منذ وصوله إلى البيت الأبيض سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى اتخاذ العديد من القرارات والمواقف المتشددة ضد الفلسطينيين، كان أبرزها وكما نقلت بعض المصادر في فبراير/شباط الماضي عندما تخلت ادارة ترامب عن حل الدولتين ثم قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وقرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة...
منذ وصوله إلى البيت الأبيض سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى اتخاذ العديد من القرارات والمواقف المتشددة ضد الفلسطينيين، كان أبرزها وكما نقلت بعض المصادر في فبراير/شباط الماضي عندما تخلت ادارة ترامب عن حل الدولتين ثم قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وقرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة. يضاف الى ذلك وقف مساهمة الولايات المتحدة الامريكية بتمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ثم اغلاق مقر البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن وغيرها من القرارات الاخرى، التي عدها البعض قرارات جائرة وغير منطقية يمكن ان تسهم بخلق صراع جديد في المنطقة، خصوصا وان تحركات ترامب قد اغضبت القادة الفلسطينيين وعززت رفضهم لخوض جهود دبلوماسية تقودها الولايات المتحدة. ورفض الفلسطينيون المشاركة في الجهود الأمريكية منذ ديسمبر كانون الأول عندما اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ثم قام بنقل السفارة الأمريكية إلى هناك.
وأقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّ التوصّل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين مهمة صعبة، وذلك بعد أن كان في الماضي أكثر تفاؤلاً. وقال ترامب "طوال حياتي، سمعتُ أنّ هذا أصعب اتفاق، وقد بدأت أعتقد أنه قد يكون كذلك". وأشار إلى أنّ صهره ومستشاره جاريد كوشنر والسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان يعملان بـ"جدّ"، مكرّرًا اقتناعه بأنه سينجح في هذا الملف الذي فشل فيه جميع أسلافه.
وقال ترامب "لقد حققنا تقدّمًا" وذلك في وقت تستمر القطيعة بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة ولم يتم تحديد أي موعد لتقديم عرض محتمل لخطة سلام. وألغى الرئيس الأميركي في نهاية آب/أغسطس أكثر من 200 مليون دولار من المساعدات للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. وتسعى ادارة ترامب الى ايجاد طرق ضغط جديدة على الفلسطينيين من خلال اشراك بعض الحلفاء العرب في هذه المهمة، وقال بعض المسؤولين الأمريكيين إن إدارة ترامب تأمل في أن تدعم السعودية وحلفاؤها العرب الآخرون خطتها للسلام بمجرد إطلاقها، لكنها لا تتوقع منهم ”محاولة دفع الفلسطينيين إلى اتفاق لا يريده الفلسطينيون“. ويعتمد ترامب بشكل كبير على الدول العربية لاستخدام نفوذها مع الفلسطينيين لإقناعهم بالقدوم إلى طاولة المفاوضات.
وفي الآونة الأخيرة، طمأن العاهل السعودي الملك سلمان الدول العربية الأخرى والفلسطينيين على أنه لن يؤيد أي خطة لا تعالج المخاوف الرئيسية للفلسطينيين. وأشارت إدارة ترامب إلى أنها من غير المحتمل أن تتراجع عن طرح الخطة حتى لو استمر الفلسطينيون في مقاطعتهم.
قرارات عقابية
وفي هذا الشأن دافع جاريد كوشنر مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره، بقوة عن القرارات العقابية الاميركية التي استهدفت الفلسطينيين، معتبرا انها لن تحول ابدا دون التوصل الى سلام في الشرق الاوسط. وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، تزامنا مع اغلاق مقر البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن بأمر من ترامب، اكد كوشنر ان هذا الاسلوب سيؤتي ثماره في النهاية. وقال "كان هناك كثير من الحقائق المغلوطة التي تمت اشاعتها والقول انه لا يمكن المساس بها، واعتقد ان هذا كان يجب ان يتغير".
واضاف "الامر الوحيد الذي نقوم به هو التعامل مع الوضع كما نراه من دون ان نخشى القيام بالامر السليم"، وذلك بعدما اتخذت ادارة ترامب في الاشهر الاخيرة سلسلة تدابير صادمة ابرزها وقف القسم الاكبر من مساعداتها المالية للفلسطينيين. وتابع كوشنر "اعتقد انه بفضل هذه المقاربة، هناك فرص اكثر للتوصل الى سلام فعلي". وعلقت السلطة الفلسطينية كل اتصالاتها مع الحكومة الاميركية منذ اعترف ترامب في كانون الاول/ديسمبر بالقدس عاصمة لاسرائيل.
رغم كل ذلك، اعتبر كوشنر ان المفاوضات ليست في مأزق وان المواقف قد تتطور بعد عرض خطة للسلام. وقال "في كل المفاوضات التي شاركت فيها (...) كانت الاجابة دائما كلا قبل ان يقول المرء نعم". ولم يعلن البيت الابيض حتى الان اي موعد لعرض خطته للسلام التي سبق ان اعلن ترامب انها ستشكل "اتفاقا نهائيا" بين اسرائيل والفلسطينيين. وأغلق مكتب البعثة الدبلوماسية الفرنسية في واشنطن أبوابه، بعد أيام على القرار الأمريكي بإيقاف عمل البعثة. وتوجه ممثل بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة حسام زملط برسالة إلى الشعب الأمريكي عبر فيس بوك، معبرا عن أسفه لهذا القرار على أمل عودة سريعة.
وقال ممثل بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة حسام زملط في شريط فيديو بثه على فيس بوك ووجهه إلى "الشعب الأمريكي الكبير"، "اليوم هو الموعد الذي حددوه لنا" لإنهاء عمل البعثة في واشنطن. وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت إغلاق مكتب البعثة، متهمة القادة الفلسطينيين برفض التحدث مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبعدم إجراء مفاوضات سلام مع إسرائيل. لكن المسؤولين الفلسطينيين الذين قطعوا كل الاتصالات مع الحكومة الأمريكية منذ أواخر 2017 بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، سارعوا إلى استنكار "التهديدات الأمريكية". ويتزامن القرار الأمريكي بإغلاق البعثة، مع الذكرى الـ25 لاتفاقات أوسلو التي كان يُفترض أن تقود إلى حل دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. بحسب فرانس برس.
وندد زملط بقرار "مؤسف وعقابي"، قائلا إن "إدارة ترامب لم تُعطنا سوى خيارين فقط: أن نفقد علاقتنا معها، أو نفقد حقوقنا كأمة. إن رئيسنا وقادتنا والشعب الفلسطيني قد اختاروا حقوقنا". وأبدى زملط "حزنه الشديد بسبب الوضع الحالي"، معبرا لـ"ملايين الأمريكيين الذين كانوا ولا يزالون أصدقاء فلسطين" عن الأمل في أن "تكون هذه اللحظة الحزينة قصيرة الأجل، لكي نعود مجددا في وقت قريب لنكون رمزا وانعكاسا للعلاقة التاريخية بين الشعبين الفلسطيني والأمريكي". ويؤكد البيت الأبيض أنه يعد خطة سلام يأمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يتوصل من خلالها إلى "اتفاق نهائي" بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
اسرائيل وقرارات ترامب
من جانب اخر أشاد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بقرار الولايات المتحدة إغلاق مقر البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن. وقال نتانياهو في بيان "لقد اتخذت الولايات المتحدة القرار الصائب بشأن بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن". وأضاف نتانياهو "اسرائيل تدعم الخطوات الاميركية التي تهدف إلى التوضيح للفلسطينيين أن رفض التفاوض ومحاولات مهاجمة اسرائيل في المنابر الدولية لن يؤدي إلى تقدم السلام".
وقالت وزارة الخارجية الاميركية أن أحد اسباب قرارها هو تحرك الفلسطينيين لملاحقة مسؤولين اسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وقالت أن مثل هذه التحركات تنتهك الشروط التي وضعت للبعثة في واشنطن. وانضمّت السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائيّة الدولية في كانون الثاني/يناير 2015 بعد ان وقّعت ميثاق روما الذي تأسّست بموجبه المحكمة. وقدّمت السلطة عدة شكاوى للمحكمة تتّهم فيها مسؤولين إسرائيليين بارتكاب جرائم، وبخاصة خلال الحرب على غزة في 2014، إضافة إلى جرائم مرتبطة بالاستيطان. وإسرائيل غير منضمّة للمحكمة ولا تنوي التعاون معها.
من جانب اخر قال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تستعد لانتقادات إسرائيلية لعناصر في خطة السلام في الشرق الأوسط التي لم يكشف النقاب عنها بعد حتى فيما تواجه واشنطن اتهامات فلسطينية متزايدة بأن الخطة ستنحاز بشدة لإسرائيل. قال جيسون جرينبلات، كبير مهندسي مبادرة السلام التي طال انتظارها، إن المفاوضين الأمريكيين دخلوا ”مرحلة ما قبل تدشين“ الخطة رغم مقاطعة القادة الفلسطينيين لها.
لكنه امتنع عن تحديد إطار زمني واكتفى بالقول إن الخطة لن يتم الإعلان عنها في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كما لم يقدم أي تفاصيل بشأن الخطة التي أثارت شكوكا كثيرة حتى قبل الكشف عنها. وفي مسعاه لتفنيد التصورات المنتشرة على نطاق واسع بين الفلسطينيين والمسؤولين العرب والمحللين المستقلين بأن خطة السلام ستكون على الأرجح منحازة لإسرائيل، أوضح جرينبلات أن الجانبين سيجدان ما سيعجبهما وما لن يعجبهما في الخطة. بحسب رويترز.
وفي حين تتحرك الإدارة لوضع اللمسات الأخيرة على مبادرة يقودها جاريد كوشنر صهر ترامب، قال جرينبلات ”علينا أن ندافع عن الخطة لصالح الإسرائيليين والفلسطينيين. نحن مستعدون للانتقادات من جميع الأطراف، لكننا نعتقد أن هذا أفضل سبيل للتحرك إلى الأمام بالنسبة للجميع“. لكن لا يوجد تفسير لما قد يصيب الإسرائيليين بخيبة الأمل في الخطة. ويشعر الإسرائيليون بالرضا إلى حد كبير إزاء سياسات ترامب في الشرق الأوسط لكنهم انزعجوا في بعض الأحيان من اقتراحات بأنه قد يطلب منهم تقديم تنازلات كبيرة. بيد أن جرينبلات قال إن الولايات المتحدة ستوصي بتقديم تنازلات لكنها لن تسعى لفرض اتفاق. وأضاف ”على الطرفين أن يقررا ما إذا كانت الخطة تناسبهما وستجعل حياتهما أفضل... الطرفان فحسب لديهما القدرة على تقديم هذه التنازلات لكن لا تنازلات بشأن احتياجات إسرائيل الأمنية“.
تصفية القضية الفلسطينية
على صعيد متصل يقول الفلسطينيون إنهم مقتنعون بأن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلغاء مساعدات مالية لهم ليس سوى خطوة جديدة في مساعيه "لتصفية" قضيتهم. وأعلنت الولايات المتحدة إلغاء أكثر من مئتي مليون دولار من المساعدات المخصصة للفلسطينيين تعادل كل الأموال المخصصة للفلسطينيين للسنة المالية 2018 تقريبا. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين إنّه "بطلب" من الرئيس دونالد ترامب، ستقوم الإدارة الأميركية "بتغيير وجهة استخدام أكثر من مئتي مليون دولار كانت مخصّصة أساساً لبرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وكانت الولايات المتحّدة قلّصت في كانون الثاني/يناير بنسبة كبيرة مساهمتها المالية في ميزانية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي اضطرت لتسريح أكثر من 250 موظفا منذ ذلك الحين. والعلاقات بين إدارة ترامب والسلطة الفلسطينية مجمّدة منذ أعلن الرئيس الأميركي في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2017 اعتراف الولايات المتّحدة رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة لقيت رفضاً من المجتمع الدولي وغضبا فلسطينياً عارماً.
وردا على هذا الموقف أعلن ترامب في نهاية كانون الثاني/يناير أنه سيشترط عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات لتسليمهم المساعدات. وقد قام بتجميد هذه المساعدات البالغة 215 مليون دولار وكان يفترض أن توظفها الإدارة الأميركية في غزة والضفة الغربية للمساعدة الإنسانية والتنمية. ويرى الفلسطينيون أن هذه السلسلة من العقوبات تندرج في إطار برنامج أوسع يهدف إلى الغاء كل مطالبهم.
واعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن القرار الأميركي الأخير هو "اعتراف بالمغزى الحقيقي لسياسة المساعدات الأميركية المتمثل بالتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الاخرى والتأثير على خياراتها الوطنية". من جهتها، رأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي إن "الإدارة الأميركية أثبتت أنها تستخدم أسلوب الابتزاز الرخيص أداة ضغط لتحقيق مآرب سياسية". وقال الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب لفرانس برس إن "أميركا الآن تشارك حكومة اسرائيل اليمينية بأحلامها وسياساتها".
من جهته، قال كوبي ميكائيل المسؤول السابق في وزارة الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلية المكلفة المسائل الفلسطينية، إن قرار ترامب يشكل خطوة لصحوة ضرورية للقيادة الفلسطينية. وأضاف "أعتقد أن الإدارة الأميركية لم تفعل ما كان يجب أن تفعله منذ عقود". وجاء القرار الاميركي بينما تعاني ميزانية السلطة الفلسطينية من عجز كبير بينما تشهد الظروف المعيشية في قطاع غزة الذي يخضع لحصار اسرائيلي قاس وتسيطر عليه حركة حماس تدهورا سريعا. وتعاني ميزانية 2018 التي تبلغ خمسة مليارات دولار من عجز قدره 1,2 مليار دولار بينما تبلغ قيمة المساعدة الدولية 775 مليون دولار.
وسيؤثر إلغاء المساعدات الأميركية على برامج إنسانية ومشاريع للبنى التحتية في الضفة الغربية وقطاع غزة. لم يعلن البيت الأبيض حاليا عن تغيير في دعمه المالي لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية الذي يبلغ 61 مليون دولار هذه السنة. وتعتبر اسرائيل التعاون مع هذه الأجهزة الفلسطينية أساسيا لافشال مخططات الهجمات. والقضايا التي تثيرها إدارة ترامب تتعلق بملفات تشكل لب النزاع الاسرائيلي الفلسطيني مثل القدس واللاجئين الفلسطينيين. ويصر الفلسطينيون على أن وضع القدس يجب أن يتقرر بالتفاوض في إطار اتفاق سلام، كما تدعو الأسرة الدولية.
وأثار القرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ارتياح الاسرائيليين لكنه لقي إدانة دولية واسعة وأغضب الفلسطينيين الذين يطالبون بشطرها الشرقي ليكون عاصمة لدولتهم يتطلعون إليها. وتعتبر الأسرة الدولية القدس الشرقية أرضا محتلة ولا يمكن ان تتمركز فيها سفارات قبل تسوية وضعها. وبالنسبة للقيادة الفلسطينية، يشكل "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين الموزعين في الضفة الغربية وقطاع غزة ودول في المنطقة مثل الاردن ولبنان وسوريا خصوصا، مسألة أساسية في مفاوضات محتملة مع اسرائيل. بحسب فرانس برس.
وكان حوالى 750 ألف فلسطيني فروا أو طردوا من أراضيهم عند إنشاء اسرائيل في 1948. وباحتساب أحفاد هؤلاء، ارتفع عدد هؤلاء اللاجئين إلى خمسة ملايين حسب الأونروا. وذكرت قناة تلفزيونية اسرائيلية أن البيت الأبيض قرر ألا يحتسب بعد الآن سوى 500 ألف منهم. ورفض مسؤول في السفارة الأميركية تأكيد هذه المعلومات. ولم تخصص واشنطن للأونروا في 2018 سوى ستين مليون دولار بعدما دفعت 360 مليونا في 2017 تشكل حوالى ثلاثين بالمئة من إجمالي تمويلها.
اضف تعليق