مصطفى الكاظمي الذي وتولى رئاسة الحكومة في العراق، بعد أشهر من عدم الاستقرار السياسي والاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتدني مستوى الخدمات الأساسية، سيواجه مشكلات كبيرة فيما يخص معالجة بعض الملفات المهمة، بسبب هيمنة الاحزاب والكتل المتنفذة، يضاف الى ذلك الصراع المستمر بين إيران وامريكا...
تواجه حكومة الكاظمي تحديات وظروف اقتصادية وامنية وصحية صعبة، في ظل انخفاض أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا في العراق، الذي يعاني اصلاً من مشكلات وازمات كبيرة بسبب استمرار الخلافات السياسية ونظام المحاصصة وتفشي الفساد المالي والاداري، وفي أول خطاب متلفز له، تعهد الكاظمي وكما نقلت بعض المصادر، بإجراء انتخابات مبكرة ومكافحة تفشي فيروس كورونا وتشريع قانون للموازنة العامة التي ماتزال معطلة، ومحاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة وإعادة النازحين إلى ديارهم.
ويرى بعض المراقبين مصطفى الكاظمي الذي وتولى رئاسة الحكومة في العراق، بعد أشهر من عدم الاستقرار السياسي والاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتدني مستوى الخدمات الأساسية، سيواجه مشكلات كبيرة فيما يخص معالجة بعض الملفات المهمة، بسبب هيمنة الاحزاب والكتل المتنفذة، يضاف الى ذلك الصراع المستمر بين ايران والولايات المتحدة وباقي حلفاء العراق، الذي يعد اليوم ساحة حرب مفتوحة للكثير من الاطراف والقوى العالمية التي تسعى الى تأمين مصالحها العسكرية والاقتصادية في هذا البلد المهم.
يرى مراقبون آخرون ان خطط وقرارات الكاظمي وعلى الرغم من صعوبة الامر، ربما ستسهم في تحقيق بعض النتائج المهمة، خصوصا وانه يسعى الى بناء حكومة قوية بعيدة عن التدخلات الاحزاب ومصالحها، ويعمل ايضاً على تقريب وجهات النظر بين الحلفاء بما يخدم مصالح الجميع، وهو ما اكده خلال أول رحلة خارجية له الى ايران منذ استلام منصبه والتي ستتبعها زيارة اخرى الى السعودية وامريكا، فهو يحاول تحقيق توازن في العلاقات مع الغريمين الإقليميين كما انه سيسعى الى ايجاد تقارب بين طهران وواشنطن.
وتولى الكاظمي منصب رئيس الوزراء بعد أن شغل منصب رئيس جهاز المخابرات لنحو أربع سنوات، ما ساعده على تكوين علاقات متنوعة. وإضافة إلى صداقته مع ولي العهد السعودي، للكاظمي علاقات جيدة أيضاً مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية ودوائر حكومية في الدولة، ما قد يجعل منه بحسب مراقبين، وسيطاً بين الخصمين الإقليميين. والكاظمي ايضا له علاقة مع واشنطن وهو ما قد يسهل الكثير من الامور.
العراق وايران
سعت بغداد وطهران إلى تخفيف حدة التوتر السياسي بينهما وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن العراق لن يسمح بأي تهديد لإيران انطلاقا من أراضيه. وخلال زيارته لطهران، أشار الكاظمي في مؤتمر صحفي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى اهتمام العراق بألا يصبح ساحة معركة بين إيران والولايات المتحدة.
وقال الكاظمي في المؤتمر الصحفي الذي بثه التلفزيون الرسمي الإيراني على الهواء مباشرة إن شعب العراق يريد علاقات طيبة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية مبنية على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين. ويواجه رئيس الوزراء العراقي مهمة صعبة للموازنة بين إيران والولايات المتحدة اللتين اقتربتا من الدخول في صراع مفتوح في المنطقة خلال العام المنصرم خاصة على الأراضي العراقية.
وخلال اجتماع مع الكاظمي في وقت لاحق، أشاد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالحشد الشعبي وهي قوات عراقية تابعة لسيطرة الدولة. وأضاف خامنئي أن إيران لن تتدخل في العلاقات بين العراق والولايات المتحدة وذلك وفقا لما نُشر على موقعه الإلكتروني الرسمي. وقال الكاظمي في أول زيارة خارجية بعد توليه رئاسة الوزراء ”العراق لا يمكن أن يكون، ولن يسمح، أن يكون هناك أي تهديد للجمهورية الإسلامية من الأراضي العراقية“. وخلال أول شهرين للكاظمي في منصبه، نفذت قوات الأمن مداهمتين لاعتقال أعضاء فصائل مسلحة لكن سرعان ما أفرج عن معظمهم. وأشادت الولايات المتحدة بهذه الخطوات. بحسب رويترز.
وقال روحاني خلال إنهما ناقشا توسيع العلاقات التجارية ومحاربة فيروس كورونا المستجد والجهود المبذولة لضمان الاستقرار الإقليمي. وقال روحاني بعد اجتماع استمر ساعة مع الكاظمي "تتمثل إرادة الحكومتين في توسيع العلاقات التجارية الثنائية إلى 20 مليار دولار". ويعد العراق إحدى الوجهات الرئيسية للصادرات الإيرانية غير النفطية، لكن التجارة الثنائية تراجعت مع إغلاق الحدود موقتاً بسبب جائحة كوفيد-19. وقال روحاني إن إيران مستعدة "للوقوف إلى جانب العراق من أجل استقرار وأمن العراق والمنطقة". كما تعهد الرئيس الإيراني مساعدة بغداد من خلال "تزويدها كل ما تحتاج اليه من أدوات صحية وطبية" لمحاربة كوفيد-19.
وكان من المقرر أن يزور رئيس الوزراء العراقي السعودية، الخصم الإقليمي لإيران، قبل التوجه إلى طهران، لكن زيارته إلى الرياض تأجلت بسبب دخول الملك سلمان إلى المستشفى. وكان يفترض أن تحصل الزيارتان وفق تعاقب يضمن لرئيس الوزراء العراقي لعب دور متوازن قد يتيح له القيام بوساطة محتملة بين الرياض وطهران. وتشهد المنطقة توتراً متفاقماً أطرافه المملكة العربية السعودية وحليفها الأميركي من جهة ومن جهة ثانية إيران المتهمة، من بين أمور أخرى، بالرغبة في بسط نفوذها في المنطقة. ويشكل العراق بصورة متكررة مسرحاً للتوتر بين إيران والولايات المتحدة، وكلاهما تربطهما علاقات وثيقة مع بغداد.
العلاقة مع دول الخليج
في السياق ذاته قال التلفزيون الرسمي السعودي إن السعودية والعراق وقعا اتفاقات للاستثمار في الطاقة والرياضة. وكان وفد عراقي، برئاسة وزير المالية علي علاوي، وصل إلى السعودية في زيارة رسمية. وكان من المقرر أن يصل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لكن زيارته أُلغيت بعد دخول الملك سلمان المستشفى لإجراء فحوص طبية.
وركزت الاجتماعات على تعزيز التعاون في شتى المجالات وإقامة شراكة بين القطاع الخاص في البلدين، بحسب وكالة الأنباء السعودية. ووقع البلدان مذكرة تفاهم تركز على جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد وتقديم مساعدة طبية للعراق. وأوضحت الوكالة الرسمية أنه جرى توقيع مذكرة بين الصندوق السعودي للتنمية ووزارة المالية العراقية لتقديم قروض لعدد من مشروعات التنمية بالعراق.
الى جانب ذلك أعلن وزير النقل العراقي ناصر الشبلي وكما نقلت بعض المصادر، سعي وزارته للإسراع في إعادة افتتاح منفذ عرعر الحدودي مع المملكة العربية السعودية، وزيادة التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين. وقال بيان لوزارة النقل، إنه تمت مناقشة أهمية انفتاح العراق على العالم بصورة عامة، ودول الجوار بشكل خاص، لتمتين العلاقات وفتح آفاق التعاون في مجال النقل كافة، سواء النقل البري أو البحري أو الجوي، لتفعيل التجارة وتنشيط الجانب الاقتصادي العراقي.
وتم التأكيد على «أهمية العمل الجاد والمتواصل خلال الفترة القادمة، واعتماد آلية عمل جديدة لتسريع افتتاح منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية». كما أكد الوزير العراقي «ضرورة تهيئة المتطلبات الأساسية لعمل الموانئ والسكك الحديدية، والنقل البري عبر المنافذ الحدودية مع السعودية، والتي ستمثل حلقة تواصل بمختلف المجالات، وتلقي بالفائدة الاقتصادية لكلا الجانبين». وأشار وزير النقل إلى أن «الوزارة بتشكيلاتها ستأخذ دوراً مهماً في هذه اللجنة، باعتبارها الناقل الوطني العراقي».
من جانبها نقلت صحيفة الشرق الاوسط عن باحث أميركي في شؤون الطاقة والكهرباء قوله، إن "الربط العراقي – الخليجي، لطالما دعت إليه واشنطن، وأعلنت الولايات المتحدة دعمها الكامل لمشروع يربط شبكات الكهرباء بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، إنها «ملتزمة بتسهيل هذا المشروع وتقديم الدعم عند الحاجة».
وطبقاً للبيان، فإن هذا المشروع سيوفر «الطاقة الكهربائية للعراقيين الذين هم في أمس الحاجة إليها». وأضاف البيان أن «المشروع سيمكن من دفع العجلة الاقتصادية العراقية، ويدعم التنمية الاقتصادية؛ خصوصاً في المحافظات الجنوبية». وتابع البيان بأن «حكومة العراق ومجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، يتطلعون إلى زيادة التعاون الاقتصادي والطاقوي الوثيق بينهم، كأساس للسلام والتنمية والازدهار في المنطقة».
بدوره، قال روبرت بريس، الباحث الأميركي في شؤون الطاقة والكهرباء، إن الربط العراقي – الخليجي للكهرباء، لطالما دعت إليه واشنطن من أجل وقف تدفق المال العراقي إلى إيران، بسبب اتفاقية الدعم الكهربائي الذي تقدمه طهران إلى العراق. وأوضح بريس في مقالة له نشرتها صحيفة «ذا هيل» الإلكترونية، أن سبب ضعف الكهرباء في العراق يعود إلى عام 1991 بعد عملية «عاصفة الصحراء»، إذ ضربت القوات الأميركية تلك الفترة شبكة الكهرباء العراقية، بسبب دخول نظام صدام حسين السابق إلى الكويت، ما دعا دول المنطقة إلى التحالف مع الولايات المتحدة في هزيمته وتحرير الكويت.
الوضع الامني
على صعيد متصل دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من بغداد إلى "عدم التهاون في مواجهة" تنظيم داعش، مشدداً على حفظ السيادة العراقية، في أعقاب الغارات الأميركية والإيرانية التي كادت تجعل من العراق ساحة حرب. ولودريان هو أول مسؤول حكومي غربي يزور العراق منذ تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة. وهي ليست الزيارة الأولى له إلى العراق، حيث تواجد في مناسبات عدة خصوصاً كوزير للدفاع خلال المعارك ضد تنظيم داعش.
ومنذ إعلان "النصر" نهاية العام 2017، تزايدت الخلافات داخل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. ويتهم الأوروبيون واشنطن بتهديد تواجد القوات الأجنبية التي تقاتل الجهاديين، من خلال شن غارات بقرارات أحادية ضد فصائل شيعية. واغتالت واشنطن بداية العام الحالي الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بغارة في بغداد، ما استدعى البرلمان العراقي إلى إنهاء تواجد القوات الأجنبية.
وتطالب فرنسا، التي طالتها اعتداءات التنظيم المتطرف ولديها 14 جهادياً فرنسياً في السجون العراقية، بمواصلة العمليات ضد التنظيم الذي ما زالت لديه خلايا نائمة في أنحاء العراق. وقال لودريان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي فؤاد حسين "يجب عدم التهاون في الحرب ضد التنظيم ". وأضاف أن "هدف التحالف الأساسي كان محاربة داعش، ولا يمكن للتحالف أن يعمل خارج هذا السياق". وتابع أن "مهمة التحالف هي احترام السيادة العراقية، وهذا شرط للثقة والكفاءة".
وفي المقابل، لفت الوزير الفرنسي إلى أن العراق "يجب أن ينأى بنفسه عن التوترات المجاورة". وأعلن لودريان "دعم القرارات الأولية" لحكومة الكاظمي، وخصوصاً استعادة السيطرة على المؤسسات التي ينخرها الفساد أو تسيطر عليها جماعات مسلحة، إضافة إلى السعي لوقف الهجمات الصاروخية ضد المصالح الأميركية أو التحالف الدولي.
وفيما يمر العراق بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، أعلن لودريان أيضاً عن تسهيلات مالية من فرنسا للعراق، بقيمة مليار يورو (1,2 مليار دولار). وقال إن المبلغ سيكون مخصصاً لـ"مشاريع بناء كبرى في مجالات النقل والطاقة والمياه". ويعاني العراق من عقود من نقص في مياه الشرب والري، وتهالك في بنيته التحتية، وانقطاع مزمن في الكهرباء التي تنقطع في معظم محافظات العراق 12 ساعة على الأقل يومياً.
من جانب اخر أفاد مصدر أمني أن مواطنة المانية تعرضت للخطف خارج مكتبها في وسط بغداد. وكانت هيلا ميفيس، التي تدير برامج فنية في مركز "بيت تركيب" الذي ينظم فعاليات فنية، قد غادرت مكتبها "على متن دراجتها الهوائية عندما شوهدت سيارتان، احداهما شاحنة بيضاء صغيرة تشبه تلك التي تستخدمها القوات الامنية، تقومان بخطفها". وشاهد عناصر أحد مراكز الشرطة عملية الخطف الا انهم لم يتدخلوا، وفق المصدر. بحسب فرانس برس.
وقالت ذكرى سرسم احدى صديقات المواطنة الألمانية إن ميفيس كانت تشعر بالقلق بعد مقتل هشام الهاشمي، وهو باحث عراقي كان يدعم الاحتجاجات المناهضة للحكومة العام الماضي. وأضافت سرسم "لقد تحدثت اليها (ميفيس) وهي كانت بالفعل منخرطة في الاحتجاجات أيضا، لذلك كانت تشعر بالتوتر بعد الاغتيال".
اضف تعليق