العلاقة بين إسرائيل وأمريكا بعد استلام دونالد ترامب منصبه كرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، تشهد بحسب بعض المصادر تحسن كبير بعد ان شابها فتور نسبي في زمن الرئيس السابق باراك اوباما، خاصة بعد أن امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن إفشال القرار الأممي رقم 2334 لمجلس الأمن الدولي الذي أدان سياسة الاستيطان الإسرائيلية، ولم تستخدم الفيتو كما هو معتاد لتحمي إسرائيل التي استشاطت غضباً بسبب هذا الاجراء. فوصول ترامب الذي يعد اهم صديق لنتانياهو وباقي المتطرفين في اسرائيل الى كرسي الرئاسة، يعد مكسب كبير سيسهم بازدياد قوة إسرائيل في المنطقة وستمكنها من تنفيذ خططها السابقة، خصوصا وان الولايات المتحدة وعدت إسرائيل بتقديم الدعم الكامل داخل الأمم المتحدة مستقبلا. وعدت ايضا بمنع صدور اي قرار آخر "مدمر" مثل القرار الذي صدر في ديسمبر الماضي، وطالب إسرائيل بالوقف الكامل للاستيطان في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، وكانت الولايات المتحدة لم تستخدم على غير العادة حق النقض (فيتو) لمنع صدور القرار.
ويأمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تحسن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة. واكد نتانياهو في وقت سابق ان تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة يشكل "فرصة عظيمة" لاسرائيل، وقال نتانياهو لنواب من حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه انه بعد ثماني سنوات من "الضغوطات الهائلة" التي مارستها ادارة الرئيس السابق باراك اوباما فيما يتعلق بموضوعي ايران والاستيطان، "نحن امام فرص عظيمة وهامة لأمن ومستقبل دولة اسرائيل. ولكنهم يطلبون منا التحلي بالمسؤولية والتعقل من جانبنا لعدم تفويت هذه الفرصة". ويتزعم نتانياهو الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل، ويعارض العديد من وزرائها اقامة دولة فلسطينية.
ودعا التيار اليميني الاكثر تطرفا في الحكومة الاسرائيلية الى ضم اجزاء من الضفة الغربية المحتلة بعد انتخاب ترامب. وكان نتانياهو اعلن انه سيرفع كافة القيود عن الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة، بحسب ما اوردت وسائل الاعلام المختلفة. واكد بحسب المصادر نفسها انه سيواصل البناء الاستيطاني في الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية المحتلة، وان كافة المستوطنات يجب ان تبقى تحت السيادة الاسرائيلية ضمن اي اتفاق مع الفلسطينيين.
ينتظر تيار اليمين الإسرائيلي بحماس وصول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للبيت الأبيض على أمل أن يدشن رئيس جمهوري حقبة جديدة من الدعم لأنشطة الاستيطان الإسرائيلية على أراض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها. وتعهد ترامب اثناء حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وفي تحرك زاد جرأة اليمين الإسرائيلي عين الرئيس المنتخب بالفعل سفيرا جديدا للولايات المتحدة لدى إسرائيل هو ديفيد فريدمان الذي ينظر إليه على أنه يتبنى مواقف يمينية متطرفة من قضايا بينها أنشطة الاستيطان.
تقارب في الأفكار
وفي هذا الشأن فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس فقط معجبا بسياسات دونالد ترامب بل إنه بدأ يتصرف مثله على تويتر. وعلى مدار العام المنصرم لجأ نتنياهو وبشكل متزايد إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر تصريحات سياسية وأيضا للسخرية من وسائل الإعلام الإسرائيلية بسبب ما تنشره عنه من تقارير. وقال نتنياهو لوسائل الإعلام الأجنبية خلال لقاء "إنه لأمر ممتع. أنا استمتع بذلك". وفي حين أنه يؤيد تماما حرية الصحافة والحق في الانتقاد إلا أنه أضاف قائلا: "هل سمعتم؟ يجب أن تكون لدينا الحرية لانتقادهم وهذا ما أفعله في كل مناسبة. هذا شيء ممتع بشكل كبير."
وزاد وجود نتنياهو على تويتر وفيسبوك منذ أن عين متحدثا جديدا باسمه يتقن الانجليزية في أوائل 2016 وهو ديفيد كييز الأمريكي المولد والذي له خلفية في حملات الفيديو عبر الانترنت.
وقال كييز "هو يتحدث مباشرة للأشخاص ويستطيع أن يتجاوز الإعلام التقليدي المنحاز بشكل كبير في أغلب الأحيان.. استخدام رئيس الوزراء المبتكر لوسائل التواصل الاجتماعي يجعل إسرائيل منفتحة ومفهومة لدى عدد لا يحصى من الأشخاص حول العالم." واختار رئيس الوزراء البالغ من العمر 67 عاما توباز لاك لشغل منصب مدير إستراتيجية الإعلام الاجتماعي. بحسب رويترز.
وكان الزعيم الإسرائيلي المنتمي للجناح اليميني يحلم بوجود جمهوري في البيت الأبيض على مدى فتراته الأربع في المنصب بما في ذلك ثلاث سنوات صعبة مع بيل كلينتون وثماني سنوات من الجدال مع باراك أوباما. وفي نهاية رئاسة أوباما استخدم نتنياهو تويتر لاتهام الرئيس الأمريكي السابق بأنه ساند سرا قرارا للأمم المتحدة مناهضا لإسرائيل. ووعد ترامب بانتهاج سياسات كان نتنياهو يصبو إليها منذ وقت طويل مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإعادة النظر في الاتفاق النووي مع إيران وغض الطرف عندما تشيد إسرائيل المزيد من المستوطنات. وسيجتمع الزعيمان في واشنطن في 15 فبراير شباط.
اشادة وانتقادات
الى جانب ذلك لم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتوقع عندما كتب تغريدة على تويتر دعما لخطة الرئيس دونالد ترامب لبناء جدار على طول الحدود المكسيكية أنه سيتم إعادة إرسالها 40 ألف مرة ويكون لها مردود قوي في الداخل والخارج. ويواجه نتنياهو بالفعل أكبر ضغوط خلال 11 عاما من رئاسته للوزراء حيث تستجوبه الشرطة في تحقيقين جنائيين فيما يتعلق بإساءة استخدام السلطة. وقد يؤدي تأييده العلني لترامب إلى تقويض موقفه على نحو أكبر.
وكانت التغريدة التي أرسلت من حسابه الشخصي واضحة للغاية إذ قال فيها "الرئيس ترامب على حق. أنا شيدت جدارا على حدود إسرائيل الجنوبية. منع كل أشكال الهجرة غير الشرعية. حقق نجاحا كبيرا. فكرة رائعة." وأرفق بالتغريدة صورا للعلمين الإسرائيلي والأمريكي جنبا إلى جنب. وكان نتنياهو يشير إلى سياج حديدي أقامته إسرائيل على حدودها مع مصر تم تشييده في الأساس لمنع المهاجرين الفارين من صراعات في أفريقيا ومنهم صوماليون وسودانيون وإريتريون.
وأقامت إسرائيل أيضا جدارا من الحديد والخرسانة على امتداد حدودها مع الضفة الغربية المحتلة وتقول إن الهدف منه منع المتشددين من العبور إلى إسرائيل. ويصف الفلسطينيون هذا الجدار العازل بأنه استيلاء على أراض ولاقى الجدار إدانة دولية. ومن جانب ..يُنظر إلى انتخاب ترامب كرئيس على أنه أمر طيب لنتنياهو الذي يشهد للمرة الأولى خلال رئاسته للوزراء على مدى أربع فترات غير متتالية رئيسا للولايات المتحدة من الحزب الجمهوري.
وبالإضافة إلى أن الجمهوريين أكثر توافقا من الناحية الإيدلوجية مع التحالف اليميني بزعامة نتنياهو فقد أظهر ترامب بالفعل استعدادا لغض الطرف عن البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والذي كثيرا ما انتقدته إدارة باراك أوباما السابقة مما خيم بظلاله على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. ومن جانب آخر فإن ترامب شخص لا يمكن التكهن بأفعاله حيث أنه أثار انقساما في الولايات المتحدة بعد تسعة أيام فقط من توليه منصبه كما أحدث صدمة في عواصم حول العالم بسلسلة أوامر تنفيذية غيرت المواقف التي تنتهجها السياسة الأمريكية منذ عشرات السنين.
ويبدو رد الفعل المعاكس على تغريدة نتنياهو -التي أعاد ترامب نشرها وجذبت اهتماما أكبر مما تحدثه عادة تغريدات نتنياهو-إشارة مبكرة إلى الخطر الذي يواجهه نتنياهو بوقوفه إلى جانب ترامب. وعبرت الحكومة المكسيكية عن غضبها لإقحام نفسه فيما تعتبرها قضية ثنائية. وقالت وزارة الخارجية المكسيكية في بيان "عبرت وزارة الخارجية لحكومة إسرائيل عبر سفيرها في المكسيك عن دهشتها الكبيرة ورفضها وخيبة أملها تجاه رسالة رئيس الوزراء نتنياهو." وأضافت "المكسيك صديق لإسرائيل ويجب التعامل معها على هذا النحو من قبل رئيس وزرائها (نتنياهو)."
وشكك دان شابيرو الذي عمل سفيرا لدى إسرائيل تحت إدارة أوباما ولا يزال يعيش في إسرائيل في دوافع نتنياهو من وراء التغريدة وذلك في انحراف عن الدبلوماسية. وكتب شابيرو على تويتر يقول "من الصعب تفسير هذا التدخل في قضية تخضع لنقاش محموم في السياسات الداخلية الأمريكية. إلا إذا كان هذا التأييد جاء بناء على طلب من ترامب لنتنياهو لشيء يريده نتنياهو" مشيرا إلى أن التغريدة ربما تكون مرتبطة بوعد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وأضاف "بالنسبة لي يبدو أن ترامب يضغط بقوة بالفعل على نتنياهو." بحسب رويترز.
ووجه زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لابيد الذي تفوق على نتنياهو في استطلاعات الرأي الأخيرة انتقادات لاذعة أيضا لنتنياهو. ففي حين أن لابيد تحاشى توجيه انتقادات لنتنياهو فيما يتعلق بتحقيقات الشرطة معه فقد انتقده هذه المرة. وكتب لابيد تغريدة بالعبرية قال فيها "خطأ كبير ارتكبه نتنياهو." وأضاف "هو إعلان حرب على المكسيك وعلى من ينتمون لأصل أسباني أو يتحدثون اللغة الإسبانية دون داع ويمزق أوصال العلاقة مع الديمقراطيين (بينهم أغلبية من اليهود الأمريكيين). لا يهم ما نفكر فيه بشأن الجدار أليس لدينا ما يكفي من مشكلات؟" ورغم أن نتنياهو لم يحذف التغريدة فقد سعت وزارة الخارجية الإسرائيلية على الفور إلى إعطاء تفسير مختلف لمحتواها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن رئيس الوزراء كان يشير إلى "تجربة أمنية محددة" لإسرائيل مضيفا "نحن لا نعبر عن موقف تجاه العلاقات الأمريكية-المكسيكية."
نتانياهو وايران
في السياق ذاته أعرب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن أمله بان ينهي انتخاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب "الصمت المطبق" في العالم تجاه "العدوان" الايراني. وقال رئيس الوزراء "الخطر الاكبر الذي نواجهه من كره للشعب اليهودي والدولة اليهودية يأتي من الشرق، من ايران". واضاف انه في حين يطالب قادة ايران ب"محو كل اسرائيلي،" يقابل العالم تلك الدعوات بـ"الصمت المطبق" الا "انني اعتقد بان ذلك قد يتغير. لقد تحدثت مع الرئيس ترامب وتكلم عن العدوان الايراني وعن سعي ايران لتدمير اسرائيل وعن طبيعة هذا الاتفاق النووي والخطر الذي يشكله".
وقاد نتانياهو حملة شرسة ضد اتفاق حول النووي الايراني تم التوصل إليه في فيينا في تموز/يوليو 2015 بين طهران والقوى الكبرى، ضمنها الولايات المتحدة، يهدف الى ضمان الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي مقابل رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وقبل دخوله البيت الابيض، قال ترامب في مقابلة مشتركة مع صحيفتي تايمز البريطانية وبيلد الالمانية ان الاتفاق النووي كان "احد أسوأ الاتفاقات". واعتبر نتانياهو ان الاتفاق لن يمنع ايران من الحصول على اسلحة نووية وان رفع العقوبات عنها سيمكنها من تمويل جماعات مسلحة في الشرق الاوسط. بحسب فرانس برس.
ولكن وفقا لتقارير اعلامية، اشار البعض داخل مؤسسة الدفاع الاسرائيلية على نتانياهو بعدم دفع ترامب لالغاء الاتفاق بما ان ايران تلتزم به حتى الآن وقد يكون لالغائه عواقب غير متوقعة. وتحدث نتانياهو عن تنامي معاداة السامية في اوروبا قائلا "صحيح ان الحكومات اظهرت مسؤولية بشكل عام في التعامل" مع هذه الظاهرة "الا انه صحيح ايضا ان هذه الكراهية تخرج من جحورها".
اعفاء اليهود
على صعيد متصل قالت السفارة الاميركية في تل ابيب ان الاسرائيليين اليهود المولودين في الدول السبع التي يشملها حظر السفر الذي امر به الرئيس الاميركي دونالد ترامب، مستثنون من هذا الحظر. ووقع ترامب امرا تنفيذيا يحظر على مواطني سبع دول غالبية سكانها من المسلمين من الشرق الاوسط وافريقيا من دخول الاراضي الاميركية لمدة 90 يوما. الا ان تفسير الامر اثار ارتباكا واسعا. ويعيش في اسرائيل نحو 140 الف شخصا ولدوا في الدول السبع الواردة في الامر بينهم نحو 45 الفا من ايران، و53 الفا من العراق، بحسب الاحصاءات الرسمية. بحسب فرانس برس.
وفر العديد من هؤلاء من بلدانهم بسبب الاضطهاد، وغالبيتهم تزيد اعمارهم على 65 عاما. وتحدد جوازات سفرهم مكان الولادة، الا ان معظمهم لا يحملون جنسية البلد الاصلي. وسعت الحكومة الاسرائيلية للحصول على توضيح حول شمول قرار حظر السفر لهؤلاء. وجاء في بيان للسفارة الاميركية "اذا كانت لديك تاشيرة سفر سارية الى الولايات المتحدة مطبوعة على جواز سفرك، وكنت مولودا في العراق او ايران او ليبيا او الصومال او السودان او سوريا او اليمن، ولا تملك جواز سفر ساريا من احدى هذه الدول، فان تاشيرتك لم تلغ ولا تزال سارية". واضافت السفارة "نواصل النظر في طلبات الحصول على التاشيرات للمتقدمين المولودين في هذه الدول ما دام ليس بحوزتهم جواز سفر سار من احدى هذه الدول".
اضف تعليق