تحديات كبيرة ومهمة تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بعد سلسلة استقالات التي اعلنها عدد من الوزراء في الحكومة البريطانية، احتجاجا على مشروع اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعد نكسة شديدة لحكومة تيريزا ماي التي تعهدت بأن تناضل من أجل إنقاذ مسودة اتفاقها....
تحديات كبيرة ومهمة تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بعد سلسلة استقالات التي اعلنها عدد من الوزراء في الحكومة البريطانية، احتجاجا على مشروع اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعد نكسة شديدة لحكومة تيريزا ماي التي تعهدت بأن تناضل من أجل إنقاذ مسودة اتفاقها لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتوصلت بريطانيا وكما نقلت بعض المصادر، إلى مسودة اتفاق للانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد محادثات استمرت لما يزيد على عام وأقحمت رئيسة الوزراء تيريزا ماي في معركة محفوفة بالمخاطر بشأن الخروج الذي ربما يعيد تشكيل مستقبل عدة أجيال مقبلة في بريطانيا واتهم مؤيدون للانسحاب من داخل حزب المحافظين زعيمتهم ماي بالاستسلام أمام الاتحاد الأوروبي وقالوا إنهم سيصوتون ضد الاتفاق بينما شككك الحزب الأيرلندي الشمالي المساند لحكومة الأقلية التي ترأسها في إمكانية أن تحصل على موافقة برلمانية.
وقال مؤيدون للانسحاب إنه رغم عيوب الاتفاق على المدى القصير فإنه سيسمح للمملكة المتحدة على المدى البعيد بالازدهار كما سيعمق تكامل الاتحاد الأوروبي. وأكد مسؤول كبير في الاتحاد التوصل إلى اتفاق على نص المسودة. وقالت مصادر دبلوماسية إن زعماء الاتحاد ربما يعقدون قمة لإقرار الاتفاق إذا وافقت حكومة ماي على النص. ويريد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا اتفاقا لتيسير الحركة التجارية بين أكبر تكتل تجاري في العالم والمملكة المتحدة مقر أكبر مركز مالي دولي.
وقال مناهضون لأوروبا في حزب المحافظين الذي تنتمي له ماي، إنهم أرسلوا خطابات تدعو لإجراء اقتراع بالثقة على قيادتها. ودعت ماي لمؤتمر صحفي في مقرها في داونينج ستريت للتأكيد على اعتزامها مواصلة ذات الطريق. وردت على سؤال عما إذا كانت ستقاوم أي تحد لبقائها في المنصب قائلة ”هل سأتابع تنفيذ ذلك للنهاية؟ نعم“. لكن العداء البادي من الحكومة ونواب المعارضة زاد من خطر رفض الاتفاق في البرلمان وخروج بريطانيا من الاتحاد في 29 مارس آذار دون اتفاق يعد شبكة أمان للبلاد بعد الخروج من التكتل.
وقالت ماي ”هل سأناضل لتحقيق ذلك؟ نعم... سأقوم بعملي بالحصول على أفضل صفقة لبريطانيا وسأقوم بعملي بإبرام صفقة تصب في المصلحة الوطنية“. وأضافت ”أعتقد من كل قلبي أن المسار الذي حددته هو المسار الصحيح لبلادنا وشعبنا“. ويحتاج الاتفاق لدعم نحو 320 نائبا من أصل 650 في مجلس العموم للتصديق عليه. ولا يزال الغموض يحيط بالنتيجة النهائية للأمر إذ تشمل السيناريوهات المحتملة التصديق على اتفاق ماي أو فقدانها لمنصبها أو خروج بريطانيا من التكتل دون اتفاق أو حتى إجراء استفتاء ثان. وقالت ماي للبرلمان ”الخيار واضح: يمكننا اختيار الخروج دون اتفاق، ويمكننا المخاطرة بعدم الخروج، أو يمكننا اختيار أن نتحد وندعم أفضل اتفاق يمكن التفاوض عليه“.
ومن بين الوزراء المستقيلين، وزير بريكسيت دومينيك راب والوزير المكلف بشؤون إيرلندا الشمالية. وذكر راب في رسالة استقالته التي نشر نصها في حسابه على تويتر "لا يمكنني التوفيق بين شروط الاتفاق والوعود التي قطعناها للبلاد في بيان حزبنا". وأضاف "أعتقد أن نظام التسوية المقترح لإيرلندا الشمالية يشكل تهديدا حقيقيا لسلامة أراضي المملكة المتحدة". وتابع أنه يعارض "شبكة أمان غير محددة المهلة" لتسوية مسألة الحدود بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي سيمتلك "فيتو على قدرتنا على الخروج" من الاتفاق. وأضاف "لم توقع أي دولة ديمقراطية من قبل للالتزام بمثل هذا النظام الموسع المفروض من الخارج بدون أن تكون لها أي سيطرة ديمقراطية على القوانين الواجب تطبيقها، ولا قدرة على اتخاذ قرار بالخروج من الاتفاق".
وعقب ذلك، قدم وزير الدولة البريطاني المكلف شؤون إيرلندا الشمالية استقالته، قائلا إن الاتفاق لا يجعل من المملكة المتحدة "دولة مستقلة ذات سيادة". وكتب الوزير شايليش فارا على حسابه على تويتر إن الاتفاق "يترك المملكة المتحدة بين خروج ولا خروج دون تحديد مهلة زمنية لنصبح فيها أخيرا دولة مستقلة". وكان فارا قد أيد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء على الخروج في 2016 والذي صوت فيه 52 بالمئة من البريطانيين على الانسحاب. كما انسحبت وزيرة الدولة لشؤون بريكسيت سويلا بريفرمان من الحكومة البريطانية. وكتبت بريفرمان في رسالة استقالتها لتيريزا ماي أن "التنازلات" المقدمة لبروكسل في مسودة الاتفاق "لا تحترم إرادة الشعب".
ماي تكافح
وفي هذا الشأن اصطف عدد من أبرز مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي (البريكسترز) خلف رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وسط محاولات من نواب محافظين لسحب الثقة منها. وقال وزير البيئة، مايكل غوف، إن لديه ثقة "مطلقة" بماي، مشددا على أنه لن ينسحب من الحكومة لأنه يريد أن يعمل إلى جانب زملائه الآخرين على "ضمان الخروج بأفضل نتيجة لمصلحة البلاد". كما حض وزير التجارة الدولية، ليام فوكس، النواب على دعم مسودة الاتفاق الذي انجزته رئيسة الوزراء مع الاتحاد الأوروبي بشأن البريكست، قائلا إن وجود "اتفاق أفضل من عدمه".
ولم تحظ مسودة الاتفاق برضا عدد من النواب المحافظين، ومن بينهم أحد قيادي "البريكسترز" (المتحمسين للخروج من الاتحاد الأوروبي)، جاكوب ريس- موغ الذي قال إنه ونواب آخرين قد أرسلوا رسائل لسحب الثقة من ماي إلى رئيس مجموعة النواب المحافظين في لجنة 1922. ولكي يجري تصويت على سحب الثقة من ماي، ينبغي أن يكتب 48 عضوا من حزب المحافظين رسائل إلى هذه اللجنة المختصة بالنظر في طريقة إقالة زعيم الحزب. وقد انضم النائب كريس غرين إلى مجموعة النواب المحافظين الذين أعلنوا عن إرسالهم رسائل لحجب الثقة عن ماي ليصبح عددهم الكلي حتى الآن 22 نائبا.
ومن بين هؤلاء النائب مارك فرانسوا، الذي قال إن مشروع الاتفاق على الخروج من الاتحاد الأوروبي "ولد ميتا" ولن يحظى أبدا بدعم النواب. وشدد على القول إن مسودة الاتفاق الذي تفاوضت عليه ماي مع الاتحاد الأوروبي "سيئة حقا" وإن رئيسة الوزراء "لا تستمع" إلى المخاوف القادمة من داخل حزبها. بيد أن وزير شؤون البريكست الأسبق، ستيف بيكر، قال لبي بي سي على الرغم من أنه ليس متأكدا من عدد الرسائل التي ارسلت إلا أنه يعتقد أنه "يقترب" من الـ 48 رسالة المطلوبة.
وإذا حدث ذلك ، يشير بيكر، إلى أن مجموعة البحث الأوروبية التي تضم نوابا محافظين مؤيدين للبريكست، التي يرأسها جاكوب ريس-موغ، "ستتفق بشكل جماعي" على من هو المرشح الأفضل القادر على تقديم صفقة الخروج التي يريدونها. بيد أن وزير شؤون مجلس الوزراء، ديفيد ليدينغتون، قال إن ماي ستفوز في أي تنافس "بشكل حاسم"، و"تستحق ذلك" لأنه ليس ثمة "بديل معقول" لمقتربها في قضية الخروج من الاتحاد. ومن الأسماء التي تقدمت رسميا بطلب لسحب الثقة أيضا وزير الثقافة السابق جون ويتينغديل والنائبة شيرل موراي والنائب هنري سميث والنائبة آن ماري موريس.
وكان آلان دنكان، وزير الدولة للشؤون الأوروبية والأمريكية بالخارجية البريطانية، وصف تصريحات ريس- موغ بأنها "مدمرة للغاية" وحذر نواب حزب المحافظين من أنه "إذا جرى تقويض هذه الحكومة بشكل أكبر، يمكن أن يؤدي ذلك لدمارها، وحتى تدمير حزب المحافظين، في وقت مازالت فيه مباحثات الخروج من الاتحاد الأوروبي ملتبسة وغير مكتملة". وكانت اشاعات ترددت عن أن غوف، أحد الشخصيات القيادية خلال حملة الاستفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي، يعتزم الانسحاب من التشكيلة الحكومية بعد رفضه تولي منصب وزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) خلفا لدومنيك راب الذي استقال من منصبه احتجاجا على مشروع الاتفاق.
ويبدو أن وزير البيئة قال للصحفيين إنه يركز على العمل مع مجلس الوزراء للحصول على "الصفقة الصحيحة في المستقبل". وعند سؤاله عما إذا كانت لديه ثقة برئيسة الوزراء أجاب إنه يثق بها كليا. وأضاف "أنا أيضاً اتطلع لمواصلة العمل مع كل زملائي في الحكومة وكل زملائي في البرلمان كي نضمن تحقيق أفضل مستقبل لبريطانيا". وأُفيد أن غوف لعب دورا رئيسيا في دعم مشروع اتفاق ماي في الاجتماع الوزاري المطول الذي عقد الأربعاء، الذي عبر فيه عدد من الوزراء عن شكوكهم بالمشروع.
وقال وزير التجارة الدولية أمام تجمع في بريستول "لم نُنتخب لفعل ما نريد، بل لفعل ما هو نافع لمصلحتنا الوطنية". وأضاف فوكس، الذي كان يتحدث أمام الجمهور للمرة الأولى منذ إقرار مجلس الوزراء لمسودة الاتفاق، إنه يأمل أن يتبنى النواب "نظرة عقلانية ومسؤولة" لمشروع الاتفاق. وأضاف "آمل أن نقر مشروع الاتفاق في البرلمان بدلا من الخروج من دون اتفاق، وقطاع الأعمال يتطلب ذلك بالتأكيد - إن مصلحتنا الوطنية أن نقدم يقينا مؤكدا بإسرع وقت ممكن"، في إشارة الى ضروة انهاء حالة القلق والشك التي تنتاب قطاع الأعمال جراء عدم حسم مشروع البريكست.
وكان وزير البريكست المستقيل دومنيك راب قد برر استقالته بما سماه وجود "عيوب قاتلة" في مسودة الاتفاق على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وكشفت الحكومة عن مسودة الاتفاق على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي التي طال انتظارها، والتي تحدد شروط هذا الانسحاب، ووقعت في 585 صفحة. وشددت ماي، في حديث لإذاعة أل بي سي ، على أن مسودة اتفاق الانسحاب التي توصلت إليها مع الاتحاد الأوروبي تعد "بحق أفضل صفقة لبريطانيا". وردا على أسئلة المتصلين من الجمهور عن خطة الانسحاب، قالت ماي إن عملها انصب على اقناع النواب من كل الأحزاب بأن مشروع الاتفاق يخدم مصلحة من يمثلونهم في دوائرهم الانتخابية.
وعندما سُئلت هل مازالت تحظى بدعم حزب الوحدويين الديمقراطيين في ايرلندا الشمالية، الذين تعتمد عليهم للحصول على الغالبية في مجلس العموم، قالت ماي إنها "مازالت تعمل" مع حزب أرلين فوستر (زعيمة الحزب). ووسط الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام بشأن المستقبل، قالت ماي إن غوف يؤدي "عملا رائعا" وزيرا للبيئة، مضيفة "أنا لم أعين بعد وزيرا جديدا لشؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي. وسأجري بعض التعيينات في الحكومة بالطبع". وكان كل من وزير البريكست دومنيك راب ووزيرة العمل والتقاعد إيستر ماكفاي استقالا احتجاجا على مسودة الاتفاق.
وقال وزير البريكست السابق ديفيد ديفز أنه مازال ثمة وقت لتحسين نص مسودة الاتفاق. وقال زعيم حزب العمال المعارض، جيرمي كوربين، "إن ما طرحته ماي ليست الاتفاقية التي وعدت بها البلاد" مضيفا أنه "ليس بمقدور البرلمان، قبول أن يكون مخيرا بين اتفاق سيء أو لا اتفاق". وتغطي مسودة الاتفاق ما يصطلح عليه قضايا "الطلاق"، في المرحلة التي تتهيأ فيها بريطانيا للخروج من الاتحاد، وتشمل "تسوية مالية" تدفع بريطانيا بمقتضاها نحو 39 مليار جنيه استرليني (50 مليار دولار) للاتحاد.
خيار الشعب
في السياق ذاته قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن على النواب أخذ تصويت الشعب البريطاني لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاعتبار عندما يُطلب من البرلمان التصويت على الاتفاق النهائي للخروج. كما قالت ماي لنواب البرلمان إن خياراتهم واضحة إما تأييد الاتفاق الذي وضعته للخروج من الاتحاد أو الخروج من دون اتفاق أو عدم الخروج على الإطلاق.
وأضافت ”الخيار واضح: يمكننا اختيار الخروج دون اتفاق، ويمكننا المخاطرة بعدم الخروج، أو يمكننا اختيار أن نتحد وندعم أفضل اتفاق يمكن التفاوض عليه“. وتابعت ماي قائلة إن الحكومة تواصل الاستعداد لخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وذلك بعدما تسببت مسودة الاتفاق الخاصة بها في استقالات بين الوزراء. وقالت للبرلمان ”كنا نتهيأ لخروج دون اتفاق ونواصل الاستعداد لذلك لأنني أدرك أن أمامنا مرحلة أخرى من المفاوضات مع المجلس الأوروبي وبعدها يجب أن يعود الاتفاق... عند الانتهاء منه إلى هذا المجلس (البرلمان)“.
قالت إن مسودتها لاتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي تفي بنتيجة التصويت في 2016 لصالح الخروج، وإن حكومتها لن تنظم أبدا تصويتا عاما ثانيا على الأمر. وقالت ماي ”لن نعيد إجراء الاستفتاء، لن نخالف قرار الشعب البريطاني... سنحقق الخروج من الاتحاد الأوروبي وستغادر المملكة المتحدة الاتحاد في التاسع والعشرين من مارس 2019“.
كما قالت ماي إن حكومتها ستقرر الخطوات التالية بما يحقق المصلحة الوطنية، وإنها ستطلع البرلمان على القرار. وقالت للبرلمان ”سيقرر مجلس الوزراء الخطوات المقبلة في إطار المصلحة الوطنية. أثق ان هذا يقربنا كثيرا من تحقيق ما صوت الشعب البريطاني لأجله في الاستفتاء“. وأضافت ”سأعود إلى المجلس (البرلمان) لاطلاعه على النتيجة“. بحسب رويترز.
وصوت 52 بالمئة من البريطانيين في الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد عضوية استمرت أربعة عقود. وقالت الحكومة إن بريطانيا ستنسحب أيضا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي. ودافعت ماي عن مشروع الاتفاق أمام النواب قائلة إنه سيضمن نهاية للهجرة غير المحدودة من الاتحاد الاوروبي وسيسمح لبريطانيا بوضع سياساتها التجارية الخاصة بها.
وقالت إن الاتفاق يتضمن خطة احتياطية لتجنب إقامة حدود فعلية في ايرلندا لكنها اضافت أن ذلك سيكون "سياسة ضمان" مؤقتة في حال عدم الاتفاق على علاقة مستقبلية. وقالت "نريد التوصل إلى العلاقة المستقبلية في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2020". لكن جيرمي كوربن، زعيم حزب العمال المعارض قال إن الاتفاق "ينتهك الخطوط الحمر لرئيسة الوزراء" مضيفا أن المفاوضات مع بروكسل كانت "مخزية". وقال "هذه الحكومة أمضت سنتين في التفاوض على اتفاق سيء سيترك البلاد بين خروج ولاخروج إلى ما لا نهاية". ومن جانبه انتقد النائب المحافظ بيتر بون، المؤيد الكبير لبريكست، رئيسة الوزراء. وقال بون "أنت لا تحترمين ما صوت عليه مؤيدو بريكست، واليوم ستخسرين دعم العديد من النواب المحافظين وملايين الناخبين".
اضف تعليق