بعض الديمقراطيين أبدوا قلقهم بشأن ترشيح هاريس، وهو ما يعود جزئيا إلى التاريخ الطويل من التمييز العنصري والنوعي في الولايات المتحدة التي لم تنتخب قط أي امرأة رئيسا حتى الآن على مدى تاريخها الممتد منذ 250 عاما تقريبا. وعلى جانب الاحصاءات، تظهر الاستطلاعات أن أداء هاريس...

اطلقت نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس يوم الثلاثاء في ولاية ويسكونسن ذات الأهمية الكبيرة حملة انتخابية هي الأولى لها كمرشحة للرئاسة بعد أن تعهد عدد كاف من المندوبين بدعمها للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات.

وأصبحت هاريس المرشحة المفترضة للحزب بعد انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي يوم الأحد، بعد أسابيع من التوتر داخل الحزب وإظهار استطلاعات داخلية انهيار شعبيته في السباق أمام منافسه الجمهوري دونالد ترامب.

وأعلنت حملة هاريس أنه بعد أقل من 36 ساعة من تأييد بايدن لها، نجحت هاريس حتى الليلة الماضية في الحصول على دعم أغلبية مندوبي الحزب الذين سيحددون المرشح عن الحزب.

وقالت هاريس في بيان في وقت متأخر من يوم الاثنين "هذا المساء، أنا فخورة بحصولي على الدعم الواسع اللازم لأصبح مرشحة حزبنا... أتطلع إلى قبول الترشيح رسميا قريبا".

وأظهر استطلاع غير رسمي للمندوبين أجرته وكالة أسوشيتد برس أن هاريس حصلت على دعم أكثر من 2500 مندوب، أي أكثر بكثير من عدد 1976 مندوبا اللازم الحصول على أصواتهم للفوز بترشيح الحزب في الأسابيع المقبلة.

ولا يزال بإمكان المندوبين، من الناحية الفنية، تغيير رأيهم ولكن لم يحصل أي شخص آخر على أي أصوات في استطلاع أسوشيتد برس، فيما قال 54 مندوبا إنهم لم يقرروا بعد.

وتمثل رحلة ويسكونسن فرصة أخرى لهاريس (59 عاما) التي شغلت منصب المدعي العام في كاليفورنيا في السابق لإعادة هيكلة مسار حملة الديمقراطيين وإثبات قدرتها على التغلب على ترامب.

وقدمت هاريس لمحة عن خططها لمهاجمة ترامب يوم الاثنين بحديثها عن ماضيها في ملاحقة "المعتدين" و"المحتالين" عندما كانت المدعي العام لسان فرانسيسكو والمدعي العام لكاليفورنيا.

وولاية ويسكونسن من بين ثلاث ولايات حاسمة يطلق عليها اسم حزام الصدأ، بالإضافة إلى ولايتي ميشيجان وبنسلفانيا، والتي تعتبر على نطاق واسع ولايات يجب أن يفوز بها أي مرشح، لكن بايدن كان متأخرا عن ترامب بها في استطلاعات الرأي.

وقال بول كيندريك المدير التنفيذي لمجموعة رست بيلت رايزينج التابعة للحزب الديمقراطي في الولايات الثلاث "هناك مستقلون وشباب لم تكن تعجبهم الخيارات، ولدى هاريس فرصة للفوز بهذه الأصوات". وتجري المجموعة استطلاعات روتينية في الولايات التي تشهد منافسة وحيث يمكن للأصوات التوجه لأي من الحزبين.

تبرعات غير متوقعة

ونجحت هاريس أيضا في جمع تبرعات هائلة لحملتها. وقالت حملتها يوم الاثنين إنها جمعت 81 مليون دولار منذ تنحي بايدن يوم الأحد، وهو ما يقترب من 95 مليون دولار جمعتها حملة بايدن بنهاية يونيو حزيران.

وأنهى مانحون في هوليوود حملة حظر للتبرعات السياسية، بعد أن أعلن مقدمو تبرعات ومشاهير من مغنية الراب كاردي بي إلى الممثلة الحائزة على جائزة الأوسكار جيمي لي كيرتس والمنتجة التلفزيونية شوندا رايمز دعمهم لهاريس.

وفي الوقت نفسه، حاول ترامب وحلفاؤه ربط هاريس ببعض سياسات بايدن التي لا تحظى بشعبية مثل الهجرة.

وقال ستيفن تشيونج المتحدث باسم ترامب "سجل كاملا هاريس الضعيف هو سجل من الفشل التام وعدم الكفاءة المطلقة. سياساتها هي سياسات بايدن، والعكس صحيح".

ويظل السؤال هو ما إذا كانت قادرة على تغيير مسار استطلاعات الرأي في الولايات الرئيسية.

وقال ستة من الديمقراطيين البارزين في ولاية ويسكونسن في مقابلات إن هاريس توفر للحزب الفرصة لإعادة ترتيب الأوراق وتحفيز الناخبين الذين لم يكونوا متحمسين لبايدن أو ترامب.

وقال ديفيد كراولي المدير التنفيذي لمقاطعة ميلووكي إن هاريس، أول أمريكية من أصول أفريقية وجنوب آسيوية تشغل منصب نائب الرئيس، سيساعد أيضا في اجتذاب أصوات الناخبين السود.

ووعدت هاريس بجعل الحق بالإجهاض في صلب حملتها الانتخابية في إطار سعيها للوصول إلى البيت الأبيض. 

وقالت في أول خطاب لها في إطار حملتها الانتخابية، “سنناضل من أجل حق (المرأة) في التحكم بجسدها، مع العلم أنه إذا سنحت الفرصة لترامب فسوف يقر حظرا على الإجهاض في كل ولاية” أميركية.

ولم يأت اختيار ميلووكي في ولاية ويسكنسن المطلة على بحيرة ميشيغان، بالصدفة. فهذه المدينة الواقعة في منطقة البحيرات العظمى استضافت مؤتمر الحزب الجمهوري الأسبوع الماضي الذي تم خلاله اختيار دونالد ترامب رسميا مرشحا لحزبه في الانتخابات. 

وأبرز هذا المؤتمر الذي استمر أربعة أيام سيطرة الرئيس السابق المطلقة على الجمهوريين. واستُقبل الملياردير الذي نجا مؤخرا من محاولة اغتيال استقبال الأبطال في المؤتمر واختير مرشحا رسميا وسط تأييد كبير.

إلى ذلك تشكل ولاية ويسكنسن إحدى الولايات الخمس أو الست التي ستحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر. 

وتقدَّم دونالد ترامب في السباق في هذه الولاية في مواجهة جو بايدن، لكن ما زال من المبكر جدا القول ما إذا كان سيحافظ على تقدمه أمام كامالا هاريس، في حال اختيرت بالفعل مرشحة الحزب الديموقراطي. 

وسيحسم قرار ترشيح هاريس رسميا خلال مؤتمر الحزب الديموقراطي في منتصف آب/أغسطس في شيكاغو. 

وحصلت نائبة الرئيس على دعم مجموعة من حكام الولايات، كان يُنظر إلى بعضهم على أنهم منافسون محتملون وغيرهم من الشخصيات الرفيعة المستوى في الحزب مثل نانسي بيلوسي وهيلاري كلينتون. 

لكن لم يعرب الرئيس السابق باراك أوباما، وزعيما الديموقراطيين في الكونغرس حكيم جيفريز وتشاك شومر عن دعمهم الصريح لها بعد. 

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد انسحابه من السباق الرئاسي لعام 2024 في خطوة مفاجئة وحض الديموقراطيين الاثنين على دعم ترشيح نائبته كامالا هاريس “لهزيمة ترامب”.

وقال بايدن الاثنين في اتصال مع فريق حملته الانتخابية “أريد أن أقول للفريق، ادعموها. إنها الأفضل”.

ويعود الرئيس إلى البيت الأبيض الثلاثاء بعدما عزل نفسه في منزله في ديلاوير بسبب إصابته بكوفيد.

ورأى بيل لاينر، الناشط الديموقراطي الذي التقته وكالة فرانس برس في بنسلفانيا أن ترشيح هاريس بديهي. 

وقال “يجب أن يكون (المرشح) كامالا هاريس”. وأضاف “لأنه إذا لم نختر كامالا هاريس، فسنخسر الانتخابات”.

الوصول إلى البيت الأبيض

وكان انسحاب بايدن أحدث صدمة في سباق للترشح للرئاسة شهد على مدى الأيام العشرة الماضية محاولة اغتيال للرئيس السابق ترامب على يد مسلح خلال تجمع انتخابي لحملته قبل أن يعلن ترشيح زميله المتشدد السناتور جيه. دي. فانس للمنافسة معه على مقعد نائب الرئيس.

وقالت هاريس في بيان "هدفي هو نيل هذا الترشيح والفوز به... سأبذل كل ما في وسعي لتوحيد الحزب الديمقراطي وتوحيد أمتنا وهزيمة دونالد ترامب".

وستضفي هاريس، وهي أمريكية سوداء من أصل آسيوي، حيوية جديدة تماما على السباق مع ترامب (78 عاما) في ظل فرق الأجيال والثقافة. وقالت مصادر لرويترز إن حملة ترامب تستعد لبزوغها المحتمل كمرشحة منذ أسابيع وإنها خططت لمحاولة ربطها بصورة وثيقة بسياسات بايدن بشأن الهجرة والاقتصاد.

وقال بايدن، وهو أكبر رئيس أمريكي سنا شغل المنصب على الإطلاق، إنه سيظل يمارس مهامه حتى تنتهي ولايته في 20 يناير كانون الثاني 2025، وأيد ترشيح هاريس للرئاسة بدلا منه.

ودفع أداء بايدن الكارثي في المناظرة مع ترامب يوم 27 يونيو حزيران العديد من الديمقراطيين إلى مطالبته بالانسحاب، وبدأ أعضاء كبار في الحزب الجمهوري في مطالبته بالاستقالة من منصبه، قائلين إنه إن لم يكن لائقا للترشح، فإنه غير لائق للحكم.

وذكر مصدر مطلع أن هاريس تحدثت مع جوش شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا، وهو مرشح محتمل لمنصب نائب الرئيس، ومع زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز، ومع رئيس كتلة المشرعين السود في الكونجرس ستيفن هورسفورد.

وانسحاب بايدن لا يترك أمام بديله إلا أقل من أربعة أشهر لإطلاق حملة انتخابية. وتلقت هاريس على الفور دعما من ديمقراطيين بارزين، من بينهم منافسون محتملون لها مثل حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم.

وشكك ترامب يوم الاثنين في أحقية تغيير الديمقراطيين للمرشحين، وكانت مزاعم ترامب بأن خسارته في 2020 أمام بايدن جاءت نتيجة للتزوير مصدر إلهام لهجوم السادس من يناير كانون الثاني 2021 على مقر الكونجرس الأمريكي (الكابيتول).

وقال ترامب على موقع (تروث سوشيال) الذي يملكه "سرقوا السباق من بايدن بعد أن فاز به في الانتخابات التمهيدية".

ورغم إظهار الدعم المبكر لهاريس، لم يتوقف الحديث عن عقد مؤتمر مفتوح عندما يجتمع الديمقراطيون في شيكاجو في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس آب.

ولم تعلن رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي والرئيس السابق باراك أوباما عن دعمهما لهاريس رغم أنهما أشادا ببايدن.

كما لم يذكر منافسان محتملان آخران، هما حاكمة ميشيجان جريتشن ويتمر وحاكم كنتاكي آندي بشير، في تصريحاتهما نائبة الرئيس.

ومع دخول الديمقراطيين منطقة مجهولة، قال رئيس اللجنة الوطنية للحزب جيمي هاريسون إن الحزب سيعلن قريبا عن الخطوات التالية في عملية الترشيح.

داعمة قوية لحقوق الإجهاض

فشلت هاريس التي شغلت منصب المدعي العام السابق لولاية كاليفورنيا والعضو السابق في مجلس الشيوخ الأمريكي، في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2020.

وفاز بايدن بالترشح، واختار هاريس لتكون نائبته، وواصل طريقه نحو البيت الأبيض آنذاك وتغلب على ترامب.

وهاريس داعمة قوية لحقوق الإجهاض، وهي قضية تلقى صدى لدى الناخبين الشباب والديمقراطيين الأكثر تحررا.

ومن المتوقع أن تحافظ هاريس إلى حد كبير على نهج بايدن في السياسة الخارجية بشأن ملفات مثل الصين وإيران وأوكرانيا، لكنها قد تتبنى لهجة أكثر صرامة مع إسرائيل بشأن حرب غزة إذا حصلت على ترشيح الحزب الديمقراطي وفازت في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني.

ويقول متحمسون لترشحها إنها ستستقطب أصوات فئات بعينها من الناخبين، وتزيد من دعم السود، وتكشف عن مهارات قوية في المناظرة للدفاع عن الملف السياسي في مواجهة الرئيس السابق ترامب.

لكن بعض الديمقراطيين أبدوا قلقهم بشأن ترشيح هاريس، وهو ما يعود جزئيا إلى التاريخ الطويل من التمييز العنصري والنوعي في الولايات المتحدة التي لم تنتخب قط أي امرأة رئيسا حتى الآن على مدى تاريخها الممتد منذ 250 عاما تقريبا.

وعلى جانب الاحصاءات، تظهر الاستطلاعات أن أداء هاريس ليس أفضل من بايدن أمام ترامب.

وبالمقارنة المباشرة، تعادل كل من هاريس وترامب بنسبة تأييد بلغت 44 بالمئة لكل منهما في استطلاع أجرته رويترز/إبسوس يومي 15 و16 يوليو تموز بعد محاولة اغتيال ترامب في 13 يوليو تموز مباشرة.

وتقدم ترامب على بايدن بنسبة 43 بالمئة مقابل 41 بالمئة في نفس الاستطلاع، رغم أن فارق النقطتين المئويتين لم يكن ذا معنى بالنظر إلى هامش الخطأ البالغ ثلاثة نقاط في الاستطلاع.

وجمعت حملة بايدن 95 مليون دولار بحلول نهاية يونيو حزيران، وفقا لإفصاح للجنة الانتخابات الاتحادية. وأنهت حملة ترامب الشهر بجمع 128 مليون دولار.

ويختلف خبراء في قوانين تمويل الحملات الانتخابية حول مدى سهولة تحويل هذه الأموال إلى حملة هاريس.

وقال متحدث باسم حملة هاريس يوم الاثنين إن الحملة جمعت 49.6 مليون دولار منذ انسحاب بايدن.

صفحة جديدة في تاريخ الولايات المتحدة

بعدما أصبحت أول امرأة وأول شخص أسود يتولى منصب نائب الرئيس الأميركي، قد تكتب كامالا هاريس صفحة جديدة في تاريخ الولايات المتحدة بعدما حصلت على دعم جو بايدن إثر انسحابه من السباق الرئاسي فضلا عن شخصيات ديموقراطية بارزة، لتصبح المرشحة الديموقراطية.

وفي كانون الثاني/يناير 2021 أصبحت هاريس أول شخص لديه أصول آسيوية يتولّى منصب نائب الرئيس.

وقال عنها الرئيس الديموقراطي في آذار/مارس 2023 “لقد حطّمت السقف الزجاجي مرة تلو الأخرى”.

وروت نائبة الرئيس البالغة 59 عاماً أنّها غالباً ما شاركت وهي طفلة في تظاهرات تنادي بالحقوق المدنية إلى جانب والدها الجامايكي أستاذ الاقتصاد الجامعي ووالدتها الهندية الباحثة المتخصّصة بسرطان الثدي.

واستمدّت المدّعية العامة السابقة من طفولتها ذكرى سمحت ببروزها خلال مناظرة في إطار الانتخابات التمهيدية الديموقراطية في 2019.

يومها، حملت هاريس، المولدة في أوكلاند، بقوة على بايدن بسبب معارضته قبل سنوات كثيرة إقرار قانون يزيل بعض تدابير الفصل العنصري ويقوم على نقل بعض الأطفال إلى مدارس بعيدة بالحافلة، وقد استفادت منها شخصياً.

وقالت يومها “الطفلة (في الحافلة) هي أنا”.

لفت كلامها هذا الانتباه لكنه لم يسمح لها بالفوز بترشيح الحزب الديموقراطي وقد انسحبت من السباق حتى قبل بدء الانتخابات التمهيدية.

إلا أنّ بايدن استدعاها لتكون نائبة له ما عرضه لهجمات من منافسه الجمهوري دونالد ترامب.

في 2020 وصف الرئيس الجمهوري السابق كامالا هاريس بأنها “وحش” و”أمرأة غضوبة” وهي ألفاظ تحمل في طيّاتها بُعداً عنصرياً وصوراً نمطية عن المرأة السوداء.

 وبعد أداء بايدن الكارثي في المناظرة مع ترامب في 27 حزيران/يونيو 2024، عاد المرشح الجمهوري البالغ 78 عاماً ليشنّ الهجمات عليها.

ويسعى ترامب دائماً إلى اختيار ألقاب ساخرة لنائبة الرئيس، إذ أطلق عليها لقب “كامالا الضحوكة” (لافين كامالا) في إشارة إلى ضحكتها الصاخبة.

وانتقد فريق حملة ترامب الأحد هاريس، قائلا إنها ستكون “أسوأ” من الرئيس المنتهية ولايته.

وهاريس خريجة جامعة هاورد التي تأسّست في واشنطن لاستقبال الطلاب السود في خضمّ الفصل العنصري، وهي فخورة بمسيرتها التي تجسّد الحلم الأميركي.

وبعدما كانت مدعية عامة في سان فرنسيسكو لولايتين بين العامين 2004 و2011، انتُخبت مرتين مدعية عامة لولاية كاليفورنيا بين العامين 2011 و2017 قبل أن تصبح أول امرأة وأول شخص أسود يدير الأجهزة القضائية في أكثر ولايات البلاد تعداداً للسكان.

وانتُقدت لقمعها الصارم للجرائم الصغيرة والذي أثّر خصوصاً، بحسب منتقديها، على الأقليات.

وفي كانون الثاني/يناير 2017، أدّت اليمين عضواً في مجلس الشيوخ في واشنطن حيث أصبحت أول امرأة لديها أصول من جنوب آسيا وثاني سناتورة سوداء في تاريخ البلاد.

وبعد انتخابها نائبة للرئيس أهدت خطابها إلى “فتيات أميركا الصغيرات”.

في 2022، دافعت كامالا هاريس بزخم عن حقّ الإجهاض الذي عادت عنه المحكمة العليا.

وقالت في آذار/مارس 2023 “بعض القادة الجمهوريين يحاولون استغلال القانون ضدّ النساء. كيف يجرؤون على ذلك؟ كيف يجرؤون على القول لامرأة ما يمكنها القيام به وما لا يمكنها القيام به على صعيد جسدها؟”

وأعطى هذا التصريح القوي والحملة النشطة التي تقودها منذ سنة عبر البلاد دفعاً جديداً لهاريس.

وقد ارتكبت هاريس في مطلع ولايتها هفوات على صعيد مسائل حساسة في مجال الدبلوماسية والهجرة.

ورأت الصحافة الأميركية أحياناً أنّها تفتقر إلى الهامة وهو أمر يعزوه انصارها إلى صور نمطية تمييزية حيال النساء.

واضطرت مجلة “فوغ” إلى أن تدافع عن اختيارها بعيد الانتخابات، على غلافها صورة لنائبة الرئيس وهي ترتدي حذاء رياضيا بدلا من صورة رسمية أكثر تبرز منصبها ومهامها.

إلا أنّ هاريس تحرص على إبراز صورة المرأة البعيدة عن التكلف، يساعدها في ذلك زوجها المحامي اليهودي داغ امهوف.

فعلى شبكات التواصل الاجتماعي يتظاهر الزوجان أنهما يتشاجران بشأن كرة السلة فهو من أنصار لوس أنجليس ليكرز فيما تدعم هاريس سان فرانسيسكو واريورز.

وتعشق كامالا هاريس الملقبة “مومالا” في عائلتها، الطبخ. فخلال زيارة رسمية لباريس، خصصت بعض الوقت لشراء طناجر نحاسية.

سياسات هاريس الخارجية

من المتوقع أن تحافظ نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس إلى حد كبير على نهج الرئيس جو بايدن في السياسة الخارجية إزاء ملفات مثل الصين وإيران وأوكرانيا، لكنها قد تتبنى لهجة أكثر صرامة مع إسرائيل بشأن حرب غزة إذا حصلت على ترشيح الحزب الديمقراطي وفازت في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني.

وباعتبارها المرشحة الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب بعد انسحاب بايدن من السباق ودعمه لها يوم الأحد، ستجلب هاريس خبرات اكتسبتها في أثناء العمل وعلاقات شخصية مع قادة من حول العالم وإلماما بقضايا عالمية اكتسبته خلال عضويتها في مجلس الشيوخ وموقعها نائبة لبايدن حتى الآن.

لكن بخوضها الانتخابات ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب سيكون لديها أيضا نقطة ضعف كبيرة، وهي الوضع المضطرب على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك الذي أربك بايدن وأصبح قضية رئيسية في حملته الانتخابية.

وجرى تكليف هاريس في بداية فترة ولايته بمعالجة الأسباب الجذرية لارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية وسعى الجمهوريون إلى تحميلها تبعات المشكلة.

وفيما يتعلق بمجموعة من الأولويات العالمية، قال محللون إن رئاسة هاريس ستشبه ولاية ثانية لبايدن.

وأوضح آرون ديفيد ميلر المفاوض السابق في الشرق الأوسط لإدارات ديمقراطية وجمهورية "قد تكون لاعبا أكثر نشاطا، لكن هناك شيئا واحدا لا ينبغي أن تتوقعه، وهو أي تحولات كبيرة فورية في جوهر سياسة بايدن الخارجية".

فعلى سبيل المثال، أشارت هاريس إلى أنها لن تحيد عن دعم بايدن القوي لحلف شمال الأطلسي وستواصل دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا. ويتناقض هذا بشكل حاد وسط تعهد الرئيس السابق ترامب بإجراء تغيير جذري في علاقة الولايات المتحدة مع التحالف والشكوك التي أثارها بشأن إمدادات الأسلحة المستقبلية إلى كييف.

وإذا نجحت هاريس في الفوز بترشيح الحزب هذه المرة، يأمل الديمقراطيون أن تكون أكثر قدرة على الترويج لسياسات برنامجها الانتخابي الخارجية.

وفي النصف الثاني من رئاسة بايدن، عززت هاريس، وهي أول نائبة رئيس أمريكي تنحدر من أصول أفريقية وآسيوية في البلاد، مكانتها في قضايا تتنوع من الصين وروسيا إلى غزة وأصبحت شخصية معروفة لدى العديد من زعماء العالم.

وفي مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام ألقت خطابا شديد اللهجة انتقدت فيه روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا وتعهدت باحترام الولايات المتحدة "الصارم" لمتطلبات المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي المتعلقة بالدفاع المتبادل.

وقال الكرملين يوم الاثنين إن هاريس لم تقدم أي مساهمة ملحوظة في العلاقات مع موسكو باستثناء تصريحات "غير ودية تجاه بلادنا". واتهمت روسيا بشن حرب "همجية وغير إنسانية" في أوكرانيا.

وفيما يتعلق بالصين، أبقت هاريس نفسها منذ فترة طويلة ضمن التيار السائد بين الحزبين في واشنطن بشأن حاجة الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ الصين، خاصة في آسيا.

ويقول محللون إنها من المرجح أن تحافظ على موقف بايدن المتمثل في مواجهة بكين عند الضرورة بينما تسعى أيضا إلى إيجاد مجالات التعاون.

وقامت هاريس بعدة رحلات تهدف إلى تعزيز العلاقات في منطقة آسيا المهمة اقتصاديا، منها رحلة إلى جاكرتا في سبتمبر أيلول لتنوب عن بايدن في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). وخلال الزيارة، اتهمت هاريس الصين بمحاولة إجبار جيرانها الأصغر على مزاعم سيادتها على مناطق في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.

وأرسل بايدن هاريس في زيارات لتعزيز تحالفات مع اليابان وكوريا الجنوبية اللتين يساورهما القلق إزاء التزام ترامب بأمنهما.

وقال موراي هيبرت الباحث في برنامج جنوب شرق آسيا في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية "لقد أظهرت للمنطقة أنها متحمسة لتعزيز تركيز بايدن على منطقة المحيطين الهندي والهادي".

وأضاف أنها لم تكن قادرة على مضاهاة "المهارات الدبلوماسية" التي اكتسبها بايدن على مدى عقود، لكنها "قامت بعمل جيد".

ومع ذلك، كان لهاريس مثلها مثل بايدن زلات لسان في بعض الأحيان. وقالت عبارة "التحالف الأمريكي مع جمهورية كوريا الشمالية" بينما كانت تؤكد دعم واشنطن لسول خلال جولة بالمنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين الجنوبية والشمالية في سبتمبر أيلول 2022، وهو ما صححه مساعدوها لاحقا.

وإذا حملت هاريس لواء حزبها واستطاعت التغلب على تقدم ترامب في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، فسيحتل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مكانة متقدمة على جدول أعمالها وخاصة إذا ظلت حرب غزة مستعرة.

ورغم أنها أيدت بايدن، كونها نائبته، في دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعدما شنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول، فقد سبقت الرئيس أحيانا في انتقاد النهج العسكري لإسرائيل.

وقالت في مارس آذار إن إسرائيل لا تفعل ما يكفي لتخفيف "الكارثة الإنسانية" التي وقعت خلال اجتياحها البري لغزة. ولم تستبعد في وقت لاحق من ذلك الشهر ما ستشهده إسرائيل من "عواقب" إذا اجتاحت رفح المكتظة بالنازحين في جنوب القطاع.

ويقول محللون إن مثل هذه اللهجة أثارت احتمالا بأن أقل ما ستتبناه هاريس هو لهجة أقوى من بايدن تجاه إسرائيل إذا تولت الرئاسة.

وبينما يتمتع رئيسها (81 عاما) بتاريخ طويل مع سلسلة من القادة الإسرائيليين لدرجة أنه وصف نفسه بأنه "صهيوني"، تفتقر هاريس (59 عاما) إلى هذا الارتباط الشخصي الشديد بإسرائيل.

وهي تحافظ على علاقات أوثق مع التقدميين الديمقراطيين الذين ضغط بعضهم على بايدن لفرض شروط على شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل بسبب القلق من ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين من المدنيين في صراع غزة.

لكن المحللين لا يتوقعون تحولا كبيرا في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.

وقالت هالي سويفر، التي كانت مستشارة هاريس للأمن القومي من 2017 إلى 2018 عندما كانت في الكونجرس، إن هاريس كانت تدعم إسرائيل بنفس قوة بايدن.

وأضافت "لا يوجد فرق يذكر" بين الاثنين.

ومن المتوقع أن تعقد هاريس خلال الأيام المقبلة اجتماعا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته لواشنطن، وهو أول لقاء لها مع زعيم أجنبي منذ انسحاب بايدن من السباق الرئاسي.

ومن المتوقع أيضا أن تحافظ هاريس على ثباتها في مواجهة إيران، العدو اللدود لإسرائيل في المنطقة، والتي أثارت تطوراتها النووية الأخيرة إدانة أمريكية متزايدة.

وقال جوناثان بانيكوف، النائب السابق لمسؤول المخابرات الوطنية لشؤون الشرق الأوسط، إن تهديد "التسليح" المتزايد المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني ربما يمثل تحديا كبيرا مبكرا لإدارة هاريس، لا سيما إذا قررت طهران اختبار الزعيمة الأمريكية الجديدة.

وبعد سلسلة من المحاولات الفاشلة، لم يبد بايدن اهتماما يذكر بالعودة إلى المفاوضات مع طهران للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي انسحب منه ترامب خلال فترة رئاسته.

ومن المستبعد أن تقوم هاريس، كرئيسة، بأي مبادرات كبيرة بدون وجود إشارات جدية على أن إيران مستعدة لتقديم تنازلات.

وحتى إن حدث ذلك، قال بانيكوف، الذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن "كل الأسباب تجعلنا نعتقد أن الرئيس القادم مضطر للتعامل مع إيران. من المؤكد أنها واحدة من أكبر المشكلات".

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس

اضف تعليق