q
تواصل الولايات المتحدة الامريكية أكبر الدول المتضررة جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، حربها الجديدة ضد هذا الفيروس القاتل الذي اصاب ما يقرب من مليون ونصف المليون مواطن امريكي واودى بحياة اكثر من 82 الف شخص، ليصبح بذلك الأكثر حصدا للأرواح من أي موسم للإنفلونزا منذ عام 1967...

تواصل الولايات المتحدة الامريكية أكبر الدول المتضررة جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، حربها الجديدة ضد هذا الفيروس القاتل الذي اصاب ما يقرب من مليون ونصف المليون مواطن امريكي واودى بحياة اكثر من 82 الف شخص، ليصبح بذلك الأكثر حصدا للأرواح من أي موسم للإنفلونزا منذ عام 1967. ووفقا للمراكز الأمريكية فإن مواسم الإنفلونزا الأكثر حصدا للأرواح على الإطلاق كانت في 1967 عندما مات حوالي 100 ألف أمريكي، وفي 1957 عندما مات 116 ألفا، والإنفلونزا الإسبانية في 1918 عندما مات 675 ألفا.

كما اثر هذا الفيروس بشكل سلبي على أكبر اقتصاد في العالم، والذي يعاني اليوم من شلل تام بسبب الاجراءات المتشدد والحجر الصحي، حيث خسر الاقتصاد الأمريكي وبحسب بعض المصادر 20.5 مليون وظيفة خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، وهو رقم غير مسبوق، وارتفعت نسبة البطالة إلى 14.7% مسجلة أعلى مستوياتها منذ الثلاثينيات، وفق ما أظهرت أرقام وزارة العمل. وأوضحت وزارة العمل الأمريكية في بيان: "انخفض التوظيف بشدّة في جميع القطاعات الرئيسية، مع خسارة مهمة للوظائف خاصة في (قطاعي) الترفيه والفنادق".

وارتفع عدد العاطلين عن العمل من 15.9 مليون إلى 23.1 مليون، كما ارتفع عدد العاملين بدوام جزئي لأسباب اقتصادية بمعدل الضعف تقريبا ليصل إلى 10.9 مليون شخص. وخلال الشهر الماضي، تقدم ملايين الأمريكيين بطلبات للحصول على إعانة البطالة، بما يشير إلى أن عمليات تسريح الموظفين تمتد إلى قطاعات لم تتأثر بشكل مباشر بإغلاق الأنشطة الاقتصادية والقيود المتعلقة بفيروس كورونا المستجد. ويذكر أن جائحة "كوفيد-19" أدت منذ منتصف مارس/آذار الماضي إلى توقف العديد من قطاعات الاقتصاد الأمريكي، حيث قدم أكثر من 32 مليون أمريكي طلبات للحصول على إعانة بطالة خلال تلك الفترة.

من جانب اخر حذر خبير صحة أمريكي كبير أمام أعضاء من الكونغرس بأنهم يجب أن يستعدوا لمعركة "طويلة وصعبة" ضد فيروس كورونا المستجد وحض في الوقت نفسه على توسيع نطاق الفحوصات من أجل كبح انتشار الوباء. وقال توم فريدين، المدير السابق لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في إدارة باراك أوباما، إن على الحكومة أن تكون مستعدة بشكل أفضل لهزم المرض الذي ألحق ضررا كبيرا بالولايات المتحدة والعالم.

وأوضح خبير الصحة أمام لجنة في مجلس النواب الأمريكي "إلى أن يكون لدينا لقاح فعال، وإذا لم يحصل شيء غير متوقع، فإن عدونا الفيروسي سيكون موجودا معنا لعدة أشهر أو سنوات"، وذلك في أول جلسة استماع في الكونغرس حول الرد الفيدرالي في مكافحة الوباء. وأضاف فريدين الذي ترأس الرد الأمريكي على انتشار إيبولا عام 2014 ويرأس مبادرة صحة عالمية "ريزولف تو سايف لايفز"، "مع أن الأمور كانت بمثل هذا السوء حتى الآن، لا نزال في البداية". وقال "النتيجة هي أن حربنا على كوفيد-19 ستكون طويلة وصعبة". وأقر بأن الأمريكيين يتطلعون للعودة إلى الحياة الطبيعية مع استئناف الأنشطة الاقتصادية والسماح لبعض الأعمال باستئناف عملياتها.

تخفيف الاجراءات

ولإنعاش الاقتصاد، بدأت أكثر من 35 من الولايات الأمريكية الخمسين رفع إجراءات العزل الصارمة التي فرضتها، أو باتت على وشك القيام بذلك، بينما تتضاعف التظاهرات "لإعادة فتح أمريكا" في جميع أنحاء البلاد. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يواجه ازمة كبيرة في وقت سابق على تويتر "ستفتح تكساس الأنشطة التجارية على مراحل. قام الحاكم غريغ أبوت بعمل جيد". وقبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية، بدأ صبر الرئيس الجمهوري ينفد لرؤية الاقتصاد يخرج من السبات الذي سببته القيود المفروضة لكبح انتشار الفيروس، وجدد هجومه في هذا الصدد على الحاكمة الديموقراطية لولاية ميشيغان، غريتشن ويتمر.

وأعادت تكساس فتح المحلات التجارية والمطاعم والمكتبات شرط ألا تعمل بأكثر من 25 بالمئة من طاقتها. وتظاهر آلاف الأشخاص في كاليفورنيا رافعين الأعلام الأمريكية للمطالبة برفع الحجر المطبق منذ اسابيع في ولايتهم. وبالقرب من شواطئ هانتيغتن بيتش التي أغلقت بأمر حاكم الولاية غافين نيوسوم، ردد المحتجون هتافات من بينها "افتحوا كاليفورنيا!". كما رفعوا لافتات كتب عليها "كل الوظائف أساسية" و"الحرية أساسية". وجرت تظاهرات مماثلة في مدن لوس أنجلس ونيويورك وشيكاغو. ففي نيويورك تظاهر آلاف من المستأجرين الذين يخشون خسارة مساكنهم بعدما فقدوا وظائفهم ويقومون بـ"إضراب للمستأجرين". وشارك نحو 12 ألف مستأجر يمثلون نحو مئة مبنى نيويوركي في التحرك، حسبما ذكرت منظمة "هاوزينغ جاستيس فور أول" التي تقود هذه الحركة غير المسبوقة منذ الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في ثلاثينات القرن الماضي.

توجد الولايات المتحدة في قمة "منحنى" منذ منتصف نيسان/ابريل، ولم تستطع النزول منه. وبدأت العدوى تنحسر ببطء في البؤر الكبرى، على غرار نيويورك، حيث لا تزال التدابير قائمة، لكنها توسعت في ولايات أخرى مثل فيرجينيا أو ماساتشوستس، وإن كان على نحو أقل مأساوية. أما تدابير الحجر المختلفة التي أقرها حكام الولايات الأميركية، فهي في أغلب الحالات أقل صرامة من نظيرتها في أوروبا. بحسب فرانس برس.

وقال حاكم ولاية نيويورك الأمريكية آندرو كومو إنه يعارض مطالب ”سابقة لأوانها“ بإعادة فتح الولاية مشيرا إلى أنه يعلم بأن الناس يعانون في غياب الوظائف لكنه شدد على ضرورة فهم فيروس كورونا بشكل أكبر. قال كومو إنه بحاجة إلى معلومات أكثر عن تأثير الجائحة على نيويورك، أشد الولايات تضررا بالوباء، قبل أن يخفف القيود. وقال ”عندما تكون في موقف لا تعتاده فإن هذا لا يعني أن تتقدم بشكل أعمى“. وأشار كومو إلى أن 900 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا تدخل المستشفيات في ولاية نيويورك يوميا مضيفا أن المسؤولين لم يحددوا بعد من أين تأتي الإصابات وهو ما اعتبره سببا كافيا للإبقاء على العزل العام.

ويشرح الباحث في مركز التنمية الدولية جيريمي كونينديك الأمر على تويتر بالقول "يبدو أن تدابير الحجر على الطريقة الأميركية تكفي لتجميد نسق العدوى، لكن ليس لخفضها". وأضاف هذا الخبير الذي يشغل أيضا عضوية لجنة مستقلة مكلفة بتقديم المشورة لمنظمة الصحة العالمية "دون تدابير إضافية، يمكن أن نبقى في أعلى هذا المنحنى لفترة". ودعا كونينديك خاصة إلى إيلاء اهتمام أكبر بالبؤر الجديدة للوباء في الولايات المتحدة، وهي "أماكن العمل وهياكل العلاج ضعيفة التأمين". ولوحظ في العاصمة الفدرالية واشنطن، وكذلك في ميريلاند وفيرجينيا، تزايد إصابات العمال الذين لا يمكنهم التزام منازلهم لاشتغالهم في قطاعات حيوية (المواد الغذائية، توزيع السلع، إلخ).

عقار ريمديسيفير

أكدت وزارة الصحة الأمريكية السبت أنها ستمنح لوزارات الصحة بمختلف الولايات صلاحية توزيع عقار "ريمديسيفير" الذي تنتجه شركة غلياد ساينسيز، والذي أظهر نتائج واعدة في مساعدة مرضى كوفيد-19 الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد. وكانت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية منحت الشركة موافقة طارئة على استخدام العقار، مما مهد الطريق لتوزيعه على نطاق واسع في الولايات المتحدة.

وأضافت الوزارة أنها ستتولى توزيع الجرعات على المستشفيات. وقد تعهدت غلياد بتوفير زهاء 607 آلاف جرعة من العلاج خلال الأسابيع الستة المقبلة. وكانت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية منحت الشركة موافقة طارئة على استخدام العقار بعد أن أظهر نتائج واعدة في مساعدة مرضى كوفيد-19، ما مهد الطريق لتوزيعه على نطاق واسع في الولايات المتحدة. وأظهرت البيانات أن العقار يساعد المرضى على التعافي في فترات أقل.

ووصف أنتوني فوسى، رئيس المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، نتائج التجربة بأنها تدعو للتفاؤل وقال خلال اجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "تُظهر البيانات أن remdesivir له تأثير واضح ومهم في تقليص وقت التعافي". كما أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن وزارة الصحة اليابانية ستسارع أيضًا في الموافقة على الدواء لكن الأمر ليس بهذه البساطة.

ونشرت المجلة الطبية البريطانية The Lancet، نتائج دراسة منفصلة أجريت على 237 مريضاً عبر 10 مستشفيات في مقاطعة هوبي الصينية. ووجد مؤلفو هذه الدراسة أن remdesivir لم يكن مرتبطا بفوائد سريرية ذات دلالة إحصائية، ومع ذلك، وجدت التجربة الصينية أن الدواء قلل من الوقت اللازم لتحسين حالة المريض بين أولئك الذين تظهر عليهم أعراض لمدة 10 أيام أو أقل، ما دفع المؤلفين إلى التوصية بمزيد من الدراسة.

وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن الاعتماد على أي دراسة من غير المرجح أن يكون الحل في إيجاد علاج فعال لفيروس كورونا، وذلك وفقاً لموقع "Foreign policy". وقالت ماريا فان كيرخوف، كبيرة خبراء الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية وعالمة الأوبئة والأمراض المعدية: "عادةً لن تغير دراسة واحدة قواعد اللعبة، لكن بمجرد أن نلقي نظرة على جميع الدراسات ونحكم عليها بشكل جماعي، يمكننا أن نخرج بنوع من الاستنتاج لنرى هل نجح العقار أم لا".

وفي تطور آخر توصل علماء في جامعة هولندية، إلى دواء متخصص، قادر على الوصول إلى المكون الأهمّ لفيروس كورونا، في خطوة توصل إلى الحصول على علاج لوقف انتشاره، حسب مجلة بلومبيرغ. وقدم بيريند جان بوش، من جامعة أوتريخت، ورقة بحثية بحاجة إلى مزيد من التجارب، لتحقيق نتائج سريرية دقيقة في هزيمة الفيروس، وتقوم على استخدام الجسم المضاد "وحيد النسيلة 47D11، بروتين سبايك"، الذي لم يهاجم فقط فيروس كورونا، بل هاجم قريبه من نفس العائلة فيروس سارس.

وتنشأ هذه الأجسام في المختبر، لمحاربة البكتيريا والفيروسات، وهي قوية للغاية، وتستهدف موقعاً واحداً بالتحديد على الفيروس، وأجريت تجارب على فئران معدلة وراثيا، لإنتاج أجسام مضادة أظهرت نتائج جيدة. ويجري العمل حول العالم على نحو 100 مشروع لقاح، باتت عشرة منها في مرحلة الاختبار السريري حالياً ويسعى العلماء الآن لإعادة تهيئة هذه الأجسام المضادة لعمل نسخة بشرية كاملة منها، لعلاج مرضى فيروس كورونا.

وتستهدف هذه الأجسام المضادة المواقع الضعيفة على سطح بروتينات فيروس كورونا، وأظهرت فاعلية في علاج كثير من الفيروسات، فضلاً عن الثورة العلاجية لمرض السرطان من قبل. ومع بدء الدول تخفييف تدابير الحجر المنزلي، تخشى منظمة الصحة العالمية التراخي في تدابير الوقاية، وتؤكد أن التوصل إلى لقاح أو علاج هو الطريقة الوحيدة لوضع حدّ للوباء الذي أرغم مليارات الأشخاص على ملازمة منازلهم وشل الاقتصاد العالمي وجعل من عشرات الملايين عاطلين عن العمل.

مقتل باحث صيني

على صعيد متصل قتل باحث صيني بجامعة بيتسبرغ، ولاية بنسلفانيا الأمريكية، كان على وشك التوصل لنتائج مهمة جدا تتعلق بفيروس كورونا. وأعلنت شرطة الولاية أنه تم العثور على جثة بينغ ليو البالغ من العمر 37 عاما بمنزله في بلدة روس تاونشيب، بعد أن قام رجل يدعى هاو غو، 46 عاما، بإطلاق النار عليه ثم انتحر. وقالت الشرطة إن ليو توفي متأثرا بجراحه، بعد أن أُصيب برصاصات في الرأس والرقبة والجذع، بينما كانت زوجته غائبة عن المنزل، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

وأكدت أن ليو، الذي يعمل أستاذا مساعدا في قسم الحوسبة البيولوجية في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ، وغو يعرفان بعضهما البعض، مشيرة إلى أنها لم تتوصل بعد إلى دافع القتل. من جهتها، قالت الجامعة في بيان إن ليو كان على وشك التوصل لنتائج مهمة للغاية عن الآليات الخلوية (بيولوجيا الخلايا) التي تكمن وراء عدوى فيروس كورونا، والأساس الخلوي للمضاعفات التالية. وحصل ليو، وهو مواطن صيني، على درجة البكالوريوس والدكتوراه في علوم الكمبيوتر في جامعة سنغافورة الوطنية، ثم قام بدراسات ما بعد الدكتوراه في جامعة كارنيجي ميلون المرموقة في بيتسبرغ. وانضم إلى الجامعة قبل 6 سنوات، ومضى في تأليف كتاب مشترك وأكثر من 30 منشورا، وكسب سمعة كباحث جيد ولاقى احترام زملائه.

ويُنظر على نطاق واسع للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة بأنها في أسوأ مراحلها منذ عشرات السنين، مع تزايد انعدام الثقة ونقاط الاحتكاك جراء مزاعم الولايات المتحدة بعدم عدالة التجارة والممارسات التكنولوجية، إضافة إلى النزاعات حول هونغ كونغ وتايوان والأراضي المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. وكثف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يواجه حملة صعبة لإعادة انتخابه بعد أن أودى فيروس كورونا بحياة عشرات الالوف في امريكا ودمر اقتصادها انتقاده لبكين بسبب انتشار فيروس كورونا.

اضف تعليق