q
الازمة الحالية ربما تكون مختلفة وخطيرة خصوصا وأنها تأتي في ظل انتشار وتفشي فيروس كورونا المستجد عالمياً، وأن هذه الأزمة الراهنة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، لذا لبنان بحاجة إلى مساعدات خارجية ملحّة لتفادي أسوأ العواقب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية نتيجة الى الفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة...

تفاقمت الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان بشكل كبير في الفترة الاخيرة، ويشهد لبنان في هذه الفترة وكما نقلت بعض المصادر، أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، يتزامن مع شحّ الدولار وفقدان العملة المحلية وارتفاع معدل التضخم، ما جعل قرابة نصف السكان تحت خط الفقر. ودفعت هذه الأزمة وغيرها من الازمات الاخرى، مئات آلاف اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ 17 أكتوبر احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة.

الازمة الحالية وكما يرى بعض المراقبين، ربما تكون مختلفة وخطيرة خصوصا وانها تأتي في ظل انتشار وتفشي فيروس كورونا المستجد عالمياً، وأوردت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير خاص نشر في وقت سابق، أن الأزمة الاقتصادية الراهنة "غير مسبوقة في تاريخ البلاد"، منبّهة إلى أن "لبنان يحتاج إلى مساعدات خارجية ملحّة لتفادي أسوأ العواقب الاجتماعية". وتخلّف لبنان في مارس عن تسديد ديونه الخارجية، للمرة الأولى في تاريخه. وأقرّت الحكومة نهاية أبريل خطة اصلاح اقتصادية، طلب لبنان على أساسها مساعدة من صندوق النقد الدولي. ويأمل لبنان الحصول على دعم دولي يقدّر بأكثر من 20 مليار دولار للخروج من أزمته، بينها 11 مليار أقرها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطاً اجراء إصلاحات لم تبصر النور.

وتابع التقرير "إلى حين توفر دعم دولي أكبر، قد تحتاج الجهات المانحة الخارجية إلى زيادة مساعداتها الإنسانية لمساعدة اللبنانيين الأكثر تأثراً بالأزمة". ووجد عشرات الآلاف من اللبنانيين أنفسهم خلال الأشهر الأخيرة يخسرون وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم. وبحسب احصاءات رسمية، ارتفع معدل البطالة إلى أكثر من 35 في المئة. وتبدو الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان وكما نقلت بعض المصادر ماضية نحو المزيد من التعقيد، بحيث أصبحت الأسئلة الصعبة حول مستقبل الاستقرار في البلاد تتناسل باحثة عمن ينتشلها من أزمة بدأها انتشار فيروس كورونا، وأُضيفت إليها أزمة مالية خانقة. وينحو اللبنانيون باللائمة في الوضع الكارثي الذي آل إليه اقتصاد بلادهم على عقود من الفساد وارتفاع أسعار المواد الغذائية ومعدلات البطالة. كما لجأت الحكومات المتعاقبة إلى وضع ضوابط للتحكم في رأس المال، ما حال دون تمكن اللبنانيين من سحب مدخراتهم من العملة الصعبة.

دوامة عاصفة

ينجرف لبنان بشدة نحو هوة أزمة عميقة، ويلاحقه الفشل في كل خطوة يخطوها لمداواة جروح عملته المنهارة والإفلات من انهيار مالي أوسع، فيما يشعل المخاوف بشأن استقراره. وتراجعت آمال الخلاص، عبر اتفاق مع صندوق النقد الدولي، في ظل حكومة إما أنها غير راغبة أو عاجزة عن سن الإصلاحات، تعرقلها أجندات متضاربة لزعماء طوائف لا يريدون التنازل عن سلطة أو التخلي عن امتياز. وفي ظل غياب الدعم الخارجي، تتعمق جروح الليرة، لتفقد 80 في المئة من قيمتها منذ أكتوبر تشرين الأول.

ولا يزال نزيف احتياطيات مصرف لبنان المركزي مستمرا. وبدأ تضخم جامح على غرار ما حدث في فنزويلا. وزادت الاضطرابات الاجتماعية وانتشرت الجريمة. إن أي مؤشرات على الإصلاح قد تدر بعض المساعدات، خاصة من أوروبا، التي يساورها القلق من احتمال انهيار دولة عربية أخرى على أعتاب القارة وتوافد موجات جديدة من اللاجئين على شواطئها الجنوبية.

من جانب اخر أكد جنرال أمريكي دعم واشنطن لاستقرار لبنان في زيارة أثارت احتجاج متظاهرين، منهم أنصار لجماعة حزب الله على السياسات الأمريكية في البلاد. وتأتي زيارة الجنرال كينيث مكنزي للبنان، وهو متلق كبير للمساعدات العسكرية الأمريكية، بعد أن صعد حزب الله انتقاداته للسفيرة الأمريكية دوروثي شيا واتهمها بالتدخل السافر في شؤون لبنان الداخلية. ويواجه لبنان أزمة مالية حادة تشكل التهديد الأكبر لاستقراره منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. بحسب رويترز.

وتصنف الولايات المتحدة جماعة حزب الله، منظمة إرهابية. وهي أيضا طرف رئيسي في الحياة السياسية اللبنانية وتدعم حكومة رئيس الوزراء حسان دياب. وأفاد بيان للسفارة الأمريكية بأن مكنزي ”أكد مجددا أهمية الحفاظ على أمن لبنان واستقراره وسيادته“. من جانب اخر أصدر قاضٍ في لبنان قرارا غير ملزم يحظر على وسائل الإعلام نشر أي تصريحات للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا واجراء اي مقابلة معها بعد تصريحات أدلت بها بشأن حزب الله.

وشددت شيا خلال مقابلة أجرتها معها قناة الحدث السعودية على أن السياسة الأميركية تقضي "بتطبيق العقوبات المفروضة في إطار مكافحة الإرهاب ليس على حزب الله فحسب، بل كذلك على الجهات التي تقدّم له الدعم المادي". وأفادت السفيرة أن الولايات المتحدة لا تزال تقيّم الدرجة التي يمكن من خلالها اعتبار أن حكومة رئيس الوزراء حسّان دياب هي في الواقع "كما تقدّم نفسها، حكومة تكنوقراط مستقلة ليست رهينة لحزب الله".

وأشارت شيا إلى أن الولايات المتحدة "لم تر بعد ما كنا نأمل به من هذه الحكومة، أي خطوات ملموسة لتطبيق الإصلاحات التي يعد الاقتصاد بأمس الحاجة إليها"، في ظل ازمة اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة في لبنان. وأصدر قاضي الأمور المستعجلة في صور (جنوب) محمد مازح أمرا غير ملزم يقضي بـ"منع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم ألكترونية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية (دوروثي شيا) أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة، تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنية، عن العمل لمدة مماثلة، في حال عدم التقيد بهذا الأمر، وتحت طائلة إلزام الوسيلة الإعلامية المعنية بدفع مبلغ مئتي ألف دولار أميركي كغرامة إكراهية في عدم الالتزام بمدرجات هذا الأمر".

وأضاف في بيان نشرته الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية أن شيا تناولت في لقاء عبر قناة الحدث حزب الله، معتبرا أن ذلك "يخرج عن الأعراف الدبلوماسية المعهودة والمتعارف عليها... ويسيء لمشاعر كثير من اللبنانيين... ويساهم في تأليب الشعب اللبناني على بعضه، وعلى الحزب المذكور وما يمثل، ويثير نعرات طائفية ومذهبية وسياسية". من جهتها، قللت وزير الإعلام اللبنانية منال عبد الصمد من أهمية القرار وقالت "أتفهّم غيرة القضاء على أمن الوطن من تدخل بعض الدبلوماسيين في شؤونه الداخلية. لكن لا يحق لأحد منع الاعلام من نقل الخبر والحد من الحرية الاعلامية... وفي حال لدى أحد مشكلة مع الاعلام فليكن الحل عبر وزارة الإعلام والنقابة والدور الاستشاري للمجلس الوطني للاعلام وانتهاءً بمحكمة المطبوعات".

وانتقد أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله بشدة السفيرة الأميركية في بيروت متّهما إياها بـ"التدخّل" في كل مفاصل الحياة العامة في لبنان وبأنها تتصرف وكأنها "الحاكم العسكري" فيه. وقال نصرالله "رأينا في الأشهر الماضية، منذ أن وصلت السفيرة الجديدة إلى لبنان... أنها تتعاطى مع لبنان وكأنها حاكمه العسكري أو المندوب السامي فيه". وموقف نصرالله هي أول تعليق رسمي له على تصريحات لاذعة أطلقتها السفيرة الأميركية دوروثي شيا ضد الحزب الشيعي المتحالف مع إيران.

وقال نصرالله إن السفيرة الأميركية "تتدخل بالتعيينات وبالحكومة وبالوضع الاقتصادي". وحذّر بأن أخطر ما تقوم به السفيرة الأميركية هو "تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض"، متّهما إياها بأنها "تذهب إلى زعماء سياسيين في لبنان وتحرّضهم على حزب الله... وتدفع الداخل اللبناني نحو الاقتتال، والفتنة، والحرب الأهلية". وقال نصرالله إن كتلته النيابية ستطلب من وزير الخارجية اللبناني "استدعاء" السفيرة الأميركية و"مطالبتها بالالتزام بالاتفاقيات الدولية".

خطط وتحديات

في السياق ذاته ناشد صندوق النقد الدولي سلطات لبنان التوافق حول خطة الإنقاذ المالي الحكومية/ محذرا من أن محاولات تقليص الرقم المقدم للخسائر الناجمة عن أزمته المالية لن يؤدي إلا إلى إبطاء التعافي. وخطة الإنقاذ الحكومية ركيزة المحادثات مع الصندوق وترسم صورة لخسائر ضخمة في النظام المالي. وتعثرت المفاوضات نتيجة خلاف بشأن حجم الخسائر المالية أحدث توترا بين الحكومة والمصرف المركزي والبنوك التجارية ومشرعين من أحزاب لبنان السياسية الرئيسية.

الى جانب ذلك نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤول مالي كبير سابق قوله إن البنوك اللبنانية ”هرّبت“ ما يقرب من ستة مليارات دولار منذ أكتوبر تشرين الأول على الرغم من حجب التحويلات إلى الخارج مع دخول البلاد في أزمة مالية. وفرضت البنوك قيودا صارمة من أواخر 2019 بعد أن أدى انهيار مالي إلى شح في الدولار ودفع الأسعار إلى الارتفاع وأذكى الاضطرابات. وتعرضت البنوك لانتقادات بسبب تجميد مدخرات الناس بعد استخدام ودائعهم لتمويل الدولة المثقلة بالديون.

وقال آلان بيفاني الذي استقال من منصب المدير العام لوزارة المالية اللبنانية قبل أسبوعين لفايننشال تايمز إن ما بين 5.5 مليار وستة مليارات دولار ”جرى تهريبها خارج البلاد“ من قبل ”مصرفيين (لا يسمحون) للمودع بسحب 100 دولار“. وأضاف أن هذا التقييم من واقع فهمه لبيانات القطاع المصرفي ومشاورات مع سلطة الرقابة المصرفية. ولم يصدر تعليق حتى الآن من جمعية مصارف لبنان أو وزارة المالية. وسبق أن قال رئيس الجمعية إن القيود المفروضة تستهدف صيانة ثروة لبنان. بحسب رويترز.

وكان بيفاني، الذي شغل منصبه الكبير بالوزارة لمدة 20 عاما، ثاني عضو يستقيل من فريق التفاوض اللبناني مع صندوق النقد الدولي. وحمل بيفاني المصالح الخاصة مسؤولية تقويض خطة الإنقاذ الاقتصادي للحكومة، دون أن يذكر أسماء. واتهم في المقابلة السياسيين والمصرفيين بمحاولة ”الاستفادة من النظام دون تحمل أدنى خسارة“ بينما يجعلون اللبنانيين يدفعون ثمن الانهيار. وتعثرت محادثات صندوق النقد التي بدأت في مايو أيار بسبب خلاف بين الحكومة والبنك المركزي على حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.

الخيار الوحيد

تظافر عوامل الفقر والخوف من المستقبل والتوق لحياة مستقرة في دفع إلى موجة جديدة من الهجرة إلى الخارج. ولا تتوفر أعداد رسمية لطالبي الهجرة في لبنان ولكن التوقعات هي أن نسبة الراغبين بذلك هائلة، وقد يشكل ذلك أكبر خسارة لبلاد لطالما اعتبرت أن العنصر البشري فيها هو من أبرز مقوَماتها.

وشهد لبنان على مرّ التاريخ موجات متعددة من الهجرة بدءا من أيام العثمانيين عندما كان الكثيرون يركبون البواخر وينتهون في دول غير الدول التي اعتقدوا انهم ذاهبون اليها. حينذاك كان الفقر هو ما يدفع الناس الى الهجرة. ثم جاءت الحرب في السبعينيات وبدأت موجة أخرى من الهجرة هربا من القصف والاحتراب وانعدام الأمن. لكن كثيرين ممن عايشوا الحرب يقولون إنه بالرغم من هولها لم يكن هناك ضيق اقتصادي بحجم الضيق الذي يمر به لبنان، خصوصا في ما يتعلق بحجم انتشاره. فما تشهده دولة لبنان اليوم في ذكرى المئة سنة على تأسيسها هو أكبر أزمة مالية واقتصادية ومصرفية في تاريخها.

ومنذ بدء التحركات الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي،ِ حُكي الكثير عن الأسباب التي أوصلت البلاد الى هذه الحال وهي مرتبطة بالنموذج الاقتصادي الذي اعتِمد بعد الحرب اللبنانية، وبالهدر المالي والفساد والعجز بالميزان التجاري. غير أن لا يعرف حتى الآن هو كيفية الخروج من هذه الأزمة. فقد أعدّت الحكومة الحالية في مايو/ أيار الماضي ما سمتها بخطة انقاذ اقتصادية، وطلبت رسميا المساعدة من صندوق النقد الدولي، الا أنه حتى اللحظة لم تتبلور أي خطوة عملية في اتجاه تطبيق هذه الخطة. كما أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي

معلقة بسبب خلافات لبنانية على تقدير حجم الخسائر المالية في البلاد والتي على أساسها تبدأ أي مفاوضات مع الصندوق او أي دائنين محتملين آخرين.

ودفعت هذه المراوحة باثنين من المشاركين الأساسيين في الفريق اللبناني في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الى الاستقالة من منصبيهما٬ لوصولهما الى قناعة بأن لا نية حقيقة عند السلطة لاجراء إصلاحات. ويبدو أن تشابك المصالح السياسية والمالية وصراع النفوذ بين المصارف التي ترفض تحمّل المسؤولية عن الانهيار المالي والنقدي في البلاد، وبين من يعتبرون أن توزيع الخسائر لا يمكن الا أن يشمل المصارف وإعادة هيكلتها، يفاقم تردي الوضع الاقتصادي.

وبينما تغيب أي مبادرات جدية لتفعيل أي حل، يزداد الوضع المعيشي سوءا. وتقول أوليغ دكاش التي كانت قد عادت وعائلتها الى لبنان عام ٢٠١٧ بعد أن أمضت وزوجها سنوات طويلة في قطر: "كل شيء بات فاحش الغلاء، ليس فقط بالنسبة لنا، بل بالنسبة للجميع. لم نعد قادرين على تأمين الأساسيات لأولادنا". وهي تستعد اليوم للهجرة مجددا، لكن هذه المرة الى كندا. والدافع كما تقول: "في السنوات الثلاث الأخيرة التي أمضيتها في لبنان رأيت الويلات واكتشفت أني غير قادرة على العيش هنا".

وكثيرون في البلاد باتوا يشعرون كذلك. صحيح أن اللبنانيين تعايشوا منذ الحرب مع تراجع الخدمات في البلاد من كهرباء ومياه وأنتجوا أنظمة رديفة تغطي على عجز الدولة، غير أن الأزمة الحالية ذهبت أبعد من ذلك، فقد طالت معيشتهم اليومية ووصلت تداعياتها حتى الى غذائهم. وقد دفع الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الأساسية شرائح كثيرة الى التقشف في طعامها والتخلي عن اللحم بعد أن زاد سعره بمثابة الأربعة أضعاف عما كان عليه. وما قد يكون أسوأ بعد هو أن ارتفاع الأسعار لا يبدو انه يعرف سقفا.

فمعظم المنتوجات والسلع المستهلكة في لبنان مستورد من الخارج وبالتالي يِدفع ثمنه بالدولار الذي بات فجأة عملة نادرة وباتت قيمته مقابل الليرة اللبنانية مفتوحة على مزايدات السوق السوداء، حتى بلغ سعره اليوم في تلك السوق ستة أضعاف سعره الثابت منذ عام ١٩٩٧ وحتى انفجار الأزمة الحالية في نهاية العام الماضي. ويترافق هذا الواقع مع زيادة كبيرة في نسبة الفقر والتي يتوقع البنك الدولي أن تتفاقم في العام الحالي، وسط تخوف من انفلات آمني، وتسجيل عدد من حالات الانتحار التي يِعتقد أنها مرتبطة بالظروف المعيشية. بحسب بي بي سي.

ويقول إيلي أسود هو معالج فيزيائي، في التاسعة والثلاثين من العمر، يسعى للهجرة الى كندا: "وصلنا الى حائط مسدود في ما يتعلق بكل شيء إن كان بمهنتنا او بعائلتنا آو بمستقبلنا ومستقبل أولادنا. لم يعد بلدنا يقدم لنا أي شيء بتاتا، ولم يعد أمامنا من خيار سوى الهجرة". ليس الجوع أو الفقر وحدهما ما يدفعان الجميع للهجرة، انما الخوف من المستقبل والتوق لحياة مستقرة. في كل وداع وحديث عن الرحيل، غصة كبيرة. روزين لا تخفي دموعها وتصر بأنها غير مهاجرة بل ستحتفظ بمنزلها في لبنان، لتعود اليه بالتأكيد. أما إيلي فيتحدث عن تعلقه "غير الطبيعي" بلبنان، وتذكر أوليغ كيف أنها وزوجها عادا قبل ثلاث سنوات للاستقرار في البلد الأحبّ الى قلبهما. إلا أنها تعود وتقول: "العاطفة هي التي أعادتنا الى لبنان. ولكننا اكتشفنا أن العاطفة لا تطعم خبزا".

اضف تعليق