يواصل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، اثارة المشاكل والشكوك بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي انتهت بفوز منافسه الديمقراطي جو بايدن، هذه الحرب الجديدة وغير المسبوقة التي اطلقها ترامب قبل حملته الانتخابية، اثارت قلق ومخاوف الكثير حول واقع ومستقبل الديمقراطية في أمريكا، وفي تعارض فاضح مع التقاليد السياسيّة الأميركيّة ما زال ترامب يرفض الإقرار بهزيمته...
يواصل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، اثارة المشاكل والشكوك بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي انتهت بفوز منافسه الديمقراطي جو بايدن، هذه الحرب الجديدة وغير المسبوقة التي اطلقها ترامب قبل حملته الانتخابية، اثارت قلق ومخاوف الكثير حول واقع ومستقبل الديمقراطية في أمريكا، وفي تعارض فاضح مع التقاليد السياسيّة الأميركيّة ما زال ترامب يرفض الإقرار بهزيمته، في موقف من شأنه تعقيد الفترة الانتقاليّة أمام بايدن الذي يُفترض أن يتولّى مهامه ظهر 20 كانون الثاني/يناير 2021.
ويرى بعض المراقبين ان ترامب قد يسعى ايضاً الى الاستفادة بشكل كبير من كل الصلاحيات المتاحة في الفترة القليلة المتبقية له في السلطة، خصوصاً وانه عمد مؤخرا الى اجراء العديد من التغيرات المهمة. وقد اكدت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن الخطاب التحريضي الصادر عن الرئيس دونالد ترامب مع تبين خسارته في الانتخابات الرئاسية الحالية يؤكد الخطر غير المسبوق الذي تواجهه الولايات المتحدة الآن في ظل حكم رئيس غاضب ومضطرب لا تزال أمامه فترة في منصبه.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب، الذي يسمم الأجواء بمزاعم كاذبة بشأن تزوير نتائج الانتخابات باستطاعته إلحاق أضرار لا توصف خلال أيامه الأخيرة من فترة رئاسته، كطرد كبار المسؤولين الأكفاء في مؤسسات الاستخبارات والأمن القومي، وإصدار قرارات اخرى قد تخدمه بشكل شخصي بعد ترك البيت الابيض. من جانب اخر كشف مصدر مقرب ومطلع على تفكير الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وكما نقلت بعض المصادر، أن الأخير يعلم أنه خسر الانتخابات الرئاسية أمام منافسه بايدن، إلا أنه يؤخر عملية انتقال السلطة ويحاول جاهدا إلقاء ظلال الشك على نتائج الانتخابات في سبيل النيل من الديمقراطيين الذين شككوا بشرعيته بعد انتخابات 2016.
ووفقا للمصدر فإن ترامب سمع مرارا من أصدقائه وشركائه في العمل حثهم على بدئه بعملية الانتقال على الأقل وأن إجابته لهم كانت "لا أنتم مخطئون، مخطئون تماما". كما مضى ترامب في إصراره على رفض هزيمته في الانتخابات الرئاسية عبر إقالته المسؤول عن الوكالة الحكومية المكلفة أمن الانتخابات لنفيه المزاعم بحصول عمليات تزوير. وأعلن ترامب في وقت سابق إقالة كريس كريبس مدير وكالة الامن السيبراني وأمن البنية التحتية والذي أعلن أن الانتخابات الرئاسية "كانت الأكثر أمانا في تاريخ الولايات المتحدة". وكتب ترامب في تغريدة على تويتر أن "البيان الأخير الصادر عن كريس كريبس بشأن أمن انتخابات 2020 لم يكن دقيقاً بتاتاً، إذ حصلت مخالفات وعمليات تزوير واسعة النطاق".
وسرعان ما ندد الديموقراطيون بإعلان ترامب ودعوا الى تسريع العملية الانتقالية نحو تسلم جو بايدن الرئاسية. وقال السناتور مارك وورنر المسؤول الديموقراطي في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ إن "كريس كريبس موظف رسمي استثنائي وهو تحديدا الشخص الذي يريده الاميركيون لحماية أمن انتخاباتنا. إن قرار الرئيس إقالته لمجرد قوله الحقيقة له دلالات كثيرة".
ترامب وبايدن
في أول إقرار غير مباشر له بهزيمته في الانتخابات الرئاسية، أعطى الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب الضوء الأخضر لحصول فريق الرئيس المنتخب جو بايدن على الدعم الفدرالي اللازم للبدء بعملية نقل السلطة، فيما بدأ الأخير بتمسية أعضاء إدارته الجديدة. ورغم تخليه عن موقفه الرافض للإفراج عن الدعم، في خطوة غير مسبوقة في التاريخ الأميركي، إلا أن الرئيس الجمهوري لم يعترف بعد مباشرةً بفوز الديموقراطيين.
وتوعد في تغريدة بمواصلة "المعركة"، فيما يستمر بتقديم الشكاوى القضائية لإثبات حصول تزوير في الانتخابات التي عقدت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، لكن دون جدوى. وكتب ترامب "أعتقد أننا سننتصر". لكنه قال إنه "من أجل مصلحة بلدنا، أوصي" الوكالة الحكومية المكلفة نقل السلطة بالقيام "بما يجب القيام به في ما يتعلق بالبروتوكولات الأوّلية، وقد طلبت من فريقي أن يفعل الشيء نفسه".
وسارع فريق بايدن إلى الترحيب بهذه الخطوة الضرورية لحصول "انتقال سلس وسلمي للسلطة". ويستعد الديموقراطي لدخول البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/نوفمبر مع عديد من الشخصيات التي عملت في إدارة أوباما، مثل أنتوني بيلنكن الذي سيكون وزير الخارجية المقبل، وجانيت يلين التي ستتولى وزارة الخزانة. وسيعود وزير الخارجية الأسبق جون كيري (76 عاماً) أيضاً إلى البيت الأبيض بصفة مبعوث خاص للرئيس لشؤون المناخ، في مؤشر على الأهمية التي يوليها بايدن لهذا الملف.
ولم يعد هناك من شكّ بأن الديموقراطي سيصبح الرئيس الـ46 للولايات المتحدة. لكن إنكار الرئيس المنتهية ولايته لذلك يحرم الرئيس المنتخب من الوصول إلى معلومات مصنفة سرية في المجال الأمني، لا سيما مسائل شديدة الحساسية متعلقة بالأمن القومي. وهو لم يتمكن من الشروع حتى الآن بالتنسيق مع فريق ترامب حول إدارة أزمة كوفيد-19 التي أدت إلى وفاة أكثر من 257 ألف شخص في الولايات المتحدة.
وازدادت عزلة الرئيس الجمهوري أيضاً حين دعا الجمهوريين إلى "القتال" في القضاء، حيث وصفت شخصيات كبيرة في حزبه تصرفات محاميي ترامب بأنها "عار وطني" وأشبه بأداء "جمهورية موز". وقال بايدن بينما أعلن عن كبرى أسماء إدارته "أنا بحاجة لفريق جاهز منذ اليوم الأول"، مكوّن من أشخاص "ذوي خبرة ويجيدون التعامل مع الأزمات". ويريد بايدن البالغ 78 عاماً والمخضرم في الساحة السياسية الأميركية أيضاً تشكيل حكومة "تشبه" الأميركيين، بإعطائه مساحةً أكبر للنساء والأقليات.
وينوي أيضاً بحسب مصدر مقرب من محيطه، تسمية الرئيسة السابقة للبنك المركزي جانيت يلين (74 عاماً) وزيرة للخزانة، وهو منصب لم يتوله حتى الآن سوى رجال. وعلى رأس وزارة الأمن الداخلي، سمى بايدن للمرة الأولى إسباني الأصل اليخاندرو مايوركاس (60 عاما) المولود في هافانا والذي سيشرف خصوصا على قضايا الهجرة. وستكون الأميركية من أصل إفريقي ليندا توماس غرينفيلد (68 عاما) التي شغلت منصب مساعدة وزير الخارجية لشؤون إفريقيا، سفيرة لدى الأمم المتحدة.
واختار بايدن أحد المقربين منه لوزارة الخارجية، وهو أنتوني بلينكن (58 عاما) أحد مستشاريه الرئيسيّين في مجال السياسة الخارجيّة وكان المسؤول الثاني في وزارة الخارجيّة الأميركيّة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وفي حال صادق مجلس الشيوخ على تعيينه، يفترض أن يكون الملف النووي الإيراني أحد أولويات بلينكن الرئيسية. وبالنسبة لباراك أوباما، فإن حلفاء الولايات المتحدة، الذين تضرروا خلال السنوات الأربع الماضية، "سينتابهم شعور من الراحة لوصول أشخاص مثل توني" بلينكن إلى السلطة. بحسب فرانس برس.
وسيكون جون كيري بدوره مكلفاً بإعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس للمناخ الذي تم التفاوض عليه في عام 2015، وانسحب منه لاحقاً دونالد ترامب. وتعهد بالتعامل "مع الأزمة المناخية كتهديد طارئ للأمن القومي". ويعتزم بايدن أيضاً تعيين أفريل هاينز (51 عاماً) مديرة للاستخبارات الوطنية لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب، وجايك سوليفان (43 عاماً) مستشاراً للأمن القومي. وحصل الديموقراطي على 80 مليون صوت، مقابل 74 مليونا لترامب، لكن ما يحدد نتيجة الانتخابات الأميركية هو نظام الهيئة الناخبة الذين يجري اختيارهم عن كل ولاية. ورغم الضغوطات التي مارسها الحزب الجمهوري في الأيام الأخيرة على المسؤولين المحليين، صادقت لجنة على فوز بايدن في ولاية مشيغين الرئيسية.
ضربة جديدة
على صعيد متصل رفض قاض في بنسلفانيا شكاوى دونالد ترامب بشأن حصول تزوير انتخابي على نطاق واسع في هذه الولاية، في خطوة تشكل ضربة جديدة لمحاولة الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية لمصلحته. ويمهد هذا القرار القضائي القاسي الطريق أمام مصادقة بنسلفانيا على فوز الديموقراطي جو بايدن في الولاية. ومع اقتراب موعد تنصيب بايدن رئيسا للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني/يناير، يركّز فريق ترامب على محاولة عرقلة التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات التي شهدت منافسة شديدة، بالإضافة إلى إجراءات قانونيّة كثيرة تقدّم بها وفشلت حتّى الآن.
وكتب القاضي ماثيو بران في حكمه أن فريق ترامب قدم "حججا قانونية تنم عن توتر، من دون أساس واتهامات مبنية على تكهنات" في شكاواهم بشأن بطاقات الاقتراع التي أرسلت بالبريد في بنسلفانيا. وأضاف "في الولايات المتحدة لا يمكن أن يبرر هذا حرمان ناخب واحد من حق التصويت إن لم يكن كل ناخبي الولاية السادسة في عدد السكان" في البلاد، مؤكدا أن "شعبنا وقوانيننا ومؤسساتنا تتطلب المزيد".
وفاز بايدن في كل ولاية بأصوات الهيئة الناخبة التي تقرر في نهاية الطاف من سيدخل إلى البيت الأبيض. وقد حصل على 306 أصوات مقابل 232 لخصمه ترامب. ومن المقرر أن تصوت الهيئة الناخبة رسميا في 14 كانون الأول/ديسمبر على أن تسبقها مصادقة الولايات على النتائج. وعادة ما تُصادق الولايات على النتائج بشكل روتينيّ بعد كلّ انتخابات رئاسيّة. لكنّ رفض ترامب الإقرار بهزيمته يُعقّد العمليّة ويثير مخاوف من أن يلحق ذلك ضررا في ثقة الأميركيين بنظامهم الانتخابي. واعترف قلة من الجمهوريين بفوز بايدن ودعوا ترامب إلى الإقرار بذلك.
ودفع حكم محكمة بنسلفانيا بات تومي عضو مجلس الشيوخ الجمهوري من الولاية إلى الانضمام إلى هؤلاء. وصرح أن بايدن "فاز في انتخابات 2020 وسيصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة". وقال تومي في بيان هنأ فيه بايدن مع توضيح أنه صوت لترامب "يجب على الرئيس ترامب قبول نتيجة الانتخابات وتسهيل عملية الانتقال الرئاسي". وقبله، انضم السناتور الجمهوري لامار ألكساندر إلى زملاء له حضوا ترامب على الإقرار بنتيجة الانتخابات، قائلا إن بايدن "لديه فرصة جيدة جدا" ليصبح الرئيس المقبل ويجب توفير "جميع الموارد لانتقال سلس". بحسب فرانس برس.
وخفف بايدن انتقاداته لأفعال ترامب على الرغم من أنه تحدث عن "رسائل ضارة جدا يتم إرسالها إلى بقية العالم حول كيفية عمل الديموقراطية". وأضاف "من الصعب فهم كيف يفكر هذا الرجل". ولم يظهر ترامب إلى العلن إلا نادرا بعد الانتخابات لكنه لم يتخل عن حملته الاستفزازية على تويتر. وكتب على الموقع "الأدلة التي تتدفق لا يمكن إنكارها". وأضاف "عدد أكبر بكثير من الأصوات المطلوبة. هذا هو المنزلق". وبالطبع وضع تويتر إشارة تحذير أخرى على تغريدته، إلى جانب أخرى نشرها لاحقا.
من جانب اخر قالت لجنة انتخابات الرئاسة الأميركية في ولاية ويسكونسن في وقت سابق، إن إعادة فرز الأصوات على مستوى الولاية سيكلف نحو 7.9 مليون دولار، وهي الأموال التي سيتعين على حملة الرئيس دونالد ترامب دفعها مقدما إذا طلبت ذلك. وبموجب قانون الولاية، نظرًا لأن هامش فوز بايدن كان أقل من 1٪ ولكنه أكبر من 0.25٪، فإن ترامب بصفته صاحب المركز الثاني له الحق في طلب إعادة فرز الأصوات، لكن يجب عليه أولاً دفع نفقات العملية.
وقال كبير مسؤولي الانتخابات في ولاية ويسكونسن، ميغان وولف، إن مسؤولي المقاطعات قدروا بعناية تكلفة إعادة فرز الأصوات البالغ عددها 3.2 مليون بطاقة بنحو 7.9 مليون دولار، وأضاف: "ما زلنا لم نتلق أي مؤشر على أنه ستكون هناك إعادة فرز أو لن تكون". وأكد أن تكلفة إعادة الفرز أعلى بكثير من تكلفتها عام 2016، لأنها تضمنت أموالاً إضافية لإجراءات للتباعد الاجتماعي بسبب فيروس كورونا.
اضف تعليق