يعاني اليمن اليوم وفي ظل استمرار الحرب المدمرة من مشكلات وازمات انسانية وصحية خطيرة، تفاقمت بشكل كبير بعد انتشار فيروس كورونا في هذه البلاد الفقيرة، التي تواجه وبحسب بعض المراقبين خطر الانهيار خصوصاً مع انشغال العالم بجائحة كورونا وقلة المساعدات الانسانية المقدمة والتي لا تكفي لمواجهة الفقر والجوع...
يعاني اليمن اليوم وفي ظل استمرار الحرب المدمرة من مشكلات وازمات انسانية وصحية خطيرة، تفاقمت بشكل كبير بعد انتشار فيروس كورونا في هذه البلاد الفقيرة، التي تواجه وبحسب بعض المراقبين خطر الانهيار خصوصاً مع انشغال العالم بجائحة كورونا وقلة المساعدات الانسانية المقدمة والتي لا تكفي لمواجهة الفقر والجوع في بلد يعاني الحروب والأوبئة. ومنها وباء الكوليرا الذي اصاب اكثر من 2.3 مليون شخص وقتل اكثر من 4000 يمني. وتخشى الأمم المتحدة ان يتسبب فيروس كورونا بوفاة الالاف في ظل نقص الامدادات والاجهزة الطبية.
هذه الاوضاع الصعبة اثارت قلق ومخاوف الكثير من الجهات والمنظمات الحقوقية والانسانية، حيث اكدت الأمم المتحدة إن اقتصاد اليمن الذي تعصف به الحرب بات بصدد ”كارثة غير مسبوقة“ بسبب تخفيضات كبيرة على المساعدات وتباطؤ التحويلات وعملة آخذة بالضعف فضلا عن جائحة فيروس كورونا. وحث مارك لوكوك منسق الإغاثة بالأمم المتحدة الدول المانحة على ضخ العملة الصعبة في البنك المركزي وصرف التمويل الإغاثي وزيادته من أجل تفادي ”انهيار اقتصادي شامل“. ويعتمد نحو 80 بالمئة من سكان اليمن على المساعدات بسبب الحرب الدائرة منذ ست سنوات.
وقال لوكوك ”أسعار الغذاء ارتفعت إلى 30 بالمئة في بعض المناطق وفي غياب أي ضخ جديد للعملة الصعبة، فلن يزيد الوضع إلا سوءا“ مضيفا أن ”اقتصاد اليمن... بصدد كارثة غير مسبوقة“. وتعجز سفن شحن الوقود التجارية عن دخول البلاد بسبب الخلافات والمشاكل السياسية بين الاطراف المتصارعة، وقال لوكوك إن الوقود ضروري لضخ المياه ولكي تواصل مراكز الرعاية الصحية عملها.
مجاعة جديدة
يبدو اليمن على حافة مجاعة من جديد بينما لا تملك الأمم المتحدة أموالا كافية لمواجهة الكارثة التي تم تجنبها قبل 18 شهرا في هذا البلد الغارق بالحرب، كما قالت منسقة المنظمة الدولية للشؤون الإنسانية ليز غراندي. ومع اعتماد أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية على المساعدات بينما يتفشى فيروس كورونا المستجد من دون متابعة حقيقية ويعاني ملايين الأطفال من سوء تغذية، قالت غراندي إن وضع الكثير من العائلات قد يتحوّل من "القدرة على الصمود إلى الانهيار".
وجمعت الأمم المتحدة حوالى نصف المبلغ المطلوب لمساعدة اليمن والبالغ 2,41 مليار دولار في مؤتمر للمانحين في حزيران/يونيو استضافته السعودية التي تقود تحالفا عسكريا يساند الحكومة المعترف بها دوليا في مواجهة الحوثيين. ويشهد اليمن منذ سنوات أسوأ أزمة إنسانية في العالم حسبما تقول الامم المتحدة. وقد قتل وأصيب عشرات الآلاف ونزح الملايين عن منازلهم منذ بدء النزاع على السلطة في منتصف 2014.
وقالت غراندي إنّ برامج المساعدات التي تشمل الصرف الصحي والرعاية الصحية والغذاء، تغلق بالفعل بسبب نقص الأموال، فيما يبدو الوضع الاقتصادي "مشابها بشكل مخيف" لما كان عليه في أسوأ مراحل الأزمة حين واجه ملايين السكان خطر المجاعة قبل نحو 18 شهرا. في وقت يتبادل المتمردون والحكومة الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك. وذكرت المسؤولة الأممية أنّه "لا يُسمح للسفن المحملة بمواد قد تنقذ أرواحا بالدخول، والعملة تتراجع بسرعة كبيرة.
كما أن أموال البنك المركزي جفّت، وارتفع سعر سلة الغذاء الأساسية (...) بنسبة 30 في المئة في الأسابيع القليلة الماضية". وتابعت "نحن أمام العوامل نفسها التي دفعت البلاد سابقا نحو خطر المجاعة" لكن "ليس لدينا الموارد التي نحتاجها لمحاربتها ودحرها هذه المرة. إنه أمر يدعو للقلق العميق". وكانت السعودية أكبر مانح في مؤتمر حزيران/يونيو، وتعهّدت بتقديم 500 مليون دولار. كما أعلنت بريطانيا والولايات المتحدة، وكلاهما يصدّران أسلحة للمملكة، عن مساعدات كبيرة.
ورغم ذلك، قالت غراندي إنّ تسعة فقط من بين 31 مانحا قدّموا الأموال بالفعل، وهو ما كانت حذرت منه الأمم المتحدة في السابق على اعتبار ان المساعدات قد تقلّ مع استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم. وأوضحت "من الواضح جدًا أن وباء كوفيد-19 وضع ضغوطا على الميزانيات المخصّصة للمساعدات في جميع أنحاء العالم. لن يتمكنوا من القيام بما فعلوه سابقا، وسيكون تأثير ذلك كبيرا جدا".
وبحسب دراسة أجرتها كلية لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة، قد يكون هناك بين 180 ألفا وثلاثة ملايين إصابة في اليمن بعد أشهر قليلة من تفشي الفيروس، متوقّعة وفاة بين 62 و85 ألفا. لكن مع تصاعد احتياجات البلاد للرعاية الصحية في ظل انهيار هذا القطاع بفعل الحرب، تتضاءل القدرة على تلبيتها. وتواجه الأمم المتحدة "وضعا غير معقول" إذ إنها قد تضطّر إلى التوقف عن توفير الوقود للمستشفيات وكذلك أنظمة إمدادات المياه والصرف الصحي في جميع أنحاء البلاد، بحسب المنسقة الأممية. بحسب فرانس برس.
واضطر برنامج الأغذية العالمي الذي كان يوفّر المواد الغذائية الأساسية لـ13 مليون شخص، إلى تقليص عمليات التسليم لتشمل بين 8,5 و8,7 ملايين شخص شهريا فقط، بعضهم بنصف حصّة غذائية. وفي الوقت الذي بدأت فيه أزمة الفيروس، نفدت أموال منظمة الصحة العالمية المخصّصة لدفع رواتب عشرة آلاف من العاملين في مجال الصحة العامة في جميع أنحاء البلاد. وقالت غراندي "قبل 18 شهرا، كانت مهمتنا واحدة من أفضل العمليات الإنسانية تمويلا في العالم". غير أنّ البلاد "عادت الآن إلى حيث كانت، والفرق هو أنه ليس لدينا الآن الموارد التي نحتاجها من أجل قلب الأمور".
أطفال اليمن
على صعيد متصل قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في اليمن قد يرتفع إلى 2.4 مليون بنهاية العام بسبب النقص الكبير في تمويل المساعدات الإنسانية. وحذر تقرير صادر عن يونيسف من ارتفاع بنسبة 20 في المئة في عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية دون سن الخامسة، أي ما يقرب من نصف عدد الأطفال في هذا العمر في البلد.
وقالت مندوبة يونيسف في اليمن سارة بيزولو نيانتي ”إذا لم نتلق تمويلا عاجلا، فسيجد الأطفال أنفسهم على شفا المجاعة وسيتوفى الكثيرون“. وقالت الأمم المتحدة إنها لا تملك التمويل الكافي للحفاظ على تدفق المساعدات، وهي الأكبر في العالم. وتناشد يونيسف منحها 461 مليون دولار لاستجابتها الإنسانية، التي تمول حاليا 39 في المئة منها فقط، و53 مليون دولار لاستجابتها لمرض كوفيد-19 التي تمول 10 في المئة منها فقط.
وتواجه برامج التطهير والتطعيم ومحاربة سوء التغذية خطر الإغلاق وتراجع أعدادها. ويقف النظام الصحي اليمني على حافة الانهيار وكانت المساعدات هي ما أعانه على الاستمرار. وانتشرت الكوليرا والملاريا وحمى الدنج وسط السكان الذين يعانون من سوء التغذية حتى قبل تفشي فيروس كورونا. وقالت يونيسف إن حوالي 7.8 مليون طفل خارج المدارس الآن، مما يعرضهم لخطر عمالة الأطفال والتجنيد في الجماعات المسلحة وزواج الأطفال. وقالت نيانتي ”سبق أن قالت يونيسف وتكرر مرة أخرى أن اليمن أسوأ مكان في العالم بالنسبة للأطفال، وأن الوضع لا يتحسن“. بحسب رويترز.
وقالت الأمم المتحدة إن الفيروس ينتشر بضراوة في هذا البلد الذي يعاني من أنظمة صحية مهترئة ولا يتمتع بقدرات ملائمة لفحص حالات الإصابة، كما يُعتقد أن معدلات الإصابة أعلى بكثير من التقارير الرسمية. وقالت أطباء بلا حدود في بيان إن ضعف القدرة على إجراء الاختبارات جعل من الصعب تحديد الأعداد بدقة لكن المرضى الذين يلقون حتفهم ”مصابون بوضوح بأعراض كوفيد-19“. وأضاف البيان أن الأمراض المتوطنة مثل الملاريا وحمى الضنك ”لا تسفر أبدا عن هذا العدد الكبير من الوفيات خلال هذا الوقت القصير“ في اليمن.
ازمة الوقود
أزمة الوقود وكما نقلت بعض المصادر، ليست أمرا جديدا في اليمن الغارق في الاقتتال اليومي منذ 2014، لكن الأزمة بدأت تتضخّم مؤخّرا بينما يمر البلد الفقير بأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة، يفاقمها تفشي فايروس كورونا المستجد. إذ تصطف سيارات كثيرة أمام محطات الوقود منذ نحو شهر، وسط معاناة من نقص حاد في المحروقات له تداعيات وخيمة على السكان بعد سنوات الحرب المضنية.
ويشهد اليمن نزاعاً مسلّحاً منذ يوليو 2014 وقتل في اليمن منذ بدء عمليات التحالف آلاف المدنيين، فيما نزح أكثر من 3,3 ملايين شخص عن منازلهم. وتتّهم الحكومة والتحالف الذي تقوده السعودية الحوثيين بالتسبّب في النقص في الوقود في محاولة للضغط من أجل رفع الحصار المفروض عليهم، إلا أن الحوثيين قالوا أن التحالف يمنع وصول الوقود إلى مناطقهم بهدف خنقهم اقتصاديا.
ويجد المدنيون أنفسهم عالقين وسط تبادل الاتهامات يوميا، مع تحذير منظمات دولية من أن الوقود أصبح سلاح حرب. وقال مدير منظمة “أوكسفام” في اليمن محسن صدّيقي في تصريحات صحفية “قد يؤدي نقص الوقود الذي طال أمده إلى تعريض الملايين لخطر الإصابة بفايروس كورونا المستجد والأمراض المنقولة بالماء مثل الكوليرا لأن الوقود ضروري لتوفير المياه النظيفة في اليمن”. كما يؤثر شح الوقود على إنتاج الكهرباء وتشغيل المستشفيات وحركة النقل والأسعار.
وحذّرت شركة النفط اليمنية من أنّ مخزوناتها بدأت تنفذ. وقالت الشركة في بيان إنّ التحالف يمنع منذ نحو ثلاثة أشهر 15 ناقلة على الأقل من تفريغ 420 ألف طن من الوقود والديزل في ميناء الحديدة (غرب) الواقع كذلك في منطقة يسيطر عليها الحوثيون. ويقوم التحالف عادة بتفتيش السفن المتجهة نحو الحديدة لمنع تهريب السلاح. في المقابل، تنفي الحكومة المعترف بها دوليا احتجاز التحالف للسفن، وتقول إنّ الحوثيين افتعلوا الأزمة “لممارسة الابتزاز”، وفقا لوزير الإدارة المحلية عبد الرقيب فتح الذي يرئس اللجنة الوطنية للإغاثة في الحكومة.
وطالت التبعات مستشفى الثورة في صنعاء. وقال مدير المستشفى عبد اللطيف أبو طالب إنّ الكهرباء لم تعد تصل بشكل منتظم، محذّرا من أنّ قسمي العناية الفائقة وغسيل الكلى قد يكونان الأكثر تضررا. وأضاف “بسبب نقص الوقود، لم يعد الأطباء والممرضات يصلون بسهولة إلى المستشفى”، مشيرا إلى أنّ أسعار المعدات والمنتجات اللازمة لعمل أقسام المستشفى باتت مرتفعة للغاية.
وفي مقابلة صحفية، صرّحت منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليزا غراندي أن “الوقود اللازم للحفاظ على عمل المستشفيات وتشغيل محطات المياه وتشغيل أنظمة الري، محتجز في السفن”. وقالت “مشكلة السفن تفاقم الوضع الاقتصادي الذي يشبه بشكل مخيف ما رأيناه عندما كانت البلاد على حافة المجاعة قبل 18 شهرا”
اضف تعليق