تواجه سوريا التي تعيش جملة من الازمات والمشكلات المتفاقمة بسبب استمرار الحرب والتدخلات الخارجية، كارثة صحية جديدة بعد وصول فيروس كورونا المستجد الى هذا البلد الذي يعاني من واقع صحي خطير بسبب الحرب والعقوبات، حيث أثرت تسع سنوات من الحرب في سوريا بشدة على قدرة قطاع الصحة...
تواجه سوريا التي تعيش جملة من الازمات والمشكلات المتفاقمة بسبب استمرار الحرب والتدخلات الخارجية، كارثة صحية جديدة بعد وصول فيروس كورونا المستجد الى هذا البلد الذي يعاني من واقع صحي خطير بسبب الحرب والعقوبات، حيث أثرت تسع سنوات من الحرب في سوريا وكما نقلت بعض المصادر، بشدة على قدرة قطاع الصحة، إذ تعمل 50% فقط من المستشفيات العامة و47% من مراكز الرعاية الصحية الأولية العامة بشكل كامل بنهاية عام 2019. كما فرَّ آلاف من المهنيين الصحيين المؤهلين من البلد.
وحذرت العديد من الجهات والمنظمات العالمية، من خطر تفشي فيروس كورونا في سوريا، التي ستكون الدولة الأكثر عرضة لهذا الوباء عالميا في ظل الظروف المتردية للعديد من المدن بعد ان تعرضت منظومة الخدمات الصحية الأساسية والبنية التحتية الى الدمار. فرضت الحكومة السورية مجموعة من التدابير المشددة منها تعليق الدراسة والأعمال وحظر وسائل النقل العام ووقف رحلات الطيران. ويعيش ايضا في هذا البلد الكثير من النازحين داخل مخيمات مؤقتة مزدحمة الأمر الذي يثير قلق العاملين في المجال الطبي من أن يفتك المرض بأعداد كبيرة منهم.
وأكد ممثل منظمة الصحة العالمية في سوريا، نعمة سعيد عابد أن هذا البلد من الدول الأكثر عرضة لتفشي فيروس كورونا المستجد بسبب الحرب المندلعة فيه منذ سنوات والنظام الصحي الهش والأفراد الأقل حصانة صحية أمام الإصابة بهذا المرض. وأضاف ممثل منظمة الصحة العالمية قائلا: "نحن نقيم الوضع في سوريا كخطر جدا بصرف النظر عن القضية الراهنة"، على حد تعبيره. ويشكل عدد نازحي الداخل في سوريا الأكبر في العالم وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقال ممثل منظمة الصحة العالمية عن ذلك إن "اللاجئين أكثر عرضة للإصابة بالفيروس من بقية السكان".
حرب جديدة
وفي هذا الشأن يقول أطباء وعاملون في مجال الإغاثة إن وصول فيروس كورونا إلى سوريا يثير احتمال انتشار وباء قاتل وسط سكان عانوا أهوال الحرب على مدار تسع سنوات وإن خراب المستشفيات وتكدس المخيمات سيساعدان على الأرجح على سرعة انتشار العدوى. وأعلنت قيادة الجيش أنها جهزت المستشفيات العسكرية وأصدرت الأوامر بتقليل التجمعات لأدنى حد ممكن. وقال سامر خضر مدير مستشفى دمشق إن كل المستشفيات الخاصة والعامة في مختلف أنحاء البلاد جاهزة بموجب خطة وطنية للتعامل مع الفيروس.
ويقول سكان إن أسعار المطهرات والأقنعة ارتفعت بشدة في العاصمة التي شهدت إقبالا شديدا على شراء السلع. وقال رئيس منظمة أهلية محلية مقرها دمشق إن قدرات الكشف عن حالات الإصابة محدودة وإنه لا يوجد سوى معمل رئيسي واحد لإجراء اختبارات الفيروس حتى الآن. وأضاف طالبا إخفاء هويته أن بعض الحالات تعالج في مستشفيات عسكرية.
وفي مناطق من سوريا لا تخضع لسيطرة الدولة أغلقت قوات يقودها أكراد سوريون في الشمال الشرقي وجماعات معارضة تساندها تركيا في الشمال الغربي المعابر أيضا. وتسلمت وزارة الصحة السورية دفعة مساعدات طبية روسية خاصة بالكشف عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد ومعالجة المصابين به، إضافة إلى وسائل حماية للكوادر الطبية المكلفة بالتصدي للفيروس.
وقالت الوزارة إن "الدفعة الأولى التي تهدف إلى تدعيم قدرات القطاع الصحي للتصدي لفيروس كورونا المستجد، تشمل 50 جهاز تنفس اصطناعي ونحو 10 ألاف أداة اختبار لفحص فيروس كورونا وأجهزة واقية ضد الفيروس". وكانت الحكومة السورية تلقت ايضاً دفعة مساعدات طبية من الصين تضمنت 1000 جهاز تحليل للكشف عن فيروس كورونا .
خطر كبير
الى جانب ذلك حذرت الأمم المتحدة، من أن "فيروس كورونا يشكل خطرا محدقا بجميع السوريين". ودعت لتسهيل عمل المؤسسات الإنسانية، والسماح بوصول المساعدات، بما فيها العاجلة المتعلقة بمكافحة الفيروس. وجاء ذلك في بيان أصدرته كبيرة مستشاري الشؤون الإنسانية للمبعوث الخاص إلى سوريا "نجاة رشدي"،. وحذرت المسؤولة الأممية، في بيانها، من أن الاحتياجات الإنسانية في سوريا مازالت واسعة النطاق، حيث يحتاج أكثر من 14 مليون و700 ألف شخص للمساعدة.
وأضافت "يشكل فيروس كورونا خطرًا كبيرًا على جميع السوريين لا تزال هناك تحديات خطيرة، بما في ذلك الظروف المعيشية للنازحين داخليًا، ونقص الموظفين والمعدات الطبية". وكررت المسؤولة الأممية دعوة المبعوث الخاص إلى سوريا جير بيدرسن، بضرورة "وقف إطلاق النار في سوريا لبذل جهود شاملة لمكافحة كورونا". وفيما يتعلق بالحالة الإنسانية المأساوية داخل مخيم الركبان بالقرب من الحدود الأردنية، شددت رشدي، على ضرورة القيام ببعثة تقييم صحي فورية ودون عوائق ولتوصيل المساعدة الإنسانية بما في ذلك المواد الغذائية والصحية ومستلزمات النظافة إلى المخيم". ودعت "ذوي النفوذ لتمكين المغادرة الطوعية لسكان المخيم وإيجاد حل دائم لهم".
وأعربت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق عن قلقها من نقص حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد المبلغ عنها في سوريا واليمن، متوقعة حدوث انفجار في الحالات في تلك الدول. وكذلك قالت المنظمة العالمية، إن 12 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى خدمات صحية، بينهم 2.7 مليون بحاجة إلى مساعدة عاجلة في إدلب شمال غربي سوريا.
المنازل المدمرة والمخيمات
في السياق ذاته لم يمنع الدمار الكثير من النازحين السوريين من العودة إلى منازلهم التي تحول العديد منها إلى خراب بفعل الحرب. فرغم الدمار الذي تعرض له منزله في شمال غرب سوريا، قرر حسن خريبي العودة إلى مدينته أريحا، في محاولة لحماية أطفاله العشرة من خطر وباء كوفيد-19 الذي يهدد بكارثة إنسانية في حال انتشاره في مخيمات النازحين المكتظة. ويقول خريبي (45 عاما) الذي عاد مع عائلته إلى مسقط رأسه بعد النزوح: "المخيمات مكتظة بشكل كبير وخفنا من احتمال انتشار فيروس كورونا هناك بسب الازدحام". ويضيف "لذلك قررنا العودة إلى منازلنا حتى وإن كانت مدمرة، لنعيش فوق ركامها".
ولم تُسجل أي إصابة بعد بفيروس كورونا المستجد في إدلب ومحيطها، إلا أن منظمات إنسانية دولية حذّرت من كارثة إذا طال الوباء المخيمات المكتظة بالنازحين المنتشرة بشكل أساسي قرب الحدود التركية شمالا. وتفتقد المخيمات إلى الخدمات الأساسية خصوصا الصحية منها كشبكات المياه والصرف الصحي. ويبدو غسل اليدين أو الاستحمام بمثابة ترف لا يمكن لكثيرين الحصول عليه. وتأوي مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) والفصائل المقاتلة المعارضة في إدلب ومحيطها ثلاثة ملايين شخص، نصفهم تقريبا من النازحين من مناطق سورية أخرى. في أريحا، يحاول مئات العائدين إعادة الحياة شيئاً فشيئاً إلى المدينة.
بدأ بعضهم بإصلاح الأضرار التي طالت الأبنية والمنازل، وأعاد آخرون فتح محالهم والبحث عن مصدر رزقهم. على غرار غالبية الدول حول العالم، تركّز الحكومة السورية اليوم جهودها على الحدّ من انتشار الوباء. وقال منسقو الاستجابة، وهي جماعة إغاثة في شمال غرب سوريا، إن 103 آلاف و459 سوريا عادوا إلى بلدات في حلب وريف إدلب منذ وقف إطلاق النار.
ودعت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة حول سوريا في وقت إلى وقف لإطلاق النار لتفادي "تفاقم الكارثة" وقال رئيس اللجنة باولو سيرجيو بينيرو إن "وباء كوفيد-19 يشكل تهديداً مميتاً للمدنيين السوريين. كما أنه سيضرب من دون تمييز وسيكون تأثيره مدمراً على الأكثر ضعفاً في غياب إجراءات وقائية عاجلة". بحسب فرانس برس.
واستنزفت تسع سنوات من الحرب المنظومة الصحية في أنحاء سوريا، مع دمار المستشفيات ونقص الكوادر الطبية، إلا أن الوضع يبدو أكثر هشاشة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن 70 في المئة من العاملين في المجال الصحي غادروا سوريا، حيث 64 في المئة من المستشفيات كانت لا تزال في الخدمة حتى نهاية العام 2019.
اضف تعليق