بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة لعدم تمكنه من تشكيل ائتلاف في أعقاب انتخابات برلمانية غير حاسمة. تلقى بيني جانتس رئيس الأركان الإسرائيلي السابق وكما نقلت بعض المصادر، تفويضا من الرئيس ريئوفين ريفلين لمحاولة تشكيل الحكومة المقبلة في إسرائيل...
بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة لعدم تمكنه من تشكيل ائتلاف في أعقاب انتخابات برلمانية غير حاسمة. تلقى بيني جانتس رئيس الأركان الإسرائيلي السابق وكما نقلت بعض المصادر، تفويضا من الرئيس ريئوفين ريفلين لمحاولة تشكيل الحكومة المقبلة في إسرائيل، وبعد انتخابات غير حاسمة في أبريل نيسان وفي سبتمبر أيلول يمثل تفويض جانتس سابقة أولى منذ عام 2008 حيث لم يطلب رئيس إسرائيل منذ ذلك الحين من شخص آخر غير نتنياهو البالغ من العمر 70 عاما تشكيل ائتلاف حاكم.
وكان ريفلين قد أعطى نتنياهو الفرصة أولاً لتشكيل حكومة. لكن رئيس الوزراء، الذي يقود حزب ليكود اليميني، أعلن أنه سيتخلى عن المحاولة، ليفسح الطريق ويتيح الفرصة أمام أقوى منافسيه جانتس. وقال نتنياهو الذي يتزعم حزب الليكود اليميني في كلمة مصورة أذيعت على صفحته بموقع فيسبوك "أبلغت رئيس الدولة أنني عدلت عن تشكيل حكومة"، وأوضح أنه أعاد خطاب التكليف إلى ريفلين بعد أن "عمل بلا كلل... لتشكيل حكومة وحدة موسعة". وقال مكتب الرئيس الإسرائيلي في بيان إن كل أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) سيتم إبلاغهم بأن الرئيس يعتزم تكليف رئيس أزرق أبيض النائب بيني غانتس بتشكيل الحكومة في أسرع وقت.
ويعدّ حزب غانتس المنتمي لتيار الوسط، أكبر الفائزين في الانتخابات، لكنه لم يحقق الأغلبية البرلمانية اللازمة لتشكيل الحكومة منفردا. وإذا أخفق غانتس في المهمة أيضا فسيتحتم إجراء انتخابات جديدة، ستكون الثالثة منذ أبريل/نيسان الماضي. وقد يكون النجاح في تشكيل الحكومة أمرا صعبا بدون تحولات كبيرة في التحالفات السياسية، حتى لو كانت المحاولة لخلافة رئيس وزراء ضعف موقفه بعد عشر سنوات في السلطة ويواجه احتمال اتهامه بجرائم فساد مشتبه بها رغم إنكاره لها. وفي حالة فشل جانتس أيضا ستجرى انتخابات جديدة.
ويحظى جانتس الذي شغل منصب رئيس الأركان من 2011 حتى 2015 بتأييد 54 عضوا فحسب في البرلمان وهو عدد أقل بسبعة مقاعد من الأغلبية البرلمانية المطلوبة التي لم يتمكن هو أو نتنياهو من تحقيقها في انتخابات الشهر الماضي وفي انتخابات أبريل نيسان. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن تحالف "أزرق-أبيض" الوسطي عرض على حزب "الليكود" اليميني حلا وسطا يقضي بتشكيل حكومة بينهما فقط يترأسها بالتناوب زعيماهما بيني غانتس وبنيامين نتنياهو.
وأكدت هيئة البث الإسرائيلي الرسمية "مكان" أن الحل الوسطي الجديد الذي بادر إليه مسؤولون رفيعو المستوى في "أزرق-أبيض" ينص على تشكيل حكومة بدون الأحزاب اليهودية الدينية المتطرفة في المرحلة الأولى بهدف تمرير عدة مشاريع قوانين تخص العلاقة بين الدين والدولة بينها قانون التجنيد. ويتيح الحل المذكور للأحزاب اليهودية المتدينة الانضمام لاحقا إلى الحكومة، لكن ذلك شريطة الاتفاق معها على عدم دفع مسائل تخص العلاقة بين الدين والدولة إلى الأمام.
وأشارت الهيئة إلى أن "أزرق-أبيض" من جانبه وافق على أن يكون نتنياهو الأول في رئاسة الحكومة. وجاءت هذه المبادرة قبيل الاجتماع المقرر بين غانتس ونتنياهو في مقر وزارة الدفاع بتل أبيب، ضمن جهود رئيس "أزرق-أبيض" لتشكيل الحكومة. وقبيل الاجتماع، في مستهل جلسة حكومية، على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، مشيرا إلى أن هذه قضية وطنية وأمنية وليست سياسية في ظل التطورات الإقليمية، لاسيما في العراق ولبنان وسوريا.
الأمير والملك بيبي
خلال مواجهة مع رجل يميني قاطعه وهو يتكلم أثناء حملته في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي في إسرائيل، أمسك بيني جانتس بتلابيب الرجل ورمقه بنظرات غاضبة ثم قال له ”لا أحد يريد شرا بك.. لا نريد إلا ما هو في صالحك“. اشتملت هذه المواجهة في جوانب منها على التقبل والتهديد والغموض الشديد. وعلى هذا القياس هناك الكثير من الأمور حول رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، الذي سيحاول تشكيل الحكومة بعد قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التخلي عن محاولاته لتشكيل ائتلاف جديد.
وكان الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين قد اختار في بادئ الأمر نتنياهو لتكليفه بتشكيل الحكومة في أعقاب الانتخابات التي أُجريت في 17 سبتمبر أيلول، ولم تسفر عن فائز واضح بالأغلبية. وبعد فشل نتنياهو جاء دور جانتس الذي حصل حزبه (أزرق أبيض) على 33 مقعدا في البرلمان، بزيادة مقعد واحد عن حزب ليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو. وسنحت الفرصة الآن أمام الجنرال البالغ من العمر 60 عاما، والذي أُطلق عليه لقب ”الأمير“ وهو يرتقي في صفوف الجيش، للإطاحة بعرش نتنياهو، الذي يُشار إليه بين الحين والآخر باسم ”الملك بيبي“ بعد هيمنته على السياسة الإسرائيلية لأكثر من عقد شغل خلاله منصب رئيس الوزراء.
وعندما كان يشغل منصب رئيس الأركان بين عامي 2011 و 2015، كان جانتس شخصية موضع اتفاق وتوافق. والآن يحاول الاحتفاظ بشعبيته الواسعة كرئيس لحزب أزرق أبيض الذي تشكل في تاريخ قريب حاملا اسم لوني العلم الإسرائيلي. لكن ما الذي سيفعله إذا اعتلى العرش، سيظل شيئا غامضا إلى حد كبير حيث تجنب إلزام نفسه بأي شيء فيما يخص بعضا من القضايا الهامة.
ويصور جانتس نفسه على أنه متفوق على صعيد الدبلوماسية على نتنياهو من ناحية قدرته على تقبل واستيعاب الآخرين، ويحث على مضاعفة الجهود لاستئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين، لكنه لم يصل إلى حد تقديم أي التزام بالدولة التي يطمحون إليها ويسعون لإقامتها. وينظر المؤيدون إلى تحفظ جانتس على أنه محاولة لتهدئة المشهد السياسي بعد إجراء الانتخابات مرتين هذا العام وكذلك بعد فشل نتنياهو في تشكيل حكومة بعد اقتراع جرى في أبريل نيسان. ويقولون إن جانتس يفضل أن يحتفظ برأيه بدلاً من استنزاف مصداقيته بالوعود التي يعرف الناخبون أنها لن تتحقق أبدا.
وعندما كان رئيسا للأركان، قاد جانتس حربين في غزة قُتل فيهما حوالي 2300 فلسطيني. وقال موسى أبو مرزوق القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المهيمنة في غزة إن الحركة ”لا تفرق بين جانتس أو نتنياهو“. وقالت السلطة الفلسطينية الأكثر اعتدالاً إنها على استعداد للتحدث مع أي زعيم إسرائيلي. لكن حنان عشراوي، المسؤولة البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية، قالت قبل انتخابات سبتمبر أيلول إنه لا فرق بين جانتس ونتنياهو.
نشأ جانتس، الذي يبلغ طوله 191 سنتيمترا، في مزرعة جماعية أسسها ناجون من المحرقة، بينهم والداه، وقضي فترة في مدرسة دينية. وهو متزوج من مظلية سابقة له منها أربعة أطفال. وكان، طوال فترة الانتخابات، يهاجم نتنياهو بسبب مزاعم الفساد التي تطارد الزعيم المخضرم، رغم نفيه لها، منذ سنوات. وشن نتنياهو هجوما مضادا متهما جانتس بأن هاتفه المحمول تعرض فيما يبدو لاختراق إيراني قد يجعله عرضة للابتزاز من طهران، لكن الاتهام لم يؤثر على صورة جانتس.
ورئيس الأركان السابق خطيب مفوه يتفوق في أسلوبه على نتنياهو، ويتحدث من حين لآخر من نص مكتوب لتذكير المستمعين بخلفيته العسكرية. وعندما فاز حزبه بمقاعد أكثر من نتنياهو، تحدث عن تحقيق ”مهمته“ وعن فشل منافسه. ووصف نتنياهو جانتس بأنه ”يساري ضعيف“، وكان رعديدا في مواجهة إيران والفلسطينيين عندما كان في المنصب الرسمي. لكن نتنياهو هو من عين جانتس رئيسا للأركان، وكان يشيد به في ذلك الوقت، ويصفه بأنه ”ضابط ورجل نبيل... محارب وإنسان“.
وعندما كان جنرالا عام 1999، أشرف جانتس على وحدة اتصال مع حلفاء لبنانيين. وبحلول العام التالي، عندما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان، كان جانتس شخصية أثيرة ومحبوبة لدى وسائل الإعلام. ثم خدم لفترة قصيرة نسبيا في الضفة الغربية، حيث اندلعت انتفاضة فلسطينية. وقاد جانتس في وقت لاحق القوات على الحدود اللبنانية، لكن تم تكليفه بمهمة أخرى قبل حرب 2006 غير الحاسمة مع حزب الله، لذلك تجنب الكثير من ردود الفعل اللاحقة التي أسفر عنها تحقيق إسرائيلي.
ولم يعرف كيف نال لقب ”الأمير“. ويقول البعض إن هذا ناجم عن ترقيه وصعوده بخطى واثقة عبر الرتب، بينما يقول آخرون إنه نتج عما يصفه معارضوه بأنه اعتداد مفرط بالنفس. ورفض جانتس تلميحات بأنه يفتقر إلى الشجاعة اللازمة لخوض القتال. وقال في يناير كانون الثاني ”يجب أن يعرف قادة الجماعات الإرهابية أن أحمد الجعبري ليس الأول، وربما لا يكون الأخير“ في إشارة إلى قائد عسكري في حركة حماس كان قد أمر باغتياله عام 2012. بحسب رويترز.
وتحدث الجنرال الأمريكي المتقاعد مارتن ديمبسي، الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة بين 2011 و 2015، في وقت سابق عن جانتس وقال إنه كان ”قائدًا رائعًا“ في مهمته. ولم يخف جانتس سرا أنه يتعلم وهو في المنصب، في إشارة إلى العمل السياسي، ويعتمد على شركائه في قيادة حزب أزرق أبيض، ومن بينهم رئيسا أركان سابقان آخران، ووزير سابق للدفاع ووزير مالية سابق.
حكومة وحدة
على صعيد متصل حذر وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز من أن التوترات بين إيران والولايات المتحدة تقترب من نقطة الغليان وأن هناك حاجة لحكومة وحدة إسرائيلية للتصدي لتهديد حدوث نزاع في أعقاب انتخابات غير حاسمة في الأسبوع الماضي. وتتهم وانشطن إيران بالمسؤولية عن هجوم استهدف منشأتي نفط سعوديتين وتنفي إيران ضلوعها في الهجوم. وقال شتاينتز، وهو أيضا عضو في الحكومة الأمنية المصغرة برئاسة بنيامين نتنياهو، ”نحن على شفا انفجار الوضع المتعلق بإيران“.
وأضاف خلال حديثه لمحطة 102 إف إم الإذاعية في تل أبيب”فرص حدوث انفجار بين الأمريكيين والإيرانيين أو السعوديين والإيرانيين أو في منطقة الخليج، قد يصل لنا إن حدث، مسألة ملموسة وواقعية جدا“ وأشار شتاينتز العضو في حزب ليكود اليميني إلى أن احتمال اندلاع نزاع أوسع نطاقا ”سبب آخر لضرورة المسارعة وتشكيل حكومة وحدة شاملة الآن وعدم إضاعة شهور في المقاطعة والمناقشات“.
وبعد الانتخابات غير الحاسمة أصبح نتنياهو في موقف ضعيف وجاء حزب الليكود الذي يتزعمه في المركز الثاني برصيد 32 مقعدا مقابل 33 مقعدا لحزب أزرق أبيض بزعامة قائد الجيش السابق بيني جانتس في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا. وبمقتضى القانون الإسرائيلي وبعد مشاورات مع قادة الأحزاب التي فازت بالتمثيل في البرلمان يختار الرئيس أحد النواب يرى أن لديه أفضل فرصة لتشكيل حكومة.
في غياب أي استعداد بين الناخبين الإسرائيليين للذهاب مرة ثالثة إلى مراكز التصويت في أقل من عام من المحتمل إذا لم تظهر أي حكومة أن يتنامى الضغط الشعبي على نتنياهو وجانتس لتقديم تنازلات والتعاون معا في حكومة واحدة. وقال بعض الخبراء السياسيين إن بوسع الاثنين أن يؤكدا أنهما يمنحان الشعب ما يريده وبإمكان كل منهما حينذاك التراجع عما قطعه من وعود لحلفائه وهي الوعود التي وقفت حائلا دون القدرة على تشكيل حكومة وحدة.
وفي ظل هذا السيناريو يمكن لجانتس التخلي عن وعده ألا يشارك في حكومة مع رئيس وزراء يواجه اتهامات محتملة في ثلاث قضايا فساد. ويمكن لنتنياهو الذي ينفي اتهامات الرشوة والتحايل وأن يفسخ تحالفه الحالي مع الأحزاب اليهودية الدينية المتطرفة. ويعارض جانتس هذه الشراكة قائلا إنه يريد حكومة ليبرالية أو علمانية. ومن الممكن أن يغير أفيجدور ليبرمان الذي فاز حزبه إسرائيل بيتنا بثمانية مقاعد في البرلمان موقف الحياد الذي تبناه. لكنه لم يبد حتى الآن أي استعداد للتحول عن موقفه استنادا إلى خلافات في السياسة مع الأحزاب الدينية المتطرفة التي تؤيد الليكود ومع الحلفاء اليساريين لحزب أزرق أبيض.
ونجاة نتنياهو على الصعيد السياسي أضحت موضع شك في ظل إخفاقه مرتين في تحقيق نصر قاطع في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت مرتين هذا العام في أبريل نيسان والشهر الماضي. وينفي الزعيم الأطول بقاء في السلطة بإسرائيل ارتكاب أي مخالفات. ويرأس نتنياهو، زعيم حزب ليكود اليميني، حكومة تصريف أعمال. وأعلن المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت في فبراير شباط أنه يعتزم توجيه تهم جنائية لنتنياهو في التحقيقات المدرجة تحت اسم القضية 4000 والقضية 1000 والقضية 2000، في انتظار نتيجة الجلسات التمهيدية. وقد يواجه نتنياهو تهم الاحتيال وخيانة الثقة في القضايا الثلاث جميعها، والرشوة في القضية 4000.
ويقول نتنياهو إنه ضحية تدبير سياسي يشبه ”مطاردة ساحرات“ بالتنسيق بين وسائل الإعلام واليسار لإزاحته من منصبه. ويُتهم نتنياهو في القضية 4000 بمنح مزايا تنظيمية لشركة بيزك للاتصالات مقابل تغطية إيجابية عنه وعن زوجته سارة على موقع إخباري يديره الرئيس السابق للشركة. أما القضية 1000 فإنها تتهم نتنياهو وزوجته بتلقي رشا في صورة هدايا من أرنون ميلكان، وهو منتج بارز في هوليوود ومواطن إسرائيلي، ومن رجل الأعمال الملياردير الأسترالي جيمس باكر، شملت شمبانيا وسيجار. وفي القضية 2000 يُشتبه أن نتنياهو كان يتفاوض على صفقة مع صاحب صحيفة يديعوت أحرونوت، اليومية الأكثر مبيعًا في إسرائيل، من أجل تغطية أفضل لأخباره في مقابل إجراءات من شأنها الحد من توزيع صحيفة يومية منافسة. بحسب رويترز.
إذا وُجه اتهام رسمي لنتنياهو فسيحتاج الأمر شهورا قبل أن تبدأ محاكمته. كما أن نتنياهو قد يسعى لإبرام صفقة يقر فيها بالذنب بدلا من محاكمته. ويقول أنصار نتنياهو في الكنيست إنهم سيدعمون منحه حصانة برلمانية من الملاحقة القضائية، لكن من غير الواضح ما إذا كان هناك عدد كاف من أعضاء البرلمان الذين سيدعمون مثل هذا التحرك.
اضف تعليق