الاشتباكات التي امتدت إلى مناطق أخرى في السودان هي الأولى في الخرطوم منذ عقود، ووضعت القوات المسلحة في مواجهة مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية القوية. ويشغل الرجلان على الترتيب أعلى منصبين في مجلس السيادة الحاكم وهما رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس. وينذر الصراع بخطر حرب أهلية...
بحسب حصيلة نشرتها لجنة الأطباء المركزية، وهي جماعة نشطاء غير حكومية، قُتل ما لا يقل عن 97 مدنيا وأصيب 365 بجروح منذ اندلاع القتال في ساعة مبكرة صباح يوم السبت. ولم تنشر الحكومة أي حصيلة.
وقال مراسل لرويترز إن دوي القصف وأصوات الضربات الجوية ترددت في الخرطوم على مدى ساعتين في وقت مبكر من صباح يوم الاثنين قبل أن تهدأ الضربات المكثفة لكن دوي نيران المدفعية استمر.
والاشتباكات التي امتدت إلى مناطق أخرى في السودان هي الأولى في الخرطوم منذ عقود، ووضعت القوات المسلحة في مواجهة مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية القوية. ويتولى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان منصب القائد العام للقوات المسلحة ويقود الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي قوات الدعم السريع، ويشغل الرجلان على الترتيب أعلى منصبين في مجلس السيادة الحاكم وهما رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس.
وينذر الصراع على السلطة بخطر وقوع السودان في براثن حرب أهلية بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة، فضلا عن عرقلة الجهود المدعومة دوليا لإطلاق عملية انتقالية نحو الحكم المدني، والتي كان مقررا التوقيع على الاتفاق الخاص بها في وقت سابق هذا الشهر.
وتحدث مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي عن إطلاق نار كثيف وقصف مدفعي في أنحاء الخرطوم، ووردت أنباء عن إطلاق نار في مدينة أم درمان الواقعة على الضفة الأخرى لنهر النيل من الخرطوم.
وأثناء الليل، أبلغ السكان عن دوي قصف مدفعي وهدير طائرات حربية في منطقة كافوري في بحري التي توجد بها قاعدة لقوات الدعم السريع وتجاور الخرطوم أيضا.
واندلع القتال يوم السبت في أعقاب اشتداد الخلاف حول دمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش. وتسبب الخلاف حول الجدول الزمني لعملية الدمج في تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع القوى المدنية حول الانتقال إلى الديمقراطية بعد انقلاب عسكري عام 2021.
ويوم الأحد، بدا أن الجيش كان له اليد العليا في القتال في الخرطوم باعتماده على الضربات الجوية لقصف قواعد قوات الدعم السريع.
ويقول شهود وسكان إن انتشار الآلاف من أفراد قوات الدعم السريع المدججين بالسلاح داخل أحياء الخرطوم ومدن أخرى يمثل مشكلة كبيرة.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في السودان إن البرهان وحميدتي وافقا على اقتراحها بوقف القتال لمدة ثلاث ساعات يوم الأحد من الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي (1400 إلى 1700 بتوقيت جرينتش) للسماح بعمليات الإجلاء الإنسانية، لكن لم يتلزم الطرفان بالاتفاق بقدر كبير بعد فترة وجيزة من الهدوء النسبي.
وقالت القوات المسلحة إنها لن تتفاوض مع قوات الدعم السريع ما لم ينفذ قرار حلها، ووصف حميدتي يوم السبت البرهان بأنه "مجرم و كاذب".
ودعت الولايات المتحدة يوم الاثنين إلى وقف إطلاق النار في السودان الذي تشهد عاصمته الخرطوم أعمال قصف لليوم الثالث على التوالي ضمن مواجهات دامية بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، وهي المواجهات التي تهدد انتقال البلاد إلى الحكم المدني.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنه يجب وقف إطلاق النار على الفور، وأضاف أن المجتمع الدولي يشاركه في هذا الرأي.
وقال بلينكن على هامش اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في اليابان "هناك قلق عميق مشترك تجاه القتال والعنف الدائر في السودان، التهديد الذي يمثله على المدنيين والذي يشكله للأمة السودانية ويحتمل أن يشكله حتى على المنطقة".
ودعا بلينكن كل من البرهان ودقلو إلى ضمان حماية المدنيين.
وكثف جيران السودان والجهات الدولية يوم الأحد جهودهم الرامية إلى إنهاء العنف الذي اندلع في شهر رمضان. وعرضت مصر الوساطة، وقال مكتب الرئيس الكيني وليام روتو على تويتر إن منظمة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) الأفريقية تخطط لإيفاد رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي إلى السودان في أقرب وقت ممكن للتوسط بين الطرفين المتناحرين.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الأحد إنه علق مؤقتا جميع عملياته في السودان بعد مقتل ثلاثة من موظفيه السودانيين خلال قتال في شمال دارفور وتضرر طائرة تابعة للبرنامج في اشتباك بالأسلحة النارية في مطار الخرطوم.
وشهد السودان ارتفاعا في معدلات الجوع في السنوات الأخيرة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية. ويقول برنامج الأغذية العالمي إن عملياته شملت 9.3 مليون شخص في السودان، وهي إحدى أكبر عملياته على مستوى العالم.
وضع صعب في المستشفيات
وتم اخلاء مستشفيين على الأقل في الخرطوم "فيما اخترق الرصاص والقذائف جدرانهما"، بحسب ما أعلن أطباء قالوا إنه لم تعد لديهم أكياس دم ولا مستلزمات طبية لعلاج المصابين.
وتنتشر رائحة البارود منذ السبت في العاصمة وترتفع أعمدة دخان أسود كثيف في سمائها. ولازم السكان منازلهم، وسط انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن المنازل.
وأعلنت نقابة أطباء السودان المستقلة والمؤيدة للديموقراطية الاثنين مقتل ما لا يقلّ عن 97 مدنيا، سقط 56 منهم السبت و41 الأحد، ونصف القتلى تقريبا في العاصمة السودانية.
وأوضحت النقابة في بيان أن "365 شخصا أصيبوا" بجروح.
وسبق للنقابة أن أشارت إلى أن حصيلة القتلى في صفوف المقاتلين تعدّ ب"العشرات"، لكنّ أيا من الطرفين لم يعلن عن خسائره البشرية.
وينتشر مقاتلون باللباس العسكري مدجّجون بالأسلحة في شوارع العاصمة التي تملأها أيضا الآليات العسكرية.
وكان التوتر كامنا منذ أسابيع بين البرهان ودقلو المعروف بـ"حميدتي" اللذين أطاحا معا بالمدنيين من السلطة خلال انقلاب في تشرين الأول/أكتوبر 2021، قبل أن يتحوّل خلافهما السياسي على السلطة خصوصا، الى مواجهات السبت.
وتتواصل المعارك بالأسلحة الثقيلة في مناطق عدة في البلاد، فيما تدخّل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقار لقوات الدعم السريع، القوة التي كانت معروفة بـ"الجنجويد" في عهد عمر البشير، وقاتلت الى جانب قواته في إقليم درافور، قبل أن تتحوّل الى قوة رديفة للجيش بعد الإطاحة بالبشير وتقاسم السلطة بين العسكر والمدنيين لوقت قصير.
وعلى تويتر كتبت قوات حميدتي بالانكليزية إن "البرهان يقصف المدنيين من الجو، ونحن مستمرون في القتال وسوف نقدمه للعدالة".
ويصعب تشخيص الوضع على الأرض. فقد أعلنت قوات الدعم السريع أنها سيطرت على المطار السبت، الأمر الذي نفاه الجيش. وقالت إنها دخلت القصر الرئاسي، لكن الجيش ينفي ذلك أيضا ويؤكد أنه يسيطر على المقر العام لقيادته العامة، أحد أكبر مجمعات السلطة في الخرطوم.
أما التلفزيون الرسمي فيؤكد كل من الطرفين السيطرة عليه. لكن سكانا في محيط مقر التلفزيون يؤكدون أن القتال متواصل في المنطقة، فيما تكتفي المحطة ببث الأغاني الوطنية على غرار ما حصل خلال انقلاب 2021.
وفيما لا يرتسم في الأفق أي وقف لإطلاق النار، دقّ الأطباء والعاملون في المجال الإنساني ناقوس الخطر. فبعض الأحياء في الخرطوم محرومة من التيار الكهربائي والمياه منذ السبت.
وحذّرت متاجر البقالة القليلة التي لا تزال مفتوحة من أنها لن تصمد أكثر من أيام قليلة إذا لم تدخل شاحنات المؤن إلى العاصمة.
وأكد أطباء انقطاع التيار عن أقسام الجراحة، فيما أفادت منظمة الصحة العالمية أن "عددا من مستشفيات الخرطوم التسعة التي تستقبل المدنيين المصابين، تعاني من نفاد وحدات الدم ومعدات نقل الدم وسوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات الحيوية".
وقالت نقابة أطباء السودان إن المرضى وبينهم أطفال وأقاربهم لا يحصلون على المياه أو الأغذية، مشيرة إلى أنه لا يمكن إخراج الجرحى الذين عولجوا من المستشفى بسبب الوضع الأمني، ما يؤدي إلى اكتظاظ يعيق تقديم العناية للجميع.
وأصيب يونانيان في الخرطوم فيما يوجد قرابة 15 آخرين داخل الكنيسة الارثوذكسية في الكديمة ولا يستطيعون الخروج منها بسبب المعارك.
وعجزت "الممرات الإنسانية" التي أعلنها الطرفان المتحاربان لمدة ثلاث ساعات بعد ظهر الأحد عن تغيير الوضع، فاستمر سماع إطلاق النار ودوي انفجارات في الخرطوم.
وأعرب موفد الأمم المتحدة الى السودان فولكر بيرتيس الاثنين عن "خيبة أمله الشديدة" من انتهاكات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للهدنة الإنسانية التي كانا وافقا عليها.
وقال في بيان "وقف الأعمال العدائية لأغراض إنسانية الذي التزم به الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لم يتم الوفاء به إلا جزئيا أمس (الأحد). كما أن الاشتباكات اشتدت صباح اليوم (الاثنين)".
للمرة الأولى في الخرطوم
وقرّر برنامج الأغذية العالمي تعليق عمله في السودان بعد مقتل ثلاثة عاملين في البرنامج في إقليم دارفور بغرب السودان السبت، فيما يحتاج أكثر من ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليونا إلى مساعدة إنسانية.
وقالت خلود خير التي أسست مركز الأبحاث "كونفلوينس أدفايزوري" في الخرطوم لوكالة فرانس برس "إنها المرة الأولى في تاريخ السودان منذ الاستقلال (1956) التي يسجل فيها هذا المستوى من العنف في الوسط، في الخرطوم".
وأضافت الخبيرة "تشكّل الخرطوم مركز السلطة التاريخي ولطالما كانت أكثر مناطق السودان أمنا خلال الحروب ضد المتمردين" في دارفور ومناطق أخرى في مطلع الألفية.
وتابعت "اليوم المعارك تدور في أنحاء المدينة"، وفي مناطق ذات كثافة سكانية، "لأن كلا من الطرفين ظنّ أن الكلفة البشرية المرتفعة قد تردع الطرف الآخر. ندرك الآن أن الغلبة كانت للنزاع على السلطة بأي ثمن".
في الضاحية الشمالية للخرطوم، كما في المناطق الأخرى، لم يغمض لأحد جفن طوال ليل الثلاثاء الأربعاء بسبب هدير الطائرات ودوي الضربات الجوية وأصوات المدفعية ومعارك الشوارع بالبنادق الآلية أو الرشاشات الثقيلة.
سكان الخرطوم يحاولون العيش تحت النيران بلا ماء ولا كهرباء في ظل المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع. يغامرون بالخروج بضع دقائق لشراء بعض احتياجاتهم ثم يعودون بأسرع ما يمكن محاولين تجنب القفز فزعا مع دوي كل انفجار...
ولكن في هذا الصباح في الأسبوع الأخير من رمضان، حرص فاروق أحمد على فتح مخبزه رغم الارتفاع الشديد في درجات الحرارة التي اشتدت وطأتها بسبب انقطاع الكهرباء.
قال فاروق أحمد لفرانس برس وهو يوزع الخبر على مواطنين يتعجلون المغادرة لتجنب مخاطر التواجد في الشارع "لم يعد لدينا كهرباء والمياه مقطوعة ولكننا نواصل العمل".
ليس بعيدًا عن المخبز سقط قتلى برصاصات طائشة في المواجهات. وليست الرصاصات وحدها التي يمكن وصفها بأنها طائشة، بل سقطت قذائف بعيدًا عن أهدافها المحتملة في هذه المعركة الحامية بين حليفي الأمس.
يروي سعد أحمد وهو ما زال تحت صدمة الرعب الذي عاشه مساء السبت "سقطت قذيفة على بعد عشرة أمتار من منزلي".
ويضيف أن "إطلاق النيران والانفجارات لا تتوقف" حول منزله لأن قواعد الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تشكلت أثناء الحرب في إقليم دافور، تقع في قلب الأحياء السكنية.
على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يتوقف بث مقاطع فيديو ملتقطة على عجل من نوافذ الشقق للمدرعات والمسلحين ولمعارك الشوارع.
أما سناء أحمد (43 سنة) فتقول إنها تخشى أن يقع الأسوأ الأحد في العاصمة التي تتصاعد منها أعمدة الدخان السوداء.
مثل الجميع في شمال الخرطوم، لديها انطباع بأن الوضع بات أكثر توترا بعد 24 ساعة من الطلقة الأولى التي يتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنها.
وتقول لفرانس برس "منذ الأمس نعيش في رعب. أطفالي مروعون من دوي الانفجارات، وانقطاع المياه والكهرباء يزيد الوضع سوءًا".
يعتقد الخباز فاروق حسن أن الأسوأ لم يأت بعد. إذ لم يعد من الممكن الانتقال بالسيارة بين الخرطوم وضواحيها فالجسور والمحاور الرئيسية إما أغلقها الجيش أو يتعذر استخدامها لأنها مسرح للمعارك.
السبت، عادت القطارات الآتية من أقاليم أخرى الى الخرطوم أدراجها قبيل الوصول الى العاصمة مع تواتر الأنباء عن اندلاع القتال.
من دون وسائل انتقال، ستختفي السلع الغذائية في بلد يعاني من تضخم من ثلاثة أرقام ومن الفقر، الأمر الذي أدى إلى تقليص قدرة صغار التجار على الشراء والتخزين.
ويقول حسن "مخزون الدقيق لدي لن يكفي أكثر من 48 ساعة اذا لم تستطع شاحنات نقل المواد الغذائية التحرك".
الدعم السريع والقوات المصرية
ونشرت قوات الدعم السريع السودانية مقطعا مصورا يوم السبت قالت إنه لقوات مصرية "تسلم نفسها" لها في مدينة مروي بشمال البلاد. وقال الجيش المصري إن قواته موجودة في السودان لإجراء تدريبات مع جنود سودانيين.
وقال حميدتي لشبكة سكاي نيوز عربية إن الجنود المصريين في أمان وإن قوات الدعم السريع ستتعاون مع القاهرة بشأن عودتهم.
وظهر في المقطع المصور عدد من الرجال يرتدون ملابس عسكرية ويجلسون على الأرض ويتحدثون مع أفراد من قوات الدعم السريع باللهجة المصرية. وأفادت تقارير من مصادر مخابراتية، لم يتسن التأكد من صحتها، بأن قوات الدعم السريع استولت على عدة طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية المصرية واحتجزت طياريها إلى جانب أسلحة ومركبات عسكرية سودانية.
وقال الشهود إن اشتباكات اندلعت أيضا بين قوات الدعم السريع والجيش في مدينتي الفاشر ونيالا بدارفور.
ودعت الولايات المتحدة وروسيا ومصر والسعودية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إلى إنهاء الأعمال القتالية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنه بعد مكالمة هاتفية، دعا وزراء خارجية السعودية والولايات المتحدة والإمارات إلى العودة لاتفاق سياسي إطاري بين القوى السياسية المدنية والجيش في السودان.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الأمين العام أنطونيو جوتيريش تحدث مع البرهان وحميدتي ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال المتحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبد الحافظ يوم السبت إن الجيش يتابع عن كثب الوضع في السودان وينسق مع السلطات السودانية المعنية لضمان تأمين القوات المصرية.
وبعد اندلاع اشتباكات في أنحاء البلاد بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، نشرت قوات الدعم السريع مقطعا مصورا يوم السبت قالت إنه لقوات مصرية "تسلم نفسها" لها في مدينة مروي التي تقع في منتصف الطريق تقريبا بين العاصمة الخرطوم وحدود المدينة مع مصر.
وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية في بيان إن قوات مصرية موجودة في السودان لإجراء تدريبات مع جنود سودانيين، مضيفا أن التنسيق يجري مع الجهات المعنية هناك لضمان تأمين القوات المصرية.
وتتعامل مصر منذ فترة طويلة بحذر تجاه التغيرات السياسية في السودان. وتدعم بقوة الجيش السوداني وشجعت في الآونة الأخيرة المفاوضات مع الأطراف السياسية الموالية للجيش وذلك بالتوازي مع خطة لفترة انتقالية استعدادا لانتخابات يطالب بها حميدتي.
وقالت قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان يوم الاثنين إنها ملتزمة بضمان سلامة جميع الأسرى الذين احتجزتهم أثناء القتال الذي تخوضه مع قوات الجيش.
وقالت في بيان "تؤكد قوات الدعم السريع التزامها الكامل بسلامة جميع الأسرى الذين هم بطرفها منذ اندلاع المعارك في يوم السبت الماضي".
لا تفاوض ولا حوار
وقالت القوات المسلحة على صفحتها على فيسبوك "لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة"، في إشارة إلى قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي. وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات الدعم السريع أن يحضروا لوحدات الجيش القريبة، مما قد يؤدي إلى استنزاف صفوف قوات الدعم السريع إذا امتثلوا للأمر.
ووصف حميدتي البرهان بأنه "مجرم وكاذب". ويتنافس الجيش مع قوات الدعم السريع، التي يقدر محللون قوامها بنحو 100 ألف جندي، على السلطة بينما تتفاوض الفصائل السياسية على تشكيل حكومة انتقالية منذ انقلاب عسكري في 2021.
وقال حميدتي في مقابلة أجرتها معه الجزيرة إنهم يعرفون المكان الذي يختبئ فيه البرهان وسيصلون إليه ويسلمونه إلى العدالة أو سيموت "زي أي كلب".
ومن شأن حدوث مواجهة طويلة الأمد بين الجانبين أن تؤدي إلى انزلاق السودان إلى صراع واسع النطاق في وقت يعاني فيه بالفعل من انهيار الاقتصاد واشتعال العنف القبلي ويمكن أيضا أن تعرقل الجهود المبذولة للمضي نحو إجراء انتخابات.
وتأتي الاشتباكات في أعقاب تصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع بشأن دمج تلك القوات شبه العسكرية في الجيش. وأدى الخلاف إلى تأجيل توقيع اتفاق تدعمه أطراف دولية مع القوي السياسية بشأن الانتقال إلى الديمقراطية.
ودعت القوى المدنية، التي وقعت على مسودة لذلك الاتفاق في ديسمبر كانون الأول، الطرفين يوم السبت إلى "وقف العدائيات فورا وتجنيب البلاد شر الانزلاق لهاوية الانهيار الشامل".
وقالت في بيان "هذه اللحظة مفصلية في تاريخ بلادنا... فهذه حرب لن ينتصر فيها أحد، وسنخسر فيها بلادنا إلى الأبد".
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش بمحاولة الانقلاب وتنفيذ مؤامرة بتخطيط من أنصار الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطيح به من السلطة عام 2019. وأطاح انقلاب 2021 برئيس الوزراء المدني.
وأفاد شهود بوقوع إطلاق نار في أجزاء أخرى كثيرة من البلاد خارج العاصمة. وأبلغ شهود رويترز بوقوع تبادل كثيف لإطلاق النار في مروي.
من جهتها قالت وزارة الخارجية السودانية يوم الاثنين إن قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أمر بحل قوات الدعم السريع وإعلانها قوة متمردة.
بدوره قال قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، في تغريدة على تويتر اليوم الاثنين إنه يجب على المجتمع الدولي التحرك الآن والتدخل ضد "جرائم" رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، واصفا إياه بأنه "إسلامي متطرف يقوم بقصف المدنيين من الجو".
وأضاف في التغريدة "جيشه يشن حملة وحشية ضد الأبرياء، يقصفهم بطائرات الميج".
من تكون قوات الدعم السريع؟
قال بيان للجيش السوداني إن قوات الدعم السريع شبه العسكرية حاولت مهاجمة قواته يوم السبت في مواقع مختلفة فيما قالت قوات الدعم السريع إن الجيش حاصر إحدى قواعدها وأطلق نيران الأسلحة الثقيلة.
يأتي ذلك بعد أيام شهدت توترا بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهي جماعة شبه عسكرية تتمتع بنفوذ كبير، مما أثار المخاوف من حدوث مواجهة.
فيما يلي تفاصيل عن قوات الدعم السريع:
* الفريق أول محمد حمدان دقلو هو قائد قوات الدعم السريع، ويشغل في الوقت الحالي منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم. ويقدر محللون عدد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد لهم قواعد وينتشرون في أنحاء البلاد.
* انبثقت مما يُسمى ميليشيا الجنجويد المسلحة التي قاتلت في مطلع الألفية في الصراع بدارفور واستخدمها نظام عمر البشير الحاكم آنذاك في مساعدة الجيش في إخماد تمرد. وشُرد 2.5 مليون شخص على الأقل وقُتل 300 ألف في المجمل في الصراع، واتُهمت ميليشيا الجنجويد بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.
* نمت القوات بمرور الوقت واستُخدمت كحرس حدود على وجه الخصوص لتضييق الخناق على الهجرة غير النظامية. وإضافة لذلك، نمت أعمال دقلو التجارية بمساعدة من البشير، ووسعت أسرته ممتلكاتها في تعدين الذهب والماشية والبنية التحتية.
* بدءا من 2015، شرعت قوات الدعم السريع مع الجيش السوداني في إرسال قوات للاشتراك في الحرب في اليمن في صفوف القوات السعودية والإماراتية، ما سمح لدقلو المعروف أيضا باسم حميدتي بإقامة علاقات مع القوى الخليجية.
* في 2017، تم إقرار قانون يمنح قوات الدعم السريع صفة قوة أمن مستقلة. وقالت مصادر عسكرية إن قيادة الجيش طالما عبرت عن قلقها إزاء نمو قوات حميدتي ورفضت دمجها في صفوفها.
* في أبريل نيسان 2019، شاركت قوات الدعم السريع في الانقلاب العسكري الذي أطاح بالبشير. وفي وقت لاحق من ذلك العام، وقع حميدتي اتفاقا لتقاسم السلطة جعله نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم الذي يرأسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
* قبل التوقيع في 2019، اتُهمت قوات الدعم السريع بالمشاركة في قتل عشرات المحتجين المناصرين للديمقراطية. واتُهم أيضا جنود قوات الدعم السريع بممارسة العنف القبلي، مما أدى إلى رفع حميدتي الحصانة عن بعضهم للسماح بمحاكمتهم.
* شاركت قوات الدعم السريع في انقلاب أكتوبر تشرين الأول 2021 الذي عطل الانتقال إلى إجراء انتخابات. ويقول دقلو منذئذ إنه يأسف لحدوث الانقلاب وعبر عن موافقته على إبرام اتفاق جديد لاستعادة الحكومة المدنية الكاملة.
* في 2022، زار دقلو روسيا عشية غزوها أوكرانيا وأبدى انفتاحه على بناء قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر.
* طالب الجيش السوداني والجماعات المناصرة للديمقراطية بدمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش. وصارت المفاوضات بهذا الشأن مصدرا لتوتر تسبب في تعطل عملية توقيع كانت مقررة في الأصل في الأول من أبريل نيسان.
من هو حميدتي وكيف شق طريقه إلى السلطة؟
صعد الفريق أول السوداني محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، من بدايات متواضعة ليصبح زعيما لجماعة الجنجويد المسلحة التي أثارت الخوف في النفوس وسحقت تمردا في دارفور، ليكتسب لنفسه نفوذا وفي نهاية المطاف دورا بوصفه ثاني أقوى رجل في البلاد وأحد أثريائها.
أدى حميدتي دورا بارزا في السياسة المضطربة في السودان على مدى عشر سنوات ساعد خلالها في الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. ثم قام لاحقا بإخماد احتجاجات السودانيين الطامحين إلى الديمقراطية.
ومع توليه منصب نائب رئيس الدولة، تولى حميدتي، تاجر الجمال السابق والحاصل على قدر قليل من التعليم الأساسي، عددا من أهم الحقائب الوزارية في السودان بعد الإطاحة بالبشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
ويستمد الكثير من نفوذه من قوات الدعم السريع التابعة له والتي أتقن مقاتلوها خبرة حروب الصحراء في منطقة دارفور لكنهم يفتقرون إلى انضباط الجيش النظامي.
حمل حميدتي السلاح لأول مرة في منطقة غرب دارفور بعد أن قتل رجال هاجموا قافلته التجارية نحو 60 شخصا من عائلته ونهبوا الجمال، وفقا لما ذكره محمد سعد المساعد السابق لحميدتي.
وانتشر الصراع في دارفور منذ عام 2003 بعد أن ثار متمردون معظمهم من غير العرب ضد الحكومة.
وشكل حميدتي الرجل طويل القامة ذو الشخصية المهيبة، ميليشيات موالية للحكومة من رجال قبائل عربية، يعرفون محليا باسم الجنجويد، وذلك قبل أن تتحول تلك الميليشيات إلى قوات الدعم السريع الأكثر تنوعا.
اتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير ومسؤولين آخرين بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في دارفور بدأت في عام 2003. وأدى الصراع إلى مقتل نحو 300 ألف شخص وتشريد 2.7 مليون. ولم توجه أي تهم إلى حميدتي.
* الرجل الذي يحميني
قالت مصادر مطلعة إنه عندما أراد البشير أن يحتمي من خصومه خلال فترة حكمه التي استمرت 30 عاما، اختار حميدتي لهذا الدور. ومع إعجابه بدهاء حميدتي ومهاراته القتالية، اعتمد البشير عليه في التعامل مع المتمردين على الحكومة في صراع دارفور وفي أماكن أخرى في السودان.
وتم إضفاء الشرعية على ميليشيات حميدتي. وحصل على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور وبيع المورد الأكثر قيمة في السودان. وبينما توالت الأزمات الاقتصادية على البلاد، أصبح حميدتي ثريا.
وفي مقابلة مع بي.بي.سي قال حميدتي إنه ليس أول شخص يمتلك مناجم ذهب، ولا يوجد ما يمنع من العمل في الذهب.
كما أقام حميدتي صداقات قوية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بعد أن أرسل قوات الدعم السريع لدعمهم ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران في الحرب الأهلية اليمنية.
وبعد دعمه للبشير على مدى سنوات، شارك حميدتي عام 2019 في الإطاحة بحليفه القديم الذي واجه ضغوطا من احتجاجات حاشدة طالبت بالديمقراطية وحل المشكلات الاقتصادية.
وفي إطار شراكة مدنية عسكرية أقيمت بعد عزل البشير، لم يهدر حميدتي أي وقت في محاولة رسم مستقبل السودان الذي حكمه قادة عسكريون استولوا على السلطة في معظم تاريخه بعد الاستعمار.
وتحدث علنا عن الحاجة إلى "ديمقراطية حقيقية" والتقى بالسفراء الغربيين وأجرى محادثات مع الجماعات المتمردة.
وقالت شخصية معارضة، طلبت عدم نشر اسمها خوفا من تعرضها للانتقام، "خطط حميدتي ليصبح الرجل الأول في السودان. لديه طموح غير محدود".
وأبدى حميدتي القليل من التسامح مع المعارضة.
وقال شهود إن قوات الدعم السريع شنت حملة دامية على تجمع احتجاجي في 2019 أمام وزارة الدفاع بعد الإطاحة بالبشير، مما أودى بحياة ما يزيد على مئة شخص. ونفى حميدتي إصدار أمر بالاعتداء على المحتجين.
استولى الجيش في أكتوبر تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهيا اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة نددت بها الجماعات السياسية ووصفتها بأنها انقلاب عسكري.
وقال حميدتي في بيان مصور إن الجيش استولى على السلطة "لتصحيح مسار ثورة الشعب" وتحقيق الاستقرار.
وقال حميدتي إن الجيش مستعد لتسليم السلطة في حالة التوصل إلى اتفاق أو إجراء انتخابات. ولم يقتنع الكثير من السودانيين بذلك.
لكن الانقسامات بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي والجيش عقّدت جهود استعادة الحكم المدني.
وحذر الجيش السوداني قبل أيام من خطر وقوع مواجهة بعد تحركات جماعة حميدتي شبه العسكرية، مما يؤكد تزايد الاحتكاك بين الجانبين.
وقال أحمد الجيلي، وهو محام سوداني، "إنني أعتقد منذ وقت طويل أنه (حميدتي) يمثل تهديدا وجوديا ليس فقط للانتقال الديمقراطي في السودان ولكن لقدرته على البقاء كدولة".
حقائق-الصراع على السلطة في السودان
فيما يلي الخطوط العريضة للصراع على السلطة على مدى السنوات الماضية في السودان، حيث اندلعت اشتباكات يوم السبت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية:
* من الذي يتولى زمام الأمور في السودان؟
بدأ السودان مسيرة التحول إلى الديمقراطية بعد انتفاضة شعبية أطاحت في أبريل نيسان عام 2019 بحكم عمر حسن البشير، وهو إسلامي نأى عنه الغرب وحكم البلاد لنحو ثلاثة عقود.
وبموجب اتفاق أُبرم في أغسطس آب 2019، وافق الجيش على تقاسم السلطة مع مدنيين ريثما يتم إجراء انتخابات. لكن ذلك الترتيب تعطل فجأة نتيجة انقلاب عسكري في أكتوبر تشرين الأول 2021 تسبب في سلسلة من الاحتجاجات الحاشدة المطالبة بالديمقراطية في أنحاء السودان.
* إلى من يميل ميزان القوى؟
يمثل الجيش قوة مهيمنة في السودان منذ استقلاله عام 1956 إذ خاض حروبا داخلية وقام بانقلابات متكررة ولديه حيازات اقتصادية ضخمة.
وخلال الفترة الانتقالية التي بدأت بالإطاحة بالبشير وانتهت بانقلاب عام 2021 زاد عمق هوة انعدام الثقة بين الجيش والأحزاب المدنية.
واستمد الجانب المدني شرعيته من حركة احتجاج صامدة ودعم من أطراف من المجتمع الدولي.
وحظي الجيش بدعم داخلي من فصائل متمردة استفادت من اتفاق السلام في 2020 ومن المخضرمين في حكومة البشير الذين عادوا إلى الخدمة المدنية بعد الانقلاب.
وأعاد الانقلاب زمام الأمور إلى الجيش، لكنه واجه احتجاجات أسبوعية وتجدد العزلة وتفاقمت المتاعب الاقتصادية.
غير أن الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية ونائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي منذ 2019 أيد خطة الانتقال الجديدة، مما دفع بالتوترات مع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم والقائد الأعلى للجيش إلى السطح. ودقلو معروف باسم حميدتي.
* ما هي أسباب الخلاف؟
أحد الأسباب الرئيسية هو ضغط المدنيين من أجل الرقابة على الجيش ودمج قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي لها وضع قوي في الجيش النظامي.
ويطالب المدنيون أيضا بتسليم حيازات الجيش المربحة في قطاعات الزراعة والتجارة والقطاعات المدنية الأخرى، وهي مصدر رئيسي للنفوذ لجيش طالما عهد بالأعمال العسكرية إلى الفصائل المسلحة.
وتتعلق إحدى نقاط التوتر بالسعي لتحقيق العدالة بشأن مزاعم ارتكاب الجيش السوداني وحلفائه جرائم حرب في الصراع في دارفور منذ عام 2003. وتسعى المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة البشير وسودانيين آخرين مشتبه بهم.
نقطة أخرى هي التحقيق في قتل متظاهرين مطالبين بالديمقراطية في الثالث من يونيو حزيران 2019، في واقعة أشارت فيها أصابع الاتهام لتورط قوات الجيش. ويثير التأخر في نشر نتائج هذا التحقيق غضب الناشطين وجماعات مدنية. وتطالب القوى المدنية بتحقيق العدالة بشأن مقتل أكثر من 125 شخصا على يد قوات الأمن خلال احتجاجات منذ الانقلاب.
* ماذا عن الاقتصاد؟
كانت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، التي تسببت في تهاوي العملة والنقص المتكرر للخبز والوقود، بمثابة الشرارة التي أدت لسقوط البشير.
ونفذت الحكومة الانتقالية بين عامي 2019 و2021 إصلاحات قاسية وسريعة تحت إشراف صندوق النقد الدولي في محاولة نجحت في جذب تمويل أجنبي وتخفيف الديون.
لكن تم تجميد مليارات الدولارات من الدعم الدولي وتخفيف عبء الديون بعد انقلاب 2021، مما عطل مشاريع التنمية وأثقل كاهل الميزانية الوطنية وفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل.
* ماذا عن العلاقات بدول الجوار؟
يقع السودان في منطقة مضطربة يحدها البحر الأحمر ومنطقة الساحل والقرن الأفريقي. واستقطب موقع السودان الاستراتيجي وثرواته الزراعية قوى إقليمية، مما أدى إلى تعقيد فرص نجاح الانتقال.
وتأثر عدد من جيران السودان، مثل إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، بالاضطرابات السياسية والصراعات. وعلاقة السودان بإثيوبيا على وجه التحديد متوترة بسبب نزاع على أراض زراعية على الحدود والصراع في إقليم تيجراي، الذي دفع بآلاف النازحين إلى السودان، وسد النهضة الإثيوبي.
وتنظر السعودية والإمارات، القوتان الإقليميتان، إلى انتقال السودان على أنه وسيلة لدحر نفوذ الإسلاميين في المنطقة. وتشكل السعودية والإمارات مع الولايات المتحدة وبريطانيا "الرباعي" الذي رعى، مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، الوساطة في السودان. وتخشى قوى الغرب احتمال إنشاء قاعدة روسية على البحر الأحمر، وهو أمر أعرب قادة جيش السودان عن انفتاحهم عليه.
وتتبع مصر، التي تربطها علاقات تاريخية عميقة مع السودان وشراكة وثيقة مع جيشه، مسارا بديلا مع الجماعات الداعمة للانقلاب.
اضف تعليق