تعيش الفلبين حالة حرب حقيقية من اجل القضاء على تجار المخدرات والمجرمين، حيث وعد الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، بالقضاء على جريمة الاتجار بالمخدرات خلال 6 أشهر، وتشمل خطة دوتيرتي بحسب بعض المصادر، قتل 100 ألف متورط في تجارة هذه الآفة، ومنذ تولي دوتيرتي منصبه في30 يونيو/حزيران قُتل أكثر من 3500 شخص، جاء مقتلهم إما على يد الشرطة أو على يد متعاونين معها، كما استغل آخرون القضية من أجل تصفية الحسابات، بعد أن أقر الرئيس الذي خصص أباطرة المخدرات جائزة مقدارها مليون دولار لمن يقتله، بشكل رسمي قتل المجرمين ومروجي المخدرات. وقد دانت الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان وبعض الدول اعمال القتل في الفلبين، وانتقدت حملة الرئيس دوتيرتي الذي تجاهل هذه الانتقادات واكد انه مصمم على المضي قدما في حملته التي تستهدف الجريمة. كما اعلن دوتيرتي في وقت سابق "حالة العصيان" في البلاد عقب انفجار قنبلة في بلدته دافاو اسفرت عن مقتل 14 شخصا. وتخول "حالة العصيان" هذه الجيش ممارسة السلطات التي تتمتع بها الشرطة في الاحوال الاعتيادية.
ويرى بعض المراقبين ان هذه الحملة التي اثارت الرعب بين الناس يمكن ان تسهم فرض هيبة القانون، خصوصا السلطات قد اكدت ان اكثر من700 ألف شخص من مستهلكي المخدرات وبائعيها استسلموا للشرطة، خوفا من أن يلاقوا حتفهم قتلا على جوانب الطرق المظلمة، وجرى إدخال هؤلاء إلى مصحات علاج لكن ذلك لا يعني أنهم في مأمن من القتل، وهو ما اثار مخاوف بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان ما يحدث اليوم يمكن ان يدخل البلاد في دوامة العنف والاقتتال الداخلي، ويدفع الحكومة الى فرض احكام عرفية تمكنها تحقيق اهدافها وخططها، ويقول معارضو حرب دوتيرتي على الجريمة إن قوات الامن وقتلة مأجورين يقومون بأعمال قتل جماعي تشمل اناسا لا علاقة لهم بالمخدرات.
وحسب ما أفادت صحيفة "فايننشل تايمز" البريطانية ، فإن هناك 3 وسائل يقتل فيها المشتبهون في قضايا المخدرات، الأول هو مقاومة عناصر الشرطة أثناء الاعتقال، إذ تردي الشرطة المشتبهين في قضايا المخدرات. وأشارت إلى أن الأسلوب الثاني الذي يوصف بـ" الاقتصاص"، إذ يقود ملثمان مركبة نارية ويقتربان من الهدف ويقضيان عليه بالرصاص في منطقة خالية نوعا ما ويغادران سريعا. أما الأسلوب الثالث فيطغى عليه الغموض، إذ يعثر على جثث بعض الأشخاص ملفوفة بالبلاستيك والأكياس، وعليها ورقة مكتوب عليها" أنا مهرب مخدرات".
ولم يخف الرئيس دوتيرتيي موقفه المتشدد للغاية إزاء المتورطين في المخدرات، فدعا شعبه علانية إلى مواجهة تجار المخدرات والقضاء عليهم. واتخذ الرئيس الفلبيني مواقف متشددة، من قبيل شتم السفير الأميركي لدى بلاده، وتلويحه بإخراج بلاده من الأمم المتحدة، وتهديده بحل مجلس النواب وإعلان حال الطوارئ وتنفيذ الأحكام العرفية.
حرب وانتقادات
وفي هذا الشأن قال الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي إنه يحتاج إلى ستة أشهر أخرى في حربه على المخدرات وقال إنه لم يدرك مدى عمق مشكلة المخدرات في بلاده إلا بعد توليه الرئاسة. وفاز دوتيرتي بالرئاسة في مايو أيار متعهدا بقمع الجريمة والقضاء على المخدرات وتجار المخدرات خلال ما بين ثلاثة وستة أشهر. وكان دوتيرتي رئيس بلدية دافاو سابقا. وقالت الشرطة المحلية إن أكثر من 3500 شخص قُتلوا أو نحو 47 شخصا يوميا خلال الأسابيع العشرة الماضية منهم 58 في المئة على يد مهاجمين مجهولين والباقي خلال عمليات للشرطة ضد تهريب المخدرات.
وقال دوتيرتي في لقاء مع وسائل الإعلام في دافاو "لم أكن أعرف مدى حدة وفداحة مشكلة المخدرات في هذه الجمهورية إلا بعد أن أصبحت رئيسا." وأضاف إن هناك الآن "مئات الآلاف من الأشخاص يعملون في تجارة المخدرات بالفعل" بعضهم يعمل في الحكومة. وقال "سنحتاج إلى وقت لوضع الأمور في نصابها. امنحوني تمديدا قليلا ربما ستة أشهر أخر." وانتقد دوتيرتي الأمم المتحدة والولايات المتحدة اللتين انتقدتا تصاعد عمليات القتال في الفلبين منذ شنه حملته لمكافحة المخدرات.
من جانب اخر شن الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي هجوما لاذعا على الاتحاد الأوروبي بعد أن أدان حملته الشرسة على الجريمة في بلاده. وقال دوتيرتي إن البرلمان الأوروبي يتصرف بناء على شعوره بالذنب بعد أن دعاه إلى وقف "عمليات الإعدام والقتل الحالية التي تتم دون حكم قضائي". وقال دوتيرتي إن القوى الاستعمارية السابقة "المنافقة" مثل فرنسا وبريطانيا تحاول التكفير عن خطاياها.
وأدان المجتمع الدولي عمليات القتل. وقال البرلمان الأوروبي إنه يشعر بالقلق إزاء "العدد الكبير للغاية من القتلى في عمليات الشرطة...في سياق حملة مكثفة ضد الجريمة والمخدرات"، وطالب دوتيرتي ببدء تحقيق "فوري". وجاء رد دوتيرتي غاضبا، حيث قال إن أجداد أعضاء البرلمان الأوروبي في الحقبة الاستعمارية قتلوا "الآلاف" من العرب وغيرهم. وقال دوتيرتي لمسؤولين "يتعاملون من منظور متعال لتخفيف شعورهم بالذنب. ولكن من قتلت؟ إذا فرضنا أن ذلك صحيحا، 1700، ولكن من هم؟ مجرمون. أتسمون ذلك إبادة جماعية". بحسب بي بي سي.
وأضاف "لكن لدى الاتحاد الأوروبي الوقاحة لإدانتي". كما أن دوتيرتي، الذي كان في السابق وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه "ابن عاهرة" ووصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأنه "أحمق"، كان يلوح بيده ويشير بإصبعه في حركة بذيئة في انتقاده للاتحاد الأوروبي. وقال دوتيرتي إنه يريد أن يمدد حربه على الإرهاب لأن مشكلة المخدرات أسوأ مما كان يتوقع، وأضاف إنه سيحمي الشرطة والجنود من المقاضاة.
شهادة مخيفة
على صعيد متصل اكد رجل قال انه "قاتل تائب" امام مجلس الشيوخ الفيليبيني ان الرئيس رودريغو دوتيرتي قتل موظفا وامر بقتل معارضين عندما كان رئيسا لبلدية دافاو. ووجه ادغار موتاباتو (57 عاما) اتهاماته امام لجنة مجلس الشيوخ التي تحقق في تزايد عمليات القتل منذ تنصيب الرئيس في 30 حزيران/يونيو. واكد الرجل انه كان عضوا في "سرية الموت" المؤلفة من شرطيين ومتمردين سابقين شيوعيين قتلوا خلال 25 عاما حوالى الف شخص القي ببعضهم احياء الى التماسيح.
واوضح ان كثيرين قتلوا خنقا واحرقت جثثهم او قطعت ودفنت في مقلع يملكه شرطي في هذه المجموعة. والقيت جثث في البحر. وقال ان "مهمتنا كانت قتل مجرمين ومرتكبي جرائم اغتصاب وتجار مخدرات ولصوص وهذا ما كنا نفعله". واوضحت عضو مجلس الشيوخ ليلى دي ليما وزيرة العدل السابقة ان ادغار موتاباتو سلم نفسه في 2009 الى المفوضية الفيليبينية لحقوق الانسان التي كانت تترأسها حينذاك. وتابعت انه احيل بعد ذلك الى برنامج حماية الشهود.
وردا على سؤال عن هذه الاتهامات الخطيرة، قال الناطق باسم الرئيس انها تخضع للتحقيق. اما باولو دوتيرتي نجل الرئيس، فرأى ان هذه التأكيدات "مجرد قصص متناقلة (يرويها) مجنون". وروى موتاباتو انه في يوم في 1993 وجدت "سرية الموت" نفسها وجها لوجه امام سيارة رجل يدعى خاميسولا كان من عناصر مكتب التحقيق الوطني التابع لوزارة العدل. وقال ان المواجهة الكلامية تحولت الى اطلاق نار. وبعد ذلك وصل رئيس بلدية دافاو رودريغو دوتيرتي الى المكان. وتابع "ان رئيس البلدية هو من اجهز عليه. كان خاميسولا حيا عندما وصل وافرغ مشطين من رشاش عوزي فيه".
ودوتيرتي متهم منذ فترة طويلة من قبل منظمات الدفاع عن حقوق الانسان بتمويل سرايا الموت في دافاو التي كان رئيسا لبلديتها لنحو ثلاثين سنة. لكنها المرة الاولى التي تظهر فيها شهادة دقيقة الى هذه الدرجة تدعم هذه الاتهامات. وروى ادغار ماتوباتو ان معظم الضحايا كانوا من المجرمين والاعداء الشخصيين لعائلة دوتيرتي. وشكك الناطق باسم الرئيس مارتن اندانار في ان يكون دوتيرتي المحامي البالغ من العمر 71 عاما امر بقتل حوالى الف شخص. وقال "لا اعتقد انه قادر على اصدار توجيهات كهذه"، مشيرا الى ان "مفوضية حقوق الانسان حققت في هذا الامر منذ فترة طويلة ولم تحله الى القضاء". ورأى ناطق آخر هو ارنستو ابيا ان هذه الاتهامات يجب ان تدرس بدقة.
وحقق رودريغو دوتيرتي فوزا ساحقا في الانتخابات بعد حملة شعبوية وعد خلالها بالقضاء خلال ستة اشهر على تهريب المخدرات وان كلف الامر قتل آلاف المجرمين. واسفرت هذه "الحرب على المخدرات" عن سقوط 3140 قتيلا حتى الآن معظمهم قتلهم مدنيون شجعهم على ما يبدو الخطاب الرئاسي الذي يدعوهم الى احقاق العدالة بانفسهم. واكد ادغار ماتوباتو من جهته، ان المجموعة كانت تتلقى الاوامر من رئيس البلدية مباشرة او من ضباط الشرطة الملحقين بمكتب رئيس البلدية.
وكانت "سرية الموت" تدعي انها من الشرطة لخطف الضحايا واقتيادهم الى المقلع حيث يتم قتلهم ودفنهم. واكدت دي ليما انه تم العثور على هياكل عظمية في هذا المكان. واضاف "الضباط كانوا يطلبون منا الا نكتفي بعمليات قتل عادية. كانوا ساديين"، قبل ان يصف عمليات الخنق. وتابع "بعد ذلك كنا نقوم بتعريتهم واحراقهم وتقطيعهم"، معترفا "بحوالى خمسين" من جرائم القتل هذه. وفي بعض الاحيان كان يتم ترك ايد مع مسدسات في الشوارع. بحسب فرانس برس.
واوضح ان بين الضحايا اجنبيا يشتبه بتورطه في الارهاب وصديقا لشقيقة رئيس البلدية وصحافيا كان يوجه انتقادات حادة له وحراسا شخصيين لخصم سياسي واعداء لباولو دوتيرتي نجل الرئيس الذي اصبح اليوم نائب رئيس البلدية. ورد نجل الرئيس "لن انزل الى مستوى الرد على اتهامات مجنون".
الرئيس المجنون
في السياق ذاته رحب رئيس الفلبين رودريجو دوتيرتي بأكثر من مئة عامل فلبيني عادوا لديارهم بعد أن تركوا دون عمل في مخيمات في الصحراء بالسعودية محذرا "لا تقربوا المخدرات". وكان الرئيس الفلبيني قد تعرض لانتقادات شديدة بسبب حملته الوحشية لمكافحة المخدرات التي قتل المئات خلالها. وقال دوتيرتي للعمال العائدين بعد رحلة طيران استغرقت عشر ساعات تقريبا من الدمام بالسعودية "تجنبوا المخدرات بأي ثمن لأنها قد تكلفكم حياتكم."
ويواجه عمال النفط والإنشاءات الذين تخلت السعودية عن ألوف منهم بسبب أزمتها الاقتصادية صعوبات من أجل الحصول على فرص عمل ومزايا بعد عودتهم. وقال روني سوريلا (47 عاما) وهو عامل بناء عاش عشر سنوات تقريبا في السعودية "فقدت عملي فاضطر أبنائي لترك دراستهم الجامعية وغضبوا مني ولكن ماذا يمكنني أن أفعل؟" وأضاف أنه لم يتقاضى أجرا منذ ثمانية أشهر. بحسب رويترز.
وأرسل الفلبينيون العاملون خارج البلاد تحويلات قياسية بلغت 13.2 مليار دولار في النصف الأول من 2016. وتحويلات العاملين بالخارج محرك رئيسي للاستهلاك في الفلبين الواقعة في جنوب شرق آسيا. وتعهد الرئيس للعمال العائدين بدعم الاقتصاد وتوفير فرص عمل. ونما الاقتصاد الفلبيني بنسبة سبعة بالمئة في الربع الثاني من العام بالمقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وهو أعلى معدل نمو منذ ثلاث سنوات.
كما أكد رئيس الفيلبين رودريغو دوتيرتي إعادة العمل بعقوبة الإعدام في بلاده. واعتبر نفسه "مجنونا" وهو يشدد على الإعدام شنقا لمرتين بحق الأشخاص الذين ارتبكوا جريمتين. ويرى أن الشنق هي الطريقة "الأكثر إنسانية" مقارنة مع تنفيذ العقوبة رميا بالرصاص، متوعدا المجرمين بـ"الجحيم". وقال دوتيرتي "سأحث البرلمان على إعادة العمل بعقوبة الإعدام شنقا"، داعيا إلى اعتماد هذه العقوبة في قضايا تهريب المخدرات والاغتصاب والقتل والسرقة. وقال إنه يفضل الإعدام شنقا على الرمي بالرصاص، موضحا أنه لا يريد تبذير الرصاص وأن هذه الطريقة "أكثر إنسانية".
وأعلن دوتيرتي أن الذين يحكم عليهم في جريمتين سيشنقون مرتين، وقال "بعد تنفيذ حكم أول شنقا سينفذ حكم ثان، إلى أن يفصل الرأس عن الجسم بالكامل. أحب ذلك لأنني مجنون". وأعلن أنه سيمنح الشرطة حق "إطلاق النار بهدف القتل" خلال العمليات ضد الجريمة المنظمة. وقال محذرا "إذا قاومتم وأبديتم مقاومة عنيفة، فإن أوامري إلى الشرطة ستكون إطلاق النار لقتلكم"، مؤكدا أنه سيتم حشد عسكريين قناصة من قوات النخبة لقتل المجرمين. كما أعلن أنه ينوي منع تناول المشروبات الكحولية في الأماكن العامة ومنع خروج الأطفال إلى الشوارع بمفردهم في المساء. وقال إنه إذا وجد طفلا في الشارع، فإن والديه سيسجنان بتهمة "التخلي عنه".
اضف تعليق