تتوالى الانتقادات الموجهة إلى تركيا بسبب السياسة الفاشلة للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى الى توطيد نظام حكمه في البلاد والحصول على صلاحيات كبيرة، من خلال اتباع الممارسات القمعية وتشديد القوانين ضد الخصوم والمعارضين، الامر الذي سيمكنه من تنفيذ اهدافه وخططه التي تهدف الى تاسيس حكم شمولي، فقد اصبح اصبح الوضع في تركيا وكما تنقل بعض المصادر، معقدا ووصل إلى طريق مسدود بسبب طغيان واستبداد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي سعى الى تقيد الحريات العامة وتحجيم دور الاعلام والصحافة في تركيا، فقد ذكر تقرير محلي أن أردوغان، بات يسيطر على حوالي 90% من وسائل الإعلام التركية بشكل مباشر أو غير مباشر.
ويرى معارضون أن الماكينة الإعلامية الضخمة الموالية لأردوغان، تساهم في تلميع صورته داخلياً وخارجياً، على الرغم من كثرة الانتقادات التي طالت سياساته في الآونة الأخيرة، ويقول معارضون إن القنوات التلفزيونية والصحف الحكومية الموالية لأردوغان تعمل على تقديم فشل سياساته، على أنه نجاحات. وخلال العام الماضي، تحول عدد من الصحف المعارِضة، إلى موالية لأردوغان، بعد التحفظ عليها، وتغيير إداراتها، في إطار حملة صارمة على وسائل الإعلام التابعة للمعارضة.
ويثير التضييق على وسائل الإعلام انتقادات لأنقرة، حول سجلها المتعلق بحرية الصحافة وتقول اللجنة الدولية لحماية الصحافيين إن مضايقة الصحافيين ومقاضاتهم ذات تأثير مدمر على سمعة وسائل الإعلام التركية. وكان الاتحاد الدولي للصحف وناشري الأخبار (WAN-IFRA) دعا مطلع حزيران/يونيو 2015، الحكومة التركية إلى وقف الإجراءات الممارسة ضد وسائل الإعلام والصحف في تركيا، وإسقاط الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الصحافيين، وإطلاق سراح المعتقلين منهم على الفور. وسبق أن أعلنت منظمة مراسلون بلا حدود في أكثر من مناسبة، من مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، احتجاجها على توجهات الحكومة التركية في التضييق على الصحافيين ووسائل الإعلام.
كما قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي أن أمريكا تنظر إلى أن تركيا الآن على أعتاب دولة بوليسية كاملة الاركان بتكميمها للإعلام في البلاد وأضاف كيربي، أن السلطات التركية يجب أن تنهي هذا وان تلزم ضبط النفس، داعيا إياها إلى أن تعمل بما ينص عليه دستورها المعلن، والذي ينص على الديمقراطية وحرية الإعلام والصحافة في البلاد. ومنذ عدة أشهر، تبدي المعارضة التركية، ومنظمات غير حكومية للدفاع عن وسائل الإعلام، والعديد من الدول، قلقها إزاء الضغوط التي يمارسها أردوغان وحكومته على الصحافة. جدير بالذكر أن تركيا في المرتبة 149 على 180 دولة في مجال حرية الصحافة، بحسب ترتيب منظمة "مراسلون بلا حدود".
وينظر القضاء التركي في نحو الفي دعوى بتهمة توجيه اهانات للرئيس رجب طيب اردوغان منذ انتخابه رئيسا في اب/اغسطس 2014، وفق وزير العدل. وقال الوزير بكر بوزداك للنواب وفق تصريحات نقلتها وسائل اعلامية ان عدد الملفات التي افضت الى بدء اجراءات قضائية بتهمة اهانة الرئيس بلغ 1845 ملفا. واضاف "هذا معيب. لا يمكنني حتى قراءة تفاصيل هذه الاهانات...الامر مخجل. هذا لا علاقة له بحرية التعبير".
وكثف اردوغان منذ انتخابه رئيسا الملاحقات بحق معارضيه الذين يتهمونه بالميل الى التسلط سواء كانوا من الفنانين او الصحافيين او اناس عاديين. وستبدأ قريبا محاكمة نجم كرة القدم السابق هاكان شوكور الحليف السابق لاردوغان الذي انتقل الى المعارضة لانه اهان الرئيس على تويتر. واصدرت المحاكم في هذه القضايا احكاما بالسجن مع وقف التنفيذ في اغلب الاحيان لكن في 20 كانون الثاني/يناير حكم على امرأة بالسجن 11 شهرا لانها قامت بحركة مهينة لاردوغان خلال تظاهرة في اذار/مارس 2014.
انتقادات الغرب
في هذا الشأن حذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان "دبلوماسيا أجنبيا" بسبب صورة سيلفي التقطها قنصل بريطانيا العام مع صحفي أثناء محاكمته مع زميل له بتهمة التجسس. ووجه إردوغان انتقادات حادة للدبلوماسيين الغربيين بعد أن عبر كثير منهم عن الدعم لجان دوندار رئيس تحرير صحيفة جمهوريت وزميله إردم جول في أول يوم من محاكمتهما باسطنبول.
ويُتهم الصحفيان بمحاولة إسقاط الحكومة بنشر فيديو يشير مضمونه إلى مشاركة وكالة المخابرات التركية في نقل أسلحة إلى سوريا عبر شاحنات في 2014. ويواجه الاثنان عقوبة السجن مدى الحياة بينما جلبت قضيتهما على تركيا إدانة دولية وأثارت مخاوف على حرية التعبير فيها. ونقلت وكالة الأناضول الرسمية للأخبار عن إردوغان قوله استنادا إلى نص خطاب ألقي في أكاديمية الحرب التركية "ذهب القنصل العام لبلد ما إلى محاكمة صحفي متهم بالتجسس. ذهب ليدعمه. الأهم أنه التقط صورة وهو يلصق خده بخد الصحفي.. ونشرها."
وأضاف "ولم يقف الأمر عند هذا الحد.. بل يقول في وسائل التواصل الاجتماعي أشياء من قبيل أن (تركيا تحتاج أن تقرر نوع الدولة التي تريد أن تكون عليها.. وهي كلمات تتجاوز المعنى المقصود بها." ولم يذكر إردوغان الدبلوماسي بالاسم لكن قنصل بريطانيا العام لي تيرنر نشر صورة لنفسه مع دوندار على تويتر قبل بدء الجلسة التي حضرها أيضا عدد كبير من السفراء وقناصل العموم والدبلوماسيين الآخرين.
وكتب تيرنر في تغريدة "الشيء الأساسي ليس بالمقارنات ولا بالتاريخ لكن تركيا تحتاج لتقرير نوع البلد الذي تريده." وفي تعليق على ما قاله إردوغان قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية في لندن إن الدبلوماسيين عادة ما يتابعون المحاكمات في مختلف أنحاء العالم مع الالتزام بالمعاهدات الدولية. وقال المتحدث "هذه قضية مهمة بالنسبة لحرية التعبير في تركيا ونحن إلى جانب شركائنا في الاتحاد الأوروبي سنواصل مراقبة سيرها."
وقال إردوغان فيما نقلته وكالة الأناضول للأنباء إن سبب وجود الدبلوماسي في تركيا هو ضيافة الحكومة التركية. ونقل عنه القول "إذا استمر هذا الشخص في العمل هنا فهذا بفضل كرمنا وضيافتنا. إذا كان في بلد آخر لما سمحوا لدبلوماسي يمارس مثل هذا السلوك بالبقاء ليوم إضافي"، وقال مسؤول إن وزارة الخارجية التركية تنقل لبعض الحكومات الأجنبية سخطها من تدوينات بخصوص المحاكمة على مواقع التواصل الاجتماعي مضيفا أن نشر هذه التدوينات لا يتفق مع مبدأ الحياد وقد يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء. وتعهد إردوغان الذي يعتبر تغطية صحيفة جمهوريت جزءا من محاولة لتقويض موقف تركيا في العالم بأن دوندار "سيدفع ثمنا باهظا." بحسب رويترز.
وقبلت المحكمة طلب الادعاء بإضافة إردوغان لقائمة أصحاب الدعوى وقضت بنظر القضية في جلسات مغلقة. وأثار هذا القرار غضب المؤيدين للصحفيين. وتأتي المحاكمة بينما تحاول تركيا أن تدفع عن نفسها انتقادات من الاتحاد الأوروبي الذي تطمح للانضمام إليه ومن مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان تقول إنها تكمم الصحافة التي كانت ذات يوم نابضة بالحياة. وأمضى دوندار وجول 92 يوما في السجن كان نصفها تقريبا في حبس انفرادي قبل أن تقضي المحكمة الدستورية الشهر الماضي بعدم وجود أساس قانوني لاحتجازهما قبل المحاكمة نظرا لأن التهم الموجهة لهما تتعلق بعملهما الصحفي.
السخرية من أردوغان
الى جانب ذلك أوضح مصدر دبلوماسي تركي رفض الكشف عن هويته أنه تم استدعاء السفير الألماني مارتن أردمان لإبلاغه "استياء" السلطات التركية من بث شبكة تلفزيون ألمانية أغنية اعتبرت إهانة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. و أضاف المصدر أنه طالب السفير الألماني "بالتوقف عن ذلك". في حين لم يصدرعن وزارة الخارجية الألمانية أي رد فعل رسمي. لكن قناة تلفزيون "إن دي آر" الإقليمية العامة والتي عرضت الأغنية المثيرة للجدل احتجت على القرار التركي.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن رئيس تحرير القناة أندرياس شيشوفتز قوله إن "النشاط الواضح للحكومة التركية دبلوماسيا بسبب برنامج ’إكسترا3‘ لا يتوافق مع مفهومنا لحرية الصحافة والرأي". وصف أردوغان ب"المتكبر" وتتطرق الأغنية التي بثت خلال برنامج "إكسترا 3" على قناة "إن دي آر" في 17 أذار/مارس القيود التي تفرضها الحكومة التركية على حرية الإعلام، كما تنتقد المبالغ الطائلة التي أنفقت لبناء قصر فخم بالقرب من العاصمة أنقرة. بحسب فرانس برس.
وتتضمن الأغنية كلمات "يعيش في ترف، هذا المتكبر من البوسفور، وإذا كتب صحافي ما لا يروق لأردوغان صار في السجن في اليوم الثاني". وكان أردوغان رئيسا للوزراء منذ العام 2002 قبل أن يتولى الرئاسة في العام 2014، ويتهمه معارضوه بأن لديه نزعة سلطوية. من جهة أخرى، تلقت الحكومة الألمانية انتقادات من وسائل الاعلام الألمانية بسبب الاتفاق المثير للجدل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بدعم قوي من ميركل. واتهمت وسائل الإعلام برلين بتقديم تنازلات كبيرة لأنقرة.
الرئاسة القوية
من جانب اخر عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان موقفه من وضع دستور جديد للبلاد وسعيه لنظام رئاسي أكثر قوة قائلا إن الأمر لا يتعلق بطموح شخصي بل يمثل ضرورة في بلد يعتمد نظاما برلمانيا عفا عليه الزمن. وقال إردوغان الذي فاز في أول انتخابات رئاسية مباشرة في أغسطس آب 2014 إن رئيس الدولة المنتخب من الشعب يجب أن يكون له دور أكبر من مجرد دور شرفي. وكان البرلمان هو الذي يختار رئيس البلاد قبل ذلك.
وأضاف في كلمة ألقاها أمام نحو ألف من أعضاء منظمات المجتمع المدني في تجمع اعتبر انطلاقة لحملته لدعم التغيير أن الوضع القائم المتمثل في وجود رئيس ورئيس وزراء كل منهما منتخب من الشعب وضع غير قابل للاستمرار. وقال "في إطار بناء تركيا الجديدة نعتقد أن تركيا تحتاج إلى نظام رئاسي تنفيذي وإلى دستور جديد. يجب ألا يُطرح هذا النقاش باعتباره مسألة طموح شخصي." وتابع "إذا كان النظام الرئاسي هو الخيار الصحيح لمستقبل تركيا فيتعين تنفيذه."
وتولى إردوغان منصب رئيس الوزراء لأكثر من عشر سنوات وترشح للرئاسة عام 2014 وسط توقعات بتعديل دستوري سريع يمنح رئيس الدولة سلطات تنفيذية أكبر. لكن خطته تعطلت لأسباب من بينها مخاوف المعارضة مما تعتبره أسلوبا أكثر سلطوية. وتتفق أحزاب المعارضة على الحاجة لاستبدال الدستور الحالي الذي تم وضعه بعد انقلاب عسكري عام 1980 وما زال يحمل بصمات من صاغوه من العسكريين في دولة مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي. لكن تلك الأحزاب تعارض خططا لتعديل صلاحيات الرئيس بالكامل والتي لا تزال شرفية.
ووسع إردوغان بالفعل سلطات المنصب منذ أصبح رئيسا للجمهورية مشيرا إلى أنه حتى بدون إجراء تغييرات دستورية فإن انتخابه مباشرة من قبل الشعب يمنحه سلطات إضافية. وفي هذا الإطار ترأس إردوغان عدة اجتماعات للحكومة في القصر الرئاسي. ويقول مقربون من إردوغان إن النظام الرئاسي سيمنح تركيا قيادة قوية تحتاجها لتحقيق الرخاء رغم حالة الاضطراب التي تعيشها المنطقة وبينها الحرب في سوريا المجاورة.
قال إردوغان إنه يتوقع مشاركة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في وضع دستور جديد وإن الفصل بين السلطات سيكون من بين النقاط الرئيسية التي يتعين مناقشتها. وتابع أن الشعب وليس البرلمان هو من سيتخذ القرار بشأن الدستور الجديد في نهاية المطاف مشيرا إلى احتمال اجراء استفتاء ربما بحلول الخريف المقبل. ويملك حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي أسسه إردوغان 317 مقعدا من أصل 550 في البرلمان لكنه يحتاج لموافقة 330 نائبا للدعوة لاستفتاء عام و367 لإقرار التغييرات مباشرة.
وقال مسؤول حكومي بارز "نهدف للحصول على دعم 14 نائبا آخرين. إذا تحقق هذا فسيكون بوسعنا الدعوة لاستفتاء على الدستور الجديد والنظام الرئاسي الجديد بحلول نهاية العام الحالي." وتابع "من الواضح أن هذا لن يكون سهلا. لكننا سنبلغ الشعب وسنضغط على البرلمان" مضيفا أنه رغم شكوك البعض داخل حزب العدالة والتنمية فإن دعمهم لرؤية إردوغان الرئاسية في ازدياد.
تحقيق في ايطاليا
على صعيد متصل فتح القضاء الايطالي تحقيقا بحق نجل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للاشتباه باخراجه مبالغ كبيرة من تركيا، وفق ما افاد مصدر قضائي. وفتحت نيابة بولونيا في وسط شمال البلاد التحقيق بحق بلال اكبر ابناء اردوغان اثر شكوى تقدم بها رجل الاعمال التركي مراد هكان اوزان المعارض في المنفى. وقال اوزان ان بلال هرب الى ايطاليا ومعه مبالغ كبيرة من المال وفريقا من الحراس الشخصيين المسلحين الذين لم يسمح لهم بدخول ايطاليا لكنهم عادوا لاحقا بجوازات سفر دبلوماسية، وفق الصحافة الايطالية.
وبلال الذي وصل خلال الصيف الماضي الى بولونيا هو احد المشتبه بهم الرئيسيين في فضيحة فساد كبيرة تم الكشف عنها في كانون الاول/ديسمبر 2013. وسافر بعد الانتخابات التركية في حزيران/يونيو بعد ان خسر حزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ بزعامة والده الاغلبية المطلقة في البرلمان. لكن الحزب استعاد الاغلبية المطلقة بعد انتخابات مبكرة في تشرين الثاني/نوفمبر. بحسب فرانس برس.
في تلك الفترة افاد حساب باسم "فؤاد عوني، صوت تركيا" على تويتر ان بلال اردوغان سافر الى ايطاليا في 27 ايلول/سبتمبر ومعه مبالغ كبيرة لادارة اموال العائلة من هناك. في شتاء 2013-2014 شهدت حكومة اردوغان عندما كان رئيسا للوزراء فضيحة فساد كبيرة اتهم فيها وزراء كما اتهم بلال بالرشوة واساءة استخدام النفوذ. لكن كل التحقيقات التي فتحت في تركيا تم حفظها. وينفي بلال اردوغان انه هرب من بلاده ويقول انه وصل الى ايطاليا لانهاء دراسة الدكتوراه في الجامعة التي نال منها اجازته في 2007.
اضف تعليق