توتر العلاقات بين امريكا واسرائيل التي وصلت في الفترة الأخيرة إلى أدنى مستوى لها، بسبب تدهور العلاقات بين نتنياهو وأوباما حول بعض القضايا المهمة ومنها بناء المستوطنات والاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية الموقع في 2015، فقبل انتهاء ولايتها الدستورية،وكما نقلت بعض المصادر، اختارت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تعبّر بطريقة غير مألوفة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية عن إحباطها المتراكم من حكومة بنيامين نتنياهو بسبب سياساتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإفشال عملية التسوية مع الفلسطينيين.
حيث امتنعت الولايات المتحدة في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ما سمح بتمرير القرار 2334 الذي دان بناء إسرائيل المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وعدّها غير شرعية، وهو ما أثار غضب إسرائيل وحلفائها في واشنطن، بمن فيهم الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي تعهد بالوقوف مع إسرائيل بعد استلامه زمام الأمور، وتخشى إسرائيل أن تذهب إدارة أوباما في أيامها الأخيرة إلى أبعد من ذلك ومحاولة فرض معايير أو محددات لصورة الحل النهائي عبر مجلس الأمن، ورغم أن إدارة أوباما أكدت عدم نيتها القيام بذلك، لم يتبدد القلق في إسرائيل، خصوصا أن هناك من يرى أن أوباما يحاول أن يقيد يدَي إدارة ترمب المقبلة التي أعلن رئيسها صراحة أنه سينحاز إلى دولة الاحتلال بالمطلق، بما في ذلك نشاطها الاستيطاني.
وقد ندد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بسياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الداعمة للاستيطان في الأراضي المحتلة، مؤكدًا أنها تجعل إقامة دولة فلسطينية أمرًا شبه مستحيل. وأوضح أوباما أن نتنياهو، يؤمن بحل الدولتين ومع هذا فإن أفعاله تظهر دوما أنه إذا ما تعرض لضغوط للموافقة على المزيد من المستوطنات فإنه سيفعل هذا بغض النظر عما يقوله عن أهمية حل الدولتين. وقال أوباما، إنه هو ووزير خارجيته جون كيري ناشدا نتنياهو بصفة شخصية “مرات لا تحصى” على مدى السنوات القليلة الماضية وقف النشاط الاستيطاني لكنه تجاهل تلك النداءات. ويذكر أن الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب، ندد بسياسة أوباما تجاه إسرائيل وتعهد بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وهو ما أثار غضب الفلسطينيين.
ترامب واسرائيل
حث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اسرائيل على التماسك أمام الموقف الدولي تجاه المستوطنات حتى يتولى مهام منصبه رسميا الشهر المقبل. وكتب ترامب على صفحته على تويتر "ظلوا أقوياء". وأضاف "لا يمكننا السماح لمعاملة اسرائيل بهذا الإزدراء وعدم الاحترام". وقال "البداية كانت مع الاتفاق النووي مع ايران ثم الآن الأمم المتحدة. ظلوا أقوياء (إسرائيل) 20 يناير قادم".
ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تغريدته قائلا "شكرا على صداقتك الدافئة ودعمك الحاسم لاسرائيل". ويثير استخدام ترامب لوسائل التواصل الإجتماعي وخاصة صفحته على موقع تويتر كثيرا من الانتقادات ويطالب باستخدام القنوات التقليدية للتواصل بشأن القضايا الدولية. جاء ذلك تعليقا على تصديق مجلس الأمن على قرار يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وسبقت تعليقات ترامب كلمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ء حول رؤيته للصراع الاسرائيلي الفلسطيني بعد امتناع الولايات المتحدة عن عرقلة صدور القرار الأممي بوضع حد لعمليات الاستيطان. وأكد كيري أن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط". وطالب القرار الذي قدمت مشروعه أربع دول أعضاء، هي نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال، إسرائيل على الوقف الفوري والكامل لجميع النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتراجع عن الخطوات التي من شأنها تهديد حل الدولتين. بحسب بي بي سي.
وكان ترامب قال في كانون الاول /ديسمبر الماضي إنه يريد ان يتخذ موقفا "محايدا جدا" فيما يخص الشأن الفلسطيني الاسرائيلي، ولكن خطابه اصبح اكثر موالاة لاسرائيل مع تقدم حملته الانتخابية. وتعد المستوطنات الإسرائيلية من القضايا الشائكة في أي مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتعتبر عقبة أمام التوصل إلى اتفاق سلام. وتعتبر المستوطنات غير شرعية وفقا للقانون الدولي لكن اسرائيل تدفع بغير ذلك. ويعيش قرابة 500 ألف مستوطن يهودي في نحو 140 مستوطنة تم بناؤها منذ احتلال اسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967.
تصريحات كيري
الى جانب ذلك أنبت بريطانيا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لوصفه الحكومة الإسرائيلية بأنها الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل وذلك في خطوة من شأنها أن تقرب المسافات أكثر بين رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. وبعدما أثار الرئيس الأمريكي باراك أوباما غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برفضه استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار بمجلس الأمن الدولي يطالب إسرائيل بالكف عن بناء المستوطنات أثار انتقاد كيري لإسرائيل علنا استياء بعض الحلفاء مثل بريطانيا.
وفي واحدة من أكثر المواجهات حدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ عقود قال كيري في خطاب إن إسرائيل تعرض آمال السلام في الشرق الأوسط للخطر ببنائها المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. ورغم تصويت بريطانيا لصالح القرار بالأمم المتحدة مما أغضب نتنياهو بشدة واعتبارها المستوطنات في الأراضي المحتلة غير قانونية فإن متحدثا باسم ماي قال إن من الواضح أن المستوطنات ليست المشكلة الوحيدة في الصراع.
ووجه المتحدث تأنيبا حادا غير معتاد لأكبر دبلوماسي أمريكي قائلا إن إسرائيل تعاملت لفترة طويلة مع خطر الإرهاب وإن التركيز على المستوطنات فحسب ليس هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام بين اليهود والعرب. وأشارت لندن على نحو خاص إلى وصف كيري لحكومة نتنياهو الائتلافية بأنها "الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل ولها أجندة تحركها أكثر عناصرها تشددا." وردا على سؤال عن خطاب كيري الذي استمر 70 دقيقة قال المتحدث باسم ماي "لا نعتقد... أن طريقة التفاوض من أجل السلام هي التركيز على قضية واحدة فقط... ولا نعتقد أن من الملائم مهاجمة تشكيلة حكومة منتخبة ديمقراطيا لحليف."
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها صدمت بالتصريحات الصادرة عن مكتب ماي وإن تصريحات كيري تتماشى مع سياسة بريطانيا نفسها. وشكرت ألمانيا وفرنسا وكندا والأردن ومصر وتركيا والسعودية وقطر والإمارات بالاسم على دعمها. وتعتز بريطانيا منذ وقت طويل "بعلاقتها الخاصة" بالولايات المتحدة بوصفها إحدى ركائز سياستها الخارجية لكن ماي واجهت صعوبات لبناء العلاقات مع فريق ترامب الانتقالي.
وبعد انتخابه تحدث ترامب إلى تسعة من زعماء العالم قبل أن يتحدث إلى ماي كما أثار الرئيس المنتخب الدهشة في لندن عندما اقترح أن يصبح السياسي البريطاني نايجل فاراج المؤيد للخروج من الاتحاد الأوروبي سفيرا لبلاده في واشنطن. لكن بانتقادها كيري صراحة قبل تركه المنصب فإن ماي تجعل السياسة البريطانية أقرب من ترامب منها إلى حلفاء بلادها الأوروبيين كألمانيا وفرنسا.
وشجب ترامب معاملة إدارة أوباما لإسرائيل ووعد بتغيير النهج عندما يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير كانون الثاني. وكتب ترامب في سلسلة تغريدات "لا يمكننا استمرار السماح لإسرائيل بأن تعامل بمثل هذا الازدراء الكامل وعدم الاحترام. اعتادوا أن يكون لهم صديق قوي في الولايات المتحدة ولكن الأمر لم يعد كذلك. كوني قوية يا إسرائيل فيوم العشرين من يناير يقترب بسرعة." وعبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن تأييده لخطاب كيري. وتستضيف فرنسا مؤتمرا عن الشرق الأوسط في باريس الشهر المقبل. وذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية أن أستراليا نأت بنفسها عن موقف أوباما من إسرائيل.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه مقتنع بأن من الممكن تحقيق السلام مع إسرائيل لكنه طالبها بوقف بناء المستوطنات قبل استئناف المحادثات. وانتقد نتنياهو خطاب كيري بشدة. وفي بيان صدر بعد وقت قصير من إلقاء الخطاب اتهم نتنياهو كيري بالانحياز وقال إن إسرائيل ليست بحاجة لمحاضرات من الزعماء الأجانب. وقال نتنياهو إنه يتطلع للعمل مع ترامب. وأضاف هو في رده أن كيري "تطرق بشدة إلى المستوطنات" ولم يذكر "جذور الصراع - معارضة الفلسطينيين لقيام دولة يهودية في إطار أي حدود." وصب خطاب كيري في مصلحة الحركة القومية الدينية التي تنتمي إلى أقصى اليمين في إسرائيل بقيادة نفتالي بينيت وزير التعليم وهو عضو في حكومة نتنياهو لكنه ينتقد رئيس الوزراء بشدة ويحاول الاستعداد ليكون في وضع يسمح له بأن يكون زعيما محتملا في المستقبل. بحسب رويترز.
ويريد حزب البيت اليهودي بزعامة بينيت ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ويجاهر بمعارضة إقامة دولة فلسطينية. ويدافع عن بناء المزيد من المستوطنات وإضفاء الشرعية على مواقع استيطانية تعتبرها الحكومة الإسرائيلية نفسها غير قانونية. وقال بينيت بعد خطاب كيري "خلفت سياسة إدارة (أوباما) الشرق الأوسط مشتعلا. تم الدفع بالديمقراطية الحرة الوحيدة تحت عجلات الحافلة - وهي إسرائيل".
اضف تعليق