تصاعدت التوترات في الخليج بشكل خطير في أعقاب الهجمات الاخيرة التي استهدفت منشآت نفطية سعودية، مع تبادل التهديدات العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران. وتعرض موقعان تابعان لشركة النفط السعودية (أرامكو) بمحافظة بقيق وهجرة خريص شرقي المملكة وكما نقلت بعض المصادر، لهجمات باستخدام طائرات مسيرة...
تصاعدت التوترات في الخليج بشكل خطير في أعقاب الهجمات الاخيرة التي استهدفت منشآت نفطية سعودية، مع تبادل التهديدات العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران. وتعرض موقعان تابعان لشركة النفط السعودية (أرامكو) بمحافظة بقيق وهجرة خريص شرقي المملكة وكما نقلت بعض المصادر، لهجمات باستخدام طائرات مسيرة الأمر الذي أدى إلى توقف حوالي 50 % من إنتاج شركة أرامكو السعودية المنتجة للنفط. ورغم أن جماعة الحوثي في اليمن أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات إلا أن الولايات المتحدة والسعودية شككتا في ذلك. وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على تويتر: "وسط دعوات إلى خفض التصعيد، أطلقت إيران الآن هجوما غير مسبوق على امدادات الطاقة العالمية. ولا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن". بينما جادل مسؤولون أمريكيون آخرون بأن التحقيقات أظهرت أن الهجمات انطلقت من الجانب الشمال الغربي للمنشآت السعودية، أي من إيران أو العراق وليس اليمن.
نفت ايران اتهامات الولايات المتحدة وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن ما حدث في المنطقة هو نتاج الخطط والمؤامرات الخاطئة من الولايات المتحدة. وفي تطور جديد، أعلنت السعودية أن التحقيقات الأولية أظهرت استخدام "أسلحة إيرانية" في الهجمات بيد أنها تجنبت إلقاء اللوم على إيران، مؤكدة أنها ستدعو خبراء دوليين للمشاركة في التحقيق في الهجمات والعمل جار على التحقق من مصدر تلك الهجمات.
الهجمات على المنشآت النفطية السعودية كما يرى بعض الخبراء، ستصب المزيد من الزيت على نيران التوترات المشتعلة أصلا في المنطقة، مع تبادل التهديدات بين الولايات المتحدة وإيران اللتين تدهورت علاقاتهما منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في السنة الماضية، مما يثير المزيد من القلق إزاء احتمال وقوع صراع عسكري في المنطقة. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يريد حربا مع أية دولة، مشيرا إلى ضرورة تحديد من يقف وراء الهجمات بشكل واضح، بينما اتهم وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر إيران بأنها تقوض النظام الدولي، مؤكدا أن بلاده تعمل مع الشركاء لمواجهة هذه الهجمات غير المسبوقة.
وكانت إيران قد ردت بقوة على اتهامات الولايات المتحدة لها، مهددة بأن القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة تقع ضمن نطاق الصواريخ الإيرانية. وقال قائد القوة الجوفضائية بالحرس الثوري الإسلامي الإيراني أمير علي حاجي زاده، "بغض النظر عن مكان وجودهم (أمريكيون) إذا اندلع صراع فإن سفنهم الحربية ستكون أول هدف لنيراننا... إيران مستعدة دائما لخوض حرب كبيرة مع الولايات المتحدة". في الوقت نفسه، قطع المرشد الأعلى الإيراني أية الله علي خامنئي الطريق أمام احتمال إجراء أي محادثات مع الولايات المتحدة التي أعلنت ان ترامب قد يلتقي روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقال خامنئي:" هناك إجماع لدى كل المسؤولين الإيرانيين على عدم اجراء محادثات على أي مستوى كان".
امريكا والحق السعودي
وفي هذا الشأن قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن الولايات المتحدة تؤيد "حق السعودية في الدفاع عن نفسها"، وذلك عقب اجتماع مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وشدد بومبيو في تغريدة على تويتر، "لن يتم التسامح" مع سلوك إيران في المنطقة. وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية في تقرير منفصل عن الاجتماع أن بومبيو أدان الهجمات الأخيرة على منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو في بقيق وخريص، وأيد دعوة السعودية لمشاركة خبراء دوليين في التحقيقات الجارية حول الهجمات.
ومن جانبه أكد ولي العهد السعودي خلال الاجتماع مع بومبيو أن الهجمات تهدف إلى زعزعة الأمن في المنطقة وإلحاق الضرر بإمدادات الطاقة العالمية واقتصادها. وكشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الحرب هي "الخيار الأخير" في التعامل مع إيران بعد اتهامها بالهجوم على المنشآت النفطية في السعودية. وأضاف ترامب أن لديه "خيارات عديدة" في الرد على الهجمات. وأُعلن عن إرسال وفد خبراء من الأمم المتحدة إلى السعودية للتحقيق في الهجمات.
وجاءت تصريحات ترامب بعدما عرضت السعودية ما قالت إنها إدلة على مسؤولية إيران عن الهجمات على منشأتي النفط التابعتين لشركة آرامكو. ورغم تأكيد مسؤولين كبار في إدارة ترامب مسؤولية إيران عن الهجمات، لم يقطع الرئيس الأمريكي بذلك بشكل واضح. وكان وزير الخارجية الإمريكي مايك بومبيو قد وصف الهجمات بأنها "عمل حربي"، مجددا اتهامه لإيران بتنفيذها. وردا على سؤال في مؤتمر صحفي عن احتمال شن هجوم أمريكي على إيران، قال ترامب "هناك خيارات عديدة. هناك الخيار النهائي. وهناك خيارات كثيرة أقل من ذلك".
وأوضح الرئيس الأمريكي أن "الخيار النهائي" يعني "الحرب". وكان ترامب قد أعلن فرض عقوبات جديدة على إيران. وقال إن تفاصيل هذه العقوبات سوف تُعلن. وعرضت السعودية بقايا لطائرات مسيرة وصواريخ قالت إنها استخدمت في الهجمات على منشآتها النفطية، كدليل "لا يمكن إنكاره" على العدوان الإيراني. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، العقيد تركي المالكي، إنه تم استخدام طائرات مسيرة إيرانية الصنع من طراز "دلتا-وينغ" في الهجوم على المنشآت التابعة لشركة أرامكو في شرقي السعودية.
وعُرض مقطع يظهر أن الطائرات المسيرة التي هاجمت معملي أرامكو كانت تحلق من الشمال للجنوب بالإضافة إلى صواريخ كروز. وقال المالكي في مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة الرياض، "شُن الهجوم من الشمال برعاية إيرانية من دون أدنى شك"، وهو ما تنكره طهران. وأعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إرسال خبراء من المنظمة إلى السعودية للتحقيق في الهجمات على منشأتي النفط. وحذر المسؤول الدولي من عواقب "مدمرة" في حالة تصعيد الأزمة في المنطقة. وحسب غوتيريش، فإن التحقيق الأممي يأتي تنفيذا لقرار مجلس الأمن الذي أقر الاتفاق النووي عام 2015 بين إيران والدول الكبرى.
وكان سفير المملكة العربية السعودية الجديد لدى بريطانيا، الأمير خالد بن بندر آل سعود، قد قال إن المملكة سيكون لها رد على من يقف وراء الهجوم على منشآت بلاده النفطية. وقال معلقا على الهجمات "من المؤكد تقريبا أنها مدعومة من إيران. ونحن نحاول عدم الرد بسرعة كبيرة لأن آخر ما نحتاج إليه هو مزيد من الصراع في المنطقة". وأضاف أن المصنع الذي استُهدف "يكرر كميات من النفط أكبر مما تنتجه المنطقة بأسرها تقريباً. لذلك، هذه ضربة للعالم و الاقتصاد العالمي، وليس للمملكة العربية السعودية وحدها".
وقال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان إن الهجوم الذي وقع على منشأتي شركة آرامكو يشكل "اختبارًا حقيقيًا" لاستعداد العالم لمواجهة الأعمال التي تهدد الاستقرار الدولي. وجاء حديث محمد بن سلمان قبيل مؤتمر أعلنت عنه وزارة الدفاع السعودية وقالت إنها ستقدم فيه أدلة على تورط إيران في هجمات 14 سبتمبر/ أيلول على منشآت شركة أرامكو، وهو ما تنفيه إيران. وتشير تقارير إلى أن السعودية تتطلع إلى حشد المجتمع الدولي في أعقاب الهجوم على منشآتها النفطية. وتسعى لأن يرد العالم عليه. بحسب بي بي سي.
واتهمت وزارة الخارجية الأمريكية إيران بأنها مسؤولة على الهجمات وأنها مصدر الطائرات بدون طيار المستخدمة فيها. وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إن إيران نفذت ضربات جوية بطائرات بدون طيار استهدفت منشأتين رئيسيتين للنفط تابعتين لشركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة. وأعلنت الحكومة البريطانية أن رئيسها بوريس جونسون بحث مع الرئيس الأمريكي ضرورة وجود "رد دبلوماسي موحد" على الهجمات على المنشآت النفطية السعودية.
حرب شاملة
على صعيد متصل قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إن توجيه أي ضربة عسكرية أمريكية أو سعودية لبلاده سيفجر "حربا شاملة". وأضاف ظريف، في حديث إلى شبكة "سي.إن.إن" الأمريكية "أقول بكل جدية إننا لا نريد حربا، لا نريد الدخول في مواجهة عسكرية... لكننا لن نتوانى عن الدفاع عن أرضنا". ورفضت إيران الاتهامات الأمريكية واعتبرتها "إلهاء" عن الحقائق في الشرق الأوسط.
كما نقلت وكالة إيسنا الإخبارية عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قوله "يجب على الولايات المتحدة أن تسعى لإلقاء نظرة على الواقع الحقيقي للمنطقة، بدلا من صرف الأنظار إلى أشياء آخري، نحن نشعر أنها تحاول نسيان الحقائق بطريقة أو بأخرى". وذكرت وكالة الانباء الايرانية الرسمية ايرنا أن الحكومة الإيرانية سلمت مذكرة رسمية إلى الولايات المتحدة عبر السفارة السويسرية، التي تمثل المصالح الأمريكية في طهران، "تؤكد فيها أن إيران لم يكن لها أي دور في الهجوم على منشأتي آرامكو".
وجاء في المذكرة، "تنكر إيران وتدين مزاعم" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو بأنها كانت وراء الهجمات. وقالت الوكالة إن المذكرة "أكدت أيضا على أنه في حالة اتخاذ أي إجراء ضد إيران، فإن هذا الإجراء سيواجه برد فوري من إيران ولن يقتصر نطاقه على مجرد تهديد". وجاء في رد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، على الاتهامات الأمريكية، الذي أوردته وكالة مهر للأنباء: "السياسة الاستراتيجية لإيران هي تخفيف التوترات وتجنب أي اشتباكات وحل الأزمات الإقليمية من خلال المحادثات". وأضاف "نحن على استعداد تام للتصدي لأي تحركات تهاجم بلدنا أو مصالح الجمهورية الإسلامية وسنرد على أي أذى محتمل بطريقة حاسمة وشاملة ستكون مفاجأة كبيرة للمعتدين."
وأوضح شمخاني أن حركة أنصار الله الحوثية اليمنية، التي أعلنت مسؤوليتها عن هجمات أرامكو، كانت تعمل ضمن "حقوقها القانونية" من خلال إعطاء "رد فعل طبيعي" لأكثر من أربع سنوات من القصف من قبل التحالف الذي تقوده السعودية. ونفى شمخاني المزاعم القائلة إن إيران توفر أسلحة للحوثيين، قائلاً إن "أسلحة الجيش اليمني صُممت وصُنعت بأيد يمنية". وأدت الهجمات التي استهدفت منشأتي ابقيق العملاق للطاقة في أرامكو وحقل خريص النفطي إلى خفض إنتاج المملكة من النفط إلى النصف.
ووصفت صحيفة اعتماد اليومية اتهامات الولايات المتحدة لإيران بالمسؤولية عن الهجمات على السعودية بأنها جزء من سياسية "الضغوط القصوى" الأمريكية المعلنة الرامية لعزل طهران. ونقلت الصحيفة عن علي شمخاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قوله "(إننا) مستعدون تماما لمفاجأة المعتدين برد ساحق وشامل على أي أعمال آثمة".
اضف تعليق