أزمة تشكيل الحكومية في لبنان ماتزال محط اهتمام واسع داخل وخارج هذا البلد الذي يعاني من ازمات ومشكلات سياسية واقتصادية كبيرة، بسبب استمرار الخلافات السياسية والتدخلات الخارجية التي تسعى الى تحقيق مصالحها الخاصة، هذه الازمة اثار مخاوف العديد من الجهات والحكومات التي تخشى من استفحال...
أزمة تشكيل الحكومية في لبنان ماتزال محط اهتمام واسع داخل وخارج هذا البلد الذي يعاني من ازمات ومشكلات سياسية واقتصادية كبيرة، بسبب استمرار الخلافات السياسية والتدخلات الخارجية التي تسعى الى تحقيق مصالحها الخاصة، هذه الازمة اثار مخاوف العديد من الجهات والحكومات التي تخشى من استفحال الازمة التي قد تقود الى صراع داخلي خطير، وتعد الأزمة اللبنانية كما نقلت بعض المصادر، ذات خصوصية فريدة نظرا لطبيعة النظام السياسي بالدولة وتعدد طوائفها السياسية. ويرجع التعقيد الداخلي الذي يشهده لبنان إلى وجود عدة إشكاليات على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى تعقيدات الأجندات السياسية الداخلية والخارجية وتأثيرها في مسار الدولة.
ونتيجة للوضع الاقتصادي المتردي، وفشل الإدارة السياسية للدولة، طالب الحراك اللبناني في أكتوبر2019 بإدارة جديدة وحكومة إنقاذ تنتشل الدولة من أزماتها المالية والاقتصادية وتحسن إدارة مواردها، تتشكل من المختصين، وتختلف عن الحكومة السابقة. وتسببت هذه الاحتجاجات باستقالة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، وأعلن الرئيس اللبناني ميشال عون في وقت سابق ، عن تكليف الوزير السابق، حسان دياب، بتشكيل حكومة جديدة. وجاء تكليف دياب بعد مشاورات نيابية، أظهرت اختياره بأغلبية 69 صوتا، مقابل 13 صوتا لنواف سلام، وصوت واحد لحليمة قعقور. وامتنع 42 نائبا في البرلمان اللبناني عن التصويت لأي مرشح.
وكان من أبرز الكتل التي سمت دياب كتلة الوفاء للمقاومة، والتنمية والتحرير، وتكتل لبنان القوي. لكن وعلى الرغم من اختيار دياب فقد أخفق السياسيون المتناحرون في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة أو الخروج بخطة لإنقاذ اقتصاد البلاد. ويأمل لبنان تشكيل حكومة جديدة يمكنها تنفيذ إصلاحات سريعة وإقناع الدول المانحة بالإفراج عن الدعم المالي الذي سبق التعهد به.
ويواجه الاقتصاد اللبناني عدة إشكاليات، حيث تراجعت قيمة الليرة اللبنانية مع فرض البنوك قيوداً مشددة على النقد الأجنبي وارتفع معدل التضخم. كما أثر الوضع الاقتصادي اللبناني على دور لبنان في المنظمة الدولية، حيث أصبح لبنان غير قادر على التصويت في الأمم المتحدة وهي سابقة في تاريخ لبنان. ووفقا لما صرح به ستيفان دوجاريك المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة في وقت سابق قائلا: "إن لبنان من ضمن عشر دول فقدت حق التصويت في الجمعية العامة نظرا لتأخرها في دفع مساهماتها في موازنة الأمم المتحدة"، ويقدر المبلغ المستحق تسديده للمنظمة نحو 918 ألفاً و16 دولارا.
تطورات جديدة
وفي هذا الشأن أسفرت اشتباكات بين قوات الأمن اللبنانية والمحتجين عن إصابة العشرات وسط العاصمة بيروت. وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه وهي تطارد المحتجين الذين تسلحوا بأفرع الأشجار واللافتات المرورية في حي تجاري قرب مبنى البرلمان. وملأ المتظاهرون الشوارع مجددا خلال الأيام الماضية بعد هدوء في الاحتجاجات التي غلبت عليها السلمية وانتشرت في أنحاء البلاد في أكتوبر تشرين الأول بسبب الأوضاع الاقتصادية. ويقول المتظاهرون إن النخبة السياسية دفعت البلاد صوب أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
وتسبب لجوء الشرطة للضرب والاعتقالات في أثارة قلق الجماعات الحقوقية من احتمالات التحرك لسحق المعارضة. وأحاط دخان قنابل الغاز المسيلة للدموع بالمحتجين بينما هرعت سيارات الإسعاف عبر شوارع العاصمة. وقال شهود إن قوات الأمن أطلقت أيضا الرصاص المطاطي. وقال الصليب الأحمر اللبناني إن أكثر من مئة تلقوا العلاج من إصابات بينما نُقل 65 آخرون على الأقل للمستشفى من الجانبين. وقال مصدر أمني إن 15 محتجا على الأقل اعتقلوا.
وطلب الرئيس اللبناني ميشال عون من قادة الجيش والأمن استعادة الهدوء بوسط بيروت. وقال مكتب الرئاسة اللبنانية إن عون ”دعاهم للحفاظ على أمن المتظاهرين السلميين والأملاك العامة والخاصة وإعادة الهدوء إلى وسط بيروت“. وقال الحريري على تويتر ”مشهد المواجهات والحرائق وأعمال التخريب في وسط بيروت مشهد مجنون ومشبوه ومرفوض يهدد السلم الأهلي وينذر بأوخم العواقب. لن تكون بيروت ساحة للمرتزقة والسياسات المتعمدة لضرب سلمية التحركات الشعبية“.
وقالت قوى الأمن الداخلي ”يجري التعرض بشكل عنيف ومباشر لعناصر مكافحة الشغب على أحد مداخل مجلس النواب. لذلك نطلب من المتظاهرين السلميين الابتعاد عن مكان أعمال الشغب حفاظا على سلامتهم“. وأضافت قوى الأمن الداخلي في تغريدة على تويتر ”بعد الإنذارات التي أطلقناها عبر وسائل الإعلام لمغادرة المتظاهرين السلميين ستتم ملاحقة وتوقيف الأشخاص الذين يقومون بأعمال شغب وإحالتهم إلى القضاء“.
ورشق شبان يهتفون ”ثورة“ رجال الشرطة بالحجارة والحواجز المعدنية وأصص الزهور لدى محاولة المحتجين اقتحام أحد مداخل منطقة شديدة التحصين والحراسة في وسط بيروت تضم مبنى البرلمان. وقالت ريا الحسن وزيرة الداخلية اللبنانية إن من غير المقبول أن يعتدي المحتجون على قوات الأمن. وقالت في تغريدة ”أكتر من مرة تعهدت أنو أحمي التظاهرات السلمية، وكنت دايما أكد على أحقية التظاهر. بس أنو تتحول ها التظاهرات لاعتداء سافر على عناصر قوى الأمن والممتلكات العامة والخاصة، فهو أمر مدان وغير مقبول أبدا“.
وتعامل رجال مكافحة الحرائق مع نيران اشتعلت في مخيم احتجاج بوسط بيروت وأرسلت سحابات من الدخان من احتراق خيام. ولم يتضح سبب الحريق. ونفت قوى الأمن الداخلي تقارير إعلامية عن قيام بعض أفرادها بحرق المخيم الذي عقد فيه نشطاء نقاشات ونظموا اعتصامات في الأشهر الأخيرة. وشارك مئات المحتجين في مسيرات وهتفوا بشعارات مناهضة للطبقة السياسية في مناطق أخرى من العاصمة. بحسب رويترز.
كما تصاعد الغضب على المصارف التي حدت من إمكانية وصول العملاء لمدخراتهم وحطم محتجون واجهات بنوك وماكينات الصراف الآلي. وخسرت الليرة اللبنانية نحو نصف قيمتها بينما أدى نقص الدولار لارتفاع الأسعار وانهيار الثقة في النظام المصرفي. من جانب اخر قطع متظاهرون طرقاً في لبنان احتجاجاً على تأخر تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين وتسارع الانهيار الاقتصادي مع دخول الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية شهره الرابع. ويطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلة تماماً عن الأحزاب السياسية التقليدية في أسرع وقت ممكن تضع خطة إنقاذ للاقتصاد المتداعي.
قيود مصرفية
الى جانب ذلك طلب مصرف لبنان المركزي من البنوك إعادة دراسة تحويلات أموال إلى الخارج من سياسيين وموظفين حكوميين في الفترة بين 17 أكتوبر تشرين الأول و31 ديسمبر كانون الأول عندما اندلعت احتجاجات مناهضة للحكومة دفعت البنوك إلى فرض قيود غير رسمية على رؤوس الأموال أوقفت التحويلات إلى خارج لبنان. ويبدو هذا التحرك خطوة نحو التحقيق في تحركات أموال إلى خارج لبنان من سياسيين وأشخاص ذوي نفوذ بعد أزمة اقتصادية وسياسية تختمر منذ فترة طويلة وتسارعت وتيرتها في أكتوبر تشرين الثاني مع بداية الاحتجاجات.
ويطلب التعميم الموُقع في التاسع من يناير كانون الثاني، والصادر عن هيئة مكافحة تبييض الأموال، من البنوك تحديد مصدر الأموال المودعة في حسابات في الخارج والإبلاغ بأي نشاط مشبوه يتعلق بمثل هذه الحسابات. وطلب تعميم منفصل من لجنة الرقابة على المصارف في لبنان من البنوك تقديم تواريخ وأحجام التحويلات إلى سويسرا منذ يوم 17 أكتوبر تشرين الأول، وذلك دون طلب أسماء العملاء الذين قاموا بالتحويلات.
تفاقمت أزمة لبنان العام الماضي في ظل تباطؤ تدفقات العملة الصعبة، مما أدى إلى نقص في الدولارات اللازمة لتمويل عجز المالية العامة واحتياجات الواردات. وسعيا لمنع نزوح رؤوس الأموال، تفرض البنوك قيودا مشددة على الحصول على السيولة والتحويلات إلى الخارج منذ أكتوبر تشرين الثاني. وغذى الغضب بالبنوك احتجاجات عنيفة في بيروت جرى خلالها تخريب عدد من البنوك.
وقال حاكم المصرف المركزي رياض سلامة في مقابلة مع قناة إم.تي.في التلفزيونية اللبنانية إنه طُلب منه التحقيق في تحويلات حدثت بعد 17 أكتوبر تشرين الأول. وبعد لقاء مع سلامة، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري إن هناك ”حملة لاقتلاع“ سلامة، الذي يشغل المنصب منذ 1993، وإنه يجري تحميله على نحو غير عادل المسؤولية عن التدهور المالي والاقتصادي للبلاد. وأضاف الحريري أن سلامة لديه حصانة ”ولا أحد يستطيع أن يقيله“.
ومع تعثر تشكيل حكومة وازدياد حدّة الأزمة الاقتصادية والمالية، تزداد نقمة اللبنانيين على الطبقة السياسية والمصارف التي تشهد قاعاتها يومياً إشكالات مع المودعين الراغبين بالحصول على أموالهم في خضم أزمة سيولة حادة تنذر بتصعيد الاحتجاجات. وشهد شارع الحمرا التجاري في بيروت، حيث مقر المصرف المركزي ومقرات وفروع عشرات المصارف، مواجهات عنيفة أوقعت جرحى، تخللها إقدام محتجين على تكسير واجهات المصارف وإلقاء الحجارة على القوى الأمنية التي أطلقت الغاز المسيّل للدموع لتفريقهم وأعلنت توقيف 59 شخصاً.
وكسر المتظاهرون الواجهات الزجاجية الصلبة مستخدمين أعمدة إشارات السير التي اقتلعوها من مكانها وقساطل حديدية ومطافئ الحريق. كما حطموا أجهزة الصراف الآلي ورشوها بالطلاء الأحمر وكتبوا على الجدران شعارات مناوئة للمصارف. ومنذ أسابيع، ينتظر المودعون لساعات داخل قاعات المصارف لسحب مبلغ محدود من حساباتهم الشخصية بالدولار، بعدما حددت المصارف سقفاً لا يلامس الألف دولار شهرياً. وتشهد المصارف بشكل شبه يومي إشكالات بين الزبائن الذين يريدون الحصول على أموالهم وموظفو المصارف العاجزين عن تلبية رغباتهم. كما لم يعد ممكناً تحويل مبالغ مالية إلى الخارج إلا في حالات محددة. بحسب فرانس برس.
وفي لبنان، يتم استخدام الدولار والعملة المحلية في عمليات الدفع اليومية، إلا أن الحصول على الدولار بات مهمة صعبة منذ أشهر ويتهم المتظاهرون المصارف بالتواطؤ مع الصرافين والتلاعب بسعر الصرف. وانتقد المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في تغريدة الأربعاء أداء السياسيين الذين "يتفرجون على انهيار الاقتصاد" على وقع "تصاعد الاحتجاجات الغاضبة". وخاطبهم بالقول "أيها السياسيون، لا تلوموا الناس، بل لوموا أنفسكم على هذه الفوضى الخطيرة".
اضف تعليق