يبدو ان التوصل لاتفاق بشأن آليات انتقال السلطة في السودان، ما يزال بعيد في ظل استمرار الخلافات والتوترات الداخلية بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى المعارضة، والتي تفاقمت بعد اندلاع أحداث العنف في العاصمة الخرطوم وراح ضحيتها 6 قتلى. وحمّلت قوى الحرية والتغيير المجلس العسكري مسؤولية ما حدث...
يبدو ان التوصل لاتفاق بشأن آليات انتقال السلطة في السودان، ما يزال بعيد في ظل استمرار الخلافات والتوترات الداخلية بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى المعارضة، والتي تفاقمت بعد اندلاع أحداث العنف في العاصمة الخرطوم وراح ضحيتها 6 قتلى. وحمّلت قوى الحرية والتغيير المجلس العسكري مسؤولية ما حدث. ودخل المشهد السياسي في السودان وكما نقلت بعض المصادر، في منعطفات خطيرة منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر حسن البشير الذي حكم البلاد نحو ثلاثين عاماً، في 11 أبريل/نيسان الماضي.
ويرى بعض المراقبين إنه "كلما تفاءل الناس خيراً بحدوث اختراق في المفاوضات بين المجلس العسكري و(قوى الحرية والتغيير) في السودان بشأن ترتيبات وهياكل الحكم للفترة الانتقالية، يحدث شيء يحبط هذا التفاؤل، ويعيد أجواء القلق، ويغذي الشكوك حول انقسامات داخل المجلس العسكري ووجود جناح يريد عرقلة عملية نقل السلطة، ويوظف كل ما ينسب إلى كتائب الظل من عمليات تستهدف الاعتصام". والمؤكد أن تفكيك الدولة العميقة سيحتاج وقتاً وجهوداً مكثفة، لكنه أمر لا يحتمل التأجيل.
في ظل مسعاها لممارسة مزيد من الضغوط على المجلس العسكري الانتقالي، كي يسلم الحكم إلى سلطة مدنية، سعت قوى إعلان الحرية والتغيير لصياغة وثيقة دستورية تحدد بشكل متكامل طبيعة السلطات ومستوياتها في الفترة الانتقالية. وقالت القوى إنها عملت في الوقت الحالي على التركيز في طبيعة السلطات في السودان ومستوياتها، وليس الحديث عن نسب التمثيل في مجلس السيادة. وتطالب القوى بـ"مجلس رئاسي مدني" يضطلع بالمهام السيادية خلال الفترة الانتقالية، و"مجلس تشريعي مدني"، و"مجلس وزراء مدني مصغر" من الكفاءات الوطنية، لأداء المهام التنفيذية.
مطالب مستمرة
وفي هذا الشأن بدأ مئات المتظاهرين إزالة المتاريس والركام حول مقر اعتصامهم في الخرطوم، بعدما طالب المجلس العسكري الحاكم بإزالة الحواجز التي أعاقت حركة السير في بعض أجزاء العاصمة قبل استئناف التفاوض حول العملية الانتقالية. وعلّق المجلس العسكري الحاكم المباحثات مع قادة التظاهرات لمدة 72 ساعة، بعد ما صمّم أن الأمن تدهور في العاصمة حيث أقام المتظاهرون متاريس في شوارع عدة.
ويأتي قرار المجلس فيما كان من المفترض أن يلتقي قادة المجلس العسكري وقادة التظاهرات لوضع التصور النهائي للمجلس الجديد الذي سيتولى شؤون السودان في مرحلة انتقالية تستمر ثلاث سنوات. وهي أكثر مسألة شائكة في المباحثات الجارية لإعادة الحكم المدني للسودان بعد أن تولى الجيش الحكم في أعقاب إطاحة الرئيس السوداني المستبد عمر البشير. ودعا الفريق عبد الفتاح برهان رئيس المجلس العسكري المتظاهرين إلى "إزالة المتاريس جميعها خارج محيط الاعتصام"، وفتح خط السكة الحديد بين الخرطوم وبقية الولايات ووقف "التحرّش بالقوات المسلّحة وقوات الدعم السريع والشرطة واستفزازها".
وبدأ مئات المتظاهرين في إزالة المتاريس مرددين هتافات ثورية في شارع النيل وهو شارع رئيس شلّ حركة السير في وسط الخرطوم لعدة أيام. وقال متظاهر غاضب فيما كان آخرون خلفه يزيلون حجارة وركاماً، "إذا لم تلب مطالبنا، سنقوم بإعادة بناء المتاريس". وأقام المتظاهرون المتاريس للضغط على المجلس العسكري الحاكم مع بدء التفاوض، لكنّ المتاريس تسببت في صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن حسب ما أفاد شهود.
وقال المجلس العسكري إن وجود متاريس في ارجاء الخرطوم أمر "غير مقبول تماما"، لكن قادة المجلس سيسمحون باستمرار الاعتصام امام مقر الجيش. وحققت المباحثات بين الجيش وقادة الاحتجاج اختراقا مهما، لكن أحداث عنف أودت بحياة حياة خمسة متظاهرين وضابط جيش شابت الموقف. واتهم المتظاهرون قوات التدخل السريع شبه العسكرية بالمسؤولية عما حدث، لكن الفريق برهان قال "لقد كان هناك عناصر مسلحة بين المتظاهرين اطلقوا النيران على قوات الامن". واتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا السلطات السودانية بالمسؤولية عن العنف. بحسب فرانس برس.
كما من المقرر أن يشكل المجلس السيادي حكومة مدنية انتقالية تحضر البلاد لاول انتخابات في مرحلة ما بعد البشير. وستكون الأشهر الستة الأولى مكرّسة للتوصل إلى اتفاقات سلام مع الحركات المتمردة في غرب البلاد والجنوب. وحُددت هيكلية المجلس التشريعي أيضاً، ومن المتوقع أن يضم 300 عضو، 67% من بينهم يختارهم تحالف قوى الحرية والتغيير. وتذهب بقية المقاعد إلى ممثّلين لقوى سياسية خارج هذا التحالف.
المعارضة السودانية
قال تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض بالسودان إن تعليق المجلس العسكري الحاكم التفاوض مع المحتجين لثلاثة أيام قرار ”مؤسف“ يشكل انتكاسة لجهود الإعداد لعهد ديمقراطي جديد بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير. وقال تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض في بيان ”إن تعليق التفاوض قرار مؤسف... ويتجاهل حقيقة تعالي الثوار على الغبن والاحتقان المتصاعد كنتيجة للدماء التي سالت والأرواح التي فقدنا“.
وألقي العنف بظلاله على المحادثات التي بدا أنها كانت في طريقها للتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل مجلس عسكري مدني مشترك لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات لحين إجراء انتخابات رئاسية. وقال بعض المتظاهرين في شارع النيل إنهم يعتقدون أن عليهم التراجع لإغلاق مناطق أصغر مساحة بما يشمل المساحة التي تقع خارج مجمع وزارة الدفاع التي بدأ فيها الاعتصام منذ السادس من أبريل نيسان.
وقال يوسف وهو طبيب يبلغ من العمر 27 عاما ”في رأيي الحواجز في شارع النيل غير ضرورية... لكن بعض الشباب يعتقدون أننا إذا أزلناها فهذا يعني أننا نتراجع بما يعني أن النظام القديم سيتوسع في مناطقنا ويضغط علينا“. وقالت متظاهرة أخرى تدعى ريان الهادي (25 عاما) إنها ستنصاع لأوامر قادة الاحتجاجات إذا قرروا أن الحواجز يجب أن تُزال لكنها تؤيد بشكل شخصي بقاءها في شارع النيل. وأضافت ”عندما أغلقنا الشارع كانت لدينا وجهة نظر معينة للتصعيد ولا نريد التنازل عن ذلك... الناس منقسمون حول مسألة إزالة الحواجز“. بحسب رويترز.
ومن شأن الاضطرابات في السودان، أحد أكبر الدول في أفريقيا، أن تهدد الأمن والاستقرار في منطقة حساسة تشمل القرن الأفريقي وليبيا ومصر كبرى الدول العربية من حيث عدد السكان. وأبدى بعض المحتجين توجسا لدى الحديث عن إمكانية التوصل لاتفاق يلبي مطالبهم. ويطالب المحتجون بتسليم السلطة للمدنيين وبمحاسبة قوات الأمن التي تسببت في مقتل متظاهرين.
البشير وقتل متظاهرين
الى جانب ذلك أعلن النائب العام في السودان أن تهمة "قتل متظاهرين" خلال الاحتجاجات ضد النظام قد وجهت إلى الرئيس السابق عمر البشير. وأفاد مكتب النائب العام الوليد سيد أحمد أن "النيابة العامة وجهت اتهاما للرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير وآخرين بالتحريض والاشتراك الجنائي في قتل المتظاهرين في الأحداث الأخيرة".
وأوضح المكتب أن التهم صدرت في سياق التحقيق في مقتل الطبيب بابكر في منطقة بري بشرق العاصمة الخرطوم. وأضاف البيان أن النيابة العامة "وجهت بالإسراع في إكمال التحريات في كافة بلاغات القتل في الأحداث الأخيرة". وكان النائب العام أمر باستجواب البشير فيما يتعلق بتهم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأوقف عمر البشير ووضع في سجن كوبر على غرار مسؤولين آخرين في نظامه. ووعد القضاء بملاحقة المسؤولين عن موت أشخاص في التظاهرات التي بدأت في 19 كانون الأول/ديسمبر. وفي العام 1989، أطاح الرئيس المخلوع عمر البشير بحكومة المهدي المنتخبة في انقلاب دعمه الإسلاميون.
اضف تعليق