عندما جرى التخطيط لقمة بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لأول مرة في العام الماضي، كان من المتوقع أن تكون بداية صداقة جديدة عبر البحر المتوسط لكن بعد بضعة أشهر تغير المشهد، يأمل الاتحاد الأوروبي أن يساعد تحسين العلاقات مع جيرانه العرب على تعزيز سياساته...
(رويترز) - عندما جرى التخطيط لقمة بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لأول مرة في العام الماضي، كان من المتوقع أن تكون بداية صداقة جديدة عبر البحر المتوسط لكن بعد بضعة أشهر تغير المشهد، يأمل الاتحاد الأوروبي أن يساعد تحسين العلاقات مع جيرانه العرب على تعزيز سياساته، لا سيما مكافحة الهجرة غير المشروعة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن بعد مقتل صحفي في إحدى القنصليات السعودية في أكتوبر تشرين الأول الماضي، يقول المسؤولون الأوروبيون الذين يساعدون في الإعداد للقمة التي تعقد في يومي 24 و25 فبراير شباط في مصر إنهم يركزون الآن بشكل أساسي على الحد من الحرج، وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين ”كانت الفكرة هي منحهم معاملة تفضيلية والبدء في التعامل معهم بشكل أكبر، ومعرفة ما يمكننا فعله بشأن الهجرة... لكننا الآن في وضع غير مناسب لأن بعض قادة (الجامعة العربية) ليسوا مفضلين لدينا“.
وقبل ثلاثة أسابيع فقط على انعقاد القمة، لم يؤكد قادة الاتحاد الأوروبي بعد مشاركتهم، وانتهى اجتماع على مستوى أقل لوزراء خارجية الدول العربية والاتحاد الأوروبي يهدف إلى وضع جدول أعمال للقمة يوم الاثنين في بروكسل دون التوصل إلى اتفاق بشأن بيان مشترك، وعندما كانت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تشرح في مؤتمر صحفي سبب عدم التوصل لاتفاق، قاطعها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وقال أبو الغيط إن ثمة تعقيدات على الجانب الأوروبي أكثر من الجانب العربي. وفي مؤشر على الخلاف الودي لكن العلني، ردت موجيريني قائلة ”سوف أقول عكس ذلك“.
يريد الاتحاد الأوروبي التركيز في قمة هذا الشهر على الهجرة، لكن هذا مجال محفوف بالمخاطر نظرا للخلاف الشديد بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن، وقال مسؤول آخر بالاتحاد الأوروبي عن المحادثات رفيعة المستوى التي تجرى هذا الشهر ”من الصعب للغاية تنظيم هذه القمة وإيجاد موعد إذ لا يريد أحد ذلك حقا“، وأضاف ”بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الأمر كله يتعلق بالهجرة، ولكن هناك الكثير من الموضوعات الحساسة التي لا يفضل الناس تناولها“.
السعودية والسودان وسوريا
كان التغيير الرئيسي في العلاقة الأوروبية العربية في الأشهر الأخيرة يتمثل في انهيار الموقف العالمي من الزعيم العربي الثري والمؤثر، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كانت علاقة الغرب بالسعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وثاني أكبر مستورد للأسلحة، حجر الأساس لعلاقاته بالعالم العربي منذ عشرات السنين.
لكن الحاكم الفعلي للمملكة جرى تجنبه منذ مقتل الصحفي السعودي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر تشرين الأول. ونفت الرياض في البداية مقتله ثم قدمت روايات متضاربة. وتقبل الآن أن عناصرها قتلوه، لكنها تقول إن قيادتها لا علاقة لها بالأمر، وقد وصل عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، إلى اجتماع يوم الاثنين في بروكسل وهو يتحدث وكأن شيئا لم يتغير إذ قال إن الأطراف واجهت تحديات مشتركة مثل مكافحة التطرف والإرهاب وإن هناك أيضا عروضا كبيرة تتعلق بالتجارة والاستثمار.
لكن العلاقات ليست كما كانت في السابق. وقالت مصادر أوروبية إن حضور حدث مع ولي العهد السعودي أمر صعب بالنسبة لبعض الزعماء الأوروبيين الذين اتهمتهم بالفعل جماعات معنية بحقوق الإنسان بالتعامل معه في اجتماع لدول مجموعة العشرين في نوفمبر تشرين الثاني، وليس ولي العهد السعودي الأمير محمد هو الضيف الوحيد غير المناسب بالنسبة للاتحاد الأوروبي. ففي الأسابيع الأخيرة، أبدت دول عربية تضامنها مع الرئيس السوداني عمر البشير، الذي يواجه أقوى مظاهرات مناهضة للحكومة منذ أن وصل إلى السلطة قبل 30 عاما، والبشير أيضا شخص غير مرغوب فيه لبعض الأوروبيين. وهو مطلوب في جرائم حرب لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وقال مسؤول من الاتحاد الأوروبي ”لا نتعامل معه بشكل مباشر لكننا نتعامل مع السودان... بإمكانهم إرسال شخص آخر“، ثمة شخص آخر غير مرحب به أكثر عند الأوروبيين ولن يتلقى دعوة للقمة لكنه قد يحضر أي قمة مستقبلية قريبا وهو الرئيس السوري بشار الأسد، لطالما كان العداء تجاه الأسد قضية محل اتفاق بين الدول الأوروبية والدول العربية الكبرى، التي علقت عضوية دمشق في جامعة الدول العربية في عام 2011. ولكن بعد أن بات مستقل الأسد مضمونا بالقوات الروسية والإيرانية تضغط بعض الدول العربية من أجل عودة سوريا للجامعة العربية. ومعظم دول الاتحاد الأوروبي ليست مستعدة لرد اعتبار الأسد.
وقال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز يوم الاثنين ”لسنا في وضع اليوم لتجديد علاقة طبيعية مع سوريا“، ومع ذلك، فإن النمسا وجمهورية التشيك أكثر انفتاحا على أمل أن تساعد إعادة العلاقات مع الأسد اللاجئين السوريين على العودة إلى ديارهم، وقال دبلوماسي بالاتحاد الأوروبي ”الاستعدادات للقمة تسير ببطء شديد. كل شيء غير مريح“. لكنه أكد أنه لا توجد خطط لإلغاء الأمر بأكمله، وتابع قائلا ”هناك الكثير من الفخاخ المحرجة التي يجب تجنبها، مثل الجلوس على طاولة واحدة مع السعوديين أو البشير أو حتى عودة الأسد“.
اضف تعليق