الرياض (رويترز) - يُنبئ صغر السن نسبيا للأميرين اللذين سيخلفان الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل السعودية والنفوذ الذي لم يسبق له مثيل الذي يتمتعان به أنهما سيهيمنان على الأرجح على المشهد السياسي في المملكة لعشرات السنين الأمر الذي يضع العلاقة المحورية بين الأميرين تحت المجهر على نحو متزايد.
وسيخلف ولي العهد الأمير محمد بن نايف (56 عاما) ثم ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (30 عاما) الملك سلمان (79 عاما) في حكم أكبر مصدر للنفط في العالم في وقت تواجه فيه المملكة اضطرابات إقليمية وتراجعا حادا في أسعار النفط.
ويقول من حضروا اجتماعات بين الأميرين ابني العمومة إن تعاملاتهما العلنية يسودها الوئام والاحترام لكن مثل هذه الروايات أخفقت في تهدئة شكوك تساور بعض السعوديين عن أن هذا المظهر الودي فيما يبدو يخفي علاقة شكسة.
والأمير محمد بن نايف الأكبر سنا شخصية لها باع طويل في الحياة السياسية في السعودية ويحظى باحترام واسع أما الأمير الأصغر فخبرته قليلة نسبيا لكنه الابن الأثير للملك.
وبالرغم من أن السعوديين اعتادوا على بعض التحزب بين أمراء الأسرة الحاكمة الذين يعدون بالمئات يقول كثير من السعوديين المطلعين على بواطن الأمور إن العلاقة بين الرجلين ببساطة حساسة بدرجة لا تسمح بمناقشتها في العلن. في نفس الوقت أقر البعض بأنه سمع عن خلافات مستترة لكنه رفض أن يكون أكثر تحديدا.
والأسبوع الماضي عزل الملك سلمان سعد الجبري أحد معاوني ولي العهد من منصبه كوزير للدولة في خطوة لم يصدر تفسير رسمي لها وأدت إلى تكهنات بين السعوديين ودبلوماسيين في منطقة الخليج بأنها تعكس توترا أوسع نطاقا بين النخبة الحاكمة.
ولم يصدر أي تعليق رسمي لشرح سبب عزل الجبري.
ونادرا ما كان للوئام والاستقرار في القيادة العليا ما لهما الآن من أهمية للمملكة وهي تحاول اجتياز اضطرابات إقليمية ومواجهة الآثار الاقتصادية لانهيار أسعار النفط وفي الوقت نفسه إدارة التغيير في صفوف القيادة.
ومنذ تولى السلطة في يناير كانون الثاني قلب الملك سلمان التوقعات عن الكيفية التي ستدير بها السعودية شؤونها رأسا على عقب فغير ولي العهد وولي ولي العهد وبدأ عملية عسكرية في اليمن وأقر استراتيجية نفطية دفعت الأسعار للانخفاض.
ويعزى هذا النهج الجديد فيما يبدو للأميرين اللذين يسيطران فيما بينهما على معظم أدوات السلطة عن طريق لجنتين حكوميتين تختصان بالأمن والاقتصاد في الوقت الذي تم فيه تحييد معظم أعضاء أسرة آل سعود الآخرين.
كان مراقبون قد بشروا بانتهاء العقد السابق واطلاق سياسات جديدة أكثر فاعلية بعد سنوات من الجمود واستندوا في ذلك إلى الصلاحيات التي يتمتع بها الأميران.
* المشهد السياسي على مستوى الأسرة
ويعني تصدر الأميرين للمشهد السياسي السعودي أن أي تغييرات في المستويات العليا من الحكومة خاصة تلك التي تتعلق بأفراد من عائلة آل سعود أو مساعدين مقربين من الأميرين ستحظى بمتابعة لصيقة.
ومن بين هذه الأحداث عزل الجبري الذي وصفه دبلوماسيون أمريكيون في برقية من السفارة في الرياض عام 2006 نشرت فيما بعد ضمن برقيات ويكيليكس إنه مستشار للأمير محمد بن نايف في عدد من القضايا وواحد من أبرز مساعديه.
وإذا ما أطيح على سبيل المثال بخالد الحميدان -المساعد البارز الآخر لولي العهد- الذي عين رئيسا للمخابرات في يناير كانون الثاني فربما تنمو التكهنات عن وجود خلافات في القيادة وتكثر الشائعات عن تغييرات جديدة في ولاية العهد.
وأدت خلافات أسرية إلى إسقاط دولة سعودية في ثمانينات القرن التاسع عشر وساهمت جهود الملك سعود لقصر خلافته على العرش على أبنائه واستبعاد أشقائه وأبنائهم في إجباره على ترك الحكم عام 1962 ولذلك فإن مثل هذه الأمور تحظى بمتابعة حثيثة.
والتوترات بين الأجنحة المختلفة داخل أسرة آل سعود أمور تلفها السرية التامة في العادة ويجري تناولها في الأحاديث الخاصة وتنفى في العلن فيما يحرص آل سعود على إظهار الوحدة وهو نهج تكون له أثار سلبية أحيانا لأنه يتيح الفرصة لاذكاء التكهنات.
* الخبرة والشباب
وهناك أحاديث مطمئنة عن الهيكل الجديد للسلطة.
يقول خالد المعينا رئيس تحرير صحيفة سعودي جازيت اليومية التي تصدر بالانجليزية "أعتقد أنها علاقة عمل جيدة. فالضرورة تحتمها. ومحمد بن نايف شخص يحظى باحترام كبير وفي هذا المجتمع قدر كبير من المراعاة للسن."
وولي العهد الأمير محمد بن نايف الذي يشغل أيضا منصب وزير الداخلية منذ عام 2013 تربطه صلات وثيقة بواشنطن وقد سحق نشاط تنظيم القاعدة اثناء إدارة الأمن الداخلي قبل نحو عشر سنوات ونجا بأعجوبة من محاولة اغتيال نفذها انتحاري عام 2010.
وبوصفه رئيسا للجنة الأمنية فهو يشرف على أغلب القضايا السياسية بما في ذلك كل ما له علاقة بالاستقرار الداخلي للمملكة أو وضعها الإقليمي ودعمها للمعارضة السورية.
وعندما عينه الملك سلمان وليا لولي العهد عندما تولى الحكم في يناير كانون الثاني ثم رفعه درجة أخرى في ابريل نيسان ليصبح وليا للعهد لم يكن في ذلك مفاجأة حقيقية نظرا للمكانة الرفيعة لوزير الداخلية وما سبق ذلك من تعيينات على مستوى القيادات العليا.
أما الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد فقد كان صعوده على النقيض من ذلك صاروخيا منذ أصبح والده ملكا على البلاد ورقاه من رئيس للديوان إلى وزير للدفاع ثم إلى ولي ولي العهد متجاوزا عشرات من الأعمام وأبناء العمومة.
وهو يتولى رئاسة مجلس مكلف بالتعامل مع تحديات التنمية الاقتصادية في الأجل الطويل مثل التحديات التي يفرضها انخفاض عائدات النفط ويشرف من الناحية النظرية على السياسات المالية والنقدية والتعليمية وسياسات الطاقة.
وهذا التقسيم الواضح للمسؤوليات وفارق السن بين الاثنين وعدم وجود أولاد للأمير محمد بن نايف كل ذلك يعني أنه لن يكون هناك بالضرورة تنافس مباشر على السلطة بين الاثنين إذ أن محمد بن سلمان يمكن أن يحكم طويلا بعد ابن عمه.
وقال مصدر سعودي رفض نشر اسمه "الأغلبية العظمى من الأسرة مستقرة. والأمراء أصحاب النفوذ يشعرون بالرضا."
اضف تعليق