ماتزال فنزويلا التي تعيش أزمة سياسية خطيرة منذ أشهر بسبب النزاع بين الرئيس نيكولاس مادورو والمعارض خوان غوايدو الذي أعلن نفسه وبحسب بعض المصادر، رئيسا موقتا واعترف به نحو خمسين بلدا بينها الولايات المتحدة، محط اهتمام خاص بسبب تفاقم المشكلات والازمات الداخلية التي اثرت سلباً على حياة الملايين...
ماتزال فنزويلا التي تعيش أزمة سياسية خطيرة منذ أشهر بسبب النزاع بين الرئيس نيكولاس مادورو والمعارض خوان غوايدو الذي أعلن نفسه وبحسب بعض المصادر، رئيسا موقتا واعترف به نحو خمسين بلدا بينها الولايات المتحدة، محط اهتمام خاص بسبب تفاقم المشكلات والازمات الداخلية التي اثرت سلباً على حياة الملايين من البشر في هذا البلد، الذي يشهد ايضاً أزمة اقتصادية خطيرة تفاقمت بسبب عقوبات مالية فرضتها واشنطن لمحاولة طرد مادورو من السلطة، ويعاني من نقص في المواد الغذائية والأدوية. وتقول الأمم المتحدة إن سبعة ملايين فنزويلي، أي ربع السكان يحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة.
وفي وقت سابق استنكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان العدد "المرتفع للغاية" للإعدامات خارج نطاق القضاء في فنزويلا، ودعت الحكومة إلى حل قوات الأمن الخاصة. وقالت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن قوات الأمن الفنزويلية ترسل فرق الموت لقتل الشبان وتختلق مشاهد ليبدو الأمر وكأن الضحايا قاوموا الاعتقال. وأظهرت الأرقام الحكومية أن عدد وفيات المجرمين الذين يقاومون الاعتقال بلغ 5287 حالة العام الماضي و1569 حالة حتى 19 مايو أيار العام الحالي. وقال تقرير الأمم المتحدة إن كثيرين منهم يعدمون خارج إطار القضاء فيما يبدو.
ووصفت عائلات 20 رجلا كيف وصل رجال ملثمون يرتدون ملابس سوداء من القوات الخاصة الفنزويلية في عربات سوداء لا تحمل لوحات معدنية. وقالت العائلات إن فرق الموت اقتحمت المنازل وأخذت الأمتعة وهاجمت النساء والفتيات وفي بعض الأحيان جردتهن من ملابسهن. وقال التقرير ”يفصلون الشبان عن أفراد أسرهم قبل إطلاق النار عليهم“. وأضاف ”في كل حالة يذكر شهود كيف تتلاعب القوات الخاصة بموقع الجريمة والأدلة. يضعون الأسلحة والمخدرات ويطلقون نيران أسلحتهم على الجدران أو في الهواء للإشارة إلى وجود مواجهة ولإظهار أن الضحية ’قاومت السلطات‘“.
وقال التقرير إن عمليات القتل تأتي في إطار استراتيجية لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو تهدف إلى ”تحييد وقمع وتجريم المعارضين السياسيين ومنتقدي الحكومة“ وإن هذه الاستراتيجية تسارعت منذ عام 2016.
تآكل دولة القانون
وفي هذا الشأن استنكرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان "تآكل دولة القانون" في فنزويلا، لكنها دانت من جهة أخرى ومن جديد العقوبات الدولية التي تؤدي إلى تفاقم الأزمة في هذا البلد. وكانت ميشيل باشليه التي زارت فنزويلا، تتحدث أمام مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، غداة نشر تقرير عن هذا البلد قالت كراكاس أنه مليء "بالمغالطات".
ويفيد التقرير أن نحو سبعة آلاف شخص قتلوا منذ 2018 في أوضاع تعتبر "مقاومة للسلطة" حسب الحكومة، خلال عمليات أمنية. وقالت باشليه إن "المؤسسات الرئيسية ودولة القانون في فنزويلا قد تآكلت". وأضافت أن "تقريرنا يشير إلى هجمات ضد معارضين سياسيين فعليين أو يعتبرون معارضين، ومدافعين عن حقوق الإنسان بدءا من تهديدات وحملات لتشويه صورهم إلى اعتقالات تعسفية وتعذيب وإساءة معاملة وعنف جنسي وقتل وإخفاء قسري".
وتدعو باشليه المسؤولة الأممية في تقريرها كراكاس إلى "حل" القوات الخاصة التابعة للشرطة الوطنية الفنزويلية والتي أنشئت في 2017. كما تدعو إلى "وضع آلية وطنية غير منحازة ومستقلة، بدعم من الأسرة الدولية للتحقيق في الاعدامات خارج إطار القضاء التي تحدث خلال العمليات الأمنية". وفي التفاصيل، يقول التقرير إن 5287 شخصا قتلوا في حالات تصفها الحكومة ب"مقاومة السلطة" خلال هذه العمليات الأمنية. وتشير كراكاس إلى أن 1569 شخصا آخرين قتلوا بين الأول من كانون الثاني/يناير و19 أيار/مايو من العام الجاري.
ويشير التقرير ايضا إلى أنه حتى 31 أيار/مايو، كان 793 شخصا محرومين بشكل تعسفي من حريتهم، وكان 22 نائبا في الجمعية الوطنية محرومين من حصانتهم البرلمانية بمن فيهم رئيس المجلس خوان غوايدو الذي يسعى إلى إزاحة الرئيس نيكولاس مادورو من السلطة منذ كانون الثاني/يناير الماضي. وفي كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان، اعترف نائب وزير الخارجية الفنزويلي وليام كاستيو بأن النظام القضائي في بلده يعاني من "نقاط ضعف" وبأن المؤسسات الأمنية ارتكبت "تجاوزات آنية". لكنه أضاف أن كراكاس "ترفض بشكل قاطع (الاتهام ب) تجريم قوات الأمن والقوات المسلحة". كما دافع عن عمل الحكومة في التصدي "لتهديدات خطيرة" للأمن القومي تواجهها فنزويلا، مشيرا إلى "خطط انقلابية" وتهديدات "بتدخل أجنبي" أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. بحسب فرانس برس.
وانتقدت باشليه مرات عدة العقوبات المفروضة على فنزويلا واستهدفت خصوصا الولايات المتحدة. واشارت إلى أن "العقوبات الاقتصادية الأخيرة تؤدي إلى تفاقم" الوضع في هذا البلد الواقع في أميركا اللاتينية "لأن الجزء الأكبر من الموارد بالعملات الأجنبية يأتي من صادرات النفط التي يرتبط الكثير منها بالسوق الأميركية". وأضافت "من جهة أخرى، يبدو أن انعكاسات هذه العقوبات تؤثر على قدرة الدولة على تأمين خدمات الصحة الأساسية للسكان".
4 ملايين لاجئ ومهاجر
على صعيد متصل قالت وكالتا إغاثة تابعتان للأمم المتحدة إن أربعة ملايين لاجئ ومهاجر فنزويلي فروا من الأزمة الاقتصادية والإنسانية في بلادهم، جميعهم منذ نهاية عام 2015 باستثناء 700 ألف منهم. وتسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في فنزويلا في نقص واسع النطاق في الأغذية والأدوية الأساسية بينما تسببت الصراعات السياسية في موجة من أعمال العنف الدموية.
واحتدمت الأزمة منذ فرضت الولايات المتحدة عقوبات شملت قطاع النفط الحيوي في البلاد في إطار سعيها للإطاحة بالرئيس اليساري نيكولاس مادورو وتأييدا لزعيم المعارضة خوان جوايدو. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة في بيان مشترك ”وتيرة التدفق للخارجين من فنزويلا صادمة“. وكانت التقديرات السابقة للأمم المتحدة تضع العدد عند 3.7 مليون مهاجر ولاجئ.
وقال البيان إن هذا الرقم الجديد ”المثير للقلق“ يشير إلى الحاجة الماسة لمساعدة الدول المضيفة وأغلبها في أمريكا اللاتينية تتقدمها كولومبيا بوجود نحو 1.3 مليون منهم تليها بيرو وتشيلي والإكوادور والبرازيل والأرجنتين. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان منفصل إن نحو 3.2 مليون طفل في فنزويلا، أو ما يقدر بطفل بين كل ثلاثة، يحتاجون للمساعدات الإنسانية. بحسب رويترز.
وقال كريستوف بوليراك المتحدث باسم يونيسف في إفادة صحفية إن معدل الوفيات بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة تضاعف من 14 لكل ألف في 2010/2011 إلى 31 في كل ألف في 2017. وأضاف أن المنظمة قدمت 55 طنا من الإمدادات الطبية إلى 25 مستشفى في كراكاس وولايات أخرى هذا العام.
حان وقت الانتفاضة
من جانب اخر دعا جنرال فنزويلي القوات المسلحة في بلاده إلى الانتفاضة ضد الرئيس نيكولاس مادورو الذي يعتمد على دعم الجيش للبقاء في السلطة بالرغم من انهيار اقتصادي تعاني منه البلاد. وقال رامون رانجيل الذي عرف نفسه بأنه جنرال في القوات الجوية إن ”الدكتاتورية الشيوعية“ في كوبا -وهي حليف رئيسي لمادورو- تسيطر على الحكومة الفنزويلية. وأضاف في تسجيل مصور وضعه على موقع يوتيوب ”لا بد وأن نجد طريقة للتخلص من الخوف والخروج إلى الشارع للاحتجاج وأن نسعى إلى وحدة الجيش لتغيير هذا النظام السياسي“. وأضاف رانجيل الذي كان يمسك بيده نسخة من الدستور ”حان وقت الانتفاضة“.
ورغم أن إعلان رانجيل يمثل ضربة أخرى لمادورو بعد بضعة انشقاقات مماثلة لضباط كبار هذا العام، إلا أنه لا توجد مؤشرات تذكر على أنه سيغير ميزان القوى. فالضباط الذين تخلوا عن مادورو فروا من البلاد ولا تزال القيادات الكبيرة في الجيش خصوصا قادة القوات يؤيدون مادورو. ولم ترد وزارة الإعلام في فنزويلا على الفور على طلب للتعليق.
ووضع قائد القوات الجوية بيدرو جولياك صورة لرانجيل على تويتر يوم الأحد وكتب عليها ”خائن للشعب الفنزويلي والثورة“. وأفاد مصدر قريب من الجيش الفنزويلي طلب عدم الكشف عن هويته بأن رانجيل كان ضابطا بالجيش وفر إلى كولومبيا. وخلافا لضباط آخرين أصدروا إعلانات مماثلة، لم يعلن رانجيل تأييده لزعيم المعارضة خوان جوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا في يناير كانون الثاني الماضي زاعما تزوير الانتخابات التي فاز فيها مادورو بولاية جديدة في عام 2018. بحسب رويترز.
وتصف أكثر من 50 دولة، من بينها الولايات المتحدة ومعظم دول أمريكا الجنوبية، جوايدو بالزعيم الشرعي لفنزويلا. ودعا جوايدو في 30 أبريل نيسان الماضي القوات المسلحة للانقلاب على مادورو لكن الجيش لم يشارك قط وانهارت الانتفاضة. ووصفت الحكومة ذلك بأنه محاولة انقلاب واتهمت مجموعة من عشرة مشرعين معارضين بالخيانة لمشاركتهم في الاحتجاجات في ذلك اليوم.
خلاف أمريكي روسي
في السياق ذاته أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف نظيره الأمريكي مايك بومبيو هاتفيا بأن اتخاذ المزيد من ”الخطوات العدائية“ في فنزويلا ستكون له عواقب وخيمة. وندد لافروف أيضا بما وصفه ”بتدخل“ الولايات المتحدة في شؤون فنزويلا الداخلية باعتباره انتهاكا للقانون الدولي مضيفا أن الحوار بين كل القوى السياسية مطلوب في فنزويلا. ومن جانبها اتهمت الولايات المتحدة موسكو بالتدخل في فنزويلا، وهي حليفة لروسيا منذ حكم تشافيز.
وقال بومبيو إن مادورو كان مستعدا للرحيل لكنه غير خططه بعد تدخل روسيا. ونفت متحدثة باسم الخارجية الروسية ذلك. وقال مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي يتخذ موقفا متشددا داخل الإدارة تجاه فنزويلا، إن تدخل موسكو ليس موضع ترحيب. وأضاف للصحفيين خارج البيت الأبيض ”هذا نصفنا من الكرة الأرضي. هذا ليس مكانا يمكن لروسيا التدخل فيه“. وتحمل الولايات المتحدة الرئيس نيكولاس مادورو مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحالية، وتعد بمساعدة فنزويلا وبجعلها تقف على أقدامها مجدداً فور رحيله. ووعد المبعوث الأميركي ايليوت ابرامزفي وقت سابق ب"عشرات مليارات الدولار" لإحياء اقتصاد البلاد "حين تنشأ حكومة ذات قاعدة عريضة تمثّل كل الفنزويليين"
اضف تعليق