وسط طوفان من الاعتداءات، قتل وتنكيل واعتقال وحرق وتعذيب واغتصابات جماعية وكل أنواع الاضطهاد والتعنيف هذا الذي يتعرض اليه الأقلية المسلمة في بورما من قبل الحكومة التي تتزعمها أونج سان سو كي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام مما جعلها تتعرض لانتقادات فيما يتصل بمزاعم بارتكاب انتهاكات بحق أقلية الروهينجا.
هناك نحو 1.1 مليون من الأقلية المسلمة محرومون من التحرك بحرية ومن الخدمات الأساسية في ميانمار. ويعتبرهم الكثيرون في البلد ذات الأغلبية البوذية مهاجرين غير مرغوب فيهم من بنجلادش. فضلا عن اعتقالهم وتعذيبهم مع أطفالهم حيث أظهرت وثيقة للشرطة أن أطفالا صغارا تصل أعمارهم إلى عشر سنوات بين مئات من مسلمي الروهينجا الذين ألقي القبض عليهم بتهمة التواطؤ مع المتمردين.
لذا فروا الأقلية من الروهينجا على قوارب متهالكة من ميانمار يفرون من السجن الكبير من كل صنوف الاضطهاد والتعذيب يفرون الى بنجلادش باحثين عن الامل عن النجاة عن الحياة ولكن الحياة القاسية والموت يرافقهم أينما ماذهبوا. ففي بنجلادش وضعوهم في مخيمات على حدود البلاد ويعاملون معاملة سيئة لا يجدون معونات ولا يستطيعون العمل بشكل قانوني بسبب ضغوط الحكومة البنغالية لذا يدفع اللاجئين الشبان من الروهينجا دفعا إلى عالم الجريمة.
لذلك دعت لجنة يقودها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بأغلاق المخيمات التي يعيش فيها أكثر من 120 ألف شخص أغلبهم من الروهينجا في ملاجئ من المفترض أنها مؤقتة للنازحين منذ اندلاع موجات عنف جماعية في الولاية في 2012، والسماح لمسلمي الروهينجا بالعودة إلى منازلهم.
كيف بهم العودة الى منازلهم وفي كل عام يتوجه إداريون محليون من ميانمار مرة واحدة على الأقل إلى قرى الروهينجا في ولاية الراخين الشمالية ويطوفون بالبيوت بيتا بيتا طالبين من الأسر الاصطفاف للتحقق من أسمائهم وفقا للقوائم الرسمية. وعند غياب احدهم يقومون بشطب أسمائهم باللون الأحمر وتهديم بيوتهم.
بورما منذ سنوات وجرحها ينزف ولا يلتئم مادامت الاعتداءات مستمرة ومخلفه وراءها ألاف الشهداء في منطقة سكت عنها المجتمع الدولي والعالم الإسلامي بالكامل. سكوت رهيب وغياب اعلامي واضح مما جعل الانتهاكات تزداد وتكون بصور وطرق وحشية بعيدة كل البعد عن الإنسانية.
لكن على ما يبدو بلغ السيل الزبى من بشاعة تلك الجرائم المرتكبة بحق الروهينجا. حيث ناشدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، المجتمع الدولي لإتخاذ موقف حازم من قضية مسلمي الروهينجيا في ميانمار، وذلك بعد تقرير صادر عن أعمال القتل والاغتصاب التي يتعرض لها المسلمون في ميانمار.
نتيجة لذلك دعا الاتحاد الأوروبي الأمم المتحدة لإرسال بعثة دولية لتقصي الحقائق بشكل عاجل إلى ميانمار للتحقيق في مزاعم عن عمليات تعذيب واغتصاب وإعدام ينفذها الجيش ضد أقلية الروهينجا المسلمة. ولأول مرة يرد الجيش في بورما بشكل مباشر إلى اتهامات متزايدة بانتهاكات لحقوق الإنسان والتي يقول خبراء للأمم المتحدة إنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي. واعتبرها الجيش بأنها عمليات للدفاع عن امن البلاد.
جيش ميانمار: لأول مرة ينفي الانتهاكات
في مؤتمر صحفي نادر دافع جيش ميانمار عن حملته على أقلية الروهينجا المسلمة قائلا إنها كانت عملية مشروعة لمكافحة التمرد وضرورية للدفاع عن البلاد. وهذه هي المرة الأولى التي يتطرق فيها كبار جنرالات الجيش بشكل مباشر إلى اتهامات متزايدة بانتهاكات لحقوق الإنسان والتي يقول خبراء للأمم المتحدة إنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي.
وقال الجنرال ميا تون رئيس أركان الجيش "أريد أن أقول إنني حزين جدا بسبب هذه الاتهامات الطائشة وتجاهل الأشياء الجيدة التي فعلتها الحكومة والجيش من أجلهم" في إشارة إلى تقارير في وسائل الإعلام تنقل عن سكان من الروهينجا روايات عن انتهاكات مزعومة مثل حرق منازل في المنطقة.
وعرض سلسلة من الصور مع تقارير مختارة لوسائل إعلام زعم أن الجيش "حقق" فيها وأن قرويين أبلغوا محققي الجيش أنهم ليس لديهم علم بأي انتهاكات. وفي المؤتمر الصحفي عزز الجيش مزاعمه بأن نسب إلى مراقبين دوليين قاموا بزيارات مقتضبة إلى بعض القرى في المنطقة قولهم إنهم لم يعثروا على أي أدلة على انتهاكات.
لكن الزائرين -ومن بينهم يانجي لي الخبيرة المستقلة لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ودبلوماسيون غربيون مقرهم يانجون- قالوا إن الغرض من زياراتهم لم يكن قط التحقيق بشكل قاطع في تقارير وسائل الإعلام. وقال ميا تون إن الجيش يواصل تحقيقه. وأضاف قائلا "إذا وجدنا أن هذه الحالات تحدث فعلا بحسب الاتهامات الواردة في وسائل الإعلام فإننا سنتخذ إجراءات جادة جدا وفقا لقواعد الجيش والقوانين الحالية." بحسب رويترز.
لكن الجنرال مين اونج هلينج قائد الجيش بدا أنه يستبق نتائج التحقيق. وقبل ساعات قليلة من المؤتمر الصحفي نشر في صحفته على فيسبوك مناقشة مع زائرين قال خلالها إن "الاتهامات خاطئة إلى حد كبير مقارنة مع الوضع على الأرض" في ولاية راخين المضطربة بشمال غرب البلاد.
الاتحاد الأوروبي: يدعو الى تحقيق دولي
دعا الاتحاد الأوروبي الأمم المتحدة لإرسال بعثة دولية لتقصي الحقائق بشكل عاجل إلى ميانمار للتحقيق في مزاعم عن عمليات تعذيب واغتصاب وإعدام ينفذها الجيش ضد أقلية الروهينجا المسلمة. أفاد تقرير للأمم المتحدة الشهر الماضي استند إلى شهادات ناجين في بنجلادش بأن قوات من الجيش والشرطة في ميانمار ارتكبت جرائم قتل جماعي واغتصاب جماعي ضد الروهينجا في إطار حملة قد ترقى إلى حد اعتبارها تطهيرا عرقيا وجرائم ضد الإنسانية.
وكُتب مشروع قرار أعده الاتحاد الأوروبي وأرسله إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بلهجة أشد من مشروع مماثل وزع في وقت سابق لم يصل إلى حد المطالبة بتحقيق دولي في مزاعم عن فظائع ترتكب في البلاد. ومن المقرر أن يصوت مجلس حقوق الإنسان، الذي يضم 47 دولة ويعقد حاليا جلسة مدتها أربعة أسابيع، على مشروعات القرارات المحالة. بحسل رويترز.
وفي حالة الموافقة على القرار فإن المجلس "سيوفد على وجه السرعة بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق" إلى ميانمار للتحقيق في انتهاكات "بغية ضمان المساءلة الكاملة لمرتكبي الانتهاكات وتحقيق العدالة للضحايا." وفر نحو 75 ألفا من الروهينجا من ولاية راخين إلى بنجلادش منذ قيام جيش ميانمار بحملة ردا على ما يقول إنه هجوم من جانب مسلحين من الروهينجا في التاسع من أكتوبر تشرين الأول على نقاط حدودية أدى إلى مقتل تسعة من رجال الشرطة. وقال دبلوماسيون في نيويورك إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعقد جلسة مغلقة بناء على طلب بريطانيا للحصول على إفادة عن الوضع في ولاية راخين. ويقول نشطاء إن الجهود الوطنية لم تكن مجدية ودعوا إلى تحقيق دولي.
ووافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إرسال بعثة تقصي حقائق للتحقيق في مزاعم منتشرة على نطاق واسع بتعرض أبناء أقلية الروهينجا المسلمة للقتل والاغتصاب والتعذيب على يد قوات الأمن في ولاية راخين بميانمار. لكن سفير ميانمار هتين لين تحدث قبل اتخاذ القرار بالتوافق في الآراء وعبر عن رفضه للخطوة بوصفها "غير مقبولة". واعتمد مجلس حقوق الإنسان القرار دون تصويت وقد طرحه الاتحاد الأوروبي ودعمته دول منها الولايات المتحدة.
الأمم المتحدة: ميانمار تستخدم أساليب بيروقراطية
قالت يانغي لي مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في ميانمار إن من المحتمل أن ميانمار تستخدم أساليب بيروقراطية للتخلص من أقليتها المسلمة المعروفة باسم الروهينجا وذلك بعد أن أثارت حملة أمنية ضد هذه الأقلية غضبا دوليا. وأضافت "إجراء إحصاء سكاني منزلي ’ حيث قد يتم استبعاد المتغيبين من القائمة التي يمكن أن تكون الدليل القانوني الوحيد لوضعهم في ميانمار’ يشير إلى أن الحكومة ربما تحاول طرد السكان الروهينجا من البلاد أيضا. أتمنى بصدق ألا تكون هذه هي الحقيقة."
وقال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي إن حملة القتل والاغتصاب ربما تصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية وقد تكون تطهيرا عرقيا. وقالت لي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن ميانمار ما زالت تجعل حياة الروهينجا صعبة بهدم منازلهم وإجراء إحصاء سكاني منزلي.
وقالت "سمعت إدعاء تلو الآخر عن أحداث مروعة مثل’الذبح وإطلاق النار بشكل عشوائي وإضرام النار في منازل أثناء وجود أناس بداخلها مقيدين وإلقاء أطفال صغار جدا في النار’ بالإضافة إلى عمليات اغتصاب جماعي وأعمال عنف جنسية أخرى."وزارت لي ميانمار مرتين خلال السنة الأخيرة شملت ولاية راخين. ولكنها مُنعت في آخر دقيقة من زيارة ولاية كاشين وهي منطقة أخرى بها عنف عرقي. بحسب رويترز.
ووصف سفير ميانمار هتين لين إدعاءات ارتكاب جرائم في حق الإنسانية بأنها لم يتم التحقق منها وتتسم بالانحياز. وقال إن العمليات الأمنية في راخين توقفت وتم تخفيف حظر التجول في وقت سابق من الشهر الجاري. وقال الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان إن أسلوب معاملة الروهينجا يستحق تشكيل لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة ومراجعة من قبل المحكمة الجنائية الدولية ولكن من غير المحتمل أن تواجه ميانمار تحقيقا دوليا لأن قرارا لمجلس حقوق الإنسان أعد مسودته الاتحاد الأوروبي سيترك البلاد نفسها تباشر التحقيق.
كوفي عنان: حان الوقت لأغلاق الخيمات
يعيش أكثر من 120 ألف شخص أغلبهم من الروهينجا في ملاجئ من المفترض أنها مؤقتة للنازحين منذ اندلاع موجات عنف جماعية في الولاية في 2012. وقال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان لرويترز عبر الهاتف من جنيف "حان الوقت حقا لإغلاقهم المخيمات والسماح للناس فيها بحرية التحرك وكل حقوق المواطنة خاصة من خضعوا لعملية التحقق (من المواطنة)."
وقالت اللجنة التي يقودها كوفي عنان إن مئات النازحين ممن ستكون عودتهم لمنازلهم ممكنة وآمنة يجب أن يعودوا "فورا كخطوة أولى وبادرة على حسن النية". ورحب مكتب زعيمة ميانمار أونج سان سو كي بالمقترحات. وبعد أشهر من توليها السلطة العام الماضي بعد عقود من الحكم العسكري عينت سو كي عنان في أغسطس آب ليقود لجنة استشارية. وطلب من تلك اللجنة المؤلفة من تسعة أعضاء اقتراح حلول لمشكلات ولاية راخين خلال عام. وقدمت اللجنة توصيات مؤقتة لاختبار التزامها الذي يتشكك فيه الكثيرون في الخارج بتحسين الأوضاع بالنسبة للأقلية الروهينجا.
وفي بيان نشر خلال ساعات من طرح التوصيات قال مكتب سو كي إن الحكومة "تتفق مع التوصيات وتعتقد أنها سيكون لها أثر إيجابي على عملية المصالحة الوطنية والتنمية." وأضاف البيان أن أغلب التوصيات "سينفذ سريعا" فيما "سيبقى القليل مشروطا بالأوضاع على الأرض".
الروهينجا: فقدان حق العودة
منذ اجتاحت قوات الأمن قرى مسلمي الروهينجا في شمال غرب ميانمار أواخر العام الماضي فر حوالي 75 ألف منهم عبر الحدود إلى بنجلادش. والآن يخشى كثيرون منهم أن تأخذ السلطات في ميانمار ما يضفي على نزوحهم صفة الدوام. ففي كل عام يتوجه إداريون محليون مرة واحدة على الأقل إلى قرى الروهينجا في ولاية الراخين الشمالية ويطوفون بالبيوت بيتا بيتا طالبين من الأسر الاصطفاف للتحقق من أسمائهم وفقا للقوائم الرسمية.
ويقول سكان إن أسماء المسلمين الغائبين تشطب من القوائم بقلم أحمر اللون. وتقول الحكومة إنها لا تستخدم حصر الأسر لمحاولة إرغام الروهينجا على الرحيل عن البلاد وإنها تمسك عن إتمام القائمة الأخيرة. لكن مسؤولين أكدوا أن من يكون مصيرهم الشطب من القائمة يقدمون للمحاكمة بمقتضى قوانين الهجرة إذا ما حاولوا العودة.
وحصر الأسر، الذي لا يتم في أي مكان آخر في ميانمار، واحد من سلسلة من التدابير التي يقول ناشطون حقوقيون إنه يرقى إلى نظام للفصل العنصري يستهدف 1.1 مليون من الروهينجا يعيشون في ولاية الراخين. وقال أحد أعيان الروهينجا طالبا عدم نشر اسمه "يتحتم علينا الوقوف لالتقاط صورة جماعية للأسرة. ويسألوننا إن كان كل أفراد الأسرة موجودين وما إذا كان أحدهم غائبا." بحسب رويترز.
ويقول سكان ومسلمون إن السلطات قامت أيضا بحصر المباني المقامة دون تصريح رسمي في قرى المسلمين ووضعت عليها علامات تمهيدا لهدمها. ويقول الروهينجا إن السلطات تقيد تحركاتهم إذا لم يقبلوا بطاقات هوية جديدة مؤقتة. وتردد حكومة أونج سان سو كي المدنية المنتخبة ديمقراطيا أن نظام بطاقات الهوية سيمنح الأقلية المسلمة التي لا تحمل الجنسية المزيد من الحقوق غير أن كثيرين من الروهينجا يقولون إنهم يخشون استخدامها في حرمانهم من حق المواطنة.
بنجلادش: ارتفاع استهلاك الميتامفيتامين
تقول بنجلادش إن طوفان اللاجئين من الروهينجا الهاربين من ميانمار ذات الأغلبية البوذية يتحمل جانبا من المسؤولية عن ارتفاع استهلاك الميتامفيتامين في مدنها. غير أن كثيرين من اللاجئين يقولون إن الشبان من الروهينجا يُدفعون دفعا إلى عالم الجريمة لأنهم لا يستطيعون العمل بشكل قانوني وفي كثير من الأحيان لا يمكنهم الحصول على معونات.
ويفر مسلمو الروهينجا من ظروف صعبة أشبه بالفصل العنصري في شمال غرب ميانمار حيث يحرمون من حقوق المواطنة منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي. وأصبح حاليا أكثر من 200 ألف منهم يعيشون في بنجلادش وعبر ما يتجاوز 70 ألفا الحدود منذ أكتوبر تشرين الثاني هربا من حملة يشنها الجيش عليهم.
ويشهد استهلاك يا با -التي تعني بالتايلاندية "دواء المجانين"- ازدهارا كبيرا في بنجلادش. وقفز حجم المضبوطات منه بنسبة 2500 في المئة ليصل إلى 29.4 مليون حبة في العام الماضي مقارنة بعام 2011. ويبلغ حجم تجارته نحو ثلاثة مليارات دولار سنويا. ويقول مسؤولو الشرطة والحكومة إن اللاجئين من الروهينجا الذين لا يمكن تتبعهم بسهولة هم الوسيلة المفضلة لدى تجار المخدرات لنقلها. بحسب رويترز.
ويقدر مسؤولون في إدارة مكافحة المخدرات في داكا إن بنجلادش تستهلك مليوني حبة في المتوسط من مخدر يا با كل يوم. ويبلغ سعر بيع الحبة الواحدة للمستهلك نحو 300 تاكا (3.75 دولار). ويمكن شراء الحبة الواحدة بنحو 60 تاكا في بلدة كوكس بازار. وقال المسؤولون إن بوسع فرد الروهينجا الذي ينقل المخدرات أن يحصل على 10000 تاكا نظير نقل 5000 حبة إلى داكا ومدن أخرى.
اضف تعليق