q

العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية والبيت الأبيض تشهد توترا جديدا، بسبب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نيته عدم التوجه إلى واشنطن ورفضه لقاء الرئيس باراك اوباما، حيث اعلن البيت الأبيض أعلن أن نتانياهو طلب موعدا من الرئيس الأمريكي، وعندما صدرت الموافقة عليه وتحدد موعد اللقاء كان الجواب الإسرائيلي بان رئيس الوزراء الغى الزيارة، في قرار فاجأ واشنطن، وهذه الخطوة ربما ستسهم وبحسب بعض المراقبين بتعميق الخلافات بين الجانبين، خصوصا وان رئيس الوزراء الاسرائيلي سعى في الفترة الاخيرة الى اثارة المشكلات والازمات مع الكثير من الحلفاء، بسبب سياسة اسرائيل العنصرية ومخالفتها للقوانين والقرارات الدولية، وخصوصا تلك التي تتعلق بقضايا حقوق الانسان وقضايا الاستيطان، يضاف اليها التدخلات المستمرة من قبل الحكومة الإسرائيلية في العديد من القضايا المهمة والعمل على عرقلة بعض الجهود والمبادرات الدولية، وهو ما اسهم بتعقيد الامور واجبر الحلفاء على اتخاذ مواقف جديدة لضغط على اسرائيل.

وقد صرح يائير لابيد، عضو الكنيست ورئيس حزب يش عتيد "هناك مستقبل" المعارض، بأن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية تمر بأسوأ حالاتها منذ عام 1948، وأوضح لابيد، في تصريحات بثتها صحيفة "جيروزاليم بوست" على موقعها الإلكتروني، أن التدهور المشهود في العلاقات بين إسرائيل وأهم حليف لها أمريكا، بدا جليًا عندما فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عرقلة الاتفاق النووي الإيراني الذى تم التوصل إليه بين واشنطن والقوى العالمية من ناحية وبين إيران من ناحية أخرى في يوليو الماضي. وقال لابيد: "يقول الأمريكيون حاليا إننا لا نرغب في التعامل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية".

وزادت حدة التوتر بين الجانبين منذ أن دخل الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني حيز التنفيذ بين القوى العظمى وطهران، حيث زار نتنياهو واشنطن للاحتجاج على تنفيذ الاتفاق الذى أقره أوباما، وخلال زيارته، رفض البيت الأبيض تحديد موعد لعقد اجتماع بين أوباما ونتنياهو، بحجة أن الإسرائيليين خرقوا البروتوكول الدبلوماسي بعدم التشاور مع الإدارة الأمريكية قبل السفر إلى العاصمة الأمريكية.

ورغم الخلافات والشد والجذب بين الحكومة الإسرائيلية والبيت الأبيض، فقد اكد بعض الخبراء ان هذه العلاقات قوية ولن تتأثر ابدا، فقد دخلت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وكما تنقل بعض المصادر عهدا جديدا وشراكة استراتيجية كبيرة طويلة المدى، يتم بموجبها مد تل أبيب بأحدث الأسلحة، بالإضافة لمساعدات ضخمة لسنوات مقبلة، وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن إسرائيل والولايات المتحدة يسعيان إلى تخطى الخلاف العميق بينهما حول الاتفاق النووي الإيراني، الذى يعارضه نتانياهو بشدة، والعمل على رزمة مساعدات عسكرية جديدة طويلة المدى إلى إسرائيل تهدف إلى الحفاظ على تقدمها العسكري في المنطقة.

تداعيات الغاء اللقاء مع أوباما

في هذا الشأن أعلن البيت الأبيض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو طلب موعدا من الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحين أتت الموافقة وتم تحديد موعد اللقاء كان الجواب الإسرائيلي بأن نتانياهو ألغى الزيارة، في قرار "فاجأ" واشنطن. وتأتي هذه الحلقة الجديدة من مسلسل العلاقة المتأزمة بين نتانياهو وأوباما عشية زيارة يقوم بها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي نيد برايس إن الحكومة الإسرائيلية طلبت من البيت الأبيض تحديد لقاء لنتانياهو مع أوباما "يوم 17 أو 18 آذار/مارس" فاختارت الرئاسة الأمريكية يوم 18 وأبلغت الحكومة الإسرائيلية بذلك قبل أسبوعين. وأضاف "كنا نتطلع لاستضافة هذا الاجتماع الثنائي حين فوجئنا بمعلومة، وردتنا أولا عبر الإعلام، مفادها أن رئيس الوزراء، عوضا عن أن يقبل دعوتنا، قرر إلغاء زيارته". وأكد المتحدث أن "ما حكي عن أننا لم نتمكن من تحديد موعد يتفق وجدول أعمال رئيس الوزراء هو عار عن الصحة". وبرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رفضه لقاء نتانياهو بسبب احتدام الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة.

وكانت زيارة نتانياهو لواشنطن مقررة لتتزامن مع المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية-الإسرائيلية (إيباك) أكبر لوبي مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، وهي مناسبة شارك فيها نتانياهو مرارا خلال السنوات الماضية. ولطالما كانت العلاقات متوترة بين أوباما ونتانياهو، إلا انها زادت تأزما منذ دخل الاتفاق بين القوى العظمى وطهران حول البرنامج النووي الإيراني حيز التنفيذ. بحسب فرانس برس.

وتثير مسألة الاستيطان توترا بين إسرائيل والإدارة الأمريكية. وفي 2010 عتم على زيارة بايدن إلى إسرائيل إعلان الدولة العبرية، أثناء الزيارة، عن مشروع لبناء 1600 وحدة سكنية في مستوطنة رامات شلومو في القدس الشرقية المحتلة، الأمر الذي أثار رد فعل حادا من نائب الرئيس الأمريكي بسبب تزامن هذا الإعلان مع زيارته.

ونفى زئيف إلكين وهو عضو في مجلس الوزراء الإسرائيلي قريب من نتنياهو أن تكون إدارة أوباما قد فوجئت بهذا القرار قائلا إن السفير الإسرائيلي رون درمر أعطى إخطارا مسبقا للبيت الأبيض بشأن احتمال عدم حدوث هذه الزيارة. وفي عام 2012 استضاف نتنياهو المرشح الجمهوري في ذلك الوقت ميت رومني في إسرائيل فيما اعتبره ديمقراطيون كثيرون محاولة لتقويض ترشح أوباما لفترة رئاسية ثانية. ونفت إسرائيل تدخلها.

التفوق العسكري

على صعيد متصل قال نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه يجب الحفاظ على التفوق العسكري الإقليمي لإسرائيل كما وكيفا في لفتة تأييد للمطالب الإسرائيلية في المفاوضات الدفاعية الجارية مع واشنطن. وتنتهي المنح العسكرية الأمريكية الحالية لإسرائيل والتي تصل قيمتها إلى نحو ثلاثة مليارات دولار سنويا عام 2018. وتريد الدولتان المتحالفتان تمديدها قبل أن يترك الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض في يناير كانون الثاني 2017 لكنهما اختلفتا على حجم الأموال المقترحة.

وطلبت إسرائيل العام الماضي خمسة مليارات دولار كمساعدات سنوية في المستقبل ثم عاد المسؤولون الإسرائيليون واقترحوا ما بين 4 و4.5 مليار دولار قائلين إن إسرائيل بحاجة إلى زيادة حجم جيشها لا مجرد تحديث التكنولوجيات نظرا لما تتوقعه من سباق على شراء الأسلحة من جانب إيران ودول عربية. وطرح المسؤولون الأمريكيون رقما أقل هو 3.7 مليار دولار. ودفع هذا الخلاف مسؤولين إسرائيليين إلى التلميح بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد ينتظر على أمل الحصول على عرض أفضل ممن سيخلف أوباما ليبرم الاتفاق.

وقال بايدن للصحفيين عقب اجتماعه مع نتنياهو خلال زيارة لإسرائيل "نحن ملتزمون بأن نضمن أن تكون إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها في مواجهة كل التهديدات الخطيرة والاحتفاظ بتفوقها الكيفي مع كم كاف لتحقيق ذلك." وقال بايدن إن "الجيرة الصعبة جدا جدا.. الجيرة الصعبة والمتغيرة" المحيطة بإسرائيل تحتم هذه المساعدة وأضاف أن أوباما "اتخذ من الإجراءات لدعم أمن إسرائيل أكثر مما اتخذته أي إدارة أخرى في التاريخ." ولم يتحدث بايدن صراحة عن الاتفاق الخاص بمساعدات الدفاع الأمريكية المستقبلية الذي يطلق عليه اسم (مذكرة التفاهم). بحسب رويترز.

وقال موظفون في الكونجرس إن بايدن سيبحث الاتفاق خلال زيارته لإسرائيل ووصفوا نائب الرئيس بأنه المسؤول الوحيد في الإدارة الأمريكية القادر على التوصل إلى اتفاق نظرا لعلاقة نتنياهو المتوترة مع أوباما. ويسافر وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون إلى واشنطن لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي آشتون كارتر. وقال مساعدو يعلون إنه سيحاول تحقيق تقدم بشأن مذكرة التفاهم. وفي مقابلة مع راديو إسرائيل لم يشر يعلون إلى مذكرة التفاهم وقال "هناك مجالات نعرف كيف نتمسك فيها بمصالحنا الأمنية حتى حين تطرح صديقتنا العظيمة (الولايات المتحدة) عروضا لا تناسبنا."

من جانب اخر وجه نائب الرئيس الاميركي جو بايدن انتقادا ضمنيا للقادة الفلسطينيين لعدم ادانتهم الهجمات ضد الاسرائيليين، وذلك تعليقا على اعمال العنف. وقال بايدن بعد لقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو "الولايات المتحدة الاميركية تدين هذه الاعمال". وتابع "هذا النوع من العنف الذي شهدناه بالامس، والفشل في ادانته، والخطاب الذي يحض على العنف والانتقام الذي ينجم عنه، يجب ان يتوقف".

ووقعت ست هجمات منفصلة قبل وبعد وصول بايدن في زيارة تستغرق يومين الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية، بما في ذلك قيام شاب فلسطيني بطعن سائح اميركي في تل ابيب ما ادى الى مقتله. وتشهد الاراضي الفلسطينية المحتلة واسرائيل منذ بداية تشرين الاول/اكتوبر موجة من المواجهات واعمال العنف والعمليات التي اسفرت عن مقتل 188 فلسطينيا بينهم عربي اسرائيلي و28 اسرائيليا واميركيين اثنين واريتري وسوداني، ومعظم القتلى الفلسطينيين نفذوا او حاولوا تنفيذ هجمات ضد اسرائيليين. وتقول اسرائيل ان التحريض الذي يقوم به مسؤولون فلسطينيون ووسائل الاعلام هو السبب الرئيسي لاعمال العنف. ويشعر الفلسطينيون بالاحباط مع استمرار الاحتلال الاسرائيلي وتكثف الاستيطان وجمود عملية السلام وتعثر الجهود الدولية لازالة التوتر.

الدفاع الصاروخي

على صعيد متصل اجرت اسرائيل والولايات المتحدة اختبارا لنظام الدفاع الصاروخي البالستي (أرو 3)، بحسب ما ذكرت وزارة الدفاع الاسرائيلية، الا ان الاعلام المحلي قال انه تم وقف الاختبار قبل اكتماله. وصرحت الوزارة في بيان انه "تم اطلاق صاروخ بنجاح واعترضه نظام ارو للاسلحة في اطار برنامج اختبار مشترك"، دون ان تكشف عن مزيد من التفاصيل.

ونقل موقع صحيفة جيروزاليم بوست عن مسؤول في وزارة الدفاع قوله ان الاختبار "لم يكن ناجحا او فاشلا". واوضح يائر راماتي للصحيفة "الجزء الاول من الاطلاق كان يشتمل على رصد الصاروخ المستهدف الذي اطلق فوق البحر المتوسط باتجاه اسرائيل" في محاكاة لهجوم على الاجواء الاسرائيلية. الا انه تقرر في منتصف الاختبار عدم اطلاق صاروخ ارو 3 الاعتراضي لان ظروف الاطلاق لم تكن مناسبة، بحسب راماتي.

واكد ان "هذه ليست المرة الاولى التي لا تكون فيها جميع الظروف مواتية للتجربة". واجرى البلدان تجارب مشابهة في ايلول/سبتمبر وكانون الثاني/يناير وفي 2013 بينما كانت واشنطن تدرس احتمال شن عمل عسكري ضد سوريا. وتمكن نظام ارو الدفاعي الصاروخي البالستي، المصمم لاعتراض الصواريخ الطويلة الامد، من اعتراض صواريخ مشابهة لصاروخ شهاب-3 الايراني في مختلف ظروف الاختبار. بحسب فرانس برس.

وتعمل اسرائيل على تطوير قدراتها الصاروخية الدفاعية للدفاع عن نفسها في مواجهة اية صواريخ طويلة او قصيرة المدى. واطلق مشروع ارو اول مرة في 1988 في اطار ما كان يعرف ببرنامج حرب النجوم ابان حكم الرئيس الاميركي رونالد ريغان، الا انه تم التخلي عن البرنامج في 1993. وتتهم اسرائيل عدوتها اللدود ايران بالسعي لتطوير اسلحة نووية وهو ما تنفيه ايران.

اضف تعليق