مع اقتراب العام السابع على قيام ثورة "دوار اللؤلؤة الشهيرة"، المجسدة لانتفاضة الشعب البحريني، الذي انتهكت ابسط حقوقه المشروعة على يد السلطات الحاكمة، فلم تكن مطالبيهم سوى إصلاحات سياسية وإنهاء التمييز ضدهم، وسط تنديد خجول من قبل بعض الاوساط ومنظمات حقوق الانسان.
لكن العامل الابرز الذي مورس من لدن السلطات في البحرين والحكومات المحالفة لها هو العمل على أن تكون ثورة الشعب البحريني مغيبة "اعلاميا".
وتسببت الحملات التعسفية الصارمة بانتقادات وإدانات صارخة لوضع حقوق الإنسان في البحرين، إذ دعا الكثير من النشطاء الحقوقيين الى إدخال إصلاحات واسعة على جهاز الشرطة والقضاء والإعلام، في الوقت نفسه يرى أغلب النشطاء الحقوقيين ان السلطات البحرينية جربت كل انواع القمع لمواجهة هذه الانتفاضة الشعبية الشجاعة بما في ذلك الاستقواء بما عرف بقوات "درع الجزيرة" آنذاك، واستخدام اساليب الترغيب والترهيب ايضاً.
لكن ابناء الثورة البحرينية بقوا صامدين واستمرت انتفاضتهم المطالبة بحقوقهم الشرعية لا أكثر، وتعهد السلطات بتنفيذ الإصلاحات لكنها لم تطبق على الواقع، واعتبرها المحللون مناورة لإخماد صدى الثورة البحرينية وتعتيم عليها.
اللافت في ثورة البحريين انها واجهت قمعا من نوع اخر تمثل بالتعتيم الاعلامي، حيث مرت عليها معظم وسائل الاعلام الاخبارية العربية والعالمية مرور الكرام على الرغم من استمرارها، وذلك من اجل الحفاظ على الاستقرار المزيف والحكم الظالم في البحري، ومن اجل سلب استحقاق شعبي مشروع ورمي حقوق الشعب البحريني وحريتهم وراء القضبان القمع والتعسف السلطوي.
والمواطنين من المسلمين الشيعة، اللذين طالبوا بالمزيد من الحريات الديمقراطية، التي تحتكرها اقلية من العائلة الحاكمة، ومن يختارونه وفق اليات طائفية ضيقة، بحسب تصريحات نشطاء ومعارضين، تعرضوا الى ردود افعال عنيفة من قبل النظام الحاكم في البحرين، بعد اندلاع ثورة دوار اللؤلؤة الشهيرة عام 2011، والتي تزامنت مع احداث الربيع العربي، وقيام الثورات العربية ضد اغلب الانظمة الفاسدة في العالم العربي.
واستنكرت دول ومنظمات اممية وشخصيات حقوقية بارزة، العنف الحكومي الذي جابه المسيرات السلمية، التي قام بها المحتجون، وجابت شوارع العاصمة واغلب المدن الرئيسية في المملكة، اضافة الى استعانة النظام الحاكم، بقوات اجنبية، ومرتزقة، استخدمت مختلف انواع الاسلحة المحرمة دوليا، وادت الى مقتل المئات واصابة الالاف بجروح مختلفة، وقت تلت فترة اخماد الثورة بالقوة المفرطة، حملة من الاعتقالات والسجن والمحاكم، فضلا عن التعذيب الممنهج، الذي استهدف النشطاء والحقوقيين واصحاب الراي.
في الآونة الأخيرة اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير السلطات البحرينية بتشديد حملة القمع ضد معارضيها والتراجع عن وعودها بإجراء مراجعة لطريقة تعاملها مع مسألة حقوق الإنسان وإدخال إصلاحات عليها. واتهمت المنظمة حكومات غربية بغض الطرف عن ذلك.
الى ذك كثَّفت السلطات البحرينية في الأشهر الماضية محاكمة وملاحقة معارضيها، وخصوصاً من الشيعة، ونفذت في منتصف يناير/كانون الثاني، أحكاماً بالإعدام رمياً بالرصاص بحق ثلاثة من الشيعة، أدينوا بقتل ثلاثة رجال أمن بينهم ضابط إماراتي، في مارس/آذار 2014، ما أدى إلى قيام تظاهرات، وصادق ملك البحرين، في أبريل/نيسان، على تعديل دستوري يلغي حصر القضاء العسكري بالجرائم التي يرتكبها عسكريون، ويفتح الباب لمحاكمة مدنيين أمام المحاكم العسكرية، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء الرسمية، وفي يوليو/تموز 2016، حلَّ القضاء جمعية "الوفاق" المعارضة الشيعية، التي كانت لها أكبر كتلة نيابية قبل استقالة نوابها، في فبراير/شباط 2011، وحكم على زعيمها الشيخ علي سلمان بالسجن تسع سنوات، بعدما أدين بتهم عدة بينها "الترويج لتغيير النظام بالقوة"، قبل أن تخفض العقوبة إلى خمس سنوات، وتفرض السلطات البحرينية قيوداً صارمة على عمل الإعلام الأجنبي في المملكة، ورفضت تجديد تراخيص عمل مراسلين أجانب.
وهناك شواهد كثيرة تدل على عنف السلطات البحرينية، خاصة من النشطاء السياسيين، فقد حكم عليهم بأحكام جائرة، فيما تعرض المتظاهرون الى الغاز المسيل للدموع وبعضهم اصيب بجروح وآخرون واجهوا خطر الموت، كل هذا لانهم يطالبون ببعض حقوقهم المهدورة، علما ان هناك شكوك بشأن الموقف الغربي على وجه الخصوص، باتخاذه موقف الصمت او الادانة البسيطة احيانا ما يدل على سياسة غربية غامضة، او متهاونة ازاء اهدار حقوق الشعب البحريني مقابل كسب بعض الفوائد العسكرية والاقتصادية.
مملكة السجون وإسقاط الجنسية
قضت المحكمة الكبرى الجنائية في البحرين بالسجن المؤبد بحق 20 شخصاً وبالسجن لمدة 15 عاماً بحق ستة آخرين بعد اتهامهم بالشروع بقتل رجال شرطة في بلدة الدراز الشيعية القريبة من المنامة بين عامي 2011 و2013.
أصدرت محكمة بحرينية الخميس (15 يونيو/ حزيران 2017) أحكاماً بالسجن المؤبد بحق 20 شخصاً وبالسجن لمدة 15 عاماً بحق ستة آخرين بعد اتهامهم بالشروع بقتل رجال شرطة في بلدة الدراز الشيعية القريبة من المنامة بين عامي 2011 و2013. وقال مصدر قضائي في المنامة لوكالة فرانس برس إن المحكمة الكبرى الجنائية في المملكة الخليجية قررت أيضاً إسقاط الجنسية البحرينية عن المتهمين جميعاً. بحسب فرانس برس.
وخلال جلسات المحاكمة، قدمت النيابة العامة البحرينية للمحكمة قائمة "بالأفعال التي ارتكبها المتهمون مع تواريخ وقوعها"، وفقاً للمصدر.
وتشهد المملكة الخليجية الصغيرة اضطرابات متقطعة منذ قمع حركة احتجاج في شباط/ فبراير 2011 في خضم أحداث "الربيع العربي" قادتها الغالبية الشيعية التي تطالب قياداتها بإقامة ملكية دستورية في البحرين التي تحكمها سلالة سنية.
وكثفت السلطات البحرينية محاكمة وملاحقة معارضيها منذ قمع الحركة الاحتجاجية. ورغم تراجع وتيرة العنف في الأعوام الأخيرة، لا يزال القضاء يصدر عقوبات قاسية بحق المعارضين، وفي أيار/مايو الماضي، شهدت بلدة الدراز غرب المنامة هجوماً للشرطة على اعتصام ينفذه محتجون مؤيدون للشيخ عيسى قاسم، أهم مرجعية للشيعة في البحرين، والذي خضع لمحاكمة غيابية بتهم فساد. ويقيم الشيخ قاسم في منزله في البلدة التي تتحكم الشرطة بمداخلها. وقُتل في العملية خمسة من المتظاهرين، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية البحرينية.
اضطهاد المعارضة
قالت منظمة العفو الدولية إن حكومة البحرين قمعت المعارضة وتصدت بعنف لاحتجاجات وقعت في العام الأخير. وقالت المنظمة في تقرير نشرته اليوم الخميس (07 أيلول/ سبتمبر) إنها وثقت قيام الحكومة البحرينية خلال الفترة من يونيو/ حزيران 2016 إلى يونيو/ حزيران 2017 بإلقاء القبض على ما لا يقل عن 169 من منتقدي الحكومة أو أقاربهم وتعذيبهم أو تهديدهم أو منعهم من السفر.
وجاء في التقرير، الذي يحمل عنوان (لا أحد يستطيع حمايتكم: عام من قمع المعارضة في البحرين)، إن ستة أشخاص على الأقل قتلوا بينهم طفل خلال حملة القمع. وقالت المنظمة إن البحرين "ورغم المزاعم المتكررة، تراجعت عن وعود الإصلاح التي عبرت عنها بعد ردها القاسي على أحداث العام 2011 (...) وقامت منذ حزيران/يونيو 2016 بتشديد حملتها ضد معارضيها". بحسب رويترز.
واتهم التقرير حكومات غربية لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا بالتزام الصمت. والدولتان لهما تأثير كبير في البحرين، حيث يوجد مقر الأسطول الخامس الأمريكي ومنشأة رئيسية للبحرية الملكية البريطانية. وقالت منظمة العفو إن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغيرت عن سياسة سلفه باراك أوباما الذي انتقد صراحة السلطات في البحرين، وقال فيليب لوثر مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "لقد تمكنت حكومة البحرين باستخدام شتى أنواع القمع بما في ذلك المضايقة والاحتجاز التعسفي والتعذيب، من سحق المجتمع المدني، الذي كان من قبل نشيطا ومزدهرا، حتى أصبح الآن مجرد أصوات قليلة منفردة لديها من الشجاعة ما يكفي للمجاهرة بآرائها".
وصعدت البحرين حملة على منتقديها وحظرت جماعتين سياسيتين رئيسيتين وسحبت الجنسية من الزعيم الروحي للشيعة وسجنت نشطاء حقوقيين. وقالت المنظمة إنها تلقت تقارير عن تعذيب تسعة منتقدين للحكومة خلال احتجازهم منهم ثمانية في شهر مايو/ أيار 2017 وحده. وفي يوليو/ تموز قضت محكمة بحرينية بسجن الحقوقي والناشط البارز نبيل رجب لعامين بتهمة نشر أخبار كاذبة. وهو يواجه محاكمة أخرى واحتمال السجن 15 عاما أخرى بسبب تغريدات على تويتر.
أميركا وبريطانيا تغضان الطرف عن الانتهاكات في البحرين
قالت منظمة العفو الدولية، الخميس 7 سبتمبر/أيلول 2017، إن حكومة البحرين قمعت المعارضة وتصدَّت بعنف لاحتجاجات وقعت في العام الأخير، واتهمت المنظمة بريطانيا والولايات المتحدة بالأخص بغض الطرف عن هذه الانتهاكات.
وقالت المنظمة في بيان إنها وثقت قيام الحكومة البحرينية، خلال الفترة من يونيو/حزيران 2016، إلى يونيو/حزيران 2017، بإلقاء القبض على ما لا يقل عن 169 من منتقدي الحكومة أو أقاربهم وتعذيبهم أو تهديدهم أو منعهم من السفر، وذكرت رويترز أنه لم يتسن الحصول على تعقيب من السلطات البحرينية.
وقال التقرير، الذي يحمل عنوان: (لا أحد يستطيع حمايتكم: عام من قمع المعارضة في البحرين)، إن ستة أشخاص على الأقل قتلوا بينهم طفل خلال حملة القمع، واتهم التقرير حكومات غربية، لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا، بالتزام الصمت. وهاتان الدولتان لهما تأثير كبير في البحرين، حيث يوجد مقر الأسطول الخامس الأميركي، ومنشأة رئيسية للبحرية الملكية البريطانية.
وقالت منظمة العفو إن سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغيرت عن سياسة سلفه باراك أوباما، الذي انتقد صراحة السلطات في البحرين، وشدَّدت المنظمة على أن البحرين "ورغم المزاعم المتكررة، تراجعت عن وعود الإصلاح التي عبرت عنها بعد ردها القاسي على أحداث العام 2011 (...) وقامت منذ يونيو/حزيران 2016 بتشديد حملتها ضد معارضيها"، ودعت المنظمة الحقوقية المنامة إلى الإفراج فوراً، ومن دون قيد أو شرط، عن المعارضين السياسيين، والعودة عن قرار حل جمعية "الوفاق" البرلمانية الشيعية، وجمعية "وعد" السياسية المعارضة.
اضف تعليق