بعد سنوات طويلة من الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، لا تزال تونس تعيش جملة من المشكلات والأزمات المهمة وكبيرة، يمكن ان تؤثر سلباً على امن واستقرار هذا البلد كما يقول بعض المراقبين، الذين أكدوا ان الحكومة التونسية الجديدة التي استلمت مهامها في صيف 2016. تعيش وضعا حرجا وتحديات كبيرة بسبب الوضع الاقتصادي المتراجع وارتفاع المديونية الخارجية والتهديدات الإرهابية المستمرة، التي أثرت على القطاع السياحي وأسهمت بتفاقم مشكلة البطالة، التي كانت سببا في تفجير موجة احتجاجات وإضرابات كبيرة، خصوصا بعد ان أكدت الحكومة انها ستقوم بإجراء سلسلة إصلاحات اقتصادية وفرض سياسات تقشفية شاملة.
وتفاقم عجز ميزانية الدولة التونسية كما نقلت بعض المصادر، ليبلغ 1,5 مليار يورو في نهاية تشرين الاول/اكتوبر 2016، بحسب تقرير للبنك المركزي التونسي نشر في خضم حالة من التجاذب بين الحكومة والمركزية النقابية حول قانون المالية لعام 2017. وجاء في مذكرة للبنك المركزي، ان تنفيذ ميزانية الدولة عند نهاية تشرين الاول/اكتوبر يظهر تدهورا في عجز الميزانية" الذي بلغ 3,7 مليارات دينار تونسي (1,5 مليار يورو)، مقابل 1,5 مليار دينار (610 مليون يورو) في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وأضاف المصدر ان العجز القائم تفاقم بوضوح في تشرين الاول/اكتوبر" ليبلغ 7,5 % من الناتج الإجمالي، متوقعا ان يقترب العجز من 8,5 % في نهاية 2016. وكانت الحكومة التونسية اكدت ان البلاد تعيش حالة "طوارئ اقتصادية". وتحاول حاليا ان تمرر ميزانيتها الجديدة عبر البرلمان. وتشمل هذه الميزانية العديد من إجراءات التقشف بينها ما يتعلق خصوصا بتأجيل زيادة رواتب العاملين في القطاع العام. وهذا الإجراء الأخير يعارضه بشدة الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) الذي دعا الى الإضراب.
وأبرمت تونس في ايار/مايو خطة مساعدة جديدة مع صندوق النقد الدولي بقيمة 2,6 مليار يورو تمتد على اربع سنوات في مقابل إصلاحات اجتماعية واقتصادية. ويتضمن مشروع ميزانية 2017 بالخصوص إصلاحا ضريبيا أثار احتجاجات مهن حرة بينها المحامون. وكانت عمادة (نقابة) المحامين طالبت في الآونة الأخيرة باستقالة وزيرة المالية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر حذرت وكالة موديز من ان تصنيف الدين السيادي لتونس (بي ايه3) يمكن ان يخفض على الأمد المتوسط بسبب تدهور المالية العامة.
إضراب مفتوح
وفي هذا الشأن تظاهر أكثر من ثلاثة آلاف محام تونسي أمام مقر رئيس الوزراء في ساحة القصبة ودخلوا في إضراب مفتوح في تصعيد لإحتجاجاتهم على خطط الحكومة لفرض ضرائب جديدة في قانون المالية 2017. وفرضت الحكومة التونسية -التي تواجه ضغوطا قوية من المقرضين الدولين لتنفيذ إصلاحات- حزمة من الاجراءات من بينها ضرائب جديدة على قطاعات مثل المحامين والاطباء وأخرى إضافية على الشركات بالاضافة إلى خطط لتجميد زيادة في أجور مئات الالاف من الموظفين بالقطاع العام.
وسيكون المحامون وفقا لمشروع القانون الجديد الذي اقرته لجنة المالية بالبرلمان وسيناقشه البرلمان في جلسة عامة مطالبين بدفع مبالغ تترواح بين 8 و20 دولار عن كل ملف قضية يعرض على القضاء ضمن خطة الحكومة لمقاومة التهرب الجبائي. وسار بضعة ألاف من المحامين من أمام قصر العدالة بالعاصمة في مظاهرة إلى ساحة القصبة أمام مكتب رئيس الوزراء حيث رفعوا شعارات مناهضة للقانون مثل "لا.. لا للقانون الظالم." وأخرى تطالب رئيس الوزراء يوسف الشاهد بالاستقالة مثل "المحاماة حرة.. حرة والشاهد على بره". ورفعت لافتات كتب عليها "المحاماة غاضبة".
وقال عميد المحامين عامر المحرزي إن الحكومة تريد إلجام أفواه المحاميين عبر فرض هذه "العقوبات الجبائية". ويأتي تصعيد احتجاجات المحامين بينما كثفت الحكومة مفاضاوتها سعيا للوصول لاتفاق مع إتحاد الشغل الذي هدد بالاضراب العام في الوظيفة العمومية بسبب خطط الحكومة لتجميد الأجور. لكن مصادر قالت ان اتحاد الشغل القوي الذي يضم مئات الالاف من الاعضاء قد يلغي إضرابه على الأرجح بعد مقترح حكومي جديد.
وقالت بعض المصادر إن الحكومة اقترحت زيادة صغيرة لموظفي القطاع العام في 2017 بينما يتم تأجيل جزء آخر إلى 2018. ومن المتوقع أن يعلن اتحاد الشغل عن موفقه النهائي. وتنامي الاحتجاجات على قانون المالية هو أشد إختبار لقدرة حكومة الشاهد على إحتواء الاحتقان المتنامي بعد أشهر قليلة من تسلمه رئاسة الوزراء خلفا للحبيب الصيد الذي أقاله البرلمان بدعوى فشله في إنعاش الاقتصاد وتسريع الإصلاحات. بحسب رويترز.
ورفض اتحاد الصناعة والتجارة بدوره مقترح الحكومة زيادة الضريبة على المؤسسات كما رفضت نقابات الصيدليات رفع ضربية جديدة على الأدوية وهددت باضرابات. وقال الشاهد إن قانون المالية الجديد هو الاكثر إثارة للجدل في تاريخ البلاد لكنه أضاف أن حكومته كانت لديها الجرأة الكافية لإقرار العديد من الاصلاحات لإنعاش الاقتصاد ومعالجة العجز في الموازنة.
مفتي تونس والاحتجاجات
الى جانب ذلك نددت المركزية النقابية ومنظمة حقوقية في تونس بدعوة مفتي تونس الشيخ عثمان بطيخ التونسيين الى وقف الاحتجاجات الاجتماعية والاعتصامات، وطالبتا دار الافتاء بعدم التدخل في مسائل كهذه. وكان المفتي طالب التونسيين في بيان اصدرته "دار الافتاء" التابعة لرئاسة الحكومة بـ"ترك الاحتجاجات العشوائية والاعتصامات المعطلة للعمل والإنتاج وسد الطرق والإضرار بالملك العام".
وحذر المفتي في البيان من أن "تونس اليوم في مفترق طرق، فإما أن نخلص الجهد لإنقاذها كل على قدر مسؤوليته، أو لا قدر الله كنا كمن قال فيهم المولى عز وجل يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين". واكد بوعلي المباركي مساعد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) في تصريح لاذاعة "شمس اف ام" الخاصة "احترامنا وتقديرنا لدار الإفتاء وسماحة المفتي"، مؤكدا في الوقت نفسه "لكن لا نريد ان يقع الزج بهم في هذا الحراك الاجتماعي والمطالب الاجتماعية، حتى لا تصبح صورتها ومصداقيتها محل نقد وانتقاد". واضاف "نعتقد ان الحراك والاحتجاجات الاجتماعية (...) مطالب وتحركات مشروعة اقرها الدستور (..) نستغرب ان تصبح دار الإفتاء تفتي في حلال وحرام في هكذا مطالب ومسائل مشروعة (..) ندعو دار الافتاء ألاّ تتدخل في هكذا نقاش وهكذا تجاذبات".
من جهته، أعرب "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" (منظمة غير حكومية) في بيان عن "استنكاره تدخل مؤسسة الإفتاء في مجال يتجاوز اختصاصاتها"، محذرا من "خطورة توظيف السلطة الدينية لمفتي الجمهورية التونسية في مجال الحكم على التحركات الاجتماعية". واتهم المنتدى المفتي بـالسعي الى "تبرير سياسة رسمية تهدف إلى تجريم الحركات الاجتماعية"، داعيا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي يعطيه الدستور صلاحية تعيين وعزل المفتي الى "مساءلة مفتي الجمهورية التونسية عن دوافع ومقاصد" البيان الصادر عن دار الافتاء. بحسب فرانس برس.
في الاثناء طالب نشطاء على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك المفتي باصدار "فتوى في تحريم الفساد" الذي تقول الهيئة الدستورية لمكافحة الفساد في تونس انه "تفاقم" بشكل غير مسبوق ما قد يحَول البلاد الى "دولة مافيا" في حال عدم تصدي السلطات له. وفي 26 آب/أغسطس الماضي، انتقد يوسف الشاهد رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" في خطاب نيل الثقة امام البرلمان تحول "الحرية" التي اتت بها ثورة 2011 الى "فوضى" للاعتصامات والاضرابات العمالية. وقال الشاهد يومها "سنكون حازمين في التصدي لكل الاعتصامات غير القانونية وغير المشروعة مع التزامنا بضمان حق الاضراب المنصوص عليه في الدستور".
البرلمان وخطط الحكومة
في السياق ذاته تفاقمت الصعوبات التي تواجه محاولات الحكومة التونسية إصلاح الاقتصاد، حين أسقط البرلمان قانونا يفرض ضرائب جديدة على المحامين وآخر لزيادة الرسوم الجمركية على الأدوية المستوردة، في انتكاسة لجهودها للقيام بتدابير يطالب بها المقرضون الدوليون. ويأتي رفض البرلمان وكما نقلت بعض المصادر، إقرار ضريبة خاصة على المحامين بعد يوم من تراجع الحكومة عن خطط لتجميد الأجور في القطاع العام إثر اتفاق مع الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة في البلاد، لتأجيل الزيادة في الرواتب دون إلغائها.
وسيكلف هذا القرار الحكومة، الساعية إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام بعد تراجع طال كافة القطاعات في السنوات الست الأخيرة، حوالي 418 مليون دولار في العام المقبل فقط. وتسعى الحكومة في إطار سياسة التقشف التي أعلنت عنها منذ توليها السلطة في أغسطس، إلى فرض زيادات ضريبية على المهن الحرة منها الطب والمحاماة، وبعض القطاعات الأخرى، لدعم الموارد المالية للدولة، لكن خطتها تجد رفضا من شريحة واسعة من التونسيين.
وفي جلسة شابها التوتر رفض العديد من نواب الائتلاف الحاكم إقرار ضريبة المحامين، ليتم عقب جدال كبير سحب الفصل من قانون المالية. وكانت الحكومة قد اقترحت فرض ضريبة على المحامين بين ثمانية دولارات و25 دولارا عن كل ملف قضائي بعد أن قال مسؤولون إن حوالي نصف المحامين لا يلتزمون بدفع الضرائب ولا الكشف عن دخلهم. وسحب البرلمان، الذي يتكون من 217 نائبا، أيضا فصلا يفرض ضريبة على الأدوية المستوردة بنسبة 6 بالمئة. وكان أصحاب الصيدليات قد هددوا في وقت سابق هذا الشهر، بالقيام بإضراب، في حالة إقرار ذلك التشريع.
وقال معز الجودي، المحلل الاقتصادي لرويترز، يبدو أن مصاعب تونس الاقتصادية ستزيد العام المقبل مع رفض إصلاحات ضريبية ستكون مكلفة. وأوضح الجودي، رئيس الجمعية التونسية للحوكمة، أن هذا المنحى سيزيد من تعقيد مهمة تمرير إصلاحات أخرى حرجة في مقدمتها خفض الدعم وأنظمة التقاعد وإصلاح المؤسسات الحكومية.
ورغم التفاؤل الكبير بعودة الروح إلى الحياة الاقتصادية بعد مؤتمر تونس 2020 الذي مكن تونس من جمع 14.7 مليار دولار في شكل قروض واستثمارات، إلا أن الأمور تسير على ما يبدو على العكس من ذلك. وفي مؤشر على الوضع السيء الذي تمر به البلاد، كشفت وزيرة المالية لمياء الزريبي أمام البرلمان، أن الحكومة تعمل على رفع حجم القروض الخارجية السنة القادمة إلى 3.71 مليار دولار أي بزيادة حوالي مليار دولار عما كان متوقعا قبل شهرين فقط.
وتواجه الحكومة ضغوطا من المقرضين الدوليين لتنفيذ إصلاحات اقتصادية وخفض الإنفاق لتقليص العجز في الميزانية، والذي قد يتجاوز 1.6 مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري، وفقا لبيانات البنك المركزي. وأبرمت تونس، في مايو الماضي، خطة مساعدة جديدة مع صندوق النقد الدولي بقيمة 2.8 مليار دولار، تمتد على أربع سنوات، في مقابل إصلاحات اجتماعية واقتصادية، وصفها الخبراء بـ(المجحفة والقاسية).
ويتوقع ألا تتجاوز نسبة النمو هذا العام حاجز 1.6 بالمئة، لكن الحكومة تطمح من خلال خطة التنمية الحالية إلى بلوغ نسبة نمو 4 بالمئة بحلول العام 2020. وكان الرئيس الباجي قائد السبسي قد أقال رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد بسبب فشل حكومته في تنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة تنقذ البلاد من التوتر الاجتماعي والاقتصادي الذي أرهق أغلب القطاعات الحيوية.
تضميد جراح ماضي
من جانب اخر ووسط مشاعر اختلط فيها التعاطف بالحزن، استحضر التونسيون جحيما عاشه عدد من مواطنيهم زمن الاستبداد عندما تابعوا أول جلستي استماع علنيتين لعينة من ضحايا انتهاكات حقوق الانسان الحاصلة في البلاد بين 1955 و2013.ةوأصبح تضميد جراح الماضي الاليم والانتهاكات الحاصلة خصوصا في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1987/1956) وخلفه زين العابدين بن علي (2011/1987)، تحديا يواجه تونس اليوم.
وفي وقت سابق بث التلفزيون مباشرة جلستي استماع علنيتين لضحايا الاستبداد نظمتها "هيئة الحقيقية والكرامة" المكلفة تفعيل "قانون العدالة الانتقالية" في تونس. وأستحدثت الهيئة بموجب هذا القانون الذي صادق عليه البرلمان نهاية 2013 وتتمثل مهمتها في "كشف حقيقة انتهاكات حقوق الانسان" الحاصلة في تونس منذ الاول من تموز/يوليو 1955، أي بعد نحو شهر من حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي، وحتى 31 كانون الاول/ديسمبر 2013 و"مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وتعويض الضحايا ورد الاعتبار لهم".
وهذه "الانتهاكات" هي "كل اعتداء جسيم او ممنهج على حق من حقوق الانسان صادر عن أجهزة الدولة أو مجموعات أو أفراد تصرفوا باسمها أو تحت حمايتها". وهي أيضا "كل اعتداء جسيم وممنهج على حق من حقوق الانسان تقوم به مجموعات منظمة" مثل "القتل العمد والاغتصاب وأي شكل من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري والاعدام دون توفر ضمانات المحاكمات العادلة". وأمام هيئة الحقيقة والكرامة مدة اقصاها خمس سنوات لانجاز هذه المهام.
واعتبر رفيك هودجيج من "المركز الدولي للعدالة الانتقالية" ان جلستيْ الاستماع العلنيتيْن كانتا ناجحتين. وقال هودجيج ان الجلستين "كانتا على الارجح من أولى جلسات (الاستماع) العلنية الاكثر نجاحا في التاريخ الحديث" لانها استطاعت "الوصول الى اكبر عدد ممكن من الناس سواء أولئك الذين لا يعرفون ما حصل في الماضي -خصوصا الشباب- أو الذين أخفوا" ذلك الماضي. وترى هبة مواريف مديرة البحوث الخاصة بشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية ان هذه الجلسات "قادرة على ان تكون ذات دلالة تاريخية كبيرة، ليس لتونس فقط بل لبقية العالم العربي". وقالت "إن حققت هيئة الحقيقة والكرامة اهدافها، فإن صدى هذا النجاح سيتجاوز تونس، في وقت يبدو فيه مفهوم المساءلة حلما من الماضي" في سوريا وليبيا ومصر.
وفي تونس، تجري جلسات الاستماع في مجتمع ممزق بين الاسلاميين والعلمانيين على الرغم من تحالفهم الحالي في الحكومة. وتباينت المواقف بشأن جلسات الاستماع العلنية خصوصا على شبكات التواصل الاجتماعي، وفي وسائل اعلام. وشبهت يومية "لوتن" الناطقة بالفرنسية عرض شهادات متتالية لضحايا الاستبداد بأنه "سُوق معاناة" يهدف الى "دفع التونسيين الى التباغض". وأقرت الصحيفة ان الاسلاميين "عانوا من القمع" لكن "يجب عليهم ان يعتذروا من الشعب التونسي عن كل الجرائم التي ارتكبوها باسمه".
وعلى الرغم من الأهمية التاريخية لجلسات الاستماع العلنية، لم يحضرها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، واعتبرت وسائل اعلام غيابهما "مقاطعة". وهناك عداوة غير خفية بين رئيسة الهيئة سهام بن سدرين والرئيس التونسي الذي تولى وزارة الداخلية في عهد بورقيبة ورئاسة البرلمان زمن بن علي. وتساءلت جريدة "الصباح" اليومية "هل إننا قمنا بكل ما يكفي لتحصين انفسنا من عودة هذه الممارسات البشعة؟ وهل نحن كتونسيين مؤهلون فعلا لقبول اعتذار الآخر وأن نصفح عنه ونتصالح مع بعضهنا البعض، مصالحة شاملة وحقيقية ومسؤولة تتجاوز الأحقاد والضغائن والرغبة في الانتقام، ام أن مثل هذه الجلسات ستدفعنا الى مصير أكثر إيلاما وستدفعنا الى متاهة من تصفية الحسابات في اطار من التوظيف السياسي والأجندات الحزبية؟". بحسب فرانس برس.
وقالت الصحيفة انها تنتظر "اعتذارات الجلادين" الذين قد يحضرون جلسات استماع قادمة. وفي جلسة وجه الاكاديمي الاسلامي سامي براهم الذي سجن 8 سنوات في عهد الرئيس المخلوع بن علي وتعرض الى التعذيب، "نداء الى الجلادين" قال فيه انه مستعد للعفو عنهم لكن شرط أن "يعترفوا ويعتذروا". وعرّت الشهادات نظاما كاملا، و"ماكينة" عملت بمساعدة الشرطة وحراس السجون ولكن ايضا القضاة والأطباء. واعتبر رفيك هودجيج ان نقاشا عاما واسع النطاق ضروري في تونس حتى لا يكرر التاريخ نفسه ولفهم "كيف امكن في لحظة من تاريخنا التطبيع مع الاختفاء القسري والتعذيب البوليسي".
اضف تعليق