تعيش فنزويلا الأزمة الإنسانية بسبب استمرار الخلافات السياسية، التي تفاقمت بشكل خطير بعد إعلان زعيم المعارضة خوان غوايدو نفسه زعيما مؤقتا للبلاد فيما يتشبث الرئيس نيكولاس مادورو بالسلطة، وتعاني البلاد من أزمة اقتصادية حادة ترجعها المعارضة إلى سياسات الرئيس نيكولاس مادورو، وان الاوضاع في هذا البلد تزداد سوءا...
تعيش فنزويلا الأزمة الإنسانية بسبب استمرار الخلافات السياسية، التي تفاقمت بشكل خطير بعد إعلان زعيم المعارضة خوان غوايدو نفسه زعيما مؤقتا للبلاد فيما يتشبث الرئيس نيكولاس مادورو بالسلطة، وتعاني البلاد من أزمة اقتصادية حادة ترجعها المعارضة إلى سياسات الرئيس نيكولاس مادورو، ونقلت بعض المصادر ان الاوضاع في هذا البلد تزداد سوءا في ظل انهيار الإنتاج النفطي الذي يؤمن وحده 96 بالمئة من موارد البلاد. حيث عادت الأمراض التي كان قد تم القضاء عليها واستئصالها مثل الحصبة والدفتيريا أو الخُناق إلى الظهور مرة أخرى بمعدلات مخيفة في فنزويلا في الوقت الذي غادر فيه 22 ألف طبيب البلاد وباتت 75 بالمئة من المستشفيات تفتقر إلى الأدوية الأساسية التي تتوفر عادة في المستشفيات العاملة.
ويُلقي الرئيس المؤقت خوان غوايدو باللوم على عاتق نيكولاس مادورو. إذ كتب في صحيفة “نيويورك تايمز” قائلا: إن “النظم الصحية قد انهارت، وأصبح عدد متزايد من الأطفال يعاني من سوء التغذية وعادت إلى الظهور الأمراض التي كان قد سبق القضاء عليها”. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت عن تسجيل حالات إصابة بالحصبة والخُناق والملاريا في فنزويلا في العام 2018. وكانت المنظمة، منذ عامين فقط، قد منحت دول الأميركتين شهادة بأنه قد جرى القضاء على الحصبة فيها- وهي الشهادة الأولى في العالم. والآن، ها هو نصف الكرة الأرضية الغربي يكافح عودة الأمراض التي كانت قد استؤصلت.
وقال السفير نيستور مينديز، مساعد الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية، في حديثه عن فنزويلا في الدورة السبعين للجنة الإقليمية للأميركتين التي عقدت في أيلول/سبتمبر 2018، “لقد تسبب الدمار الذي لحق بنظام الرعاية الصحية ونقص الغذاء والإمدادات الطبية إلى تفشي الأمراض القابلة للعلاج”. وقال “إن هذه الأزمة الإنسانية تترتب عليها آثار خطيرة على سائر دول الأميركتين. ولا تزال فنزويلا تعيش تحت صدمة انقطاع التيار الكهربائي، الذي أدى إلى شل الحركة في البلاد .
كما أعلن زعيم المعارضة ورئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو، في وقت سابق أنه سيطلب من البرلمان إعلان حالة الطوارىء لمواجهة الوضع الناجم عن أزمة انقطاع الكهرباء. وقال غوايدو: "دعوت لدورة استثنائية للبرلمان الوطني لاتخاذ إجراءات فورية حول المساعدة الإنسانية"، كما دعا إلى "تحركات في الشارع". وأضاف "سأطلب من الجمعية الوطنية إعلان حالة الطوارىء لإتاحة دخول المساعدة الإنسانية" للبلاد ما سيتيح "طلب المساعدة الدولية". وأضاف "يتعين أن نهتم بهذه الكارثة حالاً". ويوجد على حدود فنزويلا مع كولومبيا والبرازيل 250 طناً على الأقل من المساعدات من أغذية وأدوية أرسلت أساساً من الولايات المتحدة، ومنعت الحكومة الفنزويلية في 23 فبراير(شباط) الماضي، دخولها إلى البلاد.
انقطاع الكهرباء
وفي هذا الشأن تواصل انقطاع الكهرباء في أنحاء فنزويلا في حدث لم يسبق له مثيل مما أثار مخاوف السكان من آثار هذا الانقطاع على منظومات الصحة والاتصالات والنقل في البلد الواقع بأمريكا الجنوبية. وألقى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي يواجه حكمه تهديدا من زعيم المعارضة خوان جوايدو، مسؤولية انقطاع الكهرباء على الولايات المتحدة، قائلا إنها نفذت واقعة ”تخريب“ في سد جوري الذي يعمل بالطاقة الكهرومائية لكن الخبراء قالوا إن ما يحدث هو نتيجة لتراجع الاستثمار على مدى سنوات.
وزاد انقطاع الكهرباء، من الشعور بالإحباط بين مواطني فنزويلا الذين يعانون بالفعل من نقص الغذاء والدواء. وقالت منظمة أطباء من أجل الصحة وهي منظمة غير حكومية إن 17 مريضا بمستشفيات في أنحاء فنزويلا توفوا بسبب انقطاع الكهرباء وعدم وجود مولدات كهربائية داخل المستشفيات أو عدم كفاءة تلك المولدات. بحسب رويترز.
وعادت الكهرباء للعمل لفترة وجيزة في بعض أنحاء كراكاس وعدد من المدن الأخرى في وقت لاحق لكنها انقطعت مجددا. وهذه هي أكبر موجة انقطاع للكهرباء في فنزويلا منذ عقود. وانقطعت الكهرباء في كراكاس و17 ولاية أخرى لمدة ست ساعات في عام 2013. وفي عام 2018، حسبما قال مسؤولون حكوميون، انقطعت الكهرباء لمدة عشر ساعات في ثماني ولايات.
وتبادل نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والمعارضة الاتهامات بالمسؤولية عن عطل كبير في الكهرباء شلّ البلاد، ويعزوه النظام الحاكم إلى "هجوم إلكتروني" بينما ترى المعارضة أنه ناجم عن "الإهمال" و"الفساد".
وأعلن الرئيس مادورو "الانتصار" في "حرب الكهرباء" التي أطلقتها برأيه الولايات المتحدة بتواطؤ المعارضة. كما أعلن تشكيل "لجنة تحقيق رئاسية" ستطلب "مساعدة الأمم المتحدة والصين وروسيا وإيران وكوبا، وهي دول لديها الكثير من الخبرة في مجال الهجمات الإلكترونية". وتبقى الاتصالات صعبة بين كاراكاس والمدن الأخرى في البلاد. وأنهك السكان من السعي وراء المواد الأساسية، خصوصاً المياه، فيما عليهم أن يدفعوا بالدولار مقابل أي عملية شراء بسيطة.
وتصاعدت المواجهة بين "الرئيسين" مع فتح مدعي عام فنزويلا تحقيقاً بشأن غوايدو "لتورطه المفترض في تخريب الشبكة الكهربائية". ويرى مادورو أن الهجوم على محطة الكهرباء المركزية في البلاد هو من فعل الولايات المتحدة من أجل "إحباط" السكان وإطلاق حرب أهلية. لكن كرر غوايدو القول إن "الديكتاتورية هي التي تتسبب بالإحباط والظلمة". ولمواجهة خطورة الوضع، صوت النواب بدعوة من غوايدو على إعلان حالة "الإنذار الوطني" التي تمهّد إلى حالة الطوارئ، وتسمح بفرض إدخال المساعدات الإنسانية المكدسة على مداخل البلاد الحدودية بمساعدة دولية.
ويتزود الناس بما استطاعوا الوصول إليه من الحاجيات، ويغتسلون في النوافير الموجودة في الحدائق. وبدأ النظام بتوزيع مساعدات، لكن يحتج سكان أحد أكثر الأحياء شعبية من أنهم لم يتلقوا أي شيء حتى الآن. وسجلت حالات سطو عنيف على بعض المتاجر أكثر من مرة في مدينة ماراكايبو النفطية في شرق البلاد، حيث لا يوجد وقود حتى الآن.
وفي هذه الأثناء، أعلنت الولايات المتحدة التي تدعم غوايدو عن "عقوبات إضافية مهمة جداً". وقال الممثل الأميركي الخاص من أجل الأزمة في فنزويلا إليوت أبرامز إن تلك العقوبات يمكن أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الثلاثاء. وأمرت الحكومة الفنزويلية الجهاز الدبلوماسي الأميركي الذي لا يزال موجوداً في كاراكاس مغادرة البلاد، بعد إخفاق المفاوضات الهادفة إلى الإبقاء على الحد الأدنى من التمثيل الأميركي في فنزويلا عقب قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 23 كانون الثاني/يناير. وكانت واشنطن أعلنت عن سحبها لكلّ دبلوماسييها من فنزويلا.
نقص الأدوية
يمكن أن يبدو نقص الأدوية المصحوب بالتضخم المفرط جرعة مميتة في فنزويلا حيث يواجه المرضى بقلق الجدل المتعلق بدخول المساعدات الانسانية في ظل معاناتهم من الأنفلونزا أو من السرطان، خصوصا وأن الوقت ليس في صالحهم. وتفتقر المستشفيات العامة الى 90٪ من المواد الطبية الضرورية، وقد أغلق جميع المختبرات العامة تقريبا، كما افاد تحقيق وطني أجرته منظمة "أطباء من أجل الصحة" غير الحكومية، بالاشتراك مع البرلمان، المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة.
ولم تكشف الحكومة منذ ثلاث سنوات عن إحصاءات رسمية. وتعهد خوان غوايدو الذي اعترفت به نحو 50 دولة رئيسا بالوكالة، بأن يُدخل الى البلاد بأي ثمن، المساعدات الإنسانية المخزنة مند عشرة أيام على الحدود مع كولومبيا، رغم رفض الرئيس نيكولاس مادورو الذي يرى فيها بداية تدخل عسكري أميركي.
وتأمل الممرضة ياكلين بلازا (53 عاما) في ان تتحول المساعدة الى "حقيقة". ويطالب ماوريسيو غيتيريز، الذي يعاني من الإيدز منذ 27 عاما، بألا تستخدم "للتبشير السياسي". وكانت ابنة سوزانا ألفاريز تحب الفراشات، لذلك وشمت على كتفها صورة فراشة، بعد وفاة الطفلة عام 2016 في سن الخامسة. وكانت تعاني من تورم في المخ، وتلقت علاجا كيميائيا ولكن وضعها الصحي شهد انتكاسة جديدة. وبسبب نقص المعدات في مستشفى جي.ام في لوس ريوس للأطفال بكراكاس، تعذر إجراء فحص عينات.
وبفضل مدخراتها وتبرعات حصلت عليها، لجأت العائلة الى مستشفى خاص. لكن النتيجة التي كشفت وجود سرطان الغدد الليمفاوية، وصلت بعد 50 يوما، "عندما عدنا من المقبرة"، كما قالت سوزانا. واضافت "ربما لو أجريت التحليلات بمزيد من الفعالية، لكانت النتيجة مختلفة". وفي مختبر بنك الدم بكراكاس، انتظرت عشرات العينات اشهرا لوصول منتج تفاعلي من أجل تحليلها. ومات مرضى من دون أن يعرفوا مما كانوا يعانون، وأرغم آخرون على تأجيل عملياتهم.
وأعربت ماريون ايشانغوسيا، المسؤولة عن المختبر الذي كان قبل ثلاث سنوات يعالج عينات تصل من كل انحاء البلاد، عن اسفها بالقول "من قبل، كان يمكننا أن نعالج بين 500 و 600 حالة في الشهر، أما اليوم فلا شيء". وباتت ماريون وزميلتها ماريا وحدهما الآن. وذكرت الأمم المتحدة ان "الأخريات قد هاجرن"، على غرار 2,3 مليون فنزويلي غادروا منذ 2015. وقالت ماريا وسط الآلات المطفأة والرفوف الفارغة "تدفعني الى البكاء" رؤية المرضى يغادرون مطأطئي الرؤوس.
وبعد رحلة مؤلمة استغرقت ساعتين من ريو شيكو التي تبعد 130 كلم من كراكاس، حصل ايروديس الكساندرو على الدواء. لكن لواحد فقط من طفليه اللذين يبلغان 5 و 7 سنوات، ويعاني كلاهما من مرض الهيموفيليا. وكانا حتى الآن يحصلان من الدولة على دواء باهظ الثمن لتناوله مدى الحياة. ومن الآن فصاعدا، يوزع الأطباء الأدوية القليلة التي تصلهم على المرضى الأكثر عرضة للخطر. وإذا لم يتناولوا العلاج، "فيمكن أن يتسبب نزيف في المعدة بالموت"، كما تقول لورديا (34 عاما). بحسب فرانس برس.
وفي برادها، ثمة بضع جرعات لابنها الأصغر.وقالت بحسرة "من المؤلم أن أعود الى منزلي من دون الأدوية لابني الثاني". ويواجه دافيد بيسيرا صعوبة في التحرك بسبب مرض باركنسون أسيء علاجه. وكان هذا المدرس المتقاعد يعيش حياة ناشطة، لكنه ازداد تعاسة بسبب نقص العلاج. فقد باعت زوجته ياميليت، التي فقدت الأمل، سيارتهما حتى تطلب أدوية من أقارب أو معارف في الخارج. وقالت باسى "لم نعد نملك مزيدا من المال". ولا يحصل حوالى 18000 مريض مصاب بالباركنسون في فنزويلا، على علاج تتفاوت تكلفته بين 400 و 600 دولار في الشهر. والحد الأدنى للأجور يبلغ 6 دولارات. وتقول ياميليت "حتى لو توافر لديك المال، فلا يمكنك الحصول على الدواء" لأن "لا شيء متوافرا".
العقوبات الدولية
من جانب اخر أعلنت المفوضة العليا في الأمم المتحدة لحقوق الانسان أن العقوبات الدولية "تفاقم" الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فنزويلا. وقالت ميشيل باشليه أمام مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة إن "الوضع في فنزويلا يكشف بوضوح الطريقة التي يمكن لانتهاكات الحقوق المدنية والسياسية - بما في ذلك عدم احترام الحريات الأساسية واستقلال المؤسسات الرئيسية - أن تفاقم تراجع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية".
وأضافت بمناسبة خطابها حول الوضع في العالم "هذا يدل أيضا كيف أن التدهور السريع لهذه الشروط الاقتصادية والاجتماعية يؤدي إلى مزيد من التظاهرات وقمع أكبر وانتهاكات جديدة للحقوق المدنية والسياسية". وتابعت أن "هذا الوضع تفاقم بسبب العقوبات والأزمة السياسية والاجتماعية والدستورية الحالية الناجمة عن ذلك مثيرة للقلق".
وسيدرس مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة الوضع في فنزويلا بصورة معمقة أكثر في 20 آذار/مارس بحضور المفوضة العليا. وكانت كراكاس دعت الأخيرة في تشرين الثاني/نوفمبر لزيارة فنزويلا "للتحقق من وقع العقوبات". ويأتي خطابها في حين دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى التظاهر في 9 آذار/مارس "بعد أربع سنوات" على اعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما لأول العقوبات.
وأعلن الممثل الخاص الأميركي للأزمة في فنزويلا إليوت أبرامز أن واشنطن ستفرض قريبا قيودا جديدة على التأشيرات الأميركية للأفراد الذين يدعمون مادورو. ولم يستبعد تبني الخزانة الأميركية بعد العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام الفنزويلي، "عقوبات ثانوية" تستهدف مؤسسات أجنبية وحتى دولا تستمر في التعامل مع كيانات فنزويلية على القائمة الأميركية السوداء.
وبعد 20 عاما على وصول هوغو تشافيز ألى الحكم والذي تفوي في 2013، يواجه خلفه نيكولاس مادورو حركة احتجاج يقودها رئيس البرلمان خوان غوايدو الذي اعترف به قسم من الأسرة الدولية رئيسا بالوكالة. وفر حوالى 2,7 مليون فنزويلي من البلاد منذ بدء الأزمة السياسية والاقتصادية في 2015 وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
على صعيد متصل قال زعماء إقليميون إن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يواجه جولة جديدة من العقوبات بعد أن منعت قواته دخول قوافل المساعدات الخارجية وهو ما وصفته البرازيل بأنه عمل إجرامي وحثت الحلفاء على الانضمام إلى ”جهود تحرير“ الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية. واستخدمت القوات الموالية لمادورو العنف لصد قوافل المساعدات التي كانت تسعى لدخول فنزويلا مما أدى إلى إصابة العشرات في اشتباكات مع قوات الأمن كما توفي ثلاثة على الأقل من المحتجين قرب الحدود البرازيلية.
اضف تعليق