التفجيرات الارهابية الدامية التي شهدتها سريلانكا مؤخراً، شكلت تحولاً جديدا في خطط التنظيمات الارهابية التي تسعى الى خلق حالة من الرعب والعداء الدائم، حيث وقعت 7 هجمات إرهابية منسقة استهدفت 3 كنائس و4 فنادق في كولومبو عاصمة سريلانكا، وأسفرت عن مقتل 321 شخصاً من بينهم 45 طفلاً...
التفجيرات الارهابية الدامية التي شهدتها سريلانكا مؤخراً، شكلت تحولاً جديدا في خطط التنظيمات الارهابية التي تسعى الى خلق حالة من الرعب والعداء الدائم، حيث وقعت 7 هجمات إرهابية منسقة استهدفت 3 كنائس و4 فنادق في كولومبو عاصمة سريلانكا، وأسفرت عن مقتل 321 شخصاً من بينهم 45 طفلاً، وإصابة 521 جريحاً، حسب المصادر الرسمية، وقد أظهرت التحقيقات الأولية بعد يومين وفق ما أعلن نائب وزير الدفاع، أنها جاءت "ردّاً انتقاميّاً على هجوم كرايستشيرتش في نيوزيلندا". وقال متحدث باسم الحكومة إن التفجيرات نُفّذَت بمساعدة شبكة دولية.
وتكمن خطورة تفجيرات سريلانكا وكما نقلت بعض المصادر في أنها تأتي ضمن العنف الممارس باسم الهوية. وهو العنف الذي يتعامل مع الآخر بكونه غريباً يجب التخلص منه إما بالقتل أو التهجير أو التطهير. ومع تنامي تيارات اليمين المتطرف، ربما يشهد العالم المزيد من هذه العمليات المروعة. وشهدت سريلانكا في الفترة بين عامي 1983و 2009 حرباً أهلية شرسة. وقال الخبراء إن استهداف الكنائس والفنادق التي يرتادها سائحون أجانب في سريلانكا ”تطور جديد ومقلق“ في الدولة ذات الأغلبية البوذية بالنظر إلى أن الكثير من التفجيرات الانتحارية التي شهدتها البلاد من قبل كانت تستهدف مسؤولين ومنشآت حكومية خلال الحرب الأهلية.
وقال ألتو لابتوبون خبير مكافحة الإرهاب الذي أجرى أبحاثا عن التنظيمين المتشددين لنحو عشر سنوات ”تلك الهجمات المتزامنة خارجة عن المعتاد في سريلانكا. بالمقارنة مع هجمات مماثلة في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا لها سمات الهجمات التي تنفذها داعش والقاعدة“. ويرى بعض المراقبين ان هذه الهجمات المركبة والمعقدة هي رسالة جديدة تؤكّد أن التنظيم لا يزال يتمتع بقدرة على التكيُّف مع التطورات، فطرد التنظيم من مناطق سيطرته في العراق وسوريا، ونهاية مشروع "الخلافة"، فرض حالة "المنظَّمة" اللا مركزية بالاعتماد على نهج حرب العصابات. ولا تزال فروع التنظيم وولاياته الخارجية تتمتع بالقدرة على تنفيذ هجمات كبيرة في بلدان عربية وإسلامية مختلفة، وتشكّل شبكاته ومجاميعه المنسَّقة وخلاياه الفردية النائمة و "ذئابه المنفردة" خطراً على أمريكا وأوروبا.
تحول جديد
وفي هذا الشأن بدأت تتكشف تفاصيل في سريلانكا عن اشتراك مجموعة من تسعة انتحاريين إسلاميين، بينهم امرأة وينتمون لعائلات ثرية، في تنفيذ هجمات عيد القيامة والتي أودت بحياة 359 شخصا. وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن التفجيرات المنسقة على ثلاث كنائس وأربعة فنادق. وإذا تأكدت صلة التنظيم بالهجمات فستكون أسوأ هجمات مرتبطة به.
وقالت حكومتا سريلانكا والولايات المتحدة إن حجم وتعقيد الهجمات يشيران إلى ضلوع جماعة خارجية مثل تنظيم داعش فيها. ونشر التنظيم تسجيلا مصورا عبر وكالة أعماق للأنباء التابعة له، ظهر فيه ثمانية رجال منهم سبعة ملثمون وهم يقفون تحت راية التنظيم السوداء معلنين البيعة لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. والشخص الذي ظهر بوجهه في التسجيل يدعى محمد زهران وهو داعية سريلانكي معروف بآرائه المتشددة. ورغم ظهور ثمانية رجال في الفيديو، قال وزير الدولة السريلانكي لشؤون الدفاع روان ويجيواردين إن تسعة انتحاريين شاركوا في الهجمات وإنه تم تحديد هوية ثمانية مهاجمين بينهم امرأة.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي ”معظم الانتحاريين من أصحاب التعليم العالي وينتمون لعائلات ثرية. بعضهم سافر للخارج للدراسة“. وقال ”نعلم أن أحدهم ذهب إلى بريطانيا ثم إلى أستراليا للحصول على شهادة في القانون. يساعدنا شركاء أجانب بينهم بريطانيا في هذه التحقيقات“. وقال مصدر قريب لعائلة اثنين من الانتحاريين إنهما شقيقان وهما ابنا أحد أكبر تجار التوابل في المنطقة التي يعيش بها.
ويعتقد مسؤولو المخابرات ورئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ أن زهران، وهو أحد الدعاة الذين يتحدثون بلغة التاميل، ربما يكون العقل المدبر لهذه الهجمات. وأفاد زعماء مسلمون وتقرير للمخابرات السريلانكية صدر في وقت سابق بأن زهران معروف بآرائه المتشددة ونشره لتدوينات تحث على العنف عبر فيسبوك. وألقى مسؤولون في سريلانكا باللوم على جماعتين إسلاميتين محليتين يشتبه في أن لهما صلات بالتنظيم. وبددت التفجيرات الهدوء النسبي الذي شهدته سريلانكا، التي يغلب على سكانها البوذيون، منذ انتهاء حرب أهلية استهدفت الانفصاليين التاميل، وأغلبهم هندوس، قبل عشر سنوات. كما أثارت الهجمات مخاوف من عودة العنف الطائفي.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى سريلانكا ألاينا تبليتز إن مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي والجيش يدعمان التحقيق. وأضافت ”إذا نظرتم إلى حجم الهجمات ومستوى تنسيقها ومدى تعقيدها فلن يكون التفكير في وجود صلات أجنبية أمرا غير قابل للتصديق“. وإلى جانب سقوط عدد كبير من القتلى، أصيب 500 شخص في هذه الهجمات التي تعد أسوأ هجوم للمتشددين في جنوب آسيا. وأقر ويجيواردين بحدوث فشل مخابراتي كبير قبل الهجمات، مع تقارير عن وجود تحذيرات من الهجمات لم يتم التصرف بمقتضاها وعن خلافات في أعلى المستويات بالحكومة.
وقال في مؤتمر صحفي منفصل ”إنه خطأ كبير في تبادل المعلومات المخابراتية... علينا أن نتحمل المسؤولية“. وقال رئيس البرلمان لاكشمان كيريلا إن مسؤولين كبارا تعمدوا حجب معلومات استخباراتية تفيد باحتمال تعرض البلاد لهجمات. وأضاف للبرلمان ”حجب بعض مسؤولي المخابرات معلومات بشكل متعمد. المعلومات كانت متوفرة ولكن مسؤولين أمنيين كبارا لم يتخذوا الإجراءات المناسبة“.
وتابع قائلا إن المخابرات الهندية قدمت معلومات في الرابع من أبريل نيسان بشأن احتمال وقوع هجمات انتحارية وإن مجلس الأمن الوطني عقد اجتماعا برئاسة مايثريبالا سيريسينا رئيس سريلانكا بعد ذلك بثلاثة أيام، إلا أنه لم يتم تبادل المعلومات على نطاق أوسع. وقال ويجيواردين إن 60 شخصا اعتقلوا للاستجواب في أرجاء كولومبو. وذكرت مصادر أمنية أن بينهم سوريا. وقال متحدث باسم الشرطة إن تلك المداهمات شملت مناطق بالقرب من كنيسة سانت سيباستيان المبنية على الطراز القوطي في نيجومبو، شمالي العاصمة، حيث قتل العشرات. وتم اعتقال عدد لم يُحدد في غرب سريلانكا الذي شهد أعمال شغب قام بها مسلمون في عام 2014. بحسب رويترز.
وقال مصدر أمني ”تجرى عمليات البحث في كل مكان وهناك تدقيق شديد بالمناطق المسلمة“. ومعظم من قتلوا وأصيبوا من مواطني سريلانكا، وقال مسؤولون إن 38 أجنبيا قتلوا أيضا. ومن بين هؤلاء بريطانيون وأمريكيون وأستراليون وأتراك وهنود وصينيون ودنمركيون وهولنديون وبرتغاليون. كما قتل 45 طفلا. وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ وفرضت حظر التجول خلال الليل. وقالت إنها حجبت أيضا مواقع وتطبيقات للتواصل عبر الإنترنت لمنع انتشار شائعات تحريضية تخشى أن تثير اشتباكات طائفية.
سريلانكا تحظر النقاب بعد هجمات لمتشددين إسلاميين
حظرت السلطات في سريلانكا على المسلمات ارتداء النقاب وذلك وفق قانون طوارئ بدأ تطبيقه بعد هجمات دموية شنها متشددون إسلاميون في عيد القيامة يوم الأحد الماضي.
وقالت السلطات إن الإجراء سيساعد قوات الأمن في التعرف على الناس في إطار استمرار ملاحقة أي مهاجمين لم يتم القبض عليهم والشبكة الداعمة لهم بأنحاء البلاد، لكن هناك مخاوف لدى المسلمين من أن الحظر لفترة طويلة قد يؤجج التوترات في الدولة متعددة الأديان التي خرجت من حرب أهلية مع انفصاليين من أقلية التاميل قبل عقد مضى، وحذر مسؤولون من أن المتشددين الذين يقفون وراء هجمات انتحارية في 21 أبريل نيسان على فنادق وكنائس أودت بحياة أكثر من 250 شخصا يخططون لمزيد من الهجمات باستخدام سيارة فان ومتخفين في زي الجيش.
وقال متحدث باسم الرئيس مايثريبالا سيريسينا لرويترز ”صدر أمر رئاسي بحظر وضع أي غطاء للوجه، ويطبق هذا فورا“، وفي تطور منفصل أصدر رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ، وهو على خلاف مع سيريسينا، بيانا قال فيه إنه طلب من وزير العدل وضع مسودة لضوابط لمنع النقاب.
وقالت جمعية علماء سريلانكا وهي أكبر هيئة إسلامية في البلاد، إنها تدعم حظرا قصير الأمد لدواعي الأمن لكنها تعارض أي محاولة لتقنين حظر ارتداء النقاب، وقال فرحان فارس مساعد رئيس الجمعية بعد أن طلب العلماء من الحكومة التخلي عن خطط فرض قانون يحظر البرقع والنقاب ”أصدرنا توجيهات للنساء المسلمات بعدم تغطية وجوههن في هذا الوضع الطارئ“.
وأضاف لرويترز ”إذا صار قانونا فسيصبح الأمر حساسا وسيحدث تأثيرا سيئا آخر... هذا حقهن الديني“، ويشكل المسلمون نحو 9.7 بالمئة من سكان سريلانكا البالغ عددهم قرابة 22 مليونا. وتغطي نسبة صغيرة من النساء وجههن خاصة في مناطق المسلمين، ونددت منظمة هيومن رايتس ووتش بالحظر، وقال كينيث روث المدير التنفيذي للمنظمة في تغريدة ”هذا التقييد الذي لا داعي له يعني أن المسلمات اللاتي يرتدين النقاب لن يستطعن الآن مغادرة بيوتهن“.
مسلمو سريلانكا يصلون الجمعة داعين للسلام
عندما انطلق الأذان لصلاة الجمعة وتردد صداه في شوارع كولومبو الحزينة رأي جموع المصلين المتوجهين إلى المسجد ذي القبة الذهبية في عاصمة سريلانكا ما لم يروه من قبل.. جنود مسلحون بالبنادق الهجومية انتشروا خارج المسجد لتأمينه.
وشددت السلطات إجراءات الأمن في المدينة الساحلية منذ وقعت سلسلة تفجيرات انتحارية منسقة استهدفت كنائس وفنادق فاخرة في عيد القيامة يوم الأحد أسفرت عن 253 قتيلا وكان لها وقع الصدمة في الدولة الجزيرة التي تعيش في هدوء نسبي منذ عقد من الزمان، وتم نشر قرابة عشرة آلاف جندي في الدولة الواقعة في المحيط الهندي لتنفيذ عمليات تفتيش وتأمين دور العبادة، ومن قبل تسببت المخاوف من اندلاع أعمال عنف طائفية بهدف الانتقام في نزوح مسلمين عن ديارهم تحسبا لوقوع تفجيرات ووسط إجراءات وحملات أمنية.
لكن مئات المسلمين تحدوا مناشدات الحكومة لهم بأن يلزموا ديارهم وتوجهوا إلى المسجد الموجود بين شوارع جانبية قائلين إنهم يوجهون دعوة عبر صلاتهم إلى أتباع جميع الديانات للمساعدة في عودة السلام إلى سريلانكا، وبينما يحث الجنود المصلين المتمهلين على إسراع الخطي ويستخدمون كلابا بوليسية في تأمين الطرقات قال رئيس الحق (28 عاما) ويعمل مندوب مبيعات ”شيء محزن جدا“. وأضاف ”نعمل مع مسيحيين وبوذيين وهندوس. إن الخطر يهددنا جميعا بعد ما فعلته هذه القلة من الناس بهذه البلاد الجميلة“.
ومزقت تفجيرات يوم الأحد الهدوء النسبي الذي تعيش فيه سريلانكا التي تسكنها أغلبية بوذية منذ انتهاء حرب أهلية ضد الانفصاليين التاميل الذين غلب عليهم الهندوس قبل عشر سنوات، وعدد سكان سريلانكا 22 مليون نسمة بينهم أقليات مسلمة ومسيحية وهندوسية. ويعيش المسلمون والمسيحيون جنبا إلى جنب في سلام على الرغم من التوترات بين هاتين الطائفتين في كثير من بقاع العالم.
مخاوف من هجمات أخرى
حذرت السلطات من احتمال حدوث المزيد من الهجمات على مراكز دينية في أعقاب التفجيرات التي عصفت بالهدوء النسبي الذي نعمت به سريلانكا بعد انتهاء حرب أهلية ضد الانفصاليين التاميل قبل عشرة أعوام، وواجه الرئيس وحكومة رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ انتقادات حادة بعد أن تبين أن الهند قدمت تحذيرات متكررة من احتمال وقوع هجمات.
وقال المسؤولان إن المعلومات لم تصل إليهما مما كشف عن انقسامات في أعلى مستويات السلطة وأثار تساؤلات عن قدرتها في التعامل مع الأزمة الأمنية.
وقال مصدران لرويترز اليوم السبت إن قائد الشرطة رفض طلبا من الرئيس بتقديم استقالته مما شكل إحراجا إضافيا للرئيس، وحذرت وزارة الخارجية الأمريكية من أن جماعات إرهابية تواصل التخطيط لهجمات وحذرت مواطنيها من السفر إلى سريلانكا.
وقالت الوزارة في بيان إنها أمرت بمغادرة جميع أفراد أسر موظفي الحكومة الأمريكية ممن هم في سن الدراسة وأجازت سفر الموظفين الذين لا توجد حاجة ملحة لوجودهم، كما حذرت كل من الهند وبريطانيا رعاياهما من السفر إلى سريلانكا إلا لضرورة قصوى، وشملت العمليات التي قامت بها قوات الأمن بعد الهجمات مداهمات لمساجد ومنازل في بلدة نيجومبو التي قتل فيها العشرات في تفجير كنيسة.
وكانت الشرطة قد قالت يوم الجمعة إنها تحاول تعقب 140 شخصا تعتقد أنهم على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية، وقال رئيس البلاد إن بعض الشباب من أبناء سريلانكا على صلة بالدولة الإسلامية منذ عام 2013 وربط بين التنظيم والاتجار في المخدرات.
وناشدت السلطات المسلمين أداء صلاة الجمعة بالمنازل بعد تحذيرات من أجهزة المخابرات من احتمال حدوث تفجيرات بسيارات ملغومة وسط مخاوف من هجمات انتقامية. وفر الكثيرون من منازلهم وسط حالة من الذعر من احتمال حدوث انفجارات ومع إغلاق أماكن وشن مداهمات أمنية، وقال الكردينال مالكوم رانجيث أسقف كولومبو للصحفيين إنه اطلع على مذكرة أمن سرية تحذر من هجمات جديدة على الكنائس وقال إنه لن يقام أي قداس في البلاد.
طالب دراسات
الى جانب ذلك قال مسؤولون في سريلانكا إن أحد منفذي التفجيرات درس في بريطانيا، وذلك بعد أن بدأت المزيد من التفاصيل تتكشف حول هوية منفذي الهجوم. وقدم نائب وزير الدفاع روان ويجواردين، في مؤتمر صحفي المزيد من التفاصيل حول هوية المشتبه بهم. وقال "نعتقد أن أحد منفذي الهجوم الانتحاري درس في المملكة المتحدة ثم أكمل دراسته العليا في أستراليا قبل أن يعود للاستقرار في سريلانكا".
وأضاف أن "معظم منفذي الهجوم هم من حاملي الشهادات العليا، كما أنهم ينتمون لعائلات من الطبقة المتوسطة او العالية". وأردف "إنهم مستقلون ماليا وينحدرون من عائلات ميسورة الحال". وكانت الحكومة قد اتهمت "جماعة التوحيد الوطنية" بتنفيذ الهجمات. لكن رئيس الوزراء استبعد أن تكون الجماعة المتطرفة قد نفذت الهجمات دون دعم دولي. وقال "كان هناك تدريب وتنسيق في وقت سابق لكننا لم نشهده".
وكان نائب وزير الدفاع السريلانكي قد أخبر البرلمان أن "جماعة التوحيد الوطنية" مرتبطة بجماعة جهادية متطرفة أخرى و لم يعطِ أي تفاصيل إضافية أخرى. وقال إن "التحقيقات الأولية" أشارت إلى أن التفجيرات كانت رداً على الهجمات الارهابية على مسجدي كرايست تشيرش في نيوزيلندا في مارس/ أذار. وتفيد التقارير أن "جماعة التوحيد الوطنية" لم تتهم بتنفيذ أي هجمات من قبل، لكنها اتُهمت العام الماضي بهدم تماثيل بوذية. ولم تعلن الجماعة مسؤوليتها عن تنفيذ التفجيرات.
وقال مكتب الرئيس مايثريبالا سيريسينا إنه سيطلب مساعدة خارجية لتعقب الصلات الدولية لمنفذي الهجمات الانتحارية. وأضاف المكتب في بيان أن تقارير المخابرات تشير ”إلى أن منظمات إرهابية أجنبية تقف وراء الإرهابيين المحليين. ولذلك سيطلب الرئيس المساعدة من دول أجنبية“. وتعرضت كنائس لتفجيرات في عدة مناطق في آسيا والشرق الأوسط على مدى السنوات الماضية. وشهدت مدينة سورابايا الإندونيسية العام الماضي هجمات انتحارية على كنائس فيما شهدت مدينة جولو الفلبينية هجمات مماثلة هذا العام وأعلنت الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن الواقعتين. وشهدت سريلانكا تفجيرات انتحارية متكررة قبل 2009 لكن الانفصاليين التاميل ركزوا على أهداف حكومية في الأغلب.
ويقول الخبراء إن الهجمات تشكل بذلك تحولا نحو استهداف الكنائس والأماكن المرتبطة بالمصالح الغربية. وأضافوا أن تاريخ الصراع في البلاد يعني أن من المحتمل أن يكون منفذو الهجمات تمكنوا من الوصول لأسلحة ومتفجرات لكن من المرجح أيضا أن يكون الأمر قد تم بضلوع عناصر أجنبية. بحسب رويترز.
وقال لابتوبون ”لا أعتقد أن محليين فحسب هم من نفذوا الهجوم بالنظر إلى نطاق الهجمات. هناك على الأرجح ضلوع لجماعات أجنبية أو أفراد بما يشمل أشخاصا يدخلون ويخرجون من الهند أو باكستان“. ويرى براتيوش راو المحلل المتخصص في شؤون جنوب آسيا في مؤسسة (كونترول رسكس) الاستشارية أن المتفجرات متاحة على نطاق واسع في سريلانكا. وقال راو ”على الرغم من أن نطاق الهجمات وتعقيدها يشير إلى وجود صلات خارجية إلا أنه لا يبدو أن هناك أي دليل حتى الآن يربطها مباشرة بداعش“. وأضاف ”لكن من المعقول أن تكون الهجمات استلهمت أسلوب الدولة الإسلامية وفكرها“.
حالة من الخوف
على صعيد متصل يقول محمد حسن (41 عاما) السريلانكي المسلم أنه بالكاد غادر منزله منذ الاعتداءات الدامية خوفا من ردود فعل انتقامية. ورغم أنه يعمل خارج المنزل في مطبعة، فان اسرته تتوسل اليه بأن يلزم المنزل في كولومبو عاصمة البلد الذي لا يزال تحت وقع الصدمة. وقال حسن لدى خروج نادر للصلاة في مسجد بحي ديماتاغودا "هم قلقون ويخشون إن خرجت من المنزل ألا أعود إليه حيا".
ونددت المنظمات المسلمة في سريلانكا بالاعتداءات لكن الكثير من مسلمي البلد يخشون الوقوع ضحية أعمال انتقامية إثر أعمال العنف هذه. وتقول زارينا بيغوم (60 عاما) المسلمة السريلانكية دامعة أمام مسجد أنها لم تنم الا قليلا منذ نهاية الاسبوع وتضيف "أعرف أن الناس غاضبون من المسلمين". وتابعت السيدة التي كانت ترتدي لباسا أسود "قتل رضع كانوا في أحضان امهاتهم" مضيفة "لم أكن أتخيل وجود كل هذه الكراهية في قلوب (مرتكبي الاعتداءات). والكراهية ستزرع الكراهية". وأكدت بيغوم "نحن نقبع في منازلنا، ونخاف مغادرتها".
وفي سريلانكا خليط من الاتنيات والاديان، حيث أن غالبية السكان من السنهاليين البوذيين، إلى جانب 10% من المسلمين الذين يعتبرون ثاني أكبر أتنية في البلاد بعد الهندوس. أما المسيحيين، فيعدون 7% من أصل تعداد سكاني قدره 21 مليون نسمة. وتشهد سريلانكا توترات دينية واتنية. وهي لا تزال تضمد جروح حرب أهلية استمرت اربعة عقود بين الاغلبية السنهالية وتمرد التاميل الانفصالي، وانتهت قبل عشر سنوات. وكان رهبان بوذيون متطرفون شنوا حملات ضد المسلمين. ففي 2013 و2018 تمت مهاجمة متاجر للمسلمين السريلانكيين.
وتسري شائعات بين السنهاليين تقول إن ارتداء ملابس داخلية أو تناول طعام مصدره متاجر ملسمين، قد يؤدي الى العقم. واثر الاعتداء دعا رئيس الحكومة رانيل ويكريميسنغي الى الهدوء والوحدة في البلاد. وقال "ان الاغلبية الساحقة من المسلمين يدينون هذا العمل وهم أيضا غاضبون مثل التاميل والسنهاليين لما حدث". ورغم ذلك يعرب حلمي أحمد نائب رئيس المجلس الاسلامي في سريلانكا عن مخاوف. وقال "ان مئات الاشخاص قد دفنوا وبالتالي ستكون هناك انفلاتات عاطفية يمكن جزئيا تبريرها". وأضاف "طلبنا من الحكومة (..) أن تتأكد من ضمان الامن. (الاعتداءات) لم ترتكبها الطائفة المسلمة بل بعض العناصر الهامشيين". بحسب فرانس برس.
وكان عبر مع مسؤولين سريلانكيين مسلمين آخرين قبل ثلاث سنوات، للسلطات عن القلق من نشاط زعيم "جماعة التوحيد الوطني" التي تتهمها سلطات البلاد بتنفيذ الاعتداءات. وقال حلمي احمد "هذا الشخص كان هامشيا وتسبب في تطرف شبان بداعي تعليمهم القرآن (..) لكن لا أحد كان يعتقد أنه قادر على تنفيذ هجوم بهذا الحجم". ويقول ر. ف. امير الذي كان في المسجد ان المسلمين السريلانكيين لا يريدون شيئا سوى السلم الاجتماعي. وأضاف "نحن نعيش في خوف دائم لان ثمة من يريد تحميلنا المسؤولية. سينظرون الينا باعتبارنا أعداء لهم". وتابع "لكننا نريد أن نقول للجميع : لسنا اعداءكم. هذا وطننا الذي عرف بأنه جوهرة آسيا. ونريده أن يبقى كذلك".
وبالنسبة لكثير من السريلانكيين أعادت الاعتداءات على كنائس وفنادق تستضيف شخصيات مرموقة، إلى الأذهان ذكريات أليمة لنزاع استمر ثلاثة عقود أودى بحياة ما يصل إلى مئة ألف شخص. في سنوات ذلك النزاع، كانت الهجمات بالقنابل أمرا مألوفا، والكثير من السريلانكيين كانوا يشعرون بالتوتر في الشارع وفي وسائل النقل العام.
وفي العاصمة قال عامل النظافة مالاثي ويكراما إنه يشعر بقلق خلال قيامه بعمله. وقال "نخشى الآن حتى لمس أكياس بلاستيكية للنفايات". وأضاف أن "سلسلة التفجيرات تعيد إلى الأذهان ذكريات الوقت الذي كنا فيه نخاف التنقل في حافلات أو قطارات بسبب عبوات ناسفة".
اضف تعليق