q
الانتخابات المحلية في تركيا التي جرت الشهر الماضي، ربما ستدخل البلاد في ازمة جديدة خصوصا انها وكما نقلت بعض المصادر، لم تكن مجرد ضربة لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذى تعرض لهزائم مريرة في المدن الرئيسية التي ظل يسيطر عليها منذ سنوات طويلة، لكن هذه الانتخابات تمثل...

الانتخابات المحلية في تركيا التي جرت الشهر الماضي، ربما ستدخل البلاد في ازمة جديدة خصوصا انها وكما نقلت بعض المصادر، لم تكن مجرد ضربة لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذى تعرض لهزائم مريرة في المدن الرئيسية التي ظل يسيطر عليها منذ سنوات طويلة، لكن هذه الانتخابات تمثل ناقوس خطر شخصي للرئيس رجب طيب أردوغان الذى ظل طوال الفترة الماضية يعتمد على فكرة عدم وجود منافس قوى له ليحصد أصوات الناخبين في انتخابات تلو الأخرى.

وأفرزت الانتخابات بعد فترة من الصراع حول نتائج مدينة اسطنبول عن فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو، شخصية سياسية جذابة تتمتع بكاريزما وسط الناخبين، استطاع أن يهز عرش حزب العدالة والتنمية في أهم معاقله أسطنبول التي تعد شريان الحياة الاقتصادية لتركيا. وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية، فإن الانتخابات المحلية لم تكن طبيعية، فقد عانى الحزب من أخطر انتكاسة حزبية من 16 عاما قضاها في السلطة، حيث استغلت المعارضة الموحدة بشكل غير معتاد الاستياء الاقتصادي واسع النطاق لفرض السيطرة على أنقرة وتسع عواصم إقليمية.

 ورغم أن العدالة والتنمية حصل مع حلفائه المتطرفين على أغلبية الأصوات التي تم الإدلاء بها وسيظل على رأس الحكومة الوطنية لأربع سنوات أخرى، لكن تراجع الدعم للحزب في المراكز السياسية والاقتصادية في تركيا يكشف عن صدوع في قاعدته داخل المدن، ويهدد هذا التراجع أيضا الممارسة طويلة الأمد للحزب الحاكم الخاصة بمنح مشاريع البنية التحتية المربحة للشركات الموالية لأردوغان.

واتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أوروبا والولايات المتحدة ب"التدخل" في شؤون تركيا بعد تعليقاتهم على الانتخابات البلدية التي أجريت وطعن الحزب الحاكم بنتائجها بعد خسارته مدينتي اسطنبول وأنقرة. وقال إردوغان "يجب أن تبقى أميركا وأوروبا اللتان تتدخلان في شؤوننا الداخلية في مكانهما". وشدد إردوغان على أن "القرار النهائي يعود الى اللجنة الانتخابية العليا"، موضحا أن تقديم الطعون هو أحد الحقوق، وأن هذا الاجراء موجود في أوروبا والولايات المتحدة.

وكانت بعثة مراقبة تابعة لسلطات محلية وإقليمية في مجلس أوروبا اعتبرت أنها "غير مقتنعة تماما بأن هناك في تركيا حاليا اجواء انتخابية حرة ونزيهة ضرورية لإجراء انتخابات ديموقراطية حقا". من جهتها، كانت مايا كوسيانستش المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أنها تتوقع "أن يكون المنتخبون المحليون قادرين على ممارسة ولايتهم بحرية".

اعادة الانتخابات

وفي هذا الشأن قالت محطة (سي.إن.إن ترك) التلفزيونية إن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان قدم طلبا لإلغاء الانتخابات البلدية في اسطنبول وإعادتها. وأظهرت النتائج الأولية أن حزب الشعب الجمهوري المعارض فاز في الانتخابات البلدية بفارق طفيف في اسطنبول، أكبر مدن تركيا، لينهي على ما يبدو سيطرة استمرت 25 عاما على المدينة لحزب العدالة والتنمية الحاكم وأسلافه من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي.

وذكرت القناة أن علي إحسان ياووز نائب رئيس حزب العدالة والتنمية قدم الطلب غير المألوف بإلغاء الانتخابات وإعادتها للمجلس الأعلى للانتخابات مرفقا بثلاثة حقائب ممتلئة بالمستندات. وإذا قبل المجلس الطلب ستجرى الجولة الجديدة من الانتخابات في أول يوم أحد بعد مرور 60 يوما على التصويت الأول أي ما يوافق الثاني من يونيو حزيران. وإذا رفض المجلس فستكون النتائج نهائية وسيكون من حق الفائز البدء في ممارسة مهامه.

وأدت الطعون والشكاوى المتكررة من حزب العدالة والتنمية في النتائج المبدئية إلى تزايد الشعور بالإحباط بين أنصار حزب الشعب الجمهوري المعارض وهو إحباط وصل لمدرجات تشجيع مباريات كرة القدم حيث هتف المشجعون خلال مباراة بين أكبر فريقين في اسطنبول بمنح التفويض للمرشح الفائز في الانتخابات. وفقد حزب العدالة والتنمية سيطرته على العاصمة أنقرة بالفعل وكذلك عدة مدن كبيرة في أنحاء البلاد. وستمثل الهزيمة في اسطنبول التي كان أردوغان يرأس بلديتها في التسعينيات ضربة أكبر للرئيس.

وأظهرت النتائج المبدئية للانتخابات البلدية التي أجريت في 31 مارس آذار أن إمام أوغلو متقدم بفارق ضئيل يبلغ نحو 0.2 نقطة مئوية على منافسه المنتمي للحزب الحاكم رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم. وأمر مسؤولو الانتخابات في منطقة مال تبه في اسطنبول بإعادة إحصاء الأصوات مجددا بعد طعن من العدالة والتنمية وحلفائه القوميين من حزب الحركة القومية وذلك وفقا لما ذكرته محطة (إن.تي.في). بحسب رويترز.

وطعن الحزب الحاكم بالفعل في مجريات الاقتراع في العديد من المناطق في اسطنبول وطلب إلغاء التصويت بالكامل في منطقة بويوك تشيكميجي. وقال المجلس الأعلى للانتخابات إنه سينتظر لحين الانتهاء من كل عمليات إعادة إحصاء الأصوات في المدينة بأكملها قبل إصدار قرار بشأن إلغاء الانتخابات في بويوك تشيكميجي.

ونقلت صحيفة صباح الموالية للحكومة التركية عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله إن على سلطات الانتخابات إلغاء انتخابات اسطنبول المحلية لوقوع مخالفات يتعلق أبرزها بتعيين مسؤولي صناديق الاقتراع. وقال أردوغان إن اللوائح تتطلب تعيين مسؤولي صناديق الاقتراع من بين موظفي الخدمة المدنية بالدولة لكن هذا لم يحدث في بعض الأماكن التي استعانت بموظفين من خارج هذه الفئة. وقال ”زملاؤنا أثبتوا ذلك. ومن الطبيعي أن يثير كل ذلك شكوكا. إذا نظروا للأمر نظرة صادقة، فسيؤدي ذلك إلى إلغاء (الانتخابات)“. وأي قرار بشأن إلغاء الانتخابات يتعين اتخاذه من قبل اللجنة العليا للانتخابات.

وقال أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض في انتخابات بلدية اسطنبول إن حزب العدالة والتنمية يقيم ما إذا كانت انتخابات جديدة في بويوك تشيكميجي يمكن أن تميل التوازن في كل أنحاء اسطنبول. وقال لتلفزيون خلق ”أقول تخلوا عن هذه العملية المصطنعة هنا. لا تقرعوا على الأبواب في بويوك تشيكميجي وترهقوا شرطتنا بمثل هذه العملية“. وحث اللجنة العليا للانتخابات على إعلان النتائج الرسمية لاسطنبول. وأضاف ”دعوني أقول للذين لا يعرفون: لقد فزنا.. انتهى الأمر وكفى. تفرزون الأصوات منذ عشرة أيام من أسفل لأعلى ومن أعلى لأسفل ومن اليمين لليسار ومن اليسار لليمين“.

طلب مرفوض

من جانب اخر قال عضو باللجنة العليا للانتخابات في تركيا إن اللجنة رفضت طلبا من الحزب الحاكم لإعادة فرز جميع الأصوات في 31 دائرة من دوائر اسطنبول البالغ عددها 39 لكن الحزب تعهد بالطعن على القرار. وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قال إن الانتخابات المحلية شابتها ”جريمة منظمة“ في صناديق الاقتراع باسطنبول. ودفعت تعليقات أردوغان، وهي أقوى طعن من جانبه حتى الآن في العملية الانتخابية بأكبر مدينة تركية، الليرة إلى الهبوط لفترة وجيزة وضغطت على الأسهم التركية.

وأبلغ رجب أوزيل ممثل حزب العدالة والتنمية الحاكم في لجنة الانتخابات الصحفيين بأن اللجنة لم توافق سوى على إعادة فرز الأصوات في 51 صندوق اقتراع في 21 دائرة. وقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية علي إحسان يافوز لاحقا إن الحزب سيطعن على قرار رفض إعادة فرز الأصوات. وكتب على تويتر يقول ”يتعذر فهم سبب اتخاذ هذا القرار في وقت توجد فيه مخالفات كثيرة. سنذهب مرة أخرى للجنة العليا للانتخابات مستخدمين وسيلة طعن استثنائية“. ودعا حزب العدالة والتنمية أيضا إلى إلغاء الانتخابات في دائرة بيوك جكمجة، لكن أوزيل قال إن اللجنة لم تفصل بعد في هذا الطلب. وإعادة فرز الأصوات جارية حاليا في دوائر المدينة المتبقية.

في غضون ذلك قال متحدث باسم الشرطة إنها تجري تحريات للتحقق مما إذا كان بعض الناخبين المسجلين في عناوين بدائرة بيوك جكمجة يقيمون فعلا هناك. وأضاف أنه لا يوجد تحقيق جنائي. ولتبرير دعوته لإلغاء الانتخابات في الدائرة، قال حزب العدالة والتنمية إن 11186 شخصا مسجلون للتصويت في بيوك جكمجة دون أن يكون لهم الحق في ذلك. وفقد الحزب الذي يتزعمه أردوغان رئاسة بلدية العاصمة أنقرة لصالح حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، والذي يتقدم أيضا بهامش ضئيل في اسطنبول.

وفقد حزب العدالة والتنمية ذو الأصول الإسلامية توازنه إثر الخسارة المحتملة لكلا المدينتين اللتين يحكمهما الحزب وأحزاب أخرى ذات مرجعية إسلامية منذ ربع قرن. وصعد أردوغان نفسه إلى السلطة كرئيس لبلدية اسطنبول في التسعينات قبل أن يتحول إلى زعيم وطني. وقال أردوغان إن نطاق المخالفات الانتخابية التي كشف عنها حزبه تعني أن فارق الأصوات بين أكبر مرشحين في اسطنبول ضئيل بصورة تمنع المعارضة من إعلان الفوز. ويقل هذا الفارق حاليا عن 15 ألف صوت في المدينة المسجل بها عشرة ملايين ناخب.

اضف تعليق