وتقول السعودية والإمارات إنهما تقدمان تمويلا وإمدادات لدعم جهود الإغاثة في اليمن. ويتهم الحوثيون التحالف بعرقلة الواردات القادمة إلى البلاد. وفي مستشفى السبعين يرقد رضيع يرتدي الحفاضات وهو ملفوف بالأغطية بينما يمر أنبوب تغذية عبر أنفه فيما بكى آخر وهو يوضع عاريا على الميزان. ورفضت أسر الأطفال التحدث لوسائل الإعلام. وقالت ريلانو ”أوضاع الأسر بلا وظائف ولا دخل وفي غمار الحرب.. كارثية“. بحسب رويترز.

وأضافت أن يونيسف قدمت رعاية علاجية لأكثر من 244 ألف طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد منذ بداية العام الجاري إضافة إلى تقديم علاج من نقص عناصر غذائية محددة لأكثر من 317 ألف طفل تحت سن الخامسة. وقالت ليز جراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن في بيان”التكلفة البشرية والأثر الإنساني لهذا الصراع لا يمكن تبريرهما“. وأضاف البيان ”أطراف الصراع ملزمون بفعل كل ما هو ممكن لحماية المدنيين والبنية التحتية وضمان قدرة السكان على الوصول للمساعدات التي يحق لهم تلقيها ويحتاجونها للنجاة“.

جريمة حرب

الى جانب ذلك اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، المعنية بحقوق الإنسان، التحالف بقيادة السعودية بارتكاب "جريمة حرب" إثر غارة استهدفت حافلة على متنها أطفال شمالي اليمن في أغسطس / اب الماضي. وقُتل 26 طفلا وأصيب 19 آخرون في غارة استهدف حافلة في سوق ضحيان المزدحم في شمالي اليمن. وقال بيل فان اسفليد الباحث في المنظمة إن "هذا الهجوم إضافة جديدة لسجل التحالف الشنيع في قتل المدنيين في حفلات الزفاف والجنازات والمستشفيات والمدارس في اليمن".

وأضاف قائلا "إن الدول التي لديها معرفة بهذا السجل ممن تزود السعوديين بالقنابل قد تكون متواطئة في الهجمات المستقبلية التي تقتل المدنيين". وتفيد تقارير بأن الولايات المتحدة ستسلم أسلحة حديثة بقيمة 7 مليارات دولار إلى السعودية والإمارات. وذلك بحسب بيان منظمة هيومن رايتس ووتش. وكان التحالف قد اعترف بأن الغارة الجوية التي أسفرت عن مقتل العشرات كانت "غير مبررة"، وتعهد التحالف بمحاسبة المسؤولين عن هذا الخطأ.

وقال التحالف في بيان بهذا الشأن إنه "سيواصل مراجعة قواعده الخاصة بالاشتباك للحيلولة دون تكرار مثل هذا الخطأ". وجاء في بيان للتحالف نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن: "قيادة القوات المشتركة تعبر عن أسفها لتلك الأخطاء، وتقدم تعازيها لأهالي الضحايا وتضامنها معهم وتتمنى للمصابين الشفاء العاجل". وأضاف البيان أن التحالف سيتخذ "كافة الإجراءات القانونية لمحاسبة كل من ثبُت ارتكابهم أخطاء وفق الأنظمة والقوانين المتبعة في مثل هذه الحالات، مع الاستمرار في مراجعة قواعد الاشتباك وتطويرها بما يضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث".

وأعلن التحالف عن منح مساعدات للمتضريين بالتعاون مع الحكومة الشرعية في اليمن. وقد أسفرت الغارات الجوية التي شنها التحالف الشهر الماضي عن مقتل 51 شخصا. ويأتي هذا الاعتراف النادر، من التحالف، بوقوع أخطاء في الغارات الجوية بعد حملة من الانتقادات الدولية بهدف التخفيف من خسائر الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وقال التحالف المدعوم من الغرب وقتها إن غاراته استهدفت منصات صواريخ استعملها االحوثيون المدعومون من إيران لضرب مدينة جيزان جنوبي السعودية، واتهم الحوثيين باتخاذ الاطفال دروعا بشرية.

وقال المستشار القانوني للتحالف، منصور أحمد المنصور، إن الغارات تمت استنادا إلى معلومات استخباراتية بأن الحافلة كانت تقل قياديين جوثيين، وهو ما يجعلها "هدفا عسكريا مشروعا"، ولكن ما ينبغي التحقيق فيه هو تأخير شن الغارات. وأضاف في مؤتمر صحفي في العاصمة السعودية: "فريق المحققين يعتقد أنه على التحالف مراجعة قواعد الاشتباك لضمان تطابقها مع القوانين". وأوصى المنصور أيضا بأن يحاسب التحالف المسؤولين عن الأخطاء وأن يمنح تعويضات للضحايا. بحسب فرانس برس.

وكان مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة اتهم في أول تقرير له عن حرب اليمن التحالف بقيادة السعودية وحركة أنصار الله الحوثية بانتهاك القانون الدولي الانساني. وقال خبراء المجلس إِن ضربات جوية شنها التحالف تسببت في خسائر بالغة في أرواح المدنيين، ربما تصل إلى مستوى جرائم الحرب. كما شدد التقرير على أن الانتهاكات تشمل الاعتداءات الجنسية وتجنيد الأطفال بصورة خاصة.

دفاع امريكي

من جانب اخر دافعت الإدارة الأمريكية عن التحالف العربي في اليمن قائلة إن عملياته العسكرية تتوخى الحذر ما أمكن كي لا تستهدف المدنيين. واعتبر وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس أن الطيارين السعوديين والإماراتيين الذين تدربهم الولايات المتحدة الأمريكية يتفادون المواقع والمنشآت المدنية. وتأتي تصريحات ماتيس عقب إعلان الأمم المتحدة أن بعض غارات قوات التحالف العربي في اليمن قد ترقى إلى "جرائم حرب".

أكد وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس أن بلاده ستستمر في التعاون مع التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن. ودافع ماتيس عن العمليات العسكرية للتحالف العربي التي قالت الأمم المتحدة، في تقرير أعده خبراء، إنها قد ترقى إلى "جرائم حرب. وأكدت الولايات المتحدة أنها ماضية في دعمها للتحالف العربي في مواجهة جماعة الحوثيين المدعومين من إيران. وقال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس خلال مؤتمر صحافي في العاصمة واشنطن "نتعاون مع السعوديين والإماراتيين منذ سنوات عدة، مع قيامنا بكل ما هو ممكن للحد من إمكانية إصابة أو مقتل مدنيين"، مضيفا "لم نواجه ولا مرة واحدة بنوع من اللامبالاة عندما عبرنا عن قلقنا" من طرف التحالف العربي.

وتابع ماتيس "نعلم أن التدريب الذي قدمناه لهم يعطي نتائجه"، معتبرا أن غارات التحالف التي يؤدي بعضها إلى مقتل العشرات من المدنيين هي "مجرد أخطاء" وصفها بالمأساوية. وقال الوزير الأمريكي أيضا "شاهدنا طيارين اكتشفوا وهم في الجو أن مهمتهم محفوفة بالمخاطر، فرفضوا إلقاء القنابل بينما سبق أن سمح لهم القيام بذلك (...) كما شاهدنا إجراءات اتخذت لتحديد المناطق" التي توجد فيها مدارس أو مستشفيات. وتابع ماتيس "نقر بأن أي خطأ هو مأساوي تماما، إلا أننا لم نلاحظ أي ازدراء من قبل الأشخاص الذين نعمل معهم (...) لذلك سنواصل العمل معهم للحد من هذه المأساة".

ويقدم العسكريون الأمريكيون الخبرات إلى الطيارين السعوديين والإماراتيين لتجنيب المدنيين القصفَ، إلا أن قوات التحالف العربي اتهمت مرارا بارتكاب تجاوزات، خصوصا في ما يتعلق بغارتين قتلتا في الثالث والعشرين من آب/أغسطس 26 طفلا في غرب اليمن. وأدت غارة أخرى نسبت إلى قوات التحالف العربي في محافظة صعدة في شمال اليمن إلى إصابة حافلة كانت تقل أطفالا ومقتل 40 منهم، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى المطالبة بفتح "تحقيق مستقل وحيادي" لمعرفة الأسباب التي أدت إلى مثل هذه العمليات. بحسب فرانس برس.

وختم ماتيس بالقول "نعم نحن نعيد بشكل دائم النظر في الدعم الذي نقدمه، إلا أن أفضل ما يمكن القيام به هو التوصل إلى مفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة". واتهمت الأمم المتحدة قوات التحالف العربي بالمسؤولية عن "جرائم حرب" في اليمن، وهو ما اعتبرته دول التحالف رضوخا لضغوط من جماعة الحوثيين. في حين أن الولايات المتحدة تقدم لهذه القوات التدريب والدعم بالوقود بشكل خاص.

اضف تعليق