كل ثلاث ثوان يتعرض شخص واحد للتهجير نتيجة النزاعات في العالم هذا ما ورد عن احصائيات المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة فقد بلغ عدد النازحين واللاجئين رقما قياسيا من 65,6 ملايين شخص في العام 2016، وأفاد التقرير السنوي للمفوضية ان الزيادة المسجلة في العام 2016 (+300 الف شخص) أقل من العدد المسجل في العام 2015 (+5,8 ملايين شخص).
ان السبب الرئيسي وراء هذا العدد المتزايد من الهجرة هي الحروب الأهلية المستمرة منذ سنوات والتي شردت ملايين السوريين والعراقيين واليمنيين إلى دول مجاورة مما أهال الضغوط على موارد الدول المضيفة وكذلك الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية غير الحكومية الأخرى.
ثمانية مليارات دولار تقديرات ما تحتاجه الأمم المتحدة في المجمل هذا العام لتوفير المساعدات لإنقاذ أرواح ملايين النازحين في الشرق الأوسط الذين تستضيفهم دول مجاورة. لكن الأمم المتحدة لاتملك هذا المبلغ الهائل فهي تعاني من نقص الأموال، لذا تبنت مشروعا يتيح للمسلمين دفع زكاتهم لها.
في الوقت الذي تبذل به أوروبا قصارى جهدها لاحتواء أزمة الهجرة التي بدأت في 2015 عندما دخل أكثر من مليون شخص إلى الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة قادمين من الشرق الأوسط وافريقيا سعيا وراء الأمان وآفاق اقتصادية أفضل.
ان الهجرة قد اثارت مشاكل كبيرة للدول المستقبلة منها والاهم هو اقتصاد تلك البلدان حيث اختلف المختصون حول تأثير الهجرة على الوضع الاقتصادي منهم من يرى ان هجرة الاعداد الكبيرة قد اثرت على الدول المستقبلة سلبا على الوضع المالي لتلك الدول وهذا الخلل الكبير في التوازن يعكس عدة عوامل منها خصوصا الغياب المتواصل للأجماع الدولي حول مسألة استقبال اللاجئين وكون العديد من الدول الفقيرة قريبة من مناطق النزاع في العالم منها.
في المقابل يرى القسم الاخر عكس ذلك ومن وجهة نظرهم ان هنالك منافع اقتصادية كبيرة في الهجرة ولا توجد آثارا سلبية كبيرة على المجموعات المتوسطة والمنخفضة الدخل في الدول المستقبلة. والناس ربما يقللون من قيمة المنفعة الاقتصادية للهجرة لأنهم لا يحبون التغيرات الاجتماعية والثقافية التي يخشون أنها تأتي مع المهاجرين لا محالة.
إضافة الى ذلك أثارت الهجرة رد فعل مناهضا بين شعوب الاتحاد الأوروبي أدى إلى صعود نجم الأحزاب اليمينية المتطرفة والأحزاب ذات النزعة القومية كما كان أحد العوامل في استفتاء بريطانيا في يونيو حزيران على الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي.
زيادة طفيفة
أعلنت المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة ان عدد النازحين واللاجئين نتيجة النزاعات في العالم بلغ رقما قياسيا من 65,6 ملايين شخص في العام 2016 وأفاد التقرير السنوي للمفوضية ان الزيادة المسجلة في العام 2016 (+300 الف شخص) أقل من العدد المسجل في العام 2015 (+5,8 ملايين شخص). وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي ان العدد الاجمالي "زيادة طفيفة فقط"، لكنه "رقم غير مقبول بكل المعايير". وفق فرانس برس.
النازحين داخل بلدانهم
القسم الاكبر من هذا العدد هو من النازحين داخل بلدانهم الذين سجلوا رقما قياسيا بلغ 40,3 ملايين شخص بحلول نهاية 2016 بالمقارنة مع 40,8 ملايين في العام السابق. ويتركز العدد الاكبر من النازحين في سوريا والعراق وكولومبيا. اما عدد اللاجئين الذي بلغ 22,5 ملايين شخص نصفهم من الاطفال العام الماضي، فهو الاعلى في التاريخ.
أزمات التهجير
تتصدر افريقيا الوسطى هذه السنة تصنيف "ازمات تهجير السكان المنسية" الذي يعده المجلس النروجي للاجئين. وتليها جمهورية الكونغو الديموقراطية والسودان، وستة من عشرة بلدان افريقية مدرجة في هذا التصنيف. وقال رئيس المجلس النروجي للاجئين يان ايغلاند في بيان، "لا يحق لنا غض النظر عن معاناة هؤلاء الاشخاص وان نتجاهل من مسؤوليتنا عن مساعدتهم، لمجرد انهم لا يصلون الى حدودنا". وفق فرانس برس.
وقال ايغلاند "يجب ان نعمل ايضا من اجل التوصل الى حلول سياسية بعيدة المدى يمكنها اخراج البلاد من الدوامة السلبية لأعمال العنف والحرب والفقر". والبلدان الاخرى المدرجة في لائحة المجلس النروجي للاجئين، هي جنوب السودان ونيجيريا واليمن وفلسطين واوكرانيا وبورما والصومال.
نزاع منسيّ
أسفر النزاع المستمر في سوريا منذ العام 2011 عن أكبر عدد من اللاجئين بلغ 5,5 ملايين شخص مع نحو 825 الف شخص مسجلين في العام 2016، بحسب مفوضية اللاجئين. حسب وكالة فرنس24.
ويثير إستمرار النزاع قلق المفوضية الشديد خصوصا وان تمويل المساعدات الانسانية أقل من العام 2016، رغم مليارات الدولارات التي تعهدت الاسرة الدولية بتقديمها في بروكسل في مطلع نيسان/ابريل الماضي. ويحمل هذا النقص في التمويل غراندي على التخوف من أن تصبح سوريا "نزاعا منسيا". وفق فرانس برس
ناقوس الخطر
هذا العام، دقت الامم المتحدة ناقوس الخطر حول التدهور السريع للوضع في جنوب السودان بعد "الفشل الكارثي لجهود السلام في تموز/يوليو". وأوضح غراندي ان "جنوب السودان يشهد أزمة التهجير الاسرع تدهورا في العالم". وفق فرانس برس.
بعد ان نال جنوب السودان استقلاله في العام 2011، غرق في حرب اهلية في كانون الاول/ديسمبر 2014 أوقعت عشرات الاف القتلى وأرغم أكثر من 3,7 ملايين الشخص على ترك منازلهم. وأفاد التقرير ان عدد اللاجئين من جنوب السودان ارتفع بنسبة 64 بالمئة في الاشهر الستة الاخيرة للعام 2016 ليبلغ 1,4 ملايين شخص. ومنذ كانون الثاني/يناير، تم تسجيل نصف مليون لاجئ إضافي.
اعمال عنف
قالت منظمة غير حكومية نروجية ان شخصا من كل خمسة في افريقيا الوسطى، اي حوالى 900 الف شخص، اضطروا الى النزوح بسبب اعمال العنف التي قامت بها مجموعات سيليكا المسلحة المؤيدة للمسلمين والمعادية للبالاكا المؤيدة للمسيحيين، ولم تقدم المجموعة الدولية العام الماضي إلا 38% من المساعدة الانسانية التي طلبتها الامم المتحدة لهذا البلد. وفق فرانس برس.
الدول المضيفة
احتل صدارة الدول المضيفة للاجئين الاردن (2,7 مليون لاجئ) تليه تركيا (اكثر من 2,5 مليون) ثم باكستان (1,6 مليون) فلبنان (1,5 مليون)، بحسب التقرير الذي استند في هذه الارقام بشكل اساسي الى احصائيات المفوضية العليا في الامم المتحدة لشؤون اللاجئين.
واوضح التقرير ان دولا تعاني من فقر مدقع تستضيف ايضا اعدادا كبيرة من اللاجئين وفي مقدمها اثيوبيا (736 الفا) وكينيا (554 الفا) واوغندا (477 الفا). حسب وكالة فرانس برس الإخبارية.
انعدام الإرادة السياسية
قالت منظمة العفو الدولية (امنستي) في تقرير بشأن ازمة اللاجئين ان "الدول الغنية تبرهن عن انعدام تام للارادة السياسية وحس المسؤولية بتركها 10 دول فقط، تمثل اقل من 2,5% من اجمالي الناتج المحلي، تستضيف 56% من لاجئي العالم". وفق فرانس برس.
وقال الامين العام لامنستي سليل شيتي في بيان ان هذه البلدان المضيفة هي "دول مجاورة لمناطق نزاع" وبالتالي هي "مرغمة على استضافة القسم الاكبر من اللاجئين مما يضطرها لتحمل مسؤولية ثقيلة جدا عليها". واضاف ان "هذا الوضع هو بطبيعته لا يطاق ويعرض ملايين الفارين من الحرب والاضطهاد في دول مثل سوريا وجنوب السودان وافغانستان والعراق لبؤس ومعاناة لا تحتمل".
أنانية الدول تفاقم الازمة
واعتبرت امنستي ان "انانية الدول الغنية تتسبب بتفاقم الازمة عوضا عن حلها". ودعت المنظمة الحوقية الدول الى "القبول بحصة عادلة" من اعداد اللاجئين يتم تحديدها وفقا لمعايير موضوعية تأخذ في الحسبان قدرتها على الاستضافة"، مشيرة الى ان من بين هذه المعايير ثراء الدولة وعدد سكانها ونسبة البطالة فيها. وفق فرانس برس.
فتاوى لتلقي أموال الزكاة
قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها حصلت على فتاوى من رجال دين مسلمين كبار في مصر والمغرب واليمن وكذلك داعية إسلامي سعودي كبير تأمل أن تقنع أثرياء المسلمين خاصة في دول الخليج الغنية بالنفط بالتبرع بزكاتهم مباشرة لأعمال الإغاثة. وفق رويترز.
وقال محمد أبو عساكر وهو متحدث باسم المفوضية في الشرق الأوسط إن المشروع تجديد في جهود المفوضية لجمع التبرعات. ونشرت المفوضية الفتاوى على موقعها الإلكتروني الذي ناشد دفع الزكاة لبرامج المساعدات. ويقول خبراء إن مقدار زكاة المال التي يتم توزيعها سنويا في الدول الإسلامية يتراوح بين 20 و30 مليار دولار.
سبل مبتكرة
دعت المفوضية أيضا إلى توفير 2.1 مليار دولار لتلبية احتياجات الغذاء والدواء في اليمن حيث يواجه 12 مليون شخص خطر المجاعة والكوليرا بعد عامين من الحرب الأهلية. وقالت المفوضية إنها ستستخدم بعض الأموال الإضافية التي تتوقع الحصول عليها من مشروع الزكاة لمساعدة نحو 30 ألف شخص من أسر اللاجئين السوريين الأكثر احتياجا في الأردن مع دفع نحو 180 دولارا شهريا لدعم كل أسرة.
وقال أبو عساكر إن احتياجات هؤلاء الناس تتزايد يوميا وبسبب الأزمات المستمرة وأنهم بحاجة لدعم مستمر لذا فإن هذا يتطلب من المفوضية البحث عن سبل مبتكرة تسير بالتوازي مع الدعم الحكومي الذي أصبح غير كاف في ضوء العدد المتزايد للاجئين والنازحين. حسب رويترز.
صعود القومية
عززت أزمة الهجرة من شعبية التيارات القومية المناهضة للهجرة وللاتحاد الأوروبي في العديد من البلدان. وتعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب ببناء جدار على طول الحدود مع المكسيك وترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين وحظر الهجرة من البلدان التي "تواجه خطر الإرهاب." وفق رويترز0
قال قال فيليبو جراندي مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين إنّ الناس سيجدون سبيلا للانتقال أيا كانت العقبات التي يواجهونها و"بدلا من بناء الجدران ينبغي أن نعالج بطريقة مناسبة هذه التحركات والتعامل معها بطريقة عملية حتى نتمكن من خفض حدة التوتر."
المزايا الاقتصادية للهجرة
قال النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي ديفيد ليبتون أن الهجرة -شأنها شأن التجارة- تخلق رابحين وخاسرين وتحتاج إلى وقت لكي تتأقلم المجتمعات والأنشطة التجارية. لكن صناع السياسات يحتاجون الآن إلى فهم أوضح لتجربة استيعاب اللاجئين والمهاجرين القادمين من الشرق الأوسط وافريقيا."
وقال ليبتون "خلصنا إلى أن الهجرة أدت بشكل كبير إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الاقتصادات المتقدمة لأن مستويات المهارة... تعزز الإنتاجية العمالية ولأنه في بعض الأماكن يساعد تدفق المهاجرين الذين في سن العمل على تعويض نقص العمالة الناتج عن التطورات السكانية. وفق رويترز.
وقال ليبتون "الأمر الثاني أنهم ربما لا يدركون المزايا الحقيقية التي أوضح خبراء الاقتصاد أنها موجودة. أو ثالثا، ربما لم يوضح خبراء الاقتصاد كل شيء بالتفصيل. وربما تنطوى العوامل الثلاثة معا على قدر من الحقيقة." ولكي تظهر المزايا الاقتصادية للهجرة يتعين دمج المهاجرين جيدا في أسواق العمل في الدول التي يصلون إليها.
اضف تعليق