مع اقتراب موعد الاستفتاء الخاص ببقاء او خروج المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي، ازدادت حدة المناقشات والتحذيرات والتحركات الداخلية والخارجية، التي تهدف إلى بقاء بريطانيا داخل الاتحاد، خصوصا بعد ان حصلت بريطانيا على بعض الامتيازات والتنازلات المهمة حيث اكدت بعض الاطراف ان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون رهانًا محفوفًا بالكثير من المخاطر، وحذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من أن خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي سيهدد السلام في القارة الأوروبية، وسط تصاعد الجدل مع اقتراب موعد الاستفتاء الحاسم حول الخروج.
وفيما تظهر الاستطلاعات تساوي شعبية حملتي "البقاء" و"الخروج" من الاتحاد الأوروبي، تواجه كاميرون مع رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون زعيم حملة "الخروج" من الاتحاد، وسط تصعيد جهودهما لاستمالة الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كاميرون قوله: إن التصويت على الخروج من الاتحاد في الاستفتاء الذي سيجرى في 23 حزيران/يونيو سيشكل عملا "طائشا وغير مسؤول" وسيشكل خطرا على استقرار الاقتصاد البريطاني ما سيجعله "أفقر بشكل دائم".
ويرى جونسون أنّ بلاده يمكنها مغادرة الاتحاد الأوربي والحفاظ في نفس الوقت على ولائها للقارة العجوز، وقال: لو نصوت لمغادرة الاتحاد الأوربي، فلن نصوت لمغادرة أوروبا، جميع الحجج التي يقدمونها، تثير غضبي أكثر.
من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي تعظم من الدور الذي تلعبه على الساحة الدولية وإن بريطانيا والاتحاد أقوى عندما يعملان معا، وكان كيري يتحدث مع صحفيين في لندن بعد أسابيع قليلة من زيارة الرئيس باراك أوباما للندن بهدف حث البريطانيين على البقاء داخل الاتحاد.
وقال كيري "أوروبا قوية ومتحدة تضم بريطانيا العظمى هي أوروبا أقوى وشريك أقوى." وأضاف "الرئيس أوباما وأنا مقتنعان بأن بريطانيا العظمى تملك قوة كبيرة تمكنها من مواصلة دورها القيادي. نعتقد أن العضوية (بالاتحاد) تعظم من دور بريطانيا."
ومن المقرر أن يدلي البريطانيون بأصواتهم في استفتاء يوم 23 يونيو حزيران بشأن ما إذا كانت بريطانيا ستبقى داخل الاتحاد أم ستخرج منه في قرار له عواقب استثمارية وعسكرية وسياسية تتجاوز حدود بريطانيا. وقبل أسابيع فقط من الاستفتاء وفي ظل ما تظهره استطلاعات الرأي من انقسام حاد بين البريطانيين بشأنه بدأ سياسيون من أنحاء العالم يدلون بدلوهم بشأن الأمر. وأدلى أوباما ببعض من أقوى التصريحات عندما زار بريطانيا في ابريل نيسان عندما قال إن بريطانيا ستعود "لآخر الصف" انتظارا لاتفاق تجاري مع الولايات المتحدة إذا ما خرجت من الاتحاد. وعلى النقيض من ذلك قال المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب إنه يعتقد أن بريطانيا ستكون أفضل خارج الاتحاد.
تساوي حملتي البقاء والخروج
في صفوف المروجين لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ثمة مجموعة صغيرة من المستشارين المقربين لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون... بالنسبة لمساعديه هؤلاء لا يقل حجم الانتصار أهمية عن الانتصار في حد ذاته. وقال أعضاء في الدائرة المقربة لكاميرون إن هذا الفريق يستهدف التصويت في استفتاء 23 يونيو حزيران على بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي بنسبة تقترب من 60 بالمئة. ويعتقد هذا الفريق أن هذه النسبة هي الحد الأدنى لدفن "قضية أوروبا" وضمان قدرة كاميرون على الاستمرار في منصبه حتى عام 2020.
وتشير استطلاعات الرأي إلى نتائج متقاربة للغاية. لكن هؤلاء المستشارين يعتقدون إن الفوز بهامش قليل لا يكفي. فبدون الفوز بفارق واضح سيبقى كاميرون عرضة لخطر تمثله القضية التي أسقطت اثنين من أسلافه هما مارجريت ثاتشر وجون ميجور وأنهكت حزب المحافظين لعقود. ويقول مصدران بحزب المحافظين إن بعض المتشككين في الاتحاد الأوروبي يتآمرون بالفعل لإجبار كاميرون على التنحي بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء. ويقول مساعدوه إنه كلما زاد هامش الفوز تراجعت فرصهم في النجاح.
وقال متحدث باسم كاميرون إن رئيس الوزراء ملتزم بتحقيق الفوز في الاستفتاء لكنه امتنع عن التكهن بمستوى الفوز الذي يتطلع إليه. وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء إن كاميرون يعي أنه كلما زاد مستوى الفوز تعزز موقعه. وقال المصدر "وحتى حينها فإن لملمة شتات الحزب مرة أخرى لن تكون مهمة سهلة." وطلب المصدر عدم نشر اسمه ليحذو حذو الأشخاص الآخرين الذين جرت مقابلتهم لهذا التحليل بسبب عدم السماح لهم بالحديث علنا عن الحملة.
وليست البلاد منقسمة فحسب بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي لكن نصف نواب حزب المحافظين وبعض أعضاء مجلس الوزراء يروجون للانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 عضوا. وقال المصدر المقرب من كاميرون إن رئيس الوزراء "متوتر". ولذلك تحول كاميرون إلى المستشارين محل الثقة والذين يملكون خبرة الانتخابات للتأكد من أن "الأمور تسير بالشكل الملائم وأن لديه أناسا يفهمون ما يعنيه وكيف يعمل." ويعتمد رئيس الوزراء بصفة أساسية على نحو ستة مساعدين لعبوا دورا أساسيا في الانتصار الذي حققه المحافظون في الانتخابات العام الماضي والتصويت ضد الاستقلال في اسكتلندا في 2014.
تشمل المجموعة "أسلحته السرية" في الانتخابات البرلمانية لعام 2015 ومنها كريج إلدر وتوم إدموندز اللذان يستهدفان الناخبين المترددين بتسجيلات مصورة على الإنترنت وإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي. وترك إلدر وإدموندز وهما خبيران استراتيجيان في المجال الرقمي عملهما في حزب المحافظين بعد مساعدة كاميرون في الفوز بانتخابات 2015 وأسسا وكالتهما الخاصة وتستعين بها حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي.
ورفض الاثنان التعليق في هذا التحليل لكنهما تحدثا في السابق عن الخطوط العريضة لاستراتيجيتهما التي تشمل استهداف المجموعات المختلفة في أكثر الأوقات تأثيرا خلال اليوم عندما تستخدم أم لطفلين عمرها 40 عاما وسائل التواصل الاجتماعي في المساء بعد أن يخلد طفلاها إلى النوم. وكان ستيوارت هاند الرجل الذي يقف خلف الفريق الميداني لمعسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي قد ساعد في إدارة الحملة الميدانية خلال انتخابات 2015.
ويقدم اثنان من المستشارين الآخرين هما أندرو كوبر وستيفن جيلبرت المشورة بشأن الاستفتاء ويملكان خبرة الانتخابات. وكان كل منهما وثيق الصلة بكاميرون على مدى نحو 20 عاما. وكل أسبوع يحضر واحد على الأقل من مستشاري حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي اجتماعات رئيس الوزراء في الساعة الثامنة والنصف صباحا والساعة الرابعة مساء في مكتبه بداونينج ستريت. ومع اقتراب 23 يونيو حزيران سيتم إطلاع كاميرون بشكل شبه مستمر.
ويعمل عشرات المروجين الذين عينتهم حملة البقاء في الاتحاد الأوروبي على مدار الساعة. ويقول عضو جديد بإحدى المجموعات إنه تلقى نصيحة بتخزين علب الفاصوليا المطبوخة والملابس الداخلية الجديدة لأنه "لن يكون هناك وقت لتناول الطعام أو لغسل الملابس". وأيضا في داونينج ستريت يقوم آميت جيل بتدوين يوميات لوضع برنامج رئيس الوزراء للاتحاد الأوروبي.
وينسق مجلس الوزراء مع وحدة لاستفتاء الاتحاد الأوروبي تدير الرسالة التي توجهها الحكومة ومع حملة البقاء أو حملة بريطانيا أقوى في أوروبا التي تدار من مكتب على بعد خمسة كيلومترات في حي سيتي في وسط لندن الذي تتركز فيه البنوك والمؤسسات المالية. وقال مصدر مقرب من الحملة إن كاميرون لا يستطيع زيارة قاعدة فريق البقاء داخل الاتحاد الأوروبي في كانون ستريت بوسط لندن في كثير من الأحيان بسبب عمل الحكومة لذلك يعتمد على جيلبرت الذي أخذ عطلة من منصب نائب رئيس حزب المحافظين. ولم يتسن الحصول على تعليق من جيلبرت.
وسيحدد استفتاء 23 يونيو حزيران الإرث السياسي لكاميرون ومستقبل بريطانيا. ودعا كاميرون للاستفتاء تحت ضغط من أعضاء حزبه وردا على التهديد الانتخابي المتزايد من حزب استقلال المملكة المتحدة المناهض للاتحاد الأوروبي. وألقى كاميرون بثقله في الحملة وقام بجولة في البلاد لمحاولة إقناع الناس بتأييد البقاء في الاتحاد الأوروبي وكرر تأكيده على أن بريطانيا "أقوى وأكثر أمنا وأفضل حالا" داخل الاتحاد الأوروبي.
وزار كاميرون عاملين في قطاعات التمويل وصناعة السيارات والصناعات العسكرية وتحدث مع بريندان باربر الخصم السياسي الذي تحول إلى حليف للاتحاد الأوروبي وهو زعيم نقابي سابق. واجتمع مع طلاب معارضين للبقاء في محاولة لإقناع البريطانيين بالتصويت على البقاء في الاتحاد الأوروبي. وقال أحد المصادر القريبة من الحملة إن كاميرون إذ تمكن من تأمين إرثه فإن هذا يعني أن بعض المعارضين لعضوية الاتحاد الأوروبي سيقررون ترك حزب المحافظين وحينها "فليكن ذلك".
وقال متحدث باسم كاميرون إن الأمر يرجع لكل فرد ليقرر ما إذا كان سيبقى في الحزب بعد الاستفتاء لكنه أضاف أنه في حين يتوقع أن "الأغلبية العظمى في الحزب" ستحترم تصويت بريطانيا "فسيكون هناك بعض الناس الذين سيواصلون الاعتقاد بشدة في ضرورة الانسحاب (من الاتحاد الأوروبي)." ويقول جيمس مجروري كبير المتحدثين باسم حملة بريطانيا أقوى في أوروبا التي توحد المؤيدين لأوروبا من بعض الأحزاب السياسية إن دور رئيس الوزراء رئيسي.
وكان مجروري مستشارا سابقا لنائب رئيس الوزراء نيك كليج المنتمي للحزب الديمقراطيين الأحرار خلال فترة الحكومة الائتلافية في الفترة من 2010 إلى 2015. ويسلط مجروري الضوء على أن حملة بريطانيا أقوى في أوروبا حملة شاملة تسمح لكل الأحزاب بالتأثير فيها. والتعاون بين الأحزاب نادر في بريطانيا حيث يخلق عادة الانقسام السياسي بين اليسار واليمين مناخا يتسم بالتعصب في البرلمان. لكن كاميرون يحتاج إلى أن يحشد حزب العمال المعارض وحزب الديمقراطيين الأحرار أصوات ناخبيهما.
واعتماد كاميرون على دائرة صغيرة من المستشارين لم يلق استحسانا عالميا. واتهم بعض الأعضاء المتشككين في الاتحاد الأوروبي من حزب المحافظين كاميرون بترتيب الأوراق لصالحه. ويقول مساعدون إن كاميرون يعتزم الصمود في وجه العاصفة وإنه مقتنع أن بإمكانه الفوز. وقال كوبر إن الهدف في رأيه الشخصي أنه بمجرد انتهاء الاستفتاء فإن كاميرون سيكون قادرا على العودة لبرنامج الانتخابات الذي وضعه العام الماضي للتصدي للفقر وزيادة ملكية المنازل وإنهاء التمييز. بحسب رويترز.
وأضاف كوبر "إذا فازت حملة البقاء بهامش واضح فيتعين على حزب المحافظين الانتقال سريعا من قضية الاتحاد الأوروبي. وعلينا أن نعود بصدق إلى برنامج ديفيد كاميرون الذي عرضه في خطابه أمام مؤتمر الحزب العام الماضي وقيادة حزب المحافظين إلى منطقة تيار الوسط وتثبيته هناك."
عواقب غير متوقعة
الى جانب ذلك اعتبر رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ان احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي سيكون له "عواقب غير متوقعة على التعايش الاوروبي". وقال يونكر في حديث لصحف مجموعة "فانكي ميدين غروب" الالمانية انه في حال جاء التصويت سلبيا فسيكون لهذا القرار "بالتاكيد عواقب غير متوقعة على التعايش الاوروبي لا اريد التكهن بها لانني على اقتناع بان البريطانيين سيتخذون القرار الصائب". واضاف "كل الاوروبيين يصرون على ان تبقى بريطانيا داخل الاسرة" مذكرا بان الاتحاد الاوروبي ابرم "اتفاقا عادلا" مع بريطانيا في شباط/فبراير لاعطاء البلاد مزيدا من المرونة.
وكان رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون توصل في شباط/فبراير الى تسوية مع الدول ال27 الاعضاء في الاتحاد دفعته الى تأييد بقاء بلاده في الاتحاد الاوروبي. وعزز الاتفاق الوضع الخاص للبلاد ومنح مدينة الاعمال في لندن تدابير حماية رغم انها لا تستخدم اليورو. ويتيح الاتفاق ايضا لبريطانيا فرض قيود جديدة على نظام المساعدات الاجتماعية للمهاجرين داخل اوروبا.
من جانبه قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن بريطانيا بحاجة للاتحاد الأوروبي للمساعدة في قتال تنظيم داعش ولصد روسيا ليجعل من عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي "قضية كبيرة وجريئة ووطنية". وقال كاميرون لدبلوماسيين وأعضاء في حملة التصويت على الاستفتاء "أريد أن أظهر أنه إذا كنتم تحبون هذا البلاد وإذا كنتم تريدون الحفاظ عليه قويا في العالم والحفاظ على شعبنا آمنا فإن عضويتنا في الاتحاد الأوروبي إحدى الأدوات التي تساعدنا في القيام بهذه الأشياء."
وأضاف "أنا لا أقول أن الاتحاد الأوروبي بمفرده حافظ على السلام في أوروبا خلال السبعين عاما الماضية... بالطبع لا فقد لعب حلف شمال الأطلسي دورا رئيسيا بالقطع... (لكن) أنه لشيء استثنائي للغاية أن تجد الدول التي تتحارب وتقتل بعضها البعض سبيلا للعمل معا." وحذر كاميرون من أن بريطانيا قد تكون عرضة لتهديدات أخطر إذا قرر الناخبون التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ليؤكد على دور التعاون الأمني بعد مقتل العشرات في هجمات للدولة الإسلامية في بروكسل وباريس.
وتابع كاميرون "سنشعر بالندم اجلا ام عاجلا في كل مرة ندير فيها الظهر لاوروبا. اما ان نؤثر في اوروبا او انها تؤثر فينا. وفي حال ساءت الامور في اوروبا، لن يمكننا الزعم ان بالامكان البقاء في منأى من العواقب". وقال ان من شان الاتحاد الاوروبي "توسيع" دور بلاده في العالم، في حين يؤكد المؤيدون لخروج بريطانيا من التكتل الاوروبي ان نفوذ المملكة المتحدة سيكون اكبر خارج الاتحاد الاوروبي.
وتابع رئيس الوزراء "في ظل الوضع الدولي الحالي الخطير، فان التعاون ضروري باوسع شكل ممكن مع جيراننا الاوروبيين" مشيرا الى التحديات التي يطرحها تنظيم داعش وروسيا او ازمة اللاجئين. وتطرق الى ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية. واوضح في هذا الصدد "في فترة ما بعد الحرب، ايد بحماسة التقارب مع بلدان أوروبا الغربية، وتشجيع التبادل التجاري الحر وبناء مؤسسات دائمة لتجنيب قارتنا سفك الدماء في المستقبل".
تحذيرات وقلق محلي ودولي
الى جانب ذلك حذر خمسة قادة سابقين للحلف الاطلسي وعدد من وزراء الخارجية والدفاع الاميركيين السابقين من ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي من شأنه ان يضر بأمن الغرب ويضعف اوروبا بشكل خطير. وقال قادة الاطلسي السابقين ان خروج بريطانيا من الكتلة الاوروبية من شأنه أن يقوض التحالف العسكري بين ضفتي الاطلسي "ويقدم المساعدة لاعداء الغرب" وأن "يؤدي دون شك الى فقدان النفوذ البريطاني".
وفي رسالة الى صحيفة "ديلي تلغراف" قال القادة السابقون انهم يتابعون النقاش حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي "بقلق متزايد". وقالوا "في ضوء حجم ونطاق التحديات للامن والاستقرار التي نواجهها بصورة جماعية، فإن المجموعة الاوروبية الاطلسية تحتاج الى مملكة متحدة فاعلة ومنخرطة". واضافوا "إن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي سيؤدي دون شك الى خسارة النفوذ البريطاني، ويقوض الحلف الاطلسي ويقدم المساعدة لاعداء الغرب في وقت نحن بحاجة للوقوف جنبا الى جنب عبر المجموعة الاوروبية الاطلسية في مواجهة التهديدات المشتركة بما فيها تلك على اعتبانا".
والموقعون هم بيتر كارينغتون وخافيير سولانا وجورج روبرتسون وياب دي هوب شيفر واندريس فوغ راسموسن. وفي رسالة الى صحيفة "تايمز" كتب 13 من وزراء الخارجية والدفاع الاميركيين السابقين ومستشاري الامن القومي السابقين ان اوروبا "ستضعف بشكل خطير" اذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. وقال الموقعون الذين عملوا في ادارات البيت الابيض خلال السنوات الاربعين الماضية "ان العالم يحتاج الى اوروبا قوية ومتحدة للعمل مع الولايات المتحدة".
واضافوا "نخشى من انه اذا ما اختارت المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الاوروبي، فإن موقع المملكة المتحدة ونفوذها في العالم يمكن ان يتضاءلا واوروبا يمكن ان تضعف بشكل خطير". بحسب فرانس برس.
وتابعوا "إن العلاقة المميزة بين دولنا لا يمكنها ان تعوض خسارة النفوذ والقوة التي ستمنى بها المملكة المتحدة في حال لم تعد جزءا من الاتحاد الاوروبي". ومن الموقعين وزراء الخارجية السابقين جورج شولتز ومادلين اولبرايت ووزراء الدفاع السابقين فرانك كارلوتشي ووليام بيري وبيل كوهين وبوب غيتس وليون بانيتا. وقال وزير الدفاع البريطاني السابق ليام فوكس المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ان تلك التحذيرات عفا عليها الزمن. وقال "العديد من هؤلاء الاشخاص ينتمون لحقبة مختلفة جدا عن التي نعيشها الان".
اراء وتحالفات
من جهة اخرى رأت مجموعة من ثمانية خبراء اقتصاديين معروفين في تقرير ان الاقتصاد البريطاني سيشهد تحسنا في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي خلافا لما تؤكده الحكومة ومؤسسات دولية. وقال رئيس مكتب "كابيتال ايكونوميكس" البحثي روجر بوتل خلال ندوة في لندن ان "حصيلة الاتحاد الاوروبي الاقتصادية على مدى السنوات العشرين الماضية كانت ضعيفة جدا مقارنة مع بلدان اخرى متقدمة وهذا ليس فقط بسبب اليورو وانما سلسلة من القرارات السيئة".
واضاف ان "عبء اللوائح التنظيمية وسوء استخدام اموال الاتحاد الاوروبي وتركيز الاهتمام السياسي على مسائل اصلاح الاتحاد الاوروبي ساهمت في هذا الاداء الاقتصادي السيء". وينتمي روجر بوتل الى مجموعة من ثمانية خبراء اقتصاديين يقدمون انفسهم باعتبارهم مستقلين تحت شعار "اقتصاديون من اجل خروج بريطانيا" (ايكونوميستس فور بريكزيت). وتضم المجموعة كذلك كبير اقتصاديي بنك "ستاندارد تشارترد" سابقا جيرار ليونز والمستشار الحالي لرئيس بلدية لندن المحافظ بوريس جونسون، احد زعماء حملة الخروج من الاتحاد.
ويدحض الخبراء في تقريرهم حجج وزارة المالية البريطانية ووزير المالية جورج اوزبورن الذي قال ان الخروج من الاتحاد ستكون له عواقب اقتصادية خطيرة وسيحرم كل اسرة بريطانية من 4300 جنيه استرليني كل سنة. ويعددون الفوائد التي ستجنيها بريطانيا في حال خروجها في مجال اللوائح والانظمة والوظائف والهجرة وكذلك مكانة مركز الاعمال اللندني في اوروبا. وهم يدافعون عن التطبيق البسيط للنظم الاساسية لمنظمة التجارة العالمية في العلاقات بين بريطانيا ودول الاتحاد الاوروبي من دون التفاوض على اتفاق جديد. وهو طرح يتعارض مع طرح وزارة المالية التي ترى فيه اسوأ سيناريو ممكنا. بحسب فرانس برس.
وقال استاذ الاقتصاد في جامعة كارديف باتريك منفورد ان "الخروج من الاتحاد من دون التفاوض على اتفاق جديد ومن دول اقامة حواجز تجارية جديدة سيحسن اجمالي الناتج الداخلي البريطاني بنحو 4% على مدى عشر سنوات". ويأتي نشر التقرير بعد سلسلة من التحذيرات بشأن الانعكاسات السلبية للخروج من الاتحاد على الاقتصاد البريطاني عبر عنها مسؤولون في صندوق النقد الدولي او منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي قالت الاربعاء ان اجمالي الناتج الداخلي البريطاني سيتراجع بنسبة 3% بحلول 2020 في حال الخروج من الاتحاد.
في السياق ذاته تحالف رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون والمسؤول النقابي السابق برندان باربر في الدفاع عن البقاء في الاتحاد الاوروبي في وجه ما اعتبراه "تهديدا ثلاثيا" للوظائف والأجور والأسعار في حال الخروج منه. وكتب الرجلان في مقال نشرته صحيفة "ذي غارديان" "هناك امور كثيرة نختلف بشأنها لكننا متحدان في اقتناعنا بان المملكة المتحدة والعمال البريطانيين سيكونون أفضل حالا داخل اوروبا بعد الاصلاحات من خارجها".
واكدا انه "في حين ان البقاء في الاتحاد يوفر لعمال المملكة المتحدة الفرص الامثل للازدهار، فان الخروج يمثل ما نسميه تهديدا ثلاثيا على الوظائف والأجور والأسعار". وفي حال الخروج من الاتحاد، قال الرجلان ان البطالة قد ترتفع الى 8% في 2020 مقابل 5% في حال البقاء في الاتحاد نقلا عن تقرير لمكتب "برايس ووتر كوبرز". أما الاجور فستكون ادنى كما سيتعرض الجنيه لضغوط. وقالا انها المرة الاولى يتشارك في كتابة مقال رئيس وزراء محافظ ومسؤول نقابي سابق. وباربر هو الامين العام السابق لنقابة "الاتحاد العام للعمل". ولكن البعض اتهم الحكومة بتقديم تنازلات في اطار مشروع قانون قيد الدرس حول النقابات في البرلمان للحصول على تاييدها في حملة بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. واعلنت نحو عشر نقابات واتحادات تمثل نحو اربعة ملايين عامل تأييدها البقاء في الاتحاد.
اضف تعليق