ضربة قاسية تلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد ان خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم امام مرشح حزب المعارضة الرئيسي، أكرم إمام أوغلو معركة السيطرة على بلدية اسطنبول، وكان فوز المعارضة في مارس/آذار قد ألغي بعد أن ادعى حزب العدالة والتنمية حدوث مخالفات...
ضربة قاسية تلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد ان خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم امام مرشح حزب المعارضة الرئيسي، أكرم إمام أوغلو معركة السيطرة على بلدية اسطنبول، وكان فوز المعارضة في مارس/آذار قد ألغي بعد أن ادعى حزب العدالة والتنمية حدوث مخالفات. حيث انهت هذه النتيجة وكما نقلت بعض المصادر 25 عاما من حكم العدالة والتنمية لاسطنبول أكبر المدن التركية وسابع أكبر مدينة في العالم، من حيث عدد السكان، والتي يعد موقعها من أفضل المواقع الدفاعية في العالم، كما تعتبر المركز الاقتصادي الأهم في تركيا.
وفي الإنتخابات التركية الأولى، فقد حزب العدالة والتنمية أيضاً العاصمة أنقرة بعد هيمنة الإسلاميين المحافظين عليها بسبب الوضع الاقتصادي الصعب مع نسبة تضخم بلغت 20% وانهيار الليرة التركية ومعدل بطالة مرتفع. وعملية الاقتراع في مدينة إسطنبول ليست انتخابات بلدية فحسب بل تشكل امتحانا لشعبية رجب طيب أردوغان وحزبه، في وقت تواجه تركيا صعوبات اقتصادية وسياسية خطيرة. وقد فتحت هذه الخسارة المكررة ايضا الأبواب أمام العديد من التساؤلات التي تردد صداها مؤخرا في الأوساط التركية المختلفة، والتي تتعلق بوحدة الحزب الحاكم ومستقبل الرئيس رجب طيب أردوغان السياسي. وعقب إعلان فوزه، أعرب إمام أوغلو عن تمنيه بأن تحمل نتيجة الانتخابات الخير لإسطنبول، وأقر منافسه يلدرم بهزيمته، وبادر إلى تهنئة خصمه.
كم هنأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو على فوزه برئاسة بلدية إسطنبول وفق النتائج الأولية. جاء ذلك في سلسلة تغريدات تعليقا على نتائج انتخابات الإعادة لرئاسة بلدية إسطنبول، وقال الرئيس أردوغان: "أهنئ أكرم إمام أوغلو الفائز بالانتخابات وفق النتائج غير الرسمية". وتابع أردوغان: "مثلما كنا في السابق سنمضي خلال المرحلة القادمة أيضا نحو أهدافنا المنشودة لعام 2023 (مئوية تأسيس الجمهورية) في أجواء من الوحدة والتعاضد وفي إطار مبادئ تحالف الشعب (يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية)، ودون التنازل عن الديمقراطية وسيادة القانون ورخاء واستقرار البلاد". وأردف الرئيس التركي: "سنواصل التعامل في ضوء مصالحنا الوطنية مع الاستحقاقات الداخلية والخارجية الماثلة أمام بلادنا وعلى رأسها قمة العشرين التي ستعقد نهاية الشهر وزيارتي إلى الصين وبعدها قمة أوروبا الجنوبية والبلقان".
خسارة كبيرة
خسر حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم معركة السيطرة على بلدية اسطنبول، بعد إعادة إجراء انتخابات البلدية، ويمثل هذا ضربة قاسية للرئيس أردوغان. ومع فرز معظم صناديق الاقتراع، تبين تفوق مرشح حزب المعارضة الرئيسي، أكرم إمام أوغلو، بـ775000 صوت، بزيادة كبيرة عما حققه في المرة الماضية، التي فاز فيها بـ13000 صوت أكثر من مرشح حزب العدالة والتنمية.
وكان فوز المعارضة في مارس/آذار قد ألغي بعد أن ادعى حزب العدالة والتنمية حدوث مخالفات. وتنهي هذه النتيجة 25 عاما من حكم العدالة والتنمية لاسطنبول. وقد أقر مرشح الحزب، رئيس الوزراء التركي السابق، بن علي يلديريم بالهزيمة. وكتب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على تويتر يقول: "أهنئ أكرم إمام أوغلو، الذي فاز في الانتخابات، بناء على النتائج الأولية".
وتمثل هذه النتيجة انتكاسة كبيرة، للرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، وكان أردوغان قد قال إن "من يفوز باسطنبول يفوز بتركيا". وفي خطاب الفوز، قال إمام أوغلو إن النتيجة تمثل "بداية جديدة"، لكل من المدينة والدولة. وقال: "نحن نفتح صفحة جديدة في اسطنبول. في هذه الصفحة الجديدة، ستكون هناك عدالة ومساواة وحب". وأضاف أوغلو أنه مستعد للعمل مع أردوغان، قائلا: "سيدي الرئيس، أنا مستعد للعمل في انسجام معك".
وأكرم إمام أوغلو، البالغ من العمر 49 عاما، من حزب الشعب الجمهوري العلماني، وعمدة منطقة بيليكدوزو في إسطنبول. لكن اسمه كان بالكاد معروفا، قبل أن يترشح لمنصب رئيس بلدية اسطنبول، في انتخابات مارس/ آذار الماضي. أما غريمه يلدريم فقد كان عضوا مؤسسا لحزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه أردوغان، وتولى منصب رئاسة الوزراء من عام 2016 حتى عام 2018 ، حينما أصبح نظام الحكم رئاسيا، وألغي منصب رئيس الوزراء. وانتخب رئيسا للبرلمان الجديد، في فبراير/ شباط الماضي، وقبل ذلك شغل منصب وزير النقل والاتصالات.
ولم يكن فوز إمام أوغلو بفارق ضئيل بلغ 13 ألف صوت، في مارس/ آذار، كافيا كي يقبل يلدريم بالهزيمة. وزعم الحزب الحاكم أن الأصوات سُرقت، وأن العديد من مراقبي صناديق الاقتراع لم يحصلوا على تصاريح رسمية، ما دفع مفوضية الانتخابات إلى المطالبة بإعادة التصويت. ويقول منتقدون إن ضغط الرئيس أردوغان كان وراء القرار. وانتخب السيد أردوغان، وهو من إسطنبول، عمدة للمدينة في عام 1994. وأسس حزب العدالة والتنمية في عام 2001، ثم انتخب رئيسا للوزراء بين عامي 2003 و 2014، قبل أن يصبح رئيسا للبلاد. بحسب بي بي سي.
لكن الانقسامات في الحزب بدأت تظهر الآن، ويشير محللون إلى أنها قد تتفاقم بسبب هذه الخسارة. وقال الصحفي والكاتب مراد يتكين، قبل التصويت: "أردوغان قلق للغاية". وأضاف: "إنه يلعب بكل ورقة لديه. إذا خسر، أيا كان الهامش، سيكون ذلك نهاية نهوضه السياسي المطرد، على مدار ربع القرن الماضي". "في الواقع سيظل رئيسا، وسيظل ائتلافه يسيطر على البرلمان، لكن كثيرين سيعتبرون هزيمته بمثابة بداية النهاية له".
ابتهاجات واحزان
في السياق ذاته عمّت الفرحة أوساط حزب الشعب الجمهوري المعارض بعد ظهور النتائج، وخرج أنصار الحزب في شوارع إسطنبول محتفلين بالفوز وهم يرددون عبارة "كل شيء سيصبح جيدا"، تلك العبارة التي كان دائما يرددها إمام أوغلو خلال دعايته الانتخابية، كما قطع مجموعة من الشباب شارع باشاك شهير وأخذوا يغنون ويتراقصون على أنغام موسيقى البوب التركية الخارجة من مكبرات الصوت المتحركة. وعبّر الشاب العشريني إيفيه ديمير عن سعادته الغامرة بفوز حزبه، وقال "سنحظى بمزيد من الحرية، وحزب العدالة والتنمية انتهت صلاحيته، فاليوم هزمنا يلدرم وغدا سنهزم أردوغان".
من ناحية أخرى، خيَّم الحزن على مقر حزب العدالة والتنمية وعلى أنصار الحزب في مدينة إسطنبول، وعقب أداء صلاة المغرب في مسجد الفاتح كان الحزن واضحا على وجوه المصلين. وبنبرة حزينة عبر شكري أورصوي (75 عاما) عن ألمه لخسارة من أسماهم "المؤمنين" "بلدية عاصمة الخلافة الإسلامية" لمصلحة من وصفهم بكارهي الدين، لكنه استدرك وتلا الآية الكريمة "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"، معقبا بالقول "لا ندري أين مكامن الخير ولعل نتيجة الانتخابات تكون خيرا".
وازدحم موقع التواصل الاجتماعي تويتر بتغريدات هاجم عبرها أنصار الحكومة والمعارضة بعضهم بعضا، كما صعد وسم "SuriyelilerDefoluyor" أي "فليغرب السوريون عنا" الذي هاجم عبره أنصار المعارضة السوريين وتوعدوا بإخراجهم من إسطنبول. كما كتب النائب في البرلمان التركي عن العدالة والتنمية مصطفى ينير أوغلو تغريدة، قدّم عبرها نقدا لاذعا بالقول: "خسرنا إسطنبول لأننا خسرنا تفوقنا الأخلاقي.. يمكننا أن نستعيد تفوقنا بالنقد الذاتي وطي صفحة الماضي والنظر إلى المستقبل وأحلام الشباب والعقلانية وسيادة القانون والحقوق والفصل ما بين السلطات".
وقال مصدر من مقر قيادة حزب العدالة والتنمية في إسطنبول وكما نقلت الجزيرة إن "حالة غليان سادت في المقر وهناك مطالب بإقالة الهيئة الرئاسية"، مشيرا إلى أن رئيس الحزب في إسطنبول سيستقيل. وذكر مراقبون أن إسطنبول بتعقيداتها وتشابكاتها هي صورة مصغرة لتركيا، وأن ما حصل مُحفز كبير للمعارضة، مؤكدين أن الخطر على حزب العدالة والتنمية بات محدقا أكثر من أي وقت مضى، خاصة في البعد الداخلي، وتساءل بعضهم هل توجد شخصية داخل العدالة والتنمية يمكنها أن تهزم إمام أوغلو في أي انتخابات قادمة؟ فلم يعد في العدالة والتنمية رموز باستثناء أردوغان، واليوم انتهى تاريخ بن علي يلدرم السياسي، بحسب رأيهم.
وفي هذا السياق، قالت الباحثة في جامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول أماني السنوار "النتائج حملت رسالة تأديب قوية لحزب العدالة والتنمية، الذي أصرّ على الإعادة وقدم حملة انتخابية سادها الكثير من التخبط رفع فيها شعار سرقة الأصوات، وارتدّ فيها عن الكثير من الشعارات والمواقف التي تبناها في الاستحقاق الأول قبل أقل من ثلاثة شهور". وتعتقد أماني السنوار أن الحزب الحاكم خسر من أصوات حلفائه القوميين حين غازل الأكراد وحرص على إخراج رسالة من القيادي الكردي السجين عبد الله أوجلان تدعو الأكراد للحياد قبل الاقتراع بثلاثة أيام، وخسر أيضا من أصوات أنصاره الذين ساءتهم إدارة الحزب لملف الانتخابات برمته.
وأضافت "صحيح أن الانتخابات بلدية وتحمل السمة الخدماتية، لكنها تحولت بشكل أو بآخر إلى استفتاء على إدارة الحزبين الحاكم والمعارض لملف الانتخابات بعد طعون التلاعب، ويدعم هذا الافتراض الفجوة الكبيرة بين نتيجة الاستحقاقين التي توسعت من قرابة 13 ألف صوت إلى نحو 800 ألف في غضون أقل من ثلاثة أشهر". واعتبرت السنوار النتيجة فرصة للعدالة والتنمية من أجل المراجعة والتصويب وإعادة احتواء الأصوات الناقدة داخله، والتخفيف من حدة الخطاب ضد المعارضة ورفع سقف حريات الإعلام والتعبير في البلاد كلها.
وزادت الباحثة في جامعة صباح الدين زعيم "ستكون هذه الفرصة على شكل اختبار إما ينجح العدالة والتنمية في اجتيازه وبالتالي يعدل من حظوظه في الشارع، أو يقصّر فيه فيعطي دفعة معنوية كبيرة جدا لشخصيات وازنة من مدرسة العدالة والتنمية في مساعيها لتشكيل حزب جديد، ولا سيما مع تصاعد التكهنات بنية رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو على خوض هذه التجربة قريبا، وهو الشخصية التي تحظى باحترام وتأييد قطاعات مهمة من نخب العدالة والتنمية ولا سيما من الكتاب والأكاديميين والصحفيين".
من جهته، قال الإعلامي التركي طه عودة أوغلو "كلا مرشحي الحزب الحاكم والمعارضة بذلا كل ما يستطيعان للفوز ببلدية إسطنبول، لكن فوز إمام أوغلو لم يكن مفاجئا للمتابعين؛ إذ إن جميع استطلاعات الرأي التي جرت خلال الأسابيع الأخيرة أشارت إلى تقدم إمام أوغلو على يلدرم". واعتبر عودة أوغلو النتيجة بمثابة تصويت ليس على شعبية حزب العدالة والتنمية فحسب بل على مستقبل ومصير أردوغان السياسي، وقال إنها ستضع علامات استفهام حول مسار انتخابات 2023 بمعنى أنها ستكون صعبة للحزب الحاكم.
وأضاف "نتيجة الانتخابات هي إشارة البدء لمسارات متضاربة ومتعاكسة على الساحة السياسية التركية، لكنها تتقاطع جميعها في نقطة واحدة وهي أن المعارضة التركية تقول إنها لن تسمح للرئيس أردوغان وحزبه بالتفرد بالسلطة بعد الآن، وهي خطوة تطرح تساؤلات حول مستقبل الحزب". ولفت الإعلامي التركي إلى أن هذه النتيجة ستعطي مزيدا من الزخم لرئيس الوزراء الأسبق داود أوغلو، وستدفعه للإقدام على تشكيل حزب جديد في ظل تراجع العدالة والتنمية. إمام أوغلو: جئنا لاحتضان الجميع دعا في كلمة أمام أنصاره عقب فوزه برئاسة بلدية إسطنبول، إلى التخلي عن كافة الأحكام المسبقة، وعدم التدخل في نمط حياة وملبس ومظهر أي كان
احتضان الجميع
على صعيد متصل دعا مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو الفائز برئاسة بلدية إسطنبول وفق النتائج الأولية، إلى احتضان الجميع وعدم إقصاء أحد. جاء ذلك في كلمة أمام حشد من أنصاره في منطقة بيليك دوزو بإسطنبول. وأضاف "لا تقصوا أحدا ولا تمارسوا التمييز، لقد ولى التعصب الحزبي وحان وقت الكفاءة والأخلاق". ودعا إمام أوغلو بحسب بعض المصادر إلى التخلي عن كافة الأحكام المسبقة، وعدم التدخل في نمط حياة وملبس ومظهر أي كان، قائلا "جئنا لاحتضان الجميع". وتعهد إمام أوغلو بالعمل الدؤوب من أجل إسطنبول اعتبارا من غدٍ دون مضيعة للوقت.
من جانب اخر عرب زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي (أكبر أحزاب المعارضة)، كمال قليجدار أوغلو، عن سعادته بفوز مرشح حزبه في انتخابات الإعادة لرئاسة بلدية إسطنبول، جاء ذلك في تغريدة على تويتر، وقال: "كنا قلنا أنه كل شيء سيصبح جميلا جدا، وها قد صار كل شيء جميلا جدا". اما رئيسة حزب الخير، ميرال أكشينار، وصفت نتائج انتخابات إسطنبول بأنها "قرصة أذن" للحزب الحاكم، وقالت: "شدت أمتنا أذن هذه العقلية. وحافظت على إرادتنا وأوضحت بحروف عريضة أنها لن تسمح بسرقة صناديق الاقتراع مرة أخرى". أكشينار أردفت خلال مؤتمر صحافي بمقر الحزب في إسطنبول: "نحن موجودون من الآن وصاعدًا، ولن يكون أي شيء كما كان بالسابق".
أكشينار أوضحت أن الأمة التركية قدمت درسًا مهمًا في الديمقراطية اليوم، وأنها "قدمت ردًا حازمًا على انقلاب الصندوق الذي حدث بقرار من اللجنة العليا للانتخابات في 6 من مايو بعد انتخابات 31 مارس"، معتبرة انتخابات 23 يونيو "بمثابة تحذير للسلطة الحاكمة التي تجاهلت نتائج انتخابات 31 من مارس بغير حق، وقامت بإلغائها".
حليف إردوغان في الانتخابات، رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، قال إن على الجميع أن يحترم نتائج الانتخابات، واعتبر الحديث عن إجراء انتخابات مبكرة هو أحد المساوئ الكبرى التي يمكن فعلها للبلاد. اما رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، "الكردي" سيزائي تملي، وجه التهاني لمرشح تحالف الأمة، إمام أوغلو بالفوز، وأشار إلى الفرق الذي شكله ناخبو حزب الشعوب الديمقراطي، قائلا: "إنني أهنئ 16 مليون مواطن إسطنبولي شارك في هذه الانتخابات. وأتقدم بالشكر إلى ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي والشعب الكردي مرة أخرى".
اضف تعليق