q
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية البريطانية التي وافق على اجرائها أعضاء مجلس العموم البريطاني بأغلبية ساحقة في 12 شهر ديسمبر/ كانون الأول، تسعى بعض القوى والشخصيات ومنهم رئيسة وزراء وزعيمة الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستورجن لحشد أنصارها ورص صفوفهم من اجل اعلان استقلال اسكتلندا بعد تنظيم استفتاء جديد...

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية البريطانية التي وافق على اجرائها أعضاء مجلس العموم البريطاني بأغلبية ساحقة في 12 شهر ديسمبر/ كانون الأول، تسعى بعض القوى والشخصيات ومنهم رئيسة وزراء وزعيمة الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستورجن لحشد أنصارها ورص صفوفهم من اجل اعلان استقلال اسكتلندا بعد تنظيم استفتاء جديد، وتعترض رئاسة الحكومة البريطانية كما نقلت بعض المصادر، على تنظيم اي استفتاء في الوقت الحالي معتبرة أنه تم استفتاء الاسكتلنديين قبل خمس سنوات وان الامر يتعلق ب "حدث ينظم مرة واحدة لكل جيل".

وتأمل ستورجن انه في حال فوز حزب العمال المعارض في الانتخابات التشريعية، سيدعم رئيس الحكومة البريطاني الجديد مشروعها لتنظيم استفتاء جديد. لكن زعيم حزب العمال جيريمي كوربن خيب آمالها مصرحا بان اجراء استفتاء جديد في اسكتلندا "ليس ضروريا ولا مرغوبا فيه". وبعد ما يقرب من 5 أعوام على فشل تجربة انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة أو بريطانيا العظمى، أعاد خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبي، الأمل مرة أخرى للاسكتلنديين في أن يكونوا دولة مستقلة، وهو الأمل الذي ترجمته كلمات محددة لرئيسة الوزراء تعليقا على أزمة البرلمان البريطاني مع حكومة تريزا ماي في أزمة البريكست، بأن "النظام البرلماني البريطاني بات معطلًا مما يحتم على اسكتلندا اتخاذ قرار بشأن مستقبلها".

أعلنت ستورجن في وقت سابق أن حكومتها ستطرح قريبا مشروع قانون يهدف إلى إجراء استفتاء ثانٍ على الاستقلال عن بريطانيا خلال عامين، أملا في البقاء في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا. وقالت ستورجن، إن "تصويت 62% من الاسكتلنديين لصالح البقاء داخل الاتحاد الأوروبي أصبح هباء". في إشارة إلى استفتاء أجري عام 2016 حول مغادرة الاتحاد الأوروبي، وصوّت فيه 52% من البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بينما صوّت 62% من الاسكتلنديين للبقاء. ووعدت رئيسة وزراء اسكتلندا بتقديم مشروع قانون لوضع القواعد لأي استفتاء على الاستقلال، معربة عن أملها في أن يتم تبني هذا المشروع قبل نهاية العام، مضيفة أن الحكومة ستعمل من أجل ضمان أن يكون للشعب الحق في الاختيار بشأن الاستقلال عن المملكة المتحدة. وما طرحته ستيرجن، ليس جديدا على حزب القوميين الذي يسيطر على البرلمان، حيث كان مجال نقاش متواصل منذ أعلنت بريطانيا انسحابها من الاتحاد الأوروبي وفق خطة بريكست، وهو ما رفضته اسكتلندا، والتي اعتبرت الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، فرصتها للانفصال عن الاتحاد البريطاني.

ورغم أن المجتمع الأوروبي على قناعة بأن اسكتلندا دولة شبه مستقلة، وتشارك دول الاتحاد في مختلف المناسبات السياسية والرياضية والاقتصادية، إلا أن انفصالها بشكل كامل عن بريطانيا، لا يحظى بدعم أوروبي، وهو ما جعل الاتحاد الأوروبي يضع كل من اسكتلندا وويلز إيرلندا الشمالية، ضمن اتفاق البريكست فيما يعرف بالحدود غير المنظورة.

في متناول اليد

وفي هذا الشأن قالت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن أمام آلاف من المتظاهرين تجمعوا في غلاسكو للمطالبة بتنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال، ان استقلال اسكتلندا بات "في متناول اليد". واضافت زعيمة "الحزب القومي الاسكتلندي" الداعي الى استقلال هذه المقاطعة البريطانية أمام الحشد الذي كان يلوح بالعلم الاسكتلندي "أن الانتخابات التشريعية التي ستنظم في 12 كانون الاول/ديسمبر هي الانتخابات الاهم في عصرنا بالنسبة الى اسكتلندا. إن مستقبل بلادنا على المحك".

وشددت على ان إمكان قيام اسكتلندا مستقلة بات "في متناول اليد"، داعية الناخبين الى التعبئة والتصويت لحزبها في الانتخابات المقبلة. وتريد ستورجن تنظيم استفتاء على استقلال اسكتلندا في 2020 معتبرة ان بريكست بدل الوضع في المملكة المتحدة، وذلك بعد رجحان كفة رافضي الخروج من المملكة في استفتاء سابق في 2014 بنسبة 55 بالمئة. وكانت أعلنت في مؤتمر حزبها الشهر الماضي ان الاستفتاء "يجب ان ينظم العام المقبل ونحن نستعد له". وتنوي طلب موافقة الحكومة البريطانية على ذلك قبل نهاية العام الحالي.

وقالت ستورجن أنه يجب على الحكومة البريطانية السماح لهم بإجراء تصويت بشأن استقلال اسكتلندا عن التاج البريطاني. ووفقاً لـ ستورجن لدى إطلاق حملتها للانتخابات العامة: التصويت للحزب الاسكتلندي هو تصويت لتجنب (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) بريكست. وتعارض ستورجن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث قالت: التعهد رقم واحد للمحافظين في هذه الانتخابات هو إخراج اسكتلندا من الاتحاد الأوروبي ضد رغبتنا. ويبدوا أن ستورجن تحاول استغلال الموقف قبل الانتخابات المقررة في 12 ديسمبر، قائلةً: إذا فاز الحزب الوطني الاسكتلندي بهذه الانتخابات (في اسكتلندا)… فيجب عليه أن يُوجه السؤال إلى بوريس جونسون ووستمنستر (البرلمان البريطاني): ما الذي يعطيكم الحق في منع الرغبات الديمقراطية لشعب أسكتلندا؟. مضيفةً: لا يمكن أن يكون هناك حق نقض من جانب وستمنستر بشأن حق اسكتلندا في اختيار مستقبلها وبناء نوع البلد الذي نريده أن يكون. ومن المقرر إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمعروف بـ بريكست يوم 31 يناير المقبل، بعد تأجيل مرتين، لكنه موعدٌ قد يتغير وفقاً لنتائج الانتخابات التي دعا إليها جونسون، في محاولة لإنهاء مأزق بريكست في البرلمان البريطاني.

وأسكتلندا التي تتمتع بحكم ذاتي هي المكون الرابع للمملكة المتحدة التي تضم أيضا إنجلترا وويلز وإيرلندا، وتبلغ مساحتها ثلث مساحة المملكة المتحدة، ويعيش فيها أكثر من خمسة ملايين نسمة. وتساهم بنحو 10% في اقتصاد البلاد بحكم ثروتها النفطية التي يزخر بها بحر الشمال والتي بنى عليها الحزب القومي الأسكتلندي حملته الأولى للاستقلال عام 2014، وفضلا عن ذلك تضم أكبر قاعدة عسكرية نووية في الجزيرة البريطانية.

وفي ظل المعضلة الدستورية غير المسبوقة التي تعيشها المملكة المتحدة على وقع البريكست وتداعياته الإقليمية والداخلية وبحسب بعض المصادر فثمة سؤال يطرح نفسه، وهو: ماذا لو خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واستقلت أسكتلندا عن المملكة المتحدة بالفعل بعد 312 عاما من الوحدة معها؟ النتيجة الأولى المترتبة على ذلك هي إثارة قضية الوحدة الإيرلندية بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية التي قال رئيس وزرائها ليو فاردكارفي أواخر يوليو/تموز الماضي إن قضية توحيد إيرلندا وإيرلندا الشمالية التي تخضع للحكم البريطاني ستثار حتما إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وحذر أيضا من أن ما يعرف بالخروج الصعب لبريطانيا من التكتل قد يقوض وضع أسكتلندا في المملكة المتحدة، وقال" إذا أخرجت بريطانيا إيرلندا الشمالية من الاتحاد الأوروبي على عكس رغبات أغلبية السكان هناك فإنها تنتزع بذلك تبعيتهم الأوروبية وتقوض اتفاق الجمعة العظيمة الذي أبرم في 1998، والذي وضع حدا للعنف الذي قتل فيه 3600 شخص خلال 30 عاما، وعندما تفعل ذلك ستثار هذه المسائل سواء شئنا أم أبينا".

تفكيك بريطانيا

الى جانب ذلك أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة إبسوس موري أن نصف مواطني المملكة المتحدة يعتقدون أن بلادهم قد لا تكون موجودة بشكلها الحالي خلال عقد من الزمن. وأدى استفتاء عام 2016، وافق فيه البريطانيون على مغادرة الاتحاد الأوروبي، بنسبة 52 في المئة مقابل معارضة 48 بالمئة، إلى خلخلة الروابط التي تجمع إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية داخل كيان المملكة المتحدة حيث صوتت اسكتلندا وأيرلندا الشمالية لصالح البقاء بينما صوتت إنجلترا وويلز للمغادرة.

وفي الوقت الذي تمضي فيه المملكة المتحدة صوب نهاية أحدث مهلة للخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير كانون الثاني، تتزايد الأصوات الداعية إلى إجراء استفتاء على الاستقلال في اسكتلندا وإلى تصويت على توحيد أيرلندا الشمالية مع جمهورية أيرلندا. ورفض الاسكتلنديون الاستقلال في تصويت كانت الغلبة فيه للرافضين بنسبة 55 في المئة عام 2014. وأظهر استطلاع إبسوس موري أن 50 في المئة يعتقدون أن المملكة المتحدة لن تكون موجودة خلال عشر سنوات ارتفاعا من 43 في المئة عام 2014. وقال 29 في المئة فحسب إنها ستكون موجودة على هيئتها الحالية خلال عقد نزولا من 45 في المئة عام 2014. وعلى المدى الأقصر، أحاط الغموض بمصير الاتحاد الذي تتشكل منه المملكة المتحدة، ويرجع تاريخه إلى معاهدة الاتحاد عام 1707، إذ قال 42 في المئة إن المملكة المتحدة ستظل موجودة خلال خمس سنوات مقبلة وقال 44 في المئة إنها لن تبقى.

من جانب اخر استبعد بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، إجراء استفتاء جديد على استقلال أسكتلندا عن المملكة المتحدة، في حال فاز حزب المحافظين بالانتخابات العامة المبكرة المقرر إجراؤها في الثاني عشر من ديسمبر المقبل. وقال جونسون، إن مسألة استقلال اسكتلندا "تم حسمها في تصويت واحد خلال الجيل الحالي عام 2014"، مضيفاً أنه يعتقد أن "الناس في هذه البلاد لا يعتقدون أن إجراء الاستفتاءات يعد أمرا مفيدا لانسجام البلاد".

كما حذر جونسون في الوقت سابق الناخبين من "مسرحية مرعبة" سيواجهونها حال فوز زعيم حزب العمال، جيريمي كوربين، في الانتخابات. وأضاف أن "التصويت لحزب العمال قد يؤدي إلى تفكك المملكة المتحدة وقد يفتح الباب لاستفتاء آخر حول استقلال اسكتلندا". واختتم بالقول "إذا عدت إلى هنا بأغلبية في البرلمان، فسأجعل البرلمان يعمل مجددا من أجلكم". من جهتها وصفت السيدة نيكولا ستيرجين، الوزيرة الأولى في اسكتلندا، موقف جونسون الرافض لإجراء استفتاء جديد بأنه "لا يمكن أن يكون دائماً". وكانت ستيرجين قد صرحت بأنها ستطلب رسمياً من رئيس الحكومة البريطانية المقبل إجراء استفتاء جديد على استقلال اسكتلندا عن التاج البريطاني بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات العامة المقبلة.

وكان جونسون، دعا لانتخابات مبكرة في 12 ديسمبر/كانون الأول ضمن مساعي كسر الجمود السياسي حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأعلن الاتحاد الأوروبي موافقته على تمديد مهلة خروج بريطانيا من التكتل "بريكست" لثلاثة أشهر، بعد أن كان مقررا نهاية أكتوبر/تشرين الأول. واتخذت لندن قرار الخروج من الاتحاد بموجب استفتاء شعبي جرى في 23 يونيو/ حزيران 2016، وبدأت بعده مفاوضات مع بروكسل، عبر تفعيلها للمادة 50 من اتفاقية لشبونة، التي تنظم إجراءات الخروج من الاتحاد. وكان من المقرر أن تغادر المملكة المتحدة رسميا في 29 مارس/ آذار الماضي، لكن تم التأجيل جراء عدم التوصل إلى اتفاق نهائي ينظم تلك العملية، إثر رفض البرلمان البريطاني.

وألمحت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن في وقت سابق، إلى أنه إذا فاز حزب العمال، فإن جيرمي كوربين ليس لديه اعتراض على استفتاء استقلال اسكتلندي ثانٍ. وكأن رئيسة وزراء اسكتلندا تفضح اتفاقاً في الغرف المغلقة، بينها وبين كوربين، أو أنها تعرض على بوريس جونسون صفقة التأييد في سبيل استفتاء الاستقلال الاسكتلندي المقبل في 2020.

وكانت الحكومة البريطانية تهدد اسكتلندا في 2014، عام الاستفتاء الفاشل، بحرمانها إذا نجح الانفصال، من امتيازات الانتماء للاتحاد الأوروبي. والآن نيكولا ستورجن تريد الاستفتاء للبقاء في الاتحاد الأوروبي. وخيّب جيرمي كوربين زعيم حزب العمال، آمال نيكولا ستورجن، وأحبط استعجالها السياسي، وقال: "إذا فاز حزب العمال، فإن استفتاء الاستقلال الاسكتلندي المقبل في 2020، ليس ضرورياً ولا مرغوباً فيه".

و قالت نيكولا ستيرجن إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مشكلة خطيرة لاسكتلندا حلها الوحيد هو الاستقلال عن المملكة المتحدة. وقالت ستيرجن إن ”الازدراء“ الذي أبدته الحكومة البريطانية تجاه اسكتلندا خلال مفاوضات الانفصال عن الاتحاد حتى الآن يظهر أن بريطانيا ليست اتحادا لأطراف تقف على قدم المساواة. وأضافت ”خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مشكلة خطيرة. ”الحل الوحيد لهذا هو أن نصبح دولة مستقلة“. وقالت إنها تزداد ثقة في أن الاستقلال سيحدث.

اضف تعليق