في مشهد يعبر عن عودة التوتر الأمريكي الايراني واحتمال انفضاض آمال العودة للاتفاق النووي اطلقت فصائل موالية لإيران قذائف مدفعية على قاعدة عسكرية أميركية في حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور بشرق سوريا، من دون أن يسفر القصف عن ضحايا، ويأتي ذلك بعدما شنت الولايات المتحدة...
في مشهد يعبر عن عودة التوتر الأمريكي الايراني واحتمال انفضاض آمال العودة للاتفاق النووي اطلقت فصائل موالية لإيران مساء الاثنين قذائف مدفعية عدة على قاعدة عسكرية أميركية في حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور بشرق سوريا، من دون أن يسفر القصف عن ضحايا، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
ويأتي ذلك بعدما شنت الولايات المتحدة ليل الاحد الاثنين ضربات جوية على فصائل تدعمها ايران في العراق وسوريا ردا على هجمات استهدفت مصالحها في العراق في الاشهر الاخيرة ونسبتها واشنطن الى فصائل موالية لطهران.
واستهدفت الضربات الأميركية، وفق واشنطن، منشآت تشغيلية ومخازن أسلحة في موقعين في سوريا وموقعا واحدا في العراق.
وخلف القصف مساء الاثنين خسائر مادية وأعقبه تحليق في أجواء المنطقة لمقاتلات أميركية وأخرى للتحالف الدولي ضد الجهاديين الذي تقوده الولايات المتحدة.
بدورها، تحدثت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن "استهداف القاعدة العسكرية لقوات الاحتلال الأميركية في حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي بالقذائف الصاروخية"، من دون أن تحدد مصدر القصف.
وردا على ذلك، استهدف التحالف الدولي "بالمدفعية الثقيلة" مدينة الميادين التي تسيطر عليها الميليشيات الموالية لايران في الريف الشرقي لدير الزور، وفق ما افاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس.
وتُشكل ضربات الأحد ثاني هجوم أميركي مماثل على فصائل مدعومة من إيران في سوريا منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه. ففي شباط/فبراير، قتل أكثر من 20 مقاتلاً عراقياً في ضربات أميركية استهدفت مواقعهم في شرق سوريا، وفق حصيلة للمرصد السوري.
وتأتي الضربات في مرحلة حساسة، إذ تتهم واشنطن فصائل عراقية مرتبطة بإيران بشن هجمات على منشآت عراقية تؤوي عناصر أميركيين، في وقت تتواصل فيه الجهود الدولية لإعادة تفعيل الاتفاق النووي مع طهران.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارة إلى روما بعد ظهر الاثنين "تبعث خطوة الدفاع عن النفس هذه للقيام بما يلزم لمنع أي هجمات أخرى برسالة مهمة وقوية" إلى الفصائل المستهدفة.
وندد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين بالضربات، معتبرا اياها "انتهاكاً سافراً لسيادة العراق". وقال في بيان "يجدد العراق رفضه أن يكون ساحة لتصفية الحسابات ويتمسك بحقه في السيادة على اراضيه ومنع استخدامها كساحة لردود الفعل والاعتداءات، داعياً إلى "التهدئة وتجنب التصعيد بكل أشكاله".
أعلن الحشد الشعبي من جهته في بيان مقتل أربعة من مقاتليه في الضربات الأميركية التي قال إنها استهدفت "ثلاث نقاط مرابطة" داخل الحدود العراقية في قضاء القائم غربي محافظة الانبار، مشيراً إلى أن مقاتليه كانوا "يؤدون واجبهم الاعتيادي لمنع تسلل عناصر داعش الإرهابي من سوريا إلى العراق".
وشدد بيان الحشد على أن النقاط المستهدفة "لا تضم أية مخازن أو ما شابه خلافاً للادعاءات الأميركية"، وأضاف "نؤكد احتفاظنا بالحق القانوني للرد على هذه الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها على الأراضي العراقية".
وتباينت حصيلة القتلى بين بيان الحشد ومصادر أخرى. إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل سبعة مقاتلين عراقيين على الأقل جراء الضربات الأميركية التي استهدفت "مقرّات عسكريّة وتحرّكات للميليشيات العراقية الموالية لإيران داخل الأراضي السوريّة". كما تحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مقتل طفل.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن "ما تقوم به الولايات المتحدة يزعزع أمن المنطقة"، معتبراً أن "أحد ضحايا زعزعة الاستقرار في المنطقة ستكون الولايات المتحدة نفسها".
وتتمتع المجموعات الموالية لإيران، وعلى رأسها فصائل من الحشد الشعبي، بنفوذ عسكري في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق وتنتشر على الضفة الغربية لنهر الفرات في محافظة دير الزور الحدودية. وغالباً ما تتعرّض شاحنات تقل أسلحة وذخائر أو مستودعات في المنطقة لضربات تُنسب لإسرائيل.
ودانت سوريا "العدوان الأميركي السافر على المنطقة الحدودية السورية العراقية"، وفق بيان لوزارة الخارجية أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
واعتبرت الخارجية السورية أن الضربة الأميركية "انتهاك فاضح لحرمة الأراضي السورية والعراقية".
ومنذ بداية العام، استهدف أكثر من أربعين هجوماً مصالح الولايات المتحدة في العراق، حيث ينتشر 2500 جندي أميركي في إطار تحالف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
ويُشكل استخدام طائرات بلا طيار خلال الآونة الاخيرة مصدر قلق للتحالف لأن هذه الأجهزة الطائرة يمكنها الإفلات من الدفاعات التي عمد الجيش الأميركي الى تركيبها للدفاع عن قواته ضد الهجمات الصاروخية.
وليل الجمعة، وقع هجوم بثلاث طائرات مسيرة مفخخة في منطقة قريبة من القنصلية الأميركية عند أطراف أربيل في إقليم كردستان في شمال العراق.
وقال بلينكن الأحد "كما يتّضح من الضربات التي شُنّت مساء اليوم، كان الرئيس بايدن واضحاً في أنّه سيعمل على حماية الأفراد الأميركيّين".
ومن جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان "دعم فرنسا لاستقرار وسيادة العراق"، داعياً إلى زيادة التعاون مع السلطات العراقية لوقف الهجمات ضد مصالح التحالف الدولي في العراق.
الوقت ينفد
وتأتي الضربات بعد يومين على تحذير واشنطن وباريس لإيران من أن الوقت ينفد أمام العودة إلى الاتفاق النووي، معبّرتين عن القلق من أن أنشطة طهران النووية الحساسة يمكن أن تتطور في حال طال أمد المفاوضات.
والعودة إلى الاتفاق النووي المبرم في العام 2015 هو أحد الوعود الرئيسية لبايدن، بعدما انسحب منه سلفه دونالد ترامب.
وقال بلينكن "لدينا مصلحة وطنية في السعي لإعادة المشكلة النووية إلى حيث وضعتها خطة العمل الشاملة المشتركة"، مستخدماً الاسم الرسمي للاتفاق الدولي حول النووي الإيراني.
يأتي ذلك فيما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة أنها لم تتلق "ردا" من ايران حول احتمال تمديد التسوية الموقتة حول عمليات تفتيش منشآتها النووية والتي انتهت مدتها في 24 حزيران/يونيو.
وقال الجيش الأمريكي إنه استهدف منشآت تشغيل ومخازن أسلحة في موقعين في سوريا وموقع في العراق ردا على هجمات بطائرات مسيرة شنتها الفصائل على أمريكيين ومنشآت تابعة للولايات المتحدة في العراق.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للصحفيين في روما "اتخذنا إجراء ضروريا ومناسبا ومدروسا يهدف للحد من مخاطر التصعيد، وكذلك لتوجيه رسالة ردع واضحة لا لبس فيها".
وذكرت قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران في بيان أسماء أربعة أعضاء في كتائب سيد الشهداء قالت إنهم قتلوا في الهجوم على الحدود السورية العراقية. وتعهدت بالانتقام.
وندد الجيش العراقي بالضربات الأمريكية. وينسق الجيشان العراقي والأمريكي عن كثب بشأن معركة منفصلة في العراق لقتال فلول تنظيم الدولة الإسلامية.
وكانت هذه المرة الثانية التي يأمر فيها الرئيس جو بايدن بتوجيه ضربات انتقامية للفصائل المدعومة من إيران منذ توليه الرئاسة قبل خمسة أشهر. فقد أمر في فبراير شباط بشن ضربات جوية محدودة على سوريا ردا على هجمات صاروخية في العراق.
وقال مسؤولان أمريكيان، تحدثا لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن الفصائل المدعومة من إيران شنت ما لا يقل عن خمس هجمات بطائرات مسيرة على منشآت تستخدمها عناصر من الولايات المتحدة والتحالف في العراق منذ أبريل نيسان.
وبينما تتطلع إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، فإن هذه الهجمات تبرز كيف يهدف بايدن إلى توجيه ضربات دفاعية من هذا القبيل بالتزامن مع مشاركة بلاده في جهود دبلوماسية مع طهران.
ويقول منتقدون لبايدن إنه لا يمكن الوثوق بإيران ويشيرون إلى الهجمات بالطائرات المسيرة باعتبارها دليلا آخر على أن طهران ووكلاءها لها لن يقبلوا أبدا بوجود أمريكي في العراق أو سوريا.
ودعت إيران الولايات المتحدة إلى عدم "إثارة أزمة" في المنطقة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية سعيد خطيب زاده يوم الاثنين "من المؤكد أن ما تفعله الولايات المتحدة هو زعزعة الأمن في المنطقة وستكون الولايات المتحدة من ضحايا هذه الاضطرابات".
وامتنع بايدن عن التعليق على ضربات يوم الأحد. لكنه سيلتقي يوم الإثنين بالرئيس الإسرائيلي المنتهية ولايته ريئوفين ريفلين في البيت الأبيض لإجراء مناقشة واسعة تشمل جهود إيران والولايات المتحدة لمعاودة الالتزام بالاتفاق النووي الإيراني. وأثارت هذه الجهود مخاوف جادة في إسرائيل، عدو إيران اللدود.
لا يمكن الوثوق بإيران
وفي روما، أبلغ وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد يائير لابيد بلينكن يوم الأحد بتحفظات إسرائيل على الاتفاق النووي الإيراني الذي يخضع للتفاوض في فيينا حاليا، وتعهد بإصلاح "الأخطاء التي ارتُكبت" في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في السنوات القليلة الماضية.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاجون) في بيان "تظهر هجمات هذا المساء أن الرئيس بايدن واضح في أنه سيتحرك لحماية الأمريكيين".
ويقول منتقدو بايدن إنه لا يمكن الوثوق بإيران ويشيرون إلى هجمات الطائرات المسيرة كدليل آخر على عدم قبول إيران ووكلائها على الإطلاق بوجود عسكري أمريكي في العراق أو سوريا.
ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن إيران تقف وراء تصعيد الهجمات بطائرات مسيرة متطورة وإطلاق صواريخ بشكل متكرر على أفراد ومنشآت أمريكية في العراق حيث يساعد الجيش الأمريكي بغداد في محاربة فلول تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال البنتاجون إن المنشآت المستهدفة كانت تستخدمها فصائل مسلحة مدعومة من إيران من بينها كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء.
وقال مسؤول دفاعي إن إحدى المنشآت المستهدفة استخدمت لإطلاق الطائرات المسيرة واستعادتها.
وصرح مسؤولون بأن الجيش الأمريكي شن الهجمات بطائرات إف -15 وإف -16. وقالوا إن الطيارين الذين نفذوا هذه الهجمات عادوا بسلام.
وقال أحد المسؤولين لرويترز "نقدر أن كل ضربة أصابت الأهداف المقصودة".
وتواجه الحكومة العراقية صعوبة في التصدي للفصائل المسلحة المتحالفة أيديولوجيا مع إيران والمتهمة بإطلاق صواريخ على القوات الأمريكية والتورط في قتل نشطاء سلميين مطالبين بالديمقراطية.
تجنب تورط العراق
وأفرج العراق في وقت سابق هذا الشهر عن قاسم مصلح القيادي بفصائل الحشد الشعبي المتحالفة مع إيران نظرا لعدم كفاية الأدلة ضده بعد اعتقاله في مايو أيار بتهم تتعلق بالإرهاب.
كانت المصالح الأميركية في العراق هدفاً لهجمات متكررة في الأشهر الأخيرة. ونسب الأميركيون هذه الهجمات التي لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عنها إلى فصائل موالية لإيران في العراق.
منذ بداية العام، استهدف أكثر من أربعين هجوماً مصالح الولايات المتحدة في العراق، حيث ينتشر 2500 جندي أميركي في إطار تحالف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
ويُشكل استخدام طائرات بلا طيار خلال الآونة الاخيرة مصدر قلق للتحالف لأن هذه الأجهزة الطائرة يمكنها الإفلات من الدفاعات التي عمد الجيش الأميركي الى تركيبها للدفاع عن قواته ضد الهجمات الصاروخية.
وعقد مجلس الوزراء برئاسة مصطفى الكاظمي اجتماعا أمنيا طارئا يوم الاثنين بعد الضربات الجوية الأمريكية التي وصفها بأنها انتهاك لسيادة العراق.
ويعد ذلك انتقادا نادرا لإجراء أمريكي من جانب حكومة الكاظمي الذي حاول تحجيم نفوذ الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران.
ويقول مسؤولون عراقيون إنهم يريدون تجنب التورط في تصعيد متبادل بين واشنطن وطهران.
وقال باسم الجيش العراقي المتحدث يحيى رسول على حسابه على تويتر "ندين الهجوم الجوي الأمريكي الذي استهدف ليلة أمس موقعا على الحدود العراقية السورية وبما يمثل انتهاكا سافرا ومرفوضا للسيادة العراقية وللأمن الوطني العراقي وفق جميع المواثيق الدولية". وكان رسول يشير إلى الضربات الجوية التي قتلت ما لا يقل عن أربعة مسلحين شيعة متحالفين مع إيران.
استعراض عسكري بمناسبة ذكرى تشكيل الحشد الشعبي
شارك آلاف المقاتلين العراقيين ومنهم أفراد فصائل قوية تدعمها إيران في استعراض كبير إلى جانب دبابات وقاذفات صواريخ في قاعدة عسكرية بشرق البلاد يوم السبت.
ويأتي الحدث، وهو أكبر استعراض رسمي لهذه الفصائل على الإطلاق وشهده رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بمناسبة مرور سبع سنوات على تشكيل قوات الحشد الشعبي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال الكاظمي إنه يقدر تضحيات الفصائل والقوات المسلحة العراقية في محاربة التنظيم المتشدد وحذر من أي "فتنة" داخل قوات الحشد الشعبي.
وتضم مؤسسة الحشد الشعبي فصائل مسلحة معظمها شيعية تدعمها إيران.
ووسعت الفصائل المتحالفة مع إيران، وهي الأقوى داخل قوات الحشد الشعبي، نفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي منذ هزيمة التنظيم عام 2017 وهاجمت قواعد تستضيف القوات الأمريكية المتبقية في العراق وقوامها 2500 جندي.
ولهذه الفصائل حلفاء في البرلمان والحكومة ولها سيطرة على بعض أجهزة الدولة بما في ذلك مؤسسات أمنية.
وتُتهم هذه الفصائل أيضا بقتل محتجين نزلوا إلى الشوارع في أواخر 2019 مطالبين بالإطاحة بالنخبة الحاكمة في العراق. وتنفي أي ضلوع لها في قتل النشطاء. بحسبر فرانس برس.
ويحاول الكاظمي، وهو رئيس وزراء مؤقت وصديق للولايات المتحدة، كبح جماح الفصائل الأقوى المدعومة من إيران لكن دون جدوى بسبب قوتها العسكرية ونفوذها السياسي.
وعضوية الفصائل المتحالفة مع إيران في قوات الحشد الشعبي تجعل من الصعب على الكاظمي وقوات الأمن التحقق من قوة الفصائل المسلحة لأنها فعليا جزء من الدولة نفسها.
وحضر الكاظمي الاستعراض يوم السبت برفقة قادة فصائل مسلحة فيما مرت مئات المركبات المصفحة أمام لافتة عليها صورة أبو المهدي المهندس قائد قوات الحشد الشعبي الذي قُتل في ضربة بطائرة أمريكية مسيرة العام الماضي.
ونُظم الاستعراض في قاعدة كانت القوات الأمريكية تحتلها قرب الحدود مع إيران.
وتشكلت قوات الحشد الشعبي عام 2014 بعدما حث المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني كل العراقيين القادرين على حمل السلاح التطوع لقتال تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان قد بسط سيطرته على ثلث أراضي البلاد.
اضف تعليق