q

اختتمت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، دورة الألعاب الأولمبية الـ31، هذا الحدث رياضي الدولي المهم الذي شارك فيه أكثر من 10500 رياضي يمثلون 207 دولة في 31 لعبة رياضية مُنحت خلالها 306 ميدالية، شهد العديد من القضايا والأحداث الرياضية المختلفة التي جذبت الأضواء واثارت الجدل والاهتمام كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان دورة الألعاب الأولمبية وعلى الرغم من النجاح المهم الذي تحقق، لم تسهم بمعالجة المشكلات والازمات السياسية والاقتصادية الكبيرة في البرازيل، التي ستعود مجددا لمواجهة ازماتها السياسية والاقتصادية الكبيرة. وشهد ملعب ماراكانا حفل ختام الألعاب الأولمبية الأولى في أمريكا اللاتينية، وأقيم فيه كرنفال عملاق واستمر نحو ساعتين ونصف الساعة، تركزت خلالها الأنظار على الكرسي الخالي من الرئيس بالوكالة ميشال تامر الذي فضل قضاء عطلة نهاية الأسبوع في برازيليا، وحل محله رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) رودريغو مايا. وحضر الحفل على الأقل 8 رؤساء دول وحكومات بينهم رئيس الوزراء الياباني الذي ستنظم عاصمته طوكيو النسخة المقبلة في 2020، ونظيره المجري فيكتور أوربان المرشحة عاصمته بودابست لاستضافة أولمبياد 2024.

من جانبها قالت الحكومة البرازيلية التي تواجه العديد من التحديات، إن ما لا يقل عن 500 ألف زائر أجنبي وصلوا إلى البرازيل لحضور الأولمبياد المقامة في مدينة ريو دي جانيرو. وأشارت بيانات جمعتها الشرطة الاتحادية في نقاط الهجرة وأعطتها وزارة السياحة البرازيلية إن 572961 أجنبيا في المجمل دخلوا البرازيل في الفترة من أول يوليو تموز حتى 15 أغسطس آب. وعلى الرغم من أن الأولمبياد بدأت في الخامس من أغسطس آب تعود هذه البيانات لفترة سابقة للأخذ في الاعتبار وصول كثير من الرياضيين والموظفين والأجانب الآخرين قبل بدء الأولمبياد والأحداث المرتبطة به.

وبناء على مسح منفصل تم إعداده بالإنابة عن وزارة السياحة وأظهر أن نحو 84 في المئة ممن وصلوا إلى البرازيل في الأسابيع الأخيرة جاءوا بشكل أساسي لحضور الأولمبياد تقول الحكومة البرازيلية إنها تعتقد أن التكهن بوصول نصف مليون زائر تحقق وربما تم تجاوزه. وعلى الرغم من المقاعد الخالية الكثيرة في الاستادات الأولمبية طوال الدورة فقد ظهر زائرون أجانب بشكل عام في جميع انحاء ريو دي جانيرو في المنافسات وعلى الشواطئ وفي المطاعم وفي الأماكن السياحية. وحاول بعض البرازيليين إرجاع خلو المقاعد من الجماهير إلى تأثر الأجانب بالدعاية السيئة قبل الأولمبياد ابتداء من الفزع من فيروس زيكا إلى الخوف من الجريمة والعنف.

دورة صعبة

في هذا الشأن امتزجت الرياح العاصفة بلمحة من الحزن وإحساس بالفخر في حفل ختام اولمبياد ريو دي جانيرو 2016 لتتنفس البرازيل الصعداء مع نهاية أول دورة ألعاب أولمبية صيفية تقام في أمريكا الجنوبية. وعقب 17 يوما منهكة نحت ريو معاناتها بسبب المدرجات الخالية والمخاوف الأمنية وحوض غطس تحول لونه للأخضر بشكل غريب لتطلق احتفالا ضخما يشبه الكرنفالات. وامتزج راقصو السامبا والمغنون وقارعو الطبول مع ببغاء ضخم بريش كثيف والآلاف من الرياضيين في استاد ماراكانا متعدد الطوابق فيما أضاءت مجموعة من الألعاب النارية السماء في نهاية المشهد.

وحضر البرازيليون إلى حفل الختام وهم سعداء وارتدي الكثيرون منهم القميص الاصفر الخاص بالفرق الرياضية للبلاد بعد فوز البرازيل بميداليتين ذهبيتين في الرياضتين المفضلتين في البلاد وهما كرة والقدم والكرة الطائرة للرجال. إلا ان هذا اليوم شهد ظروفا مناخية صعبة بالنسبة لحفل بمثل هذا الحجم. وضربت رياح قوية استاد ماراكانا وانقطع التيار الكهربائي لوقت قصير عن جزء من الاستاد والحي المحيط به قبل وقت قصير على انطلاق الحفل.

وأغرقت الأمطار الراقصين في حفل الختام والمئات من الرياضيين مع دخولهم للمشاركة في الاحتفال وقد طوقت الميداليات أعناق الكثير منهم. وعلى أنغام الموسيقى التقليدية البرازيلية رقص الرياضيون الاولمبيون ولوحوا بأعلام بلادهم احتفالا بمكانهم في أبرز المحافل الرياضية العالمية. وشاهد الرياضيون بالفعل اخر مراسم تسليم الميداليات في اولمبياد ريو والتي بلغ عددها 306 والخاصة بماراثون الرجال.

وسلم توماس باخ رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الميدالية الذهبية للكيني إيليود كيبتشوج الفائز بالسباق. وسلمت المدينة العلم الاولمبي لطوكيو التي ستستضيف الاولمبياد الصيفية 2020 وظهر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في الاستاد متقمصا شخصية ألعاب الفيديو الشهيرة "ماريو" لينتقل عبر أنبوب من طوكيو لريو. وأعلن باخ ختام الألعاب الاولمبية وأعرب عن أمله بان تترك الاولمبياد أثرا يستمر طويلا على المنطقة الحضرية البالغ عدد سكانها 12 مليون نسمة. وقال باخ "الاولمبياد ستترك إرثا فريدا لأجيال قادمة. التاريخ سيتحدث عن ريو دي جانيرو قبل وعن ريو دي جانيرو أفضل بكثير عقب الدورة الاولمبية." وفي حركة رمزية أخيرة تم إطفاء الشعلة الاولمبية التي جرى إيقادها في 5 أغسطس آب الجاري من خلال مرجل صغير صديق للبيئة. وتم إطفاء الشعلة بواسطة أمطار صناعية.

وفي خضم أسوأ أزمة ركود اقتصادي منذ الثلاثينات من القرن الماضي بدأت البرازيل وأنهت الاحتفالات معتمدة بشكل اكبر على المواهب المتفردة والجمال الطبيعي مع القليل من الاعتماد على التكنولوجيا المكلفة. وشهد الحفل معزوفة تشمل مجموعات من النساء اللاتي يرتدين ملابس بيضاء وموسيقى الفورو التي تعود جذورها لشمال شرق البرازيل مما أثار موجة من الفخر بين البرازيليين. وفي واحدة من اللحظات الرائعة في الحفل تم التركيز على الفنون القديمة التي عثر عليها في متنزه سيرا دا كابيفارا الوطني وهو موقع تراثي عالمي تابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في شمال شرق البرازيل ويضم رسومات في كهوف تعود لأكثر من 25 ألف سنة مضت.

لكن الأوقات الصعبة التي تمر بها البرازيل ألحقت الضرر بهذا الجمال. وهذا الأسبوع أعلنت المؤسسة التي تشرف على المتنزه انه لن يكون بوسعها القيام بذلك بسبب قلة التمويل. ورغم كل المشكلات التي حدثت قبل وأثناء الألعاب فان ريو سيتم تذكرها قطعا بسبب اللحظات الرياضية الرائعة التي شهدتها.

فقد شهدت الدورة عودة مميزة للسباح الأمريكي مايكل فيلبس الذي فاز بخمس ذهبيات وفضية واحدة ليعزز من مكانته كأكثر الرياضيين الاولمبيين تتويجا بالألقاب على مر العصور. وأسدل الجاميكي يوسين بولت الستار على مسيرته الاولمبية الرائعة بضمان اكتساح ألقاب سباقات السرعة للرجال للدورة الثالثة على التوالي. كما شهدت الدورة بداية مسيرة لاعبة الجمباز الأمريكية سيمون بايلز - التي ستحمل علم بلادها في حفل الختام - في الاولمبياد بمعادلة الرقم القياسي المتمثل في تحقيق أربع ميداليات ذهبية في دورة اولمبية واحدة. لكن وفي بعض الأحيان كان من الصعب التركيز على اللحظات الرياضية العظيمة التي حدثت عبر المدينة مترامية الأطراف.

وكانت أسوا اللحظات في ريو عندما قال رايان لوكتي وهو واحد من أكثر السباحين الأمريكيين تتويجا بالألقاب انه تعرض للسرقة تحت تهديد السلاح. وأثار هذا المزيد من المخاوف الأمنية عقب سلسلة من الهجمات ضد وزراء ورياضيين وسائحين. لكن أبعاد رواية لوكتي تكشفت بسرعة عندما اكتشفت الشرطة انه اختلق هذه القصة للتغطية على أعمال التخريب التي قام بها في محطة وقود عقب حضوره لحفل مع ثلاثة من زملائه. وأثارت هذه الكذبة غضب البرازيليين والأمريكيين معا.

وشعر البرازيليون بالراحة بسبب حقيقة مفادها انه لم تكن هناك أي حوادث مؤسفة أو مخالفات عقب هجمات مميتة وقعت في أوروبا والولايات المتحدة مما استدعى أكثر عملية أمنية في تاريخ البرازيل. وكان حضور قوات الأمن والشرطة استثنائيا حيث تم نشر 85 ألف فرد من قوات الأمن عبر مواقع المنافسات والشوارع ومحاور النقل وهو ما يزيد بنحو الضعف عما تم نشره في لندن قبل أربع سنوات. بحسب رويترز.

وقالت نيفيا أراوجو المقيمة في ريو أثناء حضورها مراسم الختام "حتى في ظل كل هذه المشاكل قدمنا اولمبياد جيدة. لم يحدث شيء في غاية السوء وأقول إنها كانت أفضل من المتوقع." وبالنسبة لدولة مهووسة بكرة القدم فان أفضل اللحظات الاولمبية حدثت في ماراكانا حينما تغلبت البرازيل على ألمانيا في نهائي كرة القدم وذلك إلى جانب حفل الافتتاح الذي لاقى إشادات واسعة على الرغم من الميزانية المحدودة. وفازت ريو بحق استضافة الألعاب الاولمبية عام 2009 عندما كان هناك انتعاش اقتصادي وهو ما دفع بالملايين من السكان للحاق بالطبقة الوسطى.

وقال اليساندرو فريتاس وهو من ريو أيضا "نحن نمر بلحظة صعبة كدولة في الوقت الحالي ولا يمكننا إخفاء ذلك لكن الاولمبياد كانت مقررة سلفا وأنا سعيد لأننا استطعنا الاستمتاع بها." وكانت احد المخاوف الرئيسية لدي البرازيليين هي التكلفة النهائية للألعاب والى أي مدى ستساعد حقا في تدعيم البنية الأساسية للمدينة. ولم يستطع الكثيرون من سكان ريو تحمل أسعار تذاكر المنافسات وهو ما تركهم يشعرون بأنهم على الهامش في ظل اكبر حدث تشهده مدينتهم.

الى جانب ذلك فرض الاميركي مايكل فيلبس والجامايكي اوساين بولت نفسيهما ملكين في دورة الالعاب الاولمبية في ريو، ومعهما الاميرات الاميركيتان سيمون بايلز وكايتي ليديكي والجامايكية ايلين طومسون. لكن انجازات هؤلاء الابطال الخارقين تعكرت بالعديد من فضائح المنشطات والرشاوى التي شهدتها الالعاب. وكانا نجمين للالعاب الاولمبية في بكين 2008 ولندن 2012. ضرب هذا الثنائي مجددا في ريو دي جانيرو وتقاسما النجومية. نجم الاسبوع الاول كان فيلبس بدون منازع حيث اضاف الى رصيده الاولمبي القياسي 5 ذهبيات وفضية واصبحت غلته 28 ميدالية اولمبية بينها 23 ذهبية. فبعدما اعلن اعتزاله عقب اولمبياد لندن، عاد عن قراره ودخل في مشكلة ادمان الكحول واكتئاب، قبل ان ينجح في التألق مجددا في ريو. تعهد بانه لن يكون حاضرا في اولمبياد طوكيو 2020.

حتى بولت ايضا. النجم الابرز في الاسبوع الثاني من الاولمبياد، حقق ثلاثية (100 م و200 م والتتابع 4 مرات 100 م) هي الثالثة له على التوالي، مسجلا ال"تربل هاتريك" الاسطورية. والان؟ لم يخف رغبته في الذهاب في عطلة. من المرجح ان يواصل مشواره حتى مونديال 2017 في لندن ولكن ليس ابعد من ذلك. نجم آخر تألق في العاب القوى هو البريطاني محمد فرح الذي حقق الثنائية الثانية على التوالي (5 الاف م و10 الاف م) بعد ثنائيته على ارضه قبل 4 اعوام، وعادل انجاز الفنلندي لاسه فيرين الوحيد الذي حقق الثنائيتين في اولمبيادي 1972 و1976.

تبلغ اعمارهن 19، 19 و24 عاما على التوالي. لاعبة الجمباز الاميركية سيمون بايلز (4 ذهبيات، وبرونزية واحدة)، السباحة الاميركية كايتي ليديكي (4 ذهبيات وفضية واحدة) والعداءة الجامايكية ايلين طومسون (ثنائية 100 م و200 م) جلبن نفسا جديدا للالعاب الاولمبية. في مشاركتها الاولى في دورات الالعاب الاولمبية، كادت بايلز ان تصبح لاعبة الجمباز الاكثر تتويجا في دورة اولمبية واحدة. فقدان توازن خفيف في جهاز العقلة كلفها الفشل في احراز لقب خامس حيث اكتفت بالبرونزية. انضمت بايلز الى السوفياتية لاريسا لاتينينا (1956) والتشيكية فيرا تشاسلافسكا (1968) والرومانية ايكاترينا تشابو (1984) اللواتي احرزن 4 القاب اولمبية. ولكن مستقبل بايلز واعد على غرار كايتي ليديكي التي نالت 4 ذهبيات واصبحت اول سباحة تحقق ثلاثية 200 م و400 م و800 م حرة في الالعاب منذ مواطنتها ديبي ماير عام 1968.

حققت طومسون انجازا نادرا باحرازها ثنائية 100 م و200 م وذلك لاول مرة منذ 1988 في سيول عندما حققته الاميركية فلورانس غريفيث-جونيور ثنائية خاطفة، قبل ان يخطفها الموت بعمر الثامنة والثلاثين عام 1998. وبالمجمل، نجحت 7 سيدات بتحقيق هذا الانجاز. وفضلا عن نفس الشباب، تميزت الالعاب الاولمبية بظهور اعلام جديدة على الساحة الاولمبية. في اول مشاركة لها في الاولمبياد، حصدت كوسوفو ميداليتها الذهبية الاولى (مايليندا كاليمندي في الجودو). هناك ثمانية بلدان اخرى حصدت الذهب للمرة الاولى في تاريخها: طاجيكستان (رمي المطرقة)، فيتنام (الرماية بالمسدس)، جزر فيجي (ركبي 7)، سنغافورة (سباحة)، بورتوريكو (مضرب)، البحرين (العاب القوى)، الاردن وساحل العاج (تايكواندو). واحتفلت ايران باول ميدالية نسائية في تاريخ مشاركاتها في الالعاب الاولمبية والتي كانت من نصيب كيميا علي زاده التي حصلت على برونزية في منافسات التايكواندو.

بعض الرياضيين اخذوا علما بمشاركتهم في الالعاب الاولمبية قبل ساعات فقط من حفل الافتتاح يوم 5 اب/اغسطس: الشك حول عدد الرياضيين الروس المشاركين في ريو أربك الجميع قبل الانطلاق. نشر تقرير ماكلارين في 18 تموز/يوليو الذي وضع اصابع الاتهام الى الدولة الروسية بالتنشط المنظم والممنهج، دفع اللجنة الاولمبية الدولية الى اللجوء الى الاتحادات الدولية للرياضات للبحث في "نظافة" الرياضيين الروس الذين تم اختيارهم للمشاركة من قبل اللجنة الاولمبية الروسية. لكن الشك رافق ايضا داريا كليشينا الروسية الوحيدة التي سمح لها بالمشاركة في الوهلة الاولى ثم استبعدت قبل يومين من خوضها منافسات الوثب الطويل قبل ان تكسب الرهان عبر محكمة التحكيم الرياضي التي اكدت اهليتها بالمشاركة. خاضت كليشينا المنافسات وانهتها في المركز التاسع.

في المجموع، استبعد 113 رياضيا ورياضية، بينهم 67 في العاب القوى، من المشاركة في الاولمبياد البرازيلي. الرياضيون الـ276 الاخرون (من اصل 389 اختارتهم اللجنة الاولمبية الروسية في الوهلة الاولى) تمكنوا من الدفاع عن الوان بلادهم ووضعوها في المركز الخامس على جدول الميداليات. سممت القضية الروسية الفترة الاولى من الالعاب الاولمبية. ثم جاءت قضية المنشطات بكل ما في الكلمة من معنى: تمت ثبوت تناول 12 رياضيا للمنشطات منذ 25 تموز/يوليو. لا يوجد بينهم "سمكة كبيرة" مثل بن جونسون في عام 1988، ولكن اثنان منهم جردوا من ميداليتيهما: الرباع القيرغيزستاني عزت ارتيكوف (برونزية وزن تحت 69 كلغ) والمولد في سيرغي تارنوفسكي (برونزية 1000 م في الكانوي كاياك).

وفي خضم الالعاب، واجهت اللجنة الاولمبية الدولية ايضا اعتقال احد كبار مسؤوليها الايرلندي باتريك هيكي في اطار التحقيق بشبكة بيع التذاكر بطريقة غير قانونية بلغت ايراداتها 8ر2 مليون يورو بحسب الشرطة البرازيلية. لجنة الاخلاق التابعة للجنة الاولمبية الدولية "اخذت علما" باستقالته من جميع مناصبه. كما طفت على السطح في الايام الاخيرة من الالعاب، قضية السباحين الاميركيين الاربعة راين لوكتي وغونار بنتز وجاك كونغر وجيمس فيغن، الذين تصدروا العناوين في الايام الاخيرة بعدما تبين ان قصة وقوعهم ضحية سرقة بقوة السلاح بمحطة للخدمات من طرف اشخاص انتحلوا صفة رجال شرطة، غير صحيحة.

واوضحت صور فيديو المراقبة ان السباحيين الاميركيين دخلوا في عراك مع رجل امن في محطة للوقود ونقل عن مدير المحطة قوله ان السباحين خربوا المرحاض وقاموا بالتبول على الجدران وكسروا باب المرحاض ثم حاولوا الرحيل دون دفع ثمن الاضرار التي تسببوا بها فتدخل رجل الامن وسحب سلاحه واجبرهم على البقاء بانتظار قدوم الشرطة، ما تسبب بدخولهم في عراك معه. واستمعت الشرطة الى جميع السباحين باستثناء "الشهير" لوكتي صاحب 6 ذهبيات اولمبية الذي كان وصل الى الولايات المتحدة قبل فتح التحقيق. وفتحت اللجنة الاولمبية الدولية اجراءا تأديبيا بحق السباحين الاربعة لتقرر ما اذا يستحقون عقوبة. بحسب فرانس برس.

وكان الجميع يتصور ان هذه الالعاب ستكون ملونة، وشعبية واحتفالية. ولكنها كانت في الكثير من الاحيان مملة وامام مدرجات فارغة. أعلنت اللجنة الاولمبية الدولية انه تم بيع 80٪ من التذاكر. ولكن لمن؟ لعبت معظم المسابقات أمام جمهور قليل، يناقض النجاح الشعبي للالعاب لندن. وتوج اوساين بولت بميداليتيه الذهبيتين الثامنة (200 م) والتاسعة (في التتابع 4 مرات 100 م) امام جماهير بنصف سعة الملعب. وماذا عن فوز البريطاني محمد فرح بذهبية 5 الاف م فقد كان امام حفنة من المتفرجين؟ في الواقع، كان الحضور الجماهيري في العاب القوى يتوقف على مشاركة الرياضيين البرازيليين. في هذه الحالة، اعتاد الرياضيون الاجانب على اللعب في أجواء مشحونة وابرز مثال تأثر الفرنسي رينو لافيلني حامل الرقم القياسي في مسابقة القفز بالزانة خلال منافسته للبرازيلي ثياغو براز دا سيلفا على الذهبية الاولمبية حيث فقد اعصابه ولقبه الاولمبي ايضا.

غلة عربية واعدة

في السياق ذاته أنهى الرياضيون والرياضيات العرب مشاركتهم في أولمبياد ريو دي جانيرو وفي جعبتهم غلة "واعدة" لا بأس بها مقارنة مع ما حققوه في تاريخ مشاركاتهم السابقة. واللافت في الغلة أن 40 بالمئة منها كان من نصيب السيدات وذلك للمرة الأولى في تاريخ المشاركات العربية. وتميزت الألعاب الأولمبية الأولى في أمريكا اللاتينية بتسجيل الأردن اسمه في جدول الميداليات للمرة الأولى أيضا وبميدالية ذهبية.

وحصد العرب 14 ميدالية في الأولمبياد البرازيلي هي ذهبيتان و4 فضيات و8 برونزيات، بينها 6 ميداليات نسائية وهي ذهبية واحدة ومثلها فضية و4 برونزيات. يذكر أن الراميين الكويتيين فهيد الديحاني وعبدالله الرشيدي أحرزا ذهبية الحفرة المزدوجة (دبل تراب) وبرونزية السكيت على التوالي، لكنهما شاركا تحت العلم الأولمبي بسبب إيقاف الكويت، وبالتالي لم تحتسب الميداليات لبلدهما.

وهي رابع أفضل غلة عربية وتبقى الأفضل هي دورة أثينا من ناحية المعدن الأصفر حيث انتزعوا 4 ذهبيات بينها اثنتان للعداء المغربي هشام الكروج وواحدة لكل من المصارع المصري كرم جابر والرامي الإماراتي الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم. وتبقى غلة ريو دي جانيرو أسوأ من الحصاد في لندن عندما نال العرب 3 ذهبيات ومثلها فضية و6 برونزيات، لكنها تبقى واعدة بالنظر إلى أعمار المتوجين بالميداليات الأولمبية، علما بأنه لو احتسبت ميداليتا الكويت لحقق العرب ثاني أفضل غلة في تاريخهم. بحسب فرانس برس.

وخلافا للأولمبيادات السابقة وتحديدا منذ 1996 عندما كانت رياضة أم الألعاب صاحبة الغلة الأكبر، فإنها اكتفت في ريو دي جانيرو ب5 ميداليات فقط، فيما كان النصيب الأكبر للرياضات القتالية والتي ظفرت ب7 ميداليات أبرزها التايكواندو (3). ورفع الرياضيون العرب عدد ميداليتهم الإجمالية إلى 108 ميداليات في الألعاب الأولمبية من دورة أمستردام 1928 إلى دورة ريو وهي 26 ذهبية و28 فضية و52 برونزية، موزعة على مصر (27 ميدالية)، والمغرب (23)، والجزائر (17)، وتونس (13)، ولبنان (4)، وسوريا (3)، والجمهورية العربية المتحدة (2)، وقطر (5)، والسعودية (3) والكويت (2)، والعراق (1)، والإمارات (2)، وجيبوتي (1)، والبحرين (3)، والسودان (1)، والأردن (1). وهي أيضا موزعة على ألعاب القوى 45 ميدالية، ورفع الأثقال 14 ميدالية، والملاكمة 15 ميدالية، والمصارعة 11 ميدالية، والجودو 5 ميداليات، والغطس 2، والرماية 4، والفروسية 2 والتايكواندو 4 والسباحة 3 والمبارزة 2.

منبر للتعبير عن الحب

من جانب اخرعرفت البطولات الرياضية الكبرى على مر الزمن الكثير من الاحداث الجانبية التي لا علاقة لها بالاداء والنتائج ان كانت سياسية او امنية او تنظيمية، لكن لاولمبياد ريو 2016 نكهة خاصة اقل ثقلا لان منصات التتويج تحولت فيه الى منبر للتعبير عن الحب. كان من المفترض ان يكون الاحد يوم تينغماو شي، الصينية التي توجت بذهبية الغطس عن منصة متحركة ارتفاع 3 امتار، لكن الكاميرات تحولت فجأة الى مواطنتها زي هي التي نالت فضية المسابقة ذاتها لان هناك شخص يجثو على ركبته.

هذا الشخص كان كين كاي، الصيني الذي نال برونزية الغطس من منصة متحركة ارتفاع 3 امتار ايضا، وما كان يفعله هناك هو التعبير عن حبه لصديقته من خلال التقدم بطلب زواج علني امام الجميع، وقد حصل على جواب الـ"نعم". "قال اشياء كثيرة، واطلق الكثير من الوعود، لكني اعتقد بان ما يؤثر بي اكثر من اي شيء اخر هو انه الشخص الذي بامكاني ان اثق به طيلة حياتي"، هذا ما قالته هي زي وهي تتباهى بخاتمها البراق. وكشفت هي زي التي تواعد كين كاي منذ 2010، انها كادت "تحبط" مخططه لانها شاهدته يتحدث لنفسه: "هذا الصباح كان يقرأ شيئا ما ونحن في الغرفة، ولم اتنبه لما كان يقرأ. سألته ماذا تفعل، فقال لي انه كان يغني".

وتابعت هي زي التي توجت بالفضية ايضا قبل اربعة اعوام في لندن: "لم اعلم انه كان (يتمرن) على خطاب طلب الزواج". لكن رفيقتها تينغماو شي، المتوجة بالذهب للمرة الثانية في ريو بعد ان احرزت مسابقة الغطس الايقاعي عن منصة متحركة ارتفاع 3 امتار مع زميلتها مين تشا وو، كانت على علم بمخطط كين. وتحدثت شي عن رفيقيها قائلة: "مر الاثنان بالكثير. انها لحظة مميزة جدا بالنسبة لهما"، كاشفة انها ليست في عجلة من امرها للسير على خطاهما و"انا اريد ان اترك المسألة للقدر. اعجابي ليس محددا بنوع معين من الرجال بل يجب على المرء ان يثق بما يشعر به".

والثنائي الصيني لم يكن وحيدا في "مسابقة" الحب في العاب ريو 2016، فالاثنين كان دور مضمار الفروسية الذي شهد حصول البريطانية شارلوت دوجاردان على ذهبية الترويض الفردي وعلى طلب زواج في الوقت ذاته. وكانت دوجاردان التي نالت ذهبيتها الاولمبية الثالثة (حصلت على ذهبية الفردي والفرق في اولمبياد لندن 2012)، تجري لفة الانتصار على "فاليرغو" عندما رفع خطيبها دين غولدينغ يدا حمراء عملاقة موجهة الى صدره حيث كتب على قميصه "هل اصبح بامكاننا الزواج الان؟".

وكشفت الفارسة البالغة من العمر 31 عاما والتي فازت الاسبوع الماضي بفضية الفرق ايضا، ان خطيبها تقدم بطلب الزواج منها قبل اولمبياد لندن و"اجبته بنعم لكن لا اعتقد بانه كان يصدق ان هذا الامر سيحصل، والان قرر ان يتقدم بطلب علني وبهذه الطريقة لن اتمكن من الافلات". في الواقع كان طلب الزواج الاول في العاب ريو يوم الثامن من اب/اغسطس عندما حملت مديرة ملعب "ديودورو" مارجوري اينيا مكبر الصوت وتقدمت بطلب زواج علني من صديقتها لاعبة منتخب البرازيل للركبي 7 ايسادورا سيرولو امام عدسات مصورين من كافة انحاء العالم. بحسب فرانس برس.

ووافقت سيرولو على العرض وبدا عليها التأثر، وبما ان اينيا قامت بهذه الخطوة دون ان تكون جاهزة تماما كونها نسيت الامر الاهم وهو خاتم الخطوبة، اضطرت الى الارتجال من خلال ربط شريط على اصبح خطيبتها. صحيح ان سيرولو (25 عاما) لم تتمكن من الفوز بميدالية مع منتخب الركبي 7 الذي انتهى مشواره في الدور الاول، لكنها ودعت العاب بلادها بجائزة غالية بالتأكيد.

اضف تعليق