حكومة الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب الذي أول رئيس أميركي لم يسبق له العمل في المجالين السياسي والعسكري، ماتزال محط اهتمام واسع خصوصا وان ترامب الذي اعتمد اليوم ترشيح بعض الاسماء، قد أثار يعد وبحسب بعض المصادر قلق الكثير من الساسة والخبراء السياسيين الامريكيين بسبب اختياره لعدد من الجنرالات المتقاعدين في الجيش الامريكي لتولي مناصب عليا في حكومته القادمة وكذلك عدم خبرة ترامب الكافية لإدارة أمريكا من الناحية السياسية. فمجلة بوليتيكو السياسية الأمريكية قالت ان رئيسا ليست لديه أية خبرة وسوابق تنفيذية سياسية سيواجه تبعات خطيرة وسيئة اذا أراد الإستفادة من عدد كبير من العسكريين في حكومته. ويتهم الكثير من الخبراء ترامب بأنه ينظر الى قضايا السياسة الخارجية والسياسات الدفاعية من منظار عسكري وهذا سيتسبب بتراجع الدبلوماسية وسيضعف القدرات الوطنية لأمريكا وهذا سيكلف هذا الرئيس المفتقر للخبرة السياسية غاليا وسيشكل خطرا على حكومته.
من جانبها قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن تعيين 3 شخصيات من ذوي المواقف المتشددة في قضايا الأمن الوطني والهجرة يعكس طريقة التفكير في المرحلة المقبلة، وأضافت الصحيفة أن "تعيين مايكل فلين في منصب مستشار الأمن الوطني، وهو المعروف أيضا بمواقفه التصالحية تجاه روسيا، يعكس طبيعة التوجه نحو فتح قنوات غير دبلوماسية للتعاون مع روسيا، خصوصاً في قضايا حساسة منها الإرهاب".
ولفتت صحيفة "نيويورك تايمز" النظر إلى أن تعيين مايك بومبيو في منصب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جاء لمواقفه المناهضة لسياسة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، التي قللت من أهمية التهديد الإرهابي في ليبيا؛ حيث أسفر ذلك عن مقتل 4 دبلوماسيين أمريكيين في بنغازي عام 2012.
وعلقت شبكة "فوكس نيوز" على التعيين بالقول إن "تعيين بومبيو لتولي هذا المنصب يعني أنه وضع بذلك صقراً جمهورياً طالما عُرف بمواقفه المعارضة لإغلاق معتقل غوانتانامو، وميله إلى استخدام وسائل وحشية في استجواب المعتقلين، ومطالبته باستمرار برامج التنصت الإلكتروني الخاصة بوكالة الأمن القومي الأمريكي". وأضافت الشبكة أن "تسمية مايك بومبيو الذي يتمتع بخبرة طويلة اكتسبها من عمله عن قرب مع المجتمع الاستخباري الأمريكي باعتباره عضواً في اللجنة النيابية المعنية بشؤون الاستخبارات، في منصب مدير الـ "CIA"، تعد فأل خير للعلاقات المستقبلية بين الوكالة والكونغرس، بعد أن تدهورت تلك العلاقة في السنوات الأخيرة بسبب المعتقلين، وبسبب خلافات الوكالة مع مراقبيها في الإدارة الأمريكية".
الدفاع والمخابرات
في هذا الشأن أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أنه سيعين الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس وزيرا للدفاع، وقال الرئيس الجمهوري الذي انتخب في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، في سينسيناتي بأوهايو أمام آلاف من الناخبين الذين صوتوا له، إنه سيسمي ماتيس وزيرا للدفاع. وتابع متحدثا عن ماتيس "إنه ممتاز، إنه ممتاز"، مشيرا إلى "أنه الأفضل. هم (الجنرالات الآخرون) يقولون إنه الأقرب إلى الجنرال جورج باتون" في إشارة إلى القائد العسكري الذي برز خلال الحرب العالمية الثانية.
وبهذه التسمية، يصبح ماتيس الجنرال الثاني الذي سيقود وزارة الدفاع بعد الجنرال جورج مارشال عام 1950، وسيحتاج ماتيس تفويضا خاصا من الكونغرس من أجل تسلم مهمته. وتعهد دونالد ترامب من جهة أخرى بتوحيد "أمة منقسمة جدا" وقال سنجمع بلادنا، بلادنا بكاملها"، وأضاف "نحن ندين عدم التسامح والأحكام المسبقة بأشكالهما كافة. نحن ندين الكراهية وننبذ بقوة لغة الإقصاء والتفرقة"، مادا يده إلى الديموقراطيين. وأوضح "تحدثت إلى الديموقراطيين. قلت لهم: إسمعوا، لا يمكننا أن نكمل مع هذا الشلل. هذا مستمر منذ سنوات كثيرة"، موضحا "سنتحادث مع بعضنا. وأعتقد أنهم يريدون أن نتحادث".
من جانب اخر قال أربعة مسؤولين أمريكيين إن عضوا واحدا بفريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب المشرف على انتقال السلطة يتولى التواصل مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) وأجهزة المخابرات الستة عشر الأخرى بالولايات المتحدة. وأضافوا أن العضو السابق بلجنة المخابرات في مجلس النواب الأمريكي جيفري كان هو الوحيد الذي اختاره ترامب حتى الآن للمجموعة التي ستكلف بشؤون أجهزة المخابرات.
وقال مسؤول بالمخابرات إن الملفات التي تحتوي على معلومات أعدها مكتب مدير المخابرات الوطنية ووكالة الأمن القومي والمركز القومي لمكافحة الإرهاب و13 وكالة وجهازا آخر "بانتظار من يقرأها." وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "يبدو هذا التوقيت غريبا أن يتم فيه تأجيل التعامل مع قضايا مثل الأمن الإلكتروني والإرهاب الدولي." وأضاف المسؤول أن الإدارات السابقة كانت أسرع في تعيين أطقم المخابرات الخاصة بها لأسباب من بينها أنها اعتبرت قضايا المخابرات أساسية لتحديد السياسة الخارجية وأولويات الدفاع والميزانية.
ويعمل بقطاع المخابرات نحو 200 ألف موظف ومتعاقد وتتجاوز ميزانيته السنوية 70 مليار دولار. وتجمع الأجهزة المعلومات وتحللها عن مجموعة واسعة من الموضوعات بدءا بالتهديدات للأمن القومي مثل الإرهاب وتغير المناخ وانتهاء بالصراعات العالمية والسياسات الخارجية والدفاعية والتجارية للحكومات الأجنبية. وقال اثنان من المسؤولين إن كان على اتصال دوري بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأضافا أنهما لا يعلمان ما إذا كان أجرى اتصالات مع أجهزة مخابرات أخرى. بحسب رويترز.
وبالإضافة إلى فحص المرشحين المحتملين للمناصب الكبيرة فإن كان مسؤول أيضا عن تنسيق إطلاع المرشحين على أحدث المعلومات والمساعدة في أعدادهم لجلسات مجلس الشيوخ للتصديق على تعيينهم. وأعلن ترامب أنه يعتزم ترشيح النائب مايك بومبيو لخلافة مدير (سي.آي.إيه) جون برينان الذي سيترك منصبه في يناير كانون الثاني. ولم يعلن الرئيس المنتخب بعد عن مرشحيه لمناصب كبيرة أخرى بما في ذلك من سيخلف مدير المخابرات الوطنية جيمس كلابر. ويترك كلابر (75 عاما) منصبه حين يتم تنصيب ترامب رئيسا في 20 يناير كانون الثاني.
وزارة الصحة
الى جانب ذلك اختار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمنصب وزير الصحة النائب توم برايس، المعارض الشرس لبرنامج "أوباماكير" لإصلاح نظام الضمان الصحي الذي يمقته الجمهوريون. وقال ترامب في بيان مشيرا إلى برايس "إنه مؤهل بشكل استثنائي لحسن تنفيذ تعهدنا بإلغاء واستبدال أوباماكير من أجل توفير تغطية صحية سهلة وبسعر مقبول لجميع الأمريكيين".
ولفت الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب أن برايس "معارض شرس للهدر الحكومي". كما أكد برايس البالغ 62 عاما في البيان "ما زال أمامنا العمل الكثير لضمان توفير نظام صحي فاعل للمرضى والعائلات والأطباء". ويمثل الجمهوري توم برايس ولاية جورجيا (جنوب شرق) في مجلس النواب منذ 2004. وكان جراح عظام طوال 20 عاما في القطاع الخاص. وأثار تعيينه على رأس وزارة الصحة ردود فعل حماسية لدى الجمهوريين. وقال رئيس الكتلة الجمهورية في مجلس النواب بول راين في بيان "أهنئ الرئيس المنتخب ترامب على هذا التعيين الممتاز". بحسب فرانس برس.
ويرمي قانون "العناية الصحية الميسورة الكلفة" المعروف بتسمية "أوباماكير"، على اسم الرئيس باراك أوباما الذي طرحه، إلى تقديم ضمان صحي لملايين كانوا محرومين منه لنقص الموارد أو نظرا لسجلهم الصحي الذي تعتبره شركات التأمين مجازفة عالية. لكن القانون يتعرض لانتقادات كثيرة، فالأمريكيون سيضطرون في العام المقبل لتسديد زيادة بمعدل 25% على كلفة التأمين في إطار "أوباماكير"، نتيجة انضمام مرضى صحتهم متدهورة إلى النظام الجديد، ما يضاعف التكاليف. ووعد ترامب أثناء حملته الانتخابية بإلغاء إصلاح "أوباماكير" بالكامل، واعتبره "كارثيا"، ثم عاد بعد فوزه في 8 تشرين الثاني/نوفمبر عن تصريحاته مشيرا إلى إمكانية الإبقاء على قسم منه.
الخزانة والاقتصاد
على صعيد متصل اختار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الخبير المالي المخضرم ستيفن منوتشين وزيرا للخزانة والملياردير ويلبر روس وزيرا للاقتصاد، ليملأ بذلك المناصب الاقتصادية في حكومته المرتقبة. كما أعلن ترامب أنه سيتخلى عن أعماله الخاصة لتجنب أي تضارب في المصالح أثناء توليه الرئاسة. وسئل منوتشين والملياردير ويلبر روس في مقابلة تلفزيونية مع شبكة "سي أن بي سي" ما إذا كانا يستطيعان تأكيد التقارير بتسميتهما لوزارتي الخزانة والاقتصاد، وقال منوتشين "نستطيع أن نؤكد ذلك.. ونحن مسروران بأن نكون هنا ومسروران بالعمل مع الرئيس المنتخب ونتشرف بتولي هذين المنصبين".
ومنوتشين (53 عاما) هو شريك سابق في شركة غولدمان ساكس وكان رئيسا لحملة ترامب، بينما روس مستثمر كسب المليارات من الاستحواذ على شركات كانت تعاني من أزمات. وبتعيين منوتشين، فإنه يحصل على مكافأته مقابل الوقوف إلى جانب ترامب في الوقت الذي تخلى عنه كبار المانحين السياسيين في الحزب الجمهوري ومن بينهم الإخوة كوش الأثرياء. واختيارات ترامب هذه، التي يتعين تأكيدها من قبل فريق الانتقال إلى البيت الأبيض، ستكون أول تعيينات مهمة في فريقه الاقتصادي.
وتأتي فيما أعلن ترامب بأنه سيتخلى عن أعماله الخاصة لتجنب أي تضارب في المصالح أثناء توليه الرئاسة، فيما أكد أنه ليس ملزما قانونيا بالقيام بذلك. وفي سلسلة من التغريدات قال ترامب إنه سيكشف عن خططه في مؤتمر صحافي في نيويورك مع أولاده في 15 كانون الأول/ديسمبر. وقال إنه سيناقش "مسألة أنني سأترك أعمالي العظيمة جميعها من أجل التركيز بشكل كامل على إدارة البلاد من أجل جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". وأضاف "رغم أني غير ملزم قانونيا بذلك، أشعر أنه أمر مهم لي كرئيس بأن لا يكون هناك أي تضارب في المصالح مع أعمالي المختلفة".
ولم يوضح الملياردير بعد بالتفصيل كيف ينفصل عن امبراطوريته المعقدة أثناء توليه الرئاسة. وعادة ما يضع الرؤساء الأمريكيون أرصدتهم في صناديق سرية تدار دون تدخلهم. إلا أن ترامب قال إنه يريد ترك إدارة مصالحه الواسعة لأولاده. وفي الوقت ذاته، تردد أنه طلب حصول صهره جاريد كوشنر على تصريح أمني حتى يتمكن من مواصلة عمله كمستشار خاص له. ولدى ستيفن منوتشين سجل مهني مميز حيث درس في جامعة يايل المرموقة وكان شريكا في مؤسسة غولدمان ساكس المالية، قبل أن يطلق صندوقا استثماريا يحظى بدعم جورج سوروس الذي يدعم الحزب الديمقراطي، وتمويله إنتاجات أفلام هوليوود ومن بينها "آفاتار" و"سويسايد سكواد" (الفريق الانتحاري).
والآن يتعين على منوتشين أن يساعد ترامب على الوفاء بتعهداته خلال الحملة الانتخابية التي حققت له إمكانية الفوز بمنصب الرئاسة، وسط نمو متواضع للاقتصاد وقلق بشأن الوضع الاقتصادي. وتعهد ترامب بخفض ضرائب الشركات، في مسعى لتشجيع الشركات المتعددة الجنسيات على ضخ إيراداتها في الولايات المتحدة، وإلغاء قانون دود-فرانك للإصلاح المالي الذي وضع لحماية المستهلكين والنظام المالي من إفراطات وول ستريت التي تسببت في الأزمة المالية. بحسب فرانس برس.
أما روس، فهو مستثمر ملياردير يعرف باستحواذه على شركات الصلب والفحم وبيعها بعد ذلك مقابل ربح كبير. وسيشرف على العديد من الخلافات التجارية مع دول من بينها الصين، يتعلق معظمها بشكاوى من إغراق الأسواق الأمريكية بالصلب والألمونيوم الرخيص. وتقدر ثروة روس بنحو 2,9 مليار دولار، ودعا إلى فرض تعريفات كبيرة على الواردات الصينية. أما فيما يتعلق بمنصب وزير الخارجية، فلا يزال ترامب مترددا بين الجمهوري المعتدل ميت رومني والمدير السابق للسي آي إيه الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس والسناتور بوب كوركر. وتدور معركة ضارية حول هذا المنصب، إذ يمثل وزير الخارجية صوت أمريكا ووجهها في العالم، وهو الشخصية الثالثة في الدولة على رأس شبكة من 70 ألف دبلوماسي في العالم.
اضف تعليق